by الشيخ حسن بدران | أبريل 15, 2022 8:00 ص
تشبيه – تنزيه
– التمثيل والتشبيه: وذلك أن من شاهد الوجود كله وجودًا واحدًا، وما عرف كيفية كليته وكيفية معيته في كل واحد من المظاهر، فشبهه بشيء ونزهه عن شيء، ومثله بموجود ونزهه عن معدوم، صار بذلك “مشبهيًّا” نجسًا. تعالى الله عما يقول المشبهون علوًّا كبيرًا. (الأسرار، آملي، الصفحة 219).
– قال شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي مد ظله العالي: فلو أن نوحًا جمع بين الدعوتين لما أجابوه أصلًا فإن قومه كانوا واقعين في الكثرة والتشبيه بطريق التقييد لا التشبيه الأطلاقي الذي هو حق التشبيه، فإنهم كانوا يعبدون الأصنام وهو تقييد في التشبيه، فلو أن نوحًا تفوّه بالتشبيه أو إطلاقه بأن يقول إن التقييد باطل والإطلاق حق لما توجهوا إلى التنزيه والوحدة أصلًا فكان عليه أن يدعو إلى التنزيه فيعالج قومه معالجة الضد كما فعل، فهو عليه السلام وإن كان صاحب التشبيه والتنزيه جمعًا لا تفرقه إلا أنه ما دعا إلا إلى التنزيه لمناسبة حال المدعوين. نعم كان نبينا (ص) صاحب مقام التشبيه والتنزيه وكان جمعهما مقامًا له بخلاف سائر الأنبياء عليهم السلام فإنهم لم يكونوا صاحب المقام بل كانا فيهم بطريق الحال. أقول: الدعوة إلى التنزيه هي الدعوة إلى التشبيه وبالعكس فإن التنزيه محجوب في التشبيه، والتشبيه مستور في التنزيه، نعم كان من دأب الأنبياء عليهم السلام التصريح بالتنزيه وجعل التشبيه في الحجاب لأصحاب السر وأرباب القلوب وبحسب حالات قومهم وغلبة جهات الكثرة والوحدة عليهم كان الدعوة مختلفة في التصريح والرمز، ولهذا من أخذ موسى عليه السلام بلحية أخيه ما فهم القوم إلا التنزيه مع أن أرباب المعرفة فهموا منه التشبيه وعلى هذا يمكن أن يكون قوله: ﴿ثم إني دعوتهم جهارًا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا﴾ إشارة إلى أن الجهر والأسرار من كيفية الدعوة فيكون دعوته جهرًا وصراحة إلى التنزيه المطلق وسرًّا وفي الحجاب إلى التشبيه المطلق. والعطف بثم لدلالة أن الدعوة الأسرارية إلى التشبيه منضمة في الدعوة الجهرية إلى التنزيه. ولعل قوله: ﴿دعوت قومي ليلًا ونهارًا﴾ حكاية عن الدعوة الجهرية والأسرارية. وتقديم الليل على النهار لعله للإشارة إلى عدم احتجاب نفسه عليه السلام عن الكثرة في عين الوحدة وعن الوحدة في عين الكثرة. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 91).
– تقبل أرباب العقول الحق إذا تجلّى بالتنزيه في المجلى العقلي، وأرباب الخيال والحس إذا تجلّى بالتشبيه في المجلى الخيالي، وأرباب القلوب الذين هم الصحيح النواظر كلا التجليين أي التنزيه والتشبيه. فالمنزّه مقيّد محدّد، والمشبّه مقيّد محدّد وكلاهما خلاف التوحيد الحقيقي وأحدية جمع التشبيه والتنزيه إخراج عن حدين، وقد ورد من طريق أهل البيت وأصحاب الوحي الأمر بإخراجه تعالى عن الحدين حد التشبيه وحد التعطيل. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 131).
