by السيد محمد جواد فاضل الموسوي | أكتوبر 20, 2023 12:24 م
هذا المقال أقدّمه كقراءة – أخرى – لبرهان النظم (أو ما يطلق عليه التصميم الذكي المطروح في البحوث الخاصة بفكرة التطور الدارويني، الذي يقابل الانتقاء الطبيعي، الذي جاء بعد العشوائية والصدفة)، هذا البرهان الذي يُعَدُّ دليلًا مهمًّا على وجود خالق للكون سبحانه عز وجل، أو هو تنبيه كما يطلق عليه آخرون، ومن خلاله أشير إلى نقاط أخذت مساحة من تفكّرِ وتفكير الباحثين والناقدين والقراء على اختلاف أذواقهم واتجاهاتهم، ولأننا نقرأ ونسمع كثيرًا ونتساءل عن خروقات فظيعة كما يصورها من يتصدى لإنكار الحكمة والغائية (أقصد تيارات الصدفة والعشوائية)، ومن ثم إنكار الخالق تبارك وتعالى بالرغم من كون هذه الأطروحات لم تكن من الأساس بصدد الإلحاد، لكن هناك من سخرها لهدفهم هذا، كما أدعو أن تلك الخروقات – المزعومة – خير دليل على كون ما يقدمه المتدينون مجرد أضغاث أحلام.
ولقد حاولت جهد الإمكان تغطية أغلب العناوين الدائرة حول النظام الإداري لعالمنا هذا، مع عرض بما يناسب المقام. من هنا علينا أن ننطلق في بيان الحقائق كما سيتضح لاحقًا بعونه عز وجل.
هذا تنويه وكشف لثام عن طريقتي في التدوين والنشر أود بيانها، فإنني منذ أن زاولت الكتابة والنشر وضعت على عهدتي همًّا ومهمةً اعتبرهما هدفًا ساميًا وذلك يتلخص فيما يلي:
هل يكثر من يحاول أن يجعل من نفسه سدًّا منيعًا أمام هجمات المعارضين للفكر الديني؟ وهل ترتفع في مقابل ذلك نسبة المهاجمين؟
أنطلق من برهان النظم المرئي من جانب واحد وهو ما يشكّل معضلة لا أجوبة لها أمام الصد اللاديني، هذا البرهان الذي يتضمن في الحقيقة الإجابات على تساؤلات كثيرة، تطرأ على الأذهان، خاصة أذهان من ينشد الاستقرار واللجوء إلى العقلانية. كما وأستقر عند بسط جناحيه لكي يعلم المدافعون أنهم قد اصطفوا مع المهاجمين، ولكن من حيث لا يشعرون. ففي هذا المقال المبسط المبسوط، أتناول هذه المسألة تحديدًا وبضميمة أمور أخرى مرتبطة بمجريات الأحداث، ومن خلال ذلك تأتي الأجوبة على معظم الأسئلة التي تطرأ على الأذهان.
في البداية أشير إلى أن التعامل مع أي مصطلح، يقتضي أن نعطي معناه في لغته الأم وليس في لغة ثانية، ثم نفسره وفق هذا المعنى أو نترجمه.
نحن والمصطلحات التي تنتهي بـ(ism)، إنه في الإنجليزية يشير إلى أنه: يمثل توجهًا أو مدرسة فكرية.
هذا الاتجاه الفكري، الذي يغلب العقل في القراءة فهو اتجاه (القراءة الفلسفية)، وهو ما يقابل المنهج التقليدي أو العرفي (Traditional, Customary, Conventional, Classical). وقد يطلق عليه أيضًا: (Intellectualism)، وهو مشتق من (منطقي، مفكر، عقلي، عقلانيrational:<adjective>). [هذا البحث رجعنا فيه إلى المترجم ـ الوافي ـ وبعض القواميس الإلكترونية].
(moderate) بمعنى الاعتدال (Reasonableness)، والأخيرة تأتي بمعنى كونه معقولًا وكونه معتدلًا، وليس معنى كونه معقولًا أن يكون مقبولًا من ناحية العقلاء بشكل عام. [الاختلاف بين العقلي والعقلائي أن الأول لا يختلف ولا يتخلف فهو على نحو اجتماع النقيضين محال، وأما الثاني فيختلف ويتخلف وغير منظور فيه مسألة اجتماع النقيضين محال].
هذه المفردة لها معان عديدة، فمنها:
وعلى كل حال فالاتجاه مقارب للرابع من حيث التوجه لا الاصطلاح كما سيتضح.
وهو اتجاه التمسك بالقيم الروحية، الذي يعني بالترجمة الحرفية الاتجاه الكنسي عند الغربيين، ورجال الدين بالعربية، والروحانيين بالفارسية. وهذا الاتجاه هو الضد للمادي (Materialism). علمًا أن (moral) تأتي بمعنى الضد للمادي وتأتي معنى لكلمة (spirit) أي الروح والمعنى.
وأما على الاصطلاح فإن:
وذلك لدور رجل الدين في بناء الجانب المعنوي والروحي. وهذا ما تصل إليه من خلال معنى الكلمة باللغة الأم.
مصطلح معاصر يتبنّى أهله العقل بمعناه الأخلاقي لا الفلسفي، فهو مصطنع، [مقال/شبكة راصد الإخبارية لحسين محمد العلي في6/7/2007 عنوانه: المعنوية “الدين المعقلن”/ مقال نذير الماجد “الممارسة الدينية بين التجربة والتكليف”/مقال لمصطفى مليكان/وما حرره حيدر حب الله حول العقلنة والمعنوية والحداثة/ سايت جريدة المدى]. ولعل ما نفهمه من مقالات كتبت في هذا الباب في الإنترنت بلغات متعددة. فكأنه يزاوج بين معنيي (moral) كما مر، الاتجاه الأخلاقي مع الالتزام بالجانب الروحي، وبمعنى آخر هو نبذ اللادينية بقيد العقلنة، فيقودك نحو المعنوية الاصطلاحية، فتحديد هذا النبذ بالعقلنة نتيجته الدين المعقلن.
أما المعنى (1) فليس محله هنا، فهذا الاتجاه يخص جانب الدين العقائدي، ولعلنا لا نجانب الحق إن قلنا بضرورته من جهة كونه مفيدًا ومنتجًا مع المنكرين من رأس، فإنهم لا يفيد معهم النص، لأنهم ـ مثلًا ـ لم يؤمنوا بمن صدر منه، كما قد يفيد هذا مع المؤمن بصاحب النص الذي ـ عادة ـ يلتزم به في علم الكلام في باب العقائد. إلا أنه من الضروري الاعتراف بقاعدة لا إفراط ولا تفريط للموازنة بين المسلكين.
وهنا يكون البحث عقليًّا، وقد يؤتى بالنص من باب التشرف لا البرهان، أو من باب العثور على ما يساعد على الفهم المتحصل أو النتيجة البرهانية. عندها نعتقد بأن إضفاء سمة القراءة الفلسفية للنص مجرد تهمة إن لم نقل: إنها فرية على هؤلاء.
ولا يمكن هنا ترشيح الأسلوب أعلاه في البرهان على الفروع، أي فيما يخص جانبي العبادات والمعاملات، فمثل هذه النصوص تعتمد أسلوبًا آخر للوصول إلى الحكم الشرعي، وقد يداخل بعض بين العلوم الحقيقية، والعلوم الاعتبارية في أصول الاستنباط، كما أدخلت بعض البحوث العقلية في أصول الفقه، ولكن النتيجة النهائية عدم تأثر النص وفهمه بطريقة فهم مقدمات الاستنباط. وعدم صحة إدخال هذا المسلك في مقام استنباط الفروع يمكن البرهنة عليه إنيًّا على الأقل، لعدم معرفة تحديد ملاكات الأحكام، كجهلنا سبب جعل صلاة الصبح ركعتين والقصر في الرباعية.
