مصطلحات عرفانية | الجزء السابع
?أمانة
– الأمانة هي أسراره. (الأسرار، آملي، الصفحة 21).
– الأمانة ما كانت شيئًا محسوسًا معروضًا على كل واحد من الموجودات حسًّا وشهادة، ولا إباؤهم عنها قولًا وفعلًا، كما يرسخ في أذهان المحجوبين عنها. (الأسرار، آملي، الصفحة 21).
– عرض الأمانة: والمراد أنه يقول: إنا اطلعنا على استعداد أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال، الذين هم الملائكة والجن والحيوانات والوحوش والطيور، وغير ذلك. أو على استعداد كل واحد من السماوات والأرض والجبال بنفسها؛ لأنها عند الأكثرين شاعرة بذاتها؛ لأجل إيداع أمانتنا التي هي أسرارنا، فما وجدناهم أهلًا لها ومستعدين لحملها؛ لعدم قابليتهم وضعف استعدادهم؛ لأن حمل الشيء وقبوله موقوف على قابلية ذلك الشيء واستعداده. ووجدنا [نوع] الإنسان أهلًا لها ومستعدًّا لحملها. (الأسرار، آملي، الصفحة 20).
– حمل الأمانة: فأمرناه [الإنسان] بحملها، وأشرنا إليه بقبولها؛ لأنه: “كان ظلومًا جهولًا” أي بسبب أنه كان مستعدًّا لها ومستحقًّا لحملها “بظلوميته وجهوليته”. فكأنه يقول: إن السبب الأعظم والممد الأعلى في أهليته لهذه الأمانة المعروضة على السماوات والأرض والجبال وما فيها من المخلوقات، بعد جامعيته المعنوية ومجموعيته الصورية، كان “ظلوميته وجهوليته”، لأنه لو لم يكن مستحقًّا لحملها ومستعدًّا لقبولها، (لكان) كغيره من الموجودات لعدم هاتين الصفتين فيه. وعلى هذا التقدير تكون صفتا “الظلومية والجهولية” مدحًا له لا مذمة كما ذهب إليه أكثر المفسرين. ولا شك أنه كذلك، واللام في “لأنه” لام التعليل لا غير، ليعرف به هذا المعنى. (الأسرار، آملي، الصفحة 21).
– حمل الأمانة: استعداده للحمل وقابليته له. (الأسرار، آملي، الصفحة 21).
– خيانة الأمانة: هي إيداعها عند غير أهلها، وإمساكها عن أهلها، وكلاهما غير جائز. (الأسرار، آملي، الصفحة 24).
– لعل الأمانة المعروضة على السماوات والأرض والجبال التي أبين أن يحملنها، وحملها الإنسان الظلوم الجهول، هي هذا المقام الإطلاقي. فإن السماوات والأرضين وما فيهن محدودات مقيدات، حتى الأرواح الكلية؛ ومن شأن المقيد أن يأبى عن الحقيقة الإطلاقية. والأمانة هي ظل الله المطلق، وظل المطلق مطلق، يأبى كل متعين عن حملها. وأما الإنسان بمقام الظلومية التي هي التجاوز عن قاطبة الحدودات والتخطي عن كافة التعينات واللامقامي المشار إليه بقوله تعالى شأنه، على ماقيل: ﴿يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ﴾، والجهولية التي هي الفناء عن الفناء قابل لحملها. فحملها بحقيقتها الإطلاقية حين وصوله إلى مقام “قاب قوسين” وتفكر في قوله تعالى: (أو أدنى) واطف السراج، فقد طلع الصبح. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 96).
