by الشيخ شفيق جرادي | أبريل 11, 2022 9:59 ص
الدعاء، سنةٌ من السنن المفترضة التي أكّد عليها الإسلام إن في القرآن الكريم، أو في الروايات الشريفة، أو روح المزاج العبادي العام الحاكم آلية العلاقة بين الإنسان وربه، حسب الإسلام.
والصلاة هي نحو من الدعاء، كما إن أي توجه من العبد إلى ربه إنما يحمل طابعًا دعائيًّا. لذا، فإن المناجاة في حقيقة هويتها وأركان مقاطعها وتناسق سياقاتها إنما تندرج في صنف الدعاء، مع قليل من التميّز الذي سوف نشير إليه.
والدعاء إجمالًا مفردة مرادفة للصلاة، عليه، فقد كانت آلية الصلاة وشكلها حالة دعائية من حيث الشكل والمضمون، وإن أضاف المصلون بعضًا من الشعائريات حين تأدية الصلاة، من مثل البخور أو الانتقال من وضع إلى وضع وحركة إثر حركة.
فما يفيدنا، أن الدعاء صلاة، على الداعي أن يؤديه بما هو صلة علاقة وود وتقرب من الله سبحانه.
لذا، ورد في الذكر الحكيم قوله سبحانه: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾[1][1]. فالدعاء حسب الآية عبادة لله لا يستنكف عنها إلا متكبر، إذ لا يمكن احتمال الجهل في حق الداعين؛ لأن الدعاء حاجة إنسانية تعبر عن الفقر التكويني لدى الإنسان إلى الغني المطلق، كما الحاجة الدائمة التي تحف الإنسان في دروب الحياة والعيش. لذا، فترك الدعاء إنما ينمُّ عن تحجّر في القلب أو كبر عن الإقرار والاعتراف بالفقر والحاجة. أما إذا ما صدر الدعاء عن معرفة مواكبة للحاجة فإنه يتحول إلى لب العبادة كما ورد في الحديث عن النبي (ص) “الدعاء مخّ العبادة”[2][2].
خصائص الدعاء في الإسلام
اهتم الاسلام وعلماء المسلمين أيما اهتمام بموضوع الدعاء حتى إنك لترى أدعية جاءت بالنص القرآني أو الروائي، كما إنك قد تجد أدعية اختلف الناس في مصدر ورودها هل هي من المعصوم نفسه أم أنها من المتداول بين العلماء والعبّاد والناس، وأنها لشهرتها وعلو البيان فيها نسبها البعض إلى الأئمة ثم اشتهرت بذلك؟
وبكل حال فنحن لسنا بوارد مثل هذا النقاش في المصدر بمقدار ما أود القول: إن هناك منحًى ثقافيًّا وتربويًّا وإيمانيًّا احتضنته الأدعية وهو يشكّل في سياقه العام ركنًا من نهج الأئمة المحمدي والقرآني.
وقد امتاز بجملة خصائص منها:
وهنا ولمثل هذا النحو من الدعاء تأثير استثنائي كبير في تأكيد العلاقة الحميمة والخاصة والمباشرة بين الإنسان والله دون وسيط أو حاجة إلى وسيط.
بعد هذا وحين نربط القداسة والأسوة في الشفيع، والدعاء الذي نتلوه كأنما نقرؤه خلفه كما هو وفي ومحضره تصبح ساحة الذات الداعية قابلة لتمثّل الوجدان الروحي والسلوك الأخلاقي والاقتدار الاجتماعي والسياسي الذي كان للمعصوم. فنرى فيه وجه الرحمة ونبض قلبها، ويد القدرة على التغيير…
[1][3] سورة غافر، الآية 60.
[2][4] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، الجزء 90، الصفحة 300.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/14647/duaa1/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.