وأما على المعنى (2)، الذي يأخذ جانب الاعتدال، الذي قد يدافع عنه بأنه مسلك يتوسط بين التفريط (Negligence)، والإفراط (Excessive)، لنبذ التطرف والإرهابين الفكري والجسدي. وإن كان الحق أنه قد تم التركيز على جانب الإفراط في هذا المسلك، ولم يعر أي أهمية تذكر إلى التفريط وكأنه مرغوب فيه، فمورس الإرهاب الفكري في الاتجاه الأول بشكل مبطن.
فبقي (3) وهو كما قدمت من قبل، أي عندما تحدثت عن (الرابع) أعلاه.
التدين يأتي بمعنى إما التلبس بدين ما، أو اتخاذ دين معين منهجًا في الحياة [لسان العرب 13/220 بتصرف].
ما يشمل الكتاب ـ أي القرآن الكريم ـ (تهذيب اللغة 4/183ـ جمهرة اللغة1/50ـ لسان العرب7/97)، أصله نصص، نَصَصتُ الحديثَ أنُصُه نَصًّا، إذا أظهرته. ونَصَصْتُ الحديث، إذا عزوته إلى محدِّثك به. والنَّصُّ الإِسْنادُ إِلى الرئيس الأَكبر والنَّصُّ التوْقِيفُ، والنصُّ التعيين على شيءٍ ما، ونصُّ الأَمرِ شدتُه. ونَصَّ الرجلَ نصًّا إِذا سأَله عن شيءٍ حتى يستقصي ما عنده، ونصُّ كلِّ شيءٍ منتهاه. والنصُّ أَصلُه منتهى الأَشياء ومَبْلغُ أَقْصاها.
مأخوذة من سنن: وهي الطريقة والسِّيرَة وإذا أُطْلِقَت في الشرع فإِنما يراد بها ما أَمَرَ به النبيُّ (ص) ونَهى عنه ونَدَب إليه قولًا وفعلًا وتقريرًا، المراد من التقرير ما يراه صاحب السنة ثم لا يعترض، وهو من أقر يقر. والسنة بأقسامها ـ إجمالًا ـ إما مأخوذة من صاحبها بشكل مباشر أو منقولة.
المعصوم: هو صاحب السنة أو امتداده، شخص قد تدخلت عوامل معينة في صقل وجوده ليكون قدوة صالحة ونموذجًا حسنًا.
أصلها عقد -(الصحاح في اللغة 1/484)-: عَقَدْتُ الحبلَ والبيعَ والعهدَ، فانعَقَدَ. وعَقَدَ الرُبُّ، أي غلُظ، فهو عَقيدٌ. والعُقدةُ بالضم: موضع العَقْدِ، وهو ما عُقِدَ عليه. والعَقِدَ أيضًا: بكسر القاف: ما تَعَقَّدَ من الرمل، أي تراكم، الواحدة عَقِدَةٌ. واعْتَقَدَ اقتنى. واعتقَدَ الشيءُ اشتدَّ وصلُب. واعْتَقَدَ كذا بقلبه. وليس له مَعْقودٌ، أي عَقْدُ رأيٍ. والمُعاقَدَةُ: المعاهدَة. والتعاقَدَ التعاظُلَ أي الاجتماع لغرض ما …
هنا أتكلم عن أصل الوجود، وهو جواب يحل التساؤلات عن انبثاق هذا العالم ومن أوجده كل ذلك عن طريق قاعدة عقلية، وهي التي شكلت العنوان الحالي، عن طريق البيان التالي:
كيف تجعل للقماش لونًا؟
نزيل عنه ما يضده من الألوان ثم نصبغه باللون الذي نريد.
إزالة المضادات غايتها تمهيدًا لمجيء ضده.
إضافة المضاد الآخر.
اللون الأحمر أضيف إلى القماش فاصطبغ بالأحمر.
من حمَّر الأحمر؟ سؤال واهٍ من أول وهلة، لماذا؟ لأنه أحمر من الأساس، ومن هنا وصلنا إلى من أسس الكون فهو الذي لا يسأل عن وجوده بـ: من أوجده؟
بسط المثال:
هناك سؤال صواب، وهناك سؤال خطأ، وهناك سؤال صحيح، وهناك سؤال غلط، والخطأ والغلط يجتمعان تحت الإخفاق، كيف؟
سؤال صواب مع غض النظر عن تفاصيل الجواب فنحن نتكلم في نفس السؤال:
هل أنجب آدم ذكورًا وإناثًا؟
سؤال خطأ: هل أنجب آدم إناثًا فقط؟
السؤال الذي هو غلط: هل كان آدم عقيمًا؟
سؤال صحيح: هل ذرية آدم من أولاده وبناته؟
للتوضيح: من بيَّضَ البياض؟ السؤال غلط لأنه هو بذاته أبيض فتبييضه يقتضي أنه لم يكن أبيض وكان أبيض وهذا ممنوع عقلًا.
من أوجد الممكنات؟
ج: الواجب.
السؤال الــغلط: من أوجد الواجب؟
من أوجد الواجب؟ أي الواجب الذي هو واجد.
الجواب: إيجاد الموجود الواجد كما نقول: أنا أُبيِّض الأبيض، طيب هو أبيض فكيف تبيَّضُهُ؟
من هو الموجود الواجد؟
هناك واجد، وهو الذي يُوجِد شيئًا، ولكنه لو تركته وذاته فما هو إلا فاقد، واحتاج إلى من يوجده، فليس هذا هو المعني، بل الواجد الذي يستقل بالقدرة على الإيجاد دون حاجة إلى سند أو مدد به يقدر على الإيجاد، ويعبر عنه بــ (قاعدة فاقد الشيء لا يعطيه).
أبدأ من أول انطلاقة لعالم الإمكان
استفهامات تطرح نفسها على الساحة ولا بدّ من إجابة تتناسب مع الشوق للتجاوب وليس إليه[1][1].
كيف انبثق هذا العالم؟
كيف وُجِدَ العالم؟
لِمَ هذا العالم؟
ما نظام هذا العالم؟
أين هذا العالم؟
دخلنا مرحلة الموجود ويتمثل في عملية الخلق، وكذلك مفردات الخلق.
تحليل الخلق
وعند الإحاطة بمعنى المفيض بات واضحًا ما هو المفاض عليه.
بعد أن تنبهنا إلى وجود الخالق كما مر في الذاتي لا يعلل، وأما ما يخص المخلوق فما يحلو لي بحثه فيما يلي:
مع ترتيب (أَبْجَدْ هَوَّزْ حُطِّي كَلَمُنْ سَعْفُصْ قُرشت ثخذ ضظغ)، أو ترتيب (الألف باء)، وكما نعلم أن هناك ترتيبان في الحروف الترتيب الألف بائي، والآخر الأبجدي، والثاني على ما أرى أشد بيانًا من الأول الساذج (كما قد يفهم منه عرفًا)، بينما اللغة ليست إلى هذا الحد من السذاجة في القيمة المعنائية:
كيف؟
ج: لقد تناول الأبجدي الكلمات والحركات بشكل واضح، وثانيًا: وعلى ما أذهب إليه من أن الشدة (–ّ) على الحرف هي حرف ومن حروف المعاني، وكذلك تناول الأبجدي تشديد الحرف الصحيح (طّ)، وكذلك حرف العلة (وّ)، وخير مثال على حروف العلة هو الواو، الذي قد يكون أصله (ا، أي الألف، ومن الاشتباه على ما أراه أن يقولون ألف ممدودة (ا)، وألف مقصورة (ى)، لأن الممدودة هي التي أعطيت ممدًا فلا يتوقف عليها (صفاء، صفو أصلها واو)، فتى (فتية أصلها ياء، فتكتب ى)، النتيجة التي منحت مددًا (ء) تسمى ممدودة، والتي يتوقف عندها تسمى مقصورة (فتى، رِضا)، بحث لغوي جاء استطرادًا.
