ثورة الإمام الحسين (ع) في عيون المستشرقين
مقدمة… بداية الاستشراق وأهدافه
يعرف الاستشراق اصطلاحًا بأنه “العلم باللغات والآداب والعلوم الشرقية”[1]. والعالم بها يسمى بالمستشرق، والذي ينحصر مصداقه عادة بالمتخصص الغربي بتلك العلوم.
ومن خلال الاستقراء الشامل لما تمخض عنه الاستشراق فعلًا، نجد أن الغالب ما تناوله من الشرق هو الإسلام كمعارف وكحضارة، وعليه يمكن بدوًا موافقة المستشرق الفرنسي الشهير (مكسيم رودنسون) في تعريفه للاستشراق بأنه: “اتجاه علمي لدراسة الشرق الإسلامي وحضارته”[2].
وبما أن الاستشراق نشأ على يد الأوروبيين، لذلك كان متماشيًا ومتناسبًا مع طبيعة الفكر الأوروبي في كل مرحلة من مراحله التاريخية، وكذلك منسجمًا مع نظرة أوروبا إلى الشرق الإسلامي، فعندما كانت الطبيعة التبشيرية هي السمة البارزة للفكر والحكومات الأوروبية، كان الاستشراق يندفع بهذا الاتجاه، ويتأكد هذا إذا كان المستشرق ينطلق في عمله من خلال مؤسسة تبشيرية، حينئذ سيأخذ الاستشراق مسارًا وحركة ذات اتجاه تبشيري، وليس علميًّا محضًا، فيمتد عمل المستشرق ليشمل كل ما يخدم مهمة التبشير، فهو عندما يتناول الإسلام كفكر وكحضارة بالبحث والدراسة سيكون ذلك على ضوء ما تمليه عليه طبيعة الفكر التبشيري[3].
ويشير إلى ذلك المستشرق (درمنغهم) في معرض بيانه عن النفي الكيفي، وإثارة الشكوك في معطيات السنة النبوية، والتاريخ الإسلامي من قبل المستشرقين فيقول: “من المؤسف حقًّا أن غالى بعض هؤلاء المتخصصين، من أمثال موير، ومرغوليوث، ونولدكة، وشير نجر، ودورير، وكيتاني، ومارسني، وغريمة، وغولدزيمر غيرهم، وخاصة في النقد أحيانًا، فلم تزل كتبهم عامل هدم على الخصوص”[4].
يتبين هنا أن الاستشراق كان موجهًا من أوروبا لدراسة الشرق، لأهداف استعمارية، أو جهود تبشيرية، وهو الأمر الذي أدركه كثيرون من المخلصين في أبناء الأمة الإسلامية، وقليل من المنصفين في الغرب الأوروبي، ومن خلال تلك النظرة التبشيرية الاستعمارية بدأ الاستشراق يتخذ مناحي مختلفة حول الإسلام والنبي محمد (ص)، وكل ما يخص الإسلام، تم تحليله من قبل الاستشراق.
إن تأسيس ثقافة الاستشراق وتنظير الرؤى العلمية عنها في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية على أسس منهجية تخدم أهداف الغرب وحركته الاستعمارية في الشرق الإسلامي، من أبرز مااهتم به المستشرقون خصوصًا في دراساتهم حول الإسلام وإنتاجهم الموسوعي، وقدتفننوا في ذلك بأساليب مختلفة، فهم في الوقت الذي أضفوا على ظاهرة دراساتهم تلك الصبغة العلمية والمنهجية، انتهجوا سبيل الدس الخلفي والتركيز على المنقولات الشاذة والمقولات الغربية والروايات الإسرائيلية الوضعية.
ونحن نكتب عن حالة الاستشراق الخاصة بالإمام الحسين (ع) وثورته الخالدة، ورؤيته الثاقبة واستشهاده النبيل، ونحاول رصد ما قاله المستشرقون حول الإمام الحسين (ع) والثورة الحسينية، وهو الهدف الذي نسعى إليه.
بين يدي البحث… الثورة الحسينية ثورة عالمية
قبل أن نخوض في البحث، لا بدّ أن نتوقف عند الثورة الحسينية.
إن الثائر العظيم الإمام الحسين (ع) لم يخرج أشرًا ولا بطرًا ولا طالب ملك، ولكنه خرج لطلب الإصلاح، والإصلاح هو من خلال محاربة الظلم والطغيان، والثورة بهذا المفهوم، ثورة نموذجية مثالية كونية، لأن كل البشر يطلبون الإصلاح ويبحثون عن مخلّص.
فالثورة الحسينية هي ثورة إنسانية عامة وشاملة، قامت من أجل إشاعة العدل ونبذ الظلم والظلمات السياسية والاجتماعية والثقافية، فقضية الإمام الحسين (ع) هي استثنائية عالمية، بل كونية ربانية، هكذا أراد الله سبحانه ورسوله (ص) وأهل بيته (ع)، أن تبدأ قضية الإمام الحسين (ع) ولا تنتهي، فهي مشروع ثوري إصلاحي لا يتوقف إلى يوم القيامة.
فالإنسان باعتباره خليفة الله يجب أن يكون في قمة الأخلاق، وفي قمة السمو الروحاني والنفسي، ولذا قيل: “تخلقوا بأخلاق الله”[5]، فالله سبحانه وتعالى له الكمال المطلق فهو في قمة السمو وهذا يفوق تفكيرنا.
إنّنا نجد وعلى مر العصور أنّ أعداء الثورة الحسينية من الطواغيت يحاولون إطفاء تلك الثورة، فكانوا يرغبون في عدم التأثر بالحسين (ع)، لذا حاولوا مرارًا وتكرارًا منع زيارة الحسين (ع) فضلًا عن التضييق على الشيعة.
حتى وصل الأمر إلى محاولة هدم وإلغاء قبر الحسين (ع) كما فعل المتوكل العباسي، وكما فعل الوهابيون، فلولا أنّها تمثل الهداية الإلهية لما منعوا الزيارة، والتوسل بالحسين (ع).
فزيارته (ع) تمثل مظهرًا من مظاهر التمرد ضد الظالمين، فالأئمة (ع) كانوا يحثون شيعتهم على زيارة الإمام الحسين (ع)، والتأثر بثورته ومبادئه رغم كل الظروف.
والثورة الحسينية لها أصداؤها العلمية والثقافية والنفسية، نجدها مكتوبة في سير المسلمين على اختلاف مذاهبهم، يهتدون بروحية الثورة وإخلاص الثائر الحسيني[6]… ولم تتوقف الأقلام عن الكتابة في سيرة سيد الشهداء.
نجد مؤلفات كثيرة من أجانب، منهم مستشرقون أوروبيون، وغير أوروبيين، منهم من أخلص في رؤيته مهما اختلفنا فيها، ومنهم من سار وراء من قال: إن الحسين ما كان له أن يخرج، مثلما قال ابن تيميه وابن العربي في كتابه “العواصم من القواصم”، وغيرهما من سار على دربهما، من مستشرقين وغيرهم.
ولكن في النهاية، لا نجد من شكّك في إخلاص الإمام الحسين (ع).
هذا البحث ينقسم إلى ثلاثة محاور وخاتمة.
المحور الأول
رؤية المستشرقين للثورة الحسينية
اهتمت الدراسات الغربية بالشرق، لأنه صاحب الحضارة السابقة، وتنوعت وتعددت دراسات المستشرقين حول الإسلام بصفة عامة، والتاريخ الإسلامي خاصة، ويأتي اهتمامهم في ذلك لأسباب متعددة، منها ما هو علمي أو اقتصادي أو سياسي أو ديني، إضافة إلى أسباب أخرى، وسعيًا منها لمعرفة طبيعة المنهج، الذي سلكوه في دراستهم لثورة الإمام الحسين (ع) جاء اختيار هذا البحث الموسوم (ثورة الإمام الحسين في منظور نخبة من المستشرقين)[7].
ثورة الإمام الحسين (ع) وأسبابها في المنظور الاستشراقي
نطرح هنا قضية أقسى وأنبل نضال دموي خاضته قوى الإيمان، ضد قوى الإلحاد، كما يقول الدكتور حاتم كريم اليعقوبي، فانتصرت قوى الإيمان رغم هزيمتها في معركة المواجهة، وانهزمت قوى الإلحاد رغم انتصارها، وجاء انتصار الإمام الحسين (ع) المقتول على يد يزيد القاتل على المدى الطويل ليؤكد حتمية تاريخية هي حتمية انتصار قوى الإيمان على قـوى الشر والظلم… عندما يتبادر إلى الذهن شخص الإمام الحسين (ع) سوف يتجسد أمام العين صورة المأساة التي حدثت أثناء مقتله واستشهاده.
لقد رأى المستشرقون في ثورة الإمام الحسين، بأنها موقعة عسكرية، تغلبت خلالها الكثرة على القلة، والتنظيم على الارتجال، دون الالتفات إلى اختبارات العناية الإلهية وسرها وتداخلها في هذا الحدث، الذي غير مسيرة التاريخ الإسلامي جذريًّا.
آراء بعض المستشرقين والردود عليها
1. تحدث المستشرق الفرنسي سيدو عن الإمام الحسين (ع) موضحًا بأن الحسين بن علي كان قوامًا بما دعي إليه، لأنه يرث عن أبيه الشجاعة والقوة والبأس، ورغم أنه كان أشدّ حرصًا من أخيه الإمام الحسن (ع)، الذي خذل أهله وذويه بتنازله عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان بعد مقتل الإمام علي، فعرف الإمام الحسين (ع) كيف يحفظ كرامته حتى في زمن الفتنة، وعجز الإمام الحسين عن الوقوف في وجه السلطة الأموية على الرغم من محاربته للبيت الأموي [8].
