( من التأسيس المنطقي إلى العبور الحضاري)

المقدمة

تشكّل اللغة منذ القدم أحد أبرز مفاتيح فهم الفكر البشري، فهي ليست مجرد وسيلة للتواصل بين الناس، بل أداة لصياغة المفاهيم، وبناء النظريات، واستيعاب تجارب المعرفة المختلفة. وفي التراث الفلسفي العربي– الإسلامي، اكتسبت اللغة بعدًا خاصًّا، إذ تحولت من أداة شعرية ووحوية إلى عنصر جوهري في بناء الفلسفة والمنطق والعلوم.

 هذا التحول لم يكن مجرد تطور شكلي، بل انعكاس لتفاعل متنوع بين العرف الاجتماعي، والبرهان العقلي، والتأويل الديني، مما يجعل دراسة اللغة في هذا السياق مدخلًا لفهم أعمق للفكر العربي–الإسلامي.

لقد واجه الفلاسفة المسلمون تحدّيًا فريدًا: كيف يمكن للغة عربية، غنية بالشعر والنظم، أن تصبح وعاءً للفكر الفلسفي الدقيق؟ هنا يبرز دور الفارابي في تحويل اللغة إلى أداة فلسفية منظمة، وسعيه لتمييز اللغة العادية عن لغة المنطق والفلسفة. كما نجد ابن سينا وقد جمع بين الدقة المصطلحية والإبداع الفيلولوجي، مانحًا العربية قدرة استيعابية للمفاهيم العلمية والفلسفية الجديدة.

بينما جاء ابن رشد ليكمل هذه الرؤية عبر ربط اللغة بالعقل، والتجربة الاجتماعية، والتأويل المنطقي، محقّقًا توازنًا بين التقاليد اللغوية، وبين الحاجة إلى التعبير الفلسفي الدقيق.

هذا البحث يسعى إلى تحليل هذه التفاعلات المعقدة بين اللغة والفلسفة من خلال دراسة إسهامات الفارابي وابن سينا وابن رشد، مع التركيز على: طبيعة اللغة، دورها في بناء المصطلح الفلسفي، وعلاقتها بالمعرفة والعقل والتأويل. كما يهدف إلى إبراز كيف أن اللغة لم تكن مجرد أداة للتفاهم، بل نظامًا حيًّا يتفاعل مع العقل والمجتمع، ويؤسس لأطر معرفية تسمح للفكر العربي–الإسلامي بأن يواكب تحدّيات الفكر اليوناني والغربي، ويعيد صياغتها ضمن سياق حضاري أصيل.

في هذا الإطار، تصبح دراسة اللغة في التراث العربي–الإسلامي أكثر من مجرد تحليل لغوي، إذ تتحول إلى نافذة لفهم طبيعة الفكر، وأساليب النقد، وآليات التأويل، ولإبراز مدى الإبداع الذي أبدعه الفلاسفة في تطوير أدواتهم التعبيرية والمعرفية، ما يجعل هذه الدراسة محاولة لرصد الصلة الحيوية بين العقل واللسان، وبين التجربة الإنسانية والاختراع الفلسفي.

المحور الأول: طبيعة اللغة بين الاصطلاح والطبيعة.

الفلسفة القديمة لم تقدّم موقفًا موحّدًا حول طبيعة اللغة، إذ يبدو أن أفلاطون لم يحدّد إطارًا واضحًا يجمع بين الظواهر الصوتية والمعاني العقلية، تاركًا مساحة واسعة للتأمل والتفسير. أما تلميذه أرسطو، فقد استثمر هذه الفرصة لتطوير رؤية أكثر حسمًا، مؤكّدًا أن اللغة ظاهرة اجتماعية في جوهرها، وأن الأصوات ليست مرتبطة طبيعيًّا بالمعاني التي تدل عليها، بل تتشكل عبر التواطؤ والاتفاق البشري.

ومن هنا جاء موقف ابن سينا ليؤكّد أن الكلمات لا تدل على المعاني إلا عبر توافق الناس، بعيدًا عن أي ضرورة طبيعية، مؤكّدًا على بعد اللغة عن الطبيعة في نشأتها (1).

ويضيف أرسطو بعدًا أكثر عمقًا بتمييزه بين مستويين متكاملين: الأول يخص الكلمات والألفاظ والكتابة، التي تعتمد على الاصطلاح والاتفاق، وتختلف باختلاف الأمم والشعوب، بينما الثاني يخص الأفكار والمعاني والموجودات، وهي ثابتة وموحدة لدى جميع البشر (2). ومن هذا المنظور، يمكن القول: إن أرسطو رأى أن اللفظ نتاج اجتماعي عرفي، بينما المعنى يرتبط بالضرورة العقلية، وهو تفريق أدخل النظام في فهم العلاقة بين الفكر والكلمة.

في حين تتسم رؤية الفارابي بالمرونة، إذ يعرض طيفًا من الآراء حول أصل الألفاظ: فالبعض يذهب إلى أن بعض الكلمات تحاكي طبيعة الشيء أو صوته، كما في أسماء الطيور والآلات، بينما يرى آخرون أن الألفاظ الأولى كانت اصطلاحية، والمشتقات عنها تُشتق وفق نظام طبيعي للأسماء المركبة أو المشتقة.

