تجليات عبقرية الشهادة في جدلية الموت والحياة: سليماني ومشرب شهادة النصر والخلود

تجليات عبقرية الشهادة في جدلية الموت والحياة: سليماني ومشرب شهادة النصر والخلود
تتشكل وثيقة وصية الشهيد القائد قاسم سليماني من بنية إيمانية اندمجت فيها الرؤية التوحيدية العرفانية بحالتي الإقرار والدعاء رجاء نيل استعطاف الرحمة الإلهية، وبتجلّيات من اسم الهادي.
والإقرار في مشرب الشهداء العارفين، توبةٌ تطمح لتكون نَصُوحًا (التوبة النصوح). وعد الله سبحانه أهل الإقرار بقبول اعتذارهم واستغفارهم المنطلق من كينونة العبودية لله سبحانه وهو ما يؤهل وجود وجوهر ذات العاشق لنيل بركات الألطاف والرحمة الإلهية. وينقسم الإقرار عند الشهيد سليماني إلى ركائز ثلاث:
الركيزة الأولى: الإقرار العقائدي القائم على معنى الشهادة “أشهد”؛ إذ يذكر في مطلع الوصية: “أشهد بأصول الدين”. ليفصّل الأمر كالتالي: ” أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله، وأشهد أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وأولاده المعصومين الإثني عشر أئمّتنا ومعصومینا حجج الله. أشهد بأنّ القيامة حقّ، والقرآن حقّ، والجنّة وجهنّم حقّ، والسّؤال والجواب حقّ، والمعاد، والعدل، والإمامة والنبوّة حقّ”. فنفس سليماني بذاتها المدركة المؤمنة تقرُّ بما سيحمله سؤال القبر من عقائد ولائية أعلن عن إجابته عنها هنا والآن. عساه يتجاوز فتنة القبر وسؤال منكر ونكير فينجو، ليعود فيؤكّد إيمانه بالمعاد وما يظهر فيه من عدل الرحمة الإلهية المطلق يوم النشر والحشر، وليعود مستشفعًا بالإمامة والنبوة. وتبرز قيمة الإقرار أن التشهد فيه انبعث حيًّا بعد أن سقاه رضوان الله عليه بفعل ودم الشهادة والجهاد.
الركيزة الثانية: الإقرار بالحمد والشكر لله على نعمائه؛ وما الحمد إلا دهشة الحامدين أمام تجلّيات مراتب التوحيد في صيغتيه النظرية والعملية. وهو توحيد غير داخل في الزمن، ولا خاضعًا له، رغم أنه لا يجافي الزمن أو يعانده. مما يحيل الزمن عند عبقري عرفان الشهادة إلى هيئة من عبادة الموحّدين “إلهي أشكرك على نعمك”. ومنها:
تكامل المرء ليكون إنسان الدهر، لا إنسان اللحظة التي قد يطويها التصرّم والاعتبارات العدمية. وهو مضمون لمعانٍ استقاها الشهيد من مولاه سيد الشهداء في دعاء عرفه: “إلهي أشكرك أن نقلتني من صلب إلى صلب، ومن قرن إلى قرن”، فالمولود ما كان عدمًا، بل كان حيًّا عبر الأزمان يرتع بنعيم العناية الإلهية التي قضت له أن يلد عند لحظة من دنيا الزمن الساري، “وسمحت لي بالظهور، ومنحتني الوجود، بحيث أتمكّن من إدراك أحد أبرز أوليائك المقربين والمتعلقين بأوليائك المعصومين، عبدك الصالح الخميني الكبير. وأن أصبح جنديًّا في ركابه… اللهم إني أشكرك على أن جعلتني سائرًا على درب عبد صالح آخر من عبادك الصالحين،… رجلٌ هو حكيم الإسلام والتشيُّع وإيران وعالم الإسلام السياسي اليوم، الخامنئي العزيز روحي لروحه الفدا.. إلهي لك الشكر على أن جمعتني بأفضل عبادك، وتكرّمت عليَّ بتقبيل وجوههم الجنائنية واستنشاق عطرهم الإلهي، ألا وهم مجاهدو وشهداء هذا الدرب”.
كل هؤلاء الذين شكر الله أن منَّ عليه ليكون بينهم كان يراهم مظهرًا يُرخي عالم الأمر والحقائق الحاكمة على الزمن والوقائع أسداله عنهم، فيبرزهم من ثماره التي هي روح هذا العالم. ألا وهم آل بيت رسول الله (ص) (الحقيقة المحمّديّة): “فإني وإن لم أحظَ بتوفيق صحبة رسولك الأعظم محمّد المصطفى (ص) ولم يكن لي نصيبٌ من فترة مظلوميّة عليّ بن أبي طالب وأبنائه المعصومين والمظلومين (ع)، فقد جعلتني في نفس المسار الذي بذلوا لأجله أرواحهم التي هي روح العالم والخلقة”.
