المسلمون في الهند بين التهديدات والتأثير (3)

المسلمون في الهند بين التهديدات والتأثير (3)

نستكمل في هذا القسم من البحث الحديث عن علاقة المسلمين بالهندوسية، ونتطرق إلى أبرز التهديدات التي يتعرض لها المسلمون من التيارات العنصرية الهندوسية، ثم سننتقل إلى تأثير الإسلام بالهندوسية.

أولًا: في التهديدات

يتعرض المسلمون في الهند إلى العديد من التهديدات، التي تقوم بها التيارات العنصرية الهندوسية ، وهي تتمثل بالنقاط التالية:

  1. السعي إلى القضاء على الأحوال الشخصية

لقد أراد التطرّف الهندوسي للمواطنين غير الهندوس الذين يسكنون الهند بأن ليس أمامهم إلا أن يغيروا أنفسهم تغييرًا ثقافيًّا هندوسيًّا، ولا يحق لهم أن يطالبوا بأي حق ولا امتياز يخص دينهم أو ثقافتهم أو هويتهم الناجمة عنه[2]. ويجيء هجومهم على قانون الأحوال الشخصية الإسلامي من هذا الباب. ويترجمه إلى واقع محسوس ما شرعته حكومة “بي.جي.بي” من قانون يلغي نفاذ طلاق المرة الواحدة للمذهب الحنفي، المعمول به في الهند منذ زمن طويل، ويجرّم من يمارسه من الرجال المسلمين[3].

  1. طمس الهوية المسلمة وإدماجها في الثقافة الهندوسية

خير مثل يعكس هذا مطالبة جماعة “ويشوا هندو فاريشات” بتحويل اسم المدينة “الله آباد” إلى اسمها القديم قبل قدوم الإسلام “فراياك”[4].

  1. هدم المساجد وبناء المعابد أماكنها

قد أعدّت نفس الجماعة قائمة تحتوي على حوالي 3000 مسجدًا يلزم المسلمين تسليمها إلى الهندوس لتغييرها إلى معابد هندوسية. وليس المسجد البابري فقط من أشهرها. ويلح الهندوس على التماس مساجد في مدن “ماتورا”، و”واراناسي” ليبنوا أماكنها معابد[5]. وتم اليوم السادس من ديسمبر عام 1992م تجنيد ما يقرب من مائة ألف متطوع (كارا سيواكا) في “أيوديا” تلبية للنداء الجماعي من حركات “راشتيريا سوايام سيواك سانك”، و”ويشوا هندو فاريشات”، وحزب “باراتيا جاناتا”، وجعلوا المسجد البابري، الذي شُيّد على يد الملك المُغلي “بابر” في مدينة “أيوديا” عام 1528م أرضًا سفسافًا وكومة رملية من الأنقاض”[6].

  1. إسقاط قوة المسلمين الاقتصادية

هذا ما تم في كافة أعمال العنف ضد المسلمين منذ تجزئة الهند. وكسب بعض المسلمين النفوذ التجاري وقد سابقوا التجار الهندوس، وخلّف تقدم المسلمين الاقتصادي آثارًا من الحقد والحسد لدى الهندوس الذين تتوارى أيديهم في إحداث التلف والخسارة في الأملاك التجارية للمسلمين من خلال أعمال العنف[7].

هنا لا بدّ من أن نتوجه إلى من ينفذ خطط أعمال العنف، ويوظف “مافيا” العنف (عصاباته) بسطاء الناس غير المثقفين الذين يهددهم الفقر المدقع، وهم من الطبقات الدانية لتفجير أعمال العنف العنصري، وتشعل القلاقل الطائفية والعرقية حتى يخاف المواطنون بعضهم من بعض ليسهل على عصابات العنف القيام بالنهب والسرقة والابتزاز[8].

  1. إعادة معتنقي الإسلام إلى الهندوسية

تتمثل مهمة رد المسلمين الجدد إلى الهندوسية في أعمال حركات “شودّي”[9]، و”كهر وابسي”[10].

