الهويّة الإنسانيّة للمرأة في رؤى الإمام الخامنئي
by الدكتورة سعاد الحكيم | فبراير 3, 2021 3:06 م
يضع العالم الغربيّ قضايا المرأة في سياق حقوقيّ، على حين يصرّ قادة المجتمعات الإسلاميّة على وضع قضاياها في سياق إنسانيّ لا حقوقيّ. وقد نتج عن ذلك أنّ الخطاب الغربيّ حول المرأة يكاد يتمحور في معظمه حول المساواة والحريّات، وفي المقابل يصبّ الخطاب الإسلاميّ في إطار الصراع على الهويّة الإنسانيّة.
وانطلاقًا من هذا الاختلاف في الطرح بين الغرب والمسلمين لمسألة قضايا المرأة، أرى أنّنا بحاجة لإنتاج معرفة جديدة أصيلة، لا لنواجه بها الآخر وندافع عن أنفسنا، وإنّما من أجل أنفسنا وذواتنا، من أجل أن نعرف، وأن تطمئنّ قلوبنا إلى ما وقر في قلوبنا من تسليم.
وقد حاولت، عند قراءتي لأقوال الإمام الخامنئي وخطاباته وتوجيهاته وفتاواه، أن ألتزم بما أسلفت، فأنتج معرفة جديدة أصيلة – في حدود المتاح في هذه المداخلة – حول المرأة وهويّتها الإنسانيّة عنده.
ولا يفوتني هنا – كواحدة من أهل السنة – أن أعبّر عن تثميني للفتاوى[1][1] التي أصدرها مؤخّرًا حول الموقف من الصحابة ومن أمّهات المؤمنين. وأقول، إنّ أمثال هذه الفتاوى – إن انتقلت من اللغة إلى الممارسة – تستطيع رفع السدّ من بين المسلمين، والسموّ بالحوار، وكسر العتبات الحمر. فالوضع العالميّ للمسلمين اليوم يُلجئ الجميع إلى اللوذ بالإسلام المحمّدي الأساسيّ، وترك أسباب الفرقة ومسبّبات الفراق.
وقد قسّمت ورقتي إلى قسمين كبيرين: الأوّل فيهما أوسع من الثاني، ويبحث في تجلّيات المرأة عند الإمام الخامنئي. والثاني يهدف إلى استنباط مقوّمات الهويّة الإنسانيّة للمرأة من خلال الكشف عن المشترك الإنسانيّ المتجسّد في تجلّياتها.
القسم الأوّل: تجلّيات المرأة عند الإمام الخامنئي.
قادني الحفر العميق في نصوص الإمام الخامنئي إلى الكشف عن تجلّيات أربعة للمرأة عنده، ثمّ في مرحلة ثانية اعتمدتُ هذه التجلّيات بمثابة مادّة حيّة متجسّدة تدلّني على مقوّمات هويّة المرأة ككائن إنسانيّ.
أمّا التجلّيات الأربعة للمرأة فهي:
-
المرأة المقدّسة.
-
المرأة العظيمة وهي أم الشهيد أو زوج الشهيد.
-
المرأة الشريكة، في المجتمع والحياة.
-
المرأة الفعّالة في التاريخ.
وفيما يأتي سوف أبرهن على الوجود الواقعيّ – لا النظريّ – لهذه الصور الأربعة للمرأة دون إسهاب في الشرح، بل على صيغة إشارات مكثّفة.
-
1. المرأة المقدّسة.
تنفرد فئة قليلة من النساء – عبر التاريخ – بالتجلّي بالهويّة الإنسانيّة للمرأة، في أبهى صورها وأسماها وأكثرها إشراقًا واكتمالًا. بحيث تصبح الواحدة من هؤلاء النسوة في “مقام القدوة” للناس، وليس للنساء فقط.
ومن الهامات العالية في النساء يذكر القرآن الكريم السيّدة مريم بنت عمران، والسيّدة آسيا امرأة فرعون، ويضعهما في “مقام المـَثَل المضروب” للمؤمنين جميعًا، ذكرًا وأنثى. فالأولى اصطفاها ربّها وطهّرها وفضّلها على نساء زمانها بحمل كلمة الله عيسى بن مريم (ع). والثانية آمنت مع موسى (ع) حتّى الشهادة، وتحدّت فرعون، وزهدت في ملكه، وآثرت على قصوره بيتًا في الجنّة[2][2].
ويخبر الصادق الأمين عليه (ص) عن أربعة من النساء كاملات هنّ: مريم بنت عمران، وآسيا امرأة فرعون، والسيّدة الطاهرة خديجة، والسيّدة فاطمة الزهراء.
وتبرز أسماء لامعة في سماء الطهر وطيب الشمائل، يذكر الإمام الخامنئي بعضًا منهنّ في صدر الإسلام خاصّة، إلّا أنّهنّ لا يرقَين إلى رتبة الكمال النسويّ المتفرّد الذي يجعل كلّ واحدة منهنّ قدوةً إنسانيّة، تنجذب النفوس المتطهّرة لتقليدها والالتحام بها بتلقائيّة فطريّة.
ومن بين نجمات الهدى اللوامع الأربع – التي ذكرناها – اختار التقليد الشيعيّ واحدةً، لتكون رمزًا للتّحقّق النسويّ الكامل من الوجوه كلّها، وهي السيدة الزهراء سيّدة نساء العالمين. وكما استنبط من النصوص، فإنّ اختيار التقليد الشيعيّ للسيّدة الزهراء لا يعني أنّها تزيد في درجة الكمال ورتبته عن الثلاث المذكورات، ولكن بسبب زيادة دورها الوجوديّ لديهم، في الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة.
وأرصد فيما يأتي تسعة ملامح لصور السيّدة الزهراء كما تبديها نصوص الإمام الخامنئي، أوردها على شكل لمعات، لا لضيق الوقت فقط، ولكن لأنّني أتكلّم بين قوم يفهمون الإشارات في هذا المقام.
