البنيويّة
شهد منتصف الستّينات من القرن العشرين بداية انتشار الأعمال الأولى للبنيويّة Structuralism، وتعتبر أعمال كلود ليفي ستروسClaud Lévi–Strauss التي قدّمها في كتابه الإناسة البنيانيّة، سنة 1957، وكتابه الآخر الفكر البرّيّ، سنة 1963، في طليعة الأعمال التي تشكّل مؤشّرًا بنيويًّا واضحًا، وذلك من خلال ما أنجزه من دراسات معمّقة في البنى العقليّة لأنظمة القاربة وغيرها من أنظمة اجتماعيّة أشدّ تعقيدًا، وشكّلت هذه الأعمال فاتحة عهد داعمة لتكريس النزوع البنيويّ باتّجاه المجالات الأخرى التي يمكن أن تحظى باهتمام البنيويّ وغيره من أدب وفلسفة ورياضيّات وعلم النفس، وغير ذلك.
وقد اعتبرت هذه الجهود الحثيثة بديلًا فكريًّا لفلسفات كان لها حضورها وتأثيرها الفاعل في الساحة الفرنسيّة، وشكّلت محاولةً جديدةً لفهم التاريخ والمجتمع والثقافة على ضوء العلوم الإنسانيّة، واحتلّت بذلك موقعًا بارزًا في تاريخ الفكر الفرنسيّ المعاصر، وقد تميّزت البنيويّة بطروحاتها الثوريّة بما أنجزته من منظورات جديدة لمختلف القضايا الفلسفيّة السائدة آنذاك، ومارست قطيعة مع ماضي المعارف كلّها، بحيث تسلّلت في تحليلها وتفكيكها ونصّها إلى مقولات كانت تعتبر في أساس فلسفات مثل الظواهريّة، والتأويليّة والماركسيّة، والوجوديّة، والإبستمولوجيّة المتعلّقة باتّباع فلسفة العلوم، بل إنّ طابع القطيعة الثوريّ الذي ميّزها أدّى إلى أن تعيد البنيويّة إنتاح نفسها بنفسها (وذلك بعد أحداث مايو 1968). تحميل البحث