ولاية الله تعالى على أهل شهر رمضان المبارك

ولاية الله تعالى على أهل شهر رمضان المبارك

“اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي شَرَّفْتَنَا بِهِ، وَوَفَّقْتَنَا بِمَنِّكَ لَهُ حِينَ جَهِلَ الْأَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ، وَحُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ فَضْلَهُ، أَنْتَ وَلِيُّ مَا آثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وَهَدَيْتَنَا لَهُ مِنْ سُنَّتِهِ، وَقَدْ تَوَلَّيْنَا بِتَوْفِيقِكَ صِيَامَهُ وَقِيَامَهُ عَلَى تَقْصِيرٍ، وَأَدَّيْنَا فِيهِ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ”.

  1. أقسام الناس من حيث تعاطيهم مع شهر رمضان المبارك

بعد التسليمات التي ذكرها الإمام السجّاد (عليه السلام) في مقام وداعه للشهر الفضيل، فإنّه يُعيد توجيه كلامه لله تعالى، ويقول: اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي شَرَّفْتَنَا بِهِ، وَوَفَّقْتَنَا بِمَنِّكَ لَهُ حِينَ جَهِلَ الْأَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ، وَحُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ فَضْلَهُ.

فإذا أردنا أن نستعرض هذا الدعاء بعبارات يسهل بيانها، فإنّنا نقول: “إلهي، لقد كان الناس في تعاطيهم مع شهر رمضان المبارك على طائفتين، الأولى: هم أهل هذا الشهر، والطائفة الثانية: هم الذين لم يعرفوه، ولم يمتلكوا أهليّة الانتفاع به، إلهي، لقد شرّفتنا أنت بهذا الشهر، ووفّقتنا بفضلك وإحسانك لصيامه، وأداء عباداته المستحبّة، في الوقت الذي لم يعرف الأشقياء قدره، وحُرموا بسبب شقائهم فضله”.

قد يفهم من العبارة التي قال فيها الإمام (عليه السلام): جَهِلَ الْأَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ، أنّ الأشقياء جهلوا زمان هذا الشهر، لكن يبدو أنّ هذه العبارة كنائيّةٌ يُراد منها أنّهم جهلوا قدر شهر رمضان المبارك، أي إنّ بركات هذا الشهر هي على درجة من الوفرة، بحيث إنّ كلّ من يعلم بحلوله سوف يعرف قدره بالضرورة، وكلّ من حُرم من هذه البركات، فإنّ حاله كحال من لم يعلم بحلول شهر رمضان من الأساس. وفي المقابل، فإنّه (عليه السلام) يقول: “وأمّا إذا صرنا من أهل هذا الشهر، فإنّ ذلك ببركة توفيقك ونعمتك التي حبوتنا إيّاها، فأنت الذي منحتنا هذه المعرفة، واصطفيتنا لهذه النعمة، ولقد حظينا بهذا التوفيق في ظلّ ولايتك، وأنت الذي هديتنا للمنهج الذي علينا أن نسلكه، والسنن التي علينا أن نعمل بها في هذا الشهر، لكن، مع ذلك، فقد ابتلينا بالتقصير، ولم نؤدّ حقّ هذا الشهر كما ينبغي، ولم نعمل بقليلٍ ممّا يجب علينا فيه”.

إنّ هذا الأسلوب من الكلام في مقام مناجاة الله تعالى يتضمّن دقائق معرفيّة لطيفة جدًّا ينبغي علينا تعلّمها، والالتفات إليها حين الكلام مع البارئ عزّ وجلّ في أوقات أخرى.