الملمح الأول: السيّدة الزهراء هي الكوثر المُعطى لرسول الله (ص)، إنّها كوثر الذرّيّة والنسل المبارك، وكوثر النور والمعرفة معًا. إنّها كوثر مادّيّ ومعنويّ، مبدأ النماء واستمرار النبوّة – بمعنى الوحي العرفانيّ غير التشريعيّ – في الأئمّة المعصومين.
إذًا، كيف يكون أبتر من أنجب الزهراء (ع)؟ ويفسّر الخامنئي لفظ “الكوثر” بأنّه تلك الحقيقة العظيمة والكثيرة والمتزايدة، وأنّها تصدق على أشياء مختلفة، وأحد أبرز المصاديق هو الوجود المقدّس لفاطمة الزهراء التي جعلها الله سبحانه خلقًا ماديًّا ومعنويًّا للرسول (ص)[3][3].
الملمح الثاني: ولادة الزهراء هو يوم عيد، وليس أيّ عيد، إنّه العيد الأغرّ، العيد الكبير، أبرز الأعياد الإسلاميّة[4][4]. وبهذا، يصبح العشرون من جُمادى الثاني مناسبةً لاستحضار صور كمالها، وتجديد العهود، ودفع النساء والرجال في درب العيش معها.
الملمح الثالث: الزهراء هي صاحبة عناية وألطاف ملكوتيّة، ينتفع مَن يتوسّل بها إلى الله سبحانه. يقول الإمام في هذا السياق: “ندعو الله تعالى أن يبارك لكم هذا العيد السعيد، وأن تشملكم جميعًا العناية الإلهيّة والألطاف الملكوتيّة لسيدة نساء العالمين”[5][5].
وفي موضع آخر، يقول: “علينا أن نشكر الله على توسّلنا بعنايتها”[6][6]، ويُظهر الحاجة إلى الزهراء (ع) بقوله: “نحن بحاجة إلى تلك العظيمة، هذه الشمس المتلألئة الساطعة (الزهراء) تعمّ بفائدتها جميع الموجودات في العالم، ويسقط شعاع منها في بيوتنا”[7][7].
الملمح الرابع: الزهراء هي سيّدة نساء العالمين. وهذا يعني أنّها السيّدة الأولى ليس للمسلمين فقط وإنّما للجنس البشريّ بأكمله. وسيادتها معنويّة لا مادّيّة. يقول في وصفها الإمام: “إنّها لمعجزة الإسلام… وفاقت جميع النساء عظمةً وقدسيّةً في تاريخ الإنسانيّة”[8][8]. ويكمل “تمتلك قوّةً باطنيّةً عميقةً جعلتها محيطًا لا حدود له من المعرفة والعبوديّة والقداسة والكمال المعنويّ”[9][9]. ويقول في سياق آخر: “كلّ نساء العالم من أوّله إلى آخره تبدو أمامها كالخدم أو كالذرّات في مقابل الشمس الساطعة”[10][10].
الملمح الخامس: الزهراء هي العبد الكامل لله سبحانه. إنّها “روحٌ خالصةٌ”، و”غير قابلة للإدراك”[11][11]، “جعل الله طينتها طينةً متعالية”[12][12]. ذاتها أوسع من حدقة الرؤية، ولا يمكن حبسها في كلمات اللغة، ولا يقترب عقلٌ من تصوّر عظمتها. يقول الإمام: “إنّ الإنسان العاديّ مثلنا لا يمكنه أن يتصوّر في ذهنه هذه العظمة والدرجة”[13][13]. ويُظهر عجز اللغة بالقول: “وحتّى لو استطاع شخصٌ إدراك ذلك، فإنّه لا يستطيع وصفها وبيانها كما هو حقّها”[14][14]. إذًا لم يبقَ إلّا الفنّ كمجال حيويّ لاستحضار عظمتها.
الملمح السادس: الزهراء هي الجوهرة المختارة، لتشكيل هويّة المسلم على صورتها ومثالها. بسيطة في ملبسها ومأكلها ومسكنها وحياتها عامّةً، وفي الوقت نفسه عظيمة في معناها، جبلٌ من المعرفة[15][15].
الملمح السابع: الزهراء سيّدة معصومة.. يقول عنها الإمام: “إنّها بالتالي معصومة. ليست بحسب المسؤوليّة رسولًا، ولا هي بحسب المسؤوليّة الرسميّة إمامًا أو خليفة للرسول (ص)، لكنّها من حيث المرتبة في مستوى الرسول والإمام”[16][16].
الملمح الثامن: الزهراء سيّدة محدّثة، تتنزّل عليها الملائكة، وتأنس معها وتحدّثها، فعلمها لدنّيّ لا كسبيّ. ويروي الخامنئي[17][17] عن الإمام الصادق حديثين: الأول: “إنّ فاطمة كانت محدّثة”[18][18]، والثاني: “إنّ الملائكة كانت تأتي فاطمة الزهراء (ع)، وتتحدّث معها، وتقرأ عليها آيات الله”. وقد كتب أمير المؤمنين ما أملته الملائكة على فاطمة الزهراء (ع)، وأصبح هذا كتابًا موجودًا لدى الأئمّة اسمه مصحف فاطمة.
الملمح التاسع: حب الزهراء مصدر خلاص، وسبب تقريب من طاعة الله سبحانه. وهنا يضاف البعد الوجدانيّ والعاطفيّ إلى البعد العقليّ في العلاقة بالزهراء الطاهرة. ويولي الإمام الخامنئيّ العناية لوحدة المسلمين فيقول: “ينبغي أن لا يتصوّر أحدٌ أنّ أهل بيت النبيّ (ص) هم للشيعة فقط، كلا إنّهم لكل ّالعالم الإسلاميّ. مَن ذا الذي يرفض فاطمة الزهراء سلام الله عليها؟”[19][19].
بناءً على ما تقدّم، فإنّ السيّدة الزهراء لن تتكرّر بذاتها، ولكنّها ترتفع إلى “مقام القدوة” الذي يغترف من كماله كلّ إنسان بحسب وسع طاقته. والأهمّ من ذلك، لقد فتحت نافذةً نطلّ منها على أنّ المرأة قادرة على تجاوز الجنس لتتجلّى كذات إنسانيّة فيما وراء الذكر والأنثى.