لم يكن المستشرق سيدو دقيقًا في وصف شخصية الإمام الحسين (ع) معتمدًا على الروايات المحرّفة في نقل الأخبار، فقد وضع مقارنة بين الإمام الحسين وأخيه الإمام الحسن (ع) ووالدهما الإمام علي (ع)، والبيت الأموي، وتخلل قول سيدو، العديد من المطاعن لشخصية الإمام الحسين وأسرته[9].
إِن المنهج الذي اتبعه المستشرق سيدو في كتاباته، جزء من المنهج الذي اتبعه أغلب المستشرقين في حديثهم عن سيرة وعلاقة الصحابة ببعضهم وبخاصة المقربون من الرسول الكريم (ص)[10].
لقد أَخطأ المستشرق سيدو عندما وصف الإمام الحسين (ع) بأنه لم يكن شجاعًا مثل أبيه، وأنه لم يخرج إلا اجتهادًا في نفع المسلمين.
وفي جانب آخر من قوله، ذكر بأن الإمام الحسين كان أحرص من أخيه الحسن (ع)، الذي خذل أهله عند تنازله عن حقه بالخلافة، وهو ما يتناقض مع الروايات العربية الصحيحة، التي تُجمع على أَن الإمام الحسن لم يتنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، ولاسيما أَنّ الإمام الحسن قد سعى جاهدًا للوقوف بوجه معاوية عندما قرر شن الحرب ضد معاوية، لكنه أدرك بأن معظم جيشه قد انحازوا إلى معاوية، وأنهم سيغدرون به إِذا ما حصلت المواجهة بين الطرفين فقبل الإمام الحسن (ع) الهدنة التي عرضها معاوية بن أبي سفيان[11].
ومن الأمور المهمة التي دفعت الإمام الحسن (ع) على أن يقبل بالهدنة مع معاوية هو حنكته السياسية وعدم مجازفته بعد أن رأى جميع الأمور ليست في صالحه، وأَنّ حقن دمه ودماء المسلمين أولى من القتال[12]. وعندما اعترض عليه المسلمون خاطبهم قائلًا: (ما أردت بمصالحتي معاوية إِلا أَن أرفع عنكم الثقل)[13].
ولعل الأهم من ذلك، والذي نظر فيه الإمام الحسن (ع) بعين البصيرة الربانية، بأنه إن حارب معاوية، فإن المنافقين في جيشه وهم ليسوا بقلة سيسلمونه أسيرًا، وإِن معاوية لا يقتل الإمام الحسن (ع)، بل يخلي سبيله، وبذلك سيمن على بني هاشم بإطلاق سراح سيدهم فتصبح حادثة الطلقاء في مكة لا قيمة لها، لأنها ستصبح معادلة لها في التأثير، فأين من يقول بضعف شخصية الإمام الحسن (ع) عن مثل هذه المواقف الثابتة التي تنم عن إنسان عظيم وقائد عظـيم قد أوتي العلم والحنكة السياسية بكل ما تحمل الكلمة من معنى[14].
إن المتأمل في ثورة الإمام الحسين (ع) يتجلى له بوضوح شجاعته وزهده في الدنيا، والدليل على ذلك أنه لما تبين له خلاف ما ذكر في المراسلات مع أهل العراق واجتماعهم عليه ظل مصرًّا على التوجه إلى العراق، والقول بأن الإمام الحسين (ع) غيّر رأيه وأراد الرجوع إلى المدينة غير دقيق ويتناقض مع رده على نصيحة أخيه محمد بن الحنفية، حين أشار عليه بعدم الخروج أو التوجه إلى اليمن فقال الإمام الحسين(ع): كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء…[15]. إلا أن هناك من أهل الشر والبغضاء لآل البيت لم يرض بمساعدته فقدر الله تعالى أن يستشهد مظلومًا[16].
2. اتهم المستشرق البلجيكي هنري لامنس الإمام الحسين (ع) بأنه ظل مهمل الذكر خلال خلافة الإمام علي (ع) المضطربة، وكان أقل من أخيه الحسن إقبالًا على الحياة، إذ لم ينهج نهجه في الإسراف والانهـماك في اللذات إلى حـدّ الشــطط[17].
لم يكن لامنس دقيقًا في تصوير شخصية الإمام الحسين (ع)، ففي الوقت الذي قلّل من شأن الإمام الحسين (ع) فإنه طعن بشخصية الإمام الحسن (ع) أيضًا عندما وصفه بالإسراف في التمتع بملذات الحياة.
وبمراجعة بسيطة لأمهات المصادر التاريخية تثبت شطط لامنس في التجنّي على شخصية الإمامين الحسن والحسين (ع) والطعن فيهما، بل سيرى المكانة التي كانا يتمتعان بها في المجتمع الإسلامي، وسيرى تأثيرهما في مسار ذلك المجتمع.
3. المستشرق الإلماني هاينس هالم، تحدث عن قضية الإمام الحسين (ع) وعلّل سبب خروجه من مكة إلى العراق، بقوله في ربيع سنة 60ه/680م، توفي معاوية بن أبي سفيان في دمشق بعدما كان قد حمل الناس على مبايعة ابنه يزيد خليفة له، وبتولي يزيد بن معاوية الخلافة صعد إلى الحكم رجل بعيد عن الدين لم يكن قد تعرف على النبي محمد (ص) شخصيًّا، وكانت خلافته لأبيه تؤكد على ترسيخ مبدأ الوراثة في الحكم[18].
وتابع هاينس هالم سرده للأحداث التاريخية مشيرًا إلى أن البيت الأموي ظل متمسكًّا في حكم دمشق حتى سنة 132ه -750م، وقد كان تبدل الحاكم في دمشق إشارة إلى أتباع الإمام علي (ع) الذين اندفعوا محاولين مرة أخرى انتزاع السلطة، وفي ذلك الوقت كان الإمام الحسين (ع)، الابن الثاني للإمام علي مقيمًا في المدينة، فتوجه رُسلٌ من أهل الكوفة إلى المدينة يناشدوه ويطلبون منه المجيء إلى العراق لقيادة الشيعة وإسقاط نظام الحكم في دمشق بزعامة يزيد بن معاوية، وقد كان ذلك العامل الرئيس، الذي دفع الإمام الحسين (ع) للتوجه إلى العراق والقيام بثورته[19]، على وفق رؤية المستشرق الألماني هالم.
لكن الحقيقة أن هالم وقع في خطأ تاريخي كبير؛ إذ إن الإمام الحسين (ع) لم يلتقِ في هذه المدة بشيعته في المدينة، بل إن أهل الكوفة ورسلهم التقوا الإمام في مكة بعد أشهر من خروجه من المدينة، والحقيقة أن الإمام الحسين (ع) قرر الخروج إلى العراق لحظة خروجه من المدينة ومـن دون أن يـؤثر فـي قراره أحـد.
4. أما المستشرقة الإيطالية لورا فيشيا فاجليري فقد تحدثت عن ظروف ما قبل ثورة الإمام الحسين (ع)، وذكرت بأن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن العباس وغيرهم لقوا الإمام الحسين (ع) في الطريق من مكة إلى المدينة، وحذروه من خطورة ثورته إذا ما توجه إلى العراق بعد عديد الرسائل التي بعث بها العراقيون إلى الحسين (ع) يدعونه للقدوم، وكرر ابن عباس النصح للحسين (ع) في مكة، بل إن عبد الله بن الزبير حاول أن يثنيه عن القيام بمغامرته، ووصفت فاجليري دور عبد الله بن الزبير بالمخادع؛ وذلك لأنه كان يسعى لإخلاء الميدان له في مكة المكرمة للسيطرة عليها[20]، وقد وقعت فاجليري في نفس الخطأ، الذي وقع فيه هالم الألماني عندما اعتقد خاطئًا بأن العراقيين راسلوا الإمام الحسين (ع) في المدينة، وكان ذلك هو الباعث على خروج الإمام الحسين (ع) إلى العراق، وأن الدوافع المبدئية لثورة الإمام الحسين (ع) تمثلت بالخروج على يزيد بن معاوية، فوصفت خطواته العظيمة تلك بالمغامرة.
5. المستشرقة الأمريكية أيرا لابيدس أشارت إلى أن وفاة معاوية بن أبي سفيان جعلت نجله وخلفه يزيد يخوض حربًا واسعة ضد منافسين مكيين بقيادة الحسين بن علي (ع) وعبد الله بن الزبير، وعزم الحسين (ع) التوجه من المدينة إلى الكوفة لتولي قيادة أتباعه، ولكن فرقته الصغيرة تم الإجهاز عليها في مدينة كربلاء[21]، ولعل عدم معرفة لابيدس بالواقع الإسلامي دفعها إلى تصوير ما حصل بأنه منافسة بين رجالات مكة ويزيد الشامي على السلطة لا غير.
6. المستشرق الهولندي سنوك هرخرونيه، صور من ثار على يزيد بأنهم كانوا نهّازي فرص، فبعد وفاة معاوية القوي والداهية، بدا وكأن الفرصة قد واتت عبد الله بن الزبير والحسين بن علي (ع)، فرفضوا البيعة ليزيد وخـرجا من المدينة إلى مكة لتنظيم المعارضة ضد حكم يزيد، وفي الوقت الذي بقي فيه ابن الزبير في مكة فإن الإمام الحسين (ع) اتجه إلى العراق، وربما كان خروجه ذاك بنصيحة من ابن الزبير، وفي معركة غير متكافئة وبعد أن خذله مؤيدوه، قتل الإمام الحسين (ع) مع عشرين من أهل بيته بالقرب من كربلاء، وهكذا قضي على الرغبة الكامنة في نفوس أبناء علي في الوصول إلى الخلافة، وكان هؤلاء يرون أنهم أحق بالخلافة من غيرهم[22].