– أمين: في القاموس الأمين القوي والمؤتمن والمؤتمن ضد. أقول: إن كان الأمين بمعنى المؤتمن بالفتح فواضح، وإن كان بمعنى المؤتمن بالكسر فمعنى كونه أمينًا أنه تعالى ائتمن أنبيائه وأوليائه على سره، أو ائتمن جميع الناس على صيانة الأمانة التي أشار إليها في كتابه الكريم بقوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾. وحقيقة الأمانة التي جعل الإنسان أمينًا عليها هي الفيض المقدس الإلهي والوجود المنبسط فإنه حمله بشراشره والوجودات تمامًا يقع في صراطه وهو يفنى عن الكل ويبقى بالله لا كما سواه، فإن لكل منها حدًّا يقف عنده ولا تتجاوزه. وإن شئت قلت: هي الاتصاف بأسمائه وصفاته جميعًا تنزيهياتها وتشبيهياتها وهو المشار إليه بقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأسماء كُلَّهَا﴾، وعلى أي تقدير فالتسمية بالأمانة إنما هي لكونها من الله تعالى أودعها الإنسان وأعادها له ولا بدّ أن ترد إلى أهلها بالآخرة ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾، وما الروح والجثمان إلا وديعة ولا بدّ يومًا أن ترد الودائع وفيها إشارة أيضًا إلى لزوم حفظها وحراستها وعدم المسامحة في أمرها، وأما ظلم الإنسان فلإفنائه ذاته وقتله نفسه بالاختيار، وأما صيغة المبالغة فلأن الظالم من يظلم غيره ومن يظلم نفسه فهو ظلوم، وأما جهل الإنسان فلأنه يمكن أن يذهل عن جميع ما سوى الله ويجهلها ويمحو عن لوح قلبه نقوش الأغيار ولم يبق في نظر شهوده بدار الوجود سواه ديّار، وأما صيغة المبالغة فلأن الجاهل من يجهل غيره وهو يجهل الجميع حتى نفسه فهو جهول، لكن نعم ظلم هو عين المعدلة بل المعدلة فدائه “من قتلته فعلي ديته ومن علي ديته فأنا ديته”، وحبذا جهل هو عين المعرفة بل هو صدر والمعرفة فناؤه، ولذا قال أرسطاطاليس: إن العقل الأول يجهل أشياء جهلًا هو أشرف من العلم بها، فالكل مرائي الإنسان، والإنسان مرآة الحق، والحق مطلوب الإنسان، والإنسان مطلوب الكل “يا بن آدم خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي”. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 669).
?أمد
– جعل لكل شيء أمدًا: أي وقتًا موقوتًا إن كان من الزمانيات، ودهرًا مبسوطًا إن كان من الدهريات المفارقات وهذا هو الأجل الذي لا يدخل شيء في الوجود بدونه، ووعاء وجود كل شيء بحسبه، فكما وجود السيالات وعائه الزمان المتكمم السيال كذلك وعاء وجود المفارقات الثابتات الدهر الثابت البسيط الذي هو روح الزمان ووجود الواجب تعالى في السرمد الذي هو روح الدهر (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 717).
? أمر
– أمره: أي كلمة كن الوجودي، فإنه إذا قال لشيء كن فيكون، لا بتخلل صوت يقرع ولا بتوسط نداء يسمع ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمر﴾، فأمره النافذ في كل شيء سره الذي يخص كل شيء، ونوره الوجودي الذي يستنير به كل فيء، عند التوجه الإيجادي من الموجد القاهر الحي وإلى هذه السراية الحقيقية والنفوذ المعنوي الحقيقي أشار بقوله تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمر بَيْنَهُنَّ﴾. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 559).
