خير ليلة في خير شهر
“اللَّهُمَّ وأَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ صَفَايَا تِلْكَ الْوَظَائِفِ، وخَصَائِصِ تِلْكَ الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سَائِرِ الشُّهُورِ، وتَخَيَّرْتَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ والدُّهُورِ، وآثَرْتَهُ عَلَى كُلِّ أَوْقَاتِ السَّنَةِ بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ والنُّورِ، وضَاعَفْتَ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ، وفَرَضْتَ فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ، ورَغَّبْتَ فِيهِ مِنَ الْقِيَامِ، وأَجْلَلْتَ فِيهِ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ”.
- وصف شهر رمضان المبارك
ما تلوناه إلى حدّ الآن من هذا الدعاء الشريف يتمثّل إجمالًا في قول الإمام السجّاد (عليه السلام): “إلهي، ما أوفر النعم التي منحتنا إيّاها، بحيث غمرتنا في بحار رحمتك، فكلّ ذلك يقتضي مدحك؛ وما دام هناك لفظ يُستعمل في الحمد، ومعنى يُتصوّر له، فإنّه ينبغي مدحك والثناء عليك. إنّ من أفضل النعم التي حبوتنا هدايتك إيانا إلى دينك”؛ وتكمن أهمّية الهداية إلى الدين في أنّ الدين يهدي بدوره إلى أمور يعجز العقل الإنسانيّ عن إدراكها لوحده، وتُعدّ أمورًا تعبّدية محضة. وبعد استعراضه لهذه المقدّمة، يُعدّ الإمام السجّاد (عليه السلام) الأرضيّة للحديث عن شهر رمضان المبارك، ويقول: “اللَّهُمَّ وأَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ صَفَايَا تِلْكَ الْوَظَائِفِ، وَخَصَائِصِ تِلْكَ الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضَانَ”؛ وبحقّ، فإنّ شهر رمضان المبارك هو أحد أطهر وأخلص وأصفى التكاليف والواجبات؛ إذ لولا الهداية الإلهيّة، لما تمكّن أيّ عقل من إدراك فضائل هذه الشهر الكريم، وكيفيّة التقرّب فيه.
وقد يُقال إنّ الفقرات السابقة لم تتحدّث عن أيّة وظائف وتكاليف، فلماذا يقول الإمام السجّاد (عليه السلام) في هذه الفقرة مخاطبًا ربّه: “إنّ من جملة تلك الوظائف شهر رمضان المبارك”. وبوسعنا الإجابة عن هذا السؤال بالنحو الآتي: لقد قال الإمام (عليه السلام) آنفًا: “إلهي، لقد هديتنا إلى دينك”، والدين يضمّ الوظائف الملقاة على عاتق الإنسان؛ وعليه، فإنّ الهداية إلى الدين هداية إلى هذه الوظائف، ولو لم يتمّ التصريح بها. ومن هنا، يبدو أنّ “تلك” تحكي عن لوازم الهداية إلى الدين. فشهر رمضان المبارك هو شهر عيّن فيه البارئ تعالى مجموعة من الوظائف الخاصّة؛ كما أنّ كلمة “صفايا” جمع “صفيّ” بمعنى الشيء الصافي والخالص[1]. فوظائف الإنسان في شهر رمضان المبارك من الوظائف الخالصة جدًّا التي يكون الدافع إلى أدائها هو العبوديّة لله تعالى فقط. ومن هنا، فإنّ المراد من كون شهر رمضان وظيفة هو الإشارة إلى تلك الوظائف المرتبطة بهذا الشهر الكريم؛ وبالتالي، إمّا أن يكون هناك مضاف مقدّر، بأن نقول: من بين أطهر وأصفى وأخلص الوظائف وظائف شهر رمضان المبارك؛ وإمّا أن تكون هذه العبارة مجازيّة، بحيث يكون إطلاق الوظيفة على شهر رمضان المبارك باعتباره ظرفًا لمجموعة من الوظائف الخاصّة؛ نظير نسبة الجريان في جملة “جرى الميزاب” إلى الميزاب باعتباره محلًّا لجريان الماء.
