by مهدي عز الدين | سبتمبر 20, 2021 8:18 ص
أولًا: الكتاب في سطور.
الكاتب: الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي.
ترجمة وتقرير: علي الهادي مشلب.
الطبعة الأولى.
سنة النشر: 2021م.
دار النشر: دار المعارف الحكميّة.
عدد الصفحات: 135 صفحة.
ثانيًا: قراء في كتاب.
إنّ معرفة الإمام هي مقدّمة ضرورية لتحقق المعرفة بالله، ومن ذلك تكتسب أهميتها وضرورتها في حياة كل إنسان مؤمن، ويصبح من النافل القولُ: كلّما كانت معرفة العبد بإمامه أتمّ، كانت معرفته بربّه أتمّ. وعليه، فعلى الإنسان أن يعمل دائمًا على الارتقاء بهذه المعرفة.
تدور مطالب هذا الكتاب في فلك العنوان المطروح أعلاه، وهو “معرفة الإمام”، وهو يحوي مجموعة دروس عاشورائية لآية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي حول هذه المسألة، كان ألقاها في شهر محرّم الحرام من العام 1442 هـ، فهذه الدروس تعتبر آخر آثار الشيخ العلمية.
كان هذا الكتاب جديدًا في أسلوب طرحه لموضوع معرفة الإمام، فقد اعتمد على الأدلّة العقلية والوجدانية أكثر من اعتماده على الأدلّة النّقلية، مع ما لها من تأثير على المؤمنين. بل فضّل استخدام الأدّلة العقليّة والمنطقيّة، مخاطبًا عقل ووجدان القارئ، مبيّنًا وموضّحًا أفكاره بالأمثلة التي تقرّب الصّورة له. فأظهر مفهوم المعرفة ومراتبها، تأثيرها وطرق الارتقاء بها، باختصار وبشكل إجماليّ، وبطريقة سلسة وشيّقة تناسب من ليس لهم اطلاع على هكذا أمور.
ثالثًا: مضمون الكتاب.
يبدأ آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي الحديث عن مفهوم الزيارة في اللغة وعند النّاس، ويبيّن أبرز مصاديقها، ومراتبها الطّوليّة التي لا تعدّ ولا تُحصى، ويبين عندها بعض المعايير لاختلاف مراتب الزّيارة، وبعضها ما يرتبط بالنّية.
يظهر آية الله اليزدي أن لأدنى مراتب الزّيارة والتي لا يفهم فيها القارئ المعاني التي يقرؤها، مرتبة لها قيمتها ويستحق عليها ثوابًا. ويبيّن تأثيرها على الإنسان، وإن كان بسيطًا، ويوضح ذلك بشكل بسيط وموجز وسهل للفهم. فيصل بك عندها إلى الحكمة من وراء الحث على الزّيارة، وهو الوصول إلى نحو من الارتباط بالمزور، والذي ما هو إلّا مقدّمة أو وسيلة للارتباط بخالق الإمام – أي الله عزّ وجلّ – فالتّوجّه في الزّيارة يكون نحو هويّتهم الحقيقية، وهي محض الارتباط بالله تعالى.
يستهل هنا حديثه في كلام عامٍ بمراتب المعرفة، ثم يخصّ حديثه في مراتب معرفة الإمام، ويبيّن أنّها على قسمين: معرفةٌ بمقامه التّشريعي، ومعرفةٍ بمقامه التّكويني، ويوضحهما. ويظهر لنا أنّ هذه المعرفة تعود على الإنسان بالارتباط بالله تعالى والقرب الإلهي، وثمّة ارتباط وثيقٌ بين مراتبها وما يتفرّع عنها من مراتب الإخلاص ومراتب المحبّة، والتي لو ظفر الإنسان بمثل هذه المحبّة لأهل البيت (ع)، سوف يميل إلى التّشبّه بهم ما أمكن، وأيّ طريق للسّعادة والوصول إلى أعلى المقامات أفضل من هذا؟
يبيّن هنا ما المقصود بالمقام التّكويني، شارحًا لبعض المقدمات المهمة لفهم هذا المطلب، مستفيدًا من الأدلّة العقلية والنّقلية، مستعينًا بالأمثلة التي تقرّب الصّورة للقارئ بشكل مبسط. فلأهل البيت (ع) هذا المقام الرّفيع والعالي الذي يصعب للجميع إدراكه بسهولة، ولكن الذين يوفّقهم الله لإدراك هذه الحقيقة بنحو من الأنحاء لهم الأفضليّة على من سواهم، وكمالهم أكبر من كمال الذين لم ينالوا هذه اللّياقة.
