by الشيخ حسن بدران | يناير 31, 2022 12:59 م
بدء / عود
– الوجود يتنزل من سماء الإطلاق إلى أرض التقييد مترتبًا؛ فيبتدئ من الأشرف فالأشرف إلى أن ينتهي إلى ما لا أخس منه في الإمكان ولا أضعف، فتنقطع عنده السلسلة النزولية. ثم يأخذ في الصعود، فلا يزال يترقى من الأرذل إلى الأفضل إلى أن ينتهي إلى الذي لا أفضل منه في هذه السلسلة الصعودية، فيكون هو بإزاء ما بدأ منه في النزول، كما أشير إليه بقوله سبحانه: ﴿يُدَبرُ الأمْرَ مِنَ السمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُم يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾. وكلما كان إلى مبدئه سبحانه أقرب، فهو إلى البساطة، والوحدة، والغنى أقرب. ومن الاختلاف، والتركب، والافتقار أبعد. ففي المرتبة الأولى، لا يفتقر في تقومه، ولا في شيء من صفاته وأفعاله، إلى شيء سوى مبدعه القيوم جلّ اسمه، ويسمّى أهل تلك المرتبة على اختلاف درجاتهم بالعقول، والأرواح، والملائكة المقربين. وفي المرتبة الثانية، وإن لم يفتقر في تقومه إلى غير ما فوقه، ولكنه يفتقر في أفعاله وصفاته إلى ما دونه من المراتب، ويسمّى أهلها على تفاوت أقدارهم بالنفوس، والملائكة المدبرين. وفي المرتبة الثالثة، يفتقر في تقومه أيضًا إلى ما دونه، ويسمّى بالصور والطبائع. وفي المرتبة الرابعة، ليس له حيثية سوى حيثية الإمكان والقوة. ولا شيئية له في ذاته متحصّلة إلا قبول الأشياء، ويسمّى بالمادة، والماء، والهباء، والهيولى الأولى، وهي نهاية تدبير الأمر. ثم يأخذ في العود، فأول ما يحصل فيه مركب من مادة وصورة، ويسمّى بالجسم. ثم يتخصّص الجسم بصورة أعلى وأشرف، فيصير بها ذا اغتذاء ونمو، ويسمى بالنبات. ثم يزيد تخصصه بصورة أخرى، أعلى مما قبلها، يصير بها ذا حس وحركة، ويسمّى بالحيوان. ثم يزيد تخصصه بصورة أعلى وأفضل، يصير بها ذا نطق، ويسمّى بالإنسان. وللإنسان مراتب كثيرة إلى أن يصير ذا عقل مستفاد. فحينئذ يتم دائرة الوجود، وينتهي سلسلة الخير والجود. فالوجودات ابتدأت فكانت عقلًا، ثم نفسًا، ثم صورة، ثم مادة، فعادت متعاكسة، كأنها دارت على نفسها جسمًا مصورًا، ثم نباتًا، ثم حيوانًا، ثم إنسانًا ذا عقل، فابتدأ الوجود من العقل وانتهى إلى العقل: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾، ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَولَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾. والشرف والكمال إنما هو بالدنو من الحق المتعال، ففي البَدْوِ كل ما تقدم كان أوفر اختصاصًا، وفي العود كل ما تأخر كان أعلى مكانًا. وإلى البَدْوِ أشير بليلة القدر، وإنزال الكتب، وإرسال الرسل المعنويين: ﴿تَنَزلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالروحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبهِمْ مِنْ كُل أَمْرٍ﴾، وإلى العود [أشير] بيوم القيامة، والمعراج المعنوي: ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالروحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾. (عين اليقين، الفيض، 1: 74).
– يبدء الخلق ثم يعيده: بأن يبتدئ من العقل إلى الهيولى ثم يعود منها إلى العقل (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 586).
– إليه يرجع الأمر كله: بفناء أفعالها في فعله كما هو مفاد الكلمة العلية العظيمة أعني لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وفناء صفاتها في صفاته كما هو مفاد الكلمة الطيبة التوحيدية أعني لا إله إلا الله، وفناء ذواتها وهوياتها في ذاته وهويته كما هو مفاد كلمة التوحيد الخاصّي أعني لا هو إلا هو، ولو وصل الذاكر السالك من مقام التعلق بهذه الأذكار الثلاثة إلى مقام التخلق بل التحقق بها لعاين المحو والطمس والمحق بحسب سلوكه قبل موته: موتوا قبل أن تموتوا (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 586).