ففي هذه العبارة، نجد الإمام السجّاد (عليه السلام) يُقسّم الناس بدايةً إلى طائفتين، الأولى: هم أهل هذا الشهر الذين عرفوا قدره، والثانية: هم أهل الشقاء الذين جهلوا قدره ومنزلته، وتجدر الإشارة إلى أنّه قد يرد توهّم على هذا التقسيم، مُفاده: أنّ كلّ من يطرحه يُريد في الحقيقة أن يضع نفسه في مقابل الأشقياء، ويقول: “باعتبار أنّني أدّيت التكاليف الملقاة على عاتقي في هذا الشهر، فإنّني أفضل منهم”. إنّ هذه الأفضليّة ممّا لا يُمكن إنكاره، حيث إنّ الطائفة الأولى قد حظيت حقيقةً بسعادة لم تنلها الطائفة الأولى، إلّا أنّ أدب العبوديّة والتوحيد يقتضي أن نعدّ هذه الحسنات من الله أيضًا، ولهذا، علينا أن نُخاطبه تعالى بقولنا: “صحيح أنّنا صمنا وصلّينا، لكن، لو أنّك لم تُعرّفنا أنت بالشرف الكبير الذي يتمتّع به شهر رمضان المبارك، وبكيفيّة الانتفاع به، لحُرمنا بدورنا أيضًا من فيوضاته، وبالتالي، فإنّك أنت الذي مننت علينا حينما منحتنا المعرفة بهذا الشهر العزيز”، ولا يخفى أنّه إذا كان البارئ عزّ وجلّ لم يتفضّل على الأشقياء بهذا التوفيق، فإنّ ذلك ليس بسبب بخله، بل إنّ أعمالهم السيّئة هي التي أدّت إلى سلب ذلك التوفيق منهم، وحرمانهم من أهليّة إدراك هذه المعرفة. وعلى أيّ تقدير، فعلينا أن نعترف لله تعالى بأنّ: “هذه المعرفة توفيقٌ حبوتنا إيّاه في ظلّ ولايتك علينا”.

  1. تحليل لمعنى الولاية

أَنْتَ وَلِيُّ مَا آثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ؛ في هذه الفقرة، علينا أن نُسلّط الضوء قليلًا على كلمة “الوليّ”، فبحسب ما بلغه تتبّعي لهذه الكلمة، لا يوجد للفظة “الولاية” ومادّة “و-ل-ي” مرادف دقيق في اللغة الفارسيّة، كما أنّ موارد استعمالها مختلفة جدًّا، حيث إنّ من ضمن هذه الموارد استعمالها في من ينصر الإنسان، ويُخلّصه من الورطة حينما يكون محتاجًا إلى المساعدة، فعلى سبيل المثال، ورد في القرآن الكريم: ﴿اللَّهُ‏ وَلِيُ‏ الَّذِينَ آمَنُوا﴾[1]، كما جاء في مقابل ذلك: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ﴾[2]، ويقول البارئ عزّ وجلّ في موضع آخر: ﴿والظّالِمُونَ مَا لَهُم مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾[3]، ففي هذه الموارد، تُترجم كلمة “وليّ” عادةً في الفارسيّة إلى “يار” و”ياور” بمعنى الصديق والنصير. وأمّا الاستعمال الآخر لهذه الكلمة، فهو عبارة عن معنى ذي طرفين اثنين، طرفه الأوّل متّصل بالله تعالى، والثاني متّصل بالعبد، إذ إنّ كلمة “وليّ” هنا عبارةٌ لها معنى مشترك بين الله تعالى والعبد، بحيث يكون الله وليًّا للمؤمن، والمؤمن وليًّا لله تعالى أيضًا، ولهذا، فإنّ هذا اللفظ يُنسب إليهما معًا. ويُشار إلى أنّ كلمة “وليّ” في شعار “أشهَدُ أَنَّ عَلِيًّا وَلِيُّ اللهِ” لها نفس هذا المعنى، فمن ناحية، يكون الله تعالى وليّ عبده، والعبد وليّ ربّه، وقد تُستعمل كلمة “وليّ” الواردة بهذا المعنى للتعبير عن العلاقة القائمة بين مؤمنين، كما جاء في الكتاب العزيز: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ‏ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾[4]، إذ تُترجم هذه الكلمة هنا في الفارسيّة إلى “دوست” بمعنى الصديق والمحبّ. إنّ وجود ترجمات مختلفة لكلمة “وليّ” يدلّ على عدم وجود مرادف دقيق لها في اللغة الفارسيّة، بحيث ينبغي في كلّ مورد النظر إلى خصوصيّة هذا المورد، وتفسير هذه الكلمة بمقتضى ذلك.

إنّ مفهوم الولاية يتقوّم بميزتين، متى ما لاحظناهما في شيء، فإنّ هذه الكلمة ستصدق عليه، وإلا فلا، وهاتان الميزتان هما:

الأولى: أنّه ينبغي اعتبار وجود قرب واتّصال بين شيئين.

والثانية: أنّ هذا الاتّصال يجب أن يكون بحيث يترك أحدهما في الآخر، أو بعضهما في بعض تأثيرًا إيجابيًّا، وليس أيّ اتّصال كيفما كان.

