by الدكتور أحمد ماجد | يونيو 11, 2021 5:01 ص
أولًا: زكي نجيب محمود سيرة ذاتية[1][1]:
وُلِدَ زكي نجيب محمود في 1 شباط 1905 بقرية ميت الخولي عبد الله التابعة لمحافظة الدقهلية، تلقى تعليمه الأولي في كتاب القرية[2][2]، وفي سن الخامسة انتقل مع أسرته إلى القاهرة حيث تلقى تعليمه بمدرسة السلطان مصطفى، نال شهادة البكالوريا من كلِّية غوردن من السودان عام 1924، حيث كان أبوه انتقل برفقة أسرته إلى العاصمة السودانية الخرطوم بصفته موظَّفًا في مكتب الحكومة هناك، ثم شهادة ليسانس في الآداب والتربية من مدرسة المعلِّمين العليا بمصر، عام 1930، وشهادة البكالوريوس الشرفية في الفلسفة من الدرجة الأولى من جامعة لندن وهي تعادل الماجستير، عام 1945، وشهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن بكلِّية اَلملك في موضوع: الجبر الذَّاتي، عام 1947، وشهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية بالقاهرة، عام 1985.
بدأ اهتمام زكي نجيب محمود بالآداب والفنون يُثمر باكرًا، فنشر أول مقالة له في جريدة السياسة الأسبوعية عام 1927، وإثر تخرجه من مدرسة المعلمين العليا عمل محمود بالتدريس من 1930 إلى العام 1943، وكتب سلسلة من المقالات عن الفلاسفة المحدثين في مجلة الرسالة، وعلى الرغم من عدم اصطباغه بشكلٍ فكريٍ محدد، تعتبر هذه المرحلة الأهم من حياته، ففيها صُهِرَت شخصية محمود، وشُكِّلَت فكريًّا، حيث بدأ مرحلة الاندماج بالحياة الثقافية بمتابعة الإنتاج الفكري والأدبي في مصر بالخصوص وإنجلترا وأوروبا عمومًا، بالإضافة إلى عمله عُيِّن عضوًا في لجنة التأليف والترجمة والنشر بمصر ابتداءً من عام 1933 حتى عام 1943، سافر خلالها في بعثة صيفية إلى إنجلترا لمدة ستة أشهر عام 1936، وفي عام 1943 أرسل في بعثة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة لندن، فحصل على البكالوريوس الشرفية في الفلسفة وهي تعادل الماجستير سنة 1945، ثم نال درجة الدكتوراه عام 1947 عن رسالته “الجبر الذاتي” التي كتبها بإشراف الدكتور “ف. هالبت”، عاد بعدها إلى مصر حيث التحق بهيئة التدريس بقسم الفلسفة بكلِّية الآداب- جامعة فؤاد الأول (القاهرة لاحقًا)، واستمر بهذا المنصب حتى تقاعده عام 1965، فعمل بها أستاذًا غير متفرّغ، ثمَّ أستاذًا متفرّغًا حتى الوفاة في الأول من أيلول عام 1993.
ترأس زكي تحرير مجلة الثَّقافة في الفترة الممتدة من1948 إلى 1951 ثمَّ اشتغل أستاذًا زائرًا بجامعة كولومبيا بولاية كارولينا الجنوبية، خلال الفصل الأول من الموسم الجامعي 1953- 1954، ثمَّ انتقل للتدريس بجامعة بولمان بولاية واشنطن في الفصل الثَّاني من الموسم الجامعي نفسه، فمستشارًا ثقافيًا لمصر بواشنطن لمدة عامين ابتداءً من عام كما عمل عضوًا في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، منذ عام 1955، ورأس تحرير مجلَّة الفكر المعاصر- وكان من أعضاء تأسيسها- من 1965 إلى 1969وتقلَّد منصب أستاذ محاضر منتدب بجامعة بيروت العربية عام 1964 ومنصب أستاذ بقسم الفلسفة، كلِّية الآداب بجامعة الكويت لمدة خمس سنوات، من 1968 إلى 1973 وكتب سلسلة مقالات أسبوعية في جريدة الأهرام، منذ نهايات 1973، حتى. 1990
نال محمود العديد من الجوائز منها جائزة التفوق الأدبي من وزارة المعارف عن كتابه أرض الأحلام 1939، كما نال جائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة من مصر عن كتابه نحو فلسفة علمية، ووسام الفنون والآداب من الطَّبقة الأولى عام 1960 وجائزة الدولة التقديرية في الآداب، ووسام الاستحقاق من الطَّبقة الأولى عام 1975 وحصل على جائزة جامعة الدول العربية للثَّقافة العربية من تونس عام 1984 ونال وشاح الإمارات الثَّقافيِّ للبارزين عام 1986 م. وجائزة سلطان بن علي العويس من دولة الإمارات العربية المتحدة، عام 1991.