إلا أن أرسطو يظل حازمًا في خلاصة موقفه، مؤكّدًا أن كل الألفاظ والمشتقات تستند في النهاية إلى الاصطلاح والتواطؤ ( 3). وعلى الجانب الآخر، نجد موقف أبيقور الذي يوازن بين الطبيعة والاصطلاح، معتقدًا أن الكلمات قد نشأت طبيعيًّا لكنها تعرّضت لاحقًا لتغيرات عرفية. أما الرواقيون، فقد منحوا الأساس الطبيعي للغة دورًا مركزيًّا، معتمدين على المحاكاة الصوتية للأشياء، ومعترفًا بأن هذه الألفاظ الأصلية (Protai phonai) قد خضعت لتغيرات لاحقة (4).

هذا التباين بين أرسطو والرواقيين أسس لما يُعرف بالخلاف اللغوي القديم: أرسطو يميل إلى القياس والنظامية، فيما يميل الرواقيون إلى الشذوذ والمرونة الطبيعية في نشأة الألفاظ، وهو خلاف انعكس لاحقًا في تحليل فارو للغة في القرن الأول قبل الميلاد (5)، ويجعلنا نرى أرسطو كعلماء البصرة والرواقيين أشبه بالكوفيين في مقاربتهم للغة (6).

 

المحور الثاني: منطق اللغة في التراث الفلسفي الإسلامي.

استلهم الفلاسفة المسلمون من النقاش اليوناني حول أصل اللغة نقطة انطلاق، غير أنهم تجاوزوا التقليد لتطوير رؤية فلسفية متكاملة تتناسب مع خصوصية النص العربي ومتطلبات العقل. فقد اعتبر النحّاة والبلاغيون اللغة نسقًا متكاملًا تتضافر فيه عناصرها لتوليد المعنى بدقة، بينما رأى المعتزلة أنها أداة لفهم النصوص وربطها بالاستدلال العقلي، ما يعكس وعيهم بالدور التأويلي للعلامة اللغوية في الوصول إلى الفهم الصحيح.

وفي هذا الإطار، رفع الفارابي وابن سينا وابن رشد مكانة اللغة إلى مستوى مركزي في إنتاج المعرفة. فالفارابي اعتبرها قاعدة لتنظيم العلوم والمعارف، وابن سينا استخدمها لصياغة المصطلح وضبط المعجم الفلسفي والعلمي بما يمكّن العربية من استيعاب المفاهيم الجديدة، بينما أضفى ابن رشد عليها بعدًا اجتماعيّا ومنطقيًّا، رابطًا بين التواطؤ البشري والتأويل العقلاني للنصوص. وهكذا تحولت اللغة من مجرد أداة للتعبير اليومي إلى فضاء فلسفي حيّ، يجمع بين النظام والابتكار والقدرة على استيعاب الفكر النقدي والمعرفي.

أولًا: “أصل اللغة بين التوقيف الإلهي والاصطلاح الاجتماعي: رؤية عربية وفلسفية”.

في الفكر العربي القديم، كان أصل اللغة محل جدل فلسفي ولغوي محموم، إذ تركز النقاش حول مدرستين رئيستين. الأولى ترى أن اللغة توقيف إلهي، أي أن الله سبحانه وتعالى هو صانعها ومعلم الإنسان لها، استنادًا إلى نصوص القرآن الكريم قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ (سورة البقرة، الآية 31). القائلون بهذا المذهب، من ابن عباس وابن فارس إلى السيوطي، يؤكدون أن الأسماء والأفعال والحروف كلها من تعليم الله، وأن مجرد الاتفاق البشري لا يمكن أن يخلق نظامًا لغويًّا معقّدًا من دون لغة مسبقة (7).

على الجانب الآخر، نجد مذهب الاصطلاح الذي ينظر إلى اللغة على أنها نتاج اجتماعي، توافق عليه الجماعة البشرية لتسمية الأشياء بما يرتضونه. وقد أوضح الفارابي في كتابه “الحروف” كيف نشأت الألفاظ بالتوافق بين الأفراد، ثم انتشرت بين الجماعات (8)، وحتى أن بعض القائلين بالاصطلاح لم يستبعدوا أن لغات مخلوقات ذكية سابقة على الإنسان قد أسهمت في تشكيل النواة الأولى للغة (9).

 هذا المذهب يبرز اللغة كنتاج عملي، ديناميكي، متجدد، مرتبط بالثقافة والتجربة الإنسانية، وليس مجرد وحي جامد. ويأتي ابن جني ليكسر حدود التناقض الظاهر بين المذهبين، مشيرًا إلى أن التوقيف والاصطلاح ليسا متعارضين بل متكاملان. فاللغة تبدأ بالوحي الإلهي أو القدرة الإلهامية على الكلام والتسمية، لكنها تتطور بالاصطلاح الاجتماعي والممارسة اليومية، مع حفاظ الواضع الأول على الجوهر والتوجيه العام للغة (10).

