by السيد محمد جواد فاضل الموسوي | يوليو 26, 2021 11:32 ص
إنّ لرسول الله (ص) مدرسة انتمى من الناس إليها انتماءً حقيقيًّا خيرتهم فتفانوا من أجل الثبات على صراطها، فأصبح التلاميذ من الدعاة حتى إذا كانوا صامتين[1][1] ونحن إذ نتذكرهم فذلك من باب العرفان والشكر لجميلهم الذي أسدوه لنا.
أما آله صلوات الله تعالى عليه وعليهم فهم كنفسه (ص)[2][2]، وأما أصحابه فمن ثبت على العهد ولم يبدل، ومن هؤلاء اثنان رقدا في المدائن ببغداد سلام من الله تعالى عليهما، ولو حسبنا المرقد من الناحية الموقعية وكما يطلق عليه في الوقت الحاضر الموقع الجغرافي لوجدناهما محاطين بمراقد شريفة، فهناك النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية المشرفة وسامراء المنعمة ومشهد المقدسة، فمن أين نستدير فثمة مرقد إمام من أئمة أهل البيت صلوات الله تعالى عليهم.
وهكذا فانظروا في مدرسة وتلاميذ الدروع.
نعم في ظروف ملبدة بالعنصرية القومية[3][3] والدينية ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾[4][4] غير المؤيدة من الله تعالى، وكذلك بالجاهلية، أنزلت الأطروحة الإلهية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[5][5].
هذه الأطروحة الإلهية التي لا تسمح لأحد أن يجعل من نفسه مسطرة من خلالها يضع أسس المفاضلة فالأساس هو تقوى الله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾[6][6].
ولا مكان للفخر والعجب والتكبر والاستكبار لأن هذه الأخلاق لا تمت إلى التقوى بأية صلة: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾[7][7].
وكل أطروحة جديدة في مجتمع متخلف أو كان يعيش حياة التخلف تحتاج عند الطرح إلى درع يقيها من سهام المعترضين أو المعادين خاصة عندما تكون منتمية إلى الله تعالى منزلة أو يحملها أنبياؤه (ع)[8][8] وبالدرجة الثانية الدعوات التي يطلقها علماء أو مصلحون، فعرضت هذه الأطروحة مع هذا الدرع الذي شاهد ببصيرته نور سادة الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين (ص).
هذا الدرع الذي قام متجهًا نحو هذا النور باحثًا عن الحقيقة، وإليك ما عن جابر بن عبد الله قال: “سألت رسول الله (ص) عن ميلاد علي بن أبي طالب (ع)، فقال: لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح عليه، إن الله تبارك وتعالى خلق عليًّا من نوري، وخلقني من نوره، وكلانا من نور واحد، ثم إن الله عز وجل نقلنا من صلب آدم (ع) إلى أصلاب طاهرة وأرحام زكية، فما نقلت من صلب إلا ونُقل علي معي، فلم نزل حتى استودعني خير رحم[9][9] وهي آمنة، واستودع عليًّا خير رحم، وهي فاطمة بنت أسد. وكان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له: مبرم، قد عبد الله تعالى مائتين وسبعين سنة… لم يسأل الله حاجة، فبعث الله إليه أبا طالب، فلما أبصره المبرم قام إليه وقبّل رأسه، وأجلسه بين يديه، ثم قال له: من أنت؟ فقال: رجل من تهامة، فقال: من أي تهامة ؟ فقال: من بني هاشم. فوثب العابد، فقبّل رأسه ثانية، ثم قال: يا هذا، إن العلي الأعلى ألهمنى إلهامًا، قال أبو طالب: وما هو؟ قال: ولد يولد من ظهرك، وهو ولي الله عز وجل، فلما كانت الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض، فخرج أبو طالب وهو يقول: أيها الناس ولد في الكعبة ولي الله”[10][10].
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص): “لما خلق الله آدم (ع) نفخ فيه من روحه فعطس آدم، فقال: الحمد لله، فأوحى الله إليه أن يا آدم، حمدتني يا عبدي، وعزتي وجلالى، لولا العبدان اللذان أريد أن أخلقهما ما خلقتك في دار الدنيا، قال: إلهي فيكونان مني؟ قال: نعم، يا آدم ارفع رأسك فانظر، فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش: لا إله إله الله، محمد رسول الله نبي الرحمة، علي ولي الله”.