وحيث إنّ مقامات الإمام تقع على قسمين أساسيين هما: المقام التّشريعي، والمقام التّكويني، فإنّ هذه المعرفة تنقسم إلى قسمين. فالارتقاء بالمعرفة بالمقام التّشريعي للإمام يتمّ عبر الرّجوع إلى القرآن الكريم وكلام النّبي الأكرم (ص). أما المقام التّكويني للإمام فيمكن الارتقاء به عبر طريق العقل، وطريق النّقل، وطريق مشاهدة آثار هذا المقام، وهو أفضل الطّرق.
وهنا يفصّل آية الله اليزدي الحديث عن الطريق الأمثل لاكتساب المعرفة بالإمام، وهو طريق مشاهدة آثار هذا المقام، فيبدأ حديثه بضرورة التّمييز بين الكرامة وما سواها من الأفعال الخارقة للعادة، كالإخبار بالغيب وغيرها من الأعمال الخارقة، وضرورة التّنبه لذلك الأمر، والبحث عن الكرامات التي تشكّل دليلًا لا لبس فيه على أنّها صدرت من صاحبها بفضل العناية الإلهية، وعن القصص التي لا واسطة فيها، أو التي تكون واسطتها قليلة جدًا، بحيث نكون مطمئنين لصحتها اطمئنانًا تامًّا.
يبدأ الكلام هنا بالحديث عن الفعل الاختياري للإنسان، الذي يتأثر بـ”المعرفة”، و”الدّافع المحرّك نحو أحد الطّرفين”، ويفصّل في الحديث عنهما. ويتبيّن أنّ العلاقة بين المعرفة والحبّ علاقة من طرفين. فإذا وُجِدَت المعرفة وُجِد الدّافع، وإذا اشتدّ بعدها الدافع اشتدّت المعرفة، وإذا اشتدّت المعرفة اشتدّ الدّافع الذي يمكن أن يصل إلى مرتبة الحبّ. عندها يبيّن آية الله اليزدي العوامل المؤثّرة في تلك الدّوافع.
للحبّ أنحاء مختلفة، فمنها ما كان المؤثّر فيه طبيعيًّا، ومنها ما كان المؤثر فيه نصف اختياريّ، ومنها ما كان المؤثّر فيه اختياريًّا. أمّا الطّرق التي يمكن بها اكتساب هذا “الحبّ الواعي” بالإمام، فنقول إن المعرفة تمثّل العامل الأساسيّ في ظهور هذا الميل الواعي. وأمّا الارتقاء به إلى مرتبة الحبّ ثم العشق فله طريقان:
الطريق الأول: التّوجه نحو المحبوب.
الطريق الثاني: التّفكّر في المحبوب.
يُظهر آية الله اليزدي أنّ المعرفة قد لا تكون مصاحبة للدافع دومًا، وأن الحبّ كذلك قد لا يكون مصاحبًا للمعرفة، ولكن لا يمكن تحقق الحبّ ولو بنسبة ضئيلة دون تحقق المعرفة، وعلى عكس ذلك، فإنه قد توجد المعرفة دون تحقق الحبّ، ويُبيّن عندها أسبابه. ومن الممكن أيضًا أن يحبّ الإنسان الإمام ويعرفه لكن لا بوصفه إمامًا، ولذلك أسباب، منها ما كان تقصيرًا، ومنها ما كان قصورًا، فيتبيّن لنا جزاء ذلك، وبعض متعلقات ذلك الأمر.
في الختام، يبيّن آية الله اليزدي أنّ ضعف المعرفة والحبّ سببٌ لعصيان أمر الإمام واقتراف الذنوب، وعدم سلوك طريق الطّاعة والقيام بالعمل الصّحيح. ويبيّن أيضًا حال الذين خلطوا العمل الصّالح بالعمل السّيء، وما حسابهم وجزاءهم، ويوضّح للقارئ بطلان القول بأن حبّ أهل البيت (ع) وحده يمكن أن يوجب غفران جميع الذنوب، من خلال الدّليل العقليّ والنّقليّ.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/13728/kabasat/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.