الزمن بما فيه من أحداث، وبمن فيه من مرجعيات يرتبط بها عاشق الشهادة سليماني؛ هو زمن يرتكز وجود معناه على روح العالم محمد الرسول (ص)، وأهل بيت العصمة. عليه، روحه هناك؛ وإقراره بالشكر، إذ رأى في الإمامين الخميني (قده) والخامئني (حفظه المولى) تمثيلًا حقيقيًّا لنعمة “الولاية” ولاية محمد وآله (ع). وما الشهداء إلا سادة قافلة الصراط الإلهي إذ يراهم دربًا للولاية، ويشتم فيهم رائحة الجنة وعطرها، حتى لكأنما كان الشهداء الذين عايشهم بمثابة الروح والريحان اللذين إذا ما تعلقت النفس بهما وفدت جنة النعيم ﴿رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ﴾[1]. فكان رضوان الله عليه كلما رأى مجاهدًا أو ودّع شهيدًا تفاعلت نفسه طالبةً عبقري حياة الموت؛ الشهادة.
الركيزة الثالثة: الإقرار بالافتقار والعبودية. “إلهي! أيّها القادر العزيز والرّحمن الرزّاق، أمرّغ جبهة الشّكر والاستحياء على عتبتك”؛ والحياء هنا، واحدٌ من سُبُل السير والسلوك العبودي. إنه غارق في محبة واهب كل شيء، بحيث يخجل أن يسأله شيئًا، لكن المثير للانتباه هو دمج الشكر والاستحياء في حالة من الإحساس العميق بالنعمة الولائية، بحيث يقول: “أن جعلتني أسير على درب فاطمة الزكية وأبنهائها (والزهراء فضلًا عن كونها مخزن الأسرار هي منبع شهادة الولاية العلوية)؛ وجعلتني أنال توفيق ذرف الدموع على أبناء علي بن أبي طالب وفاطمة الزكية (ع)، أيّ نعمة عظيمة هذه التي هي أرفع نعمك وأثمنها، وهي نعماك للنور والمعنوية، وهياج يحمل في طياته أرفع درجات السُّكنى والطمأنينة، وحزنٌ يختزن الهدأة والروحانية”. مقطع عجيب وعميق ومحيِّر. فهو يبرز فيه فلسفة البكاء في الإسلام، كما يُبرز فيه فلسفة تغيُّر كينونة النفس وحقيقة صورتها بفعل البلاء المفجع والحزن العميق؛ إذ البكاء سلاح الداعي في محضر السؤال والطلب من الله سبحانه. وهو مظهر وأثر الحب البليغ المشارك أهل البيت (ع) في مصابهم، ومواساةً لهم. مما يطرح قضية القرابة الروحية لأهل البيت، وعهد الصحبة الصدوقة الثابتة بميثاق الروح لهم (ع)، مما يجعلهم فرصة لرزق معنوي عظيم وبركة وجود متعلق بمصدر الوجود. الأمر الذي يجعل المواساة تتجاوز حدود الاعتبارات لتكون منشأ لتغيير واقعي في الوجدان الإيماني والمعنوية الروحية. مما يُحدث انقلابًا لحالة الضجيج والحزن ليكون هدوءًا وسكينة لنفس مطمئنة.
وقبل أن أطوي الصفحة عن هذه النقطة؛ ينبغي أن نلتفت فيها إلى أمر بالغ الحساسية؛ وهو أصالة الحب والوفاء في البر. فحب الله سبحانه الذي يتجلّى بحب الرسالة والرسول وخزنة الوحي والذكر الحكيم. ينبسط رحمانيًّا على كامل صفحة الموجودات؛ والعنوان الأهم، هم الناس، عباد الله سبحانه، ومن جعل الله رضاهم رضاه “الوالدان”.
وهو ما يؤكد إنسانية المعنوية الإسلامية. فبدون هذا العمق الإنساني لا شيء يؤكد وجود المعنوية الروحية الإسلامية.
من هنا يقول رضوان الله عليه: “إلهي! أشكرك على أن رزقتني والدين فقيرين، إلّا أنّهما كانا متديّنين وعاشقين لأهل البيت وسائرين دائمًا في درب الطّهر والنّقاء. أطلب منكَ متضرّعًا أن تسكنهما في جنّتك ومع أوليائك وترزقني لقاءهما في عالم الآخرة”. إنه يطلب شفاعة الله لهما وشفاعتهما له. وأن يكون لقاؤه بهما رزقًا إلهيًّا ومنًّا من عنده سبحانه.
إذن، الولاية المبنية على الحب والبر والوفاء هي عناوين مسير سلوك العارف الشهيد، ومظهر من مظاهر إقراره بالعبودية لله سبحانه.
ثم تتصاعد لغة العبودية والافتقار عند الشهيد القائد بحيث يعلن “أنا خالي الوفاض وحقيبة سفري فارغة، لقد جئتك دون زاد وكلّي أمل بضيافة عفوك وكرمك. لم أتّخذ زادًا لنفسي؛ فما حاجة الفقير للزّاد في حضرة الكريم؟!”.
كل هذا المسير الجهادي المتفاني ويقول: “أنا خالي الوفاض”، “حقيبة سفري فارغة”، “جئتك دون زاد”. ومن يتابع بعضًا من سيرة حياته رضوان الله عليه، يعرف كم كان يتسول بفقر عند أعتاب الأئمة، ويناجيهم بدموعه راجيًا شفاعتهم، وكم بكى الشهداءَ حبًّا وطلبًا لشفاعتهم، بل كان إن أحسّ من إنسان ما خيرًا طلب منه أن يشفع له، وكان يحمل قطعة قماش من كفنه ليطلب من أهل العلم والمعنى والجهاد أن يوقعوا على مقولة: اللهم لا نعرف عنه إلا خيرًا. كل هذا كان يمارسه بإصرار وبمسارعةِ من يسعى كيلا تفوته فرصةُ خير.
