الفكر العربي الحديث والمعاصر | منهجية الجابري في قراءة التراث الإسلاميّ
قدم الجابري رؤية خاصة للتراث العربيّ – الإسلاميّ، واعتبره يمتلك خصوصية ذاتية كونه حاضر فينا، فهو: “جزء من انشغال الإنسان بذاته”[1]، لا يمكن إغفاله أو التعاطي معه بسطحية، كما لا يمكن التسليم له بشكل أعمى دون إخضاعه للفحص، وعلى هذا الأساس دعا إلى مقاربة جديدة له، تقوم على أسس علمية، يلتزم من خلالها الباحث: “أكبر قدر من الموضوعية وأكبر قدر من المعقولية”[2]. على هذا الأساس رفض التوجهات المعاصرة في قراءة التراث، فتلك التي تنادي بقبول التراث جملة وتفصيلًا: “دعوة لا تاريخية غير منتجة، وكلّ ما يمكن أن تفعل هو أن تجعل ماضينا منافسًا لحاضرنا باستمرار، الشيء الذي قد يصنع منا كائنات تراثية لا كائنات لها تراث… [و] أولئك الذين يقفون من التراث موقف الرفض الكامل … هؤلاء مستلبون، لأنّهم عندما يرفضون تراثهم العربيّ يقبلون قبولًا غير واعٍ تراثًا آخر يأخذون منه منظومتهم”[3].
فالجابري، يريد قراءة جديدة للتراث، تمتاز بالمعاصرة بمعنيين، الأول يعمل على جعل النصّ معاصرًا لنفسه ومعاصرًا لنا، وهذه مشكلة كبيرة، حيث نجدّ الإنسان العربي مؤطرٌ في تراثه، حيث: “إنّ التراث يحتويه احتواء يفقده استقلاله وحريته… فعندما يقرأ القارىء العربيّ نصًا من نصوص تراثه يقرأه متذكرًا لا مكتشفًا ولا مستفهمًا”[4]، فالتراث يحتويه، يجعله غير قادر على إنتاج ما يتلاءم مع واقعه الذي يعيش فيه: “يعيش تحت ضغط الحاجة إلى مواكبة العصر، والعصر يهرب منه، إلى مزيد من تأكيد الذات، إلى حلول سحرية لمشاكله العديدة المتكاثرة، ولذلك تجده على الرغم من أنّ التراث يحتويه، يحاول أن يكيف احتواء التراث له بالشكل الذي يجعله “يقرأ” فيه ما لم يستطع بعد إنجازه، أنّه يقرأ كلّ مشاغله في النصوص قبل أن يقرأ النصوص”[5]، فيسقط نفسه على النص ليقول ما يريده منه. وهذا الأمر يفترض فصل الذات عن الموضوع، لكي نصل إلى فهم جديد للتراث لا تؤسسه المسبقات التراثية أو الرغبات الخاصة.
المعنى الثاني للمعاصرة، يتمثل في جعل النص معاصر لنا على صعيد الإشكالية والمحتوى المعرفي والمضمون الأيديولوجي، ومن هنا معناه بالنسبة إلى محيطه بمعنى أنه ينبغي دراسة نصوص التراث كما هي معطاة لنا، وإبعاد جميع أنواع الفهم السابقة أي إرساء القطيعة الإبستمولوجية مع القراءات السابقة للتراث، ودراسة فكر صاحب النص في ضوء ارتباطه بزمنه التاريخي، والكشف عن الوظيفة الأيديولوجية التي كان الفكر المعني يطمح إلى أدائها داخل الحقل المعرفيّ: “الكشف عن المضمون الأيديولوجيّ لفكر ما هو الوسيلة الوحيدة لجعله فعلًا معاصرًا لنفسه، مرتبطًا بعالمه”[6].
إذًا يدعو الجابري إلى قراءة جديدة ومعاصرة للتراث، تعمل على تلافي ما وقعت به الدراسات السابقة، وتسمح له بدخول الحداثة، التي لا تعني: “في نظرنا[…] القطيعة مع الماضي بقدر ما تعني الارتفاع بطريقة التعامل مع التراث إلى مستوى ما نسميه بـ “المعاصرة” أعني مواكبة التقدم الحاصل على الصعيد العالمي”[7]؛ ما يعني حداثة في المنهج والرؤية والهدف، توصل الإنسان إلى تجديد تصوره للعالم دون القطع مع التراث الذي ينتمي إليه.
