مصطلحات عرفانية | الجزء 16

by الشيخ حسن بدران | أبريل 11, 2022 9:59 ص

تام

– هو سبحانه لما كان مجرد الوجود القائم بذاته من غير شائبة كثرة أصلًا، فلا يسلب عنه شيء من الأشياء، فهو تمام كل شيء وكماله. والمسلوب عنه ليس إلا قصورات الأشياء، فما من ذرة من ذرّات العالم إلا وهو محيط بها، قاهر عليها، أقرب من وجودها إليها؛ لأنه تمامها، وتمام الشيء أحق به وأوكد له من نفسه. (عين اليقين، الفيض، 1: 341).

– تمامية صفاته وأفعاله: إلهيته تعالى ثابتة له في الأزل، وهو تام الفاعلية فيه، لا يجوز أن يسنح له فيها سانح، أو يغيره منها مغير، أو يعوقه عنها عائق، ولا يتعلق فاعليته بداع خارج من ذاته سواء كان إرادة حادثة أو وقتًا أو حالة عارضة؛ لأن ذلك كله يوجب الاستحالة والحركة والافتقار إلى الغير، وأن لا يكون أولًا من كل وجه، وأن يتركب من قوة وفعل، ويؤدي إلى انفعاله تعالى عن قاهر يقهره، وسلطان يعجزه، وشريك يشركه تعالى عن ذلك كله علوًّا كبيرًا. وكيف يتعلق فاعليته بتجدّد حال، وحال ما يتجدد كحال ما يمهد له التجدد ليتجدد، فذاته بذاته فياض، لم يزل ولا يزال بلا منع وتقتير وبخل وتقصير على جريٍ مستمر وسنة واحدة: ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنةِ اللهِ تَبْدِيلا﴾. (عين اليقين، الفيض، 1: 349).

– وإذ ثبت أن كمالاته سبحانه ليست بأمر زائد على ذاته، وأنها ثابتة له في الأزل، ظهر أن مجده وعلوه تعالى في الفاعلية والعالمية والقادرية ونحوها من صفات الكمال ليس بالمعنى الإضافي الذي هو متأخر عن ذاته وعن وجود ما أضيفت هي إليه، على أن وجود الفعل عنه موقوف على كونه فاعلًا، فلو كانت فاعليته موقوفة على وجود الفعل لزم الدور، بل علوه ومجده في هذه الصفات إنما هو بمبادئ تلك الإضافات المتقدمة على وجود ما تعلقت هي به، وهي كونه في ذاته بحيث ينشأ منه هذه الصفات، وهو سبحانه إنما هو كذلك بنفس ذاته. فإذن، علوه ومجده في صفاته العليا ليس إلا بذاته لا غير. (عين اليقين، الفيض، 1: 351).

– تمامية كل شيء بحسبه، فتمامية العلم بأن يكون كشفه للحقائق تامًّا لا يخلطه الجهل والستر والحجاب، وتمامية النور بأن لا يخلطه الظلمة والكدورة. وبعبارة أخرى، خلوصه عما يقابله ومحوضته في حيثيات نفسه وكمالاته. وتمامية الكلام والكلمة باعتبار وضوح الدلالة وعدم الإجمال والتشابه وبالآخرة خلوصهما عما عدا جنس الكلام والكلمة. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 54).

تجلي

– يمكن أن يكون المراد من المجلى والصورة الاسم، إلا أن المجلى يلاحظ في نظر التكثير فيقع التفاضل والصورة بنظر التوحيد فيستهلك في أحدية الجمع فلا يقع التفاضل كما ورد في الدعاء: اللهم إني أسألك من أسمائك بأكبرها وكل أسمائك كبيرة. فأوقع التفاضل فيها أولًا ونفى ثانيًا عنه استهلاك الكل في أحدية الجمع بنظر الداعي السالك. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 107).

