شفاعة الحاج قاسم سليماني
حين نسأل عن معنى الحديث حول شفاعة رجل عظيم كالحاج قاسم سليماني، ينبغي علينا أن نذكر جملة من الأمور:
الأمر الأول: أنّ الحاج قاسم سليماني مجاهدًا مؤمنًا بالولاية، أولاه الله جملة من المزايا القيادية والجهادية والبيانية. وتربّى منذ مقتبل العمر على حب أهل البيت (ع). وهو من الذين شكروا الله وحمدوه كثيرًا في وصيته، أن أذِن له أن يولد في زمن من يمثّل خط أهل البيت ألا وهو الإمام الخميني والإمام الخامنئي. وقد وهب عمره الشريف للرسالة الإسلامية وللمسيرة الجهادية التي آمن بها والتزمها، وهي مسيرة الشهداء، وتأسيس دولة الإسلام، ومجتمع تمهيد للقائم من آل محمد، إلى أن أعطاه الله هذا الشرف شرف الشهادة.
الأمر الثاني: ما هو المقصود بالشفاعة؟
عندما نبحث في أي أمر من الأمور وفي تأثيراته، يجب أن نسأل هل يؤثر بغيره تأثيرًا سببيًّا عليًّا؟ فلو أنّ رجلًا ميّزه الله بميزة وقال له اشفع؛ هل تكون هذه الشفاعة سببًا في إيجاد حكم ما، أم أنّها المحفّز للنتائج وواسطة سببيّة؟ فالسبب الفعلي يجعلها في طريق إيجاد الحكم والتغيير والتأثير.
وفي الأصل الشفيع هو الله، حيث بيده كل شيء استقلالًا ولغيره بالتبع. وكل شفيع يؤثّر بأمر من الأمور بحسب تبعيته لله. بالتالي، تنقسم الشفاعة إلى قسمين:
القسم الأول: الشفاعة التكوينية، أي أنّ الله وسّط أمورًا لتكوين الكائنات والموجودات. لذلك ورد في بعض الأحاديث أنّ الله يأبى أن يوجد الأسباب دون مسبّباتها، وهو مسبّبها وموجدها.
يستدل العلماء على أنّ تدبير الأمر يكون من خلال الشفعاء والوسائط، بالآية الثالثة من سورة يونس ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ﴾. وهذه هي العلة الطبيعية الفاعلة والمباشرة، المادية أو المعنوية. وهنالك أيضًا نوعًا من الملائكة هم ﴿الْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً﴾[1]، يتحركون بإذن من الله الشفيع الأول. وليس هنالك من شفيع إلا إذا أذن الله بذلك.
وعليه، فإنّ في التكوين كما في التشريع، لا يوجد شفيع مستقل من نفسه، بل الشفيع المستقل هو الله، والآخرين هم شفعاء بالتبع له عز وجل.
القسم الثاني: الشفاعة التشريعية والاعتبارية. أي أنّ الحكم ينتج عن أمر إلهي، وصفة من صفات الله المباشرة. فتكون بعض الأحكام مشروطة، وهنا يتدخل الشفيع في المصالح التي ترد كي تغيّر نوعية الحكم أو مستتبعاته. فلو أنّ فلانًا أذنب ويريد أن يستغفر، ولكنّه يحتاج دعمًا روحيًّا له من ولي أو شفيع كالأئمة والأولياء والشهداء، بهذا النحو يمكن للشفيع أن يتدخل، وقد يتغير الحكم ومستتبعاته.
فالشفاعة لا تلغي الحكم ولا نتائجه، ولكنّها تكون فيما سنّه الله من أمور، بحيث يتبدّل الحكم ونتائجه. كما أنّ من صفات الشفاعة الخاصة بالأنبياء، وبالنبي محمد (ص)، أنّ الله أولاه ليس فقط أن يتدخل في صغائر الذنوب، بل حتى في كبائرها ويشفع فيها.