لقد لبى سلمان (رض) النداء الفطري: ﴿وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم﴾[11][11]. فقد روى محمد بن الحسن الصفار بسنده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (ع) في قوله عز وجل: ﴿وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم﴾ قال: أخذ الله من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة وهم كالذر فعرفهم نفسه ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه، وقال: ألست بربكم قالوا بلى وأن محمدًا رسول الله وعليًّا أمير المؤمنين.
هذا كان اسمه أي (سعيد). ولد في قرية من قرى مدينة إصفهان. وكان أبوه رئيس القرية وكان رجلًا ثريًّا، وفي ذلك الوقت كان أهل فارس يعبدون النار.
بعد إسلامه أسندت إليه مهمة حلاقة النبي (ص) وهي مهمة لا يصح أن تسند إلى أي شخص، فسمّي سلمان وهو الحلاق بالفارسية[12][12]، ولما تحققت من المعاجم الفارسية وجدت أن الحلاق كممتهن للحلاقة يطلق عليه بالفارسية سلمان.
وأما لقب (باك ـ Pakـ) فيعني بالفارسية طاهر، وما ذلك إلا بسبب انتسابه إلى أهل البيت صلوات الله تعالى عليهم، قال تعالى:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُاللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيرًا)[13][13].
قطع سلمان (رض) المسافات على مستوييها المكاني والزماني حتى اطمأن من أنه سيلقى حامل الأطروحة، والمهم أننا نلاحظ أنه بدأ قوس صعوده منذ أن بدأ البحث عن الحقيقة، ووضع نفسه على الصراط عندما بدأ يتحقق من علامات نفس الصراط وهو النبي الخاتم (ص) فلقيه[14][14] ثم تمسك بالشجرة المباركة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، والتي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فانتمى إلى (يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة)، والتي أمها أم أبيها الزهراء التي سطع نورها من خلال الحسنين (ع)، وبقيت موضع سر الله تعالى، هذه الشجرة التي توصل المتمسك بها إلى الجذور السماوية بعد أن تمتصه الأوراق فيصل إلى معدن العظمة بعد اختراق الحجب والتخلي عن الموانع[15][15]: “إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلّقة بعزّ قدسك. إلهي واجعلني ممّن ناديته فأجابك، ولاحظته فصعق لجلالك، فناجيته سرًّا وعمل لك جهرًا”.
إنّ النبي (ص) قال للمسلمين: “اتهنون سلمان بالإسلام وهو يدعو بني إسرائيل إلى الإيمان بالله منذ أربعمأة سنة وخمسون سنة”. عنه في الباب الرابع عشر أنّه قال (ص) لزوجاته: “سلمان عيني الناظرة، ولا تظنون أنّه كمن ترون من الرجال، إنّ سلمان كان يدعو إلى الله تعالى، وإلي قبل مبعثي بأربعمأة وخمسين سنة”. ومن أحق من سلمان بهذه المنزلة الدرعية.
وروى الصدوق رحمه الله بإسناده عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله عَزّ وجَلّ: كشجرة طيبة أصُلها ثابت وفَرعُها في السماء تؤتي أكلها كل حين باِذن ربها قال: أما الشجرة فرسول الله (ص)، وفرعها علي (ع)، وغصن الشجرة فاطمة بنت رسول الله (ص)، وثمرها أولادها (ع)، وورقها شيعتنا، ثم قال: إن المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة، وإن المولود من شيعتنا ليولد فتورق الشجرة ورقة”[16][16].
سلمان من أهل البيت
في كتاب الإيضاح وغيره نقل[17][17] أن سلمان المحمدي (رض) دخل مسجد رسول الله (ص) ذات يوم فعظموه وقدموه وصدروه إجلالًا لحقه وإعظامًا لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله (ص) فدخل شخص ونظر إليه فقال: من هذا العجمي المتصدر فينا بني العرب (كذا)! فصعد رسول الله (ص) المنبر فخطب فقال: إن الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط لا فضل للعربي على الأعجمي ولا الأحمر على الأسود إلا بالتقوى، سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفد، سلمان منا أهل البيت، سلمان يمنح الحكمة ويؤتى البرهان.
في الطبقات نقل عن أحدهم: “أتينا عليًّا قلنا أخبرنا عن سلمان ؟ قال: أدرك العلم الأول والعلم الآخر بحر لا ينزح قعر هو منّا أهل البيت. ويروى أيضًا عن أبي صالح عن النبي (ص) قال ثكلت سلمان أمه لقد أشبع من العلم”[18][18].