– الأمر تكويني وتشريعي: الأمر منه تكويني ومنه تشريعي، والأمر التكويني يلزمه الطاعة والامتثال بخلاف الأمر التشريعي، إذ يتطرق إليه الآباء والعصيان والانقياد والإتيان؛ لأن الأول أمر بلا واسطة فلا سبيل إلا الطاعة، والثاني أمر بواسطة المظاهر وبألسنة الرسل، وفي الحديث: أمر الله إبليس بسجدة آدم ولم يشأ، ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء، فباعتبار الأمر والنهي التكوينيين الكل مؤتمرة ومنتهية، والعالم بهذا النظر معبد فيه أصناف العباد والنساك كل واحد مشغول بنوع عبادة رافعين أصواتهم ذاكرين أسمائه تعالى كل واحد الاسم الذي يربه وهو مظهره وواقع تحته، ولا سيما السماويون الذين هم في عباداتهم قائمون ويسبحون الليل والنهار لا يفترون كما قال المعلم الثاني: صلّت السماء بدورانها والأرض برجحانها والماء بسيلانه والمطر بهطلانه، وقد يصلّي له ولا يشعر ولذكر الله أكبر (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 265).
– له الخلق والأمر: وإذ هو واحد، فلا شريك له في الإيجاد؛ لاستناد الكل إليه تعالى. ولا ينافي ذلك إثبات الوسائط والروابط من الملائكة العمالة بإذنه تعالى؛ إذ لا تأثير لها أصلًا في الإيجاد، بل في الإعداد وتكثير الخيرات؛ فإن من الفقراء ما فقره اللازم لماهيته كاف في صدوره عنه سبحانه من غير شرط. ومنها ما لا يكفي فقره، بل لا بدّ من حدوث أمر قبله حتى يستعد به للصدور عنه تعالى. فإذن، له الخلق والأمر. (عين اليقين، الفيض، 1: 333).
– له الخلق والأمر: أي له عالم المقارنات وعالم المفارقات إنما سمى المفارق أمرًا إذ يكفي في إيجاده مجرد أمر الله تعالى بلا حاجة إلى مادة وصورة واستعداد وحركة، أو لأنه حيث لا ماهية له على التحقيق فهو عين أمر الله فقط يعني كلمة كن، فلم يكن هنا يكون. وهذا أحد وجوه قول بعضهم: الروح لم يخرج من كن لأنه لو خرج من كن كان عليه الذل. ولما كان الأمر بهذا الاصطلاح يطلق على المفارق حد نفس الأمر بالعقل الفعال عند بعض الحكماء (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 607).
– أمره غالب: أي أمره وحكمه غالب ونافذ لا راد لحكمه ولا ناقض لأمره ولا سيما التكويني منهما أو عالم أمره غالب على عالم خلقه جبار لنقائصه كلما يذهب ممعنًا إلى العدم الأصلي يجبره بنور الوجود ويجره إلى ساحة حضور الملك المعبود (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 771).
? أمن
– مؤمن: (من الأسماء الحسنى) هو الذي يؤمن العباد في القيامة عذابه، فهو من الأمن ضد الخوف. وفي مجمع البيان: المؤمن الذي أمن خلقه من ظلمه لهم؛ إذ قال: لا يظلم مثقال ذرة، عن ابن عباس. وقيل: هو الذي آمن بنفسه قبل إيمان خلقه به، عن الحسن، وأشار إلى قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ﴾ انتهى. أقول: هذا المعنى أيضًا حسن؛ إذ لا يعلم ذاته كما هي إلا ذاته، فهو المصدق بذاته المؤمن حق الإيمان والموقن حق الإيقان، كما قيل: توحيده إياه توحيده ونعت من ينعته لأحد (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 255).
المقالات المرتبطة
فيزياء الجوهر وفلسفته
لطالما استهتروا بفلسفات الجواهر الثابتة، كنا في الفلسفة الحديثة في بواكيرها، نشعر بهذا التردّي الجوهراني، الذي لوّحت العلوم الحديثة بتجاوزه،
فلسفة الدولة في الإسلام
إنّ إدراك مفهوم الدولة وضرورة وجودها بحسب الرؤية الإسلاميّة، لا يتحقّق إلّا بمعرفة مجموعة من المبادئ العقائديّة العميقة.
الإسلام وفلسفة الدين
لطالما كانت تتملك أدبيات المفكرين المسلمين مشاعر الاستثنائية المزهوة بما يحمل الإسلام من أبعاد، ومجالات حيوية استثنائية.