– الموجودات على تفاوتها وترتبها في الشرف الوجودي، وتخالفها في الذوات والأفعال، وتباينها في الصفات، تجمعها حقيقة واحدة إلهية جامعة لجميع حقائقها ودرجاتها وطبقاتها. مع أن تلك الحقيقة في غاية البساطة والأحدية ينفذ نوره في أقطار الجميع، فكما أنه ليس شأن إلّا وهو شأنه، فكذلك ليس فعل إلّا وهو فعله، ولا حكم إلا له، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يعني كل حول حوله، وكل قوة قوته، مع علوه وعظمته. فهو مع علوه وعظمته ينزل منازل الأشياء ويفعل فعلها، كما أنه مع تجرده وتقدسه عن جميع الأكوان لا يخلو منه أرض ولا سماء، كما قال إمام الموحدين – عليه السلام -: “مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة”، فنسبة الفعل والإيجاد إلى العبد صحيح كنسبة الوجود والتشخص إليه من الوجه الذي ينسب إليه – تعالى -، فكما أن وجود زيد بعينه أمر متحقق في الواقع، وهو شأن من شؤون الحق الأول، ولمعة من لمعات وجهه، فكذلك هو فاعل لما يصدر عنه بالحقيقة لا بالمجاز، ومع ذلك ففعله أحد أفاعيل الحق الأول بلا شوب قصور وتشبيه – تعالى – الواحد القيوم عن نسبة النقص والشين إليه، فالتنزيه والتقديس لله – سبحانه – بحاله؛ لأنه راجع إلى مقام الأحدية التي يستهلك فيه كل شيء، وهو الواحد القهار الذي ليس أحد غيره في الدار، والتشبيه راجع إلى مقامات الكثرة والمعلولية، والمحامد كلها راجعة إلى وجهه الأحدي، وله عواقب الثناء والتقاديس” كذا أفاد أستاذنا – سلمه الله -. وقال: “فاخمد ضرام أوهامك أيها الجبري، فالفعل ثابت لك بمباشرتك إياه وقيامه بك. وسكن جأشك أيها القدري، فإن الفعل مسلوب منك من حيث أنت أنت؛ لأن وجودك إذا قطع النظر عن ارتباطه بوجود الحق فهو باطل، فكذا فعلك؛ إذ كل فعل متقوم بوجود فاعله. وانظرا جميعًا بعين الاعتبار في فعل الحواس كيف انمحى وانطوى في فعل النفس، وتصورها في تصور النفس، واتلوا جميعًا قوله – تعالى -: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ﴾، وتصالحا بقول الإمام بالحق: “لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين”. (عين اليقين، الفيض، 1: 416).
– التنزيه والتعطيل: وذلك أن من شاهد الوجود كله واحدًا، وما عرف وحدته ولا كثرته، أضاف الأفعال إلى الأسباب الظاهرة، وغفل عن الفاعل المطلق وعطله عن فعله، وصار بذلك محجوبًا بأسبابه ومظاهره، وبقي نجسًا مشركًا ملعونًا. نعوذ بالله منه. (الأسرار، آملي، الصفحة 220).
– كما أنّ الأغيار كلّها باطلات الذوات هالكات الحقائق دون وجهه الكريم، فكذلك صفاتها كلّها مستهلكة في صفاته تعالى مستغرقة فيها. وكما أنّ وجوده – سبحانه – كلّ الوجود وكلّه الوجود، فكذلك صفاته – تعالى – كلّ الصفات: ﴿لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا﴾؛ لأنّه – سبحانه – بسيط الحقيقة ليس فيه نقصان، وما هذا شأنه يكون كلّ الشيء. فعلمه – سبحانه – واحد، ومع وحدته يكون علمًا بكلّ شيء وكلّ علم بشيء؛ إذ لو بقي شيء ما لا يكون ذلك العلم علمًا به لم يكن علمًا حقيقيًّا بل علمًا بوجه وجهلًا بوجه آخر، وحقيقة الشيء لا تكون ممتزجة بغيره فلم يخرج جميعه من القوّة إلى الفعل. وهو – سبحانه – ليس فيه جهة فقر وقوّة أصلًا، ومن استصعب عليه أن يكون علمه – تعالى – مع وحدته علمًا بكلّ شيء، فذلك لظنّه أنّه واحد وحدة عدديّة، وقد سبق أنّ وحدته – تعالى – ليست كالآحاد، فكذلك وحدة صفاته الكماليّة. بل كلّ ما يطلق عليه – سبحانه – وعلى غيره فإنّما يطلق عليهما بمعنيين مختلفين ليسا في درجة واحدة، حتّى أنّ الموجود الذي هو أعمّ الأشياء اشتراكًا لا يشمله وغيره على نهج واحد، بل كلّ ما سواه وجوداتها ظلال وأشباح محاكية لوجوده – سبحانه -. وهكذا في سائر صفاته كالعلم، والقدرة، والإرادة، والمحبّة، والرحمة، والغضب، والحياء، وغيرها. فكلّ ذلك لا يشبه فيه الخالق الخلق، بل هو في حقّ الخلق يصحبه نقص وشين، بخلافه في حقّ الخالق؛ فإنّه مقدّس عن القصورات والنقائص. وإنّما يطلق في حقّه – تعالى – باعتبار غاياتها التي هي الكمالات دون مبادئها التي هي النقائص، وواضع اللغات إنّما وضع هذه الأسامي أوّلًا للخلق؛ لأنّها أسبق إلى العقول والإفهام، وفهمُ معانيها في حقّه – تعالى – عسر جدًّا، وبيانها أعسر منه، بل كلّ ما قيل في تقريبها إلى الإفهام فهو تبعيد له من وجه. ولعلّ إلى هذا المعنى أشار من قال: “من عرف اللهَ كَلَّ لسانه”. بل الحقّ أنّه كما لا يجوز لغيره – سبحانه – الإحاطة بمعرفة كنه ذاته – تعالى -، فكذلك لا يجوز له الإحاطة بمعرفة كنه صفاته – تعالى -. وكلّ ما وصفه به العقلاء فإنّما هو على قدر أفهامهم وبحسب وسعهم. فتوصيفهم إيّاه – سبحانه – إنّما هو على قدرهم لا على قدره وبحسبهم ليس بحسبه، – جلّ جلاله عمّا يصفون وتعالى شأنه عمّا يقولون -،: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾. كيف وقد قال سيّدنا ونبيّنا سيّد الخلائق والنبيّين والمرسلين – صلوات الله عليه وعليهم -: “لا أُحْصِي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك”. وما أحسن ما قال الإمام الباقر – عليه السلام -: “هل سمّي عالمًا وقادرًا إلاّ لأنّه وهب العلم للعلماء والقدرة للقادرين، وكلّ ما ميّزتموه بأوهامكم في أدقّ معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم، والباري – تعالى – واهب الحياة ومقدّر الموت، ولعلّ النمل الصغار تتوهّم أنّ لله زبانيين فإنّهما كمالها، وتتصوّر أنّ عدمهما نقصان لمن لا تكونان له، هكذا حال العقلاء فيما يصفون الله – تعالى – به فيما أحسب وإلى الله المفزع”. وأمّا ما يوهم التشبيه ممّا ورد في الكتاب والسنّة فإنّما ذلك من حيث أسمائه وصفاته ومعيّته للأشياء، لا من حيث ذاته بما هي هي، بل الحقّ أنّه – جلّ جلاله – من حيث ذاته منزّه عن التنزيه كما أنّه منزّه عن التشبيه. وأمّا من حيث مراتب أسمائه وصفاته ومعيّته للأشياء وقربه منها وإحاطته بها، فيتّصف بالأمرين من غير فرق؛ لأنّ له في كلّ عالم من العوالم مظاهر ومرائي ومنازل ومعالم يعرف بها، كما قال – جلّ اسمه – في الحديث القدسي: “لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها”. (عين اليقين، الفيض، 1: 361).
– لا شبيه له ولا نظير: قد تقرر في العلوم الحقيقية أن الاتحاد في الجنس مجانسة، وفي النوع مماثلة، وفي الكيف مشابهة، وفي الكم مساواة، وفي الوضع مطابقة، وفي الإضافة مناسبة، والحق المتعال ليس أنه لا شريك له في الوجوب فقط بل لا شريك له في حقيقة الوجود؛ إذ لا موجود في نفسه لنفسه بنفسه إلا هو، ولا مجانس له؛ إذ لا جنس له، ولا مماثل ونظير له؛ إذ لا نوع له، ولا شبيه له؛ إذ لا كيف له، ولا مساوي له؛ إذ لا كم له، ولا مطابق له؛ إذ لا وضع له، ولا مناسب له؛ إذ لا إضافة مقولية له. فنفي الشريك ينطوي فيه جميع ذلك؛ لأن المشابه أو المساوي أو غيرهما شريك في الكيف أو الكم أو نحوهما. ثم بعد ذكر العام ذكر بعض الخواص الذي الاعتناء بشأنه أكثر مما لم يذكر وهو نفي المثل المعبر عنه بنفي النظير، ونفي الشريك في الكيف المعبر عنه بنفي الشبيه، ونفي المناسب المعبر عنه بنفي الوزير؛ فإن الوزير يناسب الملك في نسبة تدبير المملكة، وإنما الوزير المنفي بالنظر الإجمالي وأخذ الكل من الأفعال المفاضة عنه أمرًا واحدًا كما قال تعالى: ﴿وما أمرنا إلا واحدة﴾؛ وهذا الأمر كلمة كن، وهي الوجود المنبسط عنه على كل الماهيات دفعة واحدة، والظل الممدود على الأعيان الثابتة