مع وضع لفظ خ ل ق = خلق، قخل، لخق، خقل….. على ترتيب كتاب العين للفراهيدي، الذي بعد التتبع علمت أن هذا الترتيب أساسه الإمام الصادق (ع)، وكما سترى بحوله تعالى.
(خَ لَ قَ، أو خَ لْ قٌ )، هذه المجموعة من الحروف مهما حاولت أن أجد مرادفًا لهذه المفردة المتكونة منها في اللغتين الفارسية وما يجري مجراها والإنجليزية ….، إلا أن جهودي باءت بالهزيمة فلم أعثر، فإن المفردة من دون حركات (خ ل ق)، مفردة تعجز القواميس عن أداء معناها وضعًا لذلك أجد من الجحود بحقها أنها تترجم على شكل (خ ل ق ) فقط، فمعانيها تأتي وكما أتبناه في وضع اللغة من الاختلاف بين الجذر والمادة، فالجذر نابع من التسلسل الأبجدي، والمادة ما منحته الكلمة من مدد في ترتيب الحروف كما هو عليه في قاموس العين، وهو كما يلي:
أولًا: (يبلى): وَقد خلق الثَّوْب بِالضَّمِّ خلوقة؛ أَي بلي، وثوب أَخْلَاق إِذا كَانَت الخلوقة فِيهِ كُله قال الشاعر:
أَيهَا السَّائِل عَمَّا قد مضى … هَل جَدِيد مثل ملبوس خلق
بلي الثَّوْب يبلي من بَاب تَعب بلَى وبلاءً بِالْفَتْح وَالْمدّ أَي: خلق فَهُوَ بالٍ. وبلي الْمَيِّت: أفنته الأَرْض.
تثنية وجمع.
(الخلق السيرة والسجية) يُقَالُ: فُلَانٌ فِيهِ جَوْبانِ مِنْ خُلُقٍ؛ أَي ضَرْبان لَا يَثْبُتُ عَلَى خُلُقٍ واحدٍ.
والخلوقُ: طِيبٌ مَعْرُوفٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنواع الطِّيبِ. كذلك العالم هو أثر وجودي طيب بسبب كونه صنع الله تعالى الذي أتقن كل شيء.
(الجدارة) فُلَانٌ خَلِيق لِكَذَا أَيْ جَدِيرٌ بِهِ. وأَنت خَليق بِذَلِكَ أَي جَدِيرٌ. وَقَدْ خَلُق لِذَلِكَ، بِالضَّمِّ: كأَنه مِمَّنْ يُقدَّر فِيهِ ذَاكَ وتُرى فِيهِ مَخايِلهُ. وهذا العالم هو أفضل عالم بهذا النظام فهو خليق أن يوجد.
وجَعَلَ: خَلَق والخلق: التقدير. يقال: خلقت الأديم، إذا قدرته قبل القطع. وهذا يدل على كون هذا العالم جاء رسمه ورسم نظامه قبل حدوثه المطابق للوجود النظمي له.
وفي باب المادة كما في كتاب العين للفراهيدي:
باب الخاء والقاف واللام معهما خ ل ق، ق ل خ، ل خ ق.
الخليقة: الخلق [والخالق: الصانع].
خلقت الأديم: قدرته.
وإن هذا لمخلقة للخير، أي: جدير به، وقد خلق لهذا الأمر فهو خليق له، أي: جدير به.
إنه لخليق لذاك، أي: شبيه، وما أخلقه، أي: ما أشبهه.
الخلاق: النصيب من الحظ الصالح (وكل له ما قُدِّرَ له).
الأخلق: الأملس. هضبة أو صخرة خلقاء، أي: مصمتة. وهو من جهة، الذي أوجده وهو الله تعالى وهو أهون عليه أنه استوى إيجادًا ووجودًا، اخلولق السحاب، أي: استوى، كأنه ملس تمليسًا، وقد خلق يخلق خلقًا.
قلخ: القلخ والقليخ: شدة الهدير، أي الصوت، والصوت أثر فهو بمعنى شدة الأثر.
القلخ: ضرب من النبات ويشترك مع هذه كيفية صدور العالَم وإنباته ورصانته مصدر قلخ الضخم القوي.
والقَلْخ: الضرب باليابس على اليابس.
قَلَخَ قَلَّخَ النَّبْتُ: اشْتَدَّ.
لخق اللُّخْقُوقُ: شق في الأَرض وهو يشترك مع شق الوجود الممكن في هذا الكون.
يقال: خَقَّ في الأَرض وخَدّ، وقيل: اللُّخْقُوق الوادي.
لخق
ل خ ق: اللُّخْقُوقُ بوزن العصفور شق في الأرض، والخلق شق في هذا الوجود.
هذا تابع إلى مبنى لغوي وهو ما اعتمدته – كأصل موضوع[2][2] – وأعني بالمدد هو الإمداد اللغوي بالحروف لتشكيل الكلمة، ولم يكن الخليل الفراهيدي هو من أرسى قواعد الواضع هذه في اللغة، بل هو الإمام جعفر الصادق (ع). سُئِل (ع) عن معنى النساء فقال في رواية: من الأُنس، وفي أخرى: من النسيان، فهي تنسى كل آلام الحمل والولادة وسهر الليالي والرضاعة، ثم تعود وتأنس بمن تعبت به حملًا ووضعًا ورضاعة وعناية وهكذا دواليك، وكذلك الذي يأنس بها ينسى أو يترك غيرها. وأدلة كثيرة في اللغة على هذا المنهج الرائع، الذي يجعلك تعيش عش اللغة الأخضر اللذيذ.
لو جمعنا المعاني التي احتواها هذا النظم من هذا الترتيب الأبجدي بأسماء حروفه نجده الجامع لكل هذه المعاني (خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (7/ 305)، (1/ 234) – لسان العرب (1/ 287)، (10/ 91)، (10/ 91)، (11/ 111) – الصحاح للجوهري (5/ 156) – كتاب العين (4/ 151)).
سبق الوجود بالفعل (الذي نعيشه) خارطة بالفعل وهي خارطة عالم الإمكان بكل تفاصيله ودقائقه ومن أهم صفاته التغيُّر، وهذه الخارطة بمقدراتها بتفاصيلها كائنة إلى ما بعد يوم يبعثون وهي كاملة، ثم استجاب العالم بعد نداء كن، إذن عندنا:
﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾[3][3].
فتدرج عالم الإمكان بين (كن نظامًا)، عبر النداء الأول، ثم (كن كما في النظام) وهو المطابقة وهو كن الثاني، فالوجود الممكن كان خارطة لمنظومة قبل إيجاد التفصيل، ومن ثم أوجدها الواجب عز وجل وهو من رسمها وهو أحسن الخالقين.
حصول حالة الاتزان الفكري عند التجرد عن الأحكام المسبقة والترسبات الفكرية وتخلية الذات من درن أفكار.
تكمن في النظام الكوني المترابط بجميع أجزائه ومكوناته، فما هي مكونات الدين؟
مجموعة قوانين عقلية وعقلائية أنظمة:
إذا فعلت ضمنت خلق بدنك وهكذا يتحقق تجسد الأعمال المشار إليه في القرآن الكريم، وإيانا أن نصطف لنكون مصاديق: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ﴾[4][4].
انتهت مرحلتا رسم الخارطة ومن ثم التواجد طبقًا لها: ففي المرحلة الأولى رسم الخلق رسمًا كاملًا مفردات ومكونات العالم كل شيء حسب وجوده، والتكفل بجميع مخصصاته ومستلزماته، ومن بعد ذلك جاءت مرحلة صنع المكونات فقدرناه رسمنا خارطته واستحقاقاته جميعها، وبعد ذلك الدخول في العالم مع الدرجة والتخصيصات كل حسب عالمه ومرتبته.
