العلمانية الشاملة وانعكاساتها في الخطاب المسيحي

العلمانية الشاملة وانعكاساتها في الخطاب المسيحي

من شائع القول: إن العلمانية هي فصل الدين عن الدولة، أو أيضًا فصل الدين عن الدنيا…

 ومن شائع القول أيضًا: إن الإسلام هو” دين ودنيا”، بينما المسيحية هي دين، وليس لها نظرية خاصة تتعلّق بتنظيم الدنيا.

القولان فيهما شيء من الصحة وشيء من الخطأ. إذن، القولان فيهما التباس.

فالعلمانية، من جهة، لها أبعاد، أو مستويات عديدة. من هذه المستويات أنها تقضي بفصل السلطة الدينية- كسلطة، وليس رجال الدين، كرجال دين، إذا ما أرادوا، بمعزل عن سلطة دينهم، ممارسة السلطة المدنية أو الدنيوية ـ عن سلطة الدنيا، وليس عن أمور هذه الدنيا…

كما أن العلمانية تقضي أيضًا بأن يخضع تنظيم أمور هذه الدنيا إلى العقل، والعقلانية، والعلم، وما يرتئيه الناس، في تجمّعاتهم البشرية، وما يرونه يحقق مصالحهم وحرّيتهم وسعادتهم، دون المساس طبعًا بحرّية الآخرين… وبالتالي ألّا يخضع تنظيم أمور الدنيا، حتمًا، وقسرًا، لما يضعه الدين من قواعد وقوانين وأعراف، باسم الله… ومعنى ذلك أنه من الممكن أن تتفق إرادة الناس في تنظيم حياتهم المادّية، والاجتماعية، والسياسية، مع شرائع الدين ـ كلّيًّا أو جزئيًّا ـ أو لا تتّفق…

القول بأن المسيحية تفصل ما بين الدين والدنيا يعني أن المسيحية لم تشرّع لتفصيلات الأمور الدنيويّة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية… لكنّ القول هذا لا يعني أن المسيحية ليس لها حكم على ما هو دنيويّ، وبالتالي ليس صحيحًا أن المسيحية قد تقبل بكل النظم الاجتماعية. المسيحية تدخّلت ـ وتتدخّل ـ في بعض النظم الاجتماعية، كالزواج مثلًا والطلاق. كما أنها، كلّما سُنّت شرائع ظالمة للإنسان شجبتها ودعت أبناءها للسعي إلى تغيير هذه الشرائع الظالمة أو المفسدة للأخلاق أو المسيئة إلى الشخص البشري، وقد يذهب الشجب إلى حدّ إعلان العصيان المدنيّ مثلًا…

لذلك، من التبسيط المفرط القول بأن المسيحية دين وليست دنيا.

على أيّ حال سنحاول، في هذه المساهمة، إلقاء الضوء على موقف الكنيسة من العلمانية، من خلال الخطاب اللاهوتي ومن خلال العلاقة ما بين الكنيسة والدولة في المسار التاريخي.

  • الإرث الروماني الوثنـي

تحت تأثير الحضارة اليونانية المباشر، نظّم الأباطرة الرومان ’’المدينة الرومانية’’، وصاغوا لاهوتها السياسي الوثني، حيث اعتُبر الإمبراطور ’’الحبر الأعظم’’ (Pontifex maximus)، وابن السلف الذي تألّه بموته، وبالتالي المرشّح لأن يتألّه هو بدوره، والكائن المتّصل مباشرة بالآلهة التي أقامته رسولًا عنها لتأمين سعادة الجنس البشري.

من الطبيعي إذن، في هذا الإطار، أن ينشأ اتحاد ما بين السلطة الزمنية والسلطة الدينية، بحيث يتلازم حتمًا الخضوع السياسي مع الإيمان الديني، وبحيث يصبح أي عصيان لعبادة الآلهة، بكل أشكال طقوسها، عصيانًا لسلطة روما. من هذه النظرة وتجسيداتها العملية بدأ الصراع المعروف تاريخيًّا ما بين الوثنية الرومانية المتربعة على عرش السلطة والمسيحية الناشئة. ومن هنا خرجت الاضطهادات التي نكّل بها الأباطرة الرومان المسيحيين الأوائل.

  • السلطتان الزمنية والدينية والمسيحية الأولى

في جوّ توحيد كل السلطات في يد الإمبراطور الروماني جاءت المسيحية لتضع أمام السلطان الزمني حدودًا لا يمكن أن يتعداها. بالتالي يمكننا القول بأن المسيحية، في حقبتها الأولى الممتدة حتى القرن الرابع، فصلت ما بين ”الدين” و”الدنيا”، أو ما بين قيصر واللّه.

أشهر الآيات الإنجيلية التي يركز عليها اللاهوت المسيحي ليؤسس عليها الفصل ما بين الشأن الديني والشأن الدنيوي هي:

“أدّوا لقيصر ما لقيصر وللّه ما للّه”. ( متى 21:22).

