قراءة في موقفين قياديين على ضوء حديث الإمام الصادق (ع)
المقدمة
القيادة الناجحة تقوم على مجموعة من الأسس والثبات على المبادئ وقيادة البلاد نحو التطور بأمانة ومسؤولية، وحفظ أرواح مواطنيه وكرامتهم، فليس كل من جلس على الكرسي بقائد، حيث عند كرسي الرئاسة تنصهر معادن الرجال ويظهر من يثبت على طريق الحق ومن يراهن على كرامة شعبه من أجل المنصب، وهنا نستحضر قول الإمام الصادق (ع): “يا ابن جندب إنما شيعتنا….. لا يجاورون لنا عدوًّا”[1].
وقوله (ع): “يا ابن جندب كل الذنوب مغفورة سوى عقوق أهل دعوتك”[2]. لنبين الموقف السياسي والأخلاقي والديني بين قياديَيْن وقفا على مفترق طريقين، أحدهما اختار أن تكون خسارة منصبه وسمعته السياسية ثمن ثباته على مبادئه وولائه لوطنه ودينه، والآخر صافح يدٍ قد ساهمت في سفك دماء شعبه وكفّرت أبناء جلدته طلبًا لمنصبٍ زائل.
المحور الأول: الثبات على المبدأ.
نستذكر هنا موقف الرئيس الذي فضل أن يخسر منصبه وامتيازاته لأنه أبى أن يفضل المصالح الأمريكية على حساب مصلحة شعبه، فمضى غير آبه بتهديدات القيادة الأمريكية لتوقيع اتفاقية كانت من شأنها أن تعمل على تطور البلد وازدهاره في كافة المجالات بديلًا عن اتفاقيات وهمية برعاية الشركات الأمريكية التي تتبنى ثقافة العداء للشعوب الإسلامية، وتنظر إليها نظرة استعلائية نظر السيد للعبد، وما في ذلك من خيانة للمبادئ الإسلامية والوطنية، فكان نموذج حي لقول الإمام الصادق (ع): “لا يجاورون لنا عدوًّا”؛ أي لا يتعاملون ولا يتحالفون من ناصبوا أهل الحق، وتلطخت أيديهم بدماء الشعوب المستضعفة، وما حصل من جرائم إنسانية دموية في احتلال العراق عام 2003 ليس ببعيد.
هذا الدكتور خسر السلطة لكنه في ميزان الأمانة والعدل قد ربح فأدى حق الأمانة أمام الله سبحانه وتعالى، وأمام أئمة الإسلام، وأمام الشعب الذي منحه الثقة، وأمام ضميره المتوقد بالنور، وأثبت أنه من أهل الحق في المواقف والأفعال وليس بالشعارات والأقوال.
المحور الثاني: خيانة المبدأ.
هنا حيث الرئيس الذي مدّ جسور المواصلات في الشوارع، لكنه قطعها بهدم الثقة بينه وبين شعبه، كان ينتظر منه أن يقدّم بشكوى إلى مجلس الأمن يطالب فيها بتسليم مطلوب لقضاء بلد بتهم قتل وإرهاب الناس وتهجيرهم لدوافع طائفية، كان يأمل منه أن يحمل هموم عوائل الشهداء، ويكون ابنها البار الذي لا يغمض له جفن حتى يأخذ بثأر أبناء بلده الذين لولا دمائهم لم يتمكن من الجلوس على كرسيه.
لكنه للأسف اختار طريقًا خيب به آمال شعبه بمدّ يد أقل ما يمكن أن توصف به هو الخيانة لمصافحة قاتل أبناء وطنه وإهانته لكرامة، هذا الشعب الذي ذاق الويلات من جولاني وزمرته الملعونه، فكان مصداقًا لقول الإمام الصادق (ع): “كل البر مقبول إلا عقوق أهل دعوتك”[3]. في العقوق هنا يتمثل بخيانة المنهج والقضية التي ينتمي إليها فهذا العقوق ذنب لا يغفره التاريخ ولا تذهب بعاره الأيام.
الخاتمة.
يتبين من خلال عرض هذين الموقفين أن القيادة لا يمكن أن تقوم إلا من خلال الحفاظ على عمودها الفقري وهو كرامة الشعب الذي تمثله، فتكون مرآة تعكس آراء وتطلعات شعبها، وتشق الطرق التي تصب في مصلحته مهما بلغت مشقة التحديات المحيطة بها.
[1]هاشم رسولي، وصايا الرسول (ص) والأئمة الأطهار، الطبعة 5، الصفحة 350.
[2] المصدر نفسه، الصفحة 351.
[3] بحار الأنوار، مصدر سابق، الجزء 75، الصفحة 282.
اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
قد يعجبك أيضاً
اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