“الَّذِي اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سَائِرِ الشُّهُورِ، وتَخَيَّرْتَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ والدُّهُورِ، وآثَرْتَهُ عَلَى كُلِّ أَوْقَاتِ السَّنَةِ بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ والنُّورِ”؛ ففي القرآن الكريم، لم يرد ذكر لأيّ شهر من الشهور القمريّة الإثني عشر، سوى شهر رمضان المبارك. كما أنّ مكانة هذا الشهر في الفقه والثقافة الإسلاميّين على درجة من الجلاء، بحيث لا تحتاج منّا إلى أيّ توضيح آخر. وقد أطلق على شهر رمضان في المصادر الدينيّة اسم “شهر الله”. وبالتالي، فإنّنا لا نجد أيّ شهر يُعادله في هذه الخصائص والمميّزات.
يقول الإمام (عليه السلام): “إلهي، لقد اصطفيت هذا الشهر من بين جميع الأزمنة وأوقات السنة، لكن كيف؟ لقد منحت هذا الشهر الكريم مجموعة من المميّزات الخاصّة عن طريق إنزالك القرآن الكريم والنور فيه”؛ ويبدو أنّ المراد من النور نور القرآن بعينه، كما نقرأ في الكتاب العزيز: ﴿قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ﴾[2]. لكن، قد يكون المراد أيضًا أنوار أخرى أنزلت على النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غير القرآن الكريم، إذ لا ينحصر الوحي المنزل عليه بهذا الكتاب العزيز.
“وَضَاعَفْتَ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ”؛ ومعنى مضاعفة الإيمان في هذه الفقرة هو التوفّر على فرص للعبادة والتقرّب إلى الله تعالى أكثر. وبما أنّ هذه الفرص توجب ازدياد الإيمان، فإنّه يُقال إنّ الله تعالى ضاعف الإيمان.
“وفَرَضْتَ فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ، ورَغَّبْتَ فِيهِ مِنَ الْقِيَامِ”؛ ويبدو أنّ المراد من القيام في هذه الفقرة قيام الليل، وذلك باعتبار أنّ الإنسان يقوم فيه من الفراش. يقول البارئ عزّ وجلّ في سورة المزمل: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَليلًا﴾[3]، حيث تعني “قم” في هذه الآية بحسب الظاهر: “قم من الفراش”. والاحتمال الآخر أن يكون القيام بمعنى الصلاة، لأنّ أصل الصلاة يكمن في أن يقوم الإنسان ويُصلّي، كما أنّ أهمّ أفعال الصلاة تُؤدّى في حالة القيام؛ ومن هنا، يكون المراد من قيام الليل الصلاة ليلًا. وعلى أيّ تقدير، فقد كان التهجّد من الواجبات المختصّة بالرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومع أنّه لا يجب على بقيّة الأفراد، إلّا أن المصادر الدينيّة حثّت عليه كثيرًا. يقول الله تعالى عن المؤمنين الذين بلغوا مقامات عالية: ﴿كانُوا قَليلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ [ويقضون بقيّته في العبادة]﴾[4]. وفي جميع الأحوال، جرى الحثّ كثيرًا في النصوص الدينيّة على التهجّد في السحر وقيام الليل والعبادة في شهر رمضان المبارك، لا سيّما في ليالي القدر، حيث نجد الإمام السجّاد (عليه السلام) يُؤكّد في تتمّة هذه الفقرة على الفضيلة الخاصّة لليلة القدر، ويقول: “وأَجْلَلْتَ فِيهِ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ”.
- شرف شهر رمضان المبارك
يُمكننا طرح العديد من الأبحاث بخصوص مفردات هذه الفقرة وجزئيّاتها، لكنّنا بنينا على الاختصار وعدم الإطناب في المسائل. ولهذا، فإنّنا سنستعرض في البداية الأبحاث التي يتسنّى لنا طرحها فيها، على أن نعمل بعد ذلك على شرح الفقرة بنحو مقتضب.