الأمر الثالث: دور النبي وآله عند الموت وفي القبر. ويرتبط القبر بالأمور الاعتقادية التي محورها سؤال، من توالي؟ فهل توالي الله والنبي والأئمة، لأنّهم هم أهل الولاء، وبيدهم مسائل الموت والقبر؟
يشير العلامة الطباطبائي وسائر علمائنا إلى أنّ الله سبحانه أعطى للنبي والأئمة شفاعة وحكمًا وسلطة ولائية، بحيث إذا قالوا لملك الموت عن شخص يحتضر: هذا كان من شيعتنا ومحبينا ارفق به، يرفق به. وفي القبر أيضًا إذا قالوا: يا ملك الموت هذا كان من محبينا، وممّن دافع عنّا وجاهد في سبيلنا، ارفع عنه أصل السؤال والعذاب، سيرتفع عنه أصل السؤال والعذاب.
انطلاقًا مما تقدم، نسأل كيف تحصل شفاعة الشفيع؟
يقول العلامة الطباطبائي رضوان الله تعالى عليه: “إنّ تأثير الشفيع عند الحاكم المشفوع عنده لا يكون تأثيرًا جزافيًّا من غير سبب يوجب ذلك، بل لا بدّ للشفيع أن يُوسّط أمرًا يؤثر في الحاكم، ويوجب نيل الثواب أو التخلص من العقاب، فالشفيع لا يطلب من المولى مثلًا أن يُبطل مولوية نفسه وعبودية عبده فلا يعاقبه، ولا يطلب منه أن يرفع اليد عن حكمه وتكليفه المجعول، أو ينسخه عمومًا أو في خصوص الواقعة فلا يعاقبه، ولا يطلب منه أن يُبطل قانون المجازاة عمومًا أو خصوصًا فلا يعاقَب لذلك رأسًا، أو في خصوص الواقعة، فلا نفوذ ولا تأثير للشفيع في مولوية وعبودية، ولا في حكم ولا في جزاء حكم، بل الشفيع بعد ما يسلم جميع الجهات الثلاث المذكورة إنّما يتمسك: إما بصفات في المولى الحاكم توجب العفو والصفح كسؤدده، وكرمه، وسخائه، وشرافة محتده، وإما بصفات في العبد تستدعي الرأفة والحنان، وتثير عوامل المغفرة كمذلته ومسكنته وحقارته وسوء حاله، وإما بصفات في نفسه أعني نفس الشفيع من قربه إلى المولى وكرامته وعلو منزلته عنده، فيقول: ما أسألك إبطال مولويتك وعبوديتك، ولا أن تبطل حكمك ولا أن تبطل الجزاء، بل أسألك الصفح عنه بأنّ لك سؤددًا ورأفة وكرمًا لا تنتفع بعقابه، ولا يضرك الصفح عن ذنبه، أو بأنّه جاهل حقير مسكين لا يعتني مثلك بشأنه، ولا يهتم بأمره، أو بأنّ لي عندك من المنزلة والكرامة ما يوجب إسعاف حاجتي في تخليصه والعفو عنه”. هذا ما نقله العلامة الطباطبائي، وهذه هي حركة الشفيع عند الله سبحانه وتعالى. فهو لا يطلب من الله جزافًا أن يُبطل قانون المجازاة لأنّ لكل فعل جزاؤه؛ بل يلجأ إلى صفات موجودة عنده، وهو يعرف أنّ الله بسببها أعطاه هذه الصلاحية كي يتدخل.
أمّا فيمن تجري شفاعة الشفيع، يقول العلّامة الطباطبائي: “إنّ تعيين المشفوع لهم يوم القيامة لا يلائم التربية الدينية كل الملاءمة، إلا أن يُعرفوا بما لا يخلو عن شوب إبهام وعلى ذلك جرى بيان القرآن”. ومفاد كلامه أنّ المشفوع له إذا كان من ضمن بعض الأمور، فأخلاقيًّا وإنسانيًّا تجري به الشفاعة.