جاء كلام السيد المسيح هذا جوابًا للفرّيسيين الذين أرادوا أن ’’يصطادوا يسوع بكلمة” حسب قول الإنجيل، وذلك في ما يتعلّق بمسألة تأدية الجزية لقيصر أم لا.

وعنى المسيح بجوابه هذا عدم الخلط بين بُعدين:

بُعد الواجبات نحو قيصر، وبُعد الواجبات نحو اللّه.

فالواجبات في البُعد الأول تختلف عن الواجبات في البُعد الثاني. ومن ثمّ فإن طابع الجزية التي تحقّ لقيصر ليس كطابع الطاعة للّه. فالأول نسبيّ وظرفي، أما الثاني فمطلق ونهائي.

هناك أيضًا قولان ليسوع مهمّان في هذه المسألة، قالهما عندما كان بيلاطس يحاكمه، الأول قوله: “ليست مملكتي من هذا العالم”. (يوحنا /36:18).

والثاني قوله لبيلاطس: “لو لم تُعطَ السلطان من علٍ، لما كان لك عليَّ من سلطان”. (يوحنا /11:19).

إذن، يُستنتج مما سبق:

 أولًا: إن هناك شأن قيصر وشأن اللّه، ولا يجب الخلط ما بين الشأنين.

ثانيًا: إن السلطة مصدرها اللّه، وفي حال النزاع ما بين قيصر واللّه، فاللّه هو أكبر من قيصر.

مع هذا فإن تعاليم رسل المسيح، ولا سيما تعاليم بولس تتضمّن بوضوح دعوة المسيحيين للخضوع للسلطة الزمنية القائمة، والصلاة لأجل الحكّام. كما أن المدافعين عن المعتقد المسيحي كتبوا، في القرن الثاني، مشدّدين على وجوب ولاء المسيحيين سياسيًّا لحكّامهم المدنيين. ذلك أن المسيحي يعتبر أن رسالة السلطة الزمنية هي في تأمين السلم والنظام وهو ما يريده الله. فوجب إذن أن يصلّي المسيحي لمن يعتبره أداة فعّالة لتحقيق الإرادة الإلهية.

  • حقبة الإمبراطورية المسيحية

عندما أصبح الإمبراطور قسطنطين، الحاكم شبه الوحيد للعالم، بعد أن انتصر في العام 324 على ليقينيوس، انقلب وضع المسيحيين. فبعد أن كانت ديانتهم مضطهَدة أصبحت الديانة ”الرسمية” المنتصرة.

إن الاسم الذي يطلق على هذه الحقبة، وعلى مستوى علاقة الكنيسة بالدولة، هو ”بابوية قيصريّة” ( Cesaropapisme )، وقد بدأ بممارسة مضمونه الإمبراطور قسطنطين وتبعه خلفاؤه. ويمكن تحديد هذا المصطلح، وباختصار، كما يلي: إنه نظام ترتبط فيه الكنيسة ارتباطًا وثيقًا بإحدى الدول المسيحية، فتخضع في الواقع لهيمنة هذه الدولة.

يُعتبر أسقف قيصرية فلسطين، المعروف بأوسابيوس القيصري، المنظّر اللاهوتي الأول والأكبر للإمبراطورية المسيحية في عهد قسطنطين. ففي كتاباته، وفي عظاته التي كان يلقيها بحضور الإمبراطور قسطنطين، حلّل تطور البشرية ووضعه في منظار العناية الإلهية. وقاده تحليله هذا إلى القول بأن توحيد شعوب البحر المتوسط، سياسيًّا، تحت قيادة روما، كان شرطًا ضروريًّا لبناء الوحدة الدينية في إمبراطورية، أصبحت مسيحية بإرادة قسطنطين. لقد اجتمعت هنا عناصر ثلاثة ”السلم الروماني” (Romana  Pax ) الذي حققته روما للعالم، وعظمة الإمبراطورية، وأخيرًا انتصار الإيمان المسيحي على الوثنية. ويستنتج من ذلك أن الإمبراطور ـ وهو السيد الأوحد على الأرض ـ يطابق ملك السماء الأوحد. وأن مُلك قسطنطين يحقق العهد الذي قطعه الله للشعب المختار. ويذهب أوسابيوس بعيدًا، فيقول: إن الإمبراطور ليس فقط أداة القدرة الإلهية بل هو صورة ”اللوغوس” (الكلمة) الإلهية. فظهور قسطنطين إذن في تاريخ البشرية يندرج في التصميم الإلهي، وهو بالتالي مهيّأ منذ الأزل.

نلاحظ أن مثل هذا اللاهوت السياسي المسيحي الذي يتحدّث عن إمبراطور هو صورة الله، إنما هو استعادة لنظرية قديمة، وتكييفها مع الإطار المسيحي المستجدّ، وهذه النظرية هي الملَكية المقدسة، وتمتدّ جذورها إلى التراث الهيلّينيستي.