التجلي الذاتي

– إن ثبوت الأعيان الثابتة في العلم الإلهي بوجه كثبوت الأنوار الناقصة في النور التام والعقل التفصيلي في العقل البسيط الإجمالي، وحيث لا حجاب في الأعيان والأسماء، كل ما نسب إلى العين الثابتة نسب إلى الذات المقدسة والأسماء والصفات الإلهية. فالتجليات مع كونها في لباس الأسماء والصفات وكسوة الأعيان، ذاتية. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 100).

– إن الذات في كسوة التعينات الأسمائية تتجلى على الأعيان الثابتة وفي كسوتها تتجلى على الأعيان الخارجبة. ولكن لعدم الحجاب وصفاء المرآة كان التجلي ذاتيًّا، لا شريك له تعالى في إلهيته. وهذا أحد معاني الحديث – منقول بمعناه واللفظ ليس كذلك – الوارد عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم: أن التوحيد الحقيقي بإيقاع الاسم على المسمى؛ وإلا فعبادة الاسم كفر، وعبادة الاسم والمسمى شرك. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 100).

– لما تعلق الحب الذاتي بشهود الذات في مرآة الصفات، أظهر عالم الصفات؛ وتجلى بالتجلي الذاتي في الحضرة الواحدية؛ في مرآة جامعة أولًا؛ وفي مرائي أخرى بعدها على ترتيب استحقاقاتها وسعة المرآة وضيقها. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 74).

– تجلى بذاته لذاته: ذاته سبحانه مع وحدته وبساطته كل الأشياء، فعلمه بذاته إذن عين علمه بكل شيء. (عين اليقين، الفيض، 1: 355).

التجلي الأسمائي

– الاسم عبارة عن الذات مع صفة معينة من صفاته وتجل من تجلياته، فإن الرحمن ذات متجلية بالرحمة المنبسطة، والرحيم ذات متجلية بالتجلي الرحمة التي هي بسط الكمال والمنتقم ذات متعينة بالانتقام. وهذا أول تكثر وقع في دار الوجود، وهذا التكثر في الحقيقة تكثر علمي وشهود ذاته في مرآة الصفات والأسماء والكشف التفصيلي في عين العلم الإجمالي، وبهذا التجلي الأسمائي والصفاتي انفتح باب الوجود وارتبط الغيب بالشهود وانبسطت الرحمة على العباد والنعمة في البلاد. ولولا التجلي الأسمائي كان العالم في ظلمة العدم وكدورة الخفاء ووحشة الاختفاء لعدم إمكان التجلي الذاتي لأحد من العالمين، بل لقلب سالك من السالكين إلا في حجاب اسم من الأسماء وصفة من الصفات. وبهذا التجلي شهد الكمل الأسماء والصفات ولوازمها ولوازم لوازمها إلى أخيرة مراتب الوجود ورأوا العين الثابت من كل حقيقة وهوية. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 73).

– وبعد ذلك [بعد التجلي الذاتي] تعلق الحب برؤيتها في العين؛ فتجلى في المرائي الخلقية من وراء الحجب الأسمائية، فأظهر العوالم على الترتيب المنظم؛ وظهر في المرائي على التنسيق المنسق؛ في المرآة الأتم الأعظم بالاسم الأعظم أولًا؛ وفي المرائي الأخرى بعدها على ترتيبها الوجودي من الملائكة المقربين والبُهم الصافين إلى أخيرة عوالم الملك والشهود، نازلًا من الصعود. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 74).

– غاية الخلقة والتجلي لا تكون غير الذات والأسماء، والأعيان هي المرآة للتجليات لا عينها، وهذا موافق للحديث القدسي: كنتُ كنزًا مخفيًّا فأحببت أن أعرف؛ أي أحببت أن أعرف ذاتي بمقام الكنزية التي هي مقام الواحدية التي فيها الكثرة الأسمائية المختفية، فخلقت الخلق لكي أتجلى من الحضرة الأسمائية إلى الأعيان الخلقية وأعرف نفسي في المرائي التفصيلية. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 56).

التجلي الشهودي

– هو ظهور الوجود المسمى باسم النور. وهو ظهور الحق بصور أسمائه في الأكوان التي هي مظاهرها. وذلك الظهور هو نفس الرحمان الذي يوجد به الكل. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 109).

