مصطلحات عرفانية | الجزء الثامن

by الشيخ حسن بدران | ديسمبر 24, 2021 12:28 م

أناب

– الإنابة في اللغة الرجوع. وفي اصطلاحات العرفاء لها مراتب بحسب مقامات السالكين؛ ففي البدايات هي الرجوع إلى الحق بالوفاء بعهد التوبة، وفي مقام آخر الاستغراق في بحار سبحات الجمال والانقطاع عن الأغيار لهتك أستار الجلال، ثم في مقام آخر اللياذ بنور أحدية الذات من استيلاء سلطنة أنوار كثرة الصفات، ثم في النهايات الاضمحلال في عين جمع الوجود عن رسم التعين بمحض الشهود (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 409).

– منيب: من أنابه الله؛ أي أرجعه الله تعالى إلى جنابه ورخصه للدخول في بابه (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 462).

– سبيله واضح للمنيبين: إذ لم يقع بينه وبينهم سد وحاجز وجودي سوى عدم الطلب الحقيقي وعدم التأهب والتشمر لسلوك سبيله بالعزم الصميمي وهما عدميان والفرض الطلب والإنابة، وهذا الباب وهذا السبيل لا أقرب منهما بعد الحق إليهم، فإن الباب باب القلب والسبيل هو النفس الناطقة التي هي أكبر حجة الله على خلقه، وهي الصراط المستقيم إلى كل خير مضافًا إلى الإدلاء على الله الذين هم أبواب الرحمن وأعلامه الهداة، فإنهم كانوا دائمًا منصوبين لهداية الخلق مكملين لطلاب الحق، وكيف لا يكون الباب مفتوحًا والسبيل واضحًا وقد قال الحكماء والعرفاء الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق. وقال صلى الله عليه وآله: لا تفضلوني على يونس بن متى فإن معراجي إلى السماء ومعراجه إلى الماء. والخطوط إلى المركز واصلة والركب الحجيج من كل درب وطريق ومن كل فج عميق في أم القرى نازلة، فكل أمرئ في شأنه من شأنه الوصول ولكن بشرط الطلب والوغول، وأن يكون الطالب في كل أمر على أو دنى ينظر إلى وجهه إلى الحق من طرف خفي، ولذا كان الأعمال مشروطة بالنيات والنيات منوطة بالقربات، ولولاها كانت صورًا بلا معنى وإن كانت كنحر قرا بين أنفسهم الحيوانية بمنى ومعها كانت معاني محضة وأرواحًا صرفة، وإن كان كأدنى أدنى حرفة، ولذا ورد من الأئمة (ع) المدح والذم في كثير من الحرف عمومًا أو خصوصًا كإطلاق الكاسب حبيب الله وكلب اليهود خير من أهل السوق، وكخصوص المتاجر المذكورة في الكتب الفقهية، وما ورد فيه الذم فحسب فلكونه مما يكثر فيه العثور ويصعب فيه المقام لأنه من مزال الأقدام لا لأنه لا يمكن التوصل به في نفسه إلى الحق بوجهه إلى الحق أينما تولوا فثم وجه الله (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 660).

أنس

– الأنس ظهور الجمال الإلهي في النشأة الإنسانية. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 67).

– للأنس مراتب في البدايات، الأنس بالطاعات وفي الغايات، الأنس بالتجليات الأسمائية في المرتبة الواحدية، والأنس بنور جمال الذات المشرق من وراء حجب الصفات (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 204).

 

إنسان

الإنسان الكامل

– المسمى بالإنسان الكبير. (الأسرار، آملي، الصفحة 179).

– المتحقق بالحضرة الواحدية. (الأسرار، آملي، الصفحة 179).

– العالم كله قائم بحقيقة الإنسان الكامل، والأفلاك تدور بأنفاسه. (الأسرار، آملي، الصفحة 10).

– الإنسان يحصل له من الإنسانية بقدر ما يحصل له من العبادة التي لأجلها خلق. فمن قام بالعبادة حق القيام، فقد استكمل الإنسانية ومن رفضها فقد انسلخ من الإنسانية، فصار حيوانًا أو دون الحيوان. (الأسرار، آملي، الصفحة 376).

