أسباب تخلّف المسلمين
كثيرة هي المعالجات التي اشتغلت على موضوع تخلّف المسلمين وانحطاطهم الحضاريّ بعد أن كانوا هم قطب الرحى في عصورهم الماضية.
وقبل عرض بعض الآراء في هذا الشأن، من المفيد أن نشير إلى كون هذا الموضوع يتمّ التطرّق له من زاويتين منهجيّتين مختلفتين:
المنهجيّة الأولى: تعالج أسباب التخلّف والانحطاط بقراءة تاريخيّة وأهداف تودّ مطالعة ما حصل من أجل أن تضيء على الأبعاد التاريخيّة لهذا التراجع الحضاريّ عند المسلمين ودولهم.
المنهجيّة الثانية: تعالج الأسباب من منطلق أهداف تلامس الواقع الإسلاميّ المعاصر، فيصبح التاريخ عبرة يستهدي بها الباحث في تلمّس الحراك الحضاريّ الذي يودّ أن يكون فيه فاعلًا ومؤثّرًا، في الوقت الذي لا توفّر فيه المنهجيّة الأولى إلّا حالات مفاهيميّة انفعاليّة استطلاعيّة عند أصحابها.
ولعلّ سبب طرح هذا السؤال لما تخلّف المسلمون؟ أو ما هي أسباب انحطاط الحضارة الإسلاميّة؟ إنّما يعود إلى الصدمة الدينيّة والحضاريّة التي أصابتهم بفعل تقدّم الغرب؛ وهم أهل الكفر، على أهل الدين والإسلام؛ وهم أهل الإيمان….تحميل المقال
المقالات المرتبطة
مباني فهم النّص عند الشهيد الصدر: الحلقة 3
قدّم الشيخ حسنين المباني التي يمكن تقديمها كمفاتيح لحلّ إشكاليات فهم النص الديني عند الشهيد الصدر.
النمـوّ فـي المعرفــة
النموّ في المعرفة. موضوع حديثي هذا عزيز عليّ، لا لأنّي أملك نواحيه جميعًا، ولا لأنّي اطّلعتُ على أسرار المعرفة، بل
مبادئ الإبستمولوجيا في الفلسفة الإسلاميّة
تمتاز المعرفة الحضوريّة بموضوع ذاتيّ، فلا مجال فيها للمحاكاة لغياب الموضوع الموضوعيّ. وبالتالي، لا تصدق قسمة التصوّر والتصديق المنطقيّة بحقّها
بسم الله الرحمان الرحيم
علينا أن ننسى شيئا إسمه سياسة يطلق على قيم سليمة وأن ننتبه إلى أن الدين لا يوجد فيه قيم تسمى سياسة وكل القيم السمحة هي من الدين ومنها التي تندرج تحت عنوان: سياسة وهو مصطلح حُرِّفَ عن مواضعه.
إن سبب تخلف المسلمين يكمن في الضلال الناتج عن عدم التمسك بالكتاب والعترة الطاهرة أهل البيت عليهم السلام كما بين النبي صلى الله عليه وآله في حديث المعروف بالثقلين وفي صيغة: (إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا)
المطلوب استعادة إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام إلى مكانه الطبيعي في الأولويات وهو كما بين أهل البيت عليهم السلام: معاني الأخبار، عيون أخبار الرضا (ع): ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: رحم الله عبد أحيا أمرنا فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟
قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا، قال: قلت يا ابن رسول الله فقد روي لنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار. فقال عليه السلام: صدق جدي عليه السلام أفتدري من السفهاء؟ فقلت: لا يا ابن رسول الله، قال: هم قصاص مخالفينا، وتدري من العلماء؟ فقلت: لا يا ابن رسول الله، فقال: هم علماء آل محمد عليهم السلام الذين فرض الله طاعتهم وأوجب مودتهم، ثم قال: وتدري ما معنى قوله:أو ليقبل بوجوه الناس إليه؟
قلت: لا، قال: يعني والله بذلك ادعاء الإمامة بغير حقها، ومن فعل ذلك فهو في النار.
فقد أدى إهمال أمر الإحياء إلى نشوء حالة هي التقدم لأهل البيت عند البعض والتأخر عنهم عند بعض آخر (المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق)
فقد صار هم البعض من تعلم العلم مماراة السفهاء وهم بعض مباهاة العلماء وبعض ليقبل بوه الناس إليه. لقد نشأت حاة بعد وإبعاد عن علوم أهل البيت عليهم السلام، وفي أحسن الأحوال لم تحدث في قلوب البعض القريب منها ما هو مرجو منها وما يستفاد من نفس علومهم: في الكافي بعض أصحابنا، رفعه عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا مفضل لا يفلح من لا يعقل، ولا يعقل من لا يعلم، وسوف ينجب من يفهم ، و يظفر من يحلم، والعلم جنة، والصدق عز، والجهل ذل، والفهم مجد، والجود نجح وحسن الخلق مجلبة للمودة، والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس و الحزم مسائة الظن ، وبين المرء والحكمة نعمة العالم، والجاهل شقي بينهما والله ولي من عرفه وعدو من تكلفه والعاقل غفور والجاهل ختور وإن شئت أن تكرم فلن وإن شئت أن تهان فاخشن، ومن كرم أصله لان قلبه، ومن خشن عنصره غلظ كبده ومن فرط تورط ومن خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لا يعلم و من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم لم يسلم، ومن لم يسلم لم يكرم، ومن لم يكرم يهضم ومن يهضم كان ألوم، ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم.
لقد سلك الفقهاء مسلك استبدل فكرهم بعلوم أهل البيت عليهم السلام متناسين أن ما يقدموه لن يكون أفضل ولا أحسن ولا أصلح.
الحل في العودة لعلوم أهل البيت عليهم السلام وترك ما يسمى أصول الفقه.
لا بد أن يقترن التعلم بالعمل الصحيح فأحدهما ينتج الآخر كما في الكافي : محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل، ومن عمل علم، و العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل عنه.
لا يستجيب غير العاقل وقد مر ما يفيد أنه لا يعقل من لا يعلم والعلم يدعو إلى المعرفة كما في الكافي : محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن حسين الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، ألا إن الإيمان بعضه من بعض.
يتعلق الأمر بالعلم الذي يرفع صاحبه إلى مستوى يعقل عنده الدين عقل وعاية ورعاية لا المستوى الذي يعقل عنده الدين عقل سماع ورواية.
” يرفع اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أُوتُوا العلم درجات”(المجادلة 11)