وهنا أخذ قسطنطين دوره هذا على محمل الجدّ. فاعتبر أنه المسؤول دينيًّا عن إيمان رعيته، لا بل ماثل ذاته مع الأسقف، واعتبر بعضهم أنه ”أسقف الخارج” واعتبر هو نفسه وكأنه ”الرسول الثالث عشر للمسيح”، و”موسى الجديد’’، و”داود الجديد”…

إن النتائج المترتبة على عدم الفصل ما بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية كانت في تلك الحقبة، عديدة وكبيرة الأهمية: منها أن تطابق حدود الكنيسة المسيحية مع حدود الإمبراطورية الرومانية جعل من أيّ مسّ بالكنيسة خيانة للإمبراطورية. وللحفاظ على الوحدة المزدوجة، لجأ الأباطرة إلى العنف كوسيلة اعتيادية. كما أن الكنيسة نفسها، كي تحل الانشقاقات العقائدية والهرطقات، غالبًا ما لجأت إلى الإمبراطور معتبرةً إياه ”ذراعها الدنيويّ” (Bras séculier). وأصبحت الهرطقة الدينية جرمًا مدنيًّا تعاقب عليه المحاكم المدنية، كما أصبح الحرْم الكنسي سببًا لعقوبات تطبّقها الدولة.

  • الدولة المسيحيّة… غربًا

كيف كان، في الغرب، واقع العلاقة ما بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية، طيلة الفترة التي طغت عليها، في الشرق، سمة ”البابوية القيصرية” والتي تحدّثنا عنها قبل قليل؟

كان الجوّ العام في الغرب اللاتيني، مختلفًا، إلى حدّ ما، عمّا كان عليه في الشرق البيزنطي. والسبب الأساسي في ذلك يعود إلى أن بيزنطية عرفت باستمرار”المركزية” على الصعيد السياسي، وأن كنيستها اتّسمت إلى حدّ كبير بطابع ”قومي”. أما في الغرب- وبسبب اللامركزية السياسية في تلك الحقبة، وبسبب البنية الاجتماعية ’’الاقطاعية” الواضحة والراسخة، والتي ما عرف الشرق مثلها تمامًا- فقد تميّزت العلاقة بين السلطتين الزمنية والروحية، حتى العام 1057، بالمدّ والجزر: فتارة كان الباباوات مستقلين دينيًّا، وأحيانًا فاعلين سياسيًّا، وطورًا كان الملوك مهيمنين على مقادير السلطة الروحية والزمنية في آن معًا.

في العام 1057 انتُخب اسطفانوس التاسع، بابا روما دون موافقة البلاط الإمبراطوري. ثم إن خلفه، البابا نيقولاوس الثاني، حوّل الأمر الواقع إلى حقّ شرعي يعطي البابا وحده حقّ تعيين الكرادلة. ومن ثمّ فتح المعركة ضد ما درجت عليه السلطة الزمنية بتنصيب الأساقفة معتبرة أن هذا من اختصاصها.

وبعد سنوات قليلة، نرى الكنيسة الغربية، مع ولاية البابا غريغوريوس السابع، تتجه إلى أن تعكس الأنظومة البيزنطية المعروفة ”بالبابوية القيصرية”(Césaropapisme) فتجعل منها ’’قيصرية بابوية” (Paposésarisme) ( إذا صحّ التعبير، إذ هو غير مألوف كالأول، شكلًا، لا مضمونًا).

  • لاهوت ”القيصرية البابوية”

ابتداءً من القرن الحادي عشر راح باباوات روما يمارسون سلطتهم الروحية  (La chrétienté ). ولقد بنوا ممارستهم هذه على نظريات لاهوتية، منها:

إن السلطة الزمنية إنما تشكّل”الذراع الزمني” للسلطة الدينية، بينما هذه الأخيرة تشكّل”الذراع الروحي”. وبمعنى آخر فالذراع الزمني هو تحت إمرة السلطة الروحية، تستعمله عند الحاجة. بذلك يصبح البابا رأس العالم المسيح، بينما تناط بالملوك وظيفة تنفيذ المهمّات المادّية. هذه الممارسة هي التي أخرجت نظرية ”السيفين”، أي أن البابا يمتلك السيفين، الروحي والزمني، وقد ارتكزت هذه النظرية على تفسير رمزي للآية الإنجيلية حيث يقول الرسل للمسيح، قبل آلامه: ”يا رب، ههنا سيفان”. فقال لهم: ” كفى”. (لوقا/ 38:22).

ولقد ارتكز بعض الباباوات على نظرية ”السيفين” هذه في صراعاتهم مع الأباطرة والملوك.

