أسباب تخلّف المسلمين
كثيرة هي المعالجات التي اشتغلت على موضوع تخلّف المسلمين وانحطاطهم الحضاريّ بعد أن كانوا هم قطب الرحى في عصورهم الماضية.
وقبل عرض بعض الآراء في هذا الشأن، من المفيد أن نشير إلى كون هذا الموضوع يتمّ التطرّق له من زاويتين منهجيتين مختلفتين:
المنهجيّة الأولى: تعالج أسباب التخلّف والانحطاط بقراءة تاريخيّة وأهداف تودّ مطالعة ما حصل من أجل أن تضيء على الأبعاد التاريخيّة لهذا التراجع الحضاريّ عند المسلمين ودولهم.
المنهجيّة الثانية: تعالج الأسباب من منطلق أهداف تلامس الواقع الإسلاميّ المعاصر، فيصبح التاريخ عبرة يستهدي بها الباحث في تلمّس الحراك الحضاريّ الذي يودّ أن يكون فيه فاعلًا ومؤثّرًا، في الوقت الذي لا توفّر فيه المنهجيّة الأولى إلّا حالات مفاهيميّة انفعاليّة استطلاعيّة عند أصحابها.
ولعلّ سبب طرح هذا السؤال لما تخلّف المسلمون؟ أو ما هي أسباب انحطاط الحضارة الإسلاميّة؟ إنّما يعود إلى الصدمة الدينيّة والحضاريّة التي أصابتهم بفعل تقدّم الغرب؛ وهم أهل الكفر، على أهل الدين والإسلام؛ وهم أهل الإيمان. وهنا جاءت القراءات المتتالية للإجابة على هذا السؤال ومنها:
- أن جمود المسلمين على التقاليد والعادات الموروثة، بل إن تمسّكهم بتراثهم القديم الذي منه قداسة القرآن والدين، وعدم قراءتهم للتراث قراءة نقديّة تنفض عنهم الماضي ليقيموا قراءات ومعارف معاصرة على غرار الغرب وما قام به من رفض للدين والتراث والتقاليد، هو السبب في هذا التخلّف.. وقد تناسى هذا الاتجاه أمرًا عمليًّا بالغ الأهميّة، وهو أنّ هذه الرؤية تابعة من حيث طبيعتها إلى السياق المعرفيّ والسياسيّ الغربيّ.. وأنّ أيّ تبعيّة لا يمكنها أن تولّد تطورًا أو تقدّمًا. وبالتالي، فبغض النظر عن ضعف هذه المقولة في مبانيها، فإنّ اتجاهها الاستتباعيّ يجعل منها عائقًا عن إحراز أيّ تقدّم أو تطور حضاريّ ثقافيّ أو علميّ.
- الرأي الثاني، وهو شبيه إلى حدٍّ بعيد بالرأي الأوّل، إلّا أنّه يسلّط الضوء على موضوع العلاقة بين الدين والسياسة، وأصحاب هذا الرأي وإن كانوا يعتقدون أنّ الدين أمرٌ صالح للإنسان، على ضوء عمر الزمن، إلّا أنّ نطاق الدين هو في الارتباط بين الإنسان وربه سبحانه، ارتباطًا فرديًّا. وفي أفضل الأحوال، يمكن أن يوفّر الدين حالة من الارتباط المجتمعيّ الأخلاقيّ بين الناس وربهم وقيمهم الدينيّة. إلّا أنّ الشأن العام الذي له علاقة بحيثيّة إعمار الحياة الدينا في ميادين السياسة والاجتماع والعلاقات بين الأمم والحضارات، فلا علاقة للدين به.. بل هو أمر يعود إلى الناس في بناء سياساتهم وعمرانهم الحضاريّ.. الأمر الذي يستلزم فصلًا تامًّا بين قيم الأخلاق الدينيّة، وقيم النفعيّة السياسيّة في مجال بناء المنظومات السياسيّة والعملانيّة للناس.. وبرأي أصحاب هذا الاتجاه، أن التجربة الغربيّة لمّا فصلت بين الدين والسياسة استطاعت أن تبني لنفسها أفقًا علميًّا وحضاريًّا متطورًا، وهو خلاف الدمج الواقع في دائرة العالم الإسلاميّ بين الدين والسياسة…
وقد تناسى هؤلاء أمرين هامين:
الأمر الأوّل: أنّ تاريخ التقدّم عند المسلمين كان يعيش في كنف هذا الدمج بين الدين والسياسة، وأنّ فترة التأخّر عند المسلمين إنّما بدأت مع بداية الانفصال بين قيم الدين، وقيم الممارسة السياسيّة.