  1. فرض تعليم المقررات الهندوسية

همت حكومة “بي.جي.بي” بفرض اللغة الهندية كلغة وطنية تعم مقررات التعليم، وفشلت في ذلك المسعى مرارًا، ولكن الفرص مواتية الآن لإلزام تدريسها كما ذكر في تدابير “دياناندا ساراسواتي” مؤسس حركة “آريا ساماج” التي روجت للنهضة الهندوسية الحديثة ذات الطابع العنصري[11]، وإن كانت معارضة تعليم اللغتين الهندية والسنسكريتية سائدة في أقاليم الجنوب مثل “تاميل نادو”؛ لأن أحزاب “دراويدا” تعتبر هذا الأمر جزءًا من الغزو الآري التاريخي، وتعتقد بأنه مستمر على أيدي التيارات العنصرية[12]. وليس من الخفي أن تقتني منذ البداية جماعة آر.أس.أس. وجناحها السياسي بي.جي.بي. خطة تعريف مناهج تعليم مؤيدة لما يُكنانه من الأفكار العرقية الدينية، ويستغلان صيد الحكم المتاح حاليًّا لإيجابها على جميع طلاب المدارس الحكومية بمن فيهم أبناء الأقليات[13].

  1. استهداف قوانين الإرهاب للمسلمين

من أشهرها قانون “فوتا” لمكافحة الإرهاب، الذي دخل حيّز التنفيذ ديسمبر 2001م، ويجري الآن تطبيقه باسم أو آخر[14].

  1. إثارة القلاقل وأعمال العنف

 من أخطرها ما وقع في مدينة أحمد آباد بإقليم كجرات الهندي، وقتل فيه أكثر من ألفي مسلم نتيجة حملات كراهية ضد المسلمين دأب على دفعها أتباع “هندوتوا”[15]. ويحتمل أن يتعرض أي مسلم للقتل في أي لحظة بأعذار تتراوح من امتلاك طعام اللحم إلى بيع البقر.

  1. إسقاط الجنسية عن المواطنين المسلمين

يواجه ملايين من مسلمي المناطق الهندية المتاخمة لـ”بنغلاديش”، ولا سيما بإقليم “أسّام” الهندي خطر تجريد الجنسية الهندية عنهم بدعوى أنهم مهاجرون غير شرعيين، وشهد هذا الإقليم أعمال عنف مرعبة ضد المسلمين، وبالخصوص الهجوم، الذي وقع في قرية “نيلّي” وقتل فيه ألفا مسلم حسب التقرير الرسمي، وعشرة آلاف كما ورد في التقرير غير الرسمي عام 1983م[16]. وانتهازًا لفرصة التوتر بين الهندوس والمسلمين هناك، ستسحب حكومة بي.جي.بي الجنسية من أربعة ملايين مسلم حسب مسودة القانون الجديد بتهمة أنهم نزلاء الهجرة غير الشرعية[17].

ثانيًا: الأثر والتأثير

ولمّا تتحرر بيئة الأقليات المسلمة من أثر الفكر الديني الآخر عليها، في حين يظل تأثيرها الديني أيضًا قويًّا على الآخرين، ولا يزال الأثر، الذي فرضه الملك المغولي جلال الدين أكبر (1542-1602م) في صياغة ديانة جديدة تدعى بـ”دينى ـ إلهي” بعد الجمع بين الإسلام والهندوسية حازمًا ملحوظًا يصعب التخلص منه، وذلك في القرن السادس عشر الميلادي بعد أن تم تأليف كتاب ديني باسم “الله أوبانشاد” يشاكل الجزء الرابع من كتب “ويدا”، “أوبانشاد”، الذي يعالج المفهوم الفلسفي للإلــــه الواحد بتعريضه لتأويل وحدة الوجود حينًا، وثنائية الوجود حينًا آخر.

وأراد أكبر عرض مفهوم الملك الهندوسي وفرضه على أوساط المسلمين إيمانًا منه بأن هذه الإجراءات تضمن تواصل سلطته، ويعتقد الهندوس البراهمانيون بأن الملك إلــــه صغير في الأرض، وتمنى الملك أكبر أن يحتضن المسلمون أيضًا نفس التصور[18]. وكان أكبر يدعو شاعرًا منشدًا اسمه “سور داس” يحمد حب الإله الوايشناوي “كريشنا” إلى بلاط الملك، وكان شغوفًا بأناشيده، يستمع إليها[19].