-
2. المرأة العظيمة؛ أمّ الشهيد وزوج الشهيد.
إنّ الخوف على الولد هو أعمق غريزة في روح المرأة وفي جسدها، والولد هو الأغلى من النفس في قلب الأمّ إن كان سليمًا. ولذا، فإنّ التضحية به – برضاها – في سبيل “هدفٍ مقدّس”، هو أعظم عمل تقوم به المرأة.
وكما الخوف على الولد هو غريزة أموميّة، فهو أيضًا غريزة عائليّة، وحياتيّة للزوجة. ولذا فأيّما زوجة تلهم رجلها للخروج إلى الجهاد، وللصمود حتّى النصر، فهي امرأة عظيمة.
وتنحني كلمات الإمام الخامنئي أمام المرأة العظيمة، اعترافًا منه بدورها الكبير في سبيل الحفاظ على وجود المجتمع وشرف الشعب. يقول:
فأمٌّ ضحّت بأبنائها لله، وفي سبيل هدف مقدّس، ولا تبالي لذلك، إنّها امرأة عظيمة حقًّا… وزوجة شابّة تحافظ مع كامل العفّة والطهارة على حرمة زوجها الأسير لمدّة عشر أو أحد عشر سنة في سجون العدوّ، فهذه هي القيم[20][20].
وفي سياق آخر يقول:
وأمّا في سنوات الحرب المفروضة، فلولا أمثال هذه الأمّ التي ضحّت بأبنائها الثلاثة، وسواها من أمّهات وزوجات الشهداء – اللاتي كان لي شرف الجلوس والحديث والتعرّف على خصوصيّات الآلاف منهنّ عن قريب – ولولا ما يتمتّعن به من إيمان وصبر وصلابة ومعرفة، لما وقفن هذا الموقف المحمود أمام خسائر الحرب وتضحيات الشباب والرجال. إنّ أمّهات وزوجات الشهداء لو كنّ قد أظهرن اليأس والامتعاض لما حقّقنا الانتصار في الحرب، ولجفّ شوق الجهاد في سبيل الله، وغاض ينبوع الشهادة في قلوب الرجال[21][21].
وهكذا، فالمرأة العظيمة هي مفتاح مجد المجتمع، ومؤثّرة في مصير البلاد[22][22]، وصانعة للرجال[23][23]، ومدرسة تخرج الشهداء.
وهذه المرأة العظيمة لها مثيلات في صدر الإسلام. نذكّر هنا بمقالة امرأة عظيمة هي الخنساء التي شهدت مع أولادها الأربعة معركة القادسيّة، سنة ستّ عشرة للهجرة. قالت لهم أوّل الليل: يا بنيّ إنّكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلّا هو إنّكم لبنو رجل واحد، كما أنّكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجّنت حسبكم، ولا غيّرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعدّ الله للمسلمين من الثواب الجزيل، واعملوا أنّ الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُهَا الّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[24][24]. فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوّكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، وإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها، واضطرم لظًى على سياقها، وجلّلت نارًا على أوراقها، فتيمّموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها (جيشها)، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة. فخرج بنوها قابلين لنصحها، وتقدّموا فقاتلوا وهم يرتجزون، وأبلوا بلاءً حسنًا، واستشهدوا جميعًا. فلمّا بلغها خبرهم، قالت: الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم في سبيله، وأرجو من ربّي أن يجمعني بهم في مستقرّ رحمته.
-
المرأة الشريكة، في المجتمع والحياة.
المرأة الشريكة هي نصف المجتمع، أي أنّنا نتكلّم على أكثر من مئة وثلاثين مليونًا من النساء، في إيران وحدها. وهذه المرأة الشريكة هي مدار الصراع بين الجهات العالميّة الكبرى حول الحقوق، وهي مدار التشريعات في العلم والعمل، ومدار التوجيهات نحو الرشد المعنويّ والفكريّ والاجتماعيّ والإنسانيّ.
يحتلّ خطاب الإمام الخامنئي المتعلّق بالمرأة الشريكة معظم مساحات أقواله، فيبدأ بالعلم، ليرى أنّه واجب إسلاميّ على المرأة وليس ترفةً معاصرةً. إنّ العلم مطلوب لذاته وليس من أجل العمل أو كسب المال[25][25]، وذلك لأنّ العلم يبرز ويجلي الجوهر الإنسانيّ للمرأة[26][26]، ويوصل مع الحكمة إلى الرشد الفكريّ والاجتماعيّ. كما يحرّض الإمام المرأة على التعلّم في كافّة الاختصاصات[27][27]، بل في كلّ مفيد ترغب فيه.
إضافةً إلى العلم، يوجّه الإمام المرأة إلى المطالعة، ويدلّل على أهمّيّة المطالعة في تكوين معرفة ضروريّة بالنفس والعالم[28][28]. وهذا الأمر يستحقّ منّا التأمّل، لأنّ المطالعة معرفة وثقافة واتّصال بالعالم.
وبعد العلم يأتي موضوع العمل، والمرأة الشريكة هنا هي – بحسب رأي الإمام – طاقة كامنة للمجتمع، وهي خزانة إلهيّة لا يعقل التغاضي عنها وتهميشها[29][29].
وهنا يميّز الإمام الخامنئي بين مفهومي: الحقّ والواجب. فالعمل حقّ ثابت للمرأة ولكنّه غير واجب عليها[30][30]. وينعطف الإمام للكلام في “تقسيم العمل” بين المرأة والرجل[31][31]، ليتحمّل كلّ واحد منهما مسؤوليّته الاجتماعيّة؛ لأنّ عنصري الوجود متساويان في المسؤوليّة الاجتماعيّة[32][32]، فالعمل يتجاوز في مردوده المجال العائليّ ليصبح مردودًا وطنيًّا.
وأرجّح أنّ الأوراق التي تتحدّث عن حقوق المرأة في هذه الندوة، سيكون مدارها على هذه المرأة الشريكة في بناء الوطن والموجودة في المدارس والمستشفيات والمؤسّسات الحكوميّة والمدنيّة والمجالس القياديةّ. وباختصار، الموجودة والتي تعمل – بصمت أو بغير صمت – في كلّ زوايا الحياة وأركانها.