بهذا المعنى، تصبح اللغة كيانًا حيًّا، يتفاعل بين الأصل الميتافيزيقي والاجتهاد البشري، بين الثبات والتطور، بين السماء والأرض. وأخيرًا، يرتبط هذا النقاش بمسألة أفضلية اللغات، حيث يرفض ابن حزم أي تفضيل لاهوتي للعربية أو غيرها، مؤكّدًا أن الله أرسل رسله بلغات أقوامهم لتيسير الفهم، وأن كل لغة صالحة وشرعية، وأن القيمة ليست في اللغة ذاتها، بل في وظيفتها وقدرتها على التعبير والتواصل (11).

 هنا يتجلى البعد الفلسفي للغة، ليست مجرد أدوات صوتية، بل مرآة للإنسانية نفسها، وميدانًا للتفاعل بين المقدس والإنساني، بين الطموح العقلي والتاريخ الثقافي.

ثانيًا: اللغة والتأويل عند المعتزلة.

انطلق المعتزلة من ثقة كبيرة بالعقل، معتبرين أنه قادر على فهم النص القرآني واستنباط مرامي الوحي منه. ومن هذا المنطلق، أصبح تأويل الآيات المتشابهة أداة أساسية لديهم للدفاع عن إعجاز القرآن، على عكس بعض المسلمين الذين اكتفوا بالمعنى الظاهر. ما أدّى إلى وقوعهم في فخ التجسيم والتشبيه فيما يتعلق بالله تعالى ( 12).

 وقد تميزت علامات التوحيد والعدل عندهم بالطابع الفردي، أي أنها تُمكّن الفرد من الوصول إلى كليات الأحكام المتعلقة بالله تعالى بعقله وحدسه، وما يليق به من صفات. بينما العلامات اللغوية الخاصة بالنبوءات والشرائع اعتمدت الطابع الجماعي، لضرورة التقيد بالقوانين والشرائط الدلالية لضمان وضوح الرسالة النبوية (13).

فيما يتعلق بالعلامة اللغوية نفسها، اعتبر المعتزلة أن العلاقة بين اللفظ والمدلول عَرَضية واعتباطية، فلا صلة طبيعية بين الشكل والشيء المدلول عليه. وقد شدّد القاضي عبد الجبار وعبد القاهر الجرجاني على أن واضعي اللغة لم يُلزَموا ترتيبًا محدّدًا للحروف (14)، وأن أي تغيير في لفظ ما لن يخلّ بوظيفة اللغة، فعلى وفق تعبير الجرجاني لو تم وضع كلمة (ربض) مكان (ضرب) لم يفسد المعنى(15). وهو ما يسميه علم اللغة الحديث بـ Arbitraire ، أو الاعتباطية (16).

 ومن هنا يظهر دور المواضعة، أي الاتفاق الضمني بين أفراد المجتمع على دلالة كل لفظ، لضمان فعالية التواصل، وهو مبدأ أشار إليه دي سوسور كأساس لفهم طبيعة اللغة البشرية (17).

أما في ما يخص الإشارة واللفظ، فقد عقد المعتزلة مقارنة بين النظامين. فالجاحظ يرى أن الإشارة “شريكة” للفظ في التعبير عن المعاني الدقيقة، خصوصًا ما يسمّيه “خاص الخاص”(18)، بينما القاضي عبد الجبار يعتبر الإشارة أقل قدرة على الدلالة مقارنة بالكلام والكتابة، إذ تقوم على مشاهدة الأشياء مباشرة.

 ومع ذلك، فهي جوهرية في نشأة اللغة، إذ تحدد المسمى أولًا عبر المواضعة قبل استعمال اللفظ، فاللغة تبدأ بالإشارة ثم تُستبدل بالأسماء عند غياب الأشياء (19). وفي سياق إشكالية الله تعالى، يرى عبد الجبار أن نموذج الإشارة لا يصلح لله، لأن الله منزّه عن التجسيم، فاللغة الإلهية تبدأ بعد تقدم المواضعة (20).

النظام اللغوي والنواميس: من التلفظ المزدوج إلى الخطية.

وأخيرًا، تناول المعتزلة طبيعة اللغة البشرية كوسيلة للتواصل والإبداع. انطلقوا من الاعتقاد بأن العلامة اللغوية ليست قدرًا ثابتًا أو قديمًا بذاته، بل هي نتيجة مواضعة اصطلاحية تعتمد على الاتفاق بين المتكلمين. من هنا، رأوا أن اللغة ليست مجرد وسيلة عابرة لنقل المعاني، بل نظام متكامل من القوانين (نواميس) التي تتيح التعبير الدقيق والمعقد، رغم محدودية الألفاظ (21).

 ومن أبرز مظاهر هذه النواميس ما يسميه اللغويون مبدأ التلفظ المزدوج (Double Articulation) الذي يسمح بتكوين كلمات وجمل متعددة من مجموعة محدودة من الأصوات (22)، ومبدأ الخطية (Linearité) الذي يفرض ترتيب وحدات الكلام زمنيًّا، لضمان تماسك المعنى واتصال الدلالة (23). وهذه الأفكار لم تكن مجرد تحليل لغوي، بل امتداد لفكرهم في التوحيد والتنزيه، حيث يرون في تقسيم القرآن إلى حروف وكلمات دليلًا على حدوثه وعدم قدمه (24)، مخالفين بذلك رؤية الأشاعرة (25).