وعلى هذا الأساس يأخذ الجابري المنهج التحليلي أو التفكيكي “الذي يفكك العلاقات الثابتة في بنية ما بهدف تحويلها إلى لا بنية، إلى مجرد تحولات. وهذا يندرج تحته كما هو واضح، تحويل الثابت إلى متغيّر، والمطلق إلى نسبيّ، واللاتاريخيّ إلى تاريخيّ، واللازمنيّ إلى زمنيّ”[8]، وهذا الإجراء المنهجيّ، يسمح بدخول القارىء إلى التراث في العصر الذي يعيش فيه، الأمر الذي يسمح له بتوظيفه، وفي إغناء ذاته أو حتى في إعادة بنائها، ومنه إعادة وصل التراث به، ليكون موضوعًا قابلًا لأن يمارس فيه وبواسطته عقلانية تنتمي إلى عصره، مما يجعله قادرًا على أن “[يـ] تحرر من سلطته و[يـ]مارس…سلطت[ه] عليه” [9]، وبهذا يحقق هدفه في جعله حاضرًا ومعاصرًا له.
وهذا التوجه المنهجي الذي اعتمده الجابري، لا يعني اللجوء إلى نظام إقفال، فأثناء العمل، قد يحتاج الباحث إلى استخدام مناهج أخرى يفرضها الموضوع أو الهدف، فعند ذلك لا بد من اللجوء إليها أو إبداع مناهج جديدة تحقق الغاية، ولا يقف عند هذا الحدّ، إنّما يدعو إلى استعارة مفاهيم من خارج الإطار الفلسفي لفهم النصوص، يقول حول ذلك: “سيلاحظ القارئ أننا نوظف مفاهيم تنتمي إلى فلسفات أو منهجيات أو “قراءات” مختلفة متباينة، مفاهيم يمكن الرجوع ببعضها إلى كانط أو فرويد أو باشلار أو ألتوسير أو فوكو بالإضافة إلى عدد من المقولات الماركسية … القارئ المتمرس بهذه الفلسفات والمنهجيات سيلاحظ… أننا لا نتقيد في توظيفنا لتلك المفاهيم بنفس الحدود والقيود التي تؤطرها في إطارها المرجعي الأصلي، بل كثيرًا ما نتعامل معها بحرية واسعة، وإننا واعون بهذا تمام الوعي… ذلك لأننا لا نعتبر هذه المفاهيم قوالب نهائية، بل فقط أدوات للعمل يجب استعمالها في كل موضوع بالكيفية التي تجعلها منتجة.[10]”
انطلاقًا من هذه المقدمات، أخذ الجابري بوضع مشروعه لقراءة التراث العربيّ الإسلاميّ، وأخذ يضع القواعد الأساسية له، والتي من الممكن تلخيصها بالخطوات التالية:
أ- القراءة الموضوعية للتراث: ويرى الجابري أن هناك حاجة لفهم التراث من التراث، وهذا الأمر لا يتمّ إلا من خلال مقاربة موضوعية، تسعى إلى فصل الذات عن الموضوع، فهذه العملية ضرورية، تتمكن من خلالها الذات من استرجاع فاعليتها الحرة، لتشرع في بناء الموضوع من جديد وفي أفق جديد، ومن خلالها يسترجع الباحث استقلاله وشخصيته، ولكي نصل إليها، يجب أن نمر بثلاث خطوات:
أ-1: المعالجة البنيوية: ويُقصد بها الانطلاق في دراسة التراث من التراث، كما هي معطاة لنا، إن هذا يعني ضرورة وضع جميع أنواع الفهم السابقة لقضايا التراث بين قوسين والاقتصار على التعامل مع النصوص كمدونة: “ككل تتحكم فيه ثوابت ويغتني بالتحولات التي يجريها عليها حول محور واحد. يتعلق الأمر أساسًا بمحور فكر صاحب النص حول إشكالية واضحة، قادرة على استيعاب جميع التحوّلات التي يتحرك بها ومن خلالها… بحيث تجد كل فكرة من أفكاره مكانها الطبيعيّ داخل هذا الكلّ… إنّ العملية ليست سهلة، ولكن الحرص على ربط أفكار صاحب النص بعضها ببعض، والانتباه إلى طريقة التعبير لديه، واستحضار مخاطبه، كلّ ذلك يجعل المهمة أقلّ صعوبة وأقرب منالًا”[11].