أنحاء التجليات

– كما أن تنوع التجليات قد يكون بحسب اختلاف الاستعدادات، كذلك قد يكون اختلاف الاستعدادات حسب تنوع التجليات، ويمكن أن يكون الأول بحسب الفيض المقدس، والثاني بحسب الفيض الأقدس كما قال الشيخ: والقابل من فيضه الأقدس. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 200).

– الظهور بالاسم الله الأعظم في الحضرة الواحدية هو التجلي الأول بالفيض الأقدس قبل أن يكون للأعيان عين وأثر. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 52).

– التجلي بالألوهية في الحضرة العلمية هو التجلي الثاني للفيض الأقدس وبه تحصل الأعيان الثابتة. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 52).

– الفيض الأقدس لا يتجلى بلا توسط في حضرة الأعيان؛ بل بتوسط الاسم الله؛ وإن كان متحدًا معه، إلا أن الجهات لا بد وأن تنظر. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 52).

– التجلي على الإنسان الكامل باسم الله بلا واسطة من الصفات أو اسم من الأسماء. وعلى سائر الموجودات بتوسط الأسماء. وهذا من أسرار أمر الله بسجود الملائكة على آدم عليه السلام، وإن جهل بحقيقة هذا الشيطان اللعين لقصوره، ولولا تجلي الله باسمه المحيط على آدم عليه السلام لا يتمكن من تعلم الأسماء كلها ولو كان الشيطان مربوب اسم الله لما وقع الخطاب على سجدته، ولما قصر عن روحانية آدم عليه السلام وكون آدم مظهر اسم الله الأعظم اقتضى خلافته عن الله في العالمين. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 74).

– التجلي ببعض الأسماء مقدم على بعض، فكل اسم محيط وقع التجلي ابتداء له وفي حجابه للاسم المحاط. فاسم – الله والرحمن – لإحاطتهما يكون التجلي لسائر الأسماء بتوسطها وهذا من أسرار سبق الرحمة على الغضب. وليكون التجلي باسم الله على الأسماء الأخر أولًا، وبتوسطها على الأعيان الثابتة من كل حقيقة ثانيًا إلا العين الثابت للإنسان الكامل، فإن التجلي وقع له ابتداء بلا توسط شيء، وعلى الأعيان الخارجية ثالثًا. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 73).

– كل أنس وخلوة وصحبة من الجمال، وكل دهش وهيبة ووحشة من الجلال. فإذا تجلى على قلب السالك باللطف والمؤانسة تذكر الجمال ويقول: “اللهم إني أسألك من جمالك بأجمله” إلى آخره. وإذا تجلى عليه بالقهر والعظمة والكبرياء والسلطنة تذكر الجلال بقوله: “اللهم إني أسألك من جلالك بأجله” إلى آخره. فللأولياء والسالكين إلى الله والمهاجرين إليه والمطيفين حول حريم كبريائه أحوال وأوقات وواردات ومشاهدات وخطورات واتصالات، ومن محبوبهم ومعشوقهم تجليات وظهورات وألطاف وكرامات وإشارات وجذبات وجذوات، وفي كل وقت وحال تجلى لهم محبوبهم بمناسبة حالهم. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 27).

– إن قلوب الأولياء والسالكين مرآة تجليات الحق ومحل ظهوره، كما قال تعالى: “يا موسى لا يسعني أرضي ولا سمائي، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن”. إلا أن القلوب مختلفة في بروز التجليات فيها، فرب قلب عشقي ذوقي تجلى عليه ربه بالجمال والحسن والبهاء، وقلب خوفي تجلى عليه بالجلال والعظمة والكبرياء والهيبة، وقلب ذو وجهتين تجلى عليه بالجلال والجمال والصفات المتقابلة أو تجلى عليه بالاسم الأعظم الجامع. وهذا المقام مختص بخاتم الأنبياء وأوصيائه عليهم السلام. ولهذا خص الشيخ الأعرابي حكمته بالفردية لانفراده بمقام الجمعية الإلهية دون سائر الأولياء. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 28).