وتزوج كذلك النساء الهندوسيات بدون تغييرهن إلى الإسلام، مشجعًا على التزاوج بين الطبقات والعروق المتباينة، وهذا من أفعال تحرمها وتندد بها الهندوسية، ورغب في أن يتخذ الآخرون من ذلك مثلًا أعلى[20]. والأخطر من ذلك كله أنه سمح للمسلمين الجدد بالعودة إلى ديانتهم الأصلية الهندوسية. ويشتهر منه أيضًا بأنه كان يمارس علنًا شعائر وطقوس دينية للديانة الفارسية القديمة، وقد لبس الطَوق الفارسي كما ارتداه الفرس القدماء وقت أدائهم الشعائر الدينية، ولبس كذلك الخيط المقدّس لطبقة البراهمة رجال الدين أحيانًا.

وكان يقيم العيد الهندوسي المشهور “ديفاوالي”، وكان يشرب من الماء، الذي يعتبره الهندوس مقدّسًا وهو نابع من نهر “كانكا” المقدس، إضافة إلى رسم العلامة الزعفرانية “تيلاك” على جبينه كما يعتاد جميع الهندوس على وضع هذا الرسم[21]

وتحتوي كذلك ديانة الملك أكبر على الصلوات الثلاث في اليوم الواحد بدلًا من الصلوات الخمس، ونظام الأكل النباتي، وتناسخ الأرواح والميلاد المتكرر لها، والشفقة على كافة الموجودات، وقد تأثر مؤسسها بنفوذ وارد من الديانات الهندوسية والبوذية والجينية أكثر من الإسلام[22].

ولم ينته التأثر بالمفاهيم الهندوسية حتى في العصر الحاضر، وقد شهدت الأقليات المسلمة في سريلانكا في القرن الماضي نشأة جماعة دينية تسمى بطريقة المفلحين[23] التي لا تزال متنفذة في شرق البلاد. وتفسر هذه الجماعة قضايا عقدية إسلامية في ظل مفاهيم الفرقة الهندوسية “أتوايدا ويدانتا”، وتسوي بين التوحيد و”أتوايدا”، وتُنزل عقيدتها الهامة وحدة الوجود على تصور الإله في الإسلام [24]. وذهب غلوها إلى أقصى حدها حينما التزمت بسقوط الأوامر والنواهي، التي يجب على عامة الناس الأخذ بها لأنهم لا يحصلون على المعرفة الروحانية، عن الخواص الذين يبلغونها باسم عين اليقين أو الحق اليقين[25]، أو درجة الحقيقة أو المعرفة بالإله[26]، استنساخًا كاملًا لآراء “أتوايدا ويدانتا”، ويعتقد الأتوايديون بسقوط العبادة والشعائر عن أتباع “أتوايدا” إذا نالوا المعرفة بـ”براهمان” الإله الأعلى[27].

وما زالت الساحة الدينية في الهند تتأثر بأطر العقائد الإسلامية، وذلك بعد احتكاك الهندوس بعلماء التصوف الإسلامي، وظهر باسم الحب الإلهي مدرستان منتميتان إلى الديانة الوايشناوية، الأولى المشهورة بـ”ساركونا باكتي” والتي تكنّ الحب للآلهة المشخصة كـ”ويشنو”، وتجسده “كريشنا”، والثانية التي يطير لها صيتها بـ”نيركونا باكتي” تقف لحب الإله الواحد المجرد، وتأثر من انخرط في سلكها بعقائد المسلمين وبالتوحيد خصيصًا [28]، ولعب التصوف الإسلامي دورًا ملحوظًا يجذبهم إلى إله متعالي مطلق عديم الصورة، لا يُعرف كنهه[29]. وأكد أتباع النزعة الصوفية “باكتي” على حصر الحب للإله الواحد دون الآلهة سواء أكانوا قبلية، أو عائلية، أو قروية استعارة من التصوف الإسلامي، وشددوا على مساواة جميع العابدين أمام الإله بغض النظر عن طبقته تلبية للنقد العارم للتمييز الطبقي البراهماني بين البشر من قبل المسلمين، كما تشبث علماء “باكتي” بالفكر الوسطي الإسلامي في التقوى والأفضلية خلافًا للنمط السائد الهندوسي قائلين بأن الأخلاق البشرية الأساسية هي فقط علامات التدين الحقيقي والثروة أو الدرجة الطبقية لا تكون معيارًا له[30].