كما أكّد المعتزلة على أهمية النظم والتركيب في تحقيق المعاني، بحيث لا تكتفي الكلمات المفردة بوظيفتها الإشارية، بل تتطلب وضعها في سلاسل متسلسلة ومنظمة، تحكمها قواعد واضحة لضمان وضوح المقاصد (26). وقد لاحظوا أن الإمكانات التعبيرية للغة غير محدودة، ما يمهد الطريق لفهم شومسكي للنحو التحويلي والنحو التفريعي، حيث يستطيع الإنسان إنتاج جمل ومعاني جديدة بلا حد (27).

 وهكذا، شكّلت رؤيتهم للغة جسرًا فكريًّا بين التحليل القرآني والإعجاز اللغوي، وبين النظرية الحديثة في علم اللغة، مؤكدة على تفرد اللغة البشرية وقدرتها على التعبير المبدع، والفرق الجوهري بينها وبين أي نظام تواصل آخر (28) كالحيوانات والنباتات مثلًا.

ثالثًا: “الفارابي ولغة الفلسفة: من الحروف إلى إبداعية التعبير البشري”.

يُعدّ كتاب الحروف لأبي نصر الفارابي أحد أعظم المصنفات التي جمعت بين الفلسفة واللغة في الفكر العربي الإسلامي(29)، حيث نجح الفارابي في تحويل اللغة من مجرد أداة فلسفية تقليدية إلى فلسفة لغة مستقلة تعالج العلاقة بين اللفظ والمعنى، مبرّزًا الإشكالات اللغوية التي واجهها العرب. ومن خلال هذا الكتاب، يقدم رؤية شاملة لآلية نشأة اللغة وأصواتها وحروفها وألفاظها، مع ربطها بمراحل تطور المعارف وتنظيم العلوم والفنون (30)، وهو ما يجعل دراسة الظواهر اللغوية عنده مرحلة أساسية في مسار التفكير الفلسفي والتحليل العلمي.

كما حرص الفارابي على تمييز دلالة الألفاظ بين اللغة العادية ولغة الفلسفة والمنطق، حيث يختلف معنى كلمة “العرض”، أو “الجوهر” عند العرب عنها عند الفلاسفة، في حين درس لفظة “الموجود” واشتقاقاتها ودلالاتها الفلسفية، مع مقارنة نظيراتها في لغات أخرى (31).

وبالإضافة إلى ذلك، يشير الفارابي إلى أن الحاجة إلى نقل ألفاظ من اللغات الأجنبية أو ابتكار كلمات جديدة جاءت نتيجة انتقال المفاهيم الفلسفية إلى العربية، لتملأ الفجوة في التعبير عن المعاني الفلسفية المستجدة، وهو ما يعكس إدراكه العميق لأهمية اللغة كأداة لنقل الفكر وتوسيع المدارك (32).

في الوقت نفسه، يفرق الفارابي بين اللغة الأدبية، التي تتميز بالمجاز والدلالات الثانوية للتعبير الفني والجمالي، وبين اللغة الفلسفية التي تركز على الدلالات الأولى والوضعية للألفاظ، بما يجعلها أقرب إلى العلم والمنطق (33).

اللغة بين التواضع الاجتماعي والقدرة التوليدية.

 كما يبرز مبدأ التواضع اللغوي في نشأة اللغة، إذ يرى أن اللغة تتشكل من الحاجة الاجتماعية للتواصل؛ حيث يبتكر الأفراد أصواتًا أو ألفاظًا لتدل على أشياء معينة، ثم يتم تعميمها بين الجماعة، لتصبح لغة نظامية ووظيفية تعكس اتفاقًا ضمنيًّا على المعاني، وتتيح للفرد والجماعة التعبير عن مقاصدهم المشتركة (34).

وعلاوة على ذلك، أبرز الفارابي قدرة اللغة على التعبير بالمتناهي من الحروف عن غير المتناهي من المعاني، أي أن حروفًا محدودة يمكن تركيبها لتوليد عدد هائل من الكلمات والجمل، ما يمنح الإنسان وسيلة لابتكار التعبيرات عن المحسوسات والمعقولات (35).

وقد أشار الفلاسفة المعاصرون إلى هذه الخاصية، ففون هومبولت تحدث عن “الاستعمال اللامحدود لوسائل محدودة”، بينما شدّد تشومسكي، كما ذكرنا سابقًا، على خاصية اللانهاية في اللغة البشرية (36)، وبذلك تتحول اللغة، عبر قدرتها التوليدية المحدودة، إلى وسيلة موجهة نحو الآخر؛ إذ تُنتج تراكيب دلالية لا نهائية تُوظف للتواصل والإيصال المعرفي.

رابعًا: إسهامات ابن سينا الفيلولوجية في اللغة العربية.

