مصطلحات عرفانية | الجزء التاسع

by الشيخ حسن بدران | يناير 3, 2022 10:35 ص

أوْل

مراتب التأويل: للوجود خمس مراتب: ذاتي وحسي وخيالي وعقلي وشبهي: أما الوجود الذاتي فهو الوجود الحقيقي الثابت خارج الحس والعقل، ولكن يأخذ الحس والعقل منه صورته فيسمى أخذه إدراكًا، وهذا كوجود السماء والأرض والحيوان وغيرها، بل هو الذي لا يعرف الأكثرون للوجود معنى سواه. وأما الوجود الحسي فهو ما يتمثل في الحاسة مما لا وجود له في الخارج، فيختص بها ولا يشاركها غيرها، كما يتمثل لأقوياء النفوس صور جميلة محاكية لجواهر الملائكة، فيتلقون منهم من أمر الغيب في اليقظة ما يتلقاه غيرهم في النوم؛ لشدة صفاء باطنهم. وكما يراه المريض المستيقظ. وكما يراه النائم، فيرى الرسول صلى الله عليه وآله في المنام وقد قال (ص): “من رآني فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي”. بل كالمرسوم من الشعلة الجوالة والقطرة النازلة. وأما الوجود الخيالي فهو صورة هذه المحسوسات إذا غاب عن حسك فإنك تقدر أن تخترع في خيالك أي صورة شئت. وأما الوجود العقلي فهو أن للشيء روحًا وحقيقة ومعنى فيلقى العقل مجرد معناه دون أن يثبت صورته في حس أو خيال أو خارج كاليد مثلًا فإن لها صورة محسوسة ومتخيلة، ولها معنى هو حقيقتها وهي القدرة على البطش، فالقدرة هي اليد العقلية وللقلم صورة ولكن حقيقته ما ينتقش به أي نقش كان عقليًّا أو حسيًّا أو خياليًّا وهذا يتلقاه العقل من غير أن يكون مقرونًا بصورة خشب أو قصب أو غيرهما. وأما الوجود الشبهي فهو أن لا يكون الشيء موجودًا لا بصورته ولا بحقيقته لا في الخارج ولا في الحس ولا في الخيال ولا في العقل ولكن الوجود لشيء آخر يشبهه في خاصة من خواصه. ولنذكر الآن أمثلة هذه الدرجات في التأويلات: أما الوجود الذاتي فلا يحتاج إلى المثال وهو الذي يجري على ظاهره ولا يؤول، كإخباره (ص) عن العرش والكرسي والسموات السبع وغيرها فإن هذه أجسام موجودة في أنفسها أدركت بالحس والخيال أم لا. وأما الوجود الحسي فأمثلته في التأويلات كثيرة نذكر منها مثالين: أحدهما قوله صلى الله عليه وآله: يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار. فإن من قام عنده البرهان على أن الموت عرض أو عدم عرض وقلب العرض جسمًا مستحيل فينزل الخبر على أن أهل القيامة يشاهدون ذلك ويعتقدون أنه الموت ويكون ذلك موجودًا في حسهم لا في الخارج، ويكون ذلك سببًا لحصول اليقين باليأس عن الموت بعد ذلك، إذ المذبوح مأيوس عنه ومن لم يكن عنده هذا البرهان فعساه أن يعتقد أن نفس الموت ينقلب كبشًا في ذاته ويذبح. المثال الثاني قول رسول الله (ص): عرضت علي الجنة في عرض هذا الحائط. فمن قام عنده البرهان على أن الاجسام لا تتداخل، وأن الصغير لا يسع الكبير حمل ذلك على أن نفس الجنة لم ينقل إلى الحائط لكنه تمثل للحس صورتها في الحائط، بحيث كان مظهرًا لها ولا يستحيل أن يشاهد مثال شيء كبير في جرم صغير كما يشاهد السماء في مرآة صغيرة إذ لا يلزم أن يطابق المظهر والظاهر فيه ولم يكن على سبيل التخيل بل المشاهدة الصريحة. ومثال الوجود الخيالي أيضًا تمثل الموت بصورة الكبش لو قيل أنه يتمثل في خيالهم، وإن لم يكن كذلك والغرض التمثيل. وأما الوجود العقلي فمثاله قوله تعالى: ﴿يد الله فوق أيديهم﴾، وقوله: “خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحًا”. فمن قام عنده البرهان على استحالة الجارحة عليه تعالى محسوسة أو متخيلة أثبت له يدًا عقلية روحانية أعني ما به يبطش ويفعل ويعطي ويمنع والله تعالى يعطي ويمنع بالملائكة كما قال (ع): أول ما خلق الله العقل فقال: وبك أعطي وبك أمنع. وأما الوجود الشبهي فمثاله الغضب والفرح وغيرهما مما ورد في حقه تعالى فإن للغضب مثلًا حقيقة أعني غليان دم القلب لإرادة التشفي، وهذا لا ينفك عن نقصان وانفعال فمن قام عنده البرهان على استحالة هذا نزل على ثبوت صفة أخرى يصدر منها ما يصدر من الغضب كإرادة العقاب والإرادة لا يناسب الغضب، ويمكن أن يكون هذا أيضًا مثالًا للوجود العقلي، فإن الغضب في البدن ثوران دم القلب، وفي النفس حالة نفسانية انفعالية، وفي العقل صفة فعلية، وفي الواجب القهارية وهي روح الغضب وما في عالم الصورة صورته. فهذه درجات التأويلات (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 244).