ويكمل العلّامة الطباطبائي: “قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَ أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾[2]“. أي أنّ الله سيعاقب كلّ إنسان عمّا فعل، ولكنّه لا يعاقب أصحاب اليمين لأجل خصوصيتهم. وعرّفنا من هم الذين يشفع لهم الشفيع عندما قالوا “لم نك من المصلين”. ويشير العلّامة الطباطبائي إلى أنّ هذه الآيات نزلت في مكة، ولم تكن الصلاة التي نعرفها مفروضة بعد. ولكن بما أنّ معنى الصلاة هي الصلة بالله، هذا يدل على أنّهم لم تكن لديهم أي صلة به، ولم يتوجهوا إليه، ولم يهتموا بأمور الناس، وكانوا لئامًا وظالمين وعتاة، وكل همهم في الدنيا ما فيها من لهو ولعب. لذلك لا يستحقون الشفاعة.
في المقابل نجد عند غيرهم ابتلاءات ومشاكل كثيرة؛ ولكن صلتهم بالله ثابتة في حياتهم، يدعونه ويتوجهون إليه، ويهتمون بالناس قربة إليه، وليست الدنيا آخر همهم، ويؤمنون بيوم الدين، هؤلاء ستنالهم شفاعة الشفيع محمد وآل محمد، وشفاعة بعض الأصناف من الناس الذين سنذكرهم بإذن الله.
كيفية طلب الشفاعة.
يمكننا أن نستخرج بعض المسائل من الآيات القرآنية:
أولًا: التوبة، فهي تغفر كل شيء وتحقق الشفاعة حتمًا. والدليل على ذلك ما ورد في الآية القرآنية ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾[3].
ثانيًّا: الإيمان، فهو ينزع أصل جذور الشرك من القلب، وتأثير الدنيا الطاغية عليه.
ثالثًا: الاستغفار. وقد ورد في القرآن الكريم ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾[4]، وورد في آية ثانية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[5]. فالله عز وجل يتوب على أهل الإيمان والتقوى والعمل الصالح والاستغفار.
وهنا، نشير إلى الأمور التي يمكن أن نتمسك بها للشفاعة وهي:
أولًا: الاهتداء بالقرآن. يقول الله تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[6].
ثانيًا: الارتباط الحقيقي بالأمكنة المقدّسة لما تحمل من أهل القداسة، وهم الأنبياء والرسل والأئمة فيستشفع الإنسان بهم.
ثالثًا: النبي محمد (ص)،كما ورد في الآية الشريفة: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً﴾[7]. مما يدل على وجوب أن يكون الارتباط بالنبي محمد (ص) ارتباط إنسانٍ بنبيّه الحيّ؛ يقصده بروحه وقلبه ووجدانه، وصدقه، عندئذٍ يتوب الله عليه.
رابعًا: الملائكة، لِما ورد في الآية القرآنية: ﴿وَالْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأرْضِ أَلاَ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[8].
خامسًا: المؤمن، الذي ينقل الله عنه في القرآن الكريم قوله: ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا﴾[9]، فيقول الله تعالى:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾[10].
شفاعة الشهداء.
لدينا نوعين من الشهداء الذين يقبل الله شفاعتهم:
النوع الأول: الشهيد الذي يشهد بالحق سواءً كان مقتولًا في سبيل الله أم لا. لقوله سبحانه: ﴿وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[11].
النوع الثاني: الذين يؤمنون بالله والرسل، لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾[12]، هؤلاء هم أهل الشهادة، وهم أهل الصدق وشهداء عند ربهم.
أنواع أهل الشهادة.
النوع الأول: أهل الشهادة العامة: بما أنّ الرواية هي التي توضح مدار الآيات القرآنية حول شفاعة المؤمن، ثم شفاعة المؤمن الخاص، وهو الشهيد. سنستعرض بعض الروايات، منها ما ورد في تفسير العياشي عن عبيد بن زرارة قال: سُئل أبو عبد الله عن المؤمن هل له شفاعة؟ قال “نعم”. فقال له رجل من القوم هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمد يومئذٍ؟ فقال الإمام (ع): “نعم إنّ للمؤمنين خطايا وذنوبًا وما من أحد إلا يحتاج إلى شفاعة محمد يومئذٍ”.