-
المرأة الفاعلة في التاريخ.
من بين هذه الملايين من النساء الشريكات في المجتمع والحياة، تبرز أسماء لامعة – لقلّة من السيّدات – في سياقات متخصّصة، يشكّلن نموذجًا نسويًّا حيًّا لإمكانيّة تولّد المعاصرة من الأصالة.
وقيمة هذه النماذج النسويّة تكمن في دلالتها على التوق المشروع للمرأة – في كلّ زمان – لمفارقة جموع العامّة، ولتبوّأ مواقع التفرّد، على التوق لأن تصبح ذاتًا إنسانيّة، تعلو على الذكورة والأنوثة. ويشير الإمام الخامنئي إلى وجود هؤلاء النسوة الفاعلات في التاريخ المعاصر للشعوب، ويذكر اثنتين منهنّ، هما: بنت الهدى[33][33]، وبانو أصفهاني[34][34]، يقول في الأولى:
ففي عصرنا هذا كان لدينا امرأة شابّة شجاعة عالمة مفكّرة فنّانة اسمها بنت الهدى، أخت الشهيد الصدر، وقد استطاعت أن تؤثّر في التاريخ. فعظمة امرأة مثل بنت الهدى لا تقلّ عن عظمة أيّ من الرجال الشجعان والعظماء. لقد كانت حركتها حركةً نسويّةً، وكانت حركة أخيها حركةً رجوليّةً، لكنّ حركتيهما شكّلتا حركةً تكامليّةً تحكي عظمة الشخصيّة، ويتلألأ الجوهر والذات لذينك الإنسانين[35][35].
وواضح أنّ السيّدة بنت الهدى هي الإنسان والذات التي تقدّم الحركة النسويّة المكمّلة للحركة الرجوليّة. وبكلام آخر، فإنّ الحركة الرجوليّة – ومهما تعاظم فعلها – تظلّ ناقصةً من دون الحركة النسويّة.
ويقول الإمام الخامنئي في الثانية:
فإن كانت في يوم ما امرأة عظيمة الشأن مجتهدة عارفة فقيهة في أصفهان اسمها بانو أصفهاني، فاليوم يوجد الكثير من الفتيات اللواتي سيبلغن في المستقبل القريب المدارج العلميّة والفقهيّة والفلسفيّة العليا، وهذا معنى تقدّم المرأة[36][36].
إذًا، هؤلاء النسوة البارزات هنّ رائدات يفتحن الدرب أمام جماهير النساء نحو التقدّم الحقيقيّ للمرأة، لا ما يطلق عليه الغرب زيفًا اسم التقدّم.
القسم الثاني: مقوّمات الهويّة الإنسانيّة للمرأة.
نتأمّل تجلّيات المرأة الأربعة التي عرضناها، بقصد استنكاه مقوّمات الهويّة الإنسانيّة للمرأة. وبعد التدقيق نتوصّل إلى الكشف عن أربعة مقوّمات لهذه الهويّة.
والواقع أنّ هذه المقوّمات الأربعة هي نفسها مقوّمات الهويّة الإنسانيّة للرجل. وهذا طبيعيّ، لأنّه على صعيد الهويّة الإنسانيّة، نحن أمام جنسين لنوع واحد، أو بلغة المثل المضروب: نحن أمام وجهين لقطعة نقديّة واحدة.
المقوّمة الأولى: المرأة كائن كريم.
ينقل خطاب الإمام الخامنئي الحوار حول المرأة من ميدان الحرّيّات إلى ميدان الكرامة الإنسانيّة. فالمرأة عنده ليست كائنًا حرًّا بالمفهوم الغربيّ المعاصر للحرّيّة، أي بمعنى التحرّر من كلّ قيد حتّى قيد العائلة والخلق والعرف. وكما المرأة كذا الرجل، فهو أيضًا ليس حرًّا بالمفهوم الغربيّ للحرّيّة.
وفي مقابل حرّيّة الغرب، يضع الإمام مسألة تكريم الإسلام للمرأة، وكون الكرامة مقوّمًا جوهريًّا للهويّة الإنسانيّة. فالإسلام نصّ على استقلال المرأة – ككائن إنسانيّ – في مالها وفي اسمها، فهي تمتلك كالرجل ولا تتخلّى عن اسمها عند الزواج[37][37]، ولها حرّيّة اختيار الزوج، ولا تُزوّج الصغيرة إلّا برضاها.
ولن ندخل هنا في جدال حول الكرامة والحرّيّة، وإلى أيّ مدًى يكون الكائن كريمًا إن لم يكن حرًّا، وأيّة حرّيّة نريد.
ولكن نكتفي بالقول: لقد تحوّل كلام الإمام على كرامة المرأة إلى خطاب أخلاقيّ لا حقوقيّ. فالكرامة مخزونة في العفّة والحجاب[38][38]، والاختلاط الحكيم الشرعيّ.
وهذا كلّه أمر جيّد ولكنّه جزئيّ. ولذا، حبّذا لو ذهب مع مفهوم الكرامة إلى نهاياته المنطقيّة، ليبرهن للعالم أنّ الإسلام يقوم في جوهره على الرضا لا على القهر، على رضا المرأة ورضا الرجل في كلّ شيء. وهذا الرضا هو المقابل الحقيقيّ للحرّيّة الغربيّة وهو الحارس للكرامة الإنسانيّة.
وهنا، نحتاج إلى الشجاعة وإلى التدبّر لنجعل ما هو فريضةً إنسانيّةً واجتماعيّةً – أو ما نرى أنّه كذلك – مقبولًا من المرأة، وتمارسه برضاها. طبعًا، لقد وجدتُ نصوصًا للإمام الخامئني تدلّل على رضا المرأة للحجاب، واختيارها للعباءة وأنّ العباءة لم تفرض عليها[39][39]، وقبولها بالضوابط والحدود في الاختلاط[40][40]، ولكنّني لم أجد نصوصًا على قبولها بمسائل لا تزال قيد الطرح كتعدّد الزوجات مثلًا. باختصار، كرامة الإنسان في قبوله ورضاه واختياره، وليس في تحرّر متفلّت من ضوابط الدين والخلق.