رغم ذلك يناجي ربه بحكمة بالغة واتضاع واثق بسيده “ما حاجة الفقير للزاد في حضرة الكريم”.
ويبدأ الشهيد باستحضار معالم الفقر عنده والثقة بما عند سيده ومولاه. هو يعلم أن أعضاء البدن ستشهد، فقدّمها قرابين في محضر العشق والحب والتفاني “جئتك بعينين مغلقتين رغم كل ما حملتاه من أوزار فإن ثروتهما ذاك الذخر العظيم المتمثل بجوهرة الدموع المسكوبة على الحسين (ع)… على أهل البيت (ع).. جوهرة ذرف الدموع عند الدفاع عن المظلوم واليتيم، والدفاع عن المظلوم المحصار في قبضة الظالم”، يبكي أهل البيت والحسين (ع) كما يبكي وجع الإنسان المحتاج والمظلوم. أيُّ روح عبقرية هي هذه التي حملت أنّات الموجعين والمظلومين وعذاباتهم. أيُّ حبٍّ هو هذا؟ أيُّ حميّة هي هذه؟ لقد علّمه الدمع الحسيني أن يحفظ حب كل موجود حي وحر ومستضعف وجاء به قربانًا إلى الله.
“إلهي يداي خاويتان… لكنني ادّخرت في يداي شيئًا وأملي معقود على هذا الشيء، إنهما كانتا ممدودتين إليك… وعندما كنت أضعهما لأجلك على الأرض وعلى ركبتي، وعندما حملت السلاح بيدي لأجل الدفاع عن دينك” سخّر يداه للطلب والوصال عند رفعهما، وللعبادة عند وضعهما، وللدفاع عن الدين عندما حملتا السلاح.
“إلهي قدماي مترنحتان لا رمق فيهما، لا جرأة لهما على عبور الصراط الذي يمر فوق جهنم”: ما عادت أعضاء الجسد إلا ذكرى وتذكّر لحقيقة تحيط بهذا العالم المتمحور بالإنسان، حقيقة أن الآخرة محيطة بالدنيا.
فما عاد عند العارف الشهيد من معنى للدنيا خارج إطار الارتباط بوقائع وحقائق في الآخرة. لذا فإنه يسعى ليبدِّد خوفه ببارقة الرجاء. ورجاؤه أنه طاف برجليه في الحج، وركض حافيًا وجاب سياحة الولاء بين حرمي الحسين والعباس، وأنه ثبت بهما في متاريس الجهاد.
“إلهي رأسي وعقلي وشفاهي وأذني وقلبي وكل أعضائي وجوارحي غارقة في هذا الأمل”. أيّ أمل؟ “اقبلني طاهرًا، اقبلني أن أكون لائقًا للوفود إليك”. “لا أرغب في شيء سوى لقياك، فجنتي جوارك يا الله”. بعدها يخاطب الله بلغة العارف العاشق قائلًا: “يا محبوبي ويا معشوقي الذي لطالما طلبت منه أن يغمر وجودي بعشقه [احرقني وأمتني بفراقك]. وهنا تصل روح العارف الشهيد إلى مرحلة التيه والحيرة بعد استتباب اليقين في مرائي العظمة والحب فيصرخ “لقد تهت في الصحاري نتيجة اضطرابي وتخلفي عن هذه القافلة (الشهداء)، وأنا أتنقل من هذه المدينة إلى تلك المدينة، ومن هذه الصحراء إلى تلك الصحراء، في الصيف والشتاء، بدافع أمل يخالج قلبي. أيها الحبيب والكريم لقد عقدت الأمل على كرمك وأنت تعلم أني أحبك. وتعلم جيدًا أني لا أريد سواك فدعني أتصل بك”.
إنه جنون عبقري العارف إذا تداعت عليه نسائم العشق فأسكرت عقله، وهيّمت قلبه، وأثارت مآقي دمعه، فجاب في البلدان يبحث عن وصال، أفناه بدلال الفراق، ثم أذابه، ثم ابتعثه، ثم أبقاه في وصال عاشق لا حدَّ له ولا سكون. وفي عقيدة العاشقين العارفين أن الله إذا جاءه عبده متقدّمًا نحوه مترًا سارع الله إليه أميالًا.
لذا عاجلته الرحمة الإلهية، وانسكبت عليه من ألطاف الحب حتى أوقع الله بيده قلب الشهيد العارف رضوان الله عليه، ورأسه وعيناه وأذناه ويداه ورجلاه وكامل جسده ليتلقاه كأقرب ما يكون من مشهد تلقيه جسد الحسين والعباس (ع) وصحبهما. وبدفعة واحدة، ليصير بقتله وموته الذي أسس له الشهيد بعبقرية فذة (سيد شهداء محور المقاومة)، وأيقونة قافلة التمهيد لبزوغ شمس الحرية والولاية “لتشرق الأرض بنور ربها”.
وهكذا رسم الشهيد عرفان الوصال القاضي ببناء الحياة على النصر وصدق وعد الله سبحانه.
[1]  سورة الواقعة، الآية 89.