عن أبي عبد الله (ع) قال: ذكرت التقية يومًا عند علي بن الحسين (ع) فقال: والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله. ولقد آخى رسول الله (ص) بينهما، فما ظنكم بسائر الخلق، إن علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فقال: وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرؤ منا أهل البيت فلذلك نسبته إلى العلماء”[19][19].
ويروى أيضًا: سئل عليّ (ع) عن سلمان المحمدي (رض)، فقال[20][20]: ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم، علم العلم الأول والعلم الآخِر وقرأ الكتاب الأول وقرأ الكتاب الآخر، وكان بحرًا لا يُنزف.
إذن قد أوتي سلمان (ع) الحكمة: ﴿يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾[21][21].
ونقلوا أنه[22][22] دعا رسول الله (ص) سلمان (ع)، فقال: يا سلمان أنت منا أهل البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر.
تعرض أحدهم على الإنترنت فذكر عمره (رض) وذكر حادثة وفاته ودفنه تحت عنوان (أكذوبة دفن الإمام علي بن أبي طالب لسلمان الفارسي نشر في 07-18-2011 12:28 AM على موقع وجهات نت)، ولي في رده كلام، ولكنني لا أريد أن ينغص علينا المراء فيما كتب، لكن عندما تقرأ مقالته المدونة تجد فيها أمرين:
الأمر الأول: التلبس بالاتجاه الإمامي ليخدع القراء.
الأمر الثاني: تعثر على افتراءات من خلال ما ذكر، بحيث لو تقرأ بعض الكلمات لا تشك أنه منك ولك فتصدقه، ولكن بعد مراجعة كلماته والتحقق من بعض المعلومات تجد الافتراء واضحًا.
واحدة من تلك الافتراءات أن بعض الفرق المنحرفة قد أوصلته إلى الألوهية فالرجل حرف كلمة السليمانية ـ وهو اسم إحدى الطوائف المنحرفة ـ إلى السلمانية، وعند البحث لا تجد أثرًا لهذه الطائفة، بل بمجرد الحديث عن كراماته ربطها هو بالغلو وبالمراتب والمقامات الإلهية، ونسب القول لاتخاذه ربًّا، فبدلًا من السليمانية قال السلمانية، وعلى كل حال إن الرجل (رض) حتى وإن أوصله بعض إلى تلك المقامات فهذا ليس من العيب فيه بشيء، وأن أوهام الناس تحدثت عن كراماته، بل إن هذا يثبت كراماته لا ينفيها عنه لأنه لولا هذه الكرامات ما توجه الجهلة هذا التوجه، وعندنا خير مثال وهو سيد سلمان وسيدنا أمير المؤمنين (ع): “عن جابر بن عبد الله قال: لما قدم علي بن أبي طالب بفتح خيبر قال له النبي (ص): يا علي لولا أن تقول طائفة من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالًا لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك يستشفون بهما، ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك ترثني وأرثك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي”[23][23]. فتتبع ماذا فعل عيسى على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام فقيل فيه ما قيل؟ الجواب في القرآن الكريم: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ*قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ*وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ*إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ*فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ* رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ* وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ*إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ*فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾[24][24].
فعلي (ع) فيه تلك الصفات، فقالوا ما قالوا فيمن سبقه فليقل الناس في سلمان ما يقولون.
ذكر الميرزا حسين النوري الطبرسي في كتابه[25][25]عن الصدوق رحمه الله في إكمال الدين قائلًا: “إنّ سلمان كان ممّن ضرب في الأرض لطلب الحجّة، فلم يزل ينتقل من عالم إلى عالم، ومن فقيه إلى فقيه، ويبحث عن الأسرار ويستدل بالأخبار منتظرًا لقيام القائم سيّد الأولين والآخرين محمّد (ص) أربعمأة سنة”. فلو كان خروجه في طلب الدين في سن الستين إلى السبعين، كان عمره قريبًا من خمسمئة، لما تقدم من أنّه توفي في سنة أربع أو ست وثلاثين. وهذا التخمين في عمره مؤيد بما ذكره شيخ الطائفة في كتاب الغيبة في أوّل أحوال المعمرين: (وروى أصحاب الأخبار أنّ سلمان الفارسي [رض] لقي عيسى بن مريم (ع)، وبقي إلى زمان نبينا (ص) وخبره مشهور. فإن بين عيسى ونبينا (ص) خمسمأة سنّة ثم إنّ النبي (ص) قال للمسلمين: “أتهنون سلمان بالإسلام وهو يدعو بني إسرائيل إلى الإيمان بالله منذ أربعمأة سنة وخمسون[26][26] سنة”. عنه في الباب الرابع عشر أنّه قال (ص) لزوجاته: “سلمان عيني الناظرة، ولا تظنون أنّه كمن ترون من الرجال، إنّ سلمان كان يدعو إلى الله تعالى، وإلي قبل مبعثي بأربعمأة وخمسين سنة”. فاحسب عمره كم يكون (رض).