إن الحقيقة التي غابت عن هذا المستشرق بأن أبناء الإمام علي (ع) لم يكن لأحد منهم الرغبة الكامنة في الوصول إلى الحكم، وربما أدى بهذا المستشرق جهله لأصل مبادئ الإسلام إلى أن يصور الصراع بين الحسين (ع)، وبين يزيد بصراع حول السلطة وأحقية من يتمتع بها.
7. تحدث المستشرق اليهودي أجناس جولد تسيهر عن ثورة الإمام الحسين (ع) مركّزًا على دعوات الشيعة في العراق له للقدوم إليهم، واصفًا إياهم بقصر النظر والطيش باشتراكهم مع الإمام الحسين (ع)، فبعد ولاية الأمويين الخلافة بقليل سنحت لشيعة الإمام علي (ع) فرصة لتولي السلطة بعد مجيء يزيد بن معاوية إلى الحكم، ولكن اختيارهم لهذه الفرصة، وفي ذلك الوقت بالتحديد دلَّ على قصر نظرهم، فأشركوا الإمام الحسين (ع) في نزاع دام مع الغاصب الأموي، أدى إلى مقتل الإمام الحسين(ع)، وقد زودت مأساة كربلاء (سنة 680م/60ه) الشيعة فيما بعد بعدد كبير من الشهداء، اكتسب الحداد عليهم حتى اليوم مظهرًا عاطفيًّا في العقائد الشيعية[23].
8. استخدم المستشرق البريطاني دونلدسن روايات اليعقوبي والطبري والمسعودي في نقل الحادثة التاريخية عن ثورة الإمام الحسين (ع)، فذكر بأن معاوية قد حصل على البيعة ليزيد قبل وفاته، وقد أثارت الحادثة أفكار الحزب العلوي في الكوفة، الذي كان ينتظر وفاة معاوية المسيطر على كل الأمور في الدولة، وما إن مات معاوية حتى أرسل الإمام الحسين (ع) ابن عمه مسلم بن عقيل (ع) إلى الكوفة للاطلاع على أوضاع المدينة قبل التوجه إليها، فكتب مسلم إلى الحسين (ع) يطمئنه باستقرار الأوضاع، وأن أتباعه مستعدين لاستقباله، لذلك قرر الإمام الحسين (ع) التوجه إلى مدينة الكوفة على الرغم من النصائح الموجهة له من عبد الله بن الزبير، الذي دعاه فيها إلى عدم التوجه إلى الكوفة، وذكـر دولندسن بأن الحسين (ع) لم ينجح في تحقيق أهدافه، وقتل على يد رجل من مذحج احتز رأسه وانطلق به إلى ابن زياد، ثم دفن في عسقلان، ومن ثم تم نقله إلى مصر[24].
لقد وقع دونلدسن في جملة من الأخطاء التاريخية منها: أنه صور خروج الإمام الحسين (ع) وكأنه باحث عن السلطة ولا يتورع عن الذهاب إلى أي مكان من دون أن يخطط ويعرف عواقبه، ومن دون السماع إلى نصح الناصحين منتهيًا إلى قضية لا يزال الحسم فيها مؤجلًا بعد الآراء في مصير رأس الحسين (ع) فقطع بوجوده في مصر رغم أن هذه الروايات هي روايات ضعيفة ومتأخرة تاريخيًّا.
9. لم يكن المستشرق الألماني كارل بروكلمان في رأيه سوى صدى لآراء من سبقه من المستشرقين؛ إذ قال بأن معاوية بن أبي سفيان عندما تولى السلطة ألحّ أهل الكوفة على الحسين (ع) في القدوم إليهم ومبايعته بالأمر، فاستجاب لهذا الإغراء لكنه لم يجد في العراق عند وصوله التأييد الذي توقعه[25].
ربط المستشرق بروكلمان بين إعلان الإمام الحسين (ع) ثورته، وبين دعوة أهل الكوفة إليه حتى يخيل للباحث أن السبب الرئيسي للثورة هو دعوة أهل الكوفة، وأن ذلك غير صحيح، وذلك شبيه بما أورده بعض المؤرخين والكتاب المسلمين الذين حاولوا أن يجعلوا من شخصية الإمام الحسين (ع) شخصية مرتبكة في اتخاذ القرارات، وعكسوا ذلك على قضية خروجه إلى العراق، والحق أن الإمام الحسين (ع) كان عازمًا على الثورة ضد السلطة الأموية من أول يوم عرض فيه الوليد بن عتبة والي المدينة البيعة على الإمام الحسين (ع)، ليزيد بن معاوية، فرفض الإمام ذلك وخرج مع جميع أهل بيته إلى مكة، ومن ثم إلى العراق، ومن المؤكد أن الإمام لم يكن هدفه الأساسي الحج فقط، فالخروج إلى الحج لا يقتضي إخراج كل هذا العدد من الأطفال والنساء[26].
10. كان للمستشرق الألماني يوليوس فلهاوزن رأيه حول ثورة الإمام الحسين (ع) في كتابيه الدولة العربية، وأحزاب المعارضة السياسية، معتمدًا على مصادر اليعقوبي والطبري والمسعودي، وغيرهم في سرده لأحداث الثورة، إذ ذكر فلهاوزن بأنه لمـا تـوفي معاويـة وانتهـت خلافته فـي سـنة 60هـ أحيـت أمال الشيعة في شخصية الإمام الحسين بن علي (ع)، فرفض أن يبايع يزيد، وحتى يخلص مـن سلطان يزيد فرّ من المدينة، وهي المركز الدائم لأنصار علي (ع)، والتجأ إلى مكة عند أواخر رجـب سنة 60هـ، فدعاه أهل الكوفة إليهم للخروج تحت قيادته على سلطان بني أمية، وأرسلوا إليه في هذا المعنى بعدة رسائل، ووصل إلـى مكـة رسـولهم الأول فـي العاشر من رمضـان سـنة60هـ، وكان أصحاب هذه الرسائل رجالًا بارزين من القبائل، ومـن اليمانيـة علـى وجه التخصيص، وقد كانت اليمانية في الكوفة أكبر القبائل عددًا وأهمية، ومالت نفس الحسـين إلى تلبية هذه الدعوة الملحة التي وجهها الكثيرون، ولكنه آثر أن يبعث أولًا بابن عمه مسلم بـن عقيل ليتحسس الأرض ويهيء السبيل أمامه، ونزل مسلم في الكوفة أولًا عنـد المختـار بـن عبيد الله الثقفي[27].
حاول فلهاوزن أن يوحي للقارئ بأن الإمام الحسين (ع) لم يكن عازمًا على الخروج إلى الكوفة بوصفه أن مكة كانت مأمن الإمام، وأن إلحاح أهالي الكوفة عليه هو الذي دفعه للتوجه إلى العراق وتلبية ندائهم، والحق أن الإمام الحسين (ع) قد عزم الخروج إلى العراق منذ أن عرض عامل يزيد في المدينة الوليد بن عتبة البيعة على الإمام[28]، كما أن رفض الإمام للبيعة أوصل الأمور إلى نقطة اللاعودة بينه وبين الحكم الأموي، بل إن مروان بن الحكم قد تنبه للأمر وأشار إلى الوليد بضرورة بيعة الإمام والأكثر أن دعا الأمر وقوع القتل بينهم[29].
تابع فلهاوزن سرد الأحداث المتعلقة ببداية انطلاق الثورة الحسينية، وأشار إلى أن كسـب الأنصار للحسـين يـتم بسرعة، ولكن مع احتياط شديد، فلم يكن يقبل كل مـن يظهـر الرغبـة فـي الانضـمام، وفـي مـدة قليلة تقدم الآلاف بالبـيعة للحسين على يد مسلم بن عقيل أو مـن ينيـبهم عنـه[30].
11. المستشرق الألماني جرهارد كونسلمان يرى أن فترة السلم الوجيزة انتهت بموت معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك بداية حقبة جديدة من الحرب الأهلية؛ إذ أعلن حفيد النبي الحسين بن علي (ع) الخصومة ليزيد، وبذلك بدأت شيعة علي برفع رأسها من جديد، وبدؤوا بإرسال الرسل إلى مكة يطلبون من الحسين (ع) تقلد منصب الخليفة عندهم، وقد غادر أربع رجال الكوفة على إبل سريعة متخذين أربع طرق مختلفة حتى يحدوا من خطر فشل البعثة، وكان عدد الرسائل مائة وخمسين تحمل توقيعات عدة آلاف من أسماء رجال الكوفة الذين أرادوا التعبير من خلال توقيعهم عن رغبتهم في العودة بالحـسين حاكمًا على الـكوفة[31].
لم يظهر ميلًا بتلبية نداء الذهاب إلى بلاد الرافدين فقد كان لا يزال يذكر أن حكم علي والحسن قد انتهى بكارثة، ادعى كونسلمان أن الحسين بن علي كان يخشى تحول المرض لأنصاره في تغــيير رأيهم وخشي مـن الخــيانة[32].