لم يكن ابن سينا فيلسوفًا للوجود وحسب، بل كان أيضًا صانعًا للمصطلح ومجدّدًا في الفيلولوجيا العربية. فقد ورث عن الكندي والفارابي بذور المصطلح الفلسفي، لكنه تجاوزهما ليعيد صياغة اللغة نفسها كأداة للفكر، ويمنحها قدرة على استيعاب اتجاهات فلسفية جديدة.

 لقد كان واعيًا بأن المصطلح ليس مجرد لفظ، بل هو تمثيل لرؤية فكرية ومنهج معرفي، ولهذا جاءت مصطلحاته موسوعية، تمتد من الطب والمنطق والرياضيات إلى الكيمياء والفلك والموسيقى، بحيث صار للغة العربية معجم فلسفي وعلمي حيّ ما زالت آثاره قائمة إلى يومنا هذا (37).

وتميّزت مؤلفاته بأنها خالية من الاصطلاحات اليونانية الأصيلة، وهو ما يعكس نضج اللغة العربية في القرنين الثامن والتاسع الهجريين وقدرتها على إنتاج خطاب فلسفي مستقل. كما ألّف في فقه اللغة والصوتيات والمعاجم، رابطًا بين المنطق واللسان، ومؤكّدًا أن اللغة قادرة على أن تكون وعاءً للمعرفة لا يقل شأنًا عن أي لغة أخرى. (38). وقد انتشرت مصطلحاته انتشارًا واسعًا بين الفلاسفة، حتى لدى مخالفيه، كما يظهر في شهادة الغزالي الذي اعترف – رغم خصومته – بأن الفارابي وابن سينا هما الأقدر على تقديم فلسفة أرسطو بصورة دقيقة وواضحة (39).

ولم يقف إسهامه عند حدود التنظير، بل امتد إلى الممارسة اللغوية المباشرة، إذ صنّف معجمًا ضخمًا أسماه لسان العرب، جاء نتيجة مناظرة دفعته إلى التفرغ لدراسة اللغة ثلاث سنوات كاملة. استعان خلالها بمصادر كبرى مثل “تهذيب اللغة” للأزهري، فبلغ من الإتقان مرتبة جعلته مجابهًا لأعلام النحويين ( 40).

ومع أن معجمه لم يكتمل في نسخة مرتبة، إلا أنه يظل شاهدًا على عمق مشروعه اللغوي وإصراره على جعل العربية لغة قادرة على مجاراة أعقد المسائل الفلسفية والعلمية (41).

أما على صعيد الدراسات الصوتية، فقد كتب رسالته القيمة عن “أسباب حدوث الحروف”، التي برز فيها أثر خبرته الطبية والتشريحية في تحليل جهاز النطق وأعضاء الكلام (42). وقد منح هذا البحث علم الأصوات استقلالًا عن النحو، مميزًا إياه بمصطلحات دقيقة لم يعرفها السابقون من أمثال الخليل وسيبويه (43).

وهنا تتجلى عبقريته في الجمع بين العلوم الطبيعية والفيلولوجيا، على نحو يجعل جهده قريبًا من جهد بانيني في الهند، الذي أسّس أول دراسة صوتية مستقلة للغة السنسكريتية. وهكذا يظهر ابن سينا في ثوب جديد: فيلسوفًا للغة بقدر ما هو فيلسوف للوجود، جامعًا بين الإبداع الفلسفي والدقة اللغوية في مشروع واحد.

خامسًا: ابن رشد وفلسفة اللغة: من التواطؤ الاجتماعي إلى أفق التأويل.

لم يكن ابن رشد فيلسوف العقل والوجود فحسب، بل كان أيضًا من المتأملين العميقين في طبيعة اللغة وأصلها. فهو يضع يده على مسألة طالما شغلت الفلاسفة واللغويين: هل اللغة وُجدت بالطبع أم بالاتفاق؟ يجيب ابن رشد بأن الألفاظ ما هي إلا نتيجة تواطؤ اجتماعي بين الأمم، إذ إن المعاني الكامنة في النفس واحدة لا يختلف حولها البشر، لكن الألسنة تختار رموزًا مختلفة للتعبير عنها (44)، وهو رأي أرسطو أيضًا، كما أشرنا لرأيه سابقًا.

فـ”الباب” عند العرب هو نفسه الباب عند غيرهم، يفتح ويُغلق ويؤدي ذات الوظيفة، غير أن اختلاف الألفاظ مردّه إلى الاصطلاح لا إلى الحقيقة (45). بهذا الطرح، يؤكد ابن رشد أن اللغة فعل اجتماعي قبل أن تكون ضرورة طبيعية.

وفي معرض تحديده لماهية الاسم، يتقدم ابن رشد بتعريف بالغ الدقة يكشف عن خلفيته المنطقية والفلسفية؛ فالاسم عنده “لفظ دال بتواطؤ على معنى مجرد من الزمان، لا يدل جزء منه منفردًا على جزء من ذلك المعنى” (46). هذا التعريف لا يكتفي بالجانب اللغوي، بل ينفذ إلى صميم نظرية الدلالة، حيث يميّز بين الاسم البسيط مثل “زيد”، والمركب مثل “عبد الملك”. هنا نلمس كيف يربط ابن رشد اللغة بالتصور العقلي، فلا يعود الاسم مجرد علامة صوتية، بل وحدة دلالية متكاملة.

