قراءة في كتاب زاد اللّقاء

قراءة في كتاب زاد اللّقاء

أولًا: الكتاب في سطور

اسم الكتاب: زاد اللقاء.

الكاتب: الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي.

جمع وتدوين: أسد الله طوسي.

ترجمة: علي الهادي مشلب.

الطبعة الأولى.

سنة النشر: 2021 م.

دار النشر: دار المعارف الحكميّة.

عدد الصفحات: 534 صفحة.

 

ثانيًا: قراء في كتاب

الدعاء حاجة إنسانية تعبّر عن الفقر التكويني لدى الإنسان إلى الغني المطلق، كما الحاجة الدائمة التي تحف الإنسان في دروب الحياة والعيش. وقد وفّقنا الله بعنايته الخاصّة حتّى نتناول بعض الأدعية والمناجيات المأثورة عن النبيّ الأكرم (ص) والأئمّة المعصومين (ع). ومن بين الأدعية والمناجيات المنقولة عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)، الدعاء الرابع والأربعون من الصحيفة السجاديّة، حيث أنشأه (ع) بمناسبة الدخول إلى شهر رمضان المبارك.

هذا الدعاء الشريف، مثل سائر أدعيته ومناجياته (ع)، يحتوي على مطالب فائقة الجمال وعالية ورفيعة في مجال الالتجاء والتضرّع على أعتاب الحضرة الإلهية جلّت وعلت. وقد عمد آية الله الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي إلى تقديم شرح مناسب لهذا الدعاء عالي المضامين.

يبدأ الإمام زين العابدين (ع) دعاء الدخول إلى شهر رمضان المبارك بالحمد والتقدير الإلهي، ولكن بشكلٍ فائق الجمال وبترتيب منطقي وجاذب، ثمّ يطلب من الله تعالى مجموعة من الطلبات ضمن فقراتٍ، تبدأ كلّ واحدةٍ منها بالصلوات على محمّد وآل محمّد.

فيذكر الإمام زين العابدين (ع) في القسم الأول من هذا الدعاء أنّ الله تعالى قد هدانا إلى الحمد وجعلنا من أهل الحمد حتّى نكون من الشاكرين. والسؤال هنا عن الحمد والشكر؛ ما هو الفرق بينهما، وما هو وجه الارتباط بينهما؟ ما هي حقيقة الحمد والشكر أصلًا، وهل هي ذات مراتب مختلفة؟ كيف ينال العباد الشاكرون توفيق الحمد والثناء؛ أي من هو الذي منحنا أساسًا الحمد والشكر على النّعم؟

في الفقرة اللّاحقة يقول الإمام (ع): “وَجَعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ”. في هذه العبارة نجد أن المطلب أعلى وأهمّ بدرجات، كما أنّ فهمه أكثر صعوبة. فما المقصود في الحقيقة من أن يجعلنا من مجموعة الشاكرين والحامدين؟ وما هو نوع هذا “الجعل” في العبارة؟ وما الفرق بين الجعل والهداية “التكوينيّة” و”التشريعيّة”؟

ما هو هدف الله أساسًا من تعليمنا الشكر والحمد أو من هدايتنا في هذا الاتجاه؟ وإذا كان الله قد خلقنا بالحقيقة فقط من أجل أن نعبده، إذًا فما هو الفرق بين الله وسائر الحكّام المتكبّرين والملوك والأسياد المستبدّين؟ وإن لم يكن كذلك، فما هي حقيقة العبادة الإلهية؟

مجدّدًا يشير الإمام (ع) في هذه العبارة إلى هذه المسألة المهمّة؛ أي هداية البشر بقدرة الله تعالى: “والحمد لله الذي حبانا بدينه، واختصّنا بملّته”. قد بيّنّا فيما مضى أنّ الله تعالى قد هدى البشر وأرشدهم المسير الصحيح من خلال طريقين عُبّر عنهما بـ “الهداية التّكوينيّة” و”التّشريعيّة”. أمّا هنا فيشير إلى نوعين آخرين قد عُبّر عنهما “الهداية العامّة” و”الخاصّة”؛ فما الفرق بينهما؟ وقد استعمل (ع) تعبيري “الدّين” و”الملّة”؛ فما معنى هذين التّعبيرين؟ وما هو وجه الاختصاص في “اختصّنا بملّته؟”، فهل أنزل الله تعالى دين الإسلام فقط لنا نحن المسلمين؟