النوع الثاني: أهل الشهادة الخاصة، فقد ورد في رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: “قال رسول الله ثلاث يشفعون إلى الله عز وجل فيُشفّعون، الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء”. وهذا ما يؤكد لنا شفاعة العلماء والشهداء أيضًا. ويرى بعض المفسرين أنّ المقصود بالشهداء في هذه الرواية؛ هم شهداء معركة القتال خاصة الذين كانوا أيام معارك النبي والأئمة. بينما يعمّم البعض الآخر من المفسّرين، ويقولون: إنّ كل من يُقتل في سبيل الله فهو شهيد، وهو شافع مشفّع.
وفي الخصال، في الحديث الأربعمئة قال أمير المؤمنين علي (ع): “لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة”. فلأهل البيت عليهم السلام شفاعة، ولكل شيعي من شيعة محمد وآل محمد وكل صاحب ود لهم أيضًا شفاعة؛ وهو شافع مشفّع.
وعن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عن علي قال: “إنّ للجنة ثمانية أبواب، باب يدخل منه النبيّون والصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا، فلا أزال واقفًا على الصراط أدعو وأقول ربي سلّم شيعتي ومحبيّ وأنصاري ومن تولاني في دار الدنيا، فإذا النداء من بطنان العرش قد أجيبت دعوتك، وشُفّعت في شيعتك. ويشفع كل رجل[13] من شيعتي ومن تولاني ونصرني وحارب من عاداني بفعل أو قول في سبعين ألف من جيرانه وأقربائه”.
ويقول الإمام علي (ع): “وباب يدخل منه سائر المسلمين ممّن يشهد أنّه لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا آل البيت”. هذه هي روح السماح في تعاليم علي بن أبي طالب (ع) بما يخص موضوع الشفاعة.
شفاعة الحاج قاسم سليماني.
هل يشفع الحاج قاسم سليماني؟ وهل لديه القابلية لأن يكون شفيعًا؟
نحن لا نحتّم على الله، ولكن هذه ثقتنا وهذا رجاؤنا بشخصية هذا الرجل. داعين الله أن يشفع لنا بحبنا له. فالحاج قاسم وهب كل حياته وذاته وجهاده وعمره وسلوكه حبًّا بالله وبهذا الدين مقتديًا بسيرة ابن بنت رسول الله الإمام الحسين (ع) الذي وهب كل ما يملك لله فوهبه الله كل شيء.
وندعو الجميع إلى قراءة وصية الحاج قاسم، كيف يتكلم مع الله، وأنّ كل ما عنده هو لله عز وجل. فكيف لمن كان كل ما عنده لله، وكل عمره وكيانه وزمانه وقناعاته وإيمانه وقلبه وجهاده ودمه لله، ويحب النبي وآله بحيث ما ذكر الزهراء إلا بكى؛ ويحب أهل الإيمان بحيث كانت خدمة الناس أمرًا عظيمًا عنده، بغض النظر عن أنّه استشهد، كيف لا يكون من المشفّعين؟
هذا الذي لم يترك شهيدًا إلا وتمرّغ عنده. وطلب في وصيته أن يحمل جنازته أبناء الشهداء، لأنّ القداسة انتقلت من الآباء إلى الأبناء بحكم الإرث المعنوي والذرية. نحن لا نحتّم على الله، ولكن هذا رجائي وثقتي به سبحانه وتعالى وبهذا الدين وما فيه أنّه شفيع ومن المشفّعين.
نختم بالقول: هنيئًا لمن قرأ منكم سورة الفاتحة لروح الشهيد قاسم سليماني. وهنيئًا لمن دعا دعاءً له. وهنيئًا لمن قرأ وحثّ الناس على قراءة سورة أو ختمية قرآن لروحه الطاهرة. وهنيئًا لمن أهداه بعض ركعات الصلاة أو أهداه زيارة عند أحد المعصومين. وهنيئًا لكل من جاوره وجاهد معه.
وبما أنّ الشفيع هو الذي أولاه الله كرامة أن يكون صاحب طلب لنيل الرحمة لعبد من عباد الله؛ نطلب من الله أن يرحمنا بشفاعة الحاج قاسم سليماني وأمثاله. وأنا أعتقد بأنّه وليّ من أولياء الله. وكما نقدّم النذورات لأبي الفضل العباس أو للإمام الخميني لأنّنا نعرف مقامهم عند الله، فأنا لا أتردد إن وقعتُ ببلية أن أقسم على الله كي يخرجني منها ببركة وولاية الحاج قاسم سليماني. هذا الرجل الذي امتدت ولايته وطالت قلوب كل الموالين لمحمد وآل محمد وبكوا عليه وخرجوا في جنازته، يكفيه أنّه نال شرف أن يبكي عليه الإمام الخامنئي جهارًا نهارًا، ويدعو له بالسر والعلن.
