من هي السيّدة زينب عليها السلام؟

من هي السيّدة زينب عليها السلام؟
زينب حفيدة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وابنة فاطمة الزهراء وعليّ بن أبي طالب عليهما السلام، وقد كانت الابنة المكرّمة عند والديها ومن انتهج نهجهم حتى لُقّبت “عقيلة بني هاشم”؛ وعقيلة القوم؛ أي سيّدتهم والمكرّمة عندهم، وكانت شخصيتها تنضح بنفحات إيمانيّة خاصّة حتى قيل عنها: إنّها “عالِمة غير معلَّمة”، وقد روى عنها ابن عباس خطبة فدك.
ولدت عليها السلام في السنة السادسة للهجرة، ولم تخرج من خَفرها إلّا حينما قرّرت الخروج الثوريّ مع أخيها الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء، التي برزت فيها الشخصيّة القياديّة للسيدة زينب، بحيث إنّ المسلمين كانوا يتعاملون معها على أنّها وريثة أمّها في ما تُمثل من حضور المشروع الإسلاميّ الحافظ لذكر النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله. وقد أوكل الإمام الحسين عليه السلام إليها قبل شهادته أمر قيادة وحفظ الجماعة المسلمة، حتى قيل: إنّها هي من حفظ أخبار الملحمة الحسينيّة وقيمها التحرريّة، بل وحفظت دم الشهداء وحرمة العصمة النبويّة. وقد توفيت في الشام بعدما ضاق الحكّام بها ذرعًا بسبب قدرتها الاستثنائيّة على تأليب الناس ضدّ الظلم فنفوها إلى خَرِبَة الشام، حيث توفيت ودُفنت هناك في ظروف غامضة.
تمثّل السيّدة زينب عليها السلام عند شيعة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم الرمز الروحانيّ الثوريّ الأعمق والأنقى بعد حفيد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبي عبد الله الحسين عليه السلام، كما أنّها تمثّل عندهم، وهم الذين اتسمت شخصيتهم التاريخيّة بالحزن الثوريّ، قِمّة التعبير عن رمزيّة هذا الحزن الثوريّ المقدّس، بحيث انحفر في الوجدان الإسلاميّ أن الدفاع عن اسم السيّدة زينب ومقامها هو دفاعٌ عن قضية كربلاء الكبرى. بالتالي، فإنّ استمرار العلاقة مع كلّ ما يمتّ إليها بصلة هو استمرار لخط الشهادة، بل وتعبير عن التوبة من التخاذل عن نصرة قضايا الحق، ونصرة المظلوم، وإعلاء اسم الله واسم رسوله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم. حتّى إنّي لأستطيع القول اليوم: إنّ كلّ جهاد المقاومة الإسلاميّة لو وصل إلى لحظة تخلّ عن الدفاع عن رمزيّة السيّدة ومقامها لآل الأمر، بما لا شكّ فيه، إلى التخلّي عن قضيّة المسجد الأقصى وتحرير فلسطين، ولا أبالغ في ذلك، إذ حقيقة الوجدان الثوريّ عند شيعة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم إنّما تكمن في رموز خمسة، هي: النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأمير المؤمنين عليّ عليه السلام، والإمام الحسين عليه السلام، والسيّدة زينب عليها السلام، والمهديّ (عج) صاحب الفتح الأكبر. 

الشيخ شفيق جرادي

الشيخ شفيق جرادي

الاسم: الشيخ شفيق جرادي (لبنان) - خريج حوزة قُمّ المقدّسة وأستاذ بالفلسفة والعلوم العقلية والعرفان في الحوزة العلميّة. - مدير معهد المعارف الحكميّة (للدراسات الدّينيّة والفلسفيّة). - المشرف العام على مجلّة المحجة ومجلة العتبة. - شارك في العديد من المؤتمرات الفكريّة والعلميّة في لبنان والخارج. - بالإضافة إلى اهتمامه بالحوار الإسلامي –المسيحي. - له العديد من المساهمات البحثيّة المكتوبة والدراسات والمقالات في المجلّات الثقافيّة والعلميّة. - له العديد من المؤلّفات: * مقاربات منهجيّة في فلسفة الدين. * رشحات ولائيّة. * الإمام الخميني ونهج الاقتدار. * الشعائر الحسينيّة من المظلوميّة إلى النهوض. * إلهيات المعرفة: القيم التبادلية في معارف الإسلام والمسيحية. * الناحية المقدّسة. * العرفان (ألم استنارة ويقظة موت). * عرش الروح وإنسان الدهر. * مدخل إلى علم الأخلاق. * وعي المقاومة وقيمها. * الإسلام في مواجهة التكفيرية. * ابن الطين ومنافذ المصير. * مقولات في فلسفة الدين على ضوء الهيات المعرفة. * المعاد الجسماني إنسان ما بعد الموت.  تُرجمت بعض أعماله إلى اللغة الفرنسيّة والفارسيّة، كما شارك في إعداد كتاب الأونيسكو حول الاحتفالات والأعياد الدينيّة في لبنان.



المقالات المرتبطة

العقلانية في فكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر

العقلانية – في ضوء الاستعراض التفصيلي لتاريخ جدل العقول – أخذت هويتها المعاصرة في ظل التطوّرات العميقة التأثير على حياة

معركة لغير وجه الله

يقدّم الباحث الأستاذ فهمي هويدي في مقاله المنشور على صفحات جريدة الشروق المصرية قراءةً حول تاريخ التجاذب

تحليل مسألة “النسبة بين الدين والليبراليّة”

السؤال عن “النسبة بين الدين والليبرالية” هو سؤال مبهم، حيث إنه كلي ولا يتمتع بتعين وتشخص كاف

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<