أ- ب: التحليل التاريخي: و”يتعلق الأمر أساسًا بربط فكر صاحب النص والذي أُعيد تنظيمه بمجاله التاريخيّ بكل أبعاده الثقافية والسياسية والاجتماعية”[12]. إنّ هذه الخطوة تعتبر جد مهمة وذلك من أجل اختيار صحة المعالجة البنيوية، كما إنها تبدو ضرورية من أجل الوصول إلى الفهم التاريخيّ للفكر، حيث: “إن التوقف عند الإمكان التاريخيّ يجعلنا على بينة مما يمكن أن يتضمنه النص، وما لا يمكن أن يتضمنه، وبالتالي يساعدنا على التعرف على ما كان في إمكانه أن يقوله ولكنه سكت عنه”[13].
أ-ج: الطرح الأيديولوجي: ويُقصد به: “الكشف عن الوظيفة الأيديولوجية (الاجتماعية والسياسية) التي أدّاها الفكر المعني، والذي ينتمي إليه”[14]. وهذا الطرح يسهم في الكشف عن المضمون الأيديولوجي للنص التراثيّ، هو الوسيلة الوحيدة لجعل النص معاصرًا لنفسه مرتبطًا بعالمه.
ب- القطع الإبستمولوجيّ مع التراث: يقوم الجابري في “بنية العقل العربيّ” بتحديد مفهوم “العقل العربي” معتمدًا على التمييز الذي أقامه لالاند Lalande بين العقل المكوِّن (بكسر الواو(، أو الفاعل والعقل المكوَّن (بالفتح)، أو السائد. العقل الأول هو نشاط فكر الفرد البشريّ الذي يصوغ المفاهيم ويقرر المبادىء، أما العقل الثاني، فهو العقل المتغيّر، الذي يوجد في حقبة زمنية معينة، ويمثل ثقافتها. والعقل المكوِّن لا يفترق عن العقل المكوَّن، فهو في علاقة تأثر وتأثير به.
وبعد هذا الكلام ينتقل الجابري إلى دراسة التراث ومعاينة كيفية تطوره، ثم يكشف، من خلال تتبعه مراحل تكوين العقل العربي، عن جميع أنواع المعارف في الثقافة العربيّة الإسلاميّة التي تصنف إلى ثلاثة أنظمة “النّظام المعرفي البياني” من نحو وفقه وكلام وبلاغة -وهو أوّل نشاط علميّ مارسه العقل العربي قبل أن يدخل في حوار مباشر مع الموروث- و”النّظام المعرفي العرفاني” من “تصوف، وفكر شيعيّ، وفلسفة إسماعيليّة، وتفسير باطني للقرآن، وفلسفة إشراقية، وكيمياء وتطبّب وفلاحة ونجومية وسحر وطلسمات وعلم وتنجيم… وقد سمى هذا النظام المعرفيّ بـ “اللامعقول العقلي”، وأخيرًا “النّظام المعرفي البرهاني” من منطق ورياضيات وطبيعيات بفروعها المختلفة، وإلهيات، بل وميتافيزيقا، وقد سمى هذا النظام المعرفيّ بـ “المعقول العقلي”[15]، و هذا الأخير وصل متأخرًا بعد أن ترسخت مفاهيم وآليات النظامين السابقين.
ويعتبر “محمد عابد” أنّ العلوم الإسلاميّة نمت في واقع ثقافيّ، تقوم حركته على الاعتماد والاهتزاز بدل من النقلة، إنّها: “حركة اصطدام وتداخل بين النظم المعرفية الثلاثة المؤسسة لها، وليست حركة نقلة (أي حركة يتمّ الانتقال بها من مرحلة إلى أخرى ويتجاوز بفضلها اللاحق السّابق: ينفيه ويلغيه بعد أن يحتفظ منه بما يقبل الحياة والتجدد). وهذا يعني أنّ الثقافة العربية الإسلامية قد ظلت تعيد إنتاج نفسها منذ عصر التدوين. باستثناء التجربة الأندلسية”[16]. ما يريد أن يقوله الجابري: إنّ العقل الإسلاميّ بقي سجينًا لإنتاج عصر التدوين في القرن الثاني وصولًا للحاضر، باستثناء الأندلس، بالتالي لا بد من عصر تدويني جديد مهمته إعادة كتابة مكونات الثقافة الإسلامية مع الاحتفاظ بالعناصر المشرقة المتمثلة في ابن رشد، وابن خلدون، والشاطبي، وابن تيمية…
واستنادًا لهذا نجد الجابري لا يدعو إلى القطيعة مع التراث بالمعنى اللغوي الشائع، وإنّما أن يتخلى ويقطع مع الفهم التراثي السابق للتراث، أي التحرر من الرواسب التراثية في عملية فهم التراث: “إنّ المقروء هو تراثنا نحن، فهو جزء منا “أخرجناه” من ذواتنا لا لنلقي به هناك بعيدًا عنّا، لا لنتفرّج فيه تفرج الأنتربولوجي في منشآته “الحضارية” أو “البنيوية”، ولا لنتأمله تأمل الفيلسوف لصروحه الفكرية المجردة… بل فصلناه عنا من أجل أن نعيده إلينا في صورة جديدة، من أجل أن نجعله معاصرًا لنا”[17].