أوّلًا، هل يحظى زمان شهر رمضان المبارك بفضيلة بمعزل عن تشريعاته ونزول القرآن فيه؟ ويبقى أنّ هذا السؤال غير مختصّ بالشهر الفضيل، بل إنّ لدينا العديد من الروايات التي تتحدّث مثلًا عن ليلة الجمعة ونهارها، وتُشير إلى أنّ فضيلتهما تفوق بقيّة الأزمنة، فهل إنّ الفضيلة تتعلّق بنفس الزمان، أم إنّها ترجع إلى اقترانها ببعض الأمور التي حصلت في ذلك الزمان؟
ثانيًا، من المؤكّد أنّ أعلى شرف لشهر رمضان المبارك هو نزول القرآن فيه، كما ورد في الكتاب العزيز: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذي أُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ﴾[5]. وفي هذه الحالة، هل بوسعنا القول: بما أنّ القرآن نزل في هذا الشهر الكريم، فإنّ الصيام صار واجبًا فيه؟ أم إنّ وجود الصيام في هذا الشهر بحدّ ذاته فضيلة، بحيث لو فرضنا عدم نزول القرآن في شهر رمضان، فإنّ الصيام سيجب فيه أيضًا؟
ثالثًا، ما معنى نزول القرآن في شهر رمضان المبارك من الأساس؟
فيما يخصّ السؤال الأوّل، يُمكننا أن نقول: الأمر الذي نحن على يقين منه – وقد جرى التصريح به أيضًا في هذه الفقرة – أنّ أعلى شرف لشهر رمضان المبارك يتمثّل في نزول القرآن ووجوب الصيام فيه، حيث من شأن هذه المسألة أن تكون شاهدًا على الرأي الذي يعتقد برجوع فضيلة الزمان وشرفه إلى اقترانه ببعض الأحداث الحسنة.
وهنا، قد يُطرح علينا السؤال التالي: هل كان شهر رمضان المبارك يفضل بقيّة الشهور، ولهذا السبب أنزل القرآن فيه، أم أنّ نزول القرآن هو الذي أكسبه شرفًا، وإلّا فإنّه لم يكن قبل ذلك يفوق بقيّة الشهور؟ وبوسعنا أن نطرح السؤال ذاته بخصوص الأماكن المقدّسة. فعلى سبيل المثال، يُصرّح القرآن الكريم بأنّ الله تعالى جعل بيته في أرض مكّة: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكًا وَهُدىً لِلْعالَمينَ﴾[6]، فهل كان لهذه الأرض فضل قبل أن يُسمّيها البارئ عزّ وجلّ بيت الله، وتُبنى فيها الكعبة، أم أنّها صارت تحظى بالشرف بسبب اصطفائها من قبل الله تعالى لتكون بيتًا له، وتسميتها بهذا الاسم؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال، لا بدّ من الإشارة إلى أنّنا لا نتوفّر على أيّ برهان عقليّ أو دليل نقليّ قطعيّ يدلّ – نفيًا أو إثباتًا – على أنّ الزمان أو المكان يحظى بالشرف بمعزل عن الحوادث التي تقع فيه، أو الفضيلة التي تثبت له في الدين. فوفقًا لرؤية خاصّة، بوسعنا القول: من ناحية كون الزمان يُشكّل امتدادًا لعالم الأجسام، فإنّ أجزاءه لا تختلف – بحدّ ذاتها – عن بعضها؛ شأنه في ذلك شأن الطول من حيث هو طول، حيث لا يُمكننا القول بوجود اختلاف فيه [بين أجزائه]. لكن، قد توجد لدينا أشياء في هذا العالم تخلق وضعًا خاصًّا لجزء من الزمان أو المكان، وذلك باعتبار العلاقات التي توجد بينها، وتأثيرها وتأثّرها ببعضها، بحيث تجعل ذلك الجزء من الزمان أو المكان يتناسب بشكل أكبر مع فعل خاصّ. وهذا نظير الاختلاف القائم بين الموجودات بحسب الأمكنة التي تعيش فيها؛ فيكون لدينا موجود جبليّ، وآخر بريّ، وثالث بحريّ، فإنّ هذا الاختلاف قد وقع بسبب أوضاع خاصّة يسعى الجيولوجيّون لوضع فرضيّات بشأنها. وعلى نفس هذا المنوال، طُرحت في الروايات مجموعة من الأبحاث بشأن خلق الأرض وكيفيّته؛ لكن، ليس من ناحية أنّ الأرض جسم تتساوى جميع أجزائه، بل من ناحية أنّها جسم له ارتباط بأشياء أخرى، بحيث تحصل بينها وبين هذه الأشياء نسبة ومكانة خاصّة تتناسب مع فعل خاصّ، ولا تتناسب مع فعل آخر. وهكذا أيضًا، إذا نظرنا إلى المجموعة الشمسيّة، فإنّنا نرى في مركزها الشمس، وفي أطراف الشمس مجموعة من الكواكب التي تدور، وتختلف عن بعضها من جهة الحجم وقوّة الجاذبيّة وقربها أو بعدها من الشمس و…، فيُؤدّي ذلك إلى تأثير بعضها ببعض؛ نظير ظاهرة الجزر والمدّ. فالأرض أرض، والتراب تراب، والماء ماء، ولا يختلف أيّ جزء من التراب عن الجزء الآخر، لكن، قد تكتسب بعض هذه الأجزاء جرّاء ارتباطها بأشياء أخرى مميّزات خاصّة لا تمتلكها الأجزاء الأخرى. فمن المؤكّد أنّ أرض مكّة توفّرت على سمة خاصّة كانت منسجمة مع هدف معيّن، فأدّى ذلك لاصطفائها، وأنّ هناك حكمة من بناء بيت عبادة الله تعالى في هذه الأرض القاحلة والخالية من أيّ عشب أو ماء، حيث أشارت الروايات أيضًا إلى هذه المسألة، مثلما ورد في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ الله تعالى لو شاء لجعل بيته في منطقة هواؤها معتدل وماؤها عذب، وأنّه لو فعل ذلك، لما تميّز الذي سافر إلى هناك طلبًا لمرضاة الله تعالى عن الذي سافر لأجل التنزّه[7]. فممّا لا شكّ فيه أنّ فعل الله تعالى لا يكون من دون حكمة، ولا يستلزم ترجيح المرجوح، أو الترجيح من دون مرجّح، وقد جعل سبحانه الكعبة في منطقة لا يرغب أحد في السفر إليها بحدّ ذاتها؛ ولا يخفى أنّ هذه الأرض صارت حاليًّا عامرة إلى حدّ ما، ولا يُمكننا مقارنتها بحالتها السابقة، حيث تحدّثت العديد من الروايات عن قصّة إبراهيم، وجاء فيها أنّه حينما أتى (عليه السلام) بهاجر وإسماعيل إلى أرض مكّة، لم تعثر هاجر على ماء ترفع به العطش عن ولدها إسماعيل، وأنه في ذلك الوقت الذي كانت تبحث فيه عن الماء، نكث إسماعيل الأرض برجله، فجرى الماء من تحتها بمعجزة إلهيّة، وإلّا لما كان بالإمكان العثور على أيّ ماء في ذلك الموضع[8]. فصحيح أنّ أجزاء الأرض تتساوى فيما بينها من ناحية كونها أجزاءً للجسم، لكنّ ذلك لا يعني أنّه لا يهمّ الموضع الذي تقع فيه الكعبة، سواءً كان هذا الموضع في إيران أو أوروبا أو أميركا، لأنّ فعل الله تعالى لا يخلو من حكمة. ولو أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يُبيّن تلك الحكمة، لكان من المحتمل أن لا تتوصّل عقولنا إليها.
والكلام نفسه يُقال بالنسبة لأجزاء الزمان، إذ من الممكن أن تكتسب قطعة الزمان بعض الخصائص جرّاء سطوع نور الشمس، أو نور القمر، أو النجوم، أو بسبب عوامل أخرى، من دون أن نكون مطّلعين على هذه الخصائص، لكن في الوقت ذاته، لا يكون لدينا أيّ دليل على نفيها أو إثباتها. وفي هذه الحالة، لا يحقّ لنا الادّعاء بنحو جازم عدم وجود هذه الخصائص، إذ يتعيّن علينا الإتيان بدليل عقليّ أو نقليّ لنفيها، أو حتّى إثباتها. فعلى الإنسان أن يمتلك جرأة كبيرة لكي يدّعي هذه المسائل، سواءً في جانب النفي، أو الإثبات. وعليه، لا دليل لدينا على أنّ شهر رمضان المبارك يحظى أو لا يحظى بالفضل والشرف بذاته وبمعزل عن نزول القرآن فيه؛ لكن، يبقى أنّنا نُسلّم بكون هذا الشهر الكريم قد حاز ببركة نزول القرآن فيه على فضل يفوق كافّة الفضائل.