– للقرآن منازل ومراحل وظواهر وبواطن: أدناها ما يكون في قشور الألفاظ وقبور التعينات، كما ورد أن للقرآن ظهرًا وبطنًا وحدًّا ومطلعًا، وهذا المنزل الأدنى رزق المسجونين في ظلمات عالم الطبيعة. ولا يمس سائر مراتبه إلا المطهرون عن أرجاس عالم الطبيعة وحدثه، والمتوضئون بماء الحياة من العيون الصافية، والمتوسلون بأذيال أهل بيت العصمة والطهارة، والمتصلون بالشجرة المباركة الميمونة، والمتمسكون بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والحبل المتين الذي لا نقض له حتى لا يكون تأويله أو تفسيره بالرأي ومن قبل نفسه، فإنه لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 37).

– من أجلّ ما يرد على السالك بقدم المعرفة إلى الله من عالم الملكوت، وأعظم ما يفاض على المهاجر من القرية الظالم أهلها من حضرت الجبروت، وأكرم خلعة ألبست عليه بعد خلع نعل الناسوت من الوادي المقدس والبقعة المباركة، وأحلى ما يذوقه من الشجرة المباركة في الجنة الفردوس بعد قلع الشجرة الملعونة من عالم الطبيعة؛ انشراح صدره لأرواح المعاني وبطونها وسر الحقائق ومكنونها، وانفتاح قلبه على تجريدها عن قشور التعينات وبعثها عن قبور الماهيات المظلمات، ورفضها عن غبار عالم الطبيعة وإرجاعها عن الدنيا إلى الآخرة، وخلاصها عن ظلمة التعين إلى نورانية الإرسال، ومن دركات النقص إلى درجات الكمال. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 37).

