قوا أنفسكم وأهليكم…

by الشيخ شفيق جرادي | يناير 5, 2017 12:56 م

لو تتبعنا الهداية العبادية في حياة أهل الإيمان، على ضوء القرآن الكريم، لوجدناها تنقسم إلى مسلكين رئيسين:

المسلك الأول: هو التفصيلي الذي يتابع فيه المتدين كل جزء من الأحكام الشرعية الواجبة والمستحبة، كما يتجنب فيها المحرمات والمكروهات.

وبعض الناس يضنون أنفسهم بالسؤال القائم على إتعاب النفس دونما هدف يرتجى، أحيانًا. ولو أردنا أن نصنّف حلًا لمثل هذه المتابعة التجزيئية لكان أفضل الأمور هو القول: بأن الرسالة العملية التي تعكس فتاوى مرجع التقليد تمثل أفضل دستور عملاني للعمل العبادي الذي يقرب من الله سبحانه. خاصةً إذا لوحظ فيها الأمور المستحبة، وترك الأمور المكروهة، مع قليل من الالتفات إلى صدق النية، والتوجه المخلص في العمل العبادي.

وهنا نرقب الآيات القرآنية والروايات الداعية لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت والصوم.

المسلك الثاني: هو ذاك الذي يقوم على ملاحظة الآيات القرآنية التي ترسم لنا أهدافًا تربويةً وتطلب من أهل الالتزام العمل على تحقيقها. من ذلك قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[1][1].

إن التصوير القرآني لجزاء الأعمال الظالمة والرديئة هو نار وقودها الناس بذواتهم كما الحجارة لتصوير حجم سعير النار الموقدة بأفعال الناس والتي يملك زمام الأمر فيها ملائكة يتصفون بالغلظة والشدة، بحيث لا يتأثرون بالحريق الهائل الذي يصيب أهل الظلم والسوء. فيكون العذاب جسمانيًا بواسطة النار ومعنويًا بواسطة غلظة الملائكة الشديدة والخروج من هذا المأزق المصيري، على الإنسان أن يستشعر في ذاته الرهبة والخوف من ذاك المصير، فيتولد في نفسه وذاته رجاء الخلاص ومسعى الوقاية من غضب العزيز الجبار.

وهنا تبدأ الرقابة الذاتية وإرادة العمل على تحقيق أمرين:

– قوا أنفسكم: بمنع النفس من الانزلاق نحو السعير والمصير الأسود، وذلك عبر مراقبتها ومحاسبتها والإبداع في رسم دوائر الفعل الخلاصي الفكري والأخلاقي والمسلكي.
– وأهليكم: أي (قوا أهليكم نارًا) يستشعر المرء مع هذه الآية الحث على منع دخول الأهل إلى النار أيضًا، وهذا ما يحدد إطار التحرك الأسري المبني على مسؤولية كل فرد في رسم مصير أهله وخلانه.

وبذلك نستخرج مبادئ من التربية العبادية الجهادية، إلى صراط الحميد.

[1][2]   سورة التحريم، الآية 60

Endnotes:
  1. [1]: #_ftn1
  2. [1]: #_ftnref1

Source URL: https://maarefhekmiya.org/8551/%d9%82%d9%88%d8%a7-%d8%a3%d9%86%d9%81%d8%b3%d9%83%d9%85-%d9%88%d8%a3%d9%87%d9%84%d9%8a%d9%83%d9%85/