- معنى نزول القرآن
المعنى الذي نفهمه عادةً من النزول هو أن يكون لدينا جسم يتحرّك من الأعلى إلى الأسفل، ويلاحظ أنّنا نقيس الأعلى والأسفل على رؤوسنا وأرجلنا، إلا أنه لا يخفى أنّ المطلعين على علم الهيئة والفلك يعلمون أنّ هذا العلوّ والسفل نسبيّان؛ لأنّ الأرض تُغيّر وضعها بنحو دائم. ومهما يكن، فإنّ المقطوع به أن القرآن ليس جسمًا ينزل من الأعلى إلى الأسفل؛ وقد جاء في الكتاب العزيز بخصوص التوراة: ﴿وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾[9]، وتوحي هذه العبارة بكون التوراة قد ألقيت على موسى (عليه السلام) من السماء على شكل ألواح؛ وأمّا بالنسبة إلى القرآن الكريم، فمن المحتّم أن نزوله لم يكن بهذا النحو، إذ قال البارئ عزّ وجلّ في شأنه: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمينُ * عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرينَ * بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبينٍ﴾[10].
في البداية، كان وضع الألفاظ يتبع الإدراكات الحسّية، فبغية تحقيق التواصل والتفاهم فيما بينهم، لجأ بنو البشر بالتدريج إلى وضع الألفاظ لهذه الإدراكات. ومن هنا، فإنّ جميع الألفاظ وُضعت أوّلًا لأمور حسّية. لكن الحال اختلف، تدريجيًّا، حينما توصّل الناس إلى وجود أمور غير حسّية أيضًا (سواءً كانت عقليّة اعتباريّة، أو خارجيّة عينيّة غير حسّية)، حيث وُضعت لها هذه الألفاظ بنحو مجازيّ مع نوع من التوسعة في معنى اللفظ، أو بنحو الاشتراك. وبذلك، ظهرت معان جديدة لهذه الألفاظ لا تندرج في المحسوسات. وتجري هذه القاعدة العامّة على كافّة الألفاظ التي وُضعت لأمور غير حسّية، بل وحتّى على الصفات الإلهيّة. فمن باب المثال، تُعدّ صفة “العليّ” من الصفات التي يتحلّى بها البارئ عزّ وجلّ، ويُراد منها: الذي له العلوّ. وما نفهمه نحن من العلوّ هو ما يعلو رؤوسنا، بينما من المسلّم به أنّ الله تعالى ليس بحيث يكون أعلى رؤوسنا في موضع من السماوات، بل وحتّى هذه السماوات لا تقع أعلى رؤوسنا أيضًا. وعلى أيّ تقدير، فإنّ الألفاظ التي استُخدمت في القرآن والنصوص الدينيّة بخصوص الأمور الواقعة وراء المادّيات والمحسوسات كانت تُستعمل بدايةً بنحو مجازيّ في غير المحسوسات، ثمّ ظهرت بعد ذلك وبالتدريج كأسماء خاصّة لتلك الأمور.
فالنزول من الله تعالى إلى الخلق لا يعني أنّ هناك شيئًا قد نزل من الأعلى إلى الأسفل، بل إنّنا نعتبر في البداية أنّ المراد من العلوّ بالنسبة لله تعالى هو العلوّ المعنويّ، ونقول: كما أنّه لدينا في باب الأجسام أعلى وأسفل، فإنّنا نتوفّر أيضًا في الحقائق غير المادّية على أعلى وأسفل؛ فالأعلى يعني الذي له كمالات عديدة، والأسفل الذي لا يتحلّى بأيّ كمال، أو أنّ كماله يكون أضعف من الآخرين. وبعدما نُجري هذه التوسعة على المعنى، يكون بمقدورنا القول: إنّ البارئ عزّ وجلّ أعلى، ونحن أسفل؛ ومن الآن فصاعدًا، فإنّنا سنعتبر كلّ ارتباط يتحقّق من ناحية الله بيننا وبينه تعالى صادرًا من الأعلى إلى الأسفل. فحينما قلنا إنّ الوحي الإلهيّ يصل من الله تعالى إلى النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن طريق جبرائيل، فإنّ ما اعتبرناه بالنسبة للبارئ عزّ وجلّ بوسعنا أن نعتبره أيضًا للملائكة في مرتبة دانية، بل وبمقدرورنا اعتباره لعالم الأجسام أيضًا، لكن في مرتبة أدون؛ وعليه، متى ما تحقّق ارتباط بين أعلى الموجودات، وموجود من موجودات عالم المادّة، فإنّنا نقول عنه: إنّه نزول من الأعلى إلى الأسفل. والشاهد على هذا الرأي الآيةُ الكريمة التي يقول فيها البارئ عزّ وجلّ: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمينُ عَلَى قَلبِكَ﴾[11]، والظاهر أنّ القلب يُعدّ في اصطلاح القرآن مركز الإدراك والإحساس، وقوّة تُدرك الحقائق؛ كما جاء في الآية الشريفة: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها﴾[12]، حيث يُتوقّع من الذي له قلب أن يُدرك تلك الحقائق. ومن هنا، حينما كان القرآن ينزل على النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإنّ قلبه هو الذي كان يُدركه.