ومن أشهر هؤلاء العلماء الموحّدين “ناما ديو” (1270-1350م)، الذي عرف بسخريته من الإيمان بأن الإله يستطيع أن يسكن الصور والأحجار، و”كبير” (1440-1518م)، الذي استعار كراهية المسلمين للأوثان، وليس من الخفي نفيه لسلطة أسفار “ويدا” الهندوسية وهجومه على الطقوس البراهمانية، ووصف بأنها عقيمة[31]، وأنكر تعددية الآلهة وعبادة الأصنام[32]، و”راوي داس” (1450-1520م)، الذي أعلن أيضًا عن بطلان التعلم التقليدي البراهماني والشعائر والطبقات البراهمانية بجانب جهره بأن الحب المتفرغ للصور عقبة كبرى تحول دون نيل الخلاص[33]، و “بابا كورو ناناك” (1469-1539م) مؤسس الديانة السيخية التي رغب في نشرها ديانة كونية تجمع بين مضامين إسلامية وهندوسية[34]، تتكون منها ديانة قريبة العهد باسم السيخية التي حملت نداءً بالابتعاد عنهما كما صدر من “كبير” (1440-1518م) أحد مصلحي الديانة الوايشناوية فلا شك أنه أيضًا تأثر بنفوذ الإسلام، وانتقد البراهمة رجال الدين كونَهم فخورين بالتمييز الطبقي[35]، ولم يعترف عبادة الصور ونظم الكفارات والتقشف والصوم المعمول بها في الهندوسية، وأنكر المدارس الفلسفية الهندوسية التقليدية الست:”نيايا”، و”وايسيسيكا”، و”سامكايا”، و”يوكا”، و”فوروا ميمامسا”، و”أوتارا ميميامسا”[36]. وأبدى عدم الرضى عن شعائر الإسلام والهندوسية سائرًا باتجاه فكر ديني مدموج بينهما[37]، محوره الإله الواحد، الذي وصفه بأنه هو “راما” والله معًا. وليس من الخفي أن التواصل الفكري بين “كبير”، و”بابا كورو ناناك” عنصر جوهري لظهور الديانة السيخية على يدي الأخير، وقد ضُمّ عددًا من أشعار الأول إلى السفر المقدس السيخي “آدي كيرانت”[38].

ومن الطوائف الوايشناوية التي تعاطفت مع الطبقات السافلة جماعة “راما ناندي”(1400-1476م) المستقرة في “واراناسي”، أو “بيناراس” والتي تعترف بأن “راما” بطل الملحمة الشهير “رامايانا” هو فقط تجسد وحيد للإله الأعلى “ويشنو”، وثار مؤسسها “راما ناندا” ضد النظام الطبقي البراهماني ورسّخ إنكاره للتمييز الطبقي رافعًا راية المساواة بين أتباع البراهمانية وغيرهم، وخالف بشدة نواهي الديانة البراهمانية مثل تناول اللحوم[39]. ومن كبار قيادات هذه الفئة الدينية “مالوك داس”، الذي عاصر آخر فترة الملك المغولي جلال الدين أكبر، وليس “مالوك داس” من عباد الأوثان متأثرًا بالإسلام، واستهزأ بالرجال والنساء الذين احترفوا مهنة الحدّاد، ونحتوا الأصنام باستعمال المطرقة والحديد الثمين، وطلب منهم بيع تلك الأصنام مقابل سعر الحديد. وتبعه “دادو”، وهو من أهم زعماء هذه الفرقة، ونفى جميع أنماط عبادة “راما” إلا “جابا” تكرار ذكر اسم “راما”. ومن مواقف هذه الطائفة البارزة أنها لا تعبد صورة “راما”، ولا تبني المعابد[40]

ومن الطوائف السيفية التي استعارت التوحيد من المسلمين “لينكايات” التي تعتبر “سيفا” إلهًا وحيدًا أعلى، هادفة إلى تأسيس السيفية ديانة توحيدية مغالية متوازية للإسلام، وأكدت المساواة بين جميع الناس، رافضة التفاوت والتمايز بين الطبقات البراهمانية التقليدية، وتأثرت أيضًا بشعائر الميت الإسلامية، وتبنت دفنه خلافًا لمعظم الهندوس الذين يحرقون جثث موتاهم[41].  