– قال الله تعالى: ﴿ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين﴾، وهذا بحسب القوس النزولي، ويدل على الكينونة السابقة قبل عالم الطبيعة كما هو المحقق عندهم، والرد من أعلى عليين إلى أسفل السافلين لا يمكن إلا بالعبور على المنازل المتوسطة؛ فمن حضرة الواحدية والعين الثابت في العلم الإلهي تنزل إلى عالم المشيئة، ومنه إلى عالم العقول والروحانيين من الملائكة المقربين، ومنه إلى عالم الملكوت العليا من النفوس الكلية، ومنها إلى البرازخ وعالم المثال، ومنها إلى عالم الطبيعة بمراتبه إلى أسفل السافلين الذي هو عالم الهيولى، وهو الأرض الأولى، وباعتبار هو الأرض السابعة والطبيعة النازلة. وهذا غاية نزول الإنسان. ثم تدرج في السير من الهيولى التي هي مقبض القوس إلى أن دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى. فالإنسان الكامل جميع سلسلة الوجود وبه يتم الدائرة، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو الكتاب الكلي الإلهي.. فهو بالوجود التفريقي وباعتبار التكثر فرقان، كما ورد أن عليًّا فيصل بين الحق والباطل، وباعتبار الوجود الجمعي قرآن. (السحر، خميني، الصفحة 55).

– اعلم أن الإنسان الكامل هو مثل الله الأعلى وآيته الكبرى وكتابه المستبين والنبأ العظيم، وهو مخلوق على صورته ومنشأة بيدي قدرته وخليفة الله على خليقته ومفتاح باب معرفته من عرفه فقد عرف الله وهو بكل صفة من صفاته وتجل من تجلياته آية من آيات الله. (السحر، خميني، الصفحة 56).

– إن الإنسان الكامل لكونه كونًا جامعًا وخليفة الله في الأرضين، وآية الله على العالمين كان أكرم آيات الله وأكبر حججه، كما عن مولانا وسيدنا أمير المؤمنين أو عن سيدنا الصادق عليهما الصلاة والسلام: إن الصورة الإنسانية أكبر حجج الله على خلقه، وهي الكتاب الذي كتبه بيده، وهي مجموع صورة العالمين. إلى آخر الكلام على قائله الصلاة والسلام. (السحر، خميني، الصفحة 147).

– حظ الملائكة من التوحيدات الثلاثة والتنزيه ليس كحظ الإنسان الكامل في جميع المقامات؛ بل لكل منها مقام معلوم لا يتجاوزه. (مصباح، خميني، الصفحة 136).

– الإنسان الكامل له أحدية الجمع للأسماء والأعيان، وبهذا المقام له مظهرية الحضرة الأحدية الجامعة وله مقام الكثرة التفصيلية وبه يكون مظهرًا للحضرة الواحدية. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 68).

الإنسان الكبير

– هو من حيث باطنه وروحه مظهر اسم الله. ومن حيث ظاهره وجسمه مظهر اسم الرحمن. ومن حيث نفسه مظهر اسم الرحيم. (الأسرار، آملي، الصفحة 557).

– اسم العقل والعالم والنور على حقيقة واحدة التي هي حقيقة الإنسان الكبير. (الأسرار، آملي، الصفحة 347 ).

الإنسان الصغير

– اسم الفؤاد والقلب والصدر على حقيقة الإنسان الصغير. (الأسرار، آملي، الصفحة 347).

الإنسان الكون الجامع

– لكل مخلوق سوى الإنسان حظ من بعض الأسماء دون الكل، كحظ الملائكة من اسم السبوح والقدوس؛ ولذلك قالوا: ﴿نَحْنُ نُسَبحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدسُ لَكَ﴾. وحظ الشيطان من اسم الجبار المتكبر؛ ولذلك عصى واستكبر، وحظ الحيوانات من اسم السميع والبصير والحي والقدير وأشباهها، وحظ النار من القهار، والهواء من اللطيف، والماء من النافع، والأرض من الصبور، والأدوية السمية من الضار، والدنيا من الأول، والآخرة من الآخِر، إلى غير ذلك. واختص الإنسان بالحظ من جميع الأسماء؛ ولذلك أطاع تارة وعصى أخرى: ﴿خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيئًا﴾. ومن هنا قال تعالى: ﴿وَعَلمَ آدَمَ الأسماء كلها﴾. أي ركب في فطرته من كل اسم من أسمائه المتقابلة المنقسمة إلى الجمالية والجلالية المعبر عنهما باليدين في قوله تعالى: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَي﴾. (عين اليقين، الفيض، 1: 374).

