الإمام المهدي (عج) وارث الأنبياء

by الشيخ شفيق جرادي | مارس 27, 2021 7:53 م

أحببت أن أراك فسألت عنك في التكايا والحكايا والأحلام المنسيّة. أرشدوني سُبُلاً متفرّقة، دخلت ساحات المساجد، بعثت إليك رسائل أشواقي عبر مجاري الأنهار وآبار المياه القديمة. فتّشت الكتب القديمة، والتحقت بركب البكّائين الندّاءين الملهوفين إليك بشجن الكلمات.

تُهتُ هناك في غاباتٍ باسقاتٍ أروّض النفس عيش العزلة والصبر على مرارة الانتظار. تركت الأهل والأحبّة عساني أخلو بك، مسحت كل أدمع العين وهجرت البسمات عساني أخلص لك.

سيدي ما وجدتك..  اعتراني خوف ما قبل اليأس، اجتاحني قلق إرهاص الشكّ. التفتّ إلى يمين أمري، إلى الناس الذين يلهجون باسمك أملًا صادقًا. إلى قلوب أحبّت كل القلوب وعاشت عندها. إلى الذين ما فارقوا الحضور وما أخلوا ضجيج  الساحات. هناك أحسست حضورًا فاق كلّ الحضور. هناك حيث دفء الفقر يستطيل بعزّ الرضا فخرًا. هناك حيث يربو البرّ فوق البرّ شهادة حقّ يستحيل فيها الجسد روحًا والنفس خلودًا. هناك حيث سنابك الخيل تقارع العين حراب الظلم. هناك حيث يوجّه الانتظار رؤى المصير. وجدتك هناك سنّة رجاء في تاريخ  المسحوقين، وجدتك هناك حبًّا بعد أن كنت أبحث عنك خلاص.

يا حبّ القلب عرشك في القلب لا في الساحات النائيات. بيوتنا نحن الفقراء معابد قداستك. سهولنا حيث النزال محاريب صلاتك. أنت هناك عند هدهدات الأمّهات مقصد الكلمات. أنت فينا المواويل ووجع الفرح المؤذّن بميلاد جديد. أنت فجر حقولنا وسقف البيوت وحبّة القمح المنفطرة سنابل حقول. أنت نحن التي افتقدناها عند السؤال، عندما نسينا أن الحياة إذا تجاوزت فارقت. عندما بحثنا عنك في الأمكنة والأشياء والكلمات، وغفلنا أن السؤال عن الروح فضول كلام؛ إذ إن الروح من أمر ربي وأنت أنت أمر ربي تحيي وتغني وتعزّ وتهب دون انقطاع، والستر فيك هو عين كشف الستر عنك. فمن لم يغب لا يُسعى إليه في متاهات الغياب. ومتى غبت وأنت وارث الأنبياء؟ متى غبت وأنت نجوى نوحٍ عندما التنّور فار؟ متى غبت يا برد سلام إبراهيم عندما الأتون سُجّر؟ متى غبت يا موهن كيد السحرة وفالق البحر لموسى؟ متى غبت يا بُرء المرضى في مسحة عيسى، يا راية الحمد في راح محمّد؟ متى غبت عنّا يا كل تاريخنا، يا ريحان المصير القادم، يا روح عزٍّ ما برح الوجود؟

عذرًا عذرًا سيدي، دروبهم هي التي توّهتني عنك. قالت معالمهم إنك تطلع عند الزلازل وانحجاب الشمس. عندما الظلم يمسي سيد المكان. ونسوا أنك خضرة الأرض وزهو الأزهار فيها الماحي حمم براكينهم، وأنك وجه الشمس المبدّد غبار حروبهم الرمادية السوداء. نسوا أنك من سيجعل الذئب أسير الحمل، نسوا أنك أمان الأطفال في انطلاق ضحكاتهم، نسوا أنك أنت هو أنت عندما جهلوا معنى الحبّ إذا انتصر على الهزيمة.

عذرًا سيدي، انتظرتك خلاصًا واليوم أستفيق على حقيقة أنك الحب الواصل بين الأرض والسماء وأني الغريب الذي تاه بين الأرض والسماء، أني الذي لم يذق بعدُ طعمَ الوطن. أنت الوطن.. فيا ملاذ المستجيرين أجرني. يا كهف المحبّين أقلني. وبعدها ليكن ما يكون إذ أنت الحب وفي الحب يكمن كل خلاص.

يا منّة ربّي إذ قال : ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾[1][1]

[1][2] سورة القصص، الآية 5.

Endnotes:
  1. [1]: #_ftn1
  2. [1]: #_ftnref1

اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Source URL: https://maarefhekmiya.org/12542/yamahdi3/