نزوع الإنسان نحو الله والعالم “نظريّة الجعل الفطريّ”
تنفتح تجربة الحياة عند الإنسان على عالم الأحداث التي تحيطه منذ ماضيه الخاصّ وحاضره، مرورًا بما يمكّنه من المدى والعمر. إلّا أنّها لا تتوقّف عند ذلك. إذ قاطرة الحياة تتجاوز “أناه” في حدودها الزمنيّة لتنطلق من تاريخ خاصّ به ينتمي إليه بتراث جماعته، وتاريخ عامّ يحوطه بأفق إنسانيّته الشاملة لكلّ فئة وجماعة على امتداد كلّ زمن، وهو ما نطلق عليه اسم “حاضرة الدهر”. وبين حدود الزمن بتنوّعاته الخاصّة والعامّة، و”حاضرة الدهر” الشاملة لكلّ الزمن بأبعاده، يأخذ الانتماء أشكاله وطبقاته التي تميّزه ذاتًا عن ذات. وتنسج الهويّات والسرديّات الثقافيّة والحضاريّة والدينيّة في تحيّزات الأمم والشعوب والقبائل، التي تقف في قبال بعضها البعض واحدةً من خيارات ثلاث: 1- إمّا الحرب من أجل الحفاظ على الخصوصيّة والمصالح، أو إنفاذًا لنسيج نسقيّ بُنيت عليه الذات في مواجهة الآخر، ولا تحتمل معه للآخر وجودًا مضاهيًا. إذ لا ترى فيه إلّا النقيض والضدّ المعادي. 2- الانطواء على الذات خشية الانغماس مع المختلف، والوقوع بفتنة الخليط الذي تأسّست الذات في مفاهيمها ومصالحها وتقاليدها وثقافتها على تصويره كرجس لا يُمسّ، أو صوّرته تارةً أخرى كوحش مسرحه غابات المجهول البعيدة عن حمى القبيلة والمذهب، أو توأم أسطورة فصلته إرادة الحقّ فأرْدَتْه شرًّا مظلمًا، مقابل نور الخير. وجسّدته مثالًا لهابيل وقابيل في صراعهما المستمرّ. وهذان التصوّران نجد أوّليّةً لهما تتضمّنها أساطير العديد من القبائل والشعوب المؤمنة بأنّها وحدها تنتمي لبني البشر، بينما تفرّد لكلّ آخر ممتدّ في الزمن صورة الآخر – الضدّ. حتّى إذا ما أرادت أن تشكّل رؤيتها للمقدّس والغيب والإله، فإنّها تصنعه بحدود القبيلة وتربط قيمها بقيمه المتّصلة بمصالحها وفرادتها، فإذا ما تعارض الوسيط المقدّس سواءً أكان الساحر، أو المُطبِّب أو الكاهن، أو غير ذلك مع حفظ تلك المصالح، نالت منه بأبشع الأساليب والطرق. 3- أمّا الخيار الثالث فهو الدخول مع الآخر في حوار، تُقعَّد فيه الذات على أركان… تحميل البحث
المقالات المرتبطة
العلمنة والداعشيّة السياسيّة
داعش تنظيم تكفيري، إجرامي بكل ما للكلمة من معنى، وقد انشق عن تنظيم القاعدة، أو بشكل أدق، عن رئاسة تنظيم القاعدة.
قراءة نفسيّة للحركات التكفيريّة
الإنسان كائن رمزيّ، يبني تصوّره عن الذات والعالم انطلاقًا من مجموعة من الرموز المصاغة على شكل كلمات ينطق بها أو يتفكّر من خلالها
فلسفة الأخلاق والميتافيزيقيا
الإشكالية الأساسية التي ينتمي إليها هذا العنوان، تتمثّل في إمكان وعدم إمكان قيام فلسفة أخلاقية بعيدًا عن الأساس الميتافيزيقي والديني المتمثّل في المسائل الأساسية