عبرة في فن التحالفات

أحد الأصدقاء الذي تقاعد منذ زمن من وظيفة رسمية، ومن الذين قاربوا التسعين من عمرهم، وقد خاض غمار العمل السياسي منذ أكثر من خمس وسبعين عامًا بين الأحزاب القومية واليسارية والوطنية، وعايش الكثير من رجال السياسة والاجتماع والأدب وفارقهم جميعًا ليعمل في حقله الصغير، وقد همّ بإشعال سيجارته اللف ونفث منها نفسًا عميقًا، وأخرج بهدوء غيمة من الدخان في جو تشرين المشبع بالرطوبة ومترافقًا مع بعض القح، ومال بنظره نحو أفق بعيد كأنه يرقب ولادة نجم في السماء، وبعد أن اعتدل بجلسته قال لي: تخيل لو أن الجنرال عون ترك القصر الجمهوري دون إنجاز موضوع الترسيم وبعد كل الحملات التي خيضت ضده وضد جبران والتيار الوطني طيلة السنوات الماضية، كيف كانت ستكون صورة التفاهم، الذي تمّ معهم وسيكونون قد دفعوا غاليًا ثمن تحالفهم مع المقاومة؟ وأردف قائلًا: المقاومة فعلًا وفيّة، وهذا يليق بها ويشرّفها ويشرّف كل من يتحالف معها، ويعطيهم درسًا بالوفاء لرفاق الدرب، أن من يقف معنا ويمد يده لنا وقت سقوط القذائف على بيوتنا وأحيائنا، ويوم تحالف الجميع ضدنا يجب أن نمدّ له قلبنا ولا ننسى وقفته وموقفه.
لفتتني زاوية النظر التي رآها هذا الصديق العتيق، وجهة نظر لا بدّ من التمعّن بها عند أي تقييم لقضية الحدود البحرية واستخراج النفط والغاز، وقد يكون استخراج العبر والدروس وحفظ ماء وجه الحلفاء أهم منها.
المقالات المرتبطة
فلسفة الترك
أن تترك شيئًا ما، هو أن تعلن أنّك بحاجة إليه، لأنّ مدار الترك يشي بالاحتياج، فلو لم تكن بحاجة إليه لما تركته، لأنّ الترك بحدّ ذاته يستبطن الحاجة إلى شيء ما، والإرادة الذاتية على الاستغناء عنه ولو لفترة وجيزة. يعلن الترك في مدياته أن للإنسان إرادة على مقاومة الحاجة
رحمة النبيّ (ص) رسالتنا للعالمين
إذا كانت المسيحيّة مثلًا تقوم على قيم من الرهبنة والمحبة، فإنّ الإسلام المحمّديّ يقوم على قيم الرحمة والحق والعدالة.
قراءة نفسيّة للحركات التكفيريّة
الإنسان كائن رمزيّ، يبني تصوّره عن الذات والعالم انطلاقًا من مجموعة من الرموز المصاغة على شكل كلمات ينطق بها أو يتفكّر من خلالها، وهذا ما يجعل حتّى العنف ممنهجًا في حياته، فهو يقوم باصطناعه والتخطيط له ومعننته حتّى يصبح مقبولًا ومبرّرًا.