ثانيًا: مؤلفاته واتجاهاته الفكرية:
ترك زكي نجيب محمود مؤلفات كثيرة منها:
قام زكي نجيب محمود بترجمة عدد من الأعمال الغربية منها:
تُظهر الأعمال الفكرية لزكي نجيب محمود تطورًا حقيقيًا في فكر هذا المفكر، ويمكننا أن نرصد معالم فترات دورية تحصل فيها، يمكن توزيعها بحسب العقود على الشكل التالي:
وتمتاز هذه الفترة من حياة زكي نجيب محمود بميل إلى التدين، وصل في بعض الفترات إلى حدِّ التصوف والكلام عن وحدة الوجود، وتفسير القصيدة العينية لابن سينا والدفاع عن المعجزة، ووصلت إلى ذروتها من خلال بحثه الذي أعده للدكتوراه الجبر الذاتي.
ويعتبر الدكتور إمام عبد التفاح إمام هذه المرحلة على الرغم من تميزها بطبيعتها الدينية الخاصة، إلا أنّها تحمل في نفسها بذور المرحلتين اللاحقتين، ويقول: “المرحلة الأولى، مرحلة التدين الخالص، لم تستبعد تمامًا النظرة العلمية، بل كانت، على العكس، تحمل بذور المرحلة الثانية، مرحلة العقل الخالص،[…] حتى أنّه حاول في أواسط الثلاثينات، أن يعلّل تعليلًا علميًّا الظاهرة التي لاحظها وهي أنّ الأوروبيّ أكثر تمسّكًا بحريته وفرديته من الشرقيّ، فكتب بحثًا ردّ فيه هذه الظاهرة إلى طبيعة التنفس في الهواء البارد والتنفس في الهواء الدافئ أو الحار، ونوع الطعام الضروري[…]هذه المرحلة الأولى لم تتضمن فحسب بذور المرحلة الثانية، بل تضمنت أيضًا بذور المرحلة الثالثة”[4][4].
وهذان العقدان يصفهما إمام بمرحلة العقل الخالص، عمل من خلالهما محمود على تحفيز العقل وإدخاله في لغة العصر، فأخذ يدعو المجتمع إلى تعديل سُلّم القيم والأخذ بالمنهج العلميّ، فالمجتمع العربيّ يعاني من مشكلة حقيقية نابعة من ميله إلى الوجدان على حساب العقل، الذي غاب عن ثقافتنا: “فنحن أمة تفضل القلب على الرأس، وترفع من شأن القلب على الرأس، وترفع من شأن المشاعر والوجدان، وهل هي مصادفة أن تجد منّا ألف شاعر كلما وجدت عالمًا واحدًا”[5][5].
العقدان الأخيران من حياة زكي نجيب محمود تُوِّجت بتعديل طال بنية الفكر الوضعيّ لديه دون التخلي عنه، حيث تنبه إلى ضرورة العودة إلى التراث الإسلاميّ والعمل عليه من أجل إنتاج فلسفة تنطلق من خاصية إسلامية وترتكز على أسس علمية، وقال في هذا الخصوص: “مشكلة المشكلات في حياتنا الراهنة ليست هي: كم أخذنا من ثقافات الغرب، وكم ينبغي لنا أن نزيد؛ إذ لو كان الأمر كذلك لهان، فما علينا عندئذ إلّا أن نضاعف من سرعة المطابع ونزيد من عدد المترجمين، […]وإنّما المشكلة على الحقيقة هي: كيف نوائم بين ذلك الفكر الوافد الذي بغيره يفلت منا عصرنا، أو نفلت منه، وبين تراثنا الذي بغيره تفلت منا عروبتنا أو نفلت منها”[6][6]، لذلك طرح تجديد العقل العربيّ عن طريق يوائم بين الثقافتين الإسلاميّة والغربيّة.
[1][7] أورد زكي نجيب محمود قصة حياته في ثلاثة كتب هي: قصة نفس، وقصة عقل، وحصاد السنين. وكُتبت عنه عدة دراسات تناولت حياته، أبرزها:
[2][8] أنظر: زكي نجيب محمود، في تحديث الثقافة العربية، الطبعة 1، (بيروت، دار الشروق، 1987).
[3][9] زكي نجيب محمود، أفكار ومواقف، ( القاهرة، دار الشروق)، الصفحة 28.
[4][10] إمام عبد الفتاح إمام، رحلة في فكر زكي نجيب محمود، (القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2001)، الصفحتان 36-37.
[5][11] زكي نجيب محمود، ثقافتنا في مواجهة العصر، ( القاهرة، دار الشروق)، الصفحة 72.
[6][12] زكي نجيب محمود، تجديد الفكر العربي، الطبعة 5، (بيروت، دار الشّروق، 1978)، الصفحة 5.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/13130/fekerarabi/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.