ومن هذا المنظور، يقسّم ابن رشد الأشياء بحسب تسميتها إلى ثلاثة أصناف: المشتركة، المتواطئة، والمشتقة. فالاشتراك يظهر عندما يوضع لفظ واحد على معانٍ مختلفة لا يجمعها سوى الاسم، كما في “الحيوان” الذي يطلق على الإنسان وغيره من الكائنات الناطقة والمصورة. أما التواطؤ فهو اشتراك في الاسم والجوهر معًا، مثل “الحيوان” للإنسان والفرس على حد سواء، إذ يشتركان في الحدّ الجامع “جسم حساس متحرك بالإرادة”. وأما الاشتقاق، فيحيل إلى علاقة بين اللفظ والمعنى الكامن فيه، كما في “الفصيح” المنبثق من “الفصاحة” (47). هذه التقسيمات تعكس نزعة ابن رشد التحليلية التي تستند إلى المنطق الأرسطي وتعيد صوغها في سياق عربي إسلامي.

وأخيرًا، يميز ابن رشد بين المستوى التفسيري والمستوى التأويلي للغة. فحين نقرأ النص بمعناه المباشر، فإننا نمارس التفسير، أما إذا تجاوزنا هذا المعنى الظاهر إلى أفق المجاز، فنحن بصدد التأويل (48). لكنه يشترط أن يظل التأويل منسجمًا مع عادة لسان العرب (49)، فلا ينفصل عن أصول اللغة الطبيعية.

في هذا التفريق يظهر مشروع ابن رشد الفلسفي في أوضح صوره: ربط اللغة بالعقل من جهة، وبالتجربة اللغوية الحية من جهة أخرى، لتصبح اللغة عنده أداة للمعرفة العقلية مثلما هي وعاء للثقافة والتاريخ.

سادسًا: اللغة بين النظام والمعجم والتأويل: قراءة في فلسفة الفارابي وابن سينا وابن رشد.

حين نتأمل موقف الفارابي من اللغة، نكتشف أنه لا يراها مجرد وسيلة للتفاهم، بل يعتبرها جزءًا من مشروعٍ شامل لتنظيم العلوم والمعارف. فقد سعى إلى التمييز بين اللغة العادية ولغة الفلسفة، مؤكّدًا أن الدلالات الأولى للألفاظ هي المدخل إلى بناء خطاب علمي راسخ.

وفي هذا السياق ابتكر مصطلحات وشرح آليات الوضع والاشتقاق، ليجعل من اللغة أداة تُمكّن الفلسفة من ترسيخ مفاهيمها بدل أن تظل أسيرة المجاز والبلاغة. هكذا ارتبطت اللغة عنده بالنظام والتصنيف، حتى غدت قاعدةً معرفية لا تقل أهمية عن المنطق نفسه.

أما ابن سينا، فقد تعامل مع اللغة باعتبارها انعكاسًا لبنية العقل ومرآةً للصور الذهنية، وهو ما منحه منظورًا مختلفًا عن الفارابي. فقد تجاوز حدود التنظير إلى الممارسة الفيلولوجية الدقيقة، فاهتم بالصوتيات، وألّف في “أسباب حدوث الحروف”، رابطًا بين التجربة الطبية والتشريح اللغوي. كما عمل على صياغة معجم فلسفي واسع يغطي مختلف العلوم، ليمنح العربية قدرة على استيعاب المفاهيم الجديدة دون الحاجة إلى استعارة مكثفة من اليونانية.

 ومن هنا، يظهر مشروعه اللغوي وكأنه جسر بين الفكر الفلسفي والتجربة العلمية، يجمع بين الدقة المصطلحية والعمق المعرفي. ويأتي ابن رشد ليضع اللغة في إطارٍ اجتماعي ومنطقي في آن واحد. فهو يرى أن الألفاظ وليدة تواطؤٍ جماعي، بينما المعاني واحدة لا يختلف فيها البشر. هذا التصور يقوده إلى تعريف الاسم بدقة فلسفية، وإلى تقسيمات منهجية مثل الاشتراك والتواطؤ والاشتقاق، التي تكشف عن خلفيته الأرسطية.

 غير أن خصوصيته تظهر في ربطه اللغة بآليات التفسير والتأويل، إذ يميّز بين الفهم المباشر للنص والمعنى المجازي، لكنه يشدّد على ألا ينفصل التأويل عن عادة لسان العرب. بذلك يوازن ابن رشد بين الحرية العقلية والالتزام بالموروث اللغوي، جاعلًا من اللغة أداةً للوضوح المنطقي وضبط المعنى.

وعلى الرغم من اختلاف منطلقاتهم، فإن الفارابي وابن سينا وابن رشد يشتركون في اعتبار اللغة أكثر من مجرد وعاء للكلمات. فهي عند الفارابي نظام للمعرفة، وعند ابن سينا مجال لتوليد المصطلح وتأسيس المعجم، وعند ابن رشد فضاء للتواطؤ والتأويل. ومن خلال هذا التعدد، تتضح ثراءات التراث العربي الإسلامي في فلسفة اللغة، حيث يتقاطع التنظير المنظومي مع العمق الفيلولوجي والدقة المنطقية. والنتيجة أن اللغة لم تعد عنصرًا ثانويًّا في الفكر، بل تحولت إلى ميدان يختبر فيه الفلاسفة حدود العقل والوجود، ويعيدون من خلاله رسم العلاقة بين الفكر واللفظ، وبين الإنسان والعالم.

