نظرية وحدة الوجود وتعالي الحكمة المتعالية

نظرية وحدة الوجود وتعالي الحكمة المتعالية

محمد حسين شفيعيان

ترجمة: علي الحاج حسن

مما لا شك فيه أن نظرية وحدة الوجود هي من النظريات التي لعبت دورًا أساسيًا في مجال التعقل العرفاني والفلسفي. تعتبر هذه النظرية هي الدعامة القومية في طرح أعمق علم أي العرفان النظري وهي أيضًا عقيدة توجب إكمال الفلسفة. وهي أيضًا صورة عن المشاهد المتناسقة للشهود والبرهان.

ما سنقوم به في هذه المقالة المختصرة هو إطلالة على البرهان الخالص الذي أقامه الفيلسوف الإسلامي العظيم صدر أعظم الفلاسفة، صدر الدين محمد الشيرازي في كتابه النفيس الأسفار.

تحتوي هذه المقالة على عدة مقدمات وفصلين حيث سنذكر في الفصل الأول برهان صدر المتألهين وسنعرج في الفصل الثاني على بعض الإشكالات التي ترد عليه ثم نقدم الجواب عليها.

المقدمات

المقدمة الأولى: مفاد نظرية وحدة الوجود

لقد أشرنا إلى أن نظرية وحدة الوجود هي من العقائد الأساسية التي كانت المحور الأساس لمعرفة الوجود العرفانية المذكورة في كتب المحققين أصحاب العرفان؛ ذلك لأن العارف المحقق الحكيم المتأله المتعمق يقوم بالبحث عن شؤونات وتجليات حقيقة الوجود بعد أن يقوم بإثبات أن حقيقة الوجود لا تقبل العدم وهي ضرورية الوجود، أو أن حقيقة الواجب تعالى هي حقيقة مطلقة بإطلاق الوجود الذاتي وهي لا بشرط بالإطلاق المقسمي حيث أن كل كثرة يمكن لحاظها في هكذا إطلاق لأنها تعود إلى تطورات تلك الحقيقة المقدسة وشؤونها المتنوعة، أو بعد إرجاع أصل العلية إلى أصل النشأة.

وحيث أن في كل بحث إذا لم يتضح مدعى ذاك البحث أو المسألة فلن تتضح أيضًا مسألة التناسق ولتساوى المدعى مع الدليل أو أدلة تلك المسألة، إذًا من الواجب في البداية أن نوضح مدعى البحث الحالي، أي توضيح مفاد نظرية وحدة الوجود.

وهنا في هذه المسألة يجب الإشارة إلى أن مسألة وحدة وكثرة الوجود من أهم المباحث العقلية التي تعرض لها العديد من الحكماء في آثارهم بحيث كثرة آراء ونظريات الفلاسفة والعرفاء. وهنا سنحاول التعرض باختصار إلى الأقوال الهامة الموجودة في هذا المبحث:

1 – رأي مجموعة من أهل الكلام والحكمة واتباع المشائين وهو عبارة عن أن الموجودات متخالفة بحسب ماهياتها ومتكثرة بحسب وجوداتها، والاتحاد والاشتراك في الوجود يحصل فقط في معنى الوجود المصدري ومفهوم الوجود الإثباتي الذي هو مفهوم مرضي وأمر اعتباري، وهذا الأمر المشترك، خارج عن حقائق الموجودات.

خلاصة هذا القول هو أن كثرة الموجودات هو أمر حقيقي ووحدتها أمر اعتباري. الكثرة الحقيقية هي صفة الوجودات والوحدة الاعتبارية العرضية صفة لمفهوم الوجود، فالكثرة لشيء والوحدة لشيء آخر.

2 – رأي المولى جلال الدين الدواني المذكور في رسالة “الزوراء” وشرح هياكل النور – على الرغم من أن ما يعتقده مصنف هذه الرسالة بعد تدقيقاته هو أن هذا الرأي مذكور في كلمات الغزالي في رسالته مشكاة الأنوار حين تعرضه لتفسير وتأويل آية النور – وقد ارتضى الميردامار رأي الدواني في هذه المسألة (على ما نقله عنه الحكيم السبزواري في حاشيته على الشواهد الربوبية). عرف هذا الرأي الفلسفي بـ “ذوق التأله” ويقصد منه أنه بناءً على أصالة الماهيات واعتبارية الوجودات الممكنات وكون الماهيات هي منشأ الكثرة والاختلاف، يمكننا الوصول إلى النتيجة التالية وهي أن الكثرة الحقيقية هي واقعًا وصف للماهيات الممكنة التي لا وجود حقيقي لها ومعنى موجوديتها أنها ماهيات تصحيح منشأ للآثار من خلال انتسابها للموجود الحقيقي تعالى شأنه – حيث أن الموجةودية وصف ذاتي وحقيقي – ثم أن الموجود الحقيقي الذي هو الحق تعالى بسبب وحدانيته وفرديته هو سبب لوحدة الوجود، بمعنى أن الوحدة الحقيقية هي صفة حقيقية لوجود الواجب تعالى….تحميل البحث



المقالات المرتبطة

هل حَكَم المعري مدينة المعرّة؟

يقف الإنسان حائرًا في كثير من الأحيان ليسائل نفسه، هل كلّ ما يُقال أو قيل يحتاج إلى مراجعة في المجال

نحو تفسير علمي للنص الأدبي

خلال المناخ العلموي الذي ساد الثقافة الأوربية في القرن التاسع عشر أصبح التفكير في الظواهر الإنسانية محكومًا بمنطق منهجي

استعادة الطبيعة البشريّة

التوحيد أساس الرؤية الكونيّة الإسلاميّة، والمعرفة التوحيديّة هي التي ترتبط بالطبيعة البشريّة بصرف النظر عن كلّ العوامل المشكِّلة للمعرفة النقليّة.

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<