– إن ما تلقاه سر أهل المعرفة من الكمل في الحضرة الغيبية الروحانية لا يكون له صورة مثالية أو ملكية فإذا تصور في الحضرة الخيالية بصورة مناسبة مثالية يتنزل من مقامه الأصلي وموطنه الروحاني، وإذا تصور بصورة ملكية يتنزل مرتبة أخرى؛ فالتنزل من مقام الغيب إلى الشهادة تنزيل، والرجوع من الشهادة إلى الغيب تعبير في الرؤيا وتأويل في المكاشفة، ومن هذا القبيل تنزيل الكتاب من عند الله بحسب المراتب السبع التي للعوالم أو للإنسان الكامل، فمراتب التنزيل سبعة كما أن مراتب التأويل سبعة وهي بعينها بطون القرآن إلى سبعة أبطن إجمالًا، وسبعين تفصيلًا، بل سبعين ألف، وباعتبار لا حد له يقف عنده والعالم بالتأويل من له حظ من المراتب فبمقدار تحققه بالمراتب له حظ من التأويل إلى أن ينتهي إلى غاية الكمال الإنساني، ومنتهى مراتب الكمالي فيصير عالمًا بجميع مراتب التأويل فهو كما يتلو الكتاب من الصحيفة المباركة الحسية التي بين أيدينا يقرء من صحيفة عالم المثال وعالم الألواح والأرواح إلى العلم الأعلى إلى الحضرة التجلي إلى الحضرة العلم إلى الاسم الأعظم وهو الراسخ في العلم وإنما يعرف القرآن من خوطب به. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 49).

أوّل

– قال الله تعالى: ﴿هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم﴾، ليعلموا يقينًا أنه لا يجنه البطون عن الظهور، ولا يقطعه الظهور عن البطون، ولا الأولية على الآخرية، ولا الآخرية على الأولية، بل هو الظاهر بصور الأضداد بضد غيره، لأن كل ظاهر غيره ظاهره غير باطنه و(هو تعالى) ظاهره عين باطنه وكل باطن غيره باطنه غير ظاهره، و(هو تعالى) باطنه عين ظاهره. وكذلك الأول والآخر، لأن كل واحد منهما عين الآخر، وفيه قيل: سبحان من اشتد خفاؤه في ظهوره، وظهوره في خفائه، ظهر فبطن، وبطن فعلن، ودان فلم يدن. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. (الأسرار، آملي، الصفحة 55).

– ذاته – سبحانه – من حيث إنه يفيد وجود الأشياء فاعل لها، ومن حيث إن إفادته وجودها لأجل علمه بنظام الخير فيها الذي هو عين ذاته المحبوبة لذاته غاية. وهو من هذه الحيثية الداعية إلى الفعل متقدم على الأشياء وأول، ومن حيث كونه خيرًا وفائدة يقصده الأشياء ويتشوق إليه طبعًا وإرادة متأخر عنها وآخر، كما هو شأن الغايات من تقدمها على الأفعال وتأخرها عنها باعتبارين. (عين اليقين، الفيض، 1: 399).

– هو تعالى أول السلسلة الطولية النزولية ومبدء المبادئ “كان الله ولم يكن معه شيء”، وآخر السلسلة الطولية الصعودية وغاية الغايات (أن إلى ربك الرجعى) أيضًا، وكما أن الوجود مطلقًا حيثما اتفق وأينما تحقق بلا حيث وأين قبل الماهية بجميع أنحاء القبلية اللائقة بحاله، وإن كان تأخرها بالعرض للوجود الذهني فإن الماهية دون التأخر بالحقيقة كما أنها دون الجعل كذلك الوجوب قبل الإمكان فإن الوجوب شدة الوجود الحقيقي، وكما أن الوجود الحقيقي قبل الماهيات طرا مفارقاتها ومادياتها كذلك قبل الوجود نفسه بما هو مضاف إلى الماهيات لأن الحق وما هو مضاف إليه ومن صقعه قديمة والماهيات والتعينات وما هو مضاف إليها حادثة. ثم إنه كما كان قبلها كذلك يكون بعدها على حذو ذلك لأن كل كائن فاسد وكل حادث داثر وكل مركب ينحل إلى البسيط وكل كثير ينتهي إلى الواحد وكل عرضي يزول ﴿كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام﴾، ﴿لمن الملك اليوم لله الواحد القهار﴾ (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 719).