ومن باب المثال، فإنّ البيت أو المصنع المتّصل بمحطّة توليد الطاقة الكهربائيّة لا يُعدّ مصداقًا للاتّصال الولائيّ. وعليه، فإنّ الاتّصال الذي ينجم عنه تأثير إيجابيّ (سواء من طرف واحد أو من الطرفين) هو المفهوم الذي وُضعت له كلمة “وليّ”، فالله تعالى وليّ المؤمن، أي إنّه له علاقة قرب به، ويترك فيه تأثيرًا إيجابيًّا.

يقول الإمام السجّاد (عليه السلام): أَنْتَ وَلِيُّ مَا آثَرْتَنَا بِهِ؛ فالله تعالى له علاقة بالمؤمنين والسعداء، هي التي أدّت إلى أن يمنحهم تلك المعرفة، وهي علاقة على درجة كبيرة من القرب، بحيث صارت مصدرًا لهذا التأثير الإيجابيّ. والمسألة المهمّة التي ينبغي علينا التركيز عليها كثيرًا أنّ الإمام السجّاد (عليه السلام) – وكما هو مشهود بصور مختلفة في عبارات هذا الدعاء – يُبرز هنا أدب العبوديّة بقوله: “إلهي، إذا كنت من أهل الصلاة والصيام، فإنّ الفضل في ذلك يرجع إليك، لأنّك أنت الذي حبوتني بهذا التوفيق وهذه المعرفة، ولو لم تتفضّل عليّ أنت، فمن أين لي الحصول على هذا التوفيق؟ ولهذا، فإنّ فضل هذا العمل يرجع إليك، وعلاوةً على ذلك، فإنّني مبتلى بالتقصير، لأنّني لم أؤدّ حقّ هذه النعمة، وأنجزت القليل فقط ممّا هو مفروض عليّ”. فأحيانًا، قد يكون الإنسان في مقام الحوار، والسؤال عن الأحوال، والمجاملات العامّية، فيلجأ إلى استخدام بعض العبارات المتعارفة من قبيل: “بنفسي أنت!” أو “لقد تفضّلت عليّ!”، حيث يكون الجميع عالمًا بأنّ عبارات كهذه لا حظّ لها من الواقعيّة، لكنّه من المؤكّد أنّ الإمام السجّاد (عليه السلام) لا يُجامل الله تعالى حينما يُناجيه، بل يسعى للحكاية عن الواقع، وإن كان إدراك هذا الواقع وإنجازه هو بحدّ ذاته نعمة أخرى.

  1. الله تعالى مسبّب الأسباب

إنّ كلّ ما نملكه هو مِن الله، وفي القرآن الكريم، كما نُسبت الهداية إليه تعالى، فقد نُسب إليه الإضلال أيضًا، حيث جاء في القرآن الكريم: ﴿يُضِلُّ‏ بِهِ‏ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾[5]، فالله تعالى هو – بمعنى من المعاني – مصدر جميع الأشياء، كما أنّ سلسلة الأسباب والمسبّبات ترجع برمّتها إليه، إذ هو الذي خلق هذا العالم، ووضع هذه الأسباب، ولهذا، بوسعنا نسبة كلّ شيء إليه. والجدير بالذكر أنّ جميع الأفعال التي نؤدّيها بعدّة وسائط تتوفّر على نفس هذا الحكم، فعلى سبيل المثال، حينما يُقال: “إنّ العمدة أنشأ بالمدينة مشروعًا للقطار الحضريّ”، فإنّ ذلك لا يعني أنّه قام بنفسه بهذا العمل، بل إنّه في الحقيقة أصدر أمره للقيام به، وأعطى الانطلاقة لإنجازه عن طريق إمضائه، بحيث لولا إصداره لذلك الأمر، لما تحقّق هذا العمل. فعند العرف، حينما يُؤدّى عمل عن طريق عدّة وسائط، فإنّه يُنسب أيضًا إلى الآمر نسبةً صحيحة، إذ من المؤكّد أنّ أمر الآمر له تأثير في تحقّق الفعل، فنفس تلك الأسطر المعدودة التي يخطّها الآمر على الورقة – بصفتها معبّرة عن إذنه وإمضائه – هي التي تُشكّل بداية العمل، بحيث لولاها لما شُرع فيه. وفي هذا العالم، نرى الشمس تشعّ، فتُسخّن مياه البحر، ويتحوّل هذا الماء إلى بخار، ويصير سحابًا، ثمّ يتسبّب بعد ذلك الهواء البارد والساخن في جريانه، فتتشكّل الرياح التي تُحرّك السحب من مكان إلى آخر، ممّا يُؤدّي إلى هطول الأمطار في المواضع التي تتوفّر على ظروف مناسبة، لكن، يبقى في الأخير أنّ الذي هيّأ كلّ هذا الجهاز العظيم هو الله تعالى، فبوسعنا القول: إنّ الله سخّر السحاب، وأرسلها إلى مختلف البلدان، حيث نجد القرآن الكريم ينسب إليه تعالى أيضًا هذا العمل، ويقول: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحابًا ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ﴾[6]، ومن هنا، يُمكننا أن نقول عن جميع الظواهر الكونيّة: إنّ الله تعالى هو الذي أرسى نظامها، بحيث لو لم يوجِد تلك الحلقة الأولى، فإنّ بقيّة الحلقات لم تكن لتوجد، فبوسعنا القول إنّ الله تعالى هو الذي يقوم بكلّ هذه الأفعال[7].