نجد عند القديس برنردوس (1090ـ1153) كتابات تؤسس نظرية       “السيفين”. فلقد كتب “تُعلّمنا الكلمات الإنجيلية أن السيفين، الروحي والزمني، هما تحت سلطة بطرس..  

إلّا أن السيف الروحي تستخدمه الكنيسة، بينما السيف الزمني يُستخدم لحساب الكنيسة. الأول تستخدمه يد الكاهن، أما الثاني فتستخدمه يد الملوك والفرسان تحت إمرة الكاهن وبموافقته. فمن الضروري أن يخضع الثاني للأول وأن تكون السلطة الزمنية تحت سيادة السلطة الروحية”.

هناك نظرية أخرى، تصرّف على أساسها، باباوات القرون الوسطى، هي نظرية ”السلطة المباشرة’’. إنها تدّعي تأسيس ولاية البابا على أمور الدنيا تأسيسًا لاهوتيًّا واضحًا.

أصحاب هذه النظرية يعتبرون أن السلطة الروحية في الكنيسة تتضمّن السلطة الزمنية. فالمسيح، الذي هو كاهن وملك في آن معًا، قد انتدب بطرس وخلفاءه لممارسة سلطانه الكامل. أما على صعيد الممارسة العمليّة، فالبابا لا يستخدم في الحالات العاديّة إلاّ السلطة الروحية. لذلك، ووفق إرادة المسيح، عليه أن ينتدب ملوك وأمراء الدنيا لممارسة السلطة الزمنية وبشكل عاديّ. إلّا أنه يستعيد هذه السلطة الزمنية في حالات قصوى، كحالة الخطيئة العلنيّة، أو في شغور مركز السلطة الزمنية، أو عندما تستدعي أوضاع محدّدة، وفي حالات استثنائية، أن يأخذ البابا مسؤولية تحمّل السلطة الزمنية للمصالح العليا للعالم المسيحي.

 

(6)   من بروز التعدّدية الطائفية حتى تكريس الحقّ بالحرية الفردية

إن الكنيسة، في موقفها من ”الدين” و”الدنيا” ستعرف، ابتداءً من النصف الثاني من القرن السادس عشر وحتى أيامنا، تحوّلات عميقة وجذريّة. فمع النهضة الثقافية، وبداية نشوء الدول القومية في أوروبا، ستبدأ السلطة الكنسيّة بالتراجع عن مطامحها الدنيوية والانكفاء، شيئًا فشيئًا، ضمن أسوار المدينة الروحية، إذا صحّ التعبير.

لكنّ الأحداث الأكثر أهمية في دفع الكنيسة عن التخلّي عن سلطتها الدنيوية هي بلا شك الإصلاح البروتستانتي أو الإنجيلي، ومن ثمّ الثورة الفرنسية. فالإصلاح سيطرح مسألة التعدّدية الطائفية على الساحة الأوروبية. والتعددية الطائفية لن تكتسب حقّها وشرعيتها إلّا من خلال المآسي والحروب الطائفية التي عصفت بشعوب أوروبا لأكثر من مئة عام. لكن تكريس التعدّدية هو بالضرورة تقليص للسلطة الدينية، أو أقلّه تقليص لمطلقيّتها.

أما الثورة الفرنسية، والثورات العلمية والتكنولوجية التي أعقبتها، فإنها طرحت مسألة الحرية. فالحرية، هنا، اتخذت بعدًا جديدًا حينما ارتبطت بالشخص البشري وأصبحت بالتالي تعلو على المجتمع. حينئذ يصبح بإمكان الإنسان، الإنسان الفرد، أن يؤمن أو ألّا يؤمن. أصبح ضميره الشخصي هو المقياس.

فالحرية، في هذا المفهوم، تقود حتمًا إلى التمييز بين مستوى الضمير الفردي، ومستوى الشأن العام. فلن تعود للدولة، أي دولة، صلاحية بتحديد الحقيقة.

إنه الباب، وقد فُتح على مصراعيه، الذي يقود إلى العلمانية.

وتصبح الحقبة الأخيرة من تاريخنا حقبة صراع الدين مع العلمانية.

     (7)  لاهوت العلمنة

ماذا كان موقف الكنائس المسيحية من العلمانية حين تشرعنت هذه الأخيرة في دساتير وقوانين الدولة الغربية؟

لا بدّ من التأكيد أن الكنائس الغربية، جميعها، قبلت رغمًا عنها تكريس علمانيّة دولها. مع هذا، فلقد قامت محاولات لإضفاء نوع من الشرعية اللاهوتية على النظام العلماني.

الاجتهادات الأكثر جدّية وعمقًا في صياغة لاهوت يبرّر العلمنة كانت بروتستانتية. أما اللاهوتيون الكاثوليك فمنهم مَن حاول، بخفَر، التأقلم لاهوتيًّا مع الوضع العلماني المستجدّ، ومنهم مَن بقي متمسّكًا بصيغة ’’العالم المسيحي” مناديًا بعودته بشكل مستميت.

