الحرب العالمية على جبهة القيم

الحرب العالمية على جبهة القيم

من الملاحظ أن الشعوب التي أخذت قرارًا حازمًا بمواجهة الهيمنة الأميركية الأحادية على العالم قد اكتشفت أن مواجهة أمريكا على المستوى الاقتصادي (بالنسبة للصين)، وعلى المستوى السياسي والعسكري (بالنسبة لروسيا)، ليست كافية لإحراز النصر، وأن المطلوب بشكل حاسم وحازم التمسك بمنظومة قيمية وفكرية تميز الـ”نحن” عن الآخر، وبالتالي تعطي للشعوب المنتفضة ضد الاستكبار العالمي قدرة على التلاحم والانصهار ضمن هوية أخلاقية إنسانية ذات مضمون ثقافي وتاريخي مميز.

لذلك نلاحظ أن كلمة السر من أفريقيا إلى روسيا إلى الصين وإيران يطرح الثوار والمنتفضون على النظام الدولي القائم، وكذلك المنتفضون ضد الأنظمة الوطنية (النموذج الإيراني) المطروح بشكل حاد الموضوع  القيمي الأخلاقي وعلى رأسه قضايا التفسخ الأخلاقي، وخاصة قضية الشذوذ الجنسي وموضوعة الجنس الثالث، والتي ركّز عليها الرئيس الروسي بوتين في خطابه الأخير، وبالتالي اعتبار هذا التميز نقطة افتراق حادة بين الثقافتين والحضارتين والنموذجين المتنافسين على إدارة العالم خلال المرحلة القادمة من عمر الوجود الإنساني.

لعل كثير منا كان يتساءل بماذا كان يفكر الإمام الخميني عندما أرسل رسالته المشهورة إلى غورباتشيف يدعوه فيها إلى التفكر في الإسلام؟ إننا اليوم نستطيع أن نقرأ بشكل أفضل أفكار الإمام (تقدس سره الشريف)، الذي يعني أن مواجهة الشيطان الأكبر لا يمكن أن تتم بدون التمسك بقدس الأقداس، وأن الانتقال بالعالم من ظلمات الهيمنة الإنجلوسكسونية إلى رحاب الحرية الإنسانية لا يمكن من دون الاستعانة بالقدرات العظيمة التي توفرها المنظومة الدينية الإلهية باعتبارها بحكم جوهرها معادية للاستكبار وللشياطين الكبار والصغار.

 

الأستاذ علي الشاب

الأستاذ علي الشاب

متابع للشؤون الأفريقية


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
الهيمنة الأمريكيةالحرب العالميةالإمام الخميني

المقالات المرتبطة

الموت كتجلٍّ للمقدّس: في العلاقة بين الموت والمقدَّس

فالإنسان في هذه الدّنيا، يجب أن يتصوّر نفسه دائمًا كالمهاجر إلى الله، يقف على محطات متعدّدة، وهي عبارة عن ميتات، يبعث من بعدها من جديد.

الإنسان الحَبْريّ والإنسان البروميثيّ

كان للانقلاب البروميثيّ على السماء أثرًا وبيلًا على هذه الحياة الأرضيّة. فالإنسان، في قابليّاته التألّهيّة، محوريّ في هذا العالم، ويؤثّر في تناغمه.

أخلاقية الانتماء باذلا فينا مهجته

“اريك فروم ” عالم النفس والفيلسوف الألماني الأمريكي، اعتبر الحاجة إلى الانتماء كأول وأهم الحاجات إلى الارتباط بالجذور، والحاجة إلى الهوية وإلى إطار توجيهي

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<