مناقشة كتاب “العوالم الاجتماعية”
في إطار فعالياته الثقافية، عقد دار المعارف الحكمية جلسته الشهرية لمناقشة الكتب يوم الثلاثاء في 11 تموز، 2023 الساعة الخامسة والنصف عصرًا، بحضور جمع من المثقفين، حيث تمّ مناقشة كتاب “العوالم الاجتماعية” لمؤلفه حميد بارسانيا والصادر ترجمته عن الدار. شارك في اللقاء كلٌ من الشيخ محمد زراقط مدرّس في الحوزة العلمية ومدير حوزة الرسول الأكرم (ص)، والأستاذ الدكتور طلال عتريسي الرئيس السابق للمعهد العالي للدكتوراه في العلوم الاجتماعية والإنسانية، ومستشار في جامعة المعارف، ورئيس تحرير مجلة المعارف، ومن إيران الشيخ الدكتور حميد بارسانيا وهو أستاذ في الجامعات الإيرانية ورئيس لجنة الحوزة في المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وقد أدار اللقاء الدكتور عبد الله جرادي.
بدأ اللقاء بكلمة للدكتور طلال عتريسي، متحدّثًا عن دور كل من العقل والتجربة في بناء المعرفة، وحول أهمية المعرفة الوحيانية وكونها مصدر أساسي للمعرفة الكاملة إلى جانب التجربة، مشيرًا إلى رؤية المؤلف حول كون كل تجربة مسبوقة بتصور غير تجريبي.
ثم لفت الدكتور عتريسي إلى أزمة علم الاجتماع الغربي والتحولات الحاصلة فيه خصوصًا بعد ما يسمّى بثورة الطلاب (1968)، مضيفًا أن البعض يعتقد بأن الأزمة كامنة في عدم تحديد موضوع أو تعريف لعلم الاجتماع، وأشار إلى عدد من الشواهد والنصوص الحاكية عن هذه الأزمة.
هذا وقدّم الدكتور عتريسي عرضًا لتطور علم الاجتماع في الغرب والمراحل التي مرّ بها، واعتبرها تختص بالواقع الذي عاشته المجتمعات الغربية، والخصوصية التي طبعت المشتغلين بهذا العلم، وأعطى عدة أمثلة تثبت هذا التوجه.
لينتقل الكلام إلى الشيخ محمد زراقط فتطرق إلى الحديث عن بناء علم الاجتماع الغربي المتأثر بالفكر الوضعي في المعرفة وهي الثغرة الأولى لهذا العلم، مشيرًا إلى خصائص العلوم الوضعية كخضوعها للتجربة وهو ما لا يمكن توفره عادة في علم الاجتماع، فدور عالم الاجتماع هو المراقبة والتحليل ليرتب النتائج العلمية، وعليه فمع عدم القدرة على التجربة فلا قدرة على التنبؤ تاليًا، لافتًا إلى عجز علم الاجتماع عن السيطرة والتحكم.
ثم شرح الشيخ زراقط دور وتأثير علم الاجتماع في الخطاب السياسي وفي استقطاب الرأي العام، متسائلًا هل يعتبر علم الاجتماع الغربي بذلك ما زال قادرًا على التأثير بتلك المجتمعات؟
وفي معرض حديثه عن بعض موارد الكتاب، أشار الشيخ زراقط أن الكتاب طرح مقارنات متعددة بين العلوم الطبيعية من جهة، والعلوم الاجتماعية والإنسانية من جهة أخرى، إضافة إلى بعض ما ذكر حول وظائف علم الاجتماع كمعرفة الفضيلة، وانتقاد الأفعال القبيحة وغيرها، طارحًا السؤال التالي: كيف نستطيع أن نوفق بين هذه النظرة إلى العلم – أي المطالبة بتحديد الفضائل مثلًا – وبين الأخلاق مع ما ذكر من ضابطة العلم؟
وأشار في نهاية كلمته إلى ضرورة استخدام علماء الاجتماع المسلمين لأدوات علم الاجتماع في تقديم الأفكار وإن كانت مستفادة من مصدر وحياني لتكون اللغة مشتركة وليست لغة دينية خاصة.