صناعة الإنسان المتكامل بواسطة الإنسان الكامل: ﴿وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا﴾[5][5]. عبر النظام الأكمل.
الأطراف:
لا تخبرني عن أصغر مؤسسة ليس لها قانون ينظمها من غرفة نوم فرد واحد غير متزوج حتى قرية حتى دولة، عندما تدخل غرفتك تفتح بابها وتستخدم محتوياتها، وعندم تخرج تؤمنها، وهكذا الدولة، وهكذا الكون بأكمله إنه النظم، إنه النظام، إنه القانون.
الدين كما هو هو، تنظيم ارتباط مؤسس دولة الكون بالأفراد الذين أدخلهم مؤسسته التي أنشأها، ومن ثم تنظيم علاقة أفراد المؤسسة بعضهم ببعض، هذه هي فلسفة الدين كما أفهمها، وكتوضيح علاقة مؤسس الكون بي، وعلاقتي بمؤسس الكون، وعلاقة مفردات الكون بي، وعلاقتي بتلك المفردات.
المسألة أكبر من أن تنحصر بأن أتعبد.
ضرورية للكون بأجمعه لوجود ترابط بين جميع المكونات حقوق وواجبات، وليس المكوِّن هو الإنسان فقط وفقط، هناك تساؤل يطرح عادة على غرار أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم، والدين هو:
حق الأرض عليك أن تستعمرها بما منصوص عليه، ولا يصح غصبها وإقامة منافع للغاصب عليها مثلًا.
حق الخنزير أنه يمنع ذبحه وتناوله، وكذلك غيره مما يمنع تناوله.
يمنع ذبح الحيوانات التي أبيح تناولها إلا بالطريقة المنصوص عليها في الدستور.
عالم مترابط حقوق وواجبات، وسترى الرد عندما تقرأ عن نظرية الفوضى.
من هنا يأتي الجواب هل يمكننا حصر الدين؟
حقوق الإنسان.
حقوق الحيوان.
حقوق الأرض: التنظيم منع ما يسبب التصحر، منع التجريد من الغرس.
فلسفة الدين احتوت كل هذه النصوص.
بعبارة أخرى عندما أعرض فلسفة الدين يجدر بي أن أبين فلسفة المنظومة كلها لكي أصل الغاية وأنا بكامل سلاحي العلمي والعملي.
إن تحديد المنهج المعرفي – (أقصد منهج البحث في كل مجال من مجالات الحياة العلمية والعملية) – حقيقته معرفة عملية أو قل تطبيقية، فيمكن أن يطلق على هذه المهمة مصطلح التطبيق العملي للمعرفة، فيكون المنهج متخصصًا بالمجال، الذي عُيِّنَ من أجله كمنهج، وبذلك تعددت المناهج المعرفية بتعدد مجالاتها.
بداية أرجوك لا تخبرني عن الشكي – على اختلاف مشاربه – أنه مما يطلق عليه وصف (المنهج)، لأن الشكاك وبكل بساطة لو لم يكن متيقنًا من أنه يقول بالشك لم يقل أنا أشك فيناقض نفسه، ثم كيف نسمي طريقته منهجًا وهو شكاك حتى في منهجه؟ وإذا قال: أنا أشك وأصر على قوله، فهو ممن لا يعتنى بشكه – على أقل تقدير – ولنقل إنه مريض، إذن أساسًا لو لم يعرف – ليس فقط لم يعلم – لم يقل أنا أشك، مع أن الشك هذا حتمًا في قضايا جزئية لا تصلح أن يعتنى بها في علم المعرفة، فتعال أخبرني كيف يصنف الشك أنه من المناهج المعرفية؟ إنه أمر عجيب… انتهى.
أو يمكننا أن نطلق عليه مصطلح (المنهج الإيماني)، وتماشيًا مع الإطلاق المشهور نبقى على مصطلح الوجداني، هناك مقال مترجمة عن المناهج لـ (أبو القاسم علي دوست/الباحث في مركز دراسات الثقافة والفكر الإسلامي، في [نقد ونظر] مجلة فصليّة – قم – مكتب الإعلام الإسلامي، العدد2، ترجمة صالح البدراوي/ الصفحة – 281)، وكان الوجدان مما له حظ في مقاله ذاك.
واضح من عنوانه أنه مرتبط بالمادة ولا يتعدى إلى غيرها، بل ويستعين بالمنهج العقلي بطريقة ملتوية لغرض الوصول إلى تعميم الأحكام التي يتوصل إليها؛ إذ من دون المعارف والقواعد العقلية القبلية الحاكمة في عالم الإمكان، لا يمكنه التحرك إلا ضمن المحوطة التي اختطها لنفسه وهي محوطة عالم المادة والحس، ومهما حاول من يتبنى هذا المنهج، فإن محاولاته تبوء بالفشل.
قد يُلقى تساؤل مضمون غايته إنكار العالم المجرد بحجة أنا أُصَدِّقُ العلم، فنحتاج إلى وقفة توضيح تتضمن ما يلي:
أولًا: أنا أصدق العلم:
0 | 1 |
ولو قبلنا بانطباع الكبير في الصغير فلو رسم لنا الحاسوب بناية ضخمة فهل نتمنى نحن بأجسامنا استخدام تلك البناية على نفس المنوال؟
تساؤل: هل يلزم من النقطة الثالثة التجهيل؟ الجواب: بل يلزمه التعليم لأننا إن لم نتمكن من الدراية بوجود شيء فهذا لا يلزم منه عدم علمنا، وعالم الإمكان عالم التفاوت والأخير واقع فالعلم بالشيء غير الدراية به، وعدم الدراية لا يعني عدم العلم، وعدم العلم لا يعني الجهل مطلقًا، بل إنه ليس من الضروري إن كنت غير عالم بشيء فهذا يعني أنك جاهل به فعدم علمي بشيء أوسع نطاقًا من جهلي به.
هذا المنهج هو الأجدر والأمكن (تعيينًا لا تخييرًا)، الذي من خلاله نصل إلى حال الاتزان المعرفي، ومن ابتغى التوسع فبإمكانه ذلك في عالم القرية الصغيرة عالم الشبكة العنكبوتية. وحقيقة هذا المنهج متعددة في الواقع فهو من جهة فلسفي، ومن أخرى منطقي، ومن ثالثة وجداني، ودور العقل فيه دور أساسي والذهن أداة الجنبة المعنوية للنفس والدماغ آلة أو أداة الجنبة المادية لها، ما يتميز به بين الإنسان من الموجودات المادية الحية عن غيره ليس الدماغ فقط فمركز السيطرة المادي على الموجودات الحية متوفر فيها تمامًا، إلا العقل والذهن، الذي انفرد الإنسان بحيازتهما، وما يجري فيهما من عمليات ترافق النفس الناطقة وما تحصل عليه من مدركات بطريقتها.
منهج مختلط ما بين العقلي والنقلي، أما العقلي فواضح، وأما النقلي فبحسب المدرسة التي ينتمي إليها المفكر، أو المتخصص في مجال العلوم الدينية.
أعني بهذا المنهج جميع الفروع المنطقية المستخدمة كالمنطق [الأرسطي، الرمزي، الاستقرائي…….].