ونقل القول صاحب كتاب الشيعة في التاريخ العلامة محمد أمين الزين في الهامش الثالث من الصفحة في كتابه ما يلي: [وقال الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد، ج1، ص163): (وسلمان من أهل إصفهان، ويقال من رامهرمز، ويكنَّى أبا عبد الله، أسلم في السنة الأولى من الهجرة، وأوَّل مشهد شهده مع رسول الله (ص) يوم الخندق؛ لأنَّه كان قبل ذلك مُسترَقًا لقوم من اليهود قبضوا عليه قادمًا إلى النبيّ (ص)، فكاتبهم وأدَّى كتابته وعتقه، ولم يزل ملازمًا له حتّى توفّي (ص). ولمَّا غزا المسلمون العراق، خرج معهم وحضر فتح المدائن، ونزلها حتَّى توفِّي بها في خلافة عثمان. وقبره الآن ظاهر معروف بقرب إيوان كسرى، وعليه بناء وله خادم لحفظه. وقد رأيت الموضع وزرته غير مرَّة، وكان من المعمِّرين؛ قيل: أنَّه أدرك وصيَّ عيسى على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام، وأدرك علم الأوَّل والآخِر، وقرأ الكتابين)[27][27].
في البداية وددت أن أشير إلى أن عملية المؤاخاة تكررت من لدن رسول الله (ص) فآخى[28][28] روحي فداه بين سلمان وأبي ذر رضوان الله تعالى عليهما كما جاء عن الإمام جعفر عن أبيه (ع) قال: ذكر التقية يومًا عند علي بن الحسين (ع) فقال: والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله، ولقد آخى رسول الله (ص) بينهما فما ظنكم بسائر الخلق؟ إن علم العالم صعب مستصعب لا يحتمله إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، قال: وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرؤ منا أهل البيت فلذلك نسبه إلينا. كما آخى[29][29] (ص) بين سلمان وحذيفة بن اليمان. فكانوا من خير الإخوة المؤمنين فعاشوا وماتوا على حب أهل بيت النبوة. واعتبر بعضْ المؤاخاة من دلائل نبوّة رسول الله (ص)، فهذا الإخاء بين النفوس المتشابهة والتوجّهات المتطابقة، فسلمان مطابق لتوجّهات أبي ذر وحذيفة، ورسول الله (ص) نفس الإمام علي (ع).
وكل منهم توفي في ساعته (رضوان الله تعالى عليهم)، أما سلمان وحذيفة فلم يفترقا حتى على مستوى المرقد فكأنهما قالا هذا فراقُ ـ بضم فراق لا بتنوين الضم ـ بيني وبينك كما في القرآن الكريم نقلًا عن حدث لقاء موسى بالعبد الصالح على نبينا وآله وعليهما أفضل الصلاة والسلام، ولم يقولا هذا فراقْ بالتنوين[30][30] فأبيا إلا أن يلتقيا حتى في المدفن بعد الموت.
تسمية يطلقها الشيعة على أربعة من الصحابة وهم أبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن عمرو، وعمار بن ياسر، وطبقًا للمصادر الشيعية فإن هؤلاء الأربعة كانوا أقرب الناس لعلي بن أبي طالب (ع)، وقسم عد حذيفة من أحد الأركان.
(الجنة تشتاق إليك؛ يعني عليًا (ع) وعمار وسلمان والمقداد)[31][31].
والشَّوقُ في المعاجم: نزوعُ النَّفْس إِلى الشيء، أو تَعَلُّقها به. وكيف تتعلق نفس الجنة بشيء لم تره ولم تسمع عنه، وإن لم تكن طينتهم منها[32][32]. كيف لا وطينة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام منها وطينة شيعتهم من طينتهم.
إن سلمان وحذيفة (ع) من كبار أصحاب سيد المرسلين ومن خواص سيد الوصيين أمير المؤمنين (ع).