إن ما ادعاه كونسلمان بعيد عن الروايات الإسلامية الصحيحة، إذ إن الروايات التي وصلت إلينا عن معارضة الإمام الحسين (ع) ثم خروجه إلى الكوفة واستشهاده تتميز بأنها مباشرة عن رواة شاركوا في الأحداث، أو عن آخرين قريبين منها، وهي تعـرض لأوضـاع الكوفـة الاجتماعيـة، وتتـضمن في بعـضها أدق التفاصـيل؛ إذ تشير هذه الروايات إلى أن الإمام الحسين (ع) كان عازمًا على التوجه إلى العـراق من أجل طلب الإصلاح أول الأمر، ولتلبية دعوات أهل الكوفة للقدوم إليهم من أجل مبايعته، وبعد توافد الكتب على الحسين وهو بمكة، وجميعها تؤكد الرغبة في حضوره ومبايعته[33].
وقـد فهـم مـن تلـك الرسـائل المتلاحقة من الكوفة الرغبة الصادقة والمحبة الجامحة لشخـصه في نفـوس الكـوفيين، وأنهـم قـد نابذوا إمامهم، ولم يعترفوا بيزيد وأنهم سيخرجون أمير الكوفة – النعمان بـن بـشير – وأنهـم في حاجة لإمام يجتمعون عليه، وهذا الإمام الذي يرغبون فيه هو الحسين بن علي (ع)[34].
وليس كما يدّعي كونسلمان بأن الدافع لخروج الإمام الحسين (ع) هو من أجل تلبية مطالب أهل الكوفة، وأغفل كونسلمان عن السبب الرئيس للخروج وهو من أجل طلـب الإصلاح في المجتمع الإسلامي دون تردد، وكان الإمام في ترقب للأوضاع السائدة في العراق بعد وفاة معاوية ومجيء يزيد إلى الحكم، من أجل الخروج وإعلان ثورته.
12. تحدث المستشرق يان ريشان عن بدايات ثورة الإمام الحسين (ع)، وعن ما يحمله يزيد بن معاوية من صفات، إذ وصف يزيد بقلّة التقوى واللهو والانغماس بالملذات وبحب الموائد والخمر، أما الحسين الذي كان في دمشق فقد تحرك إلى مكة وهناك تلقى دعوة من أهالي الكوفة يستحثونه فيها على رئاسة التمرد المـعتزم على حد تعبير ريشان، ولما لم يكن للحسين (ع) حسن الاطلاع على الخطر الحقيقي، ولا على التدابير الوقائية التي اتخذها يزيد، فإنه أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل للاطلاع على الوضع في العراق، وسار الحسين (ع) إلى الكوفة بعد أن أدى العمرة[35].
أما فيما يتعلق بالمعارضـة التي واجهها الإمام الحســين قبل خروجه إلى العراق فقد ذكر ريشان بأن العديد من أقرباء الحسين (ع) اعترضوا على خروجه إلى العراق خائفين من أنه يسرع إلى مغامرة غير معقولة فأجابهم بقوله: (إن الله يفعل ما يريد، وإني أترك الله يختار لي الأفضل، أما الله، فلا يمكن أن يكون ضد من يرى اتباع الحق)[36].
المحور الثاني
رؤية المستشرقين لأحداث الثورة الحسينية
نحاول تحديد رؤية المستشرقين للأحداث التي مرّت بها الثورة الحسينية، من خلال ذكر أقوالهم، وبعضها يحتاج للرد عليها، نذكر بعضها…
1. ذكر المستشرق هنري لامنس بأن الإمام الحسين (ع) أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل (ع) إلى مدينة الكوفة ليستطلع الأوضاع في المدينة، فكتب إلى الإمام الحسين(ع) يخبره بأن الوضع مناسب وأن الآلاف من أنصار الشيعة مستعدون للمشاركة في الثورة ضد النظام الأموي، وعلى الرغم من أن الإمام الحسين (ع) كان حذرًا من هذه المغامرة غادر سنة 60ه/680م، مكة سرًّا، حيث كان يؤدي فريضة الحج ثم سلك طريق الحج متوجهًا إلى العراق مصطحبًا أسرته ونفرًا من أقربائه ولا يتجاوز عددهم الخمسين شخصًا، وعندما وصل خبر مسير الحسين(ع) إلى العراق، قام عبيد الله بن زياد بإرسال العديد من دوريات المراقبة لرصد ومراقبة جميع الطرق الصحراوية، وقام بإعدام قادة التمرد في الكوفة كان من بينهم مسلم بن عقيل (ع)، ولم يصل خبر مقتله إلّا بعد اقتراب الإمام الحسين (ع) من الــفرات[37].
2. أشار هاينس هالم إلى أنه عند وصول الإمام الحسين (ع) قرب الكوفة، لم يأتِ شخص واحد من بين آلاف الشيعة الكوفيين لنصرة حفيد النبي، وفي سنة 61ه-680م، خيم الإمام الحسين (ع) ومن رافقه في موقع كربلاء على بعد 70كم شمال مدينة الكوفة، و20كم غربي الفرات، وفي اليوم التالي وصلت إلى المكان قوات بلغ عددها 4000 مقاتل بقيادة عمرو بن سعد، وقطعت الطريق عنهم ومنعتهم من الوصول إلى الماء، مما جعلهم يعانون العطش الشديد لمدة ثلاثة أيام، على الرغم من المفاوضات التي جرت بين الطرفين، إلا أن الإمام الحسين بقي مصممًا على موقفه من عدم بيعة يزيد بالخلافة[38].
على الرغم من النصائح الموجهة للإمام الحسين بعدم الخروج إلى العراق بحسب ما ذكرت فاجليري، إِلا أنّ الإمام الحسين لم يتخلّ عن موقفه، فاكتفى بأداء العمرة بدلًا من الحج، واستغل فرصة غياب الوالي عمرو بن سعيد الأشدق، الذي كان يؤدي مناسك الحج في مكة، فتوجه مع جماعته في صحبة واحدة، وكانوا قرابة خمسين رجلًا من الأقوياء والأصدقاء القادرين على حمل السلاح، والنسوة والأطفال، وقد ذكرت فاجليري الأماكن كلها التي وقف بها الإمام الحسين في طريقه من مكة إلى الكوفة معتمدة على روايات الطبري والدينوري في تصوير الثورة الحسينية، وأوضحت بأن الإمام الحسين وأهل بيته قد عانوا من العطش لمدة ثلاثة أيام، ونجحت جماعة جريئة يقودها أخو الحسين، العباس (رض) في اختراق الحصار وصولًا إلى النهر، لكنه لم يفلح إلّا في ملء قربة قليلة بالماء، واستمرت المفاوضات لعقد الصلح وانتزاع التنازل من الإمام الحسين (ع) لكن دون جدوى[39].
3. أما المستشرق بروكلمان فقد اعتقد بأن الإمام الحسين (ع) لم يستسلم إلى جنود يزيد بن معاوية في كربلاء، اعتمادًا على كونه حفيد النبي (ص)[40]. وذكر بروكلمان بأن طلائع الجيش التابع ليزيد اعترضت مسير الإمام الحسين (ع) عند خروجه إلى الكوفة، وأبى الإمام الحسين (ع) العودة واستمر في مسيره إلى كربلاء، ثم حاصروه هناك متأملين أن يدفعه الظمأ على الاستسلام، وفي العاشر من محرم سنة 61ه-681م، أنذره قائد جيش يزيد، عمرو بن سعد بن أبي وقاص إلا أن الحسين (ع) استمر بموقفه[41].
إن ما ادعاه بروكلمان عن اتكال الإمام الحسين (ع) على الحصانة التي كان يتمتع بها بوصفه حفيد الرسول (ص) غير دقيق، ولم يكن الإمام (ع) غافلًا عن عدم احترام الأمويين لنسبه ولارتباطه بالرسول، فالأمويون لم يظهروا أي احترام لهذه العلاقة الشريفة، وقد أثبتت الأحداث السابقة للثورة ذلك[42].
كيف يمكن أن يعتمد الإمام الحسين (ع) على نسبه كحصانة له وهو يعلم أن مواجهة الأمويين وانسياق الناس ورائهم في حروبهم ضد الإمام علي (ع) دون مراعاة لمركز الإمام كخليفة للمسلمين، أو مراعاة لتاريخه المشرف في الدعوة الإسلامية[43].
4. لقد ذكر فلهاوزن بأن الإمام الحسين (ع) قد أرسل ابن عمه مـسلم بن عقيل قبل أن يتوجه هو إلى الكوفة لكي يرى صدق ما كتبوا له، ولكي يمهد له الأمر، ولم يلبث حين وصل إليهم بأن ندب إليه أهل الكوفة وبايعه قسم منهم حتى قبض عليه من قبل شرطة عبيد الله بن زياد فأحاطوا بالدار المختبئ بها، فخرج إليهم مسلم بن عقيل وقاتلهم قتال الأبطال، ثم أعطي له الأمان ونقل إلى قصر يزيد بن معاوية وجرد من سلاحه فقتل ورمي من فوق القصر[44].
