مصطلحات عرفانية | الجزء 25

by الشيخ حسن بدران | أكتوبر 17, 2022 10:47 ص

حوقلة

– مقام نفي الحول والقوة عن غيره. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 133).

حياة

– الحياة هي ما يساوق الفعل والإدراك معًا، والموت ما يقابلها. وهما يرجعان إلى الوجود والعدم؛ لأن مبدأ الأفعال والآثار إنما هو الوجود، وهو عين الإدراك، فكل موجود حي على حسب وجوده شدةً وضعفًا، وكل معدوم ميت من جهة أنه معدوم. وكذلك كل عالم فهو حي بقدر علمه، وكل جاهل فهو ميت على حسب جهله. ومن هنا، قال سبحانه عند ذكر العلماء والجهال: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلاَ الأمْوَاتُ﴾، وقال: ﴿لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيا﴾، ﴿فَلَنُحْيِيَنهُ حَيَاة طَيبَة﴾، ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورا يَمْشِي بِهِ فِي الناس كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾، إلى غير ذلك من الآيات.

– كل ما وجوده لنفسه فحياته ذاتية، وكل ما وجوده لغيره فحياته عرضية؛ لأنها بتوسط ذلك الغير، فلو لم يكن لذلك الغير وجود لنفسه، كصور الأجسام القائمة بالمواد، فمثل هذا الشيء ميت، إلا بقدر اتصاله بوجوده الغيبي القائم بالذات؛ فإنه من تلك الجهة حي. وبالجملة، فالحياة كالعلم والنور تابعة للوجود، كما أن متقابلاتها تابعة للعدم. فالمجردات عن المادة حياتها ذاتية، والماديات حياتها عرضية. لكن الماديات التي لها نفوس مجردة يمكن أن يطلق عليها الحي بالذات؛ لأن الغلبة والقهر فيها للنفوس. والحيوان أخص من الحي بالمعنى الأعم مطلقًا، وأعم من الحي بالذات من وجه؛ لأنه إنما يطلق على الحساس المتحرك بالإرادة، سواء كانت حياته ذاتية أو عرضية. (عين اليقين، الفيض، 1: 92).

– اسم الحي: الوجود الحقيقي مأخوذًا بتعين الدراكية والفعالية. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 574).

– الحياة قد تطلق ويراد بها الوجود، ولذا كان أحد أسماء الوجود المطلق المنبسط هو الحياة السارية في كل شيء، وبهذا الاعتبار كلما هو موجود فهو حي فالجمادات حية وتسبيحها بهذا الاعتبار وكثيرًا ما تطلق وخصوصًا في عرف أهل النظر ويراد بها ما يقتضي الدرك والفعل، وأقل ما يعتبر في الدرك الشعور اللمسي، وأقل ما يعتبر في الفعل الحركة الإرادية وأعلاهما كما يكون في الواجب تعالى من العلم الحضوري بذاته على وجه يستتبع انكشاف ما عدا ذاته على ذاته انكشافًا حضوريًّا إجماليًّا في عين الكشف التفصيلي ومن القدرة التامة، بل فوق التمام التي هي عين علمه الفعلي الخالي عن الغرض الزائد على ذاته لأنه تعالى فاعل بالعناية كما عند الحكيم لا بالقصد كما يظنه المتكلم فبهذا الاعتبار فالحيوان ولو كالخراطين وما فوقه حية، والجمادات ليست حية أو ليست دراكة فعالة ولو على سبيل أقل ما يعتبر في الدرك والفعل، وهو تعالى حي بكلا المعنيين؛ إذ له أعلى مراتب الوجود، وله أعلى مراتب العلم والقدرة كما علمت. ثم إن الحياة الحقة الحقيقية ذاتية له تعالى إذ الحي إما حقيقي وهو أن يكون نفس الحياة، وإما غير حقيقي وهو أن يكون شيء له الحياة، فالأول كالأول تعالى والمفارقات من العقول والنفوس، حيث إن الحياة ذاتية لها، والثاني كالأبدان المتعلقة بها النفوس فإن الحياة لو كانت ذاتية للأجسام بما هي أجسام لكان كل جسم حيًّا، فهي أشياء طرأ عليها الحياة، ولذا سموا عالم الأجسام عالم الموت والظلمة، ولكن حياة العقول والنفوس وإن كانت ذاتية لها بمعنى أنها عين ذواتها أعني وجوداتها لكن ليست عين ماهياتها كنفس وجوداتها؛ إذ الماهية من حيث هي ليست إلا هي، وأما الحي الحق الحقيقي تعالى شأنه فحيث لا ماهية له غير الإنية فكما حياته عين وجوده كذلك عين ذاته فهو قبل كل حي قبلية ذاتية هي عين حيثية البعدية ولم يرث الحياة من حي بأن يكون حياته عرضية معللة بغيره، وإن ورث الأرض ومن عليها باعتبار أنه غاية الغايات والمالك بالاستحقاق للوجودات والكمالات في البادئات والعائدات وفيما مضى وفيما هو آت يظهر ذلك بملاحظة الأجسام، بل الماهيات فقط وبشرط لا والحيوات بل الوجودات كلًا وطرًا مرتبطات في الطول بالحي الحقيقي والآت لملاحظته فحينئذ يظهر بالنظر العلمي أن هذه الحيوات من صقعه وليس مثله وثانيه حي ولا يشاركه ولا يكافئه شيء (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 637).