في الخصال[33][33]عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): الُسبَّاق خمسة: فأنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبش، وخباب سابق النبط.
المصلين السبعة
عن[34][34] أمير المؤمنين (ع) قال: خلقت الأرض لسبعة، بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينظرون، وهم: عبد الله بن مسعود، وأبو ذر، وعمار، وسلمان الفارسي، ومقداد بن الأسود، وحذيفة، وأنا إمامهم السابع، قال الله تعالى: ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾، هؤلاء الذين صلوا على فاطمة الزهراء (ع).
كان كل من سلمان وحذيفة واليين على المدائن
روى أبو حمزة الثمالي أنّه لما دنت وفاة حذيفة دعا ابنه فوصّاه وقال له: يا بني أظهر اليأس عمّا في أيدى الناس فإنّ الغنى في اليأس عن الناس، ولا تطلب حوائجك منهم فإنّه فقر حاضر وكن في يومك هذا أحسن من يومك الذي مضى ولتكن صلاتك صلاة مودع لها واعتقد أنّها آخر صلاتك في الدنيا ولا تفعل ما تعتذر منه.
وأوصى ابنيه (صفوان وسعد) بمبايعة أمير المؤمنين (ع) فعملا بوصية أبيهما واستشهدا بصفين.
لقد التقى سلمان (ع) مع أبي ذر بالزهد والولاء، والتقى مع حذيفة بالوفاء والولاء وكلهم أوفياء وأهل للولاء والصدق والزهد.
قال[35][35] رسول الله (ص): حذيفة بن اليمان من أصفياء الرحمن وأبصركم بالحلال والحرام، وعمار بن ياسر من السابقين، والمقداد بن الأسود من المجتهدين ولكل شيء فارس…
الانتماء الإلهي إيمان بالتنوع ومدرسة للتعارف والتعايش.
نعم وليس مدرسة التباغض والتقاتل قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ*قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ*يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾[36][36]، فكيف ندّعي الإيمان بالله ونحن مصابون بمرض الدعوة القومية، ومن منا السالم ليعيّر قومًا بما كان يعبد أجدادهم قبل مئات السنين؟ الجواب قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا، يا من كان أجدادكم يعبدون الأصنام، فقليلًا من الحياء من الله تعالى.
فالانتماء الإلهي: إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى.
وهدف الانتماء: لِتَعَارَفُوا.
أكرم الانتماءات: عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.
التزكية: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .. ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾[37][37].
المجوسية الفارسية الصفوية.
من شهد الشهادتين قلبًا وقالبًا انتفت عنه المجوسية والوثنية.
من شهد الشهادتين: رحل إلى دائرة الانتماء الأسمى وهو الإلهي.
الصفوية
من هم الصفويون؟ أهم من فرس إيران؟ أم من أتراك إيران؟ أم من العرب المهاجرين إلى إيران؟
هذا بحث يحتاج إلى تحقيق وتدقيق ولا يهمنا في شيء.
نأتي إلى مدرسة الإسلام التي تعاملت مع الآخرين على أساس: نبذ الإكراه: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[38][38].
نبذ
السب: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَم بِمَنِ اتَّقَى﴾[39][39].
وسوء الخلق: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[40][40]. ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾، ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾[41][41].
إذا علمنا أن الله تعالى قوي، أن الله عزيز، وأن الله تعالى هو الغني عندها نعلم أن الله تعالى لا يحتاج: إلى قومية أو قوميين ليعز بهم دينه، فدينه عزيز به، فلا يُعزُّ بعرب وغير عرب، أو يُخذل بانصرافهم عنه. قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز﴾[42][42]، ولكن قد يقال كيف تدعون أن الإسلام قام بسيف علي وأموال خديجة ودعم أبي طالب صلوات الله تعالى عليهم، فذلك من باب تقديم البراهين للناس على مستوى أفعال العباد، قال تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز﴾[43][43].
ولا إلى كثرة الأتباع، فالله تعالى لم ولن يدخل معركة انتخابية، قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾[44][44]، فالكثرة ومن تباهى بها وأعجبته هربوا من ساحة المعركة، ولو كان القائد آنذاك صدام أو شبيهه، لقدمهم جميعًا للإعدام أو قطع منهم الأذن.