  1. المالكيّة والعلّية الطوليّة

وفي هذا المقام، يُطرح علينا إشكال، مُفاده: إذا قلنا إنّ الله تعالى هو الذي يقوم بكافّة الأفعال، فما هو دورنا هنا إذًا، ولو صحّ أنّه عزّ وجلّ صاحب كلّ تأثير في هذا العالم، فإنّ الطاعة والعصيان اللذان يصدران من الإنسان هما من فعل الله، فلا يوجد أيّ سبب لأن يُدخلنا تعالى إلى الجنّة أو النار. لقد أساء البعض استخدام هذا الاعتقاد، ولكي يُبرّروا تكاسلهم، وهروبهم من أداء التكاليف الملقاة على عواتقهم، فإنّهم يعتذرون بأنّ كلّ ما جاء به التقدير، سيحصل، ولا داعي لأن نُتعب أنفسنا، فالعبادة التي يُؤدّيها الإنسان هي في الحقيقة من فعل الله تعالى، ولهذا، فإنّنا لا نستحقّ الذهاب إلى الجنّة، ولا إلى النار، ونخلص إلى أنّه:

أوّلًا: إذا اعتقدنا أنّ جميع الأفعال تُنسب إلى الله تعالى إمّا بواسطة أو من دون واسطة، فإنّنا سنواجه السؤال التالي: ما هو دور البقيّة في أداء الأفعال؟

وثانيًا: كما نُخاطب الله تعالى في مقام الدعاء والمناجاة، ونقول: “إلهي، أنت الذي وفّقتنا للقيام بهذا الأعمال”، علينا أيضًا أن نقول له إذا ابتلينا بالغفلة والضلالة: “إلهي، أنت الذي هيّئت الأسباب لضلالنا، وأنت الذي خلقت الشيطان، وجعلت فينا الأهواء النفسانيّة، ولهذا، ينبغي أن ننسب إليك أيضًا هذه الذنوب”.

ولا يخفى أنّ هذا الكلام واهٍ، ولا أساس له من الصحّة، لكنّه علينا في مقام الأخذ والردّ أن نُجيب عن هذه الإشكالات الإبليسيّة[8]، حيث إنّ تساؤلات من هذا القبيل كانت تُثار منذ سالف الأيّام من قبل الملحدين خاصّة، لا سيّما بعدما نسب الأنبياء (عليهم السلام) هذه الأفعال إلى الله تعالى، وطرحوا مسألتي القضاء والقدر الإلهيّين، والتوحيد الأفعاليّ، وأمّا في رواياتنا، فقلّما نُشاهد السؤال عن هذه المواضيع في عصر الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لكن، منذ زمان أمير المؤمنين (عليه السلام)، صار الحديث كثيرًا عن أنّه: إذا كانت جميع أفعالنا تتحقّق وفقًا للقضاء والقدر الإلهيّين، فما هو دورنا في هذا المجال؟ حيث جاء في رواية مشهورة أنّ شيخًا سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رجوعه من حرب صفّين: “أخبرنا عن مسيرنا الى الشام أكان بقضاء اللّه وقدره؟”، فقال الإمام (عليه السلام): “والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما وطئنا موطئًا ولا هبطنا واديًا إلّا بقضاء اللّه وقدره”، فقال الشيخ: “فعند اللّه‏ أحتسب عنائي، ما أرى عليّ من الأجر شيئًا [لأنّ الله تعالى هو الذي أجبرني على هذا العمل]”، فقال الإمام (عليه السلام): “مه يا شيخ [لا تتفوّه بمثل هذا الكلام]، لقد عظّم اللّه أجركم في مسيركم وأنتم سائرون، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شي‏ء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرّين”، فقال الشيخ: “وكيف [كنّا أحرارًا ومختارين في ذهابنا إلى صفّين] والقضاء والقدر ساقانا؟”، فقال الإمام (عليه السلام):