واحتضنت “نادا” الفرقة السيفية في القرن الثاني عشر الميلادي والتي ظهرت على يديها فكرة “يوكا” الرياضيات البدنية المتصلة بتمارين التنفس كطريقة مختلفة للخلاص، فكرة احتوائية هي إيمانها بأن زعماء جميع الأديان والطوائف الدينية تلاميذ وحواريون لمؤسسها النبي والولي “كوراكنات”، يواصلون السير على دربه. واعتقدوا بأن سيدنا محمد (ص) أيضًا من أتباعه بيد أنهم لم يعلنوا عن هذا النبأ خوفًا من رد فعل المسلمين. واتفق معظم منسوبي هذه الطائفة مع المسلمين على طاعات الصوم والصلاة[42].

وكان التأثير الإسلامي يطال جماعة “نادا”، فانسلخت من النواميس والشريعة الهندوسية التي تشمل على الطبقات والطهارة الشعائرية، وأنكرت أيضًا العبادة التي تقام في المعابد الهندوسية علاوة على هجر عبادة صور مؤسسي ديانتهم وأوليائهم[43].

وشهدت نهاية القرن السابع عشر ظهور طائفة من الديانة الجينية تُدعى بـ”سيتانا كاواسي” تخلصت من عبادة الصور في صفوفها بقوة النفوذ الإسلامي عليها. وانشقت من فرقتها الأم “سيوادامبارا” بعد اتهامها بأنها فسدت وغيرت أصلها الديني من خلال تطبعها التدريجي بالشعائر الهندوسية وطقوس العبادة بالمعابد في القرون المتأخرة، ولو بدعوى استقلال الديانة الجينية وانفرادها عن الجماعات الهندوسية وقت نشأتها[44]

أما العصر الحديث فالمصلح الهندوسي في القرن التاسع عشر الميلادي “رام موهان روي” درس التصوف الإسلامي والعقائد الإسلامية في جامعة “فاتنا” بإقليم “بيهار” الهندي. وأثّر عليه التوحيد الإسلامي مما قاده إلى ترك عبادة الصور كما روج لنبذها [45]، وكذلك جاء في إصلاحاته للعقائد الهندوسية اعترافه بأن الإلــــــه واحد خالد لا يُعرف كنهُه للعقول البشرية، ولا يمكن بحثه وهو خالق وحافظ للكون[46]. ويماثل هذا الموقف تصور المسلمين للإلــــــه وهو أقرب إليهم منه للهندوس، إذ يتمايل الاتجاه الهندوسي أكثر إلى تعدد الآلهة أو تصور التجسدات.

ولن ينسى الفكر الديني الهندي الحديث المصلح العظيم الويدانتي “ويوي كانانتا”، الذي سعى في القرن التاسع عشر الميلادي إلى تأسيس ديانة “نيو ويدانتا” الكونية الجديدة، محبذًا أن تكون أُطرها العقدية إسلامية تحمل المحتويات الهندوسية، وأن يكون القالب من الإسلام، والقلب من “ويدانتا”، وأمل “ويويكانانتا” أن تنهض بلاد الهند في المستقبل من أزمتها وفوضاها بعون هذا المزيج الفكري المتكون من جسم الإسلام ومخ “ويدانتا”[47]. ولا تكتمل معرفة الأثر والتأثير إلا بالاطلاع الواسع على مفاهيم الهندوس حول الإسلام والمسلمين.