  • لاهوت العلمنة البروتستانتي

لن نذكر هنا جميع المواقف اللاهوتية البروتستانتية المعاصرة والمتعلّقة بظاهرة العلمنة. بل نذكر، وبإيجاز، أهم ممثلي التيّارات في هذا الشأن.

الإشكاليات الأساسية التي بنى عليها اللاهوت البروتستانتي تفكيره وبحثه، طُرحت على الشكل التالي: هل باستطاعة اللاهوت المعاصر أن يدحض فرضية التناقض القائم ما بين الإيمان المسيحي والعالم المعاصر المعلمن؟ وبالتالي، هل بالإمكان عدم رفض هذا العالم بشكل مسبق، أو ـ في أفضل الأحوال ـ قبوله كواقع حتمي لا مفرّ منه، واعتماد مسلك راعوي يتناسب، في آن معًا، مع متطلبات الإيمان وقدريّة العلمنة؟ أم إنه يمكن، لاهوتيًّا، الوصول إلى التأكيد بأن ظاهرة العلمنة هي نتيجة شرعية وضرورية للإيمان المسيحي نفسه؟

* غوغارتن: لاهوتيّ العلمنة الأول

لا شك أن فريدريك غوغارتن كان أول مَن جعل من العلمنة موضوعًا مميّزًا لتفكير لاهوتي منهجي. لم يحاول أن يعطي العلمنة شرعية لاهوتية وحسب. لكنه أيضًا، وبنوع أخصّ، صبّ اهتمامه على إبراز كل المعاني التي يمكن تضمينها العلمنة في الصميم، وذلك، من جهة، لكي يطمئن المسيحي بأن العلمنة يمكن أن لا تشكّل خطرًا على إيمانه، ومن جهة أخرى، ليكشف جميع الالتباسات التي يمكن أن تنطوي عليها العلمنة، وبالتالي، الأخطار التي قد تنجم عنها أحيانًا، وتطال العالم والمسيحية في آن معًا.

إن لاهوت العلمنة في نظر غوغارتن  يرتكز على إجراء تمييز واضح ما بين الله والإنسان، ما بين الإيمان والعالم، وما بين الوحي والتاريخ. على هذا الأساس، فإن علاقة الإنسان مع الله بالإيمان، وعلاقة الإنسان مع العالم بإخضاعه الطبيعة، هما علاقتان مرتبطتان الواحدة بالأخرى ارتباطًا وثيقًا. ومن الممكن أن يؤدّي فكّ الارتباط ما بينهما إلى إحداث اختلال في التوازن الأمثل. فعلى الإنسان أن يحافظ على طهارة الإيمان، وعلى دنيوية العالم. فلّله وحده ملكيّة المعنى الأخير، ولله وحده ملكيّة وحدة التاريخ. أما الإنسان فعليه أن يبقى في تساؤل غير منقطع. أما إذا ما انقطع الإيمان عن التساؤل وتحوّل إلى دين يبني العالم مسيحيًّا، أخطأ، ونتج عن خطيئته ما فعلته المسيحية التاريخية، على مرّ العصور، حينما لم تعطِ ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، وما للعقل للعقل.

وإذا ما ”تعلمن’’ الإيمان، وقع في لا شرعية. فالإيمان لا يمكن أن يصبح جوابًا نهائيًّا وأكيدًا ومحكمًا لما لا يملك جوابًا له إلّا الله، أي لما هو الشكل النهائي للمصير، والشكل النهائي للتاريخ. ذلك لا يعني أن على الإنسان ألّا يسعى، عبر التساؤل غير المنقطع، للحصول على الجواب. فإن لم يسعَ لن يكون إنسانًا تاريخيًّا. لكنه لن يتنطّح معتدًّا أنه يمتلك الجواب النهائي.

العلمنة معرّضة، هي أيضًا، لأن تتحوّل إلى”أيديولوجيا علمانوية”. (idéologie séculariste). تصبح كذلك عندما ينقطع الإنسان عن الإيمان، ويعتبر نفسه المالك المطلق للعالم كلّه. حينذاك يقع في العدميّة، أو في الشك المطلق، أو في كل أنواع المطلقيات.

  • بونهوفر”نبي’’ العلمنة

إذا كان فريدريك غوغارتن هو مَن أطلق”لاهوت العلمنة” المنهجي، فإن ديتريش بونهوفر اعتُبر من كبار”أنبياء العلمنة”. كتاباته متعددة ومتنوعة في اهتماماتها، ولربما أنها طابقت حياته المضطربة. فلقد قاده التزامه ضد العنصرية والنازية إلى المعتقل ومن ثمّ إلى الاستشهاد.

