علاقة السيدة الزهراء (ع) بالشهداء..
كل شهيد هو شاهد على الحق، وهو بدمه سجّل الحجّة على كل الخلائق، وثبَّت موقعيّته ويقينه عند الباري عز وجل بهذا الطريق العظيم الذي صدع به النبي (ص)، وأرساه النبي والأئمة الأطهار (ع).
بداية نسأل، من هي السيدة الزهراء؟
يقول النبي (ص) عنها “وأمّا ابنتي فاطمة… متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عز وجل لملائكته يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أُشهدكم أني قد أمّنت شيعتها من النار “. النور الأزهر هو أعظم وصف للنور البهيج المبهر. وهذا النور يُزهر للأنوار، لأن وجود الملائكة هو وجود نوراني. فكأنّ النبي (ص) يقول لنا أنّ نور السيدة الزهراء (ع) ليس فقط طغى على نور الملائكة، بل أزهر لهم وأدهشهم. بل هي مصدر أنوار نور الملائكة، فكل فعل خير، وكل لحاظ خير يتعلق بالملك، يكون من عبادة الزهراء (ع).
ليس لأهل الأرض نورًا إلا نور هذه الكواكب (الشمس والقمر والأرض وغيرهم)، فلا يستطيعون الرؤية في الليل ويستهدون بضوئهم حتى يتحركوا. كما أنّ الكواكب نور أهل الأرض، فإنّ نور الزهراء (ع) يُرشد الملائكة في مسار الهداية والبركات. إنّ عبادة بدون خوف وخشوع من الله ليست عبادة فاطمية، والأَمَةُ هي عبدة الله.
الإقبال بالقلب هو روح العبادة، ويكون الإخلاص الكامل في العبادة في القلب لله. وقد روي عن النبي (ص) بشارة لشيعة علي وفاطمة، أنّ من شايعها وكانت عبادته كعبادتها، وولاءه لها، وقضيتها هي قضيته، ومعتقداتها التي بثّتها قد تلقاها، فهذا هو الشيعي آمن من النار.
وهنا نسأل كيف كان سلوك السيدة الزهراء الشهيدة مع الشهداء؟
روي عن الإمام الصادق (ع) أنّ فاطمة (ع) كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة وتترحم عليه وتستغفر له. وهذا يؤكد أن البقاء على صلة بالشهداء أمر يحبه الله ورسوله وأمير المؤمنين، وتحبه السيدة الزهراء أيضًا.
تعقيبات الصلاة أو تسبيح الزهراء هو مما علّمه النبي (ص) لها (ع). ويقال إنّها قامت بفكرة السبّحة، وصنعتها من أربع وثلاثين حبة، وكان لون الخيط في هذه السبّحة أزرق، وكانت تصنع الحبات من التربة أي من طين الأرض. وقال الإمام الصادق (ع) “وكانت تصنع سبّحة من تراب الشهداء وتكون السبّحة بخيوط زرق، أربعًا وثلاثين خرزة وبعد أن قُتل حمزة (ع) عملت من طين قبره سبّحة تسبّح بها بعد كل صلاة”.
انطلاقًا من حديث الإمام الصادق (ع)، كيف تجلّت العلاقة مع السيدة الزهراء (ع) عند شهدائنا الذين ندعو الله أن يشفّعنا بها وبهم؟
عندما نقرأ خطب الشهيد قاسم سليماني وتوسلاته، ندرك جيدًا أنّ علاقته بالسيدة الزهراء كانت استثنائية، وكانت تملأ معنوياته وتوجهه.
يقول أحد الشهداء لوالدته في وصيته “والدتي الحنون، يا لها من كلمة أخذت قلمي، ولملمت أفكاري، وجلستُ أخاطبك، ولكن عجز لساني، وكَلَّ القلب عن التعبير والكتابة، فحضرت أمامي واقعة كربلاء وخرقت مسامعي صرخات فاطمة الزهراء (ع) عندما عصرها اللعين وأُسقط منها الجنين وغرز المسمار في صدرها الشريف، عندها أردت أن أواسيها بشيء بسيط، وأجعلك يا أمي العزيزة تقفين يوم القيامة بين يدي الزهراء، وتقولين لها: يا سيدتي يا فاطمة لقد قدمت ولدي في سبيل الله وعلى درب ولدك الحسين. فسامحيني يا أمي، وادعي لي أن أكون في جوار الحسين قرب الزهراء (ع)، التي سوف تحشَرين معها يوم القيامة إن شاء الله، بتقديمك ولدك فداءً لولدها الحسين. أمي الكريمة اجعلي كل بكائك على أبي عبد الله الحسين وأهل بيته، وحزنك عليهم، وافرحي لي ولا تحزني عليّ وكوني مثل زينب أوصيك بأهل بيتي من بعدي خيرًا، سامحيني سامحيني”.
وأختم بما قاله شهيد آخر: “أمي الحبيبة ما أجمل أن تأتي يوم القيامة وتستقبلك السيدة الزهراء وأنت مرفوعة الرأس وتبشّرك بمقامك الرفيع في منزلة أمهات الشهداء التي هي سيدتهنّ، وأرجو منك المسامحة والدعاء لي وللمجاهدين”.
الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
تسبيح السيدة الزهراءسيدة نساء العالمينالشهيدةالشاهدةالسيدة فاطمةخطبة السيدة فاطمةالليالي الفاطميةالحوراء الإنسية المقالات المرتبطة
قراءة في كتاب الاجتهاد بين أسر الماضي وآفاق المستقبل: في دور الاجتهاد
في كتابه الجديد “الاجتهاد بين أسر الماضي وآفاق المستقبل”، يرى السيد إلى دور الدين الإيجابي والفاعل والشمولي بعامة في المجتمع الإنساني المتسم بالتنوع، والذي هو “الوسيلة الفضلى للتعارف”، ويرفض مقولة “الدين أفيون الشعوب”، أو أنه يحافظ على الأوضاع القائمة من دون تغيير.
سؤال الإيمان بين إلهيّات المعرفة وصبغة الله للإنسان
الإيمان تعبير حميم عند أصحاب الأحاسيس المرهفة، ومورد احترام في نفوس غيرهم.
العقائد العرفانية
اعتادت ميادين البحث العقائدي أن تلتزم في معالجاتها خصائص ومناهج ومسائل ولغة علم الكلام، مما أرسى في الذهن عَقْدَ علاقة وثيقة بين الاثنين