أو المعرفي على الاختلاف الجاري في أصل التسمية أو الاستخدام، والمهم هنا أقول من البديهي أن كل اختصاص عند تأسيس المنظومة الفكرية الخاصة به يختط المعنيون به مناهج يتخذونها لهذا الغرض، وبما أن الرؤية الكونية تخص الجانبين المادي التجريبي والمعنوي الميتافيزيقي والوجداني، والتعويل على المعنوي فيها في النهاية عبر آليات منطقية أرسطية كانت أو غيرها، ينساق البحث بما تقتضي الضرورة إلى جعل تشكيل الرؤية هذه إلى أن يكون المنهج جامعًا لهذه الاتجاهات جميعها، فلا أتمكن من وصف المنهج الإبستمولوجي بواحد من هذه المناهج، وليس من اللائق أن أطلق عليه المنهج المختلط، فالتسمية الأمثل لهذا المنهج تقتضي إطلاق عنوان يتناسب والعملية المقصودة، وهو مصطلح المنهج الإبستمولوجي أو المنهج المعرفي. إن هذا المنهج في الواقع مختلط بين مناهج عديدة كما أوضحت كونه يحمل أمورًا مهمة وهي:
فاختيار مصطلح خاص به أكثر لياقة، كل ذلك لأنني وجدت فعلًا – ومن خلال تصفحي مضمون الرؤية الكونية – أن منهج هذا العمل مختلط بين:
وببيان آخر أننا لا يمكننا أن نتغافل عن الجانب الحسي للارتباط بالعالم المادي الخارجي، ولما كان هذا العالم متخصصًا في الجانب المادي، ولأننا نحتاج إلى المنطق في تجاربنا في هذا العالم نستخدم الاستقراء بشتى أشكاله والأقيسة المنطقية، سواء كانت التجربة متعمدة أم معملية من قبل الباحث، أو كانت ملاحظة من قبله، وعندما نحلل المواقف الحاصلة نلجأ إلى المنطقة العقلية، ولكن بعد الإيمان يدخل على الخط فنستعين بالوجدان عندها نتوصل إلى النتيجة النهائية وهي الرؤية الكونية، ولأن الكل أنتج لنا هذه الصورة المنظومية يطلق عليها: المنهج الإبستمولوجي.
القناعة الأولى: مصطلح رجل الدين: وهو مصطلح مستورد من عصر ثورة أوروبا على رجال الكنيسة، ولو تعاملنا مع هذا المصطلح وحقيقته ينطبق على المعصوم فقط، ولذا علينا أن نتجنب تكراره فتترشح إخفاقاتنا على الدين، والحق أننا متخصصون علوم دينية.
القناعة الثانية: توضيح مهم وهو أن هناك استخدامًا ليس دقيقًا لمصطلح العقل، بل جرى استخدامه استخدامًا عرفيًّا، والترتيب الذي أراه دقيقًا كما يلي:
مقالات تناولت هذا المصطلح [العقل بين الفكر الفلسفي والفكر الديني، عمر حيمري 05/02/2013، وكذلك مفهوم العقل بين الفلسفة والدين، قراءة نقدية مقارنة، 18 يونيو 2014 التصنيف: بحوث ودراسات إعداد: أ. محمد تقي فاضل، ترجمة: مشتاق الحلو/ نصوص معاصرة].
في بعض الأحيان: إن الاستخدام الذي جرى في هذا المقال بما جرى عليه العرف والتداول في الكتب والمقالات رغم قناعتي الشخصية بما أسلفت، فالهدف أن تصل الفكرة، ثم الأفكار.
النفس الناطقة تحديدًا هي صفة إضافية للنفس الإنسانية التي لها أحكامها من حيث الحرمة التعاملية – الحريم – والتكليف الشرعي والقانوني، والأخيرة يمتلكها حتى المصاب بنقص في الدماغ، الذي هو أداة الذهن، الذي هو أداة العقل، ولكن الأُولى تعمل بموجب توفر شروط الناطقية، تجد الإشارة إلى الفرق بينهما عند ابن سينا وملا صدرا، ابحث تجد. وفي الحرمة فقهيًّا لا فرق بينهما فبمجرد كونها نفس يبدأ بحث الحرمة من عدمه، وكونها إنسانية يتأكد الحكم، فيتعامل معها ضمن منظومة فقهية ليس مجالها هنا.
أو الذهن وهذا التوضيح مهم لكي يعلم القارئ الموقر محل الحديث، ولذلك أقول: إن هذا العنوان لا يتكفّل بيان المناطق الدماغية، أي لا أتكلم فيه عن جغرافيات الدماغ كآلة مادية في جمجمة الإنسان ومن ثم تقسيمها الجهاتي، بل عن جغرافيات الذهن المجرد عن المادة المرتبط بالنفس، فتابع معي.
إن انعدام التنسيق بين العقلين النظري والعملي بسبب غياب المنهج في تحصيل التوازن بين منهجي التربية والتعليم يتسبب بظهور منطقة (أدرية لا أدرية) في منطقة مدركات العقل الباطن تتسبب بضياع مساحة من الفكر الفردي، ومن ثم التفكير الجمعي.
وإن هناك من يصور العقل الباطن من جهة مسؤوليته عن الشرور فقط، وأن العقل الواعي مسؤول عن جنبة الخير فقط، ولكن الحقيقة غير هذا تمامًا، فهناك من لا يتكلم بالحق إلا عند غيابه عن الوعي فيخرج لنا من قوقعته، ويسمعك تصريحات غريبة لم تحتمل أو تتوقع أنك تسمعها منه ومن أمثاله.
يمثل الفطرة الإنسانية الطيبة الطاهرة النقية والتي تأخذ أول مساحة في وجود النفس الإنسانية، ثم النفس الإنسانية الناطقة، ولكن تصويره على أنه الناطق بالشرور مجازفة، بل يعتبر اعتداءً على بشرية الإنسان.
فالعقل الباطن صفحة بيضاء تتقبل النقش وتتلون بما يضع فيها المُلَوِّن من المدركات، وعادة تظهر هذه الألوان عند فقدان الوعي من نوم أو ارتفاع حرارة أو وقوع تحت تأثير مُخدّر أو فلتات الألسن أو الغضب … وهكذا.
يتمثل في التفكير ووضع الخطط وتلقي الخزين الظاهر من مدركات على شتى أصنافها، من خلال الحركة الحصولية والإدراكات المتمثلة بالصور الذهنية، ويظهر هذا الخزين في تلك الحالات التي سبقت بشكل يعبر عن الخازن إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.
فإن تضاربت المعلومات التي تصل العقل الواعي مع الفطرة تتولد عند المتلقي نزعة الشك (الأدرية لا أدرية) فيصعب تفعيل أحكام العقل العملي فتأخذ النفس بالبحث عن خلاصها من التأرجح لتقع فريسة العقل الواعي الشرير؛ أي الذي يمنهج ويخطط لبث الشرور.
فالواعي هنا بمعنى الذي يعلم ماذا يفعل، وليس المعني هنا الوعي الثقافي الأخلاقي المتعارف بين الأخلاقيين الإسلاميين.
أولًا: منطقة الفراغ العقلي في طرف العقل النظري، وهذه تكون كذلك لما يلي:
ثانيًا: منطقة الفراغ العقلي من جهة العقل العملي وكما يلي:
ومن ثم المصداق … لفظ يستخدم في غير محله آليت وأصررت على استخدامه في غير ما يتداوله المشهور، بل أعود به إلى أصله. واللفظ هو فلسفة:
جميل أن نطلع على هذا التفصيل، إذا كان البحث منصبًّا على:
وفي الحقيقة يكون إطلاق فلسفة بمعنى العلم على القسم الثالث إطلاقًا جزافيًّا، لأنه ليس له واقع فعلي، بل حقيقته أنه أمر افتعالي.
أنوِّه إلى المعني هنا في هذا المقال مسألة تطابق الرؤى وطرق التفكير والإدارة بين المجتمع وسياسة الدولة، وطرق التدريس.
إن بعض ما يطلق عليه فلسفة كما يعني اللفظ أساسًا ليست كذلك، بل هي كلمة مترشحة منذ عهد الروم، واستمرت هكذا حتى عصرنا هذا، ويعبرون عنها فلسفة (ديكارت، هيجل، نيتشه،…)، وأطلقوا على طرق وآراء الباحثين عبارات الفلسفة (المادية، ظاهراتية، ماركسية، ما بعد الحداثة، مثالية،…).