وتجدر الإشارة هنا إلى رسالة الدكتوراه “وجهة نظر هندوسية إلى الإسلام” التي  كتبتها الطالبة “نكت محمد راشد” في جامعة “أليكره” الهندية. ومن المحتّم أن يخص دارسي الأديان وباحثي الفكر الإسلامي قراءةُ مبحثين هامين نوقشا في هذه الرسالة حول المصطلحين الكافر والجهاد، ويهمّهم معرفةُ كيف يفهم الهندوس هذين المفهومين الإسلاميين، مستمدين آراءهم من المصادر الإسلامية، ومؤوّلين لها تأويلًا بعيدًا عن الموضوعية والحياد العلمي، يدعم اتجاهاتهم الخاصة. وأتمنى أن تساهم دراسة وتحليل توجهات المفكرين غير المسلمين في إيجاد وتحضير المسلمين موقفًا مناسبًا منشودًا من قضايا دينية للأديان الأخرى[48].

[1] محاضر بقسم مقارنة الأديان- كلية أصول الدين – الجامعة الإسلامية العالمية -إسلام آباد بباكستان.

[2] Sohail Mahmood, Hindu Extremism, Indian Muslims, and the Issue of Human Rights: Rise of Hindutwa Fundamentalism, p-71.         

[3] www.dw.com/en/indian-government-criminalizes-instant-divorce,16/07/2019.

[4]  Sohail Mahmood, Hindu Extremism, Indian Muslims, and the Issue of Human Rights: Rise of Hindutwa Fundamentalism p-261.

                                                                                                                              

 [5] Sohail Mahmood, Hindu Extremism, Indian Muslims, Ibid  P261 مصدر سابق

[6]  Gavin Flood, An Introduction Of Hinduism P 264. مصدر سابق

[7]  Sohail Mahmood, Hindu Extremism, Indian Muslims, and the Issue of Human Rights: Rise of Hindutwa Fundamentalism, p-245.  

[8] Extremism, Indian Muslims   Ibid, p -243. مصدر سابق ,

[9]   J.T.F. Joordens, Reconversion to Hinduism: The Shuddhi of the Arya Samaj: Religious Conversion and Revival Movements in South Asia in Medieval and Modern times, pp215-230.

   انظر موضوعًا مستقلًّا حول حركة “شودّي” للكاتب في هذا الكتاب.       

[10] Chris Verchooten, Arshad Amanullah, and Stefanie Nijs, Framing Ghar Wapsi Movement and Muslim Identity in Indian Print Media, Research gate. Net,27,March,2019.  

[11] Gavin Flood, An Introduction of Hinduism P 255- 56

[12] M.S.S. Pandian, Towards National-Popular Notes on Non-Self Respecters’ Tamil, www.jstor.org/stable/4404910,20/07/2019.    

[13]  Sohail Mahmood, Hindu Extremism, Indian Muslims, and the Issue of Human Rights: Rise of Hindutwa Fundamentalism p 458.

[14] Surabhi Chopra, National Security Laws in India: The Unraveling of Constitutional Constraints, www.researchgate.net/publicztion/278157994,01/08/2019.  

[15] Yogesh Snehi, Hindtva as an Ideology of Cultural Nationalism, WWW.Researchgate.Net/Publication/203066143,15/06/2018.

[16] Ashna Asheshand Arun Thiruvengadam, Report on Citizenship Law: India,  https://cadmus.eui.eu/bitstream/handle/1814/47124/, 16/08/2019.                     

[17] Kaushik Deka, The Nowhere People: Assam and the Citizenship register, www.indiatoday.in/magazine/cover-story/story/20180806,15/08/2019.     

[18] Martin Forward, Inter-Religious Dialogue A Short Introduction, p-23.

[19] Klaus. Klaostermaier, A Survey of Hinduism, p-241.

[20] Gualtherus H. Mees, Dharma and Society, (London,N.V.Servire-The Hague,1935), pp-97-98.

[21] Martin Forward, Inter-Religious Dialogue A Short Introduction, p-23.

[22] Ibid Martin Forward, Inter-Religious Dialogue مصدر سابق

[23] أسسها عبد الله فاهلوان (1925-2006م) بمعنى الملاكم، وأنكرت جمعية علماء سريلانكا المسلمين آراءه، وأفتت بارتداده وخروجه من الإسلام.

[24] M.S.M. Abdullah, Do You Know The Truth Of Iman (Translation): Imanin Unmayai Nee Arivaya (original Book in Tamil), (Colombo, All Ceylon Thareekathul Mufliheen,2010), pp-28-29.

