الفكر العربي الحديث والمعاصر | أركون قارئًا للتراث الإسلامي
عَمِل أركون على تطبيق منهجيته على التراث الإسلامي عبر الاستراتيجية التفكيكية التاريخية، التي تعمل على إعادة النظر في العناصر المقدسة، فهو وعلى الرغم من إقراره بأنّ النص القرآني هو نصٌ مؤسسٌ للحضارة الإسلامية، إلا أنّه عمل على إعادة النظر في موقعيته عبر الكشف عن آليات تعاليه من خلال إظهار طبيعته اللغوية، وتاريخ تكونه، ومراحل تشكله واستقراره على الصورة التي هو عليها اليوم. واتكأ أركون في هذه النظرة على اعتبار الإسلام جزءًا من الأديان الكتابية الثلاثة بالإضافة إلى اليهودية والمسيحية، وهذه الديانات تتميز بمبتناها النصيّ، الذي يقتضي تقسيمه إلى العناصر التالية:
- النص المؤسس(38): ويتمثل في النصوص الكبرى (توراة، إنجيل، قرآن)، وهي نصوصٌ متعالية على كلّ متغيرات الزمان والمكان: “على كلِّ مناقشة ولا يخضع [النص] للأخذ والرد، إنّه مطلق ولا يناقش”(39)، وهي مقاومة لكلّ أنواع الإسقاط والتلاعب، التي قد تتعرض لها من قبل الفئات التي تتبناها، لذلك هي في جوهرها صامدة على مرّ التاريخ. وتكمن وظيفة النص التأسيسي في صياغته اللغوية، في أن يقول المعنى الصحيح والحقيقي عن الوجود البشري. وتكمن مهمته أيضًا في النص على القوانين الموضوعية والمثالية المقدسة والتي لا يمكن تجاوزها، ويطلب من المؤمن ضرورة التقيد بهذه القوانين من أجل الحفاظ على وجوده داخل المعنى الصحيح والحق”(40).
- النص الفرعي(الثانوي): وهو عبارة عن تأويل للنص المؤسس، وهو بمثابة الحكايات التدشينية للأمة والجماعة، عبر التأويلات التي يقوم بها الفاعلون الاجتماعيون المفعمون بتصورات وحاجيات متغيرة(41)، فالمقصود بالنصوص الفرعية كلّ نص ما عدا النص الأول. بالتالي هي تعكس مختلف أنواع الإسقاط والتلاعب والقراءات اللاحقة على المعنى الأصلي، فهي إذًا عبارة عن أفهام متعددة للنص الأصلي، قامت بها مجموعة من الفاعلين لخدمة رهاناتها الدنيوية والسياسية.
ويُضاف إلى هذين النوعين من النصوص النص الرسمي المغلق، الذي هو عبارة عن المرحلة الشفهية كما انبجست في لحظة الوحي، وفي هذا القسم من البحث، سنقوم بعرض جملة من الموضوعات التي أسهمت في تكوين هذه النظرة للنص منها: الوحي، والقرآن… اتبع الرابط لقراءة المزيد: أركون قارئًا للتراث الإسلامي- الدكتور أحمد ماجد
المقالات المرتبطة
الديمقراطية القدسية
أولًا: فكرتا الانسجام أو عدم الانسجام بين الدين والديمقراطية، منوطتان تمامًا بتعريف “الدين” و”الديمقراطية” من جهة
الفكر العربي الحديث والمعاصر | قراءة غورية في فكر زكي نجيب محمود وشخصيته (5)
آثر فيلسوفنا الأديب على أن يبدأ مذكراته بالحديث عن “تغريدة البجع”، وسوّغ اختياره بقوله: “هو عنوان ينطوي على دلالة غنية بمضموناتها.
فلسفة الترك
أن تترك شيئًا ما، هو أن تعلن أنّك بحاجة إليه، لأنّ مدار الترك يشي بالاحتياج، فلو لم تكن بحاجة إليه لما تركته، لأنّ الترك بحدّ ذاته يستبطن الحاجة إلى شيء ما، والإرادة الذاتية على الاستغناء عنه ولو لفترة وجيزة. يعلن الترك في مدياته أن للإنسان إرادة على مقاومة الحاجة