إنّ ما يدعو إليه الجابري هو التحرر من الرواسب التراثية في فهم التراث، وعلى رأسها: “القياس النحوي- الفقهي- الكلاميّ في صورته الآلية اللاعلمية التي تقوم على ربط جزء بجزء ربطًا ميكانيكيًّا، والتي تعمل بالتالي، على تفكيك الكل وفصل أجزائه في إطارها الزمانيّ – المعرفيّ- الأيديولوجي”[18]. فالقياس على هذا النحو والفصل بين الأجزاء والكل الذي ينتمي إليه، فقد يؤدي بالضرورة إلى نقل هذه الأجزاء إلى الكل الآخر، إنه: “الحقل الذي ينتمي إليه المستعمل لذلك القياس، مما ينشأ عنه تداخل بين الذات والموضوع قد يؤدي إما إلى تشويه الموضوع، وإما انخراط الذات فيه انخراطًا غير واع، والغالب أن يحصل الاثنان معًا. عندما يكون الموضوع هو التراث فالنتيجة هي اندماج الذات فيه”[19].
وبعد الكلام السابق، يأخذ الجابري الموضوع باتجاه ابن سينا وابن رشد، ويجعل الأول يعيش في عصر الانحطاط، وأنّه قام بتكريس فلسفته المشرقية اتجاهًا روحانيًا غنوصيًا كان له أبعد الأثر في ردة المفكر العربي الإسلامي وارتداده من العقلانية المنفتحة التي حمل لواءها المعتزلة والكندي، وبلغت أوجها مع الفارابي إلى العقلانية الظلامية القاتلة، وهذا الهجوم على ابن سينا، يحمل في طياته أبعاد أيديولوجية، وإن دعا هذا المفكر إلى ضرورة إخراجها من الدراسات الفلسفية إلا أنّه عاد واستخدمها في مواجهته مع هذه الشخصية، حين اعتبر أنّ مشكلة ابن سينا، تتمثل في المحمولات الأيديولوجية لمشروعه الفلسفيّ، حيث يعتبر: “الفلسفة المشرقية السينوية، إذن، إحدى تجليات الوعيّ القوميّ الفارسيّ، ولكن الحيّ دومًا، المتطلع إلى استعادة نفسه باستمرار، وبكبرياء. لقد عبّر ابن سينا عن جانب الهزيمة في هذا الوعي عندما أعلن عن اضطراره إلى مراعاة جانب الشركاء في الصناعة في مؤلفاته الفلسفية التعليمية، لأن الشركاء هؤلاء كانوا بالفعل أصحاب الصناعة الحقيقيين. وعبر عن جانب العودة والكبرياء في نفس الوعي عندما لم يتردد في تحقير مشائي عصره والتشهير بهم”[20].
فالجابري كما نرى يزجّ الفلسفة في آتون الصراع، ويعمل ومن منطلق أيديولوجيّ إلى إيجاد نقيض أو عدو للحضارة العربية، يتمثل في العنصر الفارسيّ الذي ينتمي إليه ابن سينا، ويقوم بتحميله ما لا يمكن أن يحمّل إلا إذا أراد أن يبني منظورًا قوميًّا شوفينيًّا، يؤسس على نفس الأسس التي بُنيت عليها الصهيونية، والتي تقول إنّ القومية اليهودية تقوم على أساس التناقض مع الآخر، وهذا الموضوع لا يغيب عن وعيه، يقول: “كلنا نعرف أنّ العرب حاملي الدعوة الإسلامية هزموا الفرس عسكريًا، ولكنّهم لم يهزموهم ثقافيًا ولا حضاريًا. لقد بقيت فيهم النعرة القومية -حتى بعد أن أسلموا وحسن إسلامهم حيث تكشف عن نفسها من خلال جميع الصراعات والثورات التي عرفها المشرق العربيّ منذ الصراع بين علي ومعاوية إلى ثورة أبي مسلم الخراساني المؤسس الفعلي للدولة العباسية، إلى ثورة الزنج وثورات القرامطة، إلى اكتساح البويهيين لبغداد. هذا على الصعيد الاجتماعيّ والسياسيّ، أما عن الساحة الثقافية والأيديولوجية فلقد تبلور هذا الصراع في مظاهر كثيرة: في حركة شعوبية في علم الكلام، في المناظرات العلمية والثقافية”[21].