ولا يخفى أنّ النزول على القلب لا يتعارض مع وجود نحو من التجسّم، كما جاء في الكتاب العزيز: ﴿بِأَيْدي سَفَرَة * كِرامٍ بَرَرَةٍ﴾[13]؛ فبمقتضى ما ذكره الله تعالى، حينما كان القرآن، أو بعض آياته تنزل، فإنّها كانت تنزل على شكل ألواح بأيدي سفراء إلهيّين يعرضون هذه الألواح على النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، الذي كان ينظر إليها. وفي الواقع، فإنّ رؤية القرآن أو سماع صوته كان تجسّدًا لحقيقة هذا الكتاب السماويّ، حيث إنّ هذه الحقيقة ليست عبارة حتّى عن صوت، بل إنّ الصوت والخطّ تجلّيات لها.
- زمان نزول القرآن وكيفيّته
وهنا، يواجهنا التساؤل التالي: ما هو الزمان الذي أنزل فيه القرآن؟ قال البعض إنّ أوّل آية نزلت من القرآن في شهر رمضان، وبما أنّ بداية نزول هذا الكتاب السماويّ تحقّقت في هذا الشهر، فقد قيل إنّ القرآن أنزل في شهر رمضان المبارك. لكن، أوّلًا: هذا الكلام عبارة عن وجه مجازيّ؛ وثانيًا: أوّل آية نزلت من القرآن هي مطلع سورة العلق، وكان ذلك في السابع والعشرين من شهر رجب. وقال البعض الآخر إنّ معظم الآيات القرآنيّة أنزلت في شهر رمضان المبارك، لكنّ ذلك لا يعدو كونه دعوى من دون دليل.
وجاء في الروايات أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) سُئل: “عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾، وإِنَّمَا أُنْزِلَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً[14] بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام): نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، ثُمَّ نَزَلَ [على قلب النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)] فِي طُولِ عِشْرِينَ سَنَة”[15]. هذا، وقد فصّل العلّامة الطباطبائيّ في كتابه تفسير الميزان هذا البحث كثيرًا؛ ومن شاء، فليراجع هذا المصدر، ليُحصّل منه مجموعة من المسائل الظريفة[16].
والسؤال الآخر هو: في أيّ جزء من شهر رمضان المبارك أنزل القرآن؟ عند التأمّل في آيات سورة الدخان المباركة، نستنتج أنّ الكتاب العزيز أنزل في ليلة واحدة، إذ يقول البارئ عزّ وجلّ في هذه السورة: ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرينَ﴾[17]؛ ويظهر من سورة القدر أنّ هذه الليلة المباركة هي ليلة القدر، حيث يقول الله تعالى فيها: ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾[18]؛ فالمراد من هذه الليلة هي الليلة التي يُفتح فيها كلّ أمر محكم وراسخ: ﴿فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكيمٍ﴾[19]؛ وقد جاء في الروايات أيضًا أنّها ليلة واحدة، لكنّ البارئ تعالى أخفاها بين ثلاث ليالٍ. وبشكل مختصر، بوسعنا القول إنّ هناك ليلة في شهر رمضان المبارك اسمها ليلة القدر أنزل فيها القرآن. وبمقتضى الروايات، فقد أنزل هذا الكتاب العزيز أوّلًا إلى البيت المعمور، ثمّ تنزّل بعد ذلك طيلة ثلاثة وعشرين سنة على قلب النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم). أجل، يبقى أنّ هناك تفسيرًا لهذه الرواية يقول إنّ المراد من البيت المعمور مرتبة من الروح أو النور المقدّس للرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، حيث جرى طرح احتمالات من هذا القبيل. ونحن نُقرّ هنا بأنّ هذه الحقائق تفوق كثيرًا مستوى فهمنا وإدراكنا، لكن، بما أنّ الروايات الشريفة تحدّثت عنها، فإنّنا نُسلّم ونؤمن بها، ونقول: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾[20].