– المركب العنصري لما استوفى درجات المعدن والنبات والحيوان بما هو حيوان، وصفا مزاجه وقرب من الاعتدال جدًّا، فتخطى خطوة أخرى إلى جانب القدس، إن كان من أهل السلوك إلى الله على صراط الله، بأن يكون ناقصًا ضعيف الفعلية كبعض الصبيان ممن يكون لهم نفوس حيوانية ضعيفة، ولم يصيروا أناسًا بعد، فيتقرب إلى الله سبحانه بالتوجه إليه توجهًا طبيعيًّا، فيتقرب الله إليه ضعف تقربه كما هو سنته تعالى فيفيد له صورة كمالية ناطقة، بأن يبدل صورته الناقصة بصورة كاملة ذات نفس ملكوتيه ناطقة، مستخدمة لسائر القوى النباتية والحيوانية، فيصدر عنها ببساطتها كل ما يصدر من النبات والحيوان بما هو حيوان، ويزيد عليه بأفعال مختصة بها، فيوكل الله تعالى بها مع تلك الملائكة التي كانت له أولًا ملائكة أخرى أرفع درجة منهم، بها يدرك الكليات مجردة عن المواد أصلًا إدراكًا زائدًا على إدراك سائر الناس، ويحصل له ملكة المراجعة إلى عالم القدس، والتوصل إلى معرفة حقائق الأمور من هناك، أو بالفكر والروية باقتناص المجهولات العقلية من المعلومات، وهذا هو الإنسان بما هو إنسان. (عين اليقين، الفيض، 2: 262).

– الإنسان هو الكون الجامع لجميع المراتب العينية والمثالية والحسية، منطو فيه العوالم الغيبية والشهادية وما فيها، كما قال الله تعالى: ﴿وعلم آدم الأسماء كلها﴾. وقال مولانا ومولى الموحدين صلوات الله عليه على ما نقل: أتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر. فهو مع الملك ملك، ومع الملكوت ملكوت، ومع الجبروت جبروت. فهو خليفة الله على خلقه، مخلوق على صورته، متصرف في بلاده، مخلع بخلع أسمائه وصفاته، نافذ في خزائن ملكه وملكوته، منفوخ فيه الروح من الحضرة الإلهية، ظاهره نسخة الملك والملكوت وباطنه خزانة الحي الذي لا يموت. ولما كان جامعًا لجميع الصور الكونية الإلهية كان مربى بالاسم الأعظم، المحيط لجميع الأسماء والصفات، الحاكم على جميع الرسوم والتعينات. فالحضرة الإلهية رب الإنسان الجامع الكامل. (السحر، خميني، الصفحة 8).

– فهو بوحدته واجد لجميع مراتب الغيب والشهادة وببساطة ذاته جامع لكل الكتب الإلهية.. ليس من الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد. (السحر، خميني، الصفحة 147).

إنية

– إثبات الإنّية وإن كان من أعظم الخطايا، كما قيل: “وجودك ذنب لا يقاس به ذنب”، وقيل: (بيني وبينك إني ينازعني فارفع بلطفك إني من البين). إلا أنه لما كان “حسنات الأبرار سيئات المقربين”، حيث كان دائرة التكليف يدور على مركز العقل، ورحاه يتحرك على قطب العلم، وفي كلّ بحسبه، فكل من كان أعقل كان تكليفه أشكل، وكل من كان أجهل كان تكليفه أسهل؛ كما قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿يا نساء النبي لستن كأحد من النساء﴾، فهو لا بد منه في بدو الأمر؛ إذ “المجاز قنطرة الحقيقة”. ومعلوم أنه بعد الوصول إلى كعبة المراد يصير الاشتغال بالمزاد وبالًا، والوصول لا يتيسر لسانًا فقط، بل حالًا ومقامًا وعلمًا وعينًا وحقًّا. فالداعي الحقيقي ينبغي أن يشير بـ (أنا) و(إني) وأمثالهما إلى نفسه بما هو عبده ومضاف إليه وموجود به، لا بما هو نفسه؛ لأنه من هذه الجهة باطل. (شرح الأسماء، سبزواري، الصفحة 47).

– ما كان منافيًا لمقام السالك إلى الله تعالى إثبات الاستقلال والاستغناء؛ كتسمية أنتم في قوله تعالى: ﴿إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم﴾، وأما إثبات الأنانية في مقام التذلل وإظهار الفقر فليس مذمومًا، بل ليس من إثبات الأنانية، نظير أنتم في قوله: ﴿يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله﴾. (السحر، خميني، الصفحة 9).