كانت كل العلوم الطبيعية والحقيقية والقواعد التطبيقية التي أشرت إليها تبحث من قِبَل العلماء الذين كانوا يُطلق عليهم وصف فلاسفة، وأما التخصص فقد بدأ يظهر في وقت متأخر من القرن التاسع عشر وتقريبًا انتهى في القرن العشرين، ولو راجعنا المخطوطات والطبعات الحجرية، ومن ثم النسخ المحققة من مؤلفات الفلاسفة القدماء لوجدنا هذا الذي أشرت إليه.
أعني طرق تفكيرنا نحن – المسلمين – لنا منظومتنا الفلسفية (طرق التفكير) الخاصة بنا كمجتمع له سماته، هذه المنظومة محكومة بالاعتقاد بوجود خالق الكون، وقد وضع قانونًا محكمًا نستفيد منه في إدارة شؤوننا نسميه (الدين)، طرق تفكيرنا نرسم معالمها في:
وهكذا دواليك.
نظام حوكمة مختلط بين الـ(مركزية، لامركزية) على غرار أمر بين أمرين، مجبر على الاختيار، ولكن لا تتوقع حصول كل ما تشاء فهناك معادلات أخرى تلعب دورًا نظرًا للنظام العام، إنه نظام: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾[7][7]، ﴿لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[8][8]. وهو نظام: اعمـــل واعـــــلم، اعــــلم واعــــمل.
وكيفية ذلك أننا جميعًا لا يمكن أن نتقبل أي تَجَمُّعٍ لا نظام فيه يمكن أن نعبر عنه بعلاقات رياضية كمعادلة الخط المستقيم أو الدائرة. كذلك النظام الكوني، الذي نعيشه فإن هذا العالم يسير وفق نظام قائم على شكل المعادلة التي تحتوي متغيرات وثوابت، وكلما وضعت قيمة أو قيم للمتغيرات تحصل على نتيجة ذلك التعويض، وإذا أردت الحصول على قيمة لمتغير فعليك أن تستعيض عن متغير آخر بقيمته، وهناك حلول لمعادلات آنية عندما تشتبك المتغيرات وتتقاطع، ولا بقاء لمسألة لا حل لها، وكما يلي:
5+5=10
5-5=0
10- 5 = 5
5 – 10= – 5
4س-2ص=14..ثم.. 4س=2ص+14 فلو كانت س=0 فإن ص= -7
وكانت قيمة (س) تترواح ما بين (0 إلى 20) فعند الاستعاضة تجد قيمة ص في المقابل.
ولو كانت قيمة (س) تترواح ما بين (-20 إلى 20) عندما تعوض عنها تخرج بنتائج لقيمة (ص) تختلف تمامًا عما في (0 إلى 20).
كذلك الكون ونظامه، فمن ينظر إلى الكون من خلال جانب الترابط بين الجبال والظروف المحيطة بها وأوصافها التي تثبت الجمال حسبما نراه، ولا ننظر إليها بظروفها المحيطة بها وأوصافها عند تخلف بعض الشرائط حسب الحقيقة يفسرها الناظر بتلك العين بالإشكالات على برهان النظم الجمالي حسب رؤيته.
فكلما وضعنا قيم س أو ص أو نصف القطر أو جميعها نحصل على قيمة معينة كما لا يخفى على الذين درسوا الرياضيات.
هنا معادلة تمثل الاستعاضة بقيم في الموجب والسالب وهكذا ما نحن فيه من النظم. من الجميل في هذا الرسم أن المستقيم في الربع الأول رُسِمَ امتداده كأنه في استمرارية، وفي الربع الثالث له استمرارية ولكن أقل وفيه دلالة تطمين باطنة.
عندما يحصل:
عندما يحصل:
عالمنا هذا تعرضنا فيه إلى وقفتي تخيير، وعليه وجب الاختيار على كل مفردات عالم الإمكان، أما الوقفة الأولى فهي التي كانت كيف أكون – من أول مرتبة وجودية للكائن (أي كائن النور، العقل، السماء، …) في هذا العالم إلى آخر مرتبة فسالت أودية بقدرها – وهنا نختار ولا نحاسب على اختيارنا ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾، ومنه أخذ علينا العهد والميثاق ألست بربكم، وهذا اختيار لا عقاب عليه ويُمضى بالمشيئة، فالذي اختار أن يكون رجلًا تحقق له وامرأة كذلك وأرضًا وأميبا، وكل تفاصيل عالم الإمكان، فكل شيء عنده بمقدار، فلسفة الوجود العام في عالم يجب أن يحتوي كل هذه التفاصيل. من هنا ابتدأت حرية أن أكون.
وقفة الاختيار الثاني يبدأ لمن يشمله عالم الحساب، الذي يتحقق بسبب تحمل الأمانة ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ﴾، من السن القانوني الكوني لتحمل الأمانة، فكل ما في الوجود اختار لنفسه أن يكون كذا.
عند استخدام المصطلحات أجد استخدامات غير دقيقة، بل قد تكون متعمدة، وهو أنني وجدت من خلال مطالعتي تسامحًا كبيرًا أو متَعَمدًا في استخدام كثير من المصطلحات، فمثلًا يطلقون مصطلح نظرية على مجرد فكرة معينة حتى مع كونها لم تصل إلى مستوى الفرضية، وهكذا في غيرها من المصطلحات الأخرى فتُستخدم دون مراعاة التدرج الحقيقي، وكما يلي:
من هنا ندخل فكرة الفوضى التي سميت نظرية.
سيتضح لك أن العالم مترابط المكونات، خاضع لمعادلات تضمن حقوقه ككل وحقوق أفراده ومكوناته، فما نرى من وقائع وأحداث زلازل، فيضانات، أمراض، تشوهات، ما هي في الحقيقة إلا من صنع أنفسنا، وليست من الإشكالات على برهان النظم، بل هو بذاته برهان النظم لا يكتمل إلا بالقوانين التي تحكم وتحاكم، أما تحكم فبموجب مفردات نظمه، وأما تحاكم فلكل تنفيذ أو عطاء أو مخالفة ما يقابله من استمرار أو مجازاة إن خيرًا فخير، وإن سوءًا فسوءٌ، كل ذلك تعاملًا مع وجوده – العالَم – ككل له أجزاء مترابطة يؤثر بعضها في وعلى بعض، بل وعلى العكس إن لم يكن في العالم حكمًا للتضاد لا يمكن أن نسميه عالمًا، ولا يمكن أن يكون قد صدر عن حكيم، بل نسميه فوضى ولا بدّ من صدوره عن مُصدِر ولكنه فوضوي. فلا يعتبر برهان النظم برهانًا إلا بتكامله في الاتجاهات جميعها، حاله حال أي قانون حاكم في إدارة شؤوننا. إدارة الفوضى
ما يريده منا من يعترض على ما يحصل من أمور يفسرها على أنها إشكالات على برهان النظم؛ هذا الإشكال يرجع عليه، لأنه يغفل جانب الترابط بين مفردات عالم الإمكان ويريد نظامًا من غير نظام، وهذا بحد ذاته لا يرتضيه هو في بيت أو مؤسسة أو عمل فيه نظام التشجيع أو السكوت لمجرد أداء الواجب المناط، دون أن يتحقق بالمقابل ما تحصل فيه مخالفة للنظم العام، الذي يسير عليه هذا الكون، وهل يمكن أن نتصور نظامًا مروريًّا يحفظ حياة الآخرين فكل شيء يسير وفق ما نحب ونرضى، دون وجود قوانين تنظيمية وعقوبات صارمة ضد المخالفين، إن هكذا تصور يمكن تفسيره على أن هذه النظرة تقول لنا إذا أضرمت النار في غابة فليس من الصواب أنها تحترق، والحق أن هذا هراء.