لقد فضّل الله تعالى هذا الشهر على بقيّة الشهور، وليلة القدر على الليالي الأخر، بحيث إنّها تفوق ألف شهر، أي أكثر من ثمانين سنة. لكن، يبدو أنّ المراد من هذا التفوّق أنّ قيمة العبادة في هذه الليلة تُعادل عبادة ألف شهر، فالذي تمكّن من أداء عبادة مقبولة في هذه الليلة كأنّه قضى ثمانين سنة في العبادة. ويبقى أنّ هناك وجوه أخرى ذُكرت في هذا المجال، إلّا أنّها غير مستساغة كثيرًا.
- شكر نعمة القرآن عن طريق تلاوته بتدبّر
لقد خصّنا الله تعالى نحن المسلمين بهذه النعمة المعنويّة دون بقيّة الأمم، وقد أشار الإمام السجّاد (عليه السلام) إلى هذه الحقيقة في الفقرة السابقة، وكان ذلك كلّه من باب المقدّمة، لكي نلتفت إلى النعمة العظيمة التي جعلها الإله الرؤوف والحكيم في متناولنا. إذ اقتضت حكمته أن يُعادل إحياءُ ليلة القدر إحياءَ أكثر من ثمانين سنة. وأمّا بالنسبة لمسألة: لماذا تمتلك هذه الليلة كلّ هذا الفضل، فإنّ الجواب الذي بين أيدينا وينسجم مع مستوى فهمنا وإدراكنا هو أن نقول: بسبب نزول القرآن فيها، أي إنّ الوجه في عظمة هذه الليلة يتمثّل في نزول هذا الكتاب الشريف والعظيم فيها، بملاحظة أنّ القرآن كلام الله تعالى، وتجسّم للعلم الإلهيّ، ووسيلة لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة؛ أفهل يُمكن أن يوجد شيء يحظى بكلّ هذا الفضل والعظمة؟ فحينما وهبنا الله تعالى مثل هذه النعمة، توجّب علينا معرفة قدرها وشكرها. فمن أسرار الخلق الإلهيّ، بل ومن أعظم الألطاف الإلهيّة أنّه تعالى جمع لنا سلسلة من الفضائل – التي يحتاج اكتسابها إلى زمان طويل – في مدّة قصيرة أو مكان صغير وحدود؛ نظير ما جاء في الروايات من أنّ الدعاء تحت قبّة سيّد الشهداء (عليه السلام) مستجاب، وأنّ ذرّة من تربته (عليه السلام) شفاء لكلّ مرض مستعصٍ، والمراد من ذلك توفّر هذه التربة على هكذا اقتضاء، وقد يتوقّف تأثيرها على بعض الشروط. فهذا لطف داخل في مجال قدرة الله تعالى، الذي يُنعم علينا بكثير من أمثال هذه الألطاف، أن قد جمع سبحانه في ليلة واحدة من بين كافّة الليالي فضائل ثمانين سنة؛ وهذا كلّه من لطفه في حقّ عباده.
لقد أنشئ هذا الدعاء لقراءته مع نهاية شهر رمضان كوداع لهذا الشهر المبارك. لكن، إذا وُفّقنا لتلاوته في الأيّام الأخر، فإنّنا سنتعرّف بنحو أفضل على قدر هذا الشهر، وليلة القدر، والقرآن المنزل فيه، حتّى لا نتصوّر أنّ هذا الكتاب العزيز مجرّد كلمات كبقيّة الكلمات، أو كشف كبقيّة الكشوفات العرفانيّة، إذ قد تُطرح هذه الادّعاءات الواهية من قبل بعض الذي يدّعون معرفتهم بالإسلام، والذين يقولون: لقد كان رسول الله يُشاهد حقائق خالية من أيّ لفظ أو مفهوم؛ فباعتقاد هؤلاء، يكون النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو من بيّن هذه الحقائق في قالب تلك الألفاظ والمفاهيم، بحيث من الممكن أن يكون بعضها غير صحيح، فيقع محلًّا للإشكال والنقد. لكنّ الحقّ هو أنّ كلّ هذه الادّعاءات تفتقر إلى الدليل، ولا تحظى بأيّة قيمة أو اعتبار.
