مدخل إلى علم الأخلاق
مقدّمة
تحتلّ الأخلاق موقعًا محوريًّا في المنظومة الإسلاميّة، فهو كما يقول العلّامة الطباطبائي يتعدّى كونه أمرًا نظريًّا، فيتحول إلى دينٍ وعمل وعقيدة. فهذا العلم ذو بعدين، أحدهما إلهيّ لأنّ الله تعالى أمر بها، والآخر إنسانيّ لأنّ موضوعها الإنسان من جهة. وبهذا المعنى تكون الأخلاق علمًا تكامليًّا يسعى لإيصال الإنسان إلى كمالاته.
فالتحلّي بالأخلاق الفاضلة يسمو بالإنسانيّة نحو الطهر والرقيّ في مراتب الكمال، وفي هذا السياق كان الاهتمام بعلم الأخلاق ودراسته وتعلّمه وتعليمه من الأمور التي اضطلع المعهد بها؛ كونه علمًا يدور موضوعه حول تهذيب النفس والفضائل بالواقعيّة وكذلك التنفير من الرذائل. من هنا، تحتّم تقديم دراسة تعليميّة، وهذه الدراسة تعالج المسألة الأخلاقيّة بلحاظ بحثيّ تحليليّ وتوجيهيّ وتعليميّ.
وهي بحثيّة لأنّها ارتكزت على العمل البحثيّ من حيث المنهجيّة والعرض، فعملت على متابعة ما كُتب في هذا الموضوع، وقامت بعرضه وتثيره بسياق علميّ- تعليميّ.
وتأتي هذه الدراسة في سياق سلسلة كتب بحثيّة تعليميّة، يقوم المعهد بإعدادها. والمنهج المتّبع كان على الأسس التالية:
- استعراض أهمّ النظريّات الأخلاقيّة الإسلاميّة، بحيث يتيسّر للقارىء والدارس الاطلاع عليها والاستفادة منها تعليميًّا وبحثيًّا.
- قُسّمت الموضوعات تقسيمًا يراعي التدرّج التعليميّ لإفساح المجال أمام تعليمها بشكل ممنهج.
- بعد نهاية كلّ وحدة دراسيّة، وضعت أسئلة تقويميّة تطرح لاستكشاف مدى فهم المتعلّم للمطالب الموجودة في الدرس.
- ضمن الكتاب عناونين أنشطة بحثيّة وتحليليّة. والهدف منها كتابة ملخّص بحثيّ أو دراسة موجزة عن بعض المطالب وهذا يعمق المسائل أكثر ويجعل الطالب محورًا في عمليّة استكشافها، ويدرّبه على عمليّة التحليل.
- تضمّن الكتاب بعض المشجّرات البيانيّة توضيحًا للنظريّات وتشعبّاتها.
هذا، وقد قُسِّم الكتاب إلى فصلين، الأوّل يتعلق بالمدارس والمذاهب الأخلاقيّة، والثاني في معرفة النفس وجهادها، وبالإضافة إليهما ضمّ كلّ قسم من القسمين على ملحق.
شفيق جرادي