الخاتمة.

يتضح من خلال هذه الدراسة أنّ اللغة في التراث الفلسفي العربي–الإسلامي لم تكن مجرد وعاءٍ محايد للألفاظ، بل كانت فضاءً معرفيًّا يتداخل فيه المنطقي بالاجتماعي، والفيلولوجي بالميتافيزيقي. فقد قدّم الفارابي رؤية تنظيميّة جعلت من اللغة مدخلًا لترتيب العلوم وضبط مفاهيمها، بينما وسّع ابن سينا آفاقها عبر المصطلح والمعجم ليمنح العربية قدرة استيعابية غير مسبوقة، وجاء ابن رشد ليعيد ربطها بالتجربة الاجتماعية والبعد التأويلي، واضعًا شروطًا دقيقة للتفسير وضوابط للتأويل.

 وبذلك تشكّل لدينا تصور متكامل عن اللغة بوصفها نظامًا حيًّا، ينهض على المواضعة والتداول، وفي الوقت نفسه يظل قادرًا على إنتاج الدلالة الفلسفية والعقلية.

ومن النتائج المهمة التي يمكن تسجيلها أنّ الفلاسفة المسلمين تجاوزوا الميراث اليوناني الذي انحصر في سؤال “أصل اللغة”، ليفتحوا الباب أمام أسئلة أكثر عمقًا تتصل بعلاقة اللغة بالمعرفة وبالتأويل الديني. كما برزت خاصية التوليد اللغوي باعتبارها ركيزة في نظرية المعرفة عندهم، مما يقارب بعضًا من مكتسبات اللسانيات الحديثة في مبدأ اللانهاية والتوليدية. كذلك أظهر تحليل ابن رشد خصوصية بارزة في الجمع بين الدقة المنطقية ووعي العرف اللغوي، وهو ما يفتح أفقًا للمقارنة بينه وبين المناهج الهرمنيوطيقية المعاصرة.

وانطلاقًا من ذلك، يمكن التوصية بعدة مسارات بحثية مستقبلية:

 أوّلها: ضرورة إعادة قراءة النصوص الفلسفية العربية بعين لسانية حديثة، لإبراز أبعادها المعرفية التي ما زالت مطموسة تحت ثقل الجدل الكلامي.

 ثانيها: العمل على بناء معجم فلسفي–لغوي مقارن، يوضح تطور المصطلحات عبر العصور، ويكشف عن الجهود الكبرى التي بذلها الفلاسفة في تكييف العربية مع المعاني الفلسفية.

 وثالثها: الانفتاح على الدراسات الغربية في فلسفة اللغة وربطها بالجهد الإسلامي، بما يسمح بمدّ جسر حضاري جديد يستعيد ما فعله ابن رشد في زمنه ولكن بلغة العصر.

وبهذا، نستطيع القول: إن اللغة لم تكن على هامش التفكير الفلسفي الإسلامي، بل في صميمه، إذ مثّلت أداة للتعبير ووسيلة للمعرفة، وجسرًا للعبور الحضاري. وما أحوجنا اليوم إلى استعادة هذا الإرث في زمنٍ باتت فيه اللغة، مرة أخرى، ميدانًا للصراع الهوياتي والمعرفي معًا.