استمر فلهاوزن بتتبع أحداث الثورة وذكر بأن الإمام الحسين (ع) عندما علم بما حل بابن عمه مسلم بن عقيل وهو في طريقه إلى كربلاء لم يتراجع عن مسيره، وفي العاشر من محرم، يوم الأربعاء العاشر من أكتوبر سنة 680م، تأهب كل فريقه بعد صلاة الفجر استعدادًا للقتال، وكان مع الحسين اثنان وثلاثون فارسًـا وأربعون رجلًا، بمـا فيهم 18من أبناء عمومته، وفي اللحظة الأخيرة وقع حادث مشجع له هو أن الحر بن يزيد عـدل إلى الحسـين وقاتل معـه كفـارة عـن مسـلكه السـابق، وسـبق القتـال كلام، وخطـب الحسـين فـي أعدائه وهو راكب جملًا، إلى أن انطلق سهم لم يصـبه، فتوقـف عـن الخطبـة، وتلا رمـي السـهام القتال بالسيوف، وودع أصحاب الحسين صاحبهم على موعد لقاء في الجنـة قبـل أن يـدخل كـل منهم المعركة الواحد بعد الآخر، ولم يكن في غاية لهم إلا أن يموتوا في القتال بمـشهد منه[45]. أما الحسين(ع) فقد ظل يرقب المعركة وهو جـالس أمام الخيمـة الكبـرى التـي ضـمت النسـاء والأطفال، وكان النسوة يَنُحن ويلوح أيضًا أن أبناء عمـه كـانوا أيضًا يشـهدون المعركـة دون أن يخوضـوها إلى أن أهرق دماء الآخرين فجاء دورهم فقتلوا جميعًا، أما حفيد النبي الحسـين فلـم يجسـر أحـد علـى قتلـه، إلى أن قـام شـمر فقضـى على هذا التردد، لقد كان قائد الهجوم، إن صح الحديث عن القيادة، فـأفلح أولًا فـي أن يبعـد الإمام الحسين(ع) من معسكر النسوة والأطفال، وهو معسكر لم يكن لأحد أن يمسه بأذى، وهنالك انقض عليه الكثيرون طعنًا وضربًا حتى أصابوه بثلاث وثلاثين طعنة وأربع وثلاثين ضربة، ولم يشأ أحـد منهم بعد ذلك أن يكون القاتل، فسلب الحسين الإمام(ع)، وسبي أهل بيته في يوم العاشر من محرم سنة 61ه، وهكذا انتهت خطة الثورة، ولكن استشهاد الحسين كان له شأن معنوي كبير، وكان له تأثيـر عـظيم عند الـشيعة[46].
اعتمد فلهاوزن في هذا الموضع على روايـة أبي مخنـف، وهـي روايـة طويلـة مفصـلة جـدًّا نقلها الطبري بأكملها تقريبًا، فضلًا عن روايات اليعقوبي في ذكر تواريخ واقعة الطف ومجريات الثورة وما آلت إليه أحداثها من استشهاد أصحاب الإمام الحــسين (ع)، وسبي النساء بعد استشهاد الحسين (ع)[47].
5. حدّث المستشرق جرهارد كونسلمان عن مجريات أحداث ثورة الإمام الحسين وذكر بأن أنصار شيعة الإمام علي (ع) تجمعوا أمام قصر الوالي للمطالبة بالإفراج عن مسلم بن عقيل (ع)، فأوقف مسلم بن عقيل على سطح مقر الحاكم وجعله ينظر على الجماهير التي تجمعت في قلب المدينة فضرب الجلاد عنق مسلم بن عقيل وسقط وسط الجماهير، وبذلك أعطى الحاكم تحذيرًا لكل من يحلم باستعادة السلطة من خلال الحسين، فلم يعد هناك في الكوفة من يظهر ميلًا لدعم قضية الحسين[48].
أما حفيد النبي الحسين (ع) فقد وصل على مقربة من الكوفة مع أهل بيته، وبالقرب من مدينة القادسية التي تبعد 10 كيلومتر عن الفرات انضم إليه نفر قليل من الأنصار، وعند القادسية عرف الحسين (ع) بمقتل مسلم بن عقيل، وكان الحسين (ع) يأمل دخول الكوفة دخول الفاتحين محاط بترحيب شيعة علي (ع)، وقد تتبع قافلة آل الحسين على مسافة بعيدة فرسان من المدينة لمراقبة ما يقوم به حفيد النبي، وعند اقتراب الحسين من الكوفة جرت المفاوضات بين المعسكرين، وتوجه الإنذار الأخير للحسين (ع) فإما المبايعة في دمشق أو القضاء عليه، إلا أن الحسين أصر على عدم التسليم ليزيد بن معاوية، فبقي الحسين مع قلة من الرجال الذين بقوا معه، فوصل الحسين مع أتباعه إلى مدينة كربلاء وهو اسم المكان، الذي وصل إليه حفيد النبي لآخر قتال، وكان معه 150 رجلًا، أما خصمه فقد بلغ عدد مقاتليه خمسة ألاف مقاتل[49].
وصف كونسلمان شخصية الإمام الحسين بأنه رجل ذو كلام ساحر خاصة في وقت الشدة، واستخدامه لعنصر الإقناع في المعركة بكلماته، وقد بقيت هذه الكلمات للحسين الشهيد مقدسة عند الشيعة حتى اليوم، وقد استخدم الإمام الحسين(ع) الكثير من عناصر الفصاحة، فاستعان بالمبررات وعبارات الرجاء والتهديد المباشر، وقد أصاب الوهن صوت الحسين (ع) عند الظهيرة، فجف حلقه وشفتاه ولسانه بفعل العطش، وأخيرًا انتهت الخطبة وصار القرار للسيوف، وصار على حفيد الرسول القتال بالسيف، ويعتقد جميع المؤرخين أن السيف، الذي كان بيد الحسين (ع) هو (ذو الفقار) سيف أبيه علي (ع)، وقد قاتل الحسين (ع) ببسالة عظيمة، وعندما انكسر حفيد النبي أمام اليد العليا للخصم في النهاية كان قد أصيب بأربعة وثلاثين ضربة سيف، وثلاثة وثلاثين رمية نبال[50].
6. أشار المستشرق ريشان بأن الحسين بن علي (ع) اضطر إلى الاتجاه إلى ضاحية كربلاء بسبب وجود قوة عسكرية أموية أرسلت لملاقاته حالت دون وصوله إلى الكوفة، أما الوصول إلى ماء الفرات فقد قطع عليه من قبل عدوه، لكن العباس الأخ غير الشقيق للحسين (ع) نجح بملء بعض القرب القليلة ليستقي منها الـ72 رجلًا الذين يرابطون منذ عدة أيام في جو شديد الحر، وكان بين ذوي الحسين زينب أخت الإمام الحسين، وعلي (ع) ابنه الطفل الذي سيكون الإمام الرابع وقد بقيا معًا على قيد الحياة[51].
أما مجريات ثورة الإمام الحسين فقد أوضح ريشان بأن الإمام الحسين (ع) بعد أن رفض ما عرض عليه من استسلام تهيأ للمعركة الأخيرة، وحذّر من معه من أهله بما يلحق بهم من خطر إذا ما ضلوا معه، فسهر جميع أتباع الإمام الحسين (ع) في ليلتهم الأخيرة وقضوها في الصلاة، وفي يوم 10 محرم بدأت المعركة الأخيرة والمذبحة، وخاطب الحسين أعداءه لكي يفكروا قبل أن يهاجموا من كان أعزه النبي، ويدعوه يمضي إلى سبيله حرًّا، لكن هؤلاء أصروا على أن يخضع لأوامرهم، لكن بعض المهاجمين المترددين من قبل عادوا فأشعلوا الخيام بالنار وحاولوا وضع اليد على النساء، وكان بين الضحايا الأوائل الذين تلقاهم الإمام بين ذراعيه ابنه علي الأكبر، والقاسم بن الحسن، وأبو الفضل العباس أخوه[52].
حاول يان ريشان إبراز جوانب العنف والوحشية التي اتبعها مقاتلي يزيد في ثورة الإمام الحسين (ع)؛ إذ وقعت في معركة الطف أشياء مفجعة زيدت وضخمت بما لدى الشيعة من تقوى حزينة، وهكذا فإنه عندما كان الحسين يمسك بين ذراعيه وليدًا جديدًا جاء سهم فأصاب عنق الوليد، الذي كان الإمام يترك دمه ينسكب على الأرض ويدعو الله أن يعاقب الأشرار، وتقدم شمر بن ذي الجوشن على رأس مجموعة من الجنود، وهاجم الحسين وقطع رأسه، ونقل رأسه إلى الكوفة ثم إلى دمشق، أما جسده الذي داسته الخيل فقد قبر حيث وجد، وأقيم حوله بعد ذلك مدفن عظيم[53].
7. أوضح المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” بعض تفاصيل ثورة الإمام الحسين (ع)، فأشار أنه بموت معاوية بن أبي سفيان اشتعلت نار الحرب من أجل وراثة العرش، فقد أرسل شيعة الكوفة إلى الإمام الحسين (ع) يطالبونه بالمجيء ويعدونه بمناصرته وتأييد حركته في الوصول إلى الخلافة، فخرج الإمام الحسين (ع) وبعون من أتباعه المخلصين، ولما أصبحت تلك القافلة على مقربة من الكوفة قابلتها قوة من جند يزيد بقيادة عبيد الله بن زياد، وعرض على الإمام الحسين (ع) أن يستسلم إلا أنه رفض ذلك[54].
إن ما قاله ديورانت صحيح، فقد ذكرت الروايات بأن رسول عبيد الله بن زياد قد أمر الحر بن يزيد بأن يدفع الإمام الحسين (ع) وأصحابه في العراء دون حصن أو ماء، بالقرب من نينوى على نهر الفرات في سهل يسمى كربلاء في 12 محرم، 61ه/681م.
وبعد المفاوضات طلب عبيد الله بن زياد من الإمام الحسين (ع) أن يبايع يزيد بن معاوية، وأن يسلم نفسه وإلا استعملت القوة ضده، إلا أن الإمام الحسين (ع) قد رفض ذلك وواصل تقدمه[55].