كتاباته الأخيرة، وهي رسائل كتبها في السجن، عرفت انتشارًا واسعًا  وشهرة أوسع. فكره الذي عبّر عنه في اتجاهات متعدّدة تضمّن، هنا وهناك، زادًا تغذّى منه العديد ممن حاول تأسيس العلمنة مسيحيًّا، وشكّل دفاعًا عن العلمنة الراديكالية باعتبارها إمكانية مميّزة لإعادة اكتشاف إله الوحي الحقيقي.

يلاحظ بونهوفر أن الدين ـ ويفضّل أن يسمّيه ”تديّنًا” ـ ينحسر ويتلاشى ويتطابق مع عصر ثقافي. وهو لا يأسف لحدوث مثل هذا الأمر. ذلك لأن الإيمان المسيحي، برأيه، يجب ألّا يرتبط بهذا العصر، ولا بأيّ من الثقافات التي عبّرت، تاريخيًّا، عنه. لا بل إن الإيمان المسيحي يكتسب نقاءً ومناعةً وعمقًا إذا ما تحرّر من كل ارتباطاته الثقافية وارتهانه للأشكال الدينية. ويخلص إلى القول: إن إله الوحي، وإله الإنجيل، مختلف جذريًّا عن إله ”الدين”.

على هذا الأساس يصبح بإمكان إنسان القرن العشرين، الإنسان المعلمن، أن يؤمن بالمسيح يسوع. لكنّ بونهوفر لا يبدو مهتمًّا بشكل أساسي ومباشر بأن يقوم بمسعى توفيقي. اهتمامه الأساسي، فيما هو يعرّي الإيمان المسيحي من ثيابه الدينية، أن يسلّط الضوء على حقيقة هذا الإيمان، وأن يعرّف بالتالي عن الله الذي هو موضوع هذا الإيمان. فالمسيح، في نظره، يجب ألاّ يكون فقط ”موضوع الديانة”، أي موضوع قطاع معيّن ومحدّد ومحصور، يندرج في سياق الواقع الذي يعبّر فيه الوجود البشري عن ذاته. بل يجب “أن يكون المسيح شيئًا آخر مختلفًا بالكلّية: يجب أن يكون حقًّا سيّد العالم”. لذلك على الإيمان ألّا ينكفئ في عالم ”الدين” الضيق، بل عليه أن يحيي الوجود بكلّيته. إن ”الفعل الديني”، يقول بونهوفر، هو دائمًا فعل جزئي، أما ’’الإيمان، فإنه فعل حياة”.

المسيحية إذن، ليست ديانة هروب، أو وصفة روحية يستخدمها ’’المرشحون إلى السماء’’، حسب تعبير الفيلسوف فويرباخ. لكنّ المسيحية ليست من جهة أخرى، تطويعًا عمليًّا للواقع وتطابقًا انتقائيًّا مع أشكاله المتعددة. إن الله في يسوع المسيح هو بنية الواقع ومركزيته. يسوع المسيح هو الله الذي أصبح إنسانًا لكي يصبح كإنسان، مسؤولًا أمام الله عن الكائنات والأشياء بكلّيتها. فإذا اعتُبر أن ماهية الديانات تقوم، وبمساهمة روحية، بسدّ كل أنواع العجز البشري، فالمسيحية ليست بديانة. المسيحية، تشبّهًا بيسوع المسيح، هي، في آن معًا، مقاومة مسؤولة، وطاعة مصلّية، بنويّة، واثقة. الله ليس سدادة تفسيرية لسدّ فراغات جهل الإنسان، وليس منافسًا حسودًا للإنسان عندما يقوم هذا الأخير بتحمّل مسؤولياته. بل إنه كفيل المسؤولية التي يتحمّلها الإنسان.

 

  • كوكس وكتابه ”الأكثر مبيعًا” في أميركا

لا شكّ أن الكتاب الذي عالج العلمنة وعرف أوسع انتشار، هو كتاب اللاهوتي الأميركي هيرفي كوكس (Harvey Cox)  ’’المدينة العلمانية”. حين نشر هذا الكتاب، في نيويورك عام 1965، احتل بسرعة مرتبة الكتب الأكثر مبيعًا في أميركا ( Best Seller).

الأطروحة الأساسية التي حملها كوكس هي التالية:

على الرغم من أننا لا نستطيع اعتبار المدينة العلمانية أنها هي ملكوت الله، فإن هذه المدينة تفتح أمام الإيمان المسيحي آفاقًا جديدة وإمكانيات فريدة. بفضلها، يمكننا اكتشاف أبعاد جديدة في الإنجيل. كما أنها جديرة، أكثر من أي شكل آخر من أشكال المدنيّة، بأن تستجيب للمخطط الإلهي.

يسارع كوكس، وكما فعل قبله غوغارتن، إلى التمييز ما بين العلمانية والعلمانوية، رافضًا الأخيرة كونها، على حدّ تعبيره “أيديولوجيا، ورؤية للعالم منغلقة، تتحوّل في وظائفها، إلى ديانة جديدة”.