الهوامش

  • الزواوي بغورة، “الفلسفة واللغة: نقد المنعطف اللغوي في الفلسفة المعاصرة، بيروت: دار الطليعة، 2005، الصفحتان 16، 17.
  • المصدر السابق، الصفحة 21.
  • المصدر السابق، الصفحة 20.
  • المصدر السابق، الصفحة 22.
  • ر. ه. روبنز، موجز تاريخ علم اللغة، ترجمة أحمد عوض، الكويت: عالم المعرفة، العدد 227، نوفمبر 1997، الصفحة 47.
  • المصدر نفسه، الصفحة 48.
  • عادل مصطفى، مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة، القاهرة: مؤسسة هنداوي، 2018، الصفحات 69- 71.  نُشر أولًا عن “رؤية للنشر والتوزيع، 2016.
  • لطفي عبد البديع، عبقرية العربية، جدة: النادي الأدبي الثقافي، الطبعة 2، 1986، الصفحة 10.
  • الفارابي، كتاب الحروف، تحقيق محسن مهدي، بيروت: دار المشرق، 1970،  الصفحات ١٣٧–٣٨.
  • عادل مصطفى، مغالطات لغوية، الصفحة 55.
  • ابن جني، الخصائص، مجلد1، الصفحات 24- 48، مجلد2، الصفحة 30.
  • ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، في: دفاتر فلسفية – 5: اللغة، إعداد وترجمة محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي، المغرب: دار توبقال للنشر، الطبعة 2، 1998، الصفحة 50.
  • أرزقي شمون، “العلامة اللغوية بين فكر المعتزلة وعلم اللغة الحديث”، مجلة النص، العدد 16، (ديسمبر 2014)، الصفحة 7.
  • المصدر نفسه.
  • القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التوحيد والعدل، اللفظ، تحرير أمين الخولي، إشراف طه حسين، القاهرة: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، دون تاريخ)، الجزء17، الصفحة 395.
  • عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، بيروت: دار المعرفة للطباعة والنشر، 1978، الصفحة 51.
  • Jean Dubois, Dictionnaire de linguistique (Paris: Librairie Larousse, 1973), 45.
  • المصدر نفسه.
  • الجاحظ، البيان والتبيين، مجلد1، الصفحة 57، الجاحظ، الحيوان، شرح وتحقيق يحيى الشامي، مجلد 1، (القاهرة: منشورات دار مكتبة الهلال، الطبعة 3، 1990، الصفحة 39.
  • انظر نصر حامد أبو زيد، الاتجاه العقلي في التفسير (مكان النشر: الناشر، دون تاريخ)، الصفحة 161 وما بعدها.
  • المصدر نفسه، الصفحة 109.
  • أرزقي شمون، “العلامة اللغوية بين فكر المعتزلة وعلم اللغة الحديث”، الصفحة 10.
  • André Martinet, Éléments de linguistique générale (Paris: Armand Colin . دون تاريخ، الصفحة 6،
  • Ferdinand de Saussure, Cours de linguistique générale (مكان النشر: الناشر، دون تاريخ)، ١٠٣.
  • انظر الشهرستاني، الملل والنحل، (مكان النشر: الناشر، دون تاريخ)،الصفحة 83.
  • القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، مجلد 1، الصفحة 198.
  • القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، مجلد2 ، الصفحة 198.
  • أرزقي شمون، “العلامة اللغوية بين فكر المعتزلة وعلم اللغة الحديث”، الصفحة 11.
  • المصدر نفسه.
  • الفارابي، كتاب الحروف، تحقيق محسن مهدي، بيروت: دار المشرق، ١٩٧٠)، مقدمة المحقق، الصفحة 27.
  • جيرار جيهامي، الإشكالية اللغوية في الفلسفة العربية (مكان النشر: الناشر، دون تاريخ)، الصفحة 91.
  • الفارابي، الحروف، الصفحة 164.
  • هشام صويلح، “الفارابي ومساهمته في صياغة أول فلسفة لغوية عربية: دراسة في كتاب الحروف”، مجلة الآداب واللغات والعلوم الإنسانية 7، العدد 1 (مارس 2024)، الصفحة 36.
  • الفارابي، الحروف، الصفحة 164، صويلح، “الفارابي ومساهمته”، الصفحة 37.
  • المصدر السابق، الصفحة 137.
  • المصدر نفسه.
  • نعوم تشومسكي، آفاق جديدة في دراسة اللغة والعقل، سوريا: دار الحوار، 2008، الصفحات 34- 38.
  • سيد رحمن سليمانوف، “إسهامات ابن سينا في اللغة العربية وأدبها”، في مجلة مجمع اللغة العربية، (دون تفاصيل النشر)، الصفحة 155.
  • المصدر نفسه، الصفحة 157.
  • ابن سينا، الإشارات والتنبيهات، ترجمة وشرح حسن ملكشاهي، مجلد 2، المنطق، طهران: نكارش، 1367ش، [1988م]، الصفحة 94.
  • موفق الدين بن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، مجلد 11، بيروت: دار الثقافة، 1979، الجزء 3، دون رقم صفحة محددة في الهامش الأصلي.
  • سيد رحمن سليمانوف، “إسهامات ابن سينا”، الصفحة 159.
  • إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، القاهرة: دون ناشر، 1979، الصفحة 136.
  • سيد رحمن سليمانوف، “إسهامات ابن سينا”، الصفحة 160.
  • أحمد مختار عمر، البحث اللغوي عند الهنود وأثره على اللغويين العرب، بيروت: دون ناشر، 1972، الصفحة 33.
  • ابن رشد، تلخيص كتاب أرسطو طاليس في العبارة، تحقيق محمد سليم سالم، القاهرة: مطبعة دار الكتب، 1978، الصفحتان 11،12.
  • محمد سليم، “فلسفة اللغة عند العرب حتى القرن السابع الهجري”، مجلة علوم اللغة العربية وآدابها 13، العدد 3، 2021، الصفحة 1103.
  • ابن رشد، تلخيص كتاب أرسطو طاليس في العبارة، الصفحة 18.
  • ابن رشد، تلخيص منطق أرسطو، المجلد الثاني: كتاب المقولات، دراسة وتحقيق جيرار جيهامي، بيروت: دار الفكر اللبناني، 1992، الصفحة 7.
  • الزواوي بغورة، “الفلسفة واللغة”، الصفحة 54.
  • ابن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، تقديم وتعليق ألبير نصري نادر، بيروت: دار المشرق، 1986، الصفحة 35.


اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقًا

قد يعجبك أيضاً


اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.