قراءة في كتاب ثلاث دقائق في القيامة
أولًا: الكتاب في سطور:
اسم الكتاب: ثلاث دقائق في القيامة.
الكاتب: مجموعة الشهيد إبراهيم هادي الثقافية.
ترجمة: ليلى الخميس.
الطبعة الأولى.
سنة النشر: 2020
دار النشر: دار الحضارة الإسلامية/ دار المعارف الحكميّة.
عدد الصفحات: 152.
ثانيًا- قراءة في الكتاب:
الموت… حقيقةٌ أخافت الكثير، وأقضّت مضاجعهم، لربما لغموضها. لكن، ماذا بعد الموت؟ وأيّ عالمٍ ينتظرنا هناك؟ هو ما سعت الأديان لشرحه وتفسيره بأساليب مختلفة، وأخذ العلماء يحاولون معرفة حقيقته، حتى اعتبروه سرًّا غامضًا، والوصول إليه مستحيلًا. فلا يعلم ما يحدث بعد موتنا، سوى من أودعه الله ذلك العلم من المعصومين، أو من يسافر إلى ذلك العالم، ثم يعود ليخبرنا بأسراره، وهو ما يعرف علميًّا بتجربة الاقتراب من الموت (Near Death Experience)، أو بشكل مختصر (NDE).
يتحدّث الكتاب عن أحد الجرحى، الذي خلال خضوعه لعمليّة جراحيّة فارق هذه الدّنيا لمدّة ثلاث دقائق، وبفعل الصّدمة الكهربائيّة عاد إلى الحياة، ففي غرفة العمليّات، وخلال هذه المدّة القصيرة، شاهد أمورًا يصعب على النّاس العاديين تصديقها! ولكنّه لم يرغب في الحديث عما جرى معه وعن عودته إلى الحياة، فقد منعه سلوكه وأخلاقه والتزامه في التّحدّث مع أيّ كان في هذا الموضوع. وبعد الإصرار، وافق على طباعة الكتاب بشرط عدم كتابة اسمه.
يذكر بداية لمحة عامّة عن حياته، وصولًا إلى إصابته، ثمّ دخوله بعد مدّة غرفة العمليات. وخلال العمليّة، تفارق روحه الحياة، ويدخل في عالم ما بعد الموت. يسرد هنا تفاصيل ما مرّ به، من لقائه بـ “عزرائيل” وحديثه معه، إلى حين حسابه، حيث يقف أمام ملاك، وكتاب أعماله مفتوحٌ أمامه، والذي سجّل فيه كلّ شيء بدقّة، من خيرٍ أو شرّ.
تتكشّف أمام القارئ الكثير من الحقائق، التي قد يكون عارفًا به، لكنه غير ملتفتٍ إليها. من أهمّيّة الصّلاة، وكون قبولها شرطًا أساسيًّا لبدء الحساب. ودقّة هذا الحساب، الذي سجّل كلّ شيء فيه بدقّة، فالغيبة وأذيّة المؤمنين تمحو أعمالًا حسنة، أخذت منك جهدًا لإنجازها، أو نيّةٍ غير خالصة، تشوبها الأهواء. في المقابل، نيّة إلهيّة واحدة، لها من الأجر والثّواب الكثير. ويظهر أثر بعض الأعمال على حياتنا الدّنيويّة، ومساهمة دعاء من ساعدناهم في نجاتنا، وأنّه ليس هنالك بصدفة في حياتنا، فكلّ شيء له علّة.
يتبيّن لنا أيضًا كيف تتم المحاسبة على حقوق النّاس، من أخذ المسامحة من الأموات، وانتظار الأحياء منهم حتى نستسمح منهم، والتشدّد في الحساب بالنّسبة لذلك، ولحقّ النّفس أيضًا.
بجانب الحساب، استطاع رؤية الجنّة البرزخيّة، وملاقاة الأموات ورؤية مقاماتهم، ومعرفة درجة الشّهداء، الذين يدخلون الجنّة البرزخيّة دون حساب في جوار المعصومين. ظهرت له الكثير من الحقائق، ورأى الكثير من الأحداث المستقبليّة، وكيفية موت العديد من النّاس ومصيرهم الذي ينتظرهم.
أخيرًا، يعود إلى الدّنيا بعد الكثير من التّوسّل، وتبدأ رحلة سرد ما حصل معه بعدها، وكيف تأكّد من صحّة ما رآه، وأنّه لم يكن مجرّد حلم، من الإشارات والأحداث التي حدثت بالطّريقة التي رآها في ذلك العالم.
هذا الكتاب شيّق للغاية، يعيد رسم أولوياتنا، ويفتح أعيننا على أمور لم نكن ملتفتين إليها، خاصّة أنّه يدعم ما يقول بآيات قرآنيّة، وروايات عن أهل البيت. هو جرعة معنويّة، تفيد الباحثين عن الطّريق إلى الله.
المقالات المرتبطة
قراءة في كتاب على ضفاف الفرات
على ضفاف الفرات، كتاب لإبراهيم أمين السيّد، صدر عن دار المعارف الحكميّة. تناول هذا الكتاب مجموعة محاضرات في النهج الحسيني
قراءة في كتاب: “خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء”
هذا الكتاب وبالرغم من صغر حجمه، إلّا أنّه يفيض بعمق الإشكاليّة وعمق المعالجة التي تحتضن مشروعًا فكريًّا خاصًّا طرحه الشهيد الصدر (رضوان الله عليه) مبنيًّا على أساسين: محوريّة الإنسان، والولاية.
رواية “سمرقند” لأمين معلوف (الرواية، التاريخ، الالتباس)
أبدأ من القراءة وأعتبرها شديدة الأهمية والخطورة، قد تحطّم القراءة المقروء أو تفسده، وقد تفتق أكمامه وتزيد من خصوميّته وقابليّته على التعدّد والاستمرار. كما أنّه لا بدّ من التحذير من تغلّب بعض تقنيات في قراءات محدودة