أدعوكم لأن تتقربوا إلى الله بحبه، وأن تستشفعوا به. وأدعوكم بمناسبة شهادته، ليس فقط للاهتمام بالاحتفائيات، بل أن يتم تنظيم مجالس قراءة القرآن عن روحه، وصلوات تُهدى له، وصدقات تُدفع لرفع قامة معنوياته وخطه ورسالته.
* مداخلة لمدير عام معهد المعارف الحكمية الشيخ شفيق جرادي في ذكرى سنوية الحاج قاسم سليماني.
[1] سورة النازعات، الآية 5.
[2] سورة المدثر، الآية 38.
[3] سورة الزمر، الآيتان 53- 54.
[4] سورة المائدة، الآية 9.
[5] سورة المائدة، الآية 53.
[6] سورة المائدة، الآية 16.
[7] سورة النساء، الآية 64.
[8] سورة الشورى، الآية 5.
[9] سورة البقرة، الآية 286.
[10] سورة البقرة، الآية 186.
[11] سورة الزخرف، الآية 86.
[12] سورة الحديد، الآية 19.
[13] وتشمل كلمة (الرجل) في الرواية الرجل والمرأة.
الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
الشهيد الحاج قاسم سليمانيالشهيد الحاج أبو مهدي المهندسالشفاعةالاستشهادالشهادة المقالات المرتبطة
الإصلاح في مشروع الثورة الحسينيّة
إنّ ما يُطرح حول إمكانية كون حركة الحسين(ع) هي مجرد استدرار للدمعة تعبيرًا عن عاطفة مذهبية في عصرنا…
نحو تفسير علمي للنص الأدبي
خلال المناخ العلموي الذي ساد الثقافة الأوربية في القرن التاسع عشر أصبح التفكير في الظواهر الإنسانية محكومًا بمنطق منهجي
كيف نفهم القرآن
إنّ غاية البحث في المعارف القرآنيّة هو إيصال الإنسان إلى كماله المعنوي والمادي اللائق بعبودية الله تعالى.
ولا يمكن للإنسان أن يرتقي ماديًّا ومعنويًّا بالارتقاء المناسب لعبوديّته إلّا من خلال فهم القرآن وإدراك مضامينه من وظائف وحقائق ومعارف.
ان للشهداء شفاعة وهذا صحيح. انا عندما اكون في محنة اتضرع إلى الله واستشفع ب احد الشهداء من حرب تموز ٢٠٠٦ و بإذن الله تزول محنتي. حتى ان ما هو قريب من معجزة ان يحصل قد حصل عندما كان ابن اخي عند قبر هذا الشهيد وتحدث اليه معاتبا كيف انه لم يشفع له بذلك الأمر.. وكان ان ورده اتصال هاتفي وهو مازال عند القبر ب حصوله على ذلك الأمر. ف كيف ان يكون الشهيد قاسم ؟ .. شفاعته كبيرة جدا. وقد رأيت جزع استشهاده قبل أن يحدث وانا في مِنى أثناء ادائي ل فريضة الحج في العام 1440 وكان ان رأيت السيد القائد جالس على سرير دون فراش عليه ما يشبه الحصير او السجادة ولا يستطيع أن يحرك رجليه وكإنه مشلول. و ركعت عند قدميه و قبلتهم وكنت أدعي له بالشفاء . وكان يشكر الله ويحمده ويبكي بحرارة ان ما فقده لن يعود . ولم أدر ما تفسير ذلك. حتى استشهد القائد سليماني تذكرت ذلك الحلم عندما رأيت السيد القائد يصلي عليه ويذرف تلك الدموع بنفس الحرقة.
رحم الله الشهداء ورزقنا شفاعتهم وساعة محمد وال محمد عليهم السلام أجمعين.