مصادر البحث:
[1][45] في دعائم الإسلام (1/ 57). قيل لأبي عبد الله الصادق (ع) أوصنا يا ابن رسول الله فقال: أوصيكم بتقوى الله، والعمل بطاعته، واجتناب معاصيه، وأداء الأمانة لمن ائتمنكم، وحسن الصحبة لمن صحبتموه، وأن تكونوا لنا دعاة صامتين. فقالوا: يا ابن رسول الله وكيف ندعو إليكم ونحن صموت، قال: تعملون ما أمرناكم به من العمل بطاعة الله، وتتناهون عما نهيناكم عنه من ارتكاب محارم الله، وتعاملون الناس بالصدق والعدل، وتؤدون الأمانة، وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، ولا يطلع الناس منكم إلا على خير، فإذا رأوا ما أنتم عليه قالوا هؤلاء الفلانية رحم الله فلانًا ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وعلموا فضل ما كان عندنا فسارعوا إليه، أشهد على أبي محمد بن علي (رض) ورحمته وبركاته لقد سمعته يقول كان أولياؤنا وشيعتنا فيما مضى خير من كانوا فيه إن كان إمام مسجد في الحي كان منهم، وإن كان مؤذن في القبيلة كان منهم، وإن كان صاحب وديعة كان منهم، وإن كان صاحب أمانة كان منهم، وإن كان عالم من الناس يقصدونه لدينهم ومصالح أمورهم كان منهم فكونوا أنتم كذلك حببونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم. وفي الأصول الستة عشر (11/ 2)، عن أبي عبد الله (ع) قال: كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع.
[2][46] العلامة المجلسي، بحار الأنوار (83/ 337) عن داود الرقي قال: دخلت على أبي عبد الله (ع) فقال لي: يا داود ألا أعلمك كلمات إن أنت قلتهن كل يوم صباحًا ومساءً ثلاث مرات آمنك الله مما تخاف؟….. قل: (أصبحت بذمة الله وذمم رسله وذمة محمد (ص)، وذمم الأوصياء من آل محمد عليهم السلام، آمنت بسرهم وعلانيتهم، وشاهدهم وغائبهم، وأشهد أنهم في علم الله وطاعته كمحمد (ص) والسلام عليهم، قال داود: فما دعوت إلا فلجت على حاجتي).
[3][47] في الإيضاح (1/ 306)، شكى بعض المسلمين من غير العرب حالهم عند أمير المؤمنين (ع) فقالوا: يا أمير المؤمنين: نشكو إليك هؤلاء العرب إن رسول الله (ص) كان يعطينا معهم العطايا بالسوية، وزوج سلمان وبلالًا وصهيبًا وأبوا علينا هؤلاء وقالوا: لا نفعل، فذهب إليهم أمير المؤمنين (ع) فكلمهم فيهم فصاح الأعاريب: أبينا ذلك يا أبا الحسن أبينا ذلك، فخرج وهو مغضب يجر رداءه وهو يقول: يا معشر الموالي إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى يتزوجون إليكم ولا يزوجونكم ولا يعطونكم مثل ما يأخذون فاتجروا بارك الله لكم فإني قد سمعت رسول الله (ص) يقول: الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها)… (وقال: المطرزى في المغرب: إن الموالي بمعنى العتقاء لما كانت غير عرب في الأكثر غلبت على العجم حتى قالوا: الموالى أكفاء بعضها لبعض، والعرب أكفاء بعضها لبعض، وقال عبد الملك في الحسن البصري: أمولى هو أم عربي فاستعملوهما استعمال الاسمين المتقابلين)، وقال سليم بن قيس الهلالي في كتابه ضمن كتاب كتبه معاوية إلى زياد بن سمية ما نصه: (وانظر إلى الموالي ومن أسلم من الأعاجم فخذهم بسنة عمر بن الخطاب فإن في ذلك خزيهم وذلهم أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحونهم، وأن يرثهم العرب ولا هم يرثوا العرب، وأن تقصر بهم في عطائهم). وفي نهج البلاغة 2/1: وَجاء الأشعث إليه وهو عليه السّلام على المنبر، فجعل يتخطّى رقاب النّاس حتّى قرب منه، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين غلبتنا هذه الحمراء؛ يعنى العجم، فركض المنبر برجله، حتّى قال صعصعة بن صوحان: ما لنا وللأشعث ليقولنّ أمير المؤمنين (ع) اليوم في العرب قولًا لا يزال يذكر، فقال (ع): مَنْ يَعْذِرُنى مِنْ هؤُلآءِ الضَّياطِرَةِ [قال: المبرد: الضياطرة جمع ضيطر وضيطار، وهو الأحمر الفاحش]، يَتَمَرَّغُ اَحَدُهُمْ عَلى فَراشِهِ تَمَرُّغَ الْحِمارِ،وَيَهْجُرَ قَوْماً لِلذِّكْرِ، اَفَتَاْمُرُونَنى اَنْ اَطْرُدَهُمْ ما كُنْتُ لِاَطْرُدَهُمْ فَاَكُونَ مِنَ الْجاهِلينَ، اَما وَالَّذى فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَئَ النَّسَمَةَ، لَيَضْرِبَنَّكُمْ عَلَى الدّينِ عَوْداً، كَما ضَرَبْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ بَدْءاً). إذًا، بقيت هذه النزعة وهي القومية نافذة في نفوس بعضهم، فلزم أن تتحصن الأطروحة الجديدة بدرع يحميها ولا يجرؤ أحد أن يجابهها وجهًا لوجه وقد عرفت من هو.