وهناك أمثلة كثيرة على هذا التصور، فانظر إلى الصورة السابقة المتوفرة عن فكرة الفوضى التي ثبت نقيضها حتمًا ولا زالت تحت مصطلح نظرية الفوضى.
فيما يلي بعض ما لا يحق لمن يرفض السببية والغائية أو قل الفوضوي:
وقل أنا فعلت، ولا تقل فعل الله بنا كذا وكذا، فلأنك لم تلتزم القوانين صنعت التدمير فنالك في عقر دارك، عندما نقع في مشكلة بسبب تصرفاتنا، مباشرة يتوجه اللسان بإلقاء التهمة على الله تعالى وعلى تقديره مباشرة ودون تأمل، وأعني بتقديره هنا التي على مستوى (كتب علينا).
دعني أناقش معك الفكرة، لا شيء يفلت من تقدير الله عز وجل، ولكن المتَّهِم أسند وقوع الحدث إلى الله عز وجل، والحقيقة هو في التقدير نعم لا أختلف معك فيه ولكن أي تقدير؟ الجواب:
فكما ذكرت أن هذا تابع إلى التعويض عن المتغير بقيمه لتنتج المعادلة قيمة صورة أو محصلة العمل فإن المحور السيني مثل قيمة العمل والمحور الصادي يمثل صورة أو نتيجة العمل، والنتيجة:
فتلك هي إسقاطاتنا على المحورين، فمنها فعلي أنا، ومنها تطبيق القانون فلو التزمت المعايير الحسنة خرجت بنتائج حسنة، وعند العكس يحدث العكس، وهذا هو برهان النظم، الذي أرى أنه من الحق أن علينا الإيمان به، وليس فقط ألم يروا إلى الطير صافات، فالنظرة المقتطعة توصلنا إلى نتيجة مقطِّعة.
والفرق بين برهان النظم الواقعي، وبين برهان النظم الصناعي كما فيما بين السماء والأرض، وقدمي وما تحت الأرض.
إن برهان النظم الجمالي هو الذي يتضمن النظم المتكامل:
﴿فمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾.
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾.
﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾.
طيب لماذا أعمل مثقال ذرة شرًّا؟ الجواب عندي أنا، ولم يجبرني أحد على ارتكاب الفعل، بل بيّنه لي من نظم هذا النظم وأخبرني، ولكنني لم ألتفت إلى الانصياع إلى القانون.
إن الخوض في مقارنة بين الفكر الديني والفكر العلمي، كما هو مفروض أساسًا، لا مناسبة له، لأنه خالٍ من قواعد المقارنة العلمية، كما حاول أحد المقارنة بين السيارة وطائر البجع، إن أول المعايير في المقارنة معيار التخصص، ومن هنا ومن البداية يحكم العقل بكون هذه المقارنة تُصَنَّفُ في محاولات التجهيل وجعل الأذهان تضمر فكرة أن الدين والعلم في تعاند وتناقض، وهذه هي النتيجة المنشودة وغاية عملية المقارنة هذه.
من هنا تبرز الحاجة في المؤسسات المهتمة بالجانب التوعوي التركيز وبشدة على هذه المسألة بالذات وهي نتائج إدخال الأذهان في الخوض والدخول في هكذا مقارنات وكشف الأهداف والتحذير منها.
عندما يُسْتَعْرَضُ هذا العنوان على بعض الألسن، أو عند القراءة ينساق الذهن إلى صورة سوداوية عن العلاقة بين الدين والعلم وما هو إلا من صناعة التخيل المشوَّه المغروس في منطقة الفراغ العقلي:
ذكرت تحت عنوان (عقلانية الطرح) تصدي قسم من الباحثين للرد على الشبهات التي يثيرها آخرون، ونوهت إلى أن قسمًا منهم يقدمون خدمات إلى الطرف المقابل من دون قصد، وما ذلك إلا بسبب التهاون أو عدم التأمل في طريقة الرد على تلك الطروحات.
ومرورًا بالعقل ومصطلحاته واستخداماتها وما يرتبط بها أود التنويه والإشارة إلى أمر مهم وهو أننا يلزمنا التأمل في تكرار نفس المصطلحات التي من خلالها يمررون ما ينتجون من أفكار، وبذلك على المتصدي أن يتجنب هذا الفعل.
مثال:
الحوارات والمناقشات التي تحت عناوين (العقل الديني والعقل العلمي)، وما إلى ذلك وقس عليه، فمن هنا أنطلق في ضرورة التنبه قبل الخوض، وعندما ندرس حالة أو ظاهرة (العقل الديني) وننقدها علينا أن نبين ما يلي:
والأجدر أن يأخذ الحوار صبغة المناقشة كما ذكرت بأن نأتي بالشبهة ومن ثم نفصلها، ونناقش جوانبها، وإذا اضطررنا إلى ذكر صاحبها يجدر أن يأخذ صبغة (نقد فكر: ابن فلان، أو فلان وهكذا…)، وتكرار مصطلح (العقل الديني) فيه مجازفة كبيرة، لأننا علينا أن نثبت أنه عقل، ومن ثم أنه الدين، وبعده النسبة إليه – أي دينيٌ -، ومن بعده ننقده، بينما يسهل المهمة لو قلنا نقد الفكر الفلاني، أو فكر فلان من دون ذكر العقل والدين، لأن المصطلح على هذه الحال يخدم الترويج لما يبثه الآخرون.
إن المهم هو التصدي لبيان الشبهات بالتعامل معها على أنها تثير ما يجدر إخماده، وعدم ترك الساحة، ولكن هذا التصدي يجدر به أن يكون مدروسًا ومحكمًا. ولتقريب الفكرة بمثال آخر وهو: إثارة مسألة (العنف ضد المرأة)، مع أنه موجود وملموس من قبل بعض، لكنه مرفوض دينًا وأخلاقًا وتشريعات وضعية، وأما شحن الأجواء بهذا الشكل يولد نزعة نفسية عند المرأة أنها تقع تحت وطأة العنف ولكل فعل ردة فعل، وبذلك تغرس حال العدائية ومن ثم الثأر والانتقام ضد الحال تلك وإن كانت افتراضية.
الذي نراه ونلمسه ليس عقلًا وليس دينيًّا، بل هو تفكير شخصي وأفعال يرتكبها من يدعي التدين، وهذا ما لا يمكن دخوله منطقة العقل ولا دين الله عز وجل.
من هنا جميل أن نتجنب الترويج لمصطلحات أمثال: العقل الديني، الظاهرة الدينية،…
عندما قرأت عن كثير من التجارب والبحوث العلمية التجريبية والإنسانية لاحظت استخدامًا وتجييرًا للعلوم لجانب ضد آخر. فتحول الأمر إلى خلق فجوات ومن بعد ذلك امتلأت بالحقد والضغينة والتعنت والاعتياش.
الآن تعاني العلوم على جميع التخصصات الصرفة والإنسانية إلى نفس العملية الهمجية، فاستخدم المتعنتون نتائج بعض الأفكار والفرضيات في العلوم التجريبية لخدمة توجهاتهم العلمانية أو الإلحادية، ولو أمعنّا النظر في ذلك لوجدنا أن تلك الأنشطة بعيدة أساسًا من التوجهين الأخيرين.
من هنا تحركت القوى الفاعلة في مجال بحوث المجتمع إلى تبني مشروع الأسلمة، وحسب ما أرى أن الأسلمة هنا ليست كما يصورها التوجهان الأخيران الآخران، بل هو مشروع خلع هاتين الصبغتين الدخيلتين على المجالات المذكورة وعدم إضفاء الصبغة الأولى، لأن الدين لم ينصب نفسه يومًا ما عدّوا للتطور العلمي، بل هو ونظامه يحثان على ذلك ويشجعان على سلوكه: ﴿لاَ تَنْفُذُونَ إِلاَ بِسُلْطَانٍ﴾[11][11]، ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَ قَلِيلاً﴾[12][12].