وختم اللقاء مع مداخلة مؤلف الكتاب حميد بارسانيا، فتحدث بدايةً عن تعريف علم الاجتماع عند أوغست كونت مشيرًا إلى أنه وبالرغم من توجيه الانتقادات لهذا التعريف إلا أن جميع المتقدمين عنه لم يستطيعوا الخروج عن هذا التعريف، وكل مباحث ما بعد الحداثة هي نتاج لها.
واعتبر بارسانيا أنه وبالرغم من أن بداية التعريف كانت عند أوغست كونت إلا أن أصولها كانت عند إيمانويل كانط فهو من وضع حجر الأساس لذلك، فكانط قد استنبط وظيفة العقل وهي معرفة العالم والكون، فيصبح العقل أشبه بما يعكس رؤيتنا الخاصة.
وأشار بارسانيا إلى تطورات علم الاجتماع وعلاقتها بتطور معنى العقل، واعتبر أن الإشكالية الرئيسية في العلوم الاجتماعية، تتمثل في كيفية تعريف العقل والعلم، حيث نلاحظ أنّ هذه التعريفات تختلف في العالم الإسلامي عن ما هو موجود في الغرب
وعند ختام المداخلات، بدأت مناقشة الأفكار التي طُرِحت، ثم تفضل الحضور بطرح أسئلتهم التي جرى الإجابة عنها من قبل المداخلين.
المقالات المرتبطة
مباني الفكر الإسلامي | نظرية المعرفة | الهرمونطيقا (1)
أسئلة الدرس (لا تفوّتوا فرصة الحصول على شهادة تحصيل المادّة عند إجابتكم على الأسئلة في نهاية كلّ درس عبر التعليقات)
تقرير ندوة “نبضة الألم ونهضة الأمل”
أقام معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية نهار الاثنين 11/9/2023 الساعة الرابعة عصرًا، وضمن أجواء أربعينية الإمام الحسين (ع)
الأيام الفاطميّة- اليوم الأوّل- السير إلى الله وموانع القبول
أحيا معهد المعارف الحكمية (أحيوا أمرنا) في مركزه الكائن في مجمع الإمام المجتبى (ع) الليلة الأولى من الليالي الفاطمية وذلك بتاريخ 19-02-2018،
جاء في المقال ” وأشار بارسانيا إلى تطورات علم الاجتماع وعلاقتها بتطور معنى العقل، واعتبر أن الإشكالية الرئيسية في العلوم الاجتماعية، تتمثل في كيفية تعريف العقل والعلم، حيث نلاحظ أنّ هذه التعريفات تختلف في العالم الإسلامي عن ما هو موجود في الغرب”
في الواقع ليست هناك اشكالية في العلوم الاجتماعية تتمثل في كيفية تعريف العقل و العلم، و التعريفات لا تختلف بين العالم الاسلامي و العالم المسيحي اليهودي،بحيث التعريف الوحيد للعقل هو كل ما يحوي مخ الانسان ، من افكار ناتجة عن معارف و تجارب و معلومات و نظريات ، و الفرق بين العقل السليم و العقل الغير السليم هو مدى احقية و مصداقية و موضوعية هذه المعارف و التجارب و المعلومات و النظريات،و كلما كانت هذه الافكار حقيقية و موضوعية و صادقة كلما كان العقل سليما,,اما العلم فهو كل ما دونه العقل من معلومات و افكار و نظريات و معارف و التجارب في الكتب و كل الوسائل القديمة و الحديثة التي تحتفظ بهذه الافكار حتى يستطيع تدريسها للاجيال القادمة،و عدم اتلافها او فقدانها، بمعنى ان العقل يساوي المخ زائد الافكار ,,و تدوين الافكار و ترتيبها حسب مجالها يساوي علم كذا ,,علم الاجتماع هو كل ما تم تأليفه عن علاقة الانسان بواقعه الثقافي و السلوكي و الخلقي ,, علم الرياضيات كل ما تم تأليفه عن النظريات و المعادلات الرياضية ,, علم السياسة هو كل ما تم تأليفه عن فن الحكامة و التسيير الشؤون الداخلية الخارجية ،,, فعلا تطور كل العلوم لها علاقة جد وطيدة بالنضج العقلي ,,و كلما واجه و اجتهد و تعلم و جرب العقل كلما نضج ,,اي تجارب و محن الحياة التي يوجهها العقل و يخرج منها سليما ،هي التي تنضج العقل ,,