by الشيخ شفيق جرادي | أكتوبر 20, 2016 12:32 م
كثيرة هي المعالجات التي اشتغلت على موضوع تخلّف المسلمين وانحطاطهم الحضاريّ بعد أن كانوا هم قطب الرحى في عصورهم الماضية.
وقبل عرض بعض الآراء في هذا الشأن، من المفيد أن نشير إلى كون هذا الموضوع يتمّ التطرّق له من زاويتين منهجيتين مختلفتين:
المنهجيّة الأولى: تعالج أسباب التخلّف والانحطاط بقراءة تاريخيّة وأهداف تودّ مطالعة ما حصل من أجل أن تضيء على الأبعاد التاريخيّة لهذا التراجع الحضاريّ عند المسلمين ودولهم.
المنهجيّة الثانية: تعالج الأسباب من منطلق أهداف تلامس الواقع الإسلاميّ المعاصر، فيصبح التاريخ عبرة يستهدي بها الباحث في تلمّس الحراك الحضاريّ الذي يودّ أن يكون فيه فاعلًا ومؤثّرًا، في الوقت الذي لا توفّر فيه المنهجيّة الأولى إلّا حالات مفاهيميّة انفعاليّة استطلاعيّة عند أصحابها.
ولعلّ سبب طرح هذا السؤال لما تخلّف المسلمون؟ أو ما هي أسباب انحطاط الحضارة الإسلاميّة؟ إنّما يعود إلى الصدمة الدينيّة والحضاريّة التي أصابتهم بفعل تقدّم الغرب؛ وهم أهل الكفر، على أهل الدين والإسلام؛ وهم أهل الإيمان. وهنا جاءت القراءات المتتالية للإجابة على هذا السؤال ومنها:
وقد تناسى هؤلاء أمرين هامين:
الأمر الأوّل: أنّ تاريخ التقدّم عند المسلمين كان يعيش في كنف هذا الدمج بين الدين والسياسة، وأنّ فترة التأخّر عند المسلمين إنّما بدأت مع بداية الانفصال بين قيم الدين، وقيم الممارسة السياسيّة.
الأمر الثاني: أنّ إسقاط التجربة الغربيّة على التجربة الإسلاميّة لا مبرّر له، إذ مقتضى الموضوعيّة وجود المشابهة بين الديانة المسيحيّة والديانة الإسلاميّة في النظرة للوجود وللحياة الدنيا بالتحديد، وهو شبه غير قائم أصلًا. بناءً عليه، فلا يصحّ اعتبار أنّ الفصل بين الدين والسياسة هو علاج أزمة التخلّف عند المسلمين.
وإنّي وإن كنت أعتقد أنّ هذا الكلام فيه شيء من الصواب، إلّا أنّ فيه انحرافًا بيّنًا شكّل عاملًا مؤثّرًا في انحطاط المسلمين، وتدهور أحوالهم.. وهو موضوع حسّاس يحتاج إلى قراءة متأنّية، بحيث نرى فيه إلى ماذا أوصل طرح السلفيين في مسار الحراك الحضاريّ للأمّة الإسلاميّة.
أمّا الرأي الأخير الذي سنورده، فهو يرتبط بفكرة مفادها: أنّ تأكيد أواصر الصلة بين الدين والسياسة هو سرّ النهوض، وأنّ كلّ تخلّف لحق بالمسلمين فإنّما يعود بأحد أسبابه المركزيّة إلى موضوع افتراق الدين عن السياسة، وهذا ما يمكن أن نعالجه فيما بعد…
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/8134/%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%aa%d8%ae%d9%84%d9%91%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d9%86-2/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.