– أمات وأحيا: أحياء بحياة طبيعية نفسية أو عقلية أو لاهوتية[1][1]. وأحياء بالحياة الذاتية القدسية التي لا يعاقبها موت أصلًا كما قال أفلاطون الإلهي: مت بالإرادة تحيا بالطبيعة. وقيل: اقتلوني يا ثقاتي إن في قتلي حياتي. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 430).

– مفني محيي: وقوعه بعد المفني يشير إلى أنه تعالى يحييها بعد إفنائها بحياة طيبة هي الحياة الحقة الحقيقية بخلاف الحياة الأولى التي كانت حال البقاء قبل الفناء فإنها كانت مجازية ظلمانية (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 744).

– قال شيخنا العارف الكامل مد ظله: يمكن أن يقال إن علاقة الروح بعد الموت باقية بالنسبة إلى البدن فإنه دار قرارة ونشوة ومادة ظهور فعلية فلا إشكال في إحياء الموتى في هذا العالم، ويمكن أن يقال إن الأحياء عبارة عن التمثل ببدنه الحسي أو المثالي المنتقل معه في هذا العالم كما الأمر كذلك في الرجعة أي تصحيحه بأحد الوجهين. أقول ما ذكره أولًا قد أشار إليه السيد المحقق الداماد قدس الله نفسه في رسالة فارسية منسوبة إليه راجعة إلى سر زيارة الأموات، فقال على ما ببالي ترجمته أن للنفس علاقتين بالبدن علاقة صورية وعلاقة مادية، والموت يوجب سلب العلاقة الصورية لا المادية ولهذا شرع زيارة الأموات. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 174).

 

حيرة

– دليلي عند حيرتي: كالحيرة بين الجبر والتفويض والتردد بين الخوف والرجاء، وكالحيرة بين التجلي والاستتار حيث إن وجود الحق في مكمن الخفاء لم يظهر ولا يظهر أبدًا، والمهيات في مرتبة الاستواء لم تشم رائحة الوجود ولا تشم دائمًا فمن الظاهر في دار الوجود والحيرة بين الفناء وبقاء إنّيتك حيث لا وجود لعينك ولها الحكم. وحكاية من ربط القرع على رجله لئلا يفقد نفسه في ازدحام الناس وفك غيره حين نومه وربطه على رجل نفسه معروفة (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 205).

خاطر

– إن الخاطر الذي يرد على القلب على سبيل الخطاب أربعة أقسام: رباني يعرف بالقوة والتسلط وعدم الاندفاع ويسمى نقر الخاطر، وملكي وهو الباعث على مندوب أو مفروض ويسمى إلهامًا، ونفساني وهو ما فيه حظ للنفس ويسمى هاجسًا، وشيطاني وهو ما يدعو إلى مخالفة الحق. قال الله تعالى: ﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء﴾، وقال النبي صلى الله عليه وآله: لمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر. ويسمى وسواسًا. قيل: ويعير بميزان الشرع فما فيه قربة فهو من الأولين وما فيه كراهة أو مخالفة شرعًا فهو من الآخرين، ويشتبه في المباحات فما هو أقرب إلى مخالفة النفس فهو من الأولين، وما هو أقرب إلى الهوى وموافقة النفس فهو من الآخرين، والصادق الصافي القلب الحاضر مع الحق سهل عليه الفرق بينهما بتيسير الله وتوفيقه (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 683).