المقوّمة الثانية: المرأة كائن له خصوصيّة.
تظهر التجلّيات الأربعة للمرأة، كما تظهر نصوص الإمام الخامنئي، أنّ المرأة لها طبيعة خاصّة وأنّها ذات خصوصيّة. والكلام عن خصوصيّة المرأة لا يجرح قدرها؛ لأنّه في المقابل يجري الكلام عن خصوصيّة الرجل. فالمرأة والرجل هما عنصرا الوجود الإنسانيّ، ولكلّ منهما خصوصيّاته التي تحدّد أعماله في الحياة ومهامه.
يرى الإمام الخامنئي أنّ المرأة وردة، زهرة، موجود ذو لطافة روحيّة وجسديّة[41][41]، وأنّ الإسلام حافظ على المميّزات النسويّة للمرأة، وحفظ لها خصوصيّتها الأنثويّة[42][42]، فلم يطالبها بأن تفكّر كالرجل، أو أن تعمل كالرجل.
يقول الإمام: “إنّ الهويّة الإسلاميّة هي أن تحافظ المرأة على هويّتها وخصوصيّتها النسائيّة، والتي تعدّ أمرًا طبيعيًّا وفطريًّا، وحيث إنّ خصوصيّات كلّ جنس تمثّل قيمةً له، أي أنّ عليها أن تحافظ على مشاعرها الرقيقة، وعواطفها الملتهبة، وعطفها، ومحبّتها، ورقّتها، وصفائها، وتألّقها الأنثويّ. وفي نفس الوقت، فإنّ عليها أن تتقدّم وثّابةً في مجالات القيم المعنويّة، كالعلم والعبادة والسلوك في وديان العرفان. كما أنّ عليها أن ترقى في المجالات الاجتماعيّة والسياسيّة والمشاركة السياسيّة والإرادة السياسيّة، ومعرفة مستقبلها واستشراف الأهداف الوطنيّة الكبرى والأهداف الإسلاميّة التي تصبو إليها البلدان والشعوب الإسلامية، ومعرفة العدوّ ومؤامراته وأساليبه. ويجدر بها التقدّم أيضًا على نطاق تحقيق العدل والإنصاف”[43][43].
إذًا، إنّ خصوصيّة المرأة وتركيبتها الجسديّة، وإن فتحت لها مجال أعمال دون أعمال[44][44]، إلّا أنّها لا تنتقص من هويّتها الإنسانيّة شيئًا. لأنّها تظلّ ذلك الكائن المشارك في الحياة العامّة على مدارج سلّم الوجود كلّه.
المقوّمة الثالثة: المرأة كائن منتج.
يشدّد الإمام الخامنئي على البعد الإنتاجيّ في الهويّة الإنسانيّة للمرأة. فالمرأة ليست كائنًا استهلاكيًّا، بل من واجبها أن تسهم في صناعة المجتمع وتقدّمه، بأن تكون كائنًا منتجًا. والإنتاج لا يعني بالضرورة العمل خارج البيت، فقد تكون المرأة ربّة منزل وهي في الوقت نفسه كائن منتج لا استهلاكيّ. وذلك على صعيد بناء العائلة وتربية الولد وإلهام الزوج، وغير ذلك ممّا تقدّم الكلام عنه في المرأة العظيمة والمرأة الشريكة.
ويلفت الإمام القائد النساء العاملات إلى مسألتين هامّتين في مجال الإنتاج:
-
الأولى، مسألة الوقت النوعيّ لا الكمّيّ. يقول: “فعندما تقلّلن من ساعات الحضور إلى البيت، عليكنّ أن ترفعن كيفيّة حضوركنّ، فسيكون لحضوركنّ المميّز هذا معنًى آخر”[45][45].
-
والثانية، هي مسألة علاقة الحقّ بالعمل. فمن يعمل أكثر له حقّ أكثر. يقول الإمام في معرض بيان أنّ حقّ المرأة في الأسرة أكثر من حقّ الرجل: “إنّ للمرأة – في معيار الأسرة وبين الأبناء – حقًّا أعظم من الرجل… لأنّ النساء يتحملنّ العناء والمشاقّ أكثر من الرجال، فهذا هو العدل الإلهيّ، فكلّما كان العناء والمشقّة أكثر كان الحقّ أعظم”[46][46].
المقوّمة الرابعة: المرأة كائن ملتزم.
إنّ الالتزام واحد من المقوّمات الأساسيّة للهويّة الإنسانيّة كما تقدّمها لنا نصوص الإمام الخامنئي. وهذا ينطبق على النساء والرجال. ويتجلّى التزام المرأة في ميدان الالتزام حيث تبدّى لنا جليًّا في التجلّيات الأربعة للمرأة، بل كان الالتزام من أهمّ مقوّمات شخصيّتها الإنسانيّة.
الخاتمة
نصل إلى ختام كلامنا، لنقول: إنّ المرأة والرجل معًا مدعوّان لصياغة تكوين إنسانيّ يقوم على الكرامة والخصوصيّة والإنتاجيّة والالتزام. وأيّ إنسان – رجل أو امرأة – تخلّى عن واحدة من هذه المقوّمات؛ فإنّه يخسر من هويّته الإسلاميّة، في رؤية الإمام الخامنئي للدين والمجتمع.
وأختم، بأنّ الحلّ هو في تجديد أفكارنا حول الإسلام، هو في الحفاظ على الثوابت وإزاحة غير الصالح للزمان من المتغيّرات، هو بعدم الرجوع إلى الماضي، بل باستقدام الماضي إلى الحاضر، لإنتاج الأصالة في المعاصرة. والأهمّ من ذلك كلّه، هو إنتاج ثقافة تبدع مجالًا حرًّا حيويًّا يؤسّس للوحدة لا للتفرقة، ولاكتشاف المشترك الإنسانيّ الذي يضمّنا جميعًا، ويجلي هويّتنا الإنسانيّة الأصيلة في مواجهة التغريب وتحدّيات التنمية.