“ويحك، لعلّك ظننت قضاء لازمًا وقدرًا حتمًا، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، والوعد والوعيد، والأمر والنهي، ولم تك لائمة من اللّه لمذنب، ولا محمدة لمحسن، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسي‏ء، ولا المسي‏ء أولى بالذمّ من المحسن، تلك مقالة عبّاد الأوثان، وجنود الشيطان، وشهود الزور، وأهل العمى عن الصواب، وهم قدريّة هذه الأمّة ومجوسها، إنّ اللّه سبحانه أمر تخييرًا ونهى تحذيرًا، وكلّف يسيرًا، ولم يُعص مغلوبًا ولم يُطع مُكرهًا، ولم يُرسل الرسل إلى خلقه عبثًا، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلًا، ﴿ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾”.

ومن هنا، فقد اقتنع ذلك الشيخ، وانتابه السرور، وقال شعرًا في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) [9].

إنّ الهدف من وراء ذكر هذا الحديث عرضُ نموذج عن الشبهات التي كانت مطروحة في زمان أمير المؤمنين (عليه السلام)، لا سيّما بعد طروء بعض المشاكل، كالحرب، حيث كان يظنّ الناس أنّهم إذا اعتقدوا بتحقّق هذه المسائل وفقًا للقضاء والقدر الإلهيّين، فإنّ جهودهم لن تكون لها أيّة قيمة، ولا يخفى أنّ بعضهم لا يصيرون مجبّرة، إلّا عند أداء التكاليف الشاقّة، فيقولون: “لا يحتاج الأمر إلى جهودنا، بل علينا أن نظلّ ننتظر ما الذي سوف يُقدّره الله تعالى لنا”.

لقد أثيرت العديد من الأبحاث بخصوص هذه الشبهة طيلة فترة حياة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) وفي موارد مختلفة، وأكثر هذه الأبحاث تفصيلًا ما ورد في رسالة بعثها مجموعة من الشيعة إلى الإمام الهادي (عليه السلام)، طلبوا منه فيها أن يُبيّن لهم العقيدة الصحيحة في باب الجبر والاختيار، حيث كتب الإمام (عليه السلام) رسالة مفصّلة في هذا المجال وردت في كتاب تحف العقول[10] تحت عنوان “رسالة ردّ الجبر والتفويض”، وهي رسالة بديعة ذات أسلوب رفيع جدًّا أوصي الأصدقاء من أهل العلم الذين لم يطالعوها بمراجعتها، هذا، وقد تحدّثت سابقًا عن هذه الرسالة، وأتطرّق إليها مرّة أخرى هنا من أجل التأكيد، حيث سأسعى لتقديم عرض إجماليٍّ عنها. إنّ أسلوب هذه الرسالة جذّاب كثيرًا، وينبغي علينا تعلّمه، ففي بدايتها، يذكر الإمام مقدّمة عن مسألة الجبر والاختيار، موضّحًا كيف يجب علينا التعامل مع مثل هذه المسائل، كما أنّه (عليه السلام) يستعرض مختلف الآراء المطروحة بشأن هذه المسألة، وأنّ بعضًا يقول بالجبر، وآخرين يعتقدون بالتفويض، وبعضًا أيضًا يقول بآراء أخرى، وبعد ذلك، يُشير (عليه السلام) إلى منهج عامّ لحلّ مثل هذه المسائل، حيث يقول ما مُفاده: “علينا أن ننطلق من اليقينيّات، ونتمسّك بدليل معتبر لا يملك معه جميع أطراف النزاع خيارًا آخر سوى الاعتراف”، وبما أنّ أطراف النزاع في هذه المسألة كلّهم مسلمون، فإنّ الإمام (عليه السلام) يأتي بالقرآن الكريم باعتباره دليلًا معتبرًا يتّفق عليه كافّة المسلمين الذين يعتقدون بأنّه كلام الله تعالى. وبعد إيراده لهذه المقدّمة، يدخل الإمام (عليه السلام) في صلب المسألة، ويستعرض حلًا لها من خلال جعله روايةً منقولة عن الإمام الصادق (عليه السلام) محطًّا للبحث، ناقلًا في ضمن ذلك مجموعة من الروايات عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا أسلوب مثير جدًّا للاهتمام، حيث نرى فيه أنّ إمامًا يكتب رسالة، يجعل فيها حديثًا منقولًا عن إمام آخر محطًّا للبحث، ويستعين برواية عن إمامٍ ثالثٍ لأجل توضيح ذلك الحديث، والمسألة الأخرى المثيرة للاهتمام أيضًا أنّ الإمام الهادي (عليه السلام) لم يأت في بعض الموارد على ذكر أيّ اسم لرواة هذه الأحاديث.

