مشاريع فكرية 13 | الدكتور غلام رضا أعواني
المواليد: 1943 م في مدينة سمنان الإيرانيّة.
الدراسة: شرع في الدروس الابتدائية والمتوسّطة في مسقط رأسه، ثم أتمّ البكالوريوس في قسم الفلسفة عام 1967 م في الجامعة الأمريكية في بيروت، والماجستير عام 1969 م في جامعة طهران، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية عام 1977 م تقريبًا من جامعة طهران عن أطروحة -العقل والنفس في فلسفة أفلوطين وشرحها في فلسفة حكمة الإشراق.
هو مفكّر وكاتب وأستاذ في الفلسفة والعرفان.
من أقرانه: وليم تشيتيك، وحسين نصر.
لم يشتهر عنه مؤلَّف من مؤلفاته ولم يأخذ صيته من الشهرة؛ ولعل ذلك يعود – فيما يعود – إلى شدّة تواضعه وعدم رغبته في الظهور والاشتهار، مع كثرة انشالغه بالتدريس والمسؤوليات الإدارية.
يمكن عدّه من أكابر أساتذة الفلسفة والعرفان الإسلامي في الجامعات الإيرانية؛ بل لعلّي لا أقدّم عليه أحدًا من أقرانه الآخرين.
انتشر له في الشبكة العنكبوتيّة دروسه الصوتية في شرح فصوص الحكم، وبعض الدروس والجلسات الأخرى.
ومن الجدير بالذكر أنه يجيد اللغة العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية واللاتينية، بالإضافة إلى لغته الأم الفارسيّة.
يقول عنه الدكتور حسين نصر أنه لم يرَ مثله في الطلبة الذين التقى بهم في الجامعة الأمريكية ببيروت إلا وليام تشيتيك وعبد الحق أحد الطلبة الباكستانيين.
من أساتذته:
الشهيد مطهري
الشيخ مهدي حائري يزدي
الدكتور حسين نصر
الدكتور أحمد فرديد
الدكتور عبد الكريم روشن
البروفسور توشيهيکو إيزوتسو (المستشرق الياباني)
البروفسور هانري كوربن (المستشرق الفرنسي)
الدكتور ماجد فخري (صاحب كتاب تاريخ الفلسفة الإسلامية)
الدكتور زين الدين زين
الدكتور صادق العظم
المناصب التي شغلها:
رئاسة الاتحاد الدولي للحكمة والفلسفة الإسلامية.
رئاسة كلية الحكمة والأديان في مؤسسة الدراسات والتحقيقات الثقافية مطالعات.
رئاسة مؤسسة التحقيقات الحكمية والفلسفية في إيران.
رئاسة المؤتمر الدولي لليوم العالمي للفلسفة لعام 2010م.
تأسيس قسم تعليم الفلسفة في جامعة الشهيد بهشتي.
عضوية لجنة ترقية المحقّقين في مؤسسة الدراسات والتحقيقات الثقافية.
رئيس قسم الفلسفة في المجمع العالي في قم.
عضوية أوّل دورة لهيئة التمييز في جامعة الإمام الصادق (ع).
عضوية لجنة الإلهيات والفلسفة التابعة لمكتب التنمية والتخطيط للتعليم العالي.
وغيرها من المسؤوليات.
الجوائز التي حصل عليها:
- أستاذ ممتاز في جامعة الشهيد بهشتي.
- أستاذ منتخب لمؤتمر الشخصيّة الخالدة في مجال العلم والثقافة لعام 2002 م.
- أستاذ فخري في جامعة هواجونغ الصينيّة لعام 2006 م.
لمحة عن مشروع الدكتور أعواني
يُعدّ الدكتور أعواني من أكثر المساهمين في نموّ الفلسفة – من الناحية الأكاديمية والمؤسّساتيّة – في إيران؛ وذلك من خلال تأثيره وحضوره كأستاذ في الجامعات الإيرانية، وتسنّمه مناصب مهمّة في مجال الحكمة والفلسفة في إيران كترؤّسه لمؤسّسة “پژوهشی حکمت و فلسفه إيران”، و”انجمن بينالمللی فلسفه اسلامي” [الاتحاد الدولي للفلسفة الإسلامية] كأوّل رئيس له، وعضويّة هيئة الرئاسة في “فدراسيون بينالمللی انجمنهای فلسفه جهان” [اللجنة الدولية لاتحادات الفلسفة في العالم].
ولعل قلّة كتاباته وخمول صيته – النسبي – يعود لما مارسه عمليًا في مجال التأسيس المهني والمؤسّساتي لتعليم وتنمية ونشر الفكر الفلسفي؛ فإن كثرة مسؤولياته الوظيفية في المؤسسات ذات العلاقة بالفكر الفلسفي في داخل إيران وخارجها حالت دون تفرّغه للكتابة والنشر.