 

آية

– له الآيات الكبرى: آية الشيء علامته، وقد تطلق على المعجزة والكرامة، والعالم بشراشره ووجود الآفاق والأنفس بحذافيره علاماته وكراماته وبيناته، ولو شاء الإنسان المتفكر المعتبر أن يحرر بقوة العزيز المقتدر ما وصل إليه من حكمه ومصالحه تعالى المودعة في آثار صنعه وعجائب عنايته لاجتمعت مجلدات، مع أن الحكماء النظار والعرفاء الكبار أولي الأيدي والأبصار اعترفوا بأن لا نسبة لما وصلنا إليه إلى ما لم نصل.. ولو نظرت حق النظر وتفكرت ثاقبة الفكر في الهيكل الجامع الإنساني الذي هو هيكل التوحيد لرأيت ذاته وصفاته وأفعاله كلها كرامات وعجائب فضلًا عن الإنسان الكامل بالفعل، أما ترى أول أفعاله التي يترائى في غاية الحقارة ويصدره عنه في أضعف حالاته وهو التقام الثدي ومصه لولا إلهام الحق وملائكته لجعل من فيه يمجه أو في فضائه يلجلجه فانصف لي ما يدريه بأن يجذبه ويمصه في فيه، ثم أما تعد كرامة وأعجوبة فتح أبواب مشاعره ومعالمه إلى النشأت والعوالم بل نشأته وعوالمه وخيرته وتنبهه بسكانها وقطانها، ثم أما ترى تذكره وتحفظه وتعقله ولو سد الله عليه أبواب الجبروت والملكوت لم يقدر على اقتناص الخفيات والنظريات، بل على إدراك الجليات والبديهيات ولم يعرف مسلك بيته ولم يميز صديقه عن عدوه ولا منافعه عن مضاره.. فليفرض نفسه نشأ في بيت مظلم لم ير أحدًا ولا شيئًا من العالم حتى بلغ أشده، فإذا خرج وله طينة صافية ومشاعر ذكية وقريحة سليمة وشاهد السموات الرفيعة والكواكب النيرة البديعة وهذه البسائط والمركبات لقضى آخر العجب، بل أشرف من عجبه على العطب وتخبط عقله أو صار مجذوبًا، فكل موجود وإن كان من أحقر ما يمكن يجري على يد قدرته ما يعجز عنه غيره، فله سبحانه في كل شيء آية لا يراها إلا ذو دراية، ولكن كائن من آية يمرون عليها وهم عنها معرضون.. فلما لم يكن في الوجود غير الآيات والمعجزات الباهرات والكرامات البينات فقدت وغابت عن أعين هؤلاء العميان فطفقوا يطلبون المعجزة أو الكرامة عند الدلالة على الله من الدعاة إليه، قال السيد المحقق الداماد نور الله ضريحه في أواخر القبسات: وبالجملة تنافس الحكماء في الرغائب العقلية أكثر وعنايتهم بالأمور الروحانية أوفر سواء عليها أكانت في هذه النشأة الفانية أم في تلك النشأة الباقية، ولذلك يفضلون معجزة نبينا صلى الله عليه وآله أعني القرآن الحكيم والتنزيل الكريم والنور العقلي الباهر والفرقان السماوي الداهر على معجزات الأنبياء من قبل إذ المعجزة القولية أعظم وأدوم ومحلها في العقول الصريحة أثبت وأوقع، ونفوس الخواص المراجيح أطوع وقلوبهم لها أخضع، وأيضًا ما من معجزة فعلية مأتى بها إلا وفي أفاعيل الله تعالى قبلنا من جنسها أكبر وأبهر منها وآنق وأعجب وأحكم وأتقن، فخلق النار مثلًا أعظم من جعلها بردًا وسلامًا على إبراهيم، وخلق الشمس والقمر والجليدية والحس المشترك أعظم من شق القمر في الحس المشترك. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 569).

يا من في الآفاق آياته: أي في النواحي من عوالم الوجود علاماته، والاسم مأخوذ من الآية أعني قوله تعالى: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾، وفي التعبير بالآيات إشارة إلى أن عالم الآفاق كتاب تكويني له كالكتاب التدويني كما قال الإمام الغزالي: العالم كله تصنيف الله.. وفي الاكتفاء بالآفاق في الاسم إشارة إلى تطابق الكتاب الآفاقي والكتاب الأنفسي، وإن كلا منهما تام فيه جميع ما في الآخر.