[4][48] سورة المائدة، الآية 18.
[5][49] سورة الحجرات، الآية 13.
[6][50] سورة الحجرات، الآية 13.
[7][51] سورة النجم، الآية 32.
[8][52] لأن المخالف لها حينئذ كبير الضلالة والمضللين إبليس اللعين، وجنده وأتباعه.
[9][53] ومنه نعلم أن هاتان السيدتان العظيمتان قد كانتا مؤمنتين، وكذلك كان الأبوان، وإلا فلا خصوصية للوالدتين فقط طالما حمل الأصل الظهر أو البطن، وإلا فلا مفاضلة.
[10][54] أحمد الرحماني الهمداني، الإمام علي (ع) 1/50.
[11][55] علي أبو معاش، الأربعين في حب أمير المؤمنين (ع) 7/1
[12][56] هذا ما نشر في (موقع مركز النور) عن سبب هذه التسمية فذكر ذلك الباحث رائد العيدروسي في الموقع المذكور بتاريخ 21/10/2012.
[13][57] سورة الأحزاب، الآية 33.
[14][58] لم لا وسيأتي أنه قد أوتي الحكمة فحركته كانت دعوة إلى اتباع العقل عند السير وعند التحول. ولا عجب من علم المنتمي إلى أهل البيت صلوات الله تعالى عليهم، تتبع سيرة خليل الرحمن عليه وعلى نبينا وآلهما ـ ومن ضمنهم سلمان ـ أفضل الصلاة والسلام، عندما علم الناس كيفية اتخاذ الإله، فخذ من القرآن الكريم ما يدل على ذلك أيها العاقل المتعقل، ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ*فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ*فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ*فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ*إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[سورة الأنعام، الآيات 75 – 79]. فالخليل عليه وعلى نبينا وآلهما أفضل الصلاة والسلام، علّم الناس أن الرب أكبر وأنه باقٍ لا يطرأ عليه الأفول لأنه حاضر دائمًا وأبدًا. وأعجب ممن يعتقد أو يتصور أن هذا الرجل العظيم قد أشرك لحظة ما وأنه رجع إلى طبيعته المادية لذلك اتخذ الأفول والحجم مقياسًا في اتخاذ المعبود.
[15][59] العلامة المجلسي، بحار الأنوار (91/ 99).
[16][60] الأربعين في حب أمير المؤمنين(ع)، الجزء 2، الصفحة 1.
[17][61] الإيضاح (1/ 305).
[18][62] حسن المصطفوي، الحقائق في تاريخ الإسلام (17/ 1).
[19][63] العلامة المجلسي، بحار الأنوار (2/ 190).
[20][64] هاشم معروف الحسني، تاريخ الفقه الجعفري 201/1.
[21][65] سورة البقرة، الآية 269.
[22][66] محمد طاهر القمي الشيرازي، كتاب الأربعين (1/ 227) ـ الحقائق في تاريخ الإسلام (17/ 1).
[23][67] محمد بن جرير الطبري (الشيعي)، المسترشد (2/ 53).
[24][68] سورة آل عمران، الآيات 46 – 52.
[25][69] ميرزا حسين النوري الطبرسي، نفس الرحمن في فضائل سلمان، الصفحات 649–650.
[26][70] المفروض وخمسين والخطأ ممن أخطأ.
[27][71] الشيعة في التاريخ (10/ 1)، الدولة الشيعية (2/ 2).