وهو ما جعل أخته الدكتورة شُهين أعواني تتكفّل عنه بمهام التدوين والتقرير والمراجعة لبعض مكتوباته ومؤلّفاته.
يمكن تقسيم الإسهامات التي قدّمها الدكتور أعواني إلى قسمَين مهمَّين للغاية هما: تأسيس المجامع البحثية، التنظير للفن المقدّس.
القسم الأوّل: تأسيس المجامع البحثية
يعتقد الدكتور أعواني أن الفكر الفلسفي بحاجة ماسّة إلى مؤسّسات تقوم عليه تنظيمًا وتبويبًا وتعليمًا ونشرًا، وتأخذ على عاتقها التنسيق بين مختلف المفكّرين والفعاليات الفكرية والفلسفية في الداخل والخارج، من خلال إقامة المؤتمرات والندوات والملتقيات المحلّية والدولية، مما يسهم في تعرّف المفكّرين على بعضهم وتلاقح الأفكار والانفتاح على الثقافات الأخرى والتعاون الثقافي والفكري والفلسفي، وهذا ما نجده حاضرًا بقوّة في سيرته العملية والمهنية، الأمر الذي – كما أزعم – أقعده عن الكتابة والتأليف وهو في ذروة نشاطه الجسمي والذهني.
فهو – إلى جانب الدكتور مهدي محقّق والدكتور نجف علي حبيبي وغيرهم – ممن انكبّوا مشغولين على إدامة عمل المؤسسات التي تأسّست قبل الثورة الإسلامية، وسدّ الفراغ الموجود من خلال تأسيس مؤسسات أخرى تأخذ على عاتقها التواصل مع العالم فيما يتعلّق بالفلسفة والفكر.
وواحدة من أهمّ الفعّاليات التي تقوم بها هذه المؤسسات هي تكميل دور الجامعات، فإن الطالب لا يسعه أن يدرس جميع المتون والمقرّرات الدرسية في الجامعة، كذلك لا يمكنه أن يدرس غير ما هو مقرّر في الفصول والبرامج الدرسية المعدّة هناك؛ وذلك بسبب ضيق الوقت ومحدودية الحصص الدراسية، ما دفع إلى إيجاد مكان آخر لتكميل هذه الحاجة الماسّة.
وهذا ما قامت به تلك المؤسسات على أتمّ وجه من خلال دعوة كبار أساتذة الفن ومتخصّصيه من داخل إيران وخارجها، فإن الطالب يدرس في الجامعة بعض شفاء الشيخ الرئيس مثلًا أو غيره من الكتب الدرسية، إلا أنه يمكن له أن يتم دراسة الشفاء في هذه المؤسسات، أو يشترك في دروس متون أخرى غير مقرّرة للتدريس في الجامعات، بل ولا حتّى في الحوزات العلمية.
وبذلك فقد تركت هذه المؤسسات أثرًا بالغًا على الثقافة الفلسفية والفكرية في الجيل السابق.
القسم الثاني: التنظير للفن المقدّس
على الرغم من انشغالات الدكتور أعواني الوظيفية والمؤسساتية، إلا أنه اهتمّ بشكل لافت بالدراسات الفلسفيّة الفنيّة وسعى للتأسيس والتنظير لما اصطلح عليه “الفنّ المقدّس”، وهو مجال لا يقلّ أهمية عن سابقه إذا لم يزد عليه.
يذهب الدكتور أعواني – وخلافًا لكثيرين – إلى أن الفن المقدّس ليس أمرًا اعتباريًا ذهنيًا، بل له واقعية عينية، ويستدلّ على ذلك بأن تجلي الأسماء الإلهية الحسنى وظهورها في العالم، مقتضٍ لظهور آثار الفن، وإن شهود الفن وتعقله موجب للانتباه واليقظة وسوق الإنسان إلى الكمال وإيصاله إلى الحقيقة المطلقة.
فالفن أمر حقيقي وجودي، فالرمز مع أنه يظهر في مثال وصورة، إلا أنه يفتح طريقًا إلى ما لا يتناهى، فيأخذ الإنسان إلى الحقّ المتعالي والخلود.
كما يعتقد أن الرمز والرمزية في الدين مصداق واضح للفن، حيث يأخذه من ضفة إلى أخرى، وينقله إلى ما لا يمكن شهوده في الضفة السابقة، فهو كالشيء الذي يُلقى من الأعلى إلى الأسفل ليأخذ بالأيدي ويشدّهم إلى الأعلى، أو هو كالمرآة الشفافة التي تعكس حقائق عالم الملكوت.
والرمز عنده أمر وجودي، بل هو أساس الوجود.
والقرآن أيضًا مبتنٍ على الرمزية، فإن القرآن يصرّح {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}، فالعلماء فحسب هم من ينتقل من تلك الأمثلة والرموز إلى الحقائق المعنية بها، ومن ذلك الظاهر إلى الباطن.