شهر رمضان هو إحدى الطرق التي يمكن لاجتيازها أن يوصلنا إلى الرضوان الإلهي، فما هي المميزات والخصائص التي يتمتّع بها شهر رمضان؟ وكيف يصف الإمام (ع) هذا الطريق القيّم؟ ونزول القرآن فيه، التي لعلّها أهمّ ميزة لهذا الشهر بأي معنى هو؟ وما أهميّة مقام هذا الكتاب العظيم؟ أمّا ليلة القدر العظيمة والمباركة، فما هي هذه اللّيلة؟ وما هي خصوصيتها التي تميّزها عن غيرها؟

في التتمّة، وقبل أيّ طلب، يتوجّه الإمام (ع) إلى الله تعالى حتى يلهمنا ويتفضّل علينا بمعرفة هذا الشهر وحرمته، وأن يوفّقنا لأداء التّكاليف التي فرضها علينا فيه. فما هي فلسفة تشريع الصيام؟ وما مراتبه ومراحله التي يمكن الوصول إليها؟ ما هي النيّة في العمل؟ وما مراتبها؟ ما هي الخصائص التي تؤدّي إلى قبول الصلاة؟ وهل يمكن أن نجد عملًا حسنًا واحدًا يصدر من فاعلين ولا يكون له الثواب نفسه؟

هنا، وبعد الحديث عن علاقة الإنسان مع الله تعالى، يبيّن الإمام في الفقرات اللّاحقة الواجبات التي فرضها الله اتجاه عباده. منها الواجبات المالية ومسألة الإنفاق، الواجبات الاجتماعيّة وأخلاق المعاشرة، وضرورة الاهتمام الفائق بالوالدين والأقارب.

في هذا القسم من الدعاء، يطلب الإمام من الله تعالى التّوفيق لأداء أفضل الأعمال، ويفصّل في ذكر مواردها. خلال قراءتنا لهذا القسم، يتبادر إلى ذهننا عدّة أسئلة: فما الذي يجب أن نطلبه من الله؟ وما هو تأثير بعض أعمالنا على الأخرى، أي كيف تؤثر الأعمال الحسنة على أعمالنا السيئة؟ ما هي حقيقة العبوديّة لله، وما طبيعة العلاقة بين العبد وربّه؟ ما هو الفرق بين الطّاعة والعبادة؟ ما هي أهميّة عبادات اللّيل؟ ما هي الموانع من تأثير الأعمال الحسنة على أنفسنا وعلى قربنا من الباري عزّ وجلّ؟ ما هي العوامل التي تؤدي بنا إلى الانحراف؟ وكيف يمكننا في مقام العمل أن نبقى في أمان من مكر الشيطان وخدعه؟

نصل هنا لطلب الإمام من الله أن يجعلنا من المعتقين والمعفوّ عنهم في هذه اللّيالي المباركة. لكن لماذا استخدم الإمام مثل هذه التعابير، من عتق وفكّ الرّقاب؟ فهل سيدخل جميع النّاس إلى جهنّم؟ وهل يقع الأولياء الإلهيون أيضًا في العصيان؟ وما هو السّبب في تأوّهات المعصومين وبكائهم واستغفارهم؟ من هم العباد الصالحون؟ وما الفرق بين أن تكون من الصالحين أو مع الصالحين في الجنان؟

ما هي أفضل طريقة لمناجاة الله تعالى؟ ما الذي يضمن لنا أن يستجيب الله؟ وما هي لوازم الاستجابة، والمحسنات الأدبيّة التي يجب مراعاتها؟ ما هي أهميّة الصلاة على محمّد وآله؟ وما حقيقتها؟ وما هي هذه الشؤون الوجوديّة للنّبيّ وأهل بيته (ع)؟


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
شهر رمضانالشيخ محمد تقي مصباح اليزدي

المقالات المرتبطة

دولة الموعود هل هي دولة أم قومة؟

يتطلّب الأمر عودًا إلى المعجم السياسيّ للوقوف على مفهوم الدولة بمدلوله المعاصر. وحتمًا، إنّنا ندرك أنّ الدولة لم تبرح حياة الاجتماع الإنسانيّ منذ أن عرف الأشكال الأولى للتنظيم والإدارة العقلانيّة لجماعة بشريّة ما.

الإيديولوجيا.. غريزة المتحيِّز وفلسفته

لم تمُتِ الإيديولوجيا لتُولد مِن جديد. فهي على احتجاب وظهور دائمين. تنحجبُ حين يتوارى أهلها إثر انكفاء، وتنكشفُ في اللحظة عينها لدى أولئك الذين ظهروا في الملأ،

الوعي الزائف في المادّيّة

تقبل الأطروحة المادّيّة بواقعيّة النظام السببيّ بعد أن تشترط حصر كلّ علّة بالعلل المادّيّة.

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<