بداء
– القوى المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الأمور دفعة واحدة لعدم تناهيها، بل إنما ينتقش فيها الحوادث شيئًا فشيئًا وجملة فجملة مع أسبابها وعللها على نهج مستمر ونظام مستقر؛ فإن ما يحدث في عالم الكون والفساد إنما هو من لوازم حركات الأفلاك المسخرة لله تعالى، ونتائج بركاتها، فهي تعلم أنه كلما كان كذا كان كذا، فمهما حصل لها العلم بأسباب حدوث أمر ما في هذا العالم حكمت بوقوعه فيه فينتقش فيها ذلك الحكم، وربما تأخر بعض الأسباب الموجب لوقوع الحادث على خلاف ما يوجبه بقية الأسباب لولا ذلك السبب، ولم يحصل لها العلم بذلك السبب بعد؛ لعدم اطلاعها على سبب ذلك السبب، ثم لما جاء أوانه واطلعت عليه حكمت بخلاف الحكم الأول، فيُمحى عنها نقش الحكم السابق ويثبت الحكم الآخر. مثلًا: لما حصل لها العلم بموت زيد بمرض كذا في ليلة كذا لأسباب تقتضي ذلك، ولم يحصل لها العلم بتصدقه الذي يأتي به قبيل ذلك الوقت لعدم اطلاعها على أسباب التصدق بعد ثم علمت به، وكان موته بتلك الأسباب مشروطًا بأن لا يتصدق، فيحكم أولًا بالموت وثانيًا بالبرء. وإذا كانت الأسباب لوقوع أمر ولا وقوعه متكافئة، ولم يحصل لها العلم برجحان أحدهما بعد؛ لعدم مجيء أوان سبب ذلك الرجحان بعد، كان لها التردد في وقوع ذلك الأمر ولا وقوعه، فينتقش فيها الوقوع تارة واللا وقوع أخرى. فهذا هو السبب في المحو والإثبات والحكمة فيهما. وأما صحة نسبة البداء والتردد وأمثالها إلى الله سبحانه مع إحاطة علمه عز وجل بالكليات والجزئيات جميعًا أزلًا وأبدًا على ما هي عليها في الوقائع من غير تطرق تغير وسنوح في ذاته عز وجل، فالوجه فيه ما ذكره أستاذنا دام ظله قال: “لما كان كل ما يجري في ذلك العالم النفسي إنما يجري بإرادة الله تعالى، بل فعلهم بعينه فعل الله تعالى حيث إنهم: ﴿لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾؛ إذ لا داعي لهم على الفعل إلا إرادة الله عز وجل؛ لاستهلاك إرادتهم في إرادته سبحانه، ومثلهم كمثل الحواس للإنسان كلما هم بأمر محسوس امتثلت الحاسة لِما هم به وأرادَتْه دفعة، فكل كتابة تكون في تلك الألواح والصحف فهو أيضًا مكتوب الله عز وجل بعد قضائه السابق المكتوب بقلمه الأول، فيصح أن يوصف الله بالنسخ والبداء والتردد وإجابة الدعاء ونحو ذلك بهذا الاعتبار، وإن كان مثل هذه الأمور يشعر بالتغير والسنوح، وهو الله عز وجل منزّه عنه، فإن كل ما وجد أو سيوجد فهو غير خارج عن عالم ربوبيته”. (عين اليقين، الفيض، 1: 405).
– منشأ البداء هي حضرة الأعيان التي لا يعلمها إلا هو. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 47).
– البداء بحسب النشأه العينية وإن كانت في الملكوت إلا أن منشأه هي الحضرة العلمية.. ولا مضايقة لكون ظهور البداء في الخلق الثاني؛ ولكن المنشأ الذي منه نشأ البداء هو ما عرفت. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 47).
– الاطلاع على العين الثابتة الذي يتفق لبعض الأولياء كالإنسان الكامل يعد من العلم الربوبي دون علم الأنبياء والرسل. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 47).
بدل
– مبدل: يبدل الأرض غير الأرض والسماوات مطويات بيمينه كما في القيامة، ويبدل الأرض والسموات وما فيهما آنًا فآنًا بمقتضى الحركة الجوهرية والفيض الجديد وحاجة المعلول في البقاء الذي هو عين الحدوث التجددي إلى العلة كما في الحدوث بمعنى آخر، ويبدل سيئات الخلق حسنات، ويبدل الأبدال أي يبدل وجود الولي وجودًا أعلى وأنور، أو يبدل ويخلف أحدًا من الأولياء مقام الآخر، أو يخلف صورة البدل مقامه على ما قيل في وجه التسمية (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 505).
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/14373/irfan12/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.