الأمر الثاني: أنّ إسقاط التجربة الغربيّة على التجربة الإسلاميّة لا مبرّر له، إذ مقتضى الموضوعيّة وجود المشابهة بين الديانة المسيحيّة والديانة الإسلاميّة في النظرة للوجود وللحياة الدنيا بالتحديد، وهو شبه غير قائم أصلًا. بناءً عليه، فلا يصحّ اعتبار أنّ الفصل بين الدين والسياسة هو علاج أزمة التخلّف عند المسلمين.
- الرأي الثالث: يذهب للقول: إنّ الإسلام تمظهر في مرحلته الأولى بالقرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة، وأنّ هذا التمظهر للإسلام هو الذي عبّر عن مرحلة السلف الصالح، ثمّ تتالت بعد ذلك الأحقاب الزمنيّة التي أبعدتنا عن مرحلة الصحابة والسلف الصالح، وأوقعتنا فريسة الاجتهادات والآراء المختلفة، مما أضلّ الأمّة وجعلها لقمة سائغة في أيدي الكافرين، ولا نجاة لهذه الأمة إلّا بالعودة للسلف الصالح.
وإنّي وإن كنت أعتقد أنّ هذا الكلام فيه شيء من الصواب، إلّا أنّ فيه انحرافًا بيّنًا شكّل عاملًا مؤثّرًا في انحطاط المسلمين، وتدهور أحوالهم.. وهو موضوع حسّاس يحتاج إلى قراءة متأنّية، بحيث نرى فيه إلى ماذا أوصل طرح السلفيين في مسار الحراك الحضاريّ للأمّة الإسلاميّة.
أمّا الرأي الأخير الذي سنورده، فهو يرتبط بفكرة مفادها: أنّ تأكيد أواصر الصلة بين الدين والسياسة هو سرّ النهوض، وأنّ كلّ تخلّف لحق بالمسلمين فإنّما يعود بأحد أسبابه المركزيّة إلى موضوع افتراق الدين عن السياسة، وهذا ما يمكن أن نعالجه فيما بعد…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علينا البحث في القرآن والسنة عن سبب ضرب الله الذلة والمسكنة على الأمم فهو النور الذي أنزل إلينا ليخرجنا من الظلمات إلى النور كما قال ربنا.
لن يطول بنا البحث فسوف نجد أن الكفر الذي يكون في الغالب بتحريف الإيمان عن معناه بحيث لا يعتقد صاحبه أنه كافر هو السبب في الذلة والمسكنة فينو إسرائيل – ونحن نسخة طبق الأصل منهم – حين كفروا – مع كونهم يعتقدون أنهم مسلمين لله على دين موسى صلى الله عليه وسلم – ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة.
نحن أيضا ضربت علينا الذلة والمسكنة لنفس السبب وهو أننا غيرنا مفهوم الإسلام من دين محصور في القرآن والسنة فقط كمل قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خليط من الوحي واجتهادات البشر لم يلبث أن تحول إلى أديان عدة مختلفة في كل شيء تقريبا ، وهذا هو سبب تخلفنا وهو الذي لا يفهمه لا السلفيون ولا غيرهم لأن السلفيين غير مؤهلين أصلا لاتباع القرآن والسنة مباشرة بل يقلدون فهم غيرهم دون وعي منهم لذلك هم أيضا مختلفون غاية الاختلاف كل صنف منهم يزعم أنه أولى من غيرهم بالسلفية
والله أعلم