– إن كل واحد منهم [الأنبياء] تجلى عليه ربه باسم مناسب بحاله: إما بصفة الجلال كشيخ الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، فإنه عليه السلام لاستغراقه في بحر عشقه تعالى وهيمانه في نور جماله تجلى عليه ربه بالجمال من وراء الجلال، ولهذا اختص بالخلة وأصبحت حكمته مهيمنية، وكيحيى عليه السلام؛ فإن قلبه كان خاضعًا خاشعًا منقبضًا، فتجلى عليه ربه بصفة الجلال من العظمة والكبرياء والقهر والسلطنة، ولهذا خصت حكمته بالجلالية. وإما تجلى عليه ربه بالجمال كعيسى عليه السلام، ولهذا قال في جواب يحيى عليه السلام حين اعترض عليه معاتبًا حين رآه يضحك فقال: “كأنك قد أمنت مكر الله وعذابه؟” بقوله عليه السلام: “كأنك قد آيست من فضل الله ورحمته”، فأوحي إليهما: “أحبكما إلي أحسنكما ظنًا بي”، فيحيى عليه السلام بمناسبة قلبه ونشئاته تجلى عليه ربه بالقهر والسلطنة، فاعترض بما اعترض، وعيسى عليه السلام بمقتضى نشئاته ومقامه تجلى عليه باللطف والرحمة، فأجاب بما أجاب، ووحيه تعالى بأن أحبكما إلي أحسنكما ظنًا بي؛ بمناسبة سبق الرحمة على الغضب وظهور المحبة الإلهية في مظاهر الجمال أولًا كما ورد: يا من رحمته سبقت غضبه. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 29).

– إن حالات السالك ومقاماته في سيره وسلوكه مختلفة، فإن الإنسان مظهر اسم كل يوم هو في شأن، ففي كل حال وشأن يظهر له محبوبه باسم ويتجلى عليه معشوقه ومطلوبه بتجل من اللطف والقهر والجلال والجمال. وقد يتجلى باسم واحد بنحوين من التجلي وطورين من الظهور جلوة بنحو الكثرة في الوحدة، ويجري على لسانه كلام يناسب حاله. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 123).

– إن تغيير الحالات آني، فيمكن أن يتجلى الحق على عبده باسم في آن فيتجلى عليه باسم آخر في آن آخر أو يتجلى عليه باسم بنحوين في آنين. وسألت شيخي العارف الكامل أدام الله ظله عن وجه ذلك، فأجاب بما حاصله: إن حالات السالك مختلفة فقد يتجلى عليه باسم بحسب حال من حالاته ثم يتجلى عليه باسم آخر بحسب حال آخر، ثم يتجلى عليه بالاسم الأول بعود الحال الأول، فيصير السؤال في الحال الأول والثالث متحدًا. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 124).

– إن لله تعالى بمقتضى اسم “كل يوم هو في شأن” في كل آن شأنًا، ولا يمكن التجلي بجميع شؤوناته إلا للإنسان الكامل، فإن كل موجود من الموجودات من عوالم العقول المجردة والملائكة المهيمنة والصافات صفًّا إلى النفوس الكلية الإلهية والملائكة المدبرة والمدبرات أمرًا وسلطان الملكوت العليا وسائر مراتبها من الملائكة الأرضية مظهر اسم خاص يتجلى له ربه بذلك الاسم، ولكل منها مقام معلوم منهم ركع لا يسجدون ومنهم سجد لا يركعون لا يمكن لهم التجاوز عن مقامه والتخطي عن محله. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 149).

– وأما أهل يثرب الإنسانية ومدينة النبوة فلا مقام لهم، فلهذا صار حامل الولاية المطلقة العلوية التي هي كل الشؤون الإلهية وصار مستحقة للخلافة التامة الكبرى وصار صاحب مقام الظلومية التي كما قيل هي التجاوز عن جميع المقامات وكسر أصنام الأنانيات والإنيات والجهولية التي هي الفناء من الفناء ومرتبة الجهل المطلق والعدم المحض. (شرح دعاء السحر، خميني، الصفحة 149).

 

 


اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Source URL: https://maarefhekmiya.org/14649/irfan17/