فلسفة جديدة للحوار الدينيّ

يقوم الحوار الإسلامي–المسيحي، كما يمارس حتّى اليوم، على خطأ مزدوج: في مقاربته وفي هدفه.
أمّا المقاربة فهي الانطلاق من مسائل خلافيّة بين الطرفَين، مثل قول المسيحيّين بالتجسّد، أي إنّ يسوع المسيح هو الله نفسه متجسّدًا، وبالصلب والغداء والقيامة، ومثل احتكام المسلمين إلى بعض آيات الإنجيل التي تتحدّث عن “البراقليط” (ومعناه “الروح القدس” أو “المعزّي”) كإشارة إلى نبوّة محمّد، واحتكام بعضهم إلى إنجيل برنابا إمعانًا في تأكيد هذا الأمر، وهو كتاب متحوّل في نظر المسيحيّين وعلمائهم، لا يمتّ بأيّ صلة إلى الأناجيل الأربعة المقبولة.
وأمّا هدف الحوار، المعلن أو المضمر، فهو في الأقلّ، تقليص الفوارق وحمل الواحد على الاعتراف بالآخر واحترام وجهة نظره، مع التمسّك بتفوّق وجهتنا، وفي الأكثر إقناع من نحاوره بوجهة نظرنا وحمله على التحوّل إلى ديننا. ويتّخذ التحوّل في مصطلح الغلاة من الطرفَين اسم “الاهتداء”، أي الانتقال ممّا هو “أقلّ صحّة” إلى ما هو “أكثر صحّة”، من “الناقص” إلى “الكامل”.
لكن، ما هو مقياس الصحّة والخطأ في العقائد الدينيّة؟ أفهم أن تكون هناك مقاييس منطقيّة للاستنتاج السليم بناء على مقدّمات معيّنة وهذه مقاييس منطقيّة عامّة لا تختصّ بالدين وحده، بل تتناول كلّ الموضوعات التي يتداولها الناس، أمّا تبرير المقدّمات نفسها بالنسبة إلى الدين فقائم أيضًا على العقل. والمقصود هنا، هو العقل الدينيّ، لأنّ مفهوم العقل نسبي، يعتمد في تحديده على طبيعة المعقول. فوجود الله وهو المعقول الديني، مثلًا، يحمل معه مفهوم الوجود الواجب، غير المادّي، غير المحدود، الكلّيّ القدرة والعلم والحكمة والصلاح كما يحمل معه مفهوم الوحي أو خطاب الله للبشر، وهذا الخطاب يحكم على إلهيّته من خلال أغراضه ومراميه ووسائله وتفاصيله جميعها، وإذا تلاقت المسيحيّة والإسلام والهندوسيّة والبوذيّة والطاويّة وسواها من الأديان على جلال الغايات والوسائل، فليس من حجّة عقليّة أو نقليّة مقبولة لحجب الصحّة الإلهيّة عن أحدها أو إخضاع هذه الصحّة للزيادة والنقصان…تحميل المقال
المقالات المرتبطة
مشاريع فكرية 10 | السيد جلال الدين الآشتياني
المواليد: 1925 ـ 2005 م. الدراسة: كان أول تعليمه في المكاتب القديمة وفي الابتدائية في مسقط رأسه آشتيان. ثم
الشهادة بين مفهومي الموت والحياة
إن الأهداف الإلهية المعنوية التي تقوم على الغيب وإرادة الله عندما يضحي الإنسان في سبيلها، لن يموت الهدف بموت الشخص، بل ستحيا ويحيا الشخص معها، فالهدف لا يقوم بالشخص بل الشخص قائم بالهدف، “إن الدماء التي تسقط بيد الله فإنها تنمو”
الطبيعة البشريّة: ما-فوق-المفهوم- قراءة في فكر هانس أُرس فون بلتزار
لقد اعتاد أغلب المفكرين مقاربة مفهوم الطبيعة البشرية بمصطلحات عمومية وجامدة،