مرة واحدة سرمدية لا زمانية، فبهذا النظر يسقط الوسائط والإيجاد والصدور عنه بنفسه واحد، وأما بالنظر التفصيلي ولحاظ المراتب من الأشرف فالأشرف وصدور كل سافل عن الرب الأعلى بواسطة عال فالعقول الكلية في السلسلة النزولية وزرائه ووسائط جوده، وخلفائه في الأرض نوابه لكن لا كالملك والوزير المجازيين حيث إن لكل منهما وجودًا في نفسه وصفة وفعلًا على حدة، وهنا شيء وربط الشيء، ووجود وظل الوجود، لا ذات ولا صفة ولا فعل لهذه الوسائط إلا منه ﴿ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾، فكما أن الغلاة غالطون كذلك المفوّضة قدريون مشركون، ففي هذا النظر التفصيلي أيضًا لا وزير له بهذا النحو. وإنما لم يكن كثير اهتمام بالباقي كنفي المساوي المطابق والمجانس؛ لاندراجها في نفي النظير؛ لإرجاع أقسام الاتحاد إلى التماثل. وإنما ذكر نفي الشبيه على حدة مع اندراجه فيه؛ لكون الكيف أصح وجودًا من باقي الأعراض حتى من الكم؛ لكونه غير مقتض للقسمة. وإنما لم يذكر الكم مع أشملية وجوده واكتفى بالعام؛ لوضوح بطلان التجسم المتلازم مع التقدر، كالوضع. وأما نفي الوزير فليهتم بشأنه؛ لأن ثبوت الوزير لا ينافي في ظاهر الأمر التنزيه بل أوفق بالملك؛ إذ لا يباشر الأمور الخسيسة بنفسه النفيسة، فلهذا ذكر على حدة بعد ما كان مندرجًا تحت العام (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 675).
– نورًا ليس كمثله نور: فيه أربعة أوجه: الأول: أن يكون الكاف زائدة كما هو المشهور في قوله تعالى: ﴿ليس كمثله شيء﴾. والثاني: ما ذكره العلّامة التفتازانى في شرح التلخيص في الآية: أن الأحسن أن لا يجعل الكاف زائدة ويكون من باب الكناية، فإنه نفي للشيء بنفي لازمه؛ لأن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم كما يقال: ليس لأخ زيد أخ، فأخو زيد ملزوم والأخ لازمه؛ لأنه لا بدّ لأخ زيد من أخ هو زيد، فنفي هذا اللازم والمراد نفي الملزوم، أي ليس لزيد أخ إذ لو كان له أخ لكان لذلك الأخ أخ هو زيد، فكذا نفى أن يكون لمثل الله تعالى مثل، والمراد نفي مثله تعالى؛ إذ لو كان له مثل لكان هو مثل مثله إذ التقدير أنه موجود انتهى. والصواب كما قال المحقق الشريف أنه ليس من باب الكناية، بل من باب المذهب الكلامي المعدود من المحسنات المعنوية كقوله تعالى: ﴿فلما أفل قال لا أحب الآفلين﴾؛ أي الكوكب أفل وربى ليس بآفل فالكوكب ليس بربي، والفرق ظاهر لأن العبارة في الكناية مستعملة في المعنى المقصود أعني نفي المثل عنه تعالى بلا قرينة مانعة عن إرادة المعنى الأصلي، وفي المذهب الكلامي مستعملة في معناها الأصلي، وجعل ذلك حجة على المعنى المقصود من غير أن يقصد استعماله فيه أصلًا. الثالث: ما ذكره صاحب الكشاف في الآية وهو جعل الكاف غير زائدة بأن يكون من باب الكناية على طريقة قولهم: مثلك لا يبخل، فنفوا البخل عن مثله والغرض نفيه عن ذاته، فسلكوا طريق الكناية قصدًا إلى المبالغة؛ لأنهم إذا نفوه عما يماثله وعمن يكون على أخص أوصافه فقد نفوه عنه، كما يقولون قد أيفعت لذاته وبلغت أترابه يريدون إيفاعه وبلوغه فحينئذ لا فرق بين قوله “ليس كالله شيء”، وبين قوله ﴿ليس كمثله شيء﴾ إلا ما يعطيه الكناية من فائدتها انتهى. وعندي أن هذا الوجه أولى مما ذكره التفتازاني وإن جعلناه من باب المذهب الكلامي لأن ذلك من قبيل التعمية وهي لا تناسب بفصل الخطاب. الرابع: أن يكون الكاف غير زائدة أيضًا ويكون المثل بمعنى المثل محركة، والمعنى: ليس مثل مثله الأعلى شيء أو نور ومثله الأعلى هو الرحمة الواسعة والظل الممدود. وإذ لم يبق شيء إلا شملته هذه الرحمة وأظل عليه هذا الظل فلا مثل له. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 484).