المحور الثالث
الرؤية الاستشراقية لنتائج الثورة الحسينية
أبرز نتائج ثورة الإمام الحسين (ع) من خلال كتاباتبعض المستشرقين والرد عليهافيما يتعلق بالنتائج التي أفرزتها ثورة الإمام الحسين (ع):
1. أوضح المستشرق هاينس هالم أنه وفي التاسع من محرم تقدمت قوات يزيد إلى مقربة من معسكر الإمام الحسين، وفي صباح اليوم التالي العاشر من محرم61ه، العاشر من أكتوبر/تشرين الأول سنة 681م، بدأت المناوشات بين الطرفين انتهت بعد الظهر باقتحام مخيمات الإمام الحسين، فقتل الحسين (ع) وجميع من رافقه من الذكور من بينهم الإمام العباس (رض)، وابن الإمام الحسين علي الأكبر، وابن أخيه القاسم بن الحسن (ع) وغيرهم[56].
أما الأحداث التي أعقبت استشهاد الإمام الحسين (ع)، فأوضح هاينس هالم بأن قتلى كربلاء دفنوا في نفس المكان، الذي حدثت فيه المجزرة، وقد شيد قبر كبير للإمام الحسين (ع)، الذي يعتبر من أهم المزارات الشيعية في الوقت الحاضر، ونقل رأس الإمام الحسين إلى قصر يزيد بن معاوية، وقد قام عبيد الله بن زياد بضربه بعصا وكسر له عدة أسنان، أما النساء الأسيرات ومن بينهم السيدة زينب أخت الإمام الحسين، وابن الإمام الحسين (ع)، الذي بقي هو الوحيد على قيد الحياة، علي الأصغر(ع) المعروف بزين العابدين قد نقلوا إلى الكوفة ومن ثم إلى دمشق حيث عاملهم الخليفة معاملة حسنة، ثم سمح لهم بالسفر إلى المدينة، ويقال: إن رأس الإمام الحسين قد دفن في دمشق ولا يزال ضريحه يزار حتى يومنا هذا في حجرة صغيرة في باحة المسجد الأموي في دمشق، وهناك رواية أخرى تقول بأن رأس الإمام الحسين دفن في عسقلان في فلسطين، ثم نقل من هناك لإنقاذه من اعتداء الصليبيين إلى القاهرة ويقع ضريحه هناك إلى جانب جامع الأزهر[57].
2. أوضح هاينس هالم في كتابه “الغنوصية في الإسلام” ببعض الإشارات عن ثورة الإمام الحسين (ع)، وأشار إلى أن الإمام الحسين (ع) قد حاول بعد موت معاوية في سنة 60ه/680م، أن يفرض حقه فلجأ لمساعدة أنصار بيته الكوفيين، وارتحل مع أهله وبعض المخلصين له من المدينة إلى العراق، ووجّه إليه عامل الكوفة الأموي فرقة صغيرة من الجند وأوقفوه عند مدينة كربلاء جنوب مدينة الكوفة، وبعد المفاوضات بين الجانبين اندلع القتال بين الفريقين، وتحول إلى مذبحة كبيرة قتل فيها حفيد رسول الله (ص) مع القسم الأكبر من أهل بيته وأتباعه، وأرسل رأسه إلى دمشق[58].
بحسب قول هاينس هالم إنه منذ ذلك الحين احتلت آلام الحسين مكان الصدارة في تبجيل الشيعة، وارتـبط بمـوته أهم المآسي الشـيعية وهو يوم عاشوراء وهو ذكرى موته، ويوم الأربعين الذي يسمى (برجعة الرأس)، الذي أعيد فيه رأس الإمام الحسين.
3. اكتسب موت الإمام الحسين (ع) تدريجيًّا معنى الشهادة، وأصبح قبر الحسين(ع) في كربلاء أحد مواقع المزارات الكبرى في العالم الإسلامي، أما موت الحسين (ع) على أيدي السلطة الأموية يشكل موضوع خلاف أكبر من أي صراع حول الشريعة واللاهوت، أو أي خصومة بين قبائل وأعراف، فالإمام علي (ع) هو أبو المذهب الشيعي والحسين (ع) شهيده[59].
4. أشار بروكلمان إلى أن الإمام الحسين (ع) عندما سقط في ميدان المعركة حملوا رأسه إلى يزيد فحزن حزنًا عميقًا لهذه النتيجة التي لم يكن يتوقعها، وأمر بإرجاع العلويين الذين نجوا من المذبحة إلى المدينة[60].
أراد المستشرق بروكلمان من هذا الادعاء أن يُحمّل الإمام الحسين (ع) كل ما حدث له، وأن الأمويين وعلى رأسهم يزيد بن معاوية براء من دمه، وأن هذا خلاف ما ورد في المصادر والروايات التاريخية، إذ كان يزيد بن معاوية عازمًا على قتل الإمام الحسين (ع) إذا لم يقم بمبايعته، وتذكر الروايات بأن يزيد بن معاوية قد كتب لعامله في المدينة الوليد بن عتبة قائلًا: (إذا أتاك كتابي هذا، فأحضر الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، فخذهما بالبيعة لي، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما، وابعث لي برؤوسهما، وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم والسلام)[61].
فأين ادعـاء بروكلمان بأن الحزن قد أصاب يزيد عند قتل الإمام الحسين (ع)؟
5. اختتم بروكلمان حديثه عن مقتل الحسين (ع) بوصفه أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين (ع) والتي لم يكن لها أي أثر سياسي، قد عجلت في التطور الديني للشيعة، حزب الإمام علي (ع)، الذي أصبح فيما بعد ملتقى جميع النزاعات المناوئة للعرب الشعوبية. اليوم لا يزال ضريح الإمام الحسين (ع) في كربلاء أقدس محـجة عند الشيعة[62].
6. من خلال هذا القول أفرغ المستشرق بروكلمان ثورة الإمام الحسين (ع) من أي محتوى أو ثقل سياسي في التاريخ الإسلامي وتحديدًا في العصر الأموي، فهذا الادعاء مخالف للحقيقة، فقد كانت ثورة الإمام الحسين (ع) أول ظهور علني رافضي ضد البيت الأموي، يسعى إلى التغيير، ضد الأقلية التي استأثرت بالخلافة، وحولتها إلى ملك وراثي متجاهلة الأكثرية المجبرة على الصمت والمكرهة على تقبل الوضع[63].
لقد شحنت ثورة الإمام الحسين (ع) الفكر السياسي في الإسلام بمادة جديدة من التحدي الصعب والانتصار على الذات والتضحية من أجل المبدأ، فكانت حدثًا غير عادي في التاريخ العربي الإسلامي من حيث اجتاحت في أعقابها دولة الأمويين عاصفة ثورية عارمة، كان من نتائجها القريبة إسقاط الحكم السفياني دون أن ينجو منها الحكم المرواني على المدى الأبعد[64].
7. أما المستشرق فلهاوزن فقد وصف استشهاد الإمام الحسين (ع) بأنه قطعة مسرحية انفعالية (ميلودراما)، بينما وصف مقتل الخليفة عثمان بن عفان بأنها مأساة، أما عيوب الحسين (ع) الشخصية تختفي أمام ثورته ومقتله بدعوى أن دم الرسول (ص) يجري في عروقه ومن أهل بيت الرســول، فلم يكن عليه أن يجهد نفسه[65].
إن ما ادعاه فلهاوزن غير صحيح، فقد قدّم الإمام الحسين (ع) أعز شيء كان يملكه وهو التضحية بنفسه وأصحابه وأهل بيته من أجل بلوغ هدفه المتمثل بالوقوف بوجه السلطان الجائر، الذي ابتعد عن الإسلام، كما أن الإمام الحسين (ع) لم يرغم أحد في الانضمام إليه والقتال معه، إذ أوضح بأن القوم يستهدفونه هو دون غيره وخيّرهم للانصراف في الليلة التي سبقت المعركة، ولكن ثقة أصحابه به وإيمانهم بقضيتهم جعلهم يضحون في أنفسهم في سبيل ذلك[66].
8. وكان المستشرق جرهارد كونسلمان هو الآخر قد ركّز على إبراز نتائج ما آلت إليه ثورة الإمام الحسين (ع)، فقد ذكر بأن مقاتلي يزيد قد قتلوا جميع أنصار الحسين بلا رحمة، وقاموا بفصل الرقبة عن جسد كل القتلى، بما فيهم الحسين (ع)، ومثّلوا بالكثير من جثث القتلى.
9. وهنا يحاول كونسلمان إبراز سلوك العنف والوحشية التي ارتكبها مقاتلي يزيد بحق أهل بيت الرسول، ويضيف كونسلمان بأن الجثث الدامية،المقطوعة الرأس بلا دفن، وكان من بين الضحايا اثنان من أبناء الحسين، وكانا يبلغان من العمر الحادية عشر والثالثة عشر، ولم يبق على قيد الحياة إلا النساء وبعض الغلمان تم إرسالهم إلى الكوفة وتركوا كربلاء باكين ووصلوا الكوفة باكين، ودخلت النساء والأطفال من باب المدينة يترنحن من الكلل.
10. أما أصحاب الفضول الذين كانوا ينتظرون هناك فشرعوا في النحيب وسرعان ما أصابتهم الهستيريا، وكانت النساء تضرب صدورها، وكان رجال ونساء الكوفة يبكون لأن ذنبهم وإحباطهم هو الذي أدى إلى مقتل الإمام الحسين (ع)[67].
