by هاشم الضيقة | مايو 12, 2020 8:22 ص
الأزمة الاقتصادية.
لم يغفل نظام الجمهورية الإسلامية عن الحقوق المادّية لأبناء الأمة الإيرانية؛ ذلك أنّه نظام منبثق من إرادة الشعب ومرتكز على رؤى دينية أصيلة. ولا ريب أنّ تردّي الأوضاع الاقتصادية من الأمور التي تمهِّد لسخط الشعوب على النظام. وتكمن خطورة هذه الأزمة في تأثيرها على نظام الجمهورية الإسلامية بوصفه ثمرة الإسلام الأصيل، وفي إسهامها بانتصار النموذج العلماني. من جهة أخرى يُعدّ نجاح النظام الإسلامي في التغلّب على هذه الأزمة انتصارًا عظيمًا للإسلام وتجربته الجديدة في الحكم.
وقد لجأت أمريكا إلى إفشال النظام الإسلامي في إيران عن طريق سياسة افتعال الأزمات الاقتصادية، ومن أهم أدوات هذه السياسة: الحرب النفسية، وإثارة الشائعات، وإبراز نقاط الضعف. بدأت أمريكا بالحصار الاقتصادي منذ عام 1980م؛ أي بعد عام واحد من انتصار الثّورة، وفرضت أقصى العقوبات التي كان حدّها الأكثر في عهد الإدارة الحالية؛ كل ذلك لإضعاف إيران اقتصاديًّا ومن ثمّ كسر إرادة الشعب والمسؤولين وإجبارهم على الاستسلام أمام العتوّ الأمريكيّ.
إضافة إلى الحصار الظالم، كانت الجمهورية الإسلامية قد ورثت من النظام السابق تركةً اقتصادية مريضة تابعة للغرب، قائمة على العائدات النفطيّة.
تحليل الأزمة من قبل الإمام الخامنئي.
في 13 تموز 1989م قال قائد الثورة في كلمة له: “يحاول الأعداء إثبات أن المشكلة الاقتصادية ستكون القشة التي تقصم ظهر الجهاز الحكومي، وتجعل النظام يواجه طريقًا مسدودًا، وبالتالي تُفقِد الشعب حماسه وتُسبّب الخمول (…) إنني وخلافًا لبعض التحليلات أحتمل أن يفكّر العدو حتى في فرض ضغوط اقتصادية جديدة علينا؛ في سبيل بثِّ روح اليأس، وجعل الشعب يندم لاستمراره بهذا الطريق ومشاركته الفاعلة، فليس من البعيد أن يخلق مشكلات في طريق تسويق النفط، أو الحصول على المواد الأولية والسلع الضرورية؛ لكي يزيد من شدّة الضغوط على الشعب، وعلى هذا ينبغي أن تتعاون الحكومة والمجلس والشعب يدًا بيد من أجل انتهاج أفضل السبل لحل المشكلات الاقتصادية”[1][1].
وبهدف إزالة حالات القلق شرع قائد الثورة بتشجيع المسؤولين على العمل الجاد في هذا المجال، واستخدام جميع الإمكانات لتحقيق هذا الأمر الحسّاس.
دور القائد في حل المشكلات الاقتصادية.
لا يخفى على القارئ الحصيف أن دور القائد في هذا النّوع من الأزمات لا يتمثّل بدخوله المباشر ميدان التنفيذ. وبحسب ما تقضي المادة 110 من الدستور يَقتصر دوره على رسم السياسات العامة للنظام في المجالات المختلفة التي منها المجال الاقتصادي، والإشراف على تنفيذها، والقيام بمهمّة الإرشاد، والتنسيق اللازم بين السلطات. نذكر في ما يلي أهم الأدوار التي أسْدَاها قائد الثورة المفدّى في هذه الأزمة:
أولًا: تغيير دور الحكومة من الملكية والإدارة المباشرة للمؤسسات التجارية إلى التخطيط والتوجيه والإشراف.
ثانيًا: تقوية القطاعات الخاصة والتعاونية؛ لكي تنافس البضائع في الأسواق العالمية.
ثالثًا: إعداد المؤسّسات الداخلية لمواجهة قواعد منظمة التجارة العالمية.
رابعًا: تنمية الكادر البشري المتخصِّص وذي الخبرة العلمية.
خامسًا: التنمية والارتقاء بالمعايير الوطنية، وتطابق أنظمة التقويم الكيفيّ مع المعايير الدولية.
سادسًا: انتهاج الخصخصة؛ لأجل زيادة الإنتاج والروح التنافسية وتطوير الملكية العامة. وصفت صحيفة فرانس برس قرار قائد الثورة المتعلّق بالمادة (44) بـ “المهم” وقالت: إنّ تطبيقه بشكل صحيح يمكن أن يحقِّق حركة اقتصادية عظيمة في البلاد. ولكن في 4 تموز 2006م نوّهت صحيفة كيهان أنّه لم يتحقّق خطوات عملية لتنمية الاستثمار، بالرغم من مرور مدة طويلة على الإعلان عن السياسات العامة للمادة (44).
إطلالة عامة على الآراء الاقتصادية للإمام الخامنئي.
ويُضاف إلى تلك النّقاط السّتّ مسائل أخرى، من قبيل: إلزام الحكومة بالاكتفاء الذاتي في البضائع الاستراتيجية، وتقوية قيمة العملة الوطنية، وتأكيد الاستثمار في القطاع الصناعي، وخلق فرص العمل وإعمار القرى، وحث المسؤولين على زيارة المناطق المحرومة، ومكافحة ظاهرة التهريب بشكل جاد، والتخطيط الاقتصادي الخاص بالطبقات المتضرّرة.
هذه بعض النماذج التي تبيّن دور القائد في إدارة الأزمات الاقتصاديّة، وإطلالة على أهمّ آرائه بهذا الصّدد.
لقد وفّقنا في هذه الحلقات الأربع لاستخلاص نماذج من المشاكل التي اعترضت نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسُبُل علاجها في ظلّ القيادة الحكيمة للإمام الخامنئيّ، سواء في البعد الأمني أو السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي، ووَقَفنا على جانب من دوره التاريخيّ في الحفاظ على مسيرة النظام بالرّغم من الصعوبات الجسام، ولا نجانب الصواب في القول: لقد كان للولي الفقيه بوعيه الثاقب وبصيرته النافذة وكفاءته المنقطعة النّظير أهمية بارزة واستثنائية في احتواء تلك الأزمات وحسن إدارتها وتخليص البلاد من مآثمها.
[1][11] الإمام الخامنئي، 10 ذي الحجة 1409ه.
[2][12] الإمام الخامنئي، 27 رمضان 1413ه.
[3][13] الإمام الخامئني، 27 شعبان 1412ه.
[4][14] الإمام الخامنئي، 12 جمادى الأولى 1420ه.
[5][15] راجع: النص الكامل لبيان قائد الثورة حول السياسات العامة للبند (ج) من المادة الرابعة والأربعين الصادر في 4 جمادى الثانية 1427ه.
[6][16] صحيفة كيهان، 12 جمادى الأولى 1420ه.
[7][17] صحيفة كيهان، 27 رمضان 1413ه.
[8][18] صحيفة كيهان، 9 ربيع الأول 1410ه.
[9][19] صحيفة كيهان، 12 جمادى الأولى 1420ه.
[10][20] صحيفة كيهان، 3 ذي الحجة 1419ه.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/10132/kiyadi4/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.