وفي الحقيقة، علينا أن نُدرك ما هي العظمة التي يتحلّى بها القرآن، فهو على درجة من الرفعة والعلوّ، بحيث لا يجوز لنا أن نلمس ولو حرفًا واحدًا منه بدون وضوء، كما أنّ آية واحدة منه قادرة على إحياء الموتى. فالبارئ عزّ وجلّ وهبنا هذه النعمة، وعلينا أن نحذر من استصغارها، ومن مساواة هذا الكتاب العزيز ببقيّة الكتب الأخرى، ولا ينبغي أن نتلوه بسرعة ومن دون تدبّر لمجرّد ختمه، بل علينا أن نتمعّن في كلّ جملة جملة منه، ونوجد في أنفسنا الحالة التي تتناسب مع كلّ آية منه، ونشكر الله تعالى بإزاء كلّ آية نقرؤها منه على أن وضع بين أيدينا هكذا آية. إنّ هذا الكتاب السماويّ عبارة عن علم الله تعالى وكلامه، فنرجو من العليّ القدير أن يُوفّقنا جميعًا لتلاوته عن علم ومعرفة.
[1] راجع: الخليل بن أحمد الفراهيديّ، العين، ذيل كلمة «صفو».
[2] سورة المائدة، الآية 15.
[3] سورة المزمل، الآية 2.
[4] سورة الذاريات، الآية 17.
[5] سورة البقرة، الآية 185.
[6] سورة آل عمران، الآية 96.
[7] «أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى الْآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ ولَا تُبْصِرُ ولَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَامًا ثُمَ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَجَرًا وأَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْيَا مَدَرًا وأَضْيَقِ بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ قُطْرًا بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ ورِمَالٍ دَمِثَةٍ وعُيُونٍ وَشِلَةٍ وقُرًى مُنْقَطِعَةٍ لَا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ ولَا حَافِرٌ ولَا ظِلْفٌ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ ووَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ وغَايَةً لِمُلْقَى رِحَالِهِمْ تَهْوِي إِلَيْهِ ثِمَارُ الْأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ قِفَارٍ سَحِيقَةٍ ومَهَاوِي فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ وجَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلًا يُهَلِّلُونَ لِلَّهِ حَوْلَهُ»؛ نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، الخطبة 192.
[8] عليّ بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي، الجزء 1، الصفحة 61.
[9] سورة الأعراف، الآية 145.
[10] سورة الشعراء، الآيات 193 – 195.
[11] سورة الشعراء، الآية 193.
[12] سورة الأعراف، الآية 179.
[13] سورة عبس، الآيتان 15 و16.
[14] يبدو أن عبارة «عشرين سنة» في هذه الرواية عرفيّةٌ؛ والمراد منها في الحقيقة 23 سنة.
[15] محمد بن يعقوب الكلينيّ، الكافي، الجزء 2، الصفحة 629.
[16] راجع: السيّد محمد حسين الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، الجزء 2، الصفحات 15 – 19.
[17] سورة الدخان، الآية 3.
[18] سورة القدر، الآية 1.
[19] سورة الدخان، الآية 4.
[20] سورة آل عمران، الآية 7
**من كتاب وداع الربيع لآية الله الشيخ مصباح اليزدي
المقالات المرتبطة
الدعوات الإلهيّة أسباب لبلوغ السعادة
إنّ الالتفات إلى عظمة الله تعالى ورأفته ولطفه يدفع الإنسان إلى الالتذاذ فقط بالخضوع أمام ربّه، وينسى بتاتًا ما كان يريد أن يطلبه منه
أهمية مقام القرآن
إن للقرآن عظمةً إلى حدّ أنّ إنسانًا معصومًا مثل حضرة مولى الموحّدين أمير المؤمنين (عليه السلام) يقدّمه على أنّ حقيقته في غاية العمق ولا يمكن إدراكها، كما إنّ له نورانيّةً تنوّر الحروف، والكلمات، والعبارات، وتجعل قلوب غير المسلمين ترتجف وبهذا النحو، نورانيّته عندما تشرق على حرفٍ ما أو على كلمةٍ أو عبارة تجعلها منوّرةً ومقدّسةً بحيث لا يمكن لمسها دون وضوء.
قدرة العقل على معرفة الله
هل يمكننا، بالاستعانة بالأدلّة العقليّة، وبالبراهين والمسائل الفلسفيّة والكلاميّة، أن نعرف الله تعالى بنحوٍ نستغني به عن تعاليم الدين، أم لا؟