[28][72] العلامة المجلسي، بحار الأنوار (2/ 190).
[29][73] السيرة النبوية، الجزء1، الصفحة 2.
[30][74] التفصيل في تفسير سورة الكهف المباركة فلو كان بالتنوين فهذا يعني فراق تام لا لقاء بعده، ولكنه تعالى عبّر عنه بهذا فراق بالضم فقط. بيّنتُ هذا في كتابي الإشراقات النورانية في التدبر في الآيات القرآنية في لقاء العبد الصالح بموسى على نبينا وآله وعليهما أفضل الصلاة والسلام.
[31][75] العلامة المجلسي، بحار الأنوار 22/325.
[32][76] الحسن بن أبو الحسن الديلمي، أعلام الدين في صفات المؤمنين (14/ 3).
عن نوف بن عبد الله البكالي قال: قال لي علي (ع): (يا نوف، خلقنا من طينة طيبة: وخلقت شيعتنا من طينتنا، فإذا [كان يوم القيامة] الحقوا بنا).
قال نوف: فقلت: صف لي شيعتك يا أمير المؤمنين. فبكى لذكري شيعته، ثم قال: “يا نوف، شيعتي – والله – الحكماء، الحلماء، العلماء بالله وبدينه، العاملون بطاعته وأمره، المهتدون بحبه، أنضاء عبادة، أحلاس زهادة، صفر الوجوه من التهجد، عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر، خمص البطون من الطوى، تعرف الزهادة في وجوههم، والرهبانية في سيمتهم، مصابيح كل ظلمة، وريحان كل قبيل، لا يسبون من المسلمين سلفًا، ولايقتفون لهم خلفًا. قال أبو الفضل: من قول الله: (ولا تقف ما ليس لك به علم)، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء، والناس منهم في راحة، فهم الأكايس الألباء، والخالصة النجباء، وهم الظماء الرواغون فرارًا بدينهم، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، اُولئك شيعتي الأطيبون، وإخواني الأكرمون، ألا، ها! شوقًا إليهم). في كتاب ألف حديث في المؤمن، الشيخ هادي النجفي، الصفحة 221. عن أبي الحجاج قال: قال لي أبو جعفر (ع): يا أبا الحجاج إن الله خلق محمدًا وآل محمد من طينة عليين وخلق قلوبهم من طينة فوق ذلك، وخلق شيعتنا من طينة دون عليين وخلق قلوبهم من طينة عليين، فقلوب شيعتنا من أبدان آل محمد، وأن الله خلق عدو آل محمد من طين سجين وخلق قلوبهم من طين أخبث من ذلك، وخلق شيعتهم من طين دون طين سجين وخلق قلوبهم من طين سجين، فقلوبهم من أبدان أولئك وكل قلب يحن إلى بدنه …. وعن محمد بن الحسن الصفار قال: حدثني أحمد بن الحسين، عن أحمد بن علي بن هيثم الرازي، عن إدريس، عن محمد بن سنان العبدي، عن جابر الجعفي قال: كنت مع محمد بن علي (ع) (فقال): يا جابر خلقنا نحن ومحبينا من طينة واحدة بيضاء نقية من أعلى عليين، فخلقنا نحن من أعلاها وخلق محبونا من دونها، فإذا كان يوم القيامة التفت العليا بالسفلى، وإذا كان يوم القيامة ضربنا بأيدينا إلى حجزة نبينا وضرب أشياعنا بأيديهم إلى حجزتنا، فأين ترى يصير الله نبيه وذريته وأين ترى يصير ذريته محبيها، فضرب جابر يده على يده فقال: دخلناها ورب الكعبة ثلاثًا.
[33][77] الشيخ الصدوق، الخصال (1/ 320).
[34][78] العلامة المجلسي، بحار الأنوار (22/ 345).
[35][79] محمد بن الفتال النيشابوري، روضة الواعظين (1/ 352).
[36][80] سورة الحجرات، الآيات 13 – 15.
[37][81] سورة النجم، الآية 32.
[38][82] سورة البقرة، الآية 256.
[39][83] سورة الأنعام، الآية 108.
[40][84] سورة البقرة، الآية 256.
[41][85] على التوالي: سورة النحل، الآية 125. سورة آل عمران، الآية 159. سورة طه، الآية 44.
[42][86] سورة المجادلة، الآية 21.
[43][87] سورة الحديد، الآية 25.
[44][88] سورة التوبة، الآية 25.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/13440/salman/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.