ومن ضمن الروايات التي ينقلها (عليه السلام) في هذه الرسالة، رواية عن رجل اسمه عَبَايةَ بنَ رِبعيٍّ الأَسَديِّ سأل أمير المؤمنين (عليه السلام): “ما معنى الاستطاعة التي بها نقوم ونقعد ونفعل؟”، حيث من الواضح أنّ الرواي كان يُواجه مشكلة في مسألة الجبر والتفويض، وأنّ مراده أنّه إذا قلنا بكون أعمالنا من فعل الله تعالى، فإنّه سيُعدّ جبرًا، وعليه، فلن يكون لاستطاعتنا معنىً محدّدٌ، ومن ناحية أخرى، إذا اعتقدنا بالتفويض، فإنّ قدرة الله تعالى واستطاعته لن يكون لها أيضًا معنىً واضحٌ، وهنا، نجد الإمام (عليه السلام) يُعيد توجيه السؤال لذلك الرجل، قائلًا: “هذه الاستطاعة التي تنسبها إلى نفسك هل تملكها من دون الله أو مع الله؟”، ومراد الإمام (عليه السلام) من هذا السؤال أنّه: حينما يقول الإنسان: “أنا أستطيع الكلام والقيام والجلوس و…” هل هذه الاستطاعة والقدرة على أداء تلك الأفعال في عرض قدرة الله تعالى، أم أنّه وحده الذي يمتلك هذه القدرة من دون الله تعالى، ولهذا، فإنّه (عليه السلام) يسأله: “تَملِكُ مَعَ اللهِ أَم دُونَ اللهِ”، فلم يُحر عباية جوابًا، فقال له (عليه السلام): “قل يا عباية”، فقال: “وما أقول؟”، فقال له الإمام ما مُفاده: “لو قلت بأحد الأمرين، لكفرت”، فقال: “فإذًا، ماذا أقول؟”، فقال له (عليه السلام): “إِنَّكَ تَمْلِكُهَا بِاللَّهِ الَّذِي يَمْلِكُهَا مِنْ دُونِكَ، فَإِنْ يُمَلِّكْهَا إِيَّاكَ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَطَائِهِ، وإِنْ يَسْلُبْكَهَا، كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَلَائِهِ، هُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَكَ، وَالْقَادِرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَقْدَرَ”[11]، وهذا يعني أنّ مالكيّتنا تقع في طول مالكيّة الله تعالى، وليس مع مالكيّته، فلا يصحّ القول: إنّ الله تعالى مالك، ونحن أيضًا مالكون في عرضه، بحيث لا توجد لنا أيّة حاجة إليه، فمثل الاستطاعة التي تكون مع الله تعالى مثل شخصين لكلّ واحد منهما لباسه الخاصّ، من دون أن يكون أحدهما محتاجًا في ممتلكاته هذه إلى الآخر، وممّا لا ريب فيه أنّ هذا الاعتقاد كفر، لأنّ جميع الأشياء تتحقّق وفقًا لمشيئة الله تعالى، ولا يقدر أيّ أحد على أن يكون مالكًا لشيء في عرضه تعالى، كما أنّه إذا قلنا “إنّ لنا استطاعة لا يملكها الله تعالى”، فإنّنا نكون قد حكمنا بما هو أسوأ، ووصفنا البارئ عزّ وجلّ بالعجز، ومن هنا، علينا القول: إنّنا نملك قدرة واستطاعة، إلا أنّ كلّ ما نملكه ممنوح لنا من قِبل الله، وهو في الوقت ذاته، لم يخرج من ملكيّته تعالى، فمالكيّته أعلى من مالكيّتنا، لأنّه مالِكُنا ومالكُ استطاعتنا وقدرتنا، فمالكيّتنا هي بسبب تمليك الله تعالى لنا، فليست هي معها، ولا منفصلة عنها، فإذا أعطى أحدًا شيئًا، فمن مِلكه الذي اختصّنا به، ولم يخرج في الوقت ذاته من دائرة مالكيّته، فالله تعالى قال: لك الحقّ في استخدام ما ملّكتك إيّاه، وليس لزيد وعمرو الحقّ في ذلك، فهذه أمانة وضعتها بين يديك.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الرسالة مفصّلة، وتتضمّن أبحاث مثيرة للاهتمام كثيرًا، وينبغي التأمّل وإعمال الدقّة فيها.