وحتى في خياراته للنافع في النهوض الحضاري، جعله بما يتوافق مع هذه الرؤية، حيث جعل ابن حزم قاعدة أساسية، وهو في هذا الموضع، يحدد سبب اللجوء إليه: “طليعة الحزب الأموي الذي يغالب الأحداث، ويصارع الحموديين بهدف إعادة الحكم للأمويين، وقد تمكن بالفعل من تنصيب خلفاء منهم، استوزر ابن حزم لبعضهم، ومن بينهم الخليفة المعتمد آخر خلفاء بني أمية في الأندلس (خلع سنة 422). إنّ ظاهرية ابن حزم، إذن كانت موقفًا سياسيًّا، لا بل إنّها كانت بمثابة إعلان نضالي للمشروع الأيديولوحي الذي كان يختمه في الأندلس ليكون السلاح النظري الذي تواجه به الدولة الأموية هناك خصميها التاريخيين: الفاطميين في مصر والعباسيين في بغداد”[22]، فالهدف هو تثبيت النقيض، الذي وجده في القطاع المغربي من الفلسفة العربية الإسلامية، فلجأ إليه وأخذ يوظفه أيديولوجيًا في سبيل تحقيق هدفه.
نصل في النهاية إلى أنّ الجابري، استخدم المناهج المعاصرة في قراءة التراث الإسلاميّ، وهو عمل على تثميرها في سبيل تحقيق أهداف أيديولوجية، لذلك كان انتقائيًا في خياراته، وهو وإن ادعى إلى الفصل بين الذات والموضوع، ودعا إلى جعل التراث يقرأ من التراث إلا أنّه عاد وقدم لنا منهجية ذاتية في قراءة التراث، تتحكم بها الآليات الأيديولوجية والمذهبية. وهذا ما سنتايعه من خلال متابعة دراسة هذا المفكر.
[1] محمد عابد الجابري، التراث الحداثة، مصدر سابق، الصفحتان 45و 46.
[2] المصدر نفسه، الصفحة 47.
[3] محمد الشيخ، محمد عابد الجابري، مسارات مفكر عربي، مصدر سابق، الصفحة 20.
[4] محمد عابد الجابري، نحن والتراث، مصدر سابق، الصفحة 23.
[5] المصدر نفسه، الصفحة 23.
[6] محمد عابد الجابري، نحن والتراث، مصدر سابق، الصفحة 24.
[7] محمد عابد الجابري، التراث الحداثة، مصدر سابق، الصفحتان 15-16.
[8] المصدر نفسه، الصفحتان 47-48.
[9] المصدر نفسه، الصفحة 47.
[10] محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر، مصدر سابق، الصفحة14.
[11] محمد عابد الجابري، نحن والتراث، مصدر سابق، الصفحة 24.
[12] المصدر نفسه، المعطيات نفسها.
[13] المصدر نفسه، الصفحة 24.
[14] – المصدر نفسه، المعطيات نفسها.
[15] محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، مصدر سابق، الصفحة 313.
[16] المصدر نفسه، الصفحة 334.
[17] محمد عابد الجابري، نحن والتراث، مصدر سابق، الصفحة 23.
[18] محمد عابد الجابري، نحن والتراث، مصدر سابق، الصفحة 21.
[19] المصدر نفسه، المعطيات نفسها.
[20] محمد عابد الجابري، نحن والتراث، مصدر سابق، الصفحة158.
[21] محمد عابد الجابري، نحن والتراث، مصدر سابق، الصفحة 125.
[22] محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، مصدر سابق، الصفحة 301.
المقالات المرتبطة
أزمــة الإبـداع الموصـول عند طـه عبد الرحمن القراءة الحداثية للنص القرآني أنموذجًا..
تثير الدراسات الحداثية للنص القرآني، الكثير من ردود الفعل، من قبل الباحثين الذين تصدوا لها، إما إقصاءً، أو تبنيًا مطلقًا،
إدارة المؤسسة الكونية بعين اللانظم
هذا المقال أقدّمه كقراءة – أخرى – لبرهان النظم (أو ما يطلق عليه التصميم الذكي المطروح في البحوث الخاصة بفكرة التطور الدارويني، الذي يقابل الانتقاء الطبيعي
الجهاد في القرآن
ممّا لا يختلف عليه اثنان أن الإسلام العزيز أعطى للجهاد أهميّةً خاصّة، وأسّس لإصطلاح محدّد في مقام التعبير عن ضرورة القتال وحمل السلاح وخوض المعارك في سبيل تثبيت أركان الدين والدفاع عنه،