[1][47] في إطار توحيد جهود المسلمين وبناءً على استفتاء وجّهه علماء ومثقّفي الإحساء، أكّد الإمام الخامنئي على حرمة النيل واتّهام زوج النبي (ص) بما يخلّ بشرفها، وهنا الاستفتاء وجواب الإمام:
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تمرّ الأمّة الإسلاميّة بأزمة منهج يؤدّي إلى إثارة الفتن بين أبناء المذاهب الإسلاميّة، وعدم رعاية الأولويّات لوحدة صفّ المسلمين، ممّا يكون منشأً لفتن داخليّة وتشتيت الجهد الإسلاميّ في المسائل الحسّاسة والمصيريّة، ويؤدّي إلى صرف النظر عن الإنجازات التي تحقّقت على يد أبناء الأمّة الإسلاميّة في فلسطين ولبنان والعراق وتركيا وإيران والدول الإسلاميّة، ومن إفرازات هذا المنهج المتطرّف طرح ما يوجب الإساءة إلى رموز ومقدّسات أتباع الطائفة السنّيّة الكريمة بصورة متعمّدة ومكرّرة. فما هو رأي سماحتكم في ما يطرح في بعض وسائل الإعلام من فضائيّات وإنترنت من قبل بعض المنتسبين إلى العلم من إهانة صريحة وتحقير بكلمات بذيئة ومسيئة لزوج الرسول (ص) أمّ المؤمنين السيّدة عائشة واتّهامها بما يخلّ بالشرف والكرامة لأزواج النبيّ أمّهات المؤمنين رضوان الله تعالى عليهنّ.
لذا نرجو من سماحتكم التكرّم ببيان الموقف الشرعيّ بوضوح لما سبّبته الإثارات المسيئة من اضطراب وسط المجتمع الإسلاميّ، وخلق حالة من التوتّر النفسيّ بين المسلمين من أتباع مدرسة أهل البيت (ع) وسائر المسلمين من المذاهب الإسلاميّة، علمًا أنّ هذه الإساءات استغلّت وبصورة منهجيّة من بعض المغرضين ومثيري الفتن في بعض الفضائيّات والإنترنت لتشويش وإرباك الساحة الإسلاميّة وإثارة الفتنة بين المسلمين. ختامًا دمتم عزًّا وذخرًا للإسلام والمسلمين.
التوقيع: جمع من علماء ومثقّفي الأحساء، 4 / شوال / 1431هـ”.
جواب الإمام الخامنئي:
“بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يحرم النيل من رموز إخواننا السنّة فضلًا عن اتّهام زوج النبي (ص) بما يخلّ بشرفها، بل هذا الأمر ممتنع على نساء الأنبياء وخصوصًا سيّدهم الرسول الأعظم (ص). موفّقين لكلّ خير”. http://www.icislam.com[48]
[2][49] انظر في هذا الإطار، الإمام الخامنئي، مكانة المرأة في الإسلام (مركز منارة الإمام المهدي)، الصفحتان 11 و12.
يقول الإمام الخامنئي: “الله سبحانه وتعالى يذكر نموذجين من النساء بصفتهما رمزًا للإنسان المؤمن لا رمزًا للمرأة المؤمنة، يعني الله تعالى عندما أراد أن يذكر نموذجًا لا مثيل له أو يندر مثيله بين بني الإنسان، ومثلًا لأعلى درجات الإنسانيّة والتكامل المعنويّ لم يذكره من العظماء، ولا من الشخصيّات العلميّة والدينيّة والأنبياء (ع)، بل ذكره من النساء، حيث ذكر امرأتين كنموذج حيّ للإنسانيّة والتكامل المعنويّ، إحداهما امرأة فرعون: ﴿إِذْ قَالَتْ رَبّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنّةِ﴾[سورة التحريم، الآية 11]. هذه المرأة هي التي كافحت هذه القدرة المتغطرسة الطاغوتيّة المتمثّلة بزوجها، هذه المرأة التي لم تخضع لظلم زوجها المقتدر الذي طغى بظلمه وعمله. إنّ عظمة هذه المرأة تتجلّى في أنّ زوجها لم يستطع أن يفرض عليها طريق الضلال وهي في بيته مع أنّ عظمته وقدرته الواسعة استطاعت أن تسيطر وتهيمن على ملايين الرجال وجعلتهم رهن إرادته، بل عاشت هذه المرأة حرّةً وآمنت بالله وتركت طريق فرعون وطرق الضلال واختارت الطريق الإلهيّ القويم، لذا ذكرها القرآن الكريم نموذجًا بارزًا لا مثيل له أو ندرًا ليس لبني جنسها فقط بل للبشريّة جمعاء رجالًا ونساءً. المرأة الأخرى التي ذكرها القرآن الكريم هي مريم بنت عمران (ع) وأمّ عيسى (ع): ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ [سورة التحريم، الآية 12]. هذه المرأة التي وقفت كالجبل الأشمّ أمام كلّ الظنون السيّئة والتهم التي توجّهت إليها من قبل سكّان مدينتها ومنطقتها وأخذت بيدها روح الله وكلمته، هذه الآية العظمى التي زرعها الله تعالى في نطفتها الطاهرة بقدرته وإرادته لتشقّ بها الظلام الذي كان مهيمنًا على العالم في ذلك الزمان. فهاتان المرأتان قد ملأتا الدنيا بنورهما وضيائهما، فكانتا النموذج الكامل للإنسان المثاليّ. ولم ينتخب رجلين ولا رجل وامرأة ولا بدّ أن يكون لهذا الانتخاب سرّ خفيّ.
[3][50] الإمام الخامنئي، خطبتا صلاة الجمعة، طهران في 1/10/1999.
[4][51] انظر في مقدّمات خطب الإمام الخامنئي في معظم الاحتفالات بمولد السيدة الزهراء.
[5][52] انظر كلمات الإمام الخامنئي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء (ع).
[6][53] الإمام الخامنئي، كلمته في شعراء ومدّاحي أهل البيت عليهم السلام في ذكرى ولادة السيّدة الزهراء (ع)، طهران في 4/11/2011.