  1. أدب الدعاء

فحينما يوفّقنا الله تعالى للصيام، فإنّنا نصوم، لكنّه هو الذي يمنحنا القدرة على هذا الصيام، فنحن نريد الصوم، غير أنّه تعالى هو الذي يهبنا القدرة على إرادة الصوم، ولهذا، فإنّ الفعل يتحقّق بإرادتنا، إلا أنّه لا يخرج في الوقت ذاته عن ملك البارئ، لأنّنا – نحن وأفعالنا – ملكٌ له عزّ وجلّ، فكما أدركنا بأنّنا نؤدّي أفعالنا عن اختيار، فإنّه علينا أن نعلم أيضًا بأنّ نسبة بعض هذه الأفعال إلى الله تعالى لا تجوز، فصحيح أنّ هناك بعض الأمور التي بوسعنا نسبتها إلى الإنسان، وإلى الله تعالى كذلك، كما نقول عن العلم: “إنّ الله تعالى يمنحني العلم، ولهذا، فإنّ الله تعالى عالم، وأنا أيضًا عالم، غير أنّ ما أعلمه ممنوح لي من قبله عزّ وجلّ”، إلّا أنّنا لا نستطيع القول بخصوص الأكل: “إنّني آكل، والله تعالى أيضًا يأكل”، حيث ينشأ هذا الاختلاف من الخصائص التي يتّسم بها كلّ مفهوم، باعتبار أنّ بعض المفاهيم تتوفّر على أمور تتوقّف في قوامها على موجودات جسمانيّة، ولهذا، لا يُمكن لهذه المفاهيم أن تصدق على ما وراء الجسمانيّات. أجل، يبقى أنّ بعض المفاهيم كالأكل يُمكننا القول عنها: إنّ وجودها، والقدرة على القيام بها من الله تعالى ومملوكة له، غير أنّ الأكل بمعنى وضع شيء في الفم، وابتلاعه، لا يُمكننا نسبته إلى الله تعالى. وعلى أيّ تقدير، فليس بمقدورنا أن ننسب إلى البارئ عزّ وجلّ ما يوجب نقصه، أو يتلازم معه، لكن، مع ذلك، فإنّه بوسعنا نسبة وجود كافّة الأشياء، بما فيها الشيطان إلى الله، فوجود الشيطان وقدرة إغوائه للناس كلاهما مخلوق له تعالى، ولهذا، يُمكننا أن ننسب كلّ شيءٍ – حتّى الإضلال – بهذا الاعتبار إلى البارئ عزّ وجلّ، بخلاف بعض الأفعال كالجلوس والقيام، فمع أنّه بوسعنا القول إنّ قدرة وجود هذه الأفعال من الله تعالى، لكنّنا لا نستطيع نسبتها إليه، والسبب في ذلك يرجع إلى الخصائص التي يتوفّر عليها هذا المفهوم.