– في هذين السفرين [الأولين] لو بقي من الأنانية شيء يظهر له شيطانه الذي بين جنبيه بالربوبية ويصدر منه الشطح، والشطحيات كلها من نقصان السالك والسلوك وبقاء الإنية والأنانية. ولذلك بعقيدة أهل السلوك لا بدّ للسالك من معلم يرشده إلى طريق السلوك عارفًا كيفياته غير معوج عن طريق الرياضيات الشرعية، فإن طرق السلوك الباطني غير محصور وبعدد أنفاس الخلائق. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 150).

– ما وقع من الشطحيات من بعض أصحاب المكاشفة والسلوك وأرباب الرياضة، فهو لنقصان سلوكهم وبقاء الأنانية في سرهم أو سر سرهم؛ فتجلى عليهم أنفسهم بالفرعونية. وأما السالكون على طريق الشريعة، مع رفض الأنانية بجملتها وترك العبودية لأنفسهم برمتها مع طهارتها وعدم التوجه إلى إظهار القدرة والسلطنة والفرعونية، فهم في أعلى مرتبة التوحيد والتقديس، وأجل مقامات التكثير، ولم يكن التكثير حجابًا لهم عن التوحيد؛ ولا التوحيد عن التكثير؛ لقوة سلوكهم وطهارة نفوسهم وعدم ظهورهم بالربوبية التي هي شأن الرب المطلق. مع أن هيولى عالم الإمكان مسخرة تحت يدي الولي يقلبها كيف يشاء. وجاء لهم في هذا العالم الكتاب من الله العزيز الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله على ما نقل مخاطبًا لأهل الجنة: من الحي القيوم الذي لا يموت إلى الحي القيوم الذي لا يموت، أما بعد، فإني أقول للشيء كن فيكون؛ وقد جعلتك تقول للشيء كن فيكون. فقال صلى الله عليه وآله: فلا يقول أحد من أهل الجنة للشيء كن إلا ويكون. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 90).

– ومن ذلك المقام إباء الأنبياء المرسلين والأولياء الراشدين صلوات الله عليهم أجمعين عن إظهار المعجزات والكرامات التي أصولها إظهار الربوبية والقدرة والسلطنة والولاية في العوالم العالية والسافلة، إلا في موارد اقتضت المصلحة لإظهارها. وفيها أيضًا كانوا يصلون ويتوجهون إلى رب الأرباب بإظهار الذلة والمسكنة والعبودية ورفض الأنانية، وإيكال الأمر إلى بارئه واستدعاء الإظهار عن جاعله ومنشئه، علت قدرته. مع أن تلك الربوبية الظاهرة بأيديهم عليهم السلام هي ربوبية الحق جل وعلا، إلا أنهم عن إظهارها بأيديهم أيضًا يأبون. وأما أصحاب الطلسمات والنيرنجات، وأرباب السحر والشعبذة والرياضيات التي أصولها الاتصال بعالم الجن والشياطين الكفرة، وهو الملكوت السفلي التي هو الظل الظلماني لعالم الملك، مقابل الظل النوراني الذي هو الملكوت العليا عالم الملائكة، تراهم لا زال في مقام إظهار سلطنتهم وإبراز تصرفهم، لفرط العشق بأنانيتهم وزيادة الشوق بحيثية نفوسهم. فهم عباد أصنام النفس وتابعي الجبت والطاغوت، غافلون عن رب العالمين؛ وإن جهنم لمحيطة بالكافرين. (مصباح الهداية، خميني، الصفحة 92).

– ظهور أهل الشطح بالربوبية وإظهارهم إياها لنفسهم ليس إلا لنقصان السلوك وبقاء الأنانية والإنية، فإن السالك إذا أراد بالسلوك إظهار القدرة والسلطة لما رأى أهل السر من الأولياء قد يظهرون ذلك فاشتغل به لذلك ربما يظهر نفسه وشيطانه له ويتجلى بالربوبية فإنه عبد نفْسه لا عبد ربه. قال شيخنا دام ظله العالي: إن أكثر أهل الدعاوي الباطلة كانوا من أصحاب الرياضات الباطلة. أقول وميزان تميز الرياضة الباطلة عن غيرها هو ذلك الذي ذكرنا فعليك بخلوص النية وصدق السريرة مع ربك فإن من أخلص لله أربعين صباحًا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. (تعليقة على الفصوص، خميني، الصفحة 140).

 

Source URL: https://maarefhekmiya.org/14219/irfan9/