[7][54] الإمام الخامنئي، كلمته في شعراء ومدّاحي أهل البيت (ع)، في ذكرى ولادة السيّدة الزهراء (ع)، طهران في 7/8/2007.
[8][55] الإمام الخامنئي، كلمته في شعراء ومداحي أهل البيت (ع)، في ذكرى ولادة السيدة الزهراء (ع)، طهران في 5/7/2007.
[9][56] الإمام الخامنئي، كلمته في شعراء ومداحي أهل البيت (ع)، في ذكرى ولادة السيدة الزهراء (ع)، طهران في 5/7/2007.
[10][57] الإمام الخامنئي، جهاز أفضل زوجة في العالم، http://www.alwelayah.net[58].
[11][59] وردت العبارة عند الإمام الخامنئي في كتاب الخطوط العامّة من سيرة الأئمّة (ع)، الصفحة 42، على الشكل التالي: “إنّ كلّ ما نقوله حول الزهراء صلوات الله عليها قليل، وفي الحقيقة إنّنا لا نعلم ما يجب قوله في الزهراء صلوات الله عليه،ا وما يجب التفكير فيه، فالأبعاد الوجوديّة لهذه الحوراء الإنسيّة والروح الخالصة وخلاصة النبوّة والولاية، واسعة ولا متناهية وغير قابلة للإدراك وهي بصورة بحيث يتحيّر الإنسان فيها”.
[12][60] المصدر نفسه، الصفحة 43.
[13][61] كلمة للإمام الخامنئي في جموع من طالبات المراكز والجامعات الثقافيّة والسياسيّة وأسر الشهداء في ذكرى مولد الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع)، طهران في 21 جمادى الثانية 1413 هـ.
[14][62] المصدر نفسه.
[15][63] يقول الإمام الخامنئي حول مقام الصدّيقة الطاهرة سلام الله عليها: لا تعيننا ألسنتنا وأقوالنا على البيان. شىء لا يمكن أن يوصف. وصفه أرقى من حدود قوالبنا البيانيّة العاديّة. ولكن بلغة الفنّ يتسنّى تقريب الأذهان إلى حدّ ما. لذلك أؤكّد دائمًا على المدح والشعر والأناشيد الإسلاميّة. بأجنحة الفنّ يمكن تقريب الذهن بدرجة معيّنة، غير أنّه من المتعذّر بلوغ حقيقة هؤلاء في مقام الوصف. طبعًا، الذين يطهّرون قلوبهم وأعمالهم، وينزّهون أجسامهم وأرواحهم، وينهجون نهج التقوى والورع والطهارة ويربّون أنفسهم، وينأون بها بعض الشيء عن الأدران التي نعاني منها أنا وأمثالي، ستستطيع أعينهم أن ترى، إلّا أنّهم لن يتمكّنوا أيضًا من الوصف، لكنّ قلوبهم الطاهرة وأعين أفئدتهم البصيرة تستطيع ضمن حدود معيّنة أن ترى الأنوار القدسيّة لأهل البيت ومنهم الصديقة الكبرى سلام الله عليها، ويمكنهم أن يدركوا مقامهم. لدينا شواهد على ذلك. من هذه الشواهد القول المرويّ عن الرسول الأكرم: “فداها أبوها”. ومن الشواهد ما روي أنّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها حين كانت تدخل بيت النبي، أو حين كانت تدخل على الرسول حيث يجلس “قام إليها”، كان الرسول يقوم أمامها ويسير إليها. هذه عظمة. أنْ ينظر العالم الإسلاميّ كافّةً منذ ذلك اليوم وإلى اليوم – شيعةً وسنّةً دون استثناء – لتلك السيّدة الكبيرة بعين العظمة والجلالة، فهذا أيضًا من تلك الشواهد والعلامات. من غير الممكن أن يتّفق جميع العقلاء، والعلماء، والمفكرون من شتّى النحل والعقائد المختلفة طوال تاريخ أمّة أو شعب من الشعوب على مدح وإجلال شخصيّة معيّنة. ما هذا إلّا بسبب عظمة لا توصف تتمتّع بها تلك الشخصيّة، وهذا بحدّ ذاته مؤشّر ودليل. كلّ هذه العظمة خاصّة بسيّدة في الثامنة عشرة، فتاة شابّة! أكبر سنّ ذكر لفاطمة الزهراء سلام الله عليها في مختلف التواريخ هو ما بين الثامنة عشرة إلى الثانية والعشرين. التكريم الذي كان يخصّها به أمير المؤمنين والتكريم الوارد في روايات وأحاديث جميع الأئمّة عليهم السلام بحقّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها، يشير للإنسان أيّة عظمة وانبهار يتموّج فـي كلمات الأئمّة حول فاطمة الزهراء. كلّ واحد من الأئمّة شطّ صخّاب يروي وينمّي مناخات المعرفة والمواهب الإنسانيّة، وكلّ هذه الجداول تنبع من تلك العين، عين فاطمة الزهراء الدفّاقة سلام الله عليها. روايات الصادقين عليهما السلام، وعظمة الإمام الرضا وموسى بن جعفر والأئمّة التالين، والمقام الشامخ لسيّدنا بقيّة الله أرواحنا فداه كلّها جداول ذلك الكوثر، ذلك الكوثر الخالد، ذلك الينبوع المتدفّق. هذه هي بركات فاطمة الزهراء. نريد أن نقدّم هذه السيّدة الجليلة كنموذج يعيش بيننا. امرأة شابّة، فتاة شابّة كانت حياتها حياةً عاديّة، وثيابها ثياب الفقراء، وعملها في المنزل رعاية الأطفال وإدارة البيت وأن تكون ربّة هذا البيت الصغير وتطحن بالرحى، بينما يشمخ في داخلها جبل من المعرفة وبحر من العلم عظيم.
انظر، كلمة للإمام الخامنئي أثناء لقائه مدّاحي أهل البيت (ع) بمناسبة ذكرى ميلاد السيّدة الزهراء عليها السلام، في 7/8/2004.
[16][64] الإمام الخامنئي، كلمته في شعراء ومدّاحي أهل البيت عليهم السلام، في ذكرى ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام، طهران في 26/12/2010.