يرى كوكس أن ”الدنيوية” هي، من جهة، شرط للمجتمع التعدّدي، ومن جهة أخرى، فرصة للإيمان لكي يتحرّر من جميع ارتهاناته الأيديولوجية.

وعندما يتحدّث لاهوتي العلمنة عن مفهوم الله، نسمع خطابًا يندرج في ما سمي بلاهوت السياسة. أو بلاهوت التحرير. فلا يحسن، في رأيه، أن نطرح مفهوم الله مجردين إياه عن علاقته الوثيقة بالواقع الاجتماعي والسياسي. وإلّا حوّلنا الله إلى مجرد كلمة. لذلك “يجب أن تحلّ السياسة محل الماورائيات في اللغة اللاهوتية”. ووظيفة اللاهوتي تقوم بأن “يحدد دور الإنسان عندما يصبح هذا الأخير استجابة لنداء الله”، وأن يبحث لإيجاد السلوك البشري الصالح “للحفاظ على إنسانية الحياة الإنسانية في العالم”. إلّا أن كوكس لا يريد إطلاقًا أن يُفهم من كلامه بأنه يقف في مصفّ الذين يحوّلون المسيحية إلى تيّار إنسانوي. فبعد أن يؤكّد أن الإنسان مسؤول عن العالم وعن التاريخ يطرح سؤالًا جوهريًّا، وهو التالي: “هل إن مسؤولية الإنسان هذه أسندها هذا الأخير لذاته أم أعطيت له؟”.

“الله ليس الإنسان، والإنسان لن يكون مسؤولًا إلّا عندما يستجيب لإرادة الله”. والله لا يختزله الواقع البشري أو المشاريع الإنسانية.

يحاول كوكس بناء لاهوت أُخرويّ، اسكاتولوجي، جديد، حيث يكون الله كائنًا ”في المستقبل’’، وليس في عالم ”ماورائي’’. وبالتالي لن يكون الله في رأيه، في الاتجاه العمودي، وفي التعالي المطلق، بل في الخط الأفقي للتاريخ، لأن فعله يظهر في التاريخ. فلن يُقال ـ إذا صحّ التعبيرـ إن الله هو”الكائن”، بل هو”الذي يأتي”، بما لهذه الكلمة من شحنة نبوية تقضي بتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية، وبناء السلام.

ومن جهة أخرى، يمكن القول أيضًا إن كوكس يبشّر بالعلمنة Sécularisation))، إنما ينصبّ اهتمامه بنزع القدسية (Désacralisation) عن المدينة الأرضية المعاصرة، وليس فقط بتعزيز ”الإيمان” على حساب ’’الدين’’، بل أيضًا بتحطيم الأوثان المعاصرة التي اتخذت طابع القدسية، كالجنس والمال خاصة، وعبادة الشخصية، والنجومية، وكل مظاهر التمجيد والتأليه. 

(ب)   لاهوت العلمنة الكاثوليكي

 إن اللاهوتيين الكاثوليك، ولو أن بعضًا منهم تعرّض لموضوع العلمانية، لم ينتج أحد منهم عملًا منهجيًّا متكاملًا يدخل مباشرة ضمن ما سمّي بلاهوت العلمنة. لا بل إن الطابع الغالب على كتابات هؤلاء هو طابع ”ردّة الفعل”، أي الردّ على لاهوت العلمنة البروتستانتي، إما تعاطفًا وإما رفضًا قاطعًا.

مع ذلك، فإنه من الممكن إيجاد لاهوتيين بعضهم كتب مقالات خُصصت مباشرة لمعالجة العلمنة لاهوتيًّا، وبعضهم الآخر ألّف كتبًا لاهوتية في مواضيع تتعلّق، ولو بطريقة غير مباشرة، بالعلمنة وانعكاساتها اللاهوتية.

لا شك أن المجمع الفاتيكاني الذي عُقد ما بين 1962و1965 هو الذي دعا اللاهوتيين الكاثوليك إلى المغامرة في قراءة ”علامات الأزمنة’’، ومنها معنى الإيمان ومكانة الدين، ومستقبل الله في عالم معلْمن…

فما هي المنطلقات التي جاء بها هذا المجمع لتشكّل أساسًا لتفكير لاهوتي جديد؟

قرارات المجمع المتعلّقة بهذا الموضوع نجدها بشكل رئيسي في الدستور الراعوي: ”الكنيسة وعالم اليوم’’.

ومن الممكن القول بأن توجيهات المجمع الفاتيكاني الثاني تندرج تحت هاجس ”حضور الكنيسة في العالم’’.