خاتم

– الختم: لكل من الأقسام الأربعة [النبوة المطلقة والمقيدة، والولاية المطلقة والمقيدة]، ختم أي مرتبة ليس فوقها مرتبة أخرى، ومقام لا نبي على ذلك المقام ولا ولي إلا الشخص المخصوص بربك، بل الكل يكون راجعًا إليه، وإن تأخر وجود طينة صاحبه فإنه بحقيقته موجود قبله، وخاتم النبوة المطلقة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وخاتم الولاية المطلقة هو مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليهما فإنهما كنفس واحدة. (عين اليقين، الفيض، 2: 304).

– المراد بالخاتم: وقد ظهر وجه تسميته بالخاتم من كونه غاية للكل سوى الوجه الظاهري الذي هو أنه انقطع باب النبوة عنده، وهنا وجه آخر للتسمية وهو أن كل كمال وجمال وجلال فيما دونه خزانتها عنده وهي ملكه فكأنه صلى الله عليه وآله جعلها في مخزنه وغلق بابه وضرب عليه خاتمه، فهو صلى الله عليه وآله ختم الكمالات قاطبة فإنه حيث كان أشرف الموجودات الصاعدة إليه تعالى وبقاعدة الإمكان الأخس كل نوع ما لم يستوف كمالات النوع الأخس منه لم يتخط إلى مقام النوع الأشرف، وهكذا إلى أن ينتهي إلى نوع أشرف لا أشرف في الأنواع منه، وهكذا في أفراد ذلك النوع الأشرف حتى ينتهى إلى فرد أشرف لا أشرف فوقه سوى واجب الوجود تعالى شأنه.. فثبت أنه صلى الله عليه وآله خاتم كل كمال إنساني، وجامع كل جمال وجلال في حكيم رباني وخليفة سبحاني، وأن كل من بعده أظلته لكليته. والخاتم بالكسر الطابع وبالفتح الطايع وكلاهما مناسب. ثم كما أنه صلى الله عليه وآله خاتمة كتاب الكمال الإنساني والكلمات الطيبة الصاعدة كذلك فاتحته، واعرف ذلك من كونه صلى الله عليه وآله غاية؛ إذ كلما كان غاية كان بداية، والغاية متأخرة عينًا مقدمة علمًا؛ أول الفكر آخر العمل. وإليه أشاروا عليهم السلام بقولهم: نحن الآخرون السابقون. وقال صلى الله عليه وآله: أول ما خلق الله روحي. أو عقلي. أو نوري. وقال: كنت نبيًّا وآدم بين الماء والطين. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 545).

– هاتان المرتبتان لا تكونان قط إلا لخاتم الأنبياء وخاتم الأولياء، اللذين هما واحد عند التحقيق، وهما محمد وعلي عليهما السلام، ولا تكونان لغيرهما من الأنبياء والأولياء إلا بإرث منهما. (الأسرار، آملي، الصفحة 384).

– هاهنا اختلافات كثيرة بين المشايخ في تعيين خاتم الأولياء مطلقًا ومقيدًا، لأن عند البعض خاتم الأولياء مطلقًا ليس إلا عيسى بن مريم عليه السلام، وخاتم الأولياء مقيدًا ليس إلا محيي الدين بن العربي قدس الله سره. وعند البعض خاتم الأولياء مطلقًا ليس إلا علي بن أبى طالب عليه السلام، وخاتم الأولياء مقيدًا ليس إلا محمد بن الحسن المهدي المنتظر صلوات الله عليه. (الأسرار، آملي، الصفحة 384).