قال ابن جمهور (قدس): الكتب ثلاثة الآفاقي والقرآني والأنفسي فمن قرء الكتاب القرآني الجمعي على الوجه الذي ينبغي فكمن قرء الكتاب الآفاقي بأسره إجمالًا وتفصيلًا، ومن قرء الكتاب الآفاقي على الوجه المذكور فكمن قرء الكتاب الأنفسي إجمالًا وتفصيلًا، ولهذا اكتفى النبي صلى الله عليه وآله بواحد منهما في معرفته تعالى بقوله: من عرف نفسه فقد عرف ربه. لأنه كان عارفًا بأن من يعرف نفسه على ما ينبغي ويطالع كتابه على ما هو عليه في نفسه يعرف ربه على ما ينبغي. وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا﴾. وكذلك من طالع الكتاب القرآني على وجه التطبيق تجلى له الحق تعالى في صور ألفاظه وتركيبه وآياته وكلماته تجليًا معنويًّا كما أشار إليه أمير المؤمنين (ع) بقوله: لقد تجلى لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون. ومن طالع الكتاب الآفاقي على ما هو عليه تجلى له الحق تعالى في صور مظاهره الأسمائية وملابسه الفعلية الكونية المسماة بالحروف والكلمات والآيات المعبر عنها بالموجودات العلوية والسفلية والمخلوقات الروحانية والجسمانية على الإطلاق والتعيين تجليًا شهوديًّا عيانيًّا لأنه ليس في الوجود سوى الله وصفاته وأسمائه وأفعاله، فالكل هو وبه ومنه وإليه. ومن طالع الكتاب الأنفسي الصغير الإنساني وطبقه بالكتاب الآفاقي تجلى له الحق تعالى في الصورة الإنسانية الكاملة والنشأة الحقيقية الجامعة تجليًا ذاتيًّا شهوديًّا عيانيًّا بحسب ما يشاهده في كل عين من حروفه وكلماته وآياته المعبر عنها بالقوى والأعضاء والجوارح، فكل من طالع كتابه الخاص به وشاهد نفسه المجردة وبساطتها وجوهريتها ووحدتها وبقائها ودوامها وإحاطتها بعالمها عرف الحق وشاهده، وعرف أنه محيط بالأشياء وصورها ومعانيها عاليها وسافلها شريفها وخسيسها مع تجرده ووحدته وتنزهه وبقائه ودوامه من غير تغير في ذاته وحقيقته. قالوا: وكذلك الحق إذا أراد أن يشاهد نفسه في المرآة الكاملة الذاتية الجامعة يشاهدها في الإنسان الكامل بالفعل وفي غير الكامل بالقوة لأنه مظهر الذات الجامعة لا غير. وإلى هذا أشار نبينا صلى الله عليه وآله بقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته. ومراده على صورة كمالاته الذاتية الجامعة للكمالات الأسمائية والصفاتية، وإذا أراد أن يشاهدها في المرآة الكمالية الأسمائية والصفاتية والفعلية يشاهدها في العالم المسمى بالآفاق لأنه هو مظهر أسمائه وصفاته وأفعاله. ومن هذا قيل: أراد الله أن يظهر ذاته الجامعة في صورة جامعة فأظهرها في صورة الإنسان، وأراد أن يظهر الأسماء والصفات والأفعال في صورة كاملة مفصلة فأظهرها في صورة العالم فليس يشاهد الله تعالى نفسه وذاته المقدسة من حيث الكمالات الذاتية والأسمائية إلا في هذين المظهرين، وكذلك العارف فإنه ليس يشاهد الحق إلا في هذين المظهرين انتهى.

 

 

Source URL: https://maarefhekmiya.org/14253/irfan10/