فحتّى في الموارد التي يتسنّى لنا فيها نسبة الفعل إلى الله تعالى وإلى العبد معًا، حينما نريد أن نناجي البارئ، فإنّ أدب العبوديّة يقتضي نسبة الحسنات إليه عزّ وجلّ، والسيّئات إلينا، حيث جاء في الحديث القدسيّ: “يَا ابْنَ آدَمَ أَنَا أَوْلَى بِحَسَنَاتِكَ مِنْكَ وَأَنْتَ أَوْلَى بِسَيِّئَاتِكَ مِنِّي”[12]، فالسبب في تحقّق الأفعال السيّئة يعود إلى النقائص التي يُعاني منها العبد، كما أنّ علّة صدور المعاصي من العبد ترجع إلى جهاته العدميّة، فالنقص يعني العوز، وهي مسألة تنسجم مع العبد. ومن هنا، فإنّ أدب العبوديّة يقتضي من الإنسان أن يتذكّر في مقام حمد الله تعالى وذكر نعمه أنّه هو الذي وفّقه لأداء الحسنات، وأن ينسب إلى نفسه – في مقام طلب العفو عن الذنوب – القصور والتقصير. فهذا الكلام هو عين الصواب، وليس من المجاملة في شيء، لأنّ الله تعالى لا يُعاني من أيّ نقص، فإنّ النقائص من حيث هي نقائص لا تُنسب إليه، فهو كمال محض. وعليه، فمتى ما وُجد نقصٌ، فإنّه لا يتعلّق بربوبيّة الله تعالى، بل سببه هو عدم إزالة النقص عن المخلوق، ممّا يعني أنّه يتعلّق بهذا المخلوق، ولهذا السبب، يقول الإمام السجّاد (عليه السلام): “أَنْتَ وَلِيُّ مَا آثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ”. فنفس هذه المعرفة التي نمتلكها هي أمرٌ اختارنا الله تعالى من أجل التمتّع به، فصمنا وصلّينا بسبب هذا التوفيق، لكن، يبقى أنّ هذا الصوم وهذه الصلاة مقرونان في الوقت ذاته بالتقصير، بحيث إنّ كلّ ما نؤدّيه يُشكّل مقدارًا قليلًا من كثير ما ينبغي علينا فعله، فالإنسان لا يملك من نفسه أيّ شيء، كما قال البارئ تعالى في كتابه العزيز: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ‏ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾[13]، ومن هنا، فإنّ قُبح السيّئات يعود إلى النقص الذي يكتنفها، ولهذا السبب، فإنّ السيّئات منّا، والحسنات والكمالات تتعلّق بالله تعالى. ولقد أشرنا آنفًا إلى أنّ الناس ينقسمون في تعاطيهم مع شهر رمضان المبارك إلى طائفتين، طائفة حظيت بالجدارة والاستحقاق، فأضحت من أهل السعادة، وطائفة أخرى ابتُليت بالشقاء، فصارت تُعاني من الحرمان، لكن، لا ينبغي علينا أن ننسى أنّه إذا أصبحنا من أهل رمضان، فإنّ الفضل في ذلك يرجع إلى توفيق الله تعالى.

 

[1] سورة البقرة، الآية 257.

[2] سورة البقرة، الآية 257.

[3] سورة الشورى، الآية 8.

[4] سورة التوبة، الآية 71.

[5] سورة البقرة، الآية 26.

[6] سورة الأعراف، الآية 57.

[7] تجدر الإشارة إلى أنّه إذا أردنا أن نُدقّق النظر في هذه المسألة أكثر، مستعينين في ذلك بنظريّة صدر المتألّهين الشيرازيّ قدّس الله تفسه الزكيّة في هذا المجال التي تتكّئ على بحث الوجود الرابط، فإنّنا سنكتشف أنّ للبارئ عزّ وجلّ علاقة مباشرة بالأفعال. [المترجم]

[8] لمزيد من التفصيل عن هذه الإشكالات الإبليسيّة، راجع: محمد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ، معرفة الله، الجزء 3، الصفحة 132.

[9] محمد بن يعقوب الكلينيّ، الكافي، الجزء 1، الصفحة 155.

[10] الحسن بن عليّ بن شعبة الحرّاني، تحف العقول عن آل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، الصفحة 458.

[11] المصدر نفسه، الصفحة 467.

[12] محمد بن يعقوب الكلينيّ، الكافي، الجزء 1، الصفحة 157.

[13] سورة فاطر، الآية 15.

** من كتاب وداع الربيع الصادر عن دار المعارف الحكمية لآية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي



المقالات المرتبطة

عناية الله بالشاكرين

لا شكّ في أنّ الحمد والثناء بذاتهما نعمةٌ عظيمة لا ينالها جميع الأشخاص. نحن جميعًا مغمورون بالنعم، ولكنّ التوجّه إلى تلك النعم وبيانها ونشرها ليس بالعمل الذي نوفّق إليه جميعنا.

التوحيد والإلحاد في التوحيد

العمل الصالح لا يكون ذا قيمة ومؤثّرًا في إيصال الإنسان إلى السعادة إلّا إذا كان مستندًا إلى الإيمان؛ بل أكثر من ذلك، العمل الصالح أساسًا لا يجعل الإنسان سعيدًا إلا حينما يؤدّي إلى تقوية إيمان الإنسان ورفع درجاته: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.

آثار الخشوع القلبي في السلوك

مفهوم العظمة الإلهيّة ليس واضحًا عند كثيرٍ من الناس، وأذهانهم لا يمكنها أن تدركه وتفهمه. ومن هنا، يمكن الاستفادة من التأمّل في عظمة الخلق من أجل تهيئة الذهن لإدراك هذا المفهوم.

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<