إلاّ أن معظم اللاهوتيين الكاثوليك انطلق من رغبة واحدة مشتركة، ألا وهي: في ظل الأوضاع الراهنة، حيث المجتمعات الحديثة استقلّت عن الكنيسة، كيف يمكن للكنيسة، من جهة، أن تقبل بزوال صيغة ’’البابوية القيصرية’’، أو ألّا تأسف لموت ”الحقبة القسطنطينية’’، وأن تقبل أيضًا بأفول الصيغة الغربية المسمّاة ”العالم المسيحي (éLa Chrétient) ومن جهة أخرى، ألّا تتنكّر لطبيعتها الروحية، ولرسالتها، وألّا تذوب في ”المجتمع المعلْمن كلّيًّا؟’’.

 

أكتفي هنا فقط بذكر بعض الأسماء:

من أهم المحاولات اللاهوتية ”التوفيقية’’، أو”التكييفيّة’’ محاولة اللاهوتي الألماني كارل راهنر الذي صبّ اهتمامه على صياغة فكر لاهوتي منهجي حول ”الكنيسة’’.

ولربما أن اللاهوتي الفرنسي الأب ماري – دومنيك شوني (Chenu) وعلى الرغم من أن فكره يندرج ضمن تيّار ”اللاهوت التوفيقي’’ فيما يتعلّق بالعلمانية، هو أكثر اللاهوتيين الكاثوليك تفهّمًا لظاهرة العلمنة وتعاطفًا مع مضامينها.

مقابل التيّار اللاهوتي الكاثوليكي الذي حاول جاهدًا، وانطلاقًا من مناخ المجمع الفاتيكاني الثاني، أن يلائم ما بين اللاهوت التقليدي وبين مضامين ظاهرة العلمنة المعاصرة، هناك تيّار آخر محافظ لم يقبل بانفتاح المجمع المذكور على العالم، ولربما بقي يحنّ إلى العالم المسيحي القديم، وخشي أن تفقد الكنيسة سلطتها ومكانتها في المجتمع. أبرز ممثّل لهذا التيّار المحافظ هو الكاردينال الفرنسي الجيزويتي جان دانييلو.

ما هي، اليوم، حصيلة كل هذه المحاولات والجهود؟

يبدو أنه، في العالم البروتستانتي، قد حسمت نهائيًّا مسألة السلطتين، ولم يعد أحد يتمنى أن تعود من جديد ”حقبة قسطنطينية’’، أو أن تعود الكنيسة إلى’’العالم المسيحي’’.

أما في العالم الكاثوليكي فلم يزل هناك مَن يحنّ إلى الماضي، ولو عرف أنه راح إلى غير رجعة، يحنّ ويصرّح بحنينه هذا.

لكن هناك مَن يحنّ ولا يصرّح، إنما يسير، ولو عن غير وعي، أو مداورةً، باتجاه حنينه هذا. وهنا نعني كل المحاولات التي تقوم بها الكنيسة الكاثوليكية كي تعود من النافذة بعد أن خرجت من الباب، وأن يعود إكليروسها بثياب علمانية بعد أن أُخرج ملتحيًا ومرتديًا الثوب الإكليريكي. هذه العودة ترتكز على حرية المعتقد، وعلى التعددية، وعلى الليبرالية ـ وهي من أسس المجتمع المُعلْمن ـ وهذا ما يمكن تسميته تحوّلات الطائفية إلى تجمّعات، ومنظمات وتيارات وأحزاب سياسية ونقابية واجتماعية، ”كالديمقراطية المسيحية’’، و”حركات الشبيبة’’، و”النقابات المسيحية’’، و’’المؤسسات الخيرية’’، و’’الكشافة’’ إلخ…

خلاصةً، يُحكى اليوم عن ”عودة المقدس”، أو”عودة التديّن” في المجتمعات الغربية… فما هي حقيقة هذه العودة؟

كما يُحكى عن أفول الأيديولوجيات، كالماركسية، والقومية، وغيرها، في ظل ما يسمّى بظاهرة ”العولمة”…

إنه موضوع يتصل بظاهرة ”العلمانية”، لكنّ معالجته تتطلّب ظرفًا آخر.

 

 

          


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
السياسة والدينالعلمانيّة

المقالات المرتبطة

قراءة في كتاب موحى الناجي، الإسلاموية: نظام شمولي جديد

يركّز هذا الكتاب بقلم مهدي مظفري، على العلاقة بين الإسلام ومشروع الإسلاموية السياسي. ويناقش فيه تعدد طوائف الإسلام ومدارسه وأنه لا إجماع على إسلامٍ “صحيح”،

سؤال الإيمان بين إلهيّات المعرفة وصبغة الله للإنسان

الإيمان تعبير حميم عند أصحاب الأحاسيس المرهفة، ومورد احترام في نفوس غيرهم.

مطالعة في كتاب: الإصلاح الإسلامي في الهند

ثلاث رؤى للدولة الإسلامية الموعودة   الكتاب: الإصلاح الإسلامي في الهند: الدولة في فكر شيراغ علي- محمد إقبال – أبي

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<