أعني بهذه العبارة تسخير المصطلحات والعبارات والأبحاث لخدمة الغرض خدمة التوجهات التي يتبنونها، فتبقى العناوين لامعة براقة، ويبقى واقع تطبيقها مريرًا، وأتطرق لهذا الأمر من باب المثال، وعلى ذلك نقيس.
أقتطف شيئًا قليلًا مما كتبه محمد عبد الجبار الشبوط [في الصباح الثلاثاء 03 أيلول 2019 العدد 1344]، حول الأنسنة، وكما يلي: (“الأنسنة”، أو أنسنة الحياة، وأحيانًا “النزعة الإنسانية”، بما يقابل كلمة humanization الإنكليزية وليس كلمة Humanism. ترد كلمة Humanism في القواميس الفلسفية والسياسية كمصطلح فلسفي اختلف، بل تنوع الكتاب في بيان معناه ودلالته، لكنهم يرجعونه إلى معنى واحد أساسي هو مركزية الإنسان، وغالبًا ما يعطونه معنى مقابلًا للدين أو لله. ولا شك عندي أنه بدأ في إيطاليا، وأن أول من زرع بذرته هو الشاعر بترارك المعروف. وهناك من يرى أن هذه النزعة هي من نتائج الاحتكاك الأوروبي الإسلامي، سواء في الحروب الصليبية أم في الأندلس. ولست معنيًّا بما يقوله كل فيلسوف أو مفكر أو كاتب عما يعنيه مصطلح Humanism بالنسبة له إلا بمقدار ما يلتقي أو يختلف بما أعنيه من كلمة أنسنة الحياة أو النزعة الإنسانية كما في كلمة humanization. دعوتي إلى أنسنة الحياة أو النزعة الإنسانية ليست مرتبطة بهذه التطورات إلا بمعناها العام ودلالاتها الكلية التي سوف أبينها في السطور التالية. أنسنة الحياة عندي هي كلمة عربية أصيلة على وزن (فعللة) وليست مصطلحًا فلسفيًّا، وهي تصلح أن تكون ترجمة للكلمة الإنكليزية humanization، المشتقة من الفعل humanize، والذي يعني جعل (الموضوع)، أي موضوع، إنسانيًّا، أي إضفاء الصفات الإنسانية على (الموضوع). والموضوع هنا هو الحياة نفسها التي قوامها الإنسان، بوصفه العنصر الأول في – المركب – الحضاري –
أنسنة الحياة هنا ليست مصطلحًا فلسفيًّا بقدر ما هي عملية مستمرة process لإضفاء الصفات، بل الشروط الإنسانية على الحياة، بمعنى جعل الحياة لائقة للإنسان، بما فيها من كرامة وحرية وأمل إلخ، ومحققةً لشروط نمائه وتكامله في خط إنسانيته. أنسنة الإنسان، بوصفه كائنًا عاقلًا، هي نقطة البدء في أنسنة الحياة، التي تمتد إلى الثقافة والفن والدين والسياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية إلخ. والعقل هو الحجر الأساس في أنسنة الإنسان. وبالعقل امتلك الإنسان الصفات أو الخصائص التي تميزه عن الحيوان أو ترفع درجته على درجة الحيوان، بما في ذلك اللغة والتواصل والتفكير والمشاعر الرفيعة إلخ، وهي ما فطر؛ (أي خلق) اللهُ الإنسان عليها، أو أوجدها في الإنسان وجعل فيه القابلية على صنع الخير. ولهذه الصفات وبسببها أعلن الله تعالى تكريم الإنسان واستخلافه وتحريره وإعطائه حرية الاختيار واعتبره مسؤولًا، وأمر الملائكة بالسجود له وسخر الكون له وجعل التشريع يدور مدار مصلحته.
وأظنه كان موفقًا في ذلك، ولعلنا نستفيد من المقال فيما يقابل حيونة الإنسان (حيونة الإنسان/ ممدوح علوان، ط6، سنة 2016، سوريا دمشق)، العنوان الذي ضم كتابًا نقديًّا غلبت عليه صبغة التجني والهجوم بشدة على بعض القيم بحجة التحرر من الدين وما يرتبط به من بحوث ومن يرتبط به من متخصصين، ولو اتسع المجال لتفرغت للرد على محتواه المهاجم، الذي يضفي سمة العموم على التصرفات الفردية التي قد تتكرر، ولكن ليس بالحجم الذي يصوره.
ومن هنا أضيف عنوان:
فالهدف هو المعرفة وهذه ليست محدودة إلا بالكون، فعلينا التحرك لنشر فكرة الكوننة تصديًّا لما يزج به الآخرون ممن يحجِّم الوجود بالصغر.
ففي مخطط توعية دعوت إلى حوار الأصالات الثلاث التي في النهاية توصلنا إلى الرابعة أما كيف؟
ج:
الأصالات.
الفرد.
المجتمع.
الفرد والمجتمع.
الرابعة التي تعني الأخيرة (كلاهما) ولكن بقيد الإنسان الكامل، الذي ينشر التكامل.
لست بصدد البحث النصي ولا الروائي، ولكنني لما قرأت النصوص الموروثة وجدت فرقًا بين منقولات الروايات، ولكن التعبير شدّني، ولا أورد شيئًا من الروايات هنا، فمن أراد فليبحث، ولكنه (النص) فيه دِلالة واضحة أشد الوضوح على هذا العنوان، وهو كما يلي:
تعبير:
من هنا يتحرك الباحثون لتفسير التعبيرين كل حسب اختصاصه في المجالات المادية والمعنوية على حد سواء. فإن يورث يوحي بتحمل الصفات أو ظاهرة ما عبر الأجيال، والآخر يكون سببًا لظاهرة ما.
كما نعلم أن للنفس بعدان: الأول المادي، والثاني المعنوي، وهناك تأثير وتأثر بينهما فوري أو تراكمي من حيث الصفات، وكل ذلك تطرق إليه علماء الأخلاق والمادة على حد سواء، وهذا بحدّ ذاته يخضع لنظام، كما مر آنفًا من ذكر، المعادلات السابقة، أوردت ذكره هنا للإشارة تنويهًا مبتعدًا عن التفاصيل لمحدودية الظرفين الزماني والمكاني، أضف إلى ذلك الظرف البحثي. أما البحث المادي ففي الجينات، وأما المعنوي ففي بحوث الأخلاق كما مر، وكذلك ضمن بحوث الحركة الجوهرية المطروحة في مدرسة الحكمة المتعالية.
أُعرِّج على نتائج يمكن أن أصنفها تحت عنوان: فرضية البحث، ولكنني فضَّلت أن أفردها تحت عنوان آخر وهو هذا الذي أتناوله هنا وكما يلي:
*[13] محقق وتدريسي في جامعة المصطفى (ص) العالمية.
[1][14] . ابحث أنت لتنمية قابلياتك…. لغة أشتاق إلى فلان أي فلان هو المشتاق وأشتاق لفلان المعني أنا هو من يشتاق.
[2][15] . الجذر ب ت ع على الترتيب الألف بائي، و ب ع ت على الترتيب الأبجدي، فالجذر هو الأصل، والتغيير بمثابة المادة، والمادة ت ب ع – ع ب ت – … وهكذا فمنها المهمل ومنها المستعمل…
[3][16] سورة الرعد، الآية 17.
[4][17] سورة يس، الآية 8.
[5][18] سورة الجن، الآية 16.
[6][19] سورة البلد، الآية 10.
[7][20] سورة الحجر، الآية 21.
[8][21] سورة التكوير، الآيتان 28و 29.
[9][22] سورة النساء، الآيتان، 110و 111.
[10][23] سورة النساء، الآيتان 123و 124.
[11][24] سورة الرحمن، الآية 33.
[12][25] سورة الإسراء، الآية 85.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/16156/kawnia/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.