وهكذا يربط بين الرمز والرمزية في الدين والقرآن وبين الفن، ويستوحي من ذلك مقولته في الفن المقدس؛ باعتبار أن الفن نوع من أنواع الرمز الذي يحاكي الحقيقة وينقل إليها، فإن كل شيء في الفن المقدس رمز إلى حقيقة من الحقائق، رمز يهدي الإنسان إلى حقائق أعلى فيشهد تلك الحقائق بلطيفته الإنسانية الشهودية شهودًا محضًا.
وأما دور الدين في الفن المقدّس، فيلخّصه بأن الوحي والرؤية الكونية الدينية تجعل الإنسان يرى الحقائق المتعالية عن طريق الإيمان، فالمؤمن والمعتقد الديني يتّصل بتلك الحقائق بواسطة الإيمان فيشاهدها عن قرب، وهذا ما يتجلّى في الفن.
ومما يجدر ذكره أن الدكتور أعواني يذهب إلى عدم وجود فن لا ديني، إلا إذا كان كذبًا واعتبارًا ذهنيًا لا أساس له من الحقيقة والواقع؛ وذلك لأن الفن تابع لقوانين الظهور؛ وللظهور قوانينه التي منها أن الظاهر يختفي في المظهر رغم ظهوره فيه.
وقد صنّف وألّف في هذا الميدان كتابه الحكمة والفن المعنوي، وله عدّة مقالات تخصّصية في الفنّ مركّزًا على البُعد الميتافيزيقي فيه والتأسيس لمبانيه وأصوله، ومن تلك المقالات:
- الفن، تجلي لمرآة الجمال الإلهي في مرآة الخيال، مطبوعة في نشرية “فصلنامه هنر”.
- الفنّ الديني وعلاقته بالفنّ الجديد، تقرير لقاء مع الدكتور أعواني، نشرية “ماهنامه سوره”، العدد 28.
- المبانی الميتافيزيقيّة للفنّ، مطبوعة في نشرية “نامه فرهنگ”، العدد 16 بحسب التسلسل.
- علم الجمال، والكلام والمتون المقدّس، مجموعه مقالات ملتقى الجمال التطبيقي الذي أقامه مرکز الدراسات والتحقيقات الثقافية التابع لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، 1381 ش.
- كيمياء الفنّ، مطبوعة في نشرية جامعة الشهيد بهشتي، ربيع وصيف عام 1382 ش.
- ترجمة مقال “نظرة في أصول الفلسفة الفنّ الإسلامي”، لـ تيتوس بورکهارت، مطبوعة في نشرية “مباني هنر معنوي”، لعام 1372 ش.
- ترجمة مقال “الموسيقى الهندية”، لـ آناندا کوماراسوامي، مطبوعة في نشرية “مباني هنر معنوي”، لعام 1372 ش.
من الآثار العلمية للدكتور أعواني:
- الحكمة والفن المعنوي
- دراسة في آراء وآثار أفلوطين
- السكينة والمحبّة في الأديان الإبراهيمية (بمعيّة عبد الرحيم گواهی)
- ترجمة “تاريخ الفلسفة: من ديکارت إلى لايب نيتس”، تأليف: کابلستون (من الإنجليزية إلى الفارسية)
- ترجمة الجزء الأوّل من الأسفار الأربعة لصدر المتألهين (من العربية إلى الفارسية)
- قسم من كتاب “أرسطو” تأليف ديفيد راس (من الإنجليزية إلى الفارسية)
- ترجمة فصلين من كتاب “ما للهند من مقولة” للبيروني (من العربية إلى الفارسية)
- تصحيح كتاب أعلام النبوّة لأبي حاتم الرازي
- مجموعة مقالات حول عرفان مولانا الرومي
فضلًا عمّا تقدّم من مقالات، وغيرها.
المقالات المرتبطة
مقاومة بحجم الخيال..نصر بحجم الحلم
يتحدث وليام بلوم – كاتب أمريكي وموظف سابق في قطاع الدولة – في كتابه الشهير Rogue state قائلًا: “لو كنت أنا الرئيس،
فلسفة الترك
أن تترك شيئًا ما، هو أن تعلن أنّك بحاجة إليه، لأنّ مدار الترك يشي بالاحتياج، فلو لم تكن بحاجة إليه لما تركته، لأنّ الترك بحدّ ذاته يستبطن الحاجة إلى شيء ما، والإرادة الذاتية على الاستغناء عنه ولو لفترة وجيزة. يعلن الترك في مدياته أن للإنسان إرادة على مقاومة الحاجة
الحداثة الغربية وإعادة تشكيل العقل
النهضة الغربية التي انطلقت في القرن الخامس عشر، لم تكن مجرّد حدث تاريخي عادي، لذلك، لا يمكن أن يُنظر إليها باعتبارها مجرد حدث عابر