[25]  M.S.M. Abdullah, Do You Know The Truth Of Iman, Ibid, pp-306-307مصدر سابق

[26] M.S.M.Abdullah,Do You Know The Truth Of Iman, Ibid,pp-308-309. مصدر سابق

[27] Paul Duessen,Translater: Charles Johnston ,The System of Vedanta,(Chicago, The Open Court Publishing Company,1912),p-477. 

[28] Mahmud Barelvi, Islam and World Rligions, (Lahore, Islamic Publications Ltd,1983)p-63.

[29] Gavin Flood, An Introduction to Hinduism, p-144. مصدر سابق

[30] Klaus. Klaostermaier, A Survey of Hinduism, p-44. مصدر سابق

[31] Mahmud Barelvi, Islam and World Rligions, pp63-64.

[32] J.N. Farquharand H.D. Griswold (Editors),The  Religious Quest of India, (London, Humphrey Milford,1920),p-284.

[33] C. Shackle, Sikhism, The World’s Religions: The Religions of Asia, p-184.

[34] Klaus. Klaostermaier, A Survey of Hinduism, p-44.

[35] Ramakrishna Gopal Bhandarkar, Vaisnavism, Saivism And Minor Religious Systems, (New Delhi, Asian Educational Services,1995),p-97.      

[36] Stutely, Margarret, Hinduism Eternal law: An Introduction to the Literature, Cosmology and Cults of Hindu Religion, p-103.     

[37] Gavin Flood, An Introduction to Hinduism, p-145.

[38] Stutely, Margarret, Hinduism Eternal law: An Introduction to the Literature, Cosmology and Cults of Hindu Religion, p-104.   

[39] Mahmud Barelvi, Islam and World Religions, p-63.

[40] Ramakrishna Gopal Bhandarkar, Vaisnavism, Saivism And Minor Religious Systems, (New Delhi, Asian Educational Services,1995) ,pp- 104-105.

[41]  Klaus. Klaostermaier, A Survey of Hinduism, p-288.

[42] Hinduism During the Mughal of India of the 17th century, Translated by David shea and Anthony Throyer, (Patna, Khuda Bakhsh Oriental Public Library,1998), p-129.  

[43] The World’s Religions: The Religions of Asia, (London, Routledge,1990), p-90.

[44] A.L. Basham, Jainism, The Concise Encyclopedia of Living Faiths, Ed:R.C. Zaehner, (London, Hutchinson,1986),pp-261-262.

[45] Klaus. Klaostermaier, A Survey of Hinduism, p-489. مصدر سابق

[46] Monier Williams, Brahmanism and Hinduism; or Religious Thought and Life in India, (New Delhi, Cosmo publications,2004),p-486.  

[47] Hussain Randathani, Vivekananda and Islam, www. academia.edu/12172019/Swam Vivekananda on Islam and Muslims,18/09/2019.   

[48] Shaikh Nikhat Mohammed Rashid, Hindu Perception of Islam in Modern Times, Ph.D Thesis, ) Aligarh Muslim University,2006) ,p-306.  



المقالات المرتبطة

تاريخ علم الكلام | الدرس الثاني | كليّات (2) تعريف علم الكلام وتاريخ ظهوره

مرّ علم الكلام منذ أسئلته الأولى حتّى تشكّله كعلم مستقلّ بمسار تاريخي خاصّ. إنّ تبدّل مصطلح الكلام من المعنى اللغوي الى المعنى الاصطلاحي الجديد حصل عبر وضع تعيّنيّ.

الفكر العربي الحديث والمعاصر | المنهج عند الدكتور علي زيعور

يقول محمد عبد الرحمن مرحبا: “إنّ صديقه علي زيعور هو مؤسس مشروع الفلسفة في العالم والتاريخ وللمستقبل، وأول من قال

الطقس منظورات أنثروبولوجية

“يكاد دور الشعائر أن يكون دورًا مركزيًّا في كل ميادين الحياة، فالشعائر مما لا يمكن الاستغناء عنه في الدين والسياسة والاقتصاد والعلم والأسرة والمدرسة” .

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<