الشيخ شفيق جرادي

الشيخ شفيق جرادي

الاسم: الشيخ شفيق جرادي (لبنان) - خريج حوزة قُمّ المقدّسة وأستاذ بالفلسفة والعلوم العقلية والعرفان في الحوزة العلميّة. - مدير معهد المعارف الحكميّة (للدراسات الدّينيّة والفلسفيّة). - المشرف العام على مجلّة المحجة ومجلة العتبة. - شارك في العديد من المؤتمرات الفكريّة والعلميّة في لبنان والخارج. - بالإضافة إلى اهتمامه بالحوار الإسلامي –المسيحي. - له العديد من المساهمات البحثيّة المكتوبة والدراسات والمقالات في المجلّات الثقافيّة والعلميّة. - له العديد من المؤلّفات: * مقاربات منهجيّة في فلسفة الدين. * رشحات ولائيّة. * الإمام الخميني ونهج الاقتدار. * الشعائر الحسينيّة من المظلوميّة إلى النهوض. * إلهيات المعرفة: القيم التبادلية في معارف الإسلام والمسيحية. * الناحية المقدّسة. * العرفان (ألم استنارة ويقظة موت). * عرش الروح وإنسان الدهر. * مدخل إلى علم الأخلاق. * وعي المقاومة وقيمها. * الإسلام في مواجهة التكفيرية. * ابن الطين ومنافذ المصير. * مقولات في فلسفة الدين على ضوء الهيات المعرفة. * المعاد الجسماني إنسان ما بعد الموت.  تُرجمت بعض أعماله إلى اللغة الفرنسيّة والفارسيّة، كما شارك في إعداد كتاب الأونيسكو حول الاحتفالات والأعياد الدينيّة في لبنان.



المقالات المرتبطة

دور الدعاء في تكامل الإنسان

العبودية جوهرة كنهها الربوبية، فحقيقة العبودية بأن يدرك الإنسان بأن له رب مالك الملك، وهو مفردة من مفردات السموات والأرض…

الدازاين الممانع الوجود هنا إزاء الصراع الأساسي

من أهم ميزات العالم الجديد بعد انتهاء الحرب الباردة، أنه تحرك عميقًا في التحديات التصادمية إلى أن صار على حد تحول الوجود المائز إلى وجود معمم

كِتَاْبُ الْإِمَاْمُ الْحُسَيْنِ (عَ) إِلَىْ أَعْيَاْنِ الْبَصْرَةِ قِرَاْءةٌ فِيْ ضَوْءِ الْبُنْيَّةِ اللُّغَوِيَّةِ

إنَّ خطاب الإمام (ع) حقَّقَ أهدافهُ، ووصل إلى مسامع المرسَل إليهم، وأثَّر في نفوسهم، فاستجابَ عددٌ كبيرٌ منهم، وهَمَّ آخرون بنصرتهِ؛ لمَا وجدوا فيهِ منْ صدقٍ ومنفعةٍ كبيرةٍ هزّتْ أركان نظام الحكم الأمويّ،

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<