– ليس أحد مثله: المثلان الاثنان المشتركان في الماهية ولازمها، وصرف الوجود لسعة إشراقه لا يبقى شيئًا آخر لا يكون من صقعه حتى يكون مثلًا له، والشيء بنفسه لا يتشي، نعم لو كان العدم الذي هو سنخ آخر شيئًا لكان ثانيًا للوجود وضدًّا له ومثلًا له في الضدية وليس فليس، مع أنه بما هو ملتفت إليه ومن حيث كان منه أثر في أي مشعر ليس ثانيًا ولا ضدًّا ولا ندًّا، وكذا لا ماهية للوجود حتى يكون الوجود مع غيره مندرجًا تحتها كما هو شأن المتماثلين (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 271).
– أصحاب التكلم وأرباب الفلسفة قد ينفون الارتباط ويحكمون بالاختلاف بين الحقائق الوجودية ويعزلون الحق عن الخلق، وما عرفوا أن ذلك يؤدي إلى التعطيل. وقد يذهبون إلى الاختلاط المؤدي إلى التشبيه غافلين عن حقيقة التنزيه. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 12).
– العارف المكاشف والمتألة السالك سبيل المعارف يكون ذا العينين: بيمنتهما ينظر إلى الارتباط والاستهلاك، بل نفي الغيرية والكثرة؛ وبالأخرى إلى نفيه وحصول أحكام الكثرة وإعطاء كل ذي حق حقه. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 12).
– حفظ مقام العبودية والأدب لدى الحضرة الربوبية يقتضي أن يكون النظر إلى جهة التقديس والتنزية أكثر، بل هي أنسب لحال السالك وعن الخطرات أبعد. فلا بدّ لكل من سلك طريق المعرفة، أو دخل مدينة الحقيقة بالقدم الراسخ العلمي أن يكون في جميع الأحوال منزهًا، وفي كل المقامات مقدّسًا ومسبحًا. ولهذا يكون التقديس والتنزيه في لسان الأولياء أكثر تداولًا. وكانوا عليهم السلام إذا وصلوا إلى ذلك المقام صرحوا بالقول تصريحًا، لا إشارة أو تلويحًا. بخلاف مقام التشبية والتكثير؛ فإنه قل في كلمات الكمّل من أصحاب الوحي والتنزيل التصريح به؛ بل كلما وصلوا إليه رمزوا بالقول رمزًا ورفضوا التصريح به رفضًا. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 90).
– قال شيخنا العارف أدام الله ظله: الإنصاف أن التنزيه عن النقائص الإمكانية ليس تحديدًا فإنها إعدام، والتنزيه عنها يرجع إلى كمال الوجود ومرجعه الإطلاق لا التحديد. قلت: ما ذكره دام ظله حق لو كان النقائص الإمكانية عدمًا مطلقًا غير موجود ولو بالعرض ولكن الأمر ليس كذلك فإن المنزّه يرى النقائص التي هي حدود الوجود وهي موجودة ولو بالعرض، والتنزيه عنها يرجع إلى التحديد. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 86).
– في التوحيد الفعلي يرى السالك كل فعل ظهور فعله، وتنزيهه بأن لا يرى فعل الغير أبدًا. والتوحيد الصفتي استهلاك الصفات والأسماء في أسمائه وصفاته، والتنزيه في ذلك المقام عدم رؤية صفة واسم في دار التحقق إلا أسمائه وصفاته. والتوحيد الذاتي اضمحلال الذوات لدى ذاته، والتنزيه في ذلك المقام عدم رؤية إنية وهوية سوى الهوية الأحدية. وفي الآثار والأخبار: يا من هو، يا من ليس إلا هو. والتوغل الذي هو بمنزلة النتيجة لكل المقامات والتوحيدات، عدم رؤية فعل وصفة حتى من الله تعالى، ونفي الكثرة بالكلية وشهود الوحدة الصرفة والهوية المحضة التي هي الظاهرة في عين البطون والباطنة في عين الظهور. والتنزيه في كل مقام ينطوي في المقامين الآخرين. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 133).
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/14752/irfan18/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.