11. يرى كونسلمان بأن استشهاد الإمام الحسين (ع) أدى إلى أن تصير سلالة محمد وعلي (ع) وآل بيتهما في ضمير كثير من المسلمين، أنبل جنس عاش يومًا ما على أرض الدولة الإسلامية، وصار استشهاد الإمام الحسين في كربلاء أهم حدث في مجرى التاريخ بالنسبة للشيعة، وضل هذا الشهيد رمزًا للشيعة حتى يومنا هذا، كما قوّت هذه الثورة روح الانفصال والتفكك في جسد الدولة الأموية استمر ذلك حتى سقوطها[68].
12. ووصف كونسلمان واقعة الطف من أهم الحوادث في مجرى التاريخ الإسلامي، وكان من نتائج هذه الثورة أنه قوّى شيعة علي في رفضهم للحكام الذين لا تمتد جذورهم إلى آل بيت النبي، وقد قوّى انقسام الإسلام عريكتهم، وكانت ثورة الحسين (ع) فاتحة لعهد جديد من الثورات عصفت بالبيت الأموي[69].
13. تحدثت المستشرقة جوناثان بيركي عن بعض جوانب ثورة الإمام الحسين (ع)، وذكرت بأن الدولة الإسلامية بعد مقتل الإمام علي (ع) بنيـت على نظـام الوراثة تتوسطها مطالب الشيعة بأحقية أبناء علي (ع) في الخلافة، وواجه الأمويون معارضة شديدة جراء ترشيح يزيد بن معاوية للخلافة، وبرز معارض من أسرة علي وهو الحسين (ع)، الذي انتهت ثورته بكارثة كربلاء عام 680م غير الموفقة، وترتب على هذه الثورة العديد من النتائج، وأبرزها اشتداد المعارضة ضد السلطة الأموية[70].
لقد واجه المسلمون النهاية الفاجعة للثورة وما أعقبها من ذيول وقطع الرؤوس والسبي بثلاثة مواقف على حد وصف المستشرقين:
الموقف الأول: موقف شيعة أهل البيت، فقد استقبلوا النهاية الفاجعة بالحزن والندم والغضب، وحزنوا بسبب فظاعة ما حدث في كربلاء، وندموا لأنهم قصروا في النصرة والمساندة، وغضبوا على النظام الأموي لأنه ارتكب الجريمة البشعة، وقد تفاعل الندم مع الحزن فولّد عندهم مزيدًا من الغضب، وولّد لديهم الرغبة في التكفير عبروا عنها بمواقفهم من النظام ورجاله شعرًا وخطابًا وثورات استمرت أجيالًا، وجعلت من شعار (يا لثارات الحسين) شعارًا لكل الثائرين على الأمويين[71].
الموقف الثاني: موقف عامة المسلمين غير الملتزمين بالخط السياسي للشيعة وأئمة أهل البيت، فقد واجه هؤلاء الكارثة بالدهشة والاستنكار، وقد هالهم ما كشفت عنه عملية قمع الثورة من أسلوب معاملة الأمويين لخصومهم السياسيين، هذا الأسلوب الذي لا يحترم شريعة ولا أخلاقًا، ولا يقيم وزنًا حتى للأعراف الاجتماعية[72].
الموقف الثالث: موقف أهل النظام، فقد استقبل هؤلاء البشائر بالقضاء على الثائر بالفرح والبهجة، وأظهروا شعورهم بالراحة، ولم يكف بعضهم عن إظهار الشعور بالتشفي والشماتة، فقد أظهر يزيد بن معاوية شعوره بالفرح والغبطة بأن يبدو أن قدوم السبايا اتخذ مناسبة شعبية فرحة استخدمت فيها الموسيقى والأهازيج[73].
ونبتت على أكتاف ثورة كربلاء ثورة في الكوفة وثورة في البصرة وانتفاضة في مصر[74]، وحركة في اليمن وثورة في الشام وتمرد في خراسان حتى عمّت الثورات الخيرة كل مناطق العالم الإسلامي، وقلبت المفاهيم الزائفة في ضرورة طاعة السلطان مهما كان ظالمًا، وأحرقت كل عرش زائف[75].
الخاتمة
كما رأينا في مقدمة البحث، نجد أن الاستشراق ما هو إلا مقدّمة لنشر الفتن داخل المجتمعات الإسلامية، هذا إضافة إلى أن المنطق العلماني وخلفيته العدائية للإسلام، وكل ما ينتمي له من مجتمعات، وتاريخ، وتراث حضاري سوف تتحكم في كتاباتهم وتنظيراتهم تلك، وهم بذلك يرمزون إلى تحقيق هدفين رئيسيين:
الهدف الأول: تأسيس ثقافة الشرق الأوسط الجديد على ضوء النظرة الغربية الهادفة إلى تركيز الاتجاه العلماني، وبالتعبير الاصطلاحي تغريب ثقافة الشرق الإسلامي، وهم بذلك يجرّدون المعارف الإسلامية وثقافة المسلمين وتراثهم الحضاري من خصوصياتهم الذاتية صبغته الخاصة المعبّرة عن انتمائه لوحي الرسالة الإلهية.
الهدف الثاني: خلق الأرضية وتشييد أسس عوامل علمنة الشرق الإسلامي ثقافيًّا ومنهجيًّا، واستعماره سياسيًّا وحضاريًّا من خلال اعتماد ثقافة المناهج المغرية في الجامعات والمعاهد المؤسسة بهدف تربية جيل المثقفين من ساسة الشرق المرتقبين لقيادة وإدارة الحكم في بلدانهم.
أما بخصوص ما جاء في كتاباتهم عن الثورة الحسينية وشخصية الإمام الحسين (ع) بصفة خاصة، نجدها تتمحور حول عدة رؤى، ومن خلال المحاور السابقة في البحث نجد أن المستشرقين اتفقوا على عدة نقاط، منها[76]:
أولًا: شخّص معظم المستشرقين الذين تحدثوا عن أسباب ثورة الإمام الحسين (ع) بأن الإصلاح كان الدافع الرئيس للثورة، وقد تبناه الإمام الحسين (ع) شعارًا.
ثانيًا: لم يختلف المستشرقون الذين تحدثوا عن مجريات ثورة الإمام الحسين (ع) في ذكر مسيرة الحسين (ع) من مكة إلى العراق، وكذلك في تفصيل وقائع المعركة.
ثالثًا: أظهر المستشرقون يزيد على حقيقته ومدى حقده على الرسول محمد (ص)، وعلى آل بيته الأطهار بالانتقام من الإمام الحسين (ع) وقتله وسبي عياله.
رابعًا: يرى المستشرقون أن ثورة الإمام الحسين (ع) كانـت فاتــحة لعــصر جــديد من الثورات ضد السلطة الأموية، إذ أسهمت في إضعاف النظام الأموي، وأجج استشهاد الإمام (ع) شعلة الثورة في فئات متعددة من المجتمع الأموي.
خامسًا: يُجمع معظم المستشرقين بأن أي ملحمة إنسانية في التاريخ القديم والحديث لم تحظ بمثل ما حظيت به ملحمة الاستشهاد في كربلاء من إعجاب ودرس وتعاطــف، فقد كانـت حركة على مستوى الحدث الوجداني الأكبر لأمّة الإسلام، بتشكيلها المنعطف الروحي خطير الأثر في مسيرة العقيدة الإسلامية.
سادسًا: أكثر المستشرقين الذين كتبوا عن الإمام الحسين (ع) وثورته إِنما نقلوا عن بعض الكتب التي درست الثورة دراسة سطحية، لذلك لم تنقل الـحادثة التاريخية بصورة دقيقة، لذلك جاءت كتاباتهم منصبّة على ذكر استشهاد الإمام الحـسين دون أن يكون لهم موقف من الإمام (ع).
سابعًا: وقع أكثر المؤرخين في فخ التناقض بين طلب الإصلاح والحرص على الحكم، وهو ما لم يحدث من الإمام الحسين(ع)، فهو لم يخرج ثائرًا إلا عندما وجد الإسلام نفسه ككيان ديني مهدّد بالاختفاء وراء العنصرية الأموية، وهو ما تحدّثنا عنه في مقدمة البحث.
ثامنًا: بعض المستشرقين حاولوا الربط بين دم الحسين (ع) ودم المسيح (ع)، وهو أمر مرفوض، لأن دم الحسين كان دفاعًا عن كرامة الإنسان، ودم عيسى كان من أجل إقامة الملكوت الأرضي ضد جشع بني إسرائيل، وهما يتفقان حول الميل الروحي، ولكن الإمام الحسين قدّم دمه المراق بكربلاء على مذبح الحرية الإنسانية، والإمام الحسين انتصر بدمه، أي الدم انتصر على السيف، ووجدنا من يتخذ صلب المسيح سببًا لاستعمار واستعباد الشعوب.
[1]لويس معلوف، معجم المنجد، نسخة كمبيوترية، مادة”شرق”.
[2]رودنسون، مكسيم، حوار تحت عنوان: “الاستشراق في الميزان”، مجله رسالة الجهاد، العدد 70.
[3]الشيخ فؤاد كاظم المقدادي، الاستشراق والإسلام، مجلة رسالة الثقلين، العدد الأول، السنة الأولى، 1992م.
[4]درمنغهم، حياة محمد، المقدمة، الصفحات8و10و11.
[5] محمد مهدي النراقي، جامع السعادات، الجزء 3، الصفحة 116.
[6] علي أبو الخير، في رحاب كربلاء، مركز يافا للدراسات والأبحاث، القاهرة، 2001،الصفحة 5.
[7] د. حاتم كريم اليعقوبي، سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، العراق – النجف الأشرف، المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية، مجلة: دراسات استشراقية، العدد 12، السنة 4، 2017https://m.iicss.iq/index.php?id=69&sid=100، وقد نقلنا ببعض تصرف ما جاء بهذه الدراسة، إلى جانب المصادر الأخرى في البحث بعد الاطلاع عليها من متون الكتب.