– بعض المشايخ، ومنهم الشيخ الكامل محيي الدين بن العربي قدس الله سره ومن تابعيه شرف الدين القيصري، ذهبوا إلى أن خاتم الأولياء مطلقًا هو عيسى بن مريم عليه السلام، وخاتم الأولياء مقيدًا هو محيي الدين بن العربي. والبعض الآخر ذهب إلى أن خاتم الأولياء مطلقًا علي بن أبي طالب عليه السلام ومنهم الشيخ الكامل سعد الدين الحموئي، ومن تابعيه كمال الدين عبد الرزاق قدس الله روحيهما، وخاتم الأولياء مقيدًا هو المهدي عليه السلام. (الأسرار، آملي، الصفحة 395).

– الخاتم للولاية المطلقة هو علي بن أبي طالب عليه السلام، والخاتم للولاية المقيدة هو المهدي عليه السلام. (الأسرار، آملي، الصفحة 385).

– النبوة المقيدة إنما كملت وبلغت غايتها بالتدريج، فأصلها تمهد بآدم عليه السلام، ولم تزل تنمو وتكمل حتى بلغ كمالها إلى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا كان خاتم النبيين، وإليه الإشارة بما روى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: مثل النبوة مثل دار معمورة لم يبق فيها إلا موضع لبنة وكنت أنا تلك اللبنة. أو لفظ هذا معناه، وكذلك الولاية المقيدة إنما تدرجت إلى الكمال حتى بلغت غايتها إلى المهدي الموعود ظهوره، الذي هو صاحب الأمر في هذا العصر، وبقية الله اليوم في بلاده وعباده صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه المعصومين. (عين اليقين، الفيض، 2: 304).

– النبي هو الإنسان المبعوث من الحق إلى الخلق المخصوص بالوحى والمعجزة، فإن للإنسان بحسب التدرج في مدارج الكمال والسعادة أصنافًا، فإنه إن صدق بالأنبياء فيما جاؤا به من الله سبحانه فهو مسلم، وإن قرن بهذا موالاة الأئمة الهداة فهو مؤمن، وإن اشتغل مع هذا في أغلب أوقاته بالعبادة فهو عابد، (وإن كان مع ذلك تاركًا للدنيا وشهواتها فهو زاهد، وإن عرف مع ذلك الأشياء على ما هي عليها بالتحقيق فهو عارف)، وإن أوصله الله تعالى مع هذا إلى مقام القرب وأيده بالإلهام ونفث الروع فهو ولي، وإن خصه مع هذا بالوحي والمعجزة فهو نبي، وإن خصه مع هذا بالكتاب فهو رسول، وإن خصه مع هذا بنسخ الشريعة السابقة فهو من أولي العزم، وإن خصه مع هذا بخاتمية النبوة فهو الخاتم، فهذه عشرة كاملة.. ومن بينهم واحد هو الخاتم صلى الله عليه وعلى أصله وفرعه وسلم.. فهذا الواحد الختمي هو المقصود من الكل والغاية للكل، وقد قال تعالى في حق بني آدم من حيث إنهم غاية خلق السماوات وما فيهن (وجعل لكم سبع طرائق)، ومن حيث إنهم غاية خلق الأرضين وما فيهن (خلق لكم ما في الأرض جميعًا)، وقال في الحديث القدسي في حق الخاتم من حيث إنه المقصود من الكل: لولاك لما خلقت الأفلاك. وفي حق الحق المطلق من حيث إنه غاية الغايات: يا بن آدم خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي. وأيضًا: كنت كنزًا.. الحديث. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 545).

– لا تفاضل لخاتم الولاية على ختم الرسالة فإن ختم الولاية من مظاهره في الظاهر فهو أخذ من مظهر وشاهد جمال الحق في ذاك المظهر كما أن الحق شاهد جماله في مرآة الإنسان الكامل كما قال في القدسيات خلقت الخلق لكي أعرف؛ أي يعرف ذاتي لذاتي في مرآة التفصيل كما كان معروفًا في حضرة الجمع أولًا وأزلًا. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 74).

 

[1][2] التقسيم ناظر إلى مراتب استكمال النفوس بعد الموت؛ فإن بعضها تفارق الأبدان وهي في مقام النفسية، وبعضها في مقام العقل، وبعضها في مقام الفناء في الله والبقاء به. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 430، الهامش).

Endnotes:
  1. [1]: #_ftn1
  2. [1]: #_ftnref1

Source URL: https://maarefhekmiya.org/15393/irfan26/