عـلـم الـكـلام الـجـديـد إشكاليّة التأسيس عند الدكتور قراملكي
عرف المشهد الثقافي الإيراني ولادة معرفية جدّ هامة زادت من حرارته في السنين الأخيرة، والأمر يتعلق بظهور دراسات دينية جديدة آلت على نفسها الجواب على بعض الإشكالات التي أغفلتها الأبحاث الكلامية المدرسية، من قبل تساؤلات الحداثة وأثرها على الفكر الديني وإعادة تفسير القرآن الكريم بلحاظ إعمال الهيرمنيوطيقا، ونسبية المعرفة الدينية والتعددية الدينية والعقلانية الدينية، وأثر الواقع على الخطاب الديني التأسيسي وغيرها من الإشكالات والمعارف والتي لم يسبق لها أن طرحت على بساط البحث في إطار علم الكلام المدرسي، سواء في إطار اللامفكر فيه أو المستحيل التفكير فيه أو لأن الواقع الثقافي الديني في حينه لم يطرح هكذا شبهات بنفس التدقيق وبنفس الزخم الذي يشهده المشهد الثقافي الديني العالمي.
فالغالب على المشهد الثقافي الإيراني نمطين من التفكير: نمط من التفكير الفلسفي الذي تم توارثه والتفاعل معه سواء من خلال التراث الإسلامي أو من خلال العطاء الفلسفي الغربي. ونمط من التفكير النصوصي الديني. ونظرًا لتأثر النمط الأول بالتفكير الفلسفي دفعه لإثارة الكثير من الإشكالات الدينية الكبرى أدت إلى وقوع حالة من التوتر المعرفي في إيران، وربما أن خصوصية المشهد ساعدت على تأجيج هذا التوتر مما دفع ببعض المثقفين إلى دفع الثمن نتيجة أفكارهم كمحسن كديفر وأغاجاري.
على العموم الجنبة العقلانية نجدها حاضرة بقوة ليس فقط عند الحداثيين بل أيضًا عند رجال الدين لأن الفلسفة تشكل بالنسبة إليهم ضرورة من ضرورات البحث الديني داخل الحوزات العلمية. وهذه عين الخصوصية التي يعرفها المشهد الثقافي الإيراني.
وطبعًا ولادة إشكالات معرفية جديدة بالضرورة سوف تستفز الكثير من الباحثين للتصدي لها إن تبنّيًا أو إبعادًا ونقضًا، وأمام هذا الزخم الكبير من الردود تم إعلان ولادة علم جديد أريد له من الأسماء “علم الكلام الجديد” تتبناها فئة ثالثة تدعي وقوع الانسجام مع كلتا الفئتين العظميين، مما جعل هذه التسمية – وهذا يظل طبيعيًّا – تتعرض لردود كثيرة ليس فقط من المفكرين والباحثين المنضوين تحتها، بل أيضًا من المتكلمين المدرسيين الذين اعتبروا مواضيع البحث المنضوية في إطار علم الكلام الجديد يمكن استيعابها في علم الكلام المدرسي وبالتالي لا داعي لظهور هكذا علم واقعًا. لتتناسل الردود بين مؤيدة لتسمية علم الكلام الجديد ومقرة في نفس الآن بظهور علم جديد (أحد فرامرز قراملكي والسيد محمد مجتهد شبستري وأحمد بهشتي ويحيى محمد وعبد الجبار الرفاعي من العراق) وبين الرافضة لظهوره سواء تلك التي تريد له أن يسكن قلعة فلسفة الدين (عبد الكريم سروش ومصطفى ملكيان وإن بغموض كبير في التموضع)، أو التي تريد إدراجه ضمن علم الكلام المدرسي (آية الله عبد الله جوادي آملي، والسيد كمال الحيدري ، وآية الله محمد تقي مصباح يزدي، والشيخ صادق لاريجاني، وآية الله جعفر السبحاني والشيخ شفيق جرادي وغيرهم كثير)….تحميل المقال
المقالات المرتبطة
الفكر الديني في العصر اليوناني
اصطلح معظم الغربيين على اعتبار الفكر اليوناني أول مراحل الفكر الفلسفي.
دولة الموعود ومآزق الفكر السياسي الباراديغم المهدوي باعتباره نهاية لتاريخ الاجتماع السياسي
الخلاصة تقدم دولة المهدي الموعود من خلال ما توصلنا به من نبوءات ومظاهر دولته المنتظرة شريطًا يكاد يكون متكاملًا عن
البنى المعرفية ومقصلة التفكيك
أغلب معاييرنا اليوم تم تفريغها تدريجيًا من محتواها الدلالي خاصة المعنوي، وتم إحلالها بدلالات مادية محضة، وبطريقة ناعمة تعمل على منطقة اللاوعي