[8]د. حاتم كريم اليعقوبي، سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، المستشرق سيدو، تاريخ العرب العام، الصفحة 166.
[9]د. حاتم كريم اليعقوبي، سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، موقف المستشرقين من الصحابة، الصفحة 551، الحصين، موقـف المستشرق سيدو من السيرة، الصفحة 93.
[10]د. حاتم كريم اليعقوبي، سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق. ولمعرفة موقف المستشرقين من الصحابة ينظر: سعد بن عبد الله الماجد، موقف المستشرقين من الصحابة، الصفحة 540.
[11] علي محمد الصلابي، الحسن بن علي، الصفحتان 356و357.نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي، سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[12]عدنان محمد ملحم، المؤرخون العرب والفتنة الكبرى، بيروت، دار الطليعة، 2001، الصفحة 308.
[13]الدينوري، الأخبار الطوال، الصفحة 221.
[14] علي محمد الصلابي، الحسن بن علي، الصفحة356.. نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي، سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين.
[15] ابن عساكر، ترجمة ريحانة رسول الله الإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) من تاريخ مدينة دمشق، الصفحة167. أنطوان بارا، الحسين في الفكر المسيحي، الصفحة107.
[16] ابن خياط، تاريخ خليفة، الصفحة 143،اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، الصفحة 169، الديــنوري، الأخبار الطوال، الصفحة 337،
المسعودي، مروج الذهب، الجزء3، الصفحة57 إلى 60. نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين.
[17]لامنس، دائرة المعارف الإسلامية، مادة الحسين بن علي، الجزء7، الصفحة427.
[18]هاينز هالم، الشيعة، نسخة كمبيوترية، الصفحتان 28-29.
[19]هاينس هالم، الشيعة، الصفحتان 30-31..نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[20]فاجليري، موجز دائرة المعارف، مادة الحسين بن علي، الجزء12، الصفحة 3853.
[21]لابيدس، تاريخ المجتمعات الإسلامية، الجزء 1، الصفحة 126.نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[22]هورخرونيه، صفحات من تاريخ مكة، الصفحة108. نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[23]جولد تسيهر، العقيدة والشريعة، الصفحة197. نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[24]دونلدسن، عقيدة الشيعة، الصفحات 95-97.
[25]بروكلمان، تاريخ الشعوب، الصفحات105 إلى 109
[26]ابن كثير، البداية والنهاية، الجزء8، الصفحة 160.
[27]فلهاوزن، تاريخ الدولة العربية، الصفحة 143.
[28]الطبري، تاريخ الرسل، الجزء4، الصفحة 300، ابن كثير، البداية والنهاية، الجزء28، الصفحة 182.
[29]المسعودي، مروج الذهب، الجزء3، الصفحة65، ابن الأثير، الكامل في التاريخ، الجزء3، الصفحة 264. نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[30]فلهاوزن، أحزاب المعارضة، الصفحة 233.
[31] جراهارد كونسلمان، سطوع نجم الشيعة… الثورة الإيرانية من 1979 – 1989، ترجمة: محمد أبو رحمة، القاهرة، مكتبة مدبولي، 1992، الصفحتان 54-55.
[32]كونسلمان، سطوع نجم الشيعة، مصدر سابق، الصفحة 56.
[33]الطبري، تاريخ الرسل، الجزء4، الصفحة311، البلاذري، أنساب الأشراف، الجزء3، الصفحة 167.
[34]ابن كثير، البداية والنهاية، الجزء8، الصفحة165. نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[35]د. حاتم كريم اليعقوبي/سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، المستشرق يان ريشان، الإسلام الشيعي، الصفحة 54.
[36] د. حاتم كريم اليعقوبي/سيف الـدين مهند كاظم جواد،ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، المستشرق يان ريشان، الإسلام الشيعي، مصدر سابق، الصفحة 55.
[37] لامنس، دائرة المعارف الإسلامية، مادة الحسين بن علي، الجزء7، الصفحة429. نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[38]هاينس هالم، الشيعة، مصدر سابق، الصفحة 31.
[39]فاجــليري، موجز دائرة المعـارف الإسلامية، مادة الحسين بن علي، الجزء12، الصفحة3853.
[40]بروكلمان، تاريخ الشعوب، الصفحة 128.
[41]بروكلمان، تاريخ الشعوب، الصفحة 129.
[42]الطبري، تاريخ الرسل، الجزء4، الصفحة132، ابن الجـوزي، المنتظم، الجزء5، الصفحة324، ابن الأثير، الكامل في التاريخ،
الجزء3، الصفحة264، ابن كثير، البداية والنهاية، الجزء8، الصفحة147.
[43] محمد مهدي علي، الرؤية الاستشراقية عند كارل بروكلمان، موقع كربلاء، 2010، الصفحة 226.
[44] يوليوس فلهاوزن، تاريخ الدولة العربية، ترجمة: محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2009،الصفحة 144.
[45]فلهاوزن، أحزاب المعارضة، الصفحة 236.
[46]فلهاوزن، تاريخ الدولة العربية، الصفحة149.
[47]الطبري، تاريخ الرسل، الجزء4، الصفحة 300، ابن كثير، البداية والنهاية، الجزء28، نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[48]كونسلمان، سطوع نجم الشيعة، الصفحة 56.
[49]كونسلمان، سطوع نجم الشيعة، الصفحة 57.نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[50]كونسلمان، سطوع نجم الشيعة، مصدر سابق،الصفحة 60.
[51]ريشان،الإسلام الشيعي، الصفحة 53.
[52] المصدر نفسه، الصفحة 55.
[53] حول المستشرق يان ريشان، الإسلام الشيعي، الصفحة 60 .نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[54] ويلديورانت، قصة الحضارة، الجزء2، الصفحة 82.
[55]ابن الأثير، الكامل في التاريخ، الجزء4، الصفحات 35- 46، ابن خيـاط، تاريخ خليفة، الجزء1، الصفحة284، الدينوري، الأخبار
الطوال، الصفحات251-261، اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، الجزء2، الصفحة 244.
[56]هاينس هالم، الشيعة، الصفحة 32. نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[57]هاينس هالم، الشيعة، الصفحة 34.
[58] المصدر نفسه، الصفحة 36.
[59] المستشرق إيرام ابيدس، تاريخ المجتمعات الإسلامية، الصفحة 126، نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[60]كارل بروكلمان، تاريخ الشعوب، ترجمة: نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي، بيروت، دار العلم للملايين، 2015، الصفحة 128.
[61] أبو العباس اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1422 هـ، الجزء2، الصفحة 241.
[62]بروكلمان، تاريخ الشعوب، مصدر سابق، الصفحة 128.
[63] محمد مهدي الشبري، الرؤية الاستشراقية عند كارل بروكلمان، الصفحة 231.
[64]المصدر نفسه، الصفحة 232.
[65]فلهاوزن، أحزاب المعارض، مصدر سابق، الصفحة 135.
[66]د. حاتم كريم اليعقوبي، سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين ، مصدر سابق، الصفحة 18.
[67]كونسلمان، سطوع نجم الشيعة، مصدر سابق، الصفحة 57.
[68] المصدر نفسه، الصفحتان 58-59.
[69]كونسلمان، سطوح نجم الشيعة، مصدر سابق، الصفحة 61.
[70]Berkey،Jonathan،The Formation Of Islam،Combridgeanirersity press،P.74.
نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[71] شمس الدين، ثورة الحسين في الوجدان الشعبي، الصفحة 88.
[72]ريتشارد سوذرن، صورة الإسلام في أوروبا في القرون الوسطى، الصفحة19، ولي نصر، انبعاث الشيعة، الصفحة 6.
[73]يان هانغسون، الحسين حلقة وصل بين المسيحيين والمسلمين، الصفحة 44، رائد علي، الإمام الحسين وعاشوراء من وجهة نظر المستشرقين، الصفحة53، نقلًا عن د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
[74] هادي المدرسي، الإمام الحسين، الصفحة 18.
[75] سيد مهدي آيت اللهي، الإمام الحسين بن علي، نسخة لدينا pdf، الصفحة17.
[76] د. حاتم كريم اليعقوبي/ سيف الـدين مهند كاظم جواد، ثورة الإمام الحسين (ع) في منظور نخبة من المستشرقين، مصدر سابق.
المقالات المرتبطة
الفكر العربي الحديث والمعاصر | نقد الخطاب الفلسفي الوضعي عند محمود (6)
لم يقدم زكي نجيب محمود مجرد فلسفة، إنّما رؤية متكاملة تقوم على أسس منهجية واضحة، جاءت تعبيرًا عن موقف من التراث العربي – الإسلاميّ،
من التصوف التنويري إلى التحرير العقلي
ليس الهدف من هذه الدراسة هو تعريف التصوف وتاريخه ومراحل تطوره، والفروق بين التصوف الطرقي والتصوف الفلسفي، ولكنّ الهدف منه هو إبراز كيف يمكن للتصوف الإسلامي
التفسير الاجتماعي عند آيه الله محمد هادي معرفة | القسم الأول
ويُعدّ آية الله معرفة أحد أبرز الباحثين والمحققين المعاصرين في المجال القرآني، وأهم كتبه في ذلك؛ كتابه: “التمهيد في علوم القرآن” في عشرة مجلدات، ناقش فيه الكثير من الموضوعات والقضايا المتعلقة بالعلوم القرآنية،