[17][65] يقول الإمام الخامنئي: روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “إنّ فاطمة كانت مُحدّثة”؛ أي أنّ الملائكة كانت تنزل عليها وتأنس معها وتحدّثها. وهناك روايات عديدة في هذا المجال. وإنّ كونها محدّثةً لا يختصّ بالشيعة فقط، فالشيعة والسنّة يعتقدون أنّه كان هناك أشخاص في صدر الإسلام – أو من الممكن وجودهم – كانت تحدّثهم الملائكة، ومصداق هؤلاء في رواياتنا هي فاطمة الزهراء (ع). وقد ورد في هذه الرواية عن الإمام الصادق (ع) بأنّ الملائكة كانت تأتي فاطمة الزهراء (ع) وتتحدّث معها وتقرأ عليها آيات اللّه. وكما أنّ هناك تعبير في القرآن حول مريم (ع) في الآية ﴿إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين﴾، فإنّ الملائكة كانت تخاطب فاطمة الزهراء (ع) وتقول: “يا فاطمة إنّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين”. ثمّ يقول الإمام الصادق (ع) في هذه الرواية: إنّ الملائكة في إحدى الليالي كانت تتحدّث مع فاطمة (ع) وكانت تذكر هذه العبارات، فقالت فاطمة الزهراء (ع) لها: “أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم”، فقالت الملائكة لفاطمة الزهراء (ع): بأنّ مريم كانت المفضّلة على النساء في زمانها وفاطمة مفضّلة على النساء في كلّ الأزمنة من الأوّلين والآخرين. فأيّ مقام معنويّ رفيع هذا؟ إنّ الإنسان العاديّ مثلنا لا يمكنه أن يتصوّر في ذهنه هذه العظمة والدرجة.
وقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنّ فاطمة الزهراء (ع) قالت له بأنّ الملائكة تأتي وتتحدّث معها، وتقول لها بعض المسائل. فقال لها أمير المؤمنين (ع) بأنْ تخبره عندما تسمع صوت الملك حتّى يكتب ما تسمع، فكتب أمير المؤمنين ما أملته الملائكة على فاطمة الزهراء (ع)، وأصبح هذا كتابًا موجودًا لدى الأئمّة (ع) اسمه مصحف فاطمة أو صحيفة فاطمة.
انظر، الإمام الخامنئي، كلمة في جموع من طالبات المراكز والجامعات الثقافيّة والسياسيّة وأسر الشهداء في ذكرى مولد الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع)، طهران في 21 جمادى الثانية 1413 هـ.
[18][66] محمد باقر الكجوري، الخصائص الفاطميّة، تحقيق سيّد علي جمال أشرف، (طهران، انتشارات الشريف الرضي، الطبعة 1، 1380 هـ. ش)، الجزء 1، الصفحة 261.
[19][67] كلمة الإمام الخامنئي في جمع علماء أهل السنّة في محافظة كردستان.
http://www.wata.cc
[20][68] الإمام الخامنئي، كلمة في حشود من الأخوات المؤمنات في ذكرى ولادة زينب الكبرى (ع)، طهران في 5 جمادى الأولى 1415 هـ.
[21][69] الإمام الخامنئي، هويّة المرأة المسلمة، ذكرى ولادة الصدّيقة الطاهرة (ع).
http://www.alwelayah.net[58].
[22][70] انظر، الإمام الخامنئي، دور المرأة في الأسرة، (بيروت: مركز الإمام الخميني الثقافيّ)، الصفحة 4.
[23][71] انظر، المرأة علم وعمل وجهاد، (بيروت: مركز نون للتأليف والترجمة، الطبعة1، 2003)، الصفحة 47.
[24][72] سورة آل عمران، الآية 200.
[25][73] انظر، المرأة علم وعمل وجهاد، مصدر سابق، الصفحتان 11 و24.
[26][74] المصدر نفسه، الصفحة 13.
[27][75] المصدر نفسه، الصفحتان 15 و32.
[28][76] قال الإمام الخامنئي: “عليهم [أي النساء] أن يسمحوا لبناتهم بالدراسة والمطالعة وقراءة الكتب، وأن يطّلعن على المعارف الدينيّة والإنسانيّة، لتقوى أذهانهنّ وعقولهنّ وتنشط. إنّه أمر ضروري جدًا”؛ انظر، المصدر نفسه، الصفحة 14.
[29][77] المصدر نفسه، الصفحة 11.
[30][78] المصدر نفسه، الصفحات 35 إلى 37، “ما هو العمل الأنسب للمرأة؟”؛ كما يراجع، مكانة المرأة ودورها، مصدر سابق، الصفحة 23 وما بعدها، “دراسة حقوق المرأة على قاعدة التناسب لا التساوي”.
[31][79] المصدر نفسه، الصفحة 27.
[32][80] المصدر نفسه، الصفحتان 42 و43.
[33][81] بنت الهدى، آمنة حيدر الصدر، ولدت في مدينة بغداد، في عام 1357 هـ[82] (1937م)، في عائلة علميّة متديّنة، والدها أحد كبار علماء الإسلام في العراق الفقيه المحقّق آية الله السيّد حيدر الصدر توفّي عنها وعمرها سنتان، ووالدتها هي الأخرى من عائلة علميّة بارزة، فهي كريمة العلّامة الكبير الشيخ عبد الحسين آل ياسين، وهي أخت المرجع الديني المحقّق الشيخ محمد رضا آل يس، والتزم أخوا الشهيدة بنت الهدى إسماعيل ومحمد باقر بتربيتها ورعايتها، حيث تلقّت من العلوم الدينيّة والشؤون الاجتماعيّة والثقافيّة حتّى غدت فيما بعد رائدة العمل الإسلاميّ في العراق. وهي، بالإضافة إلى ذلك، تعتبر من رائدت الفنّ القصصيّ. من أعمالها: كلمة ودعوة، الفضيلة تنتصر[83]، المرأة مع النبي[84]، إمرأتان ورجل[85]، صراع من واقع الحياة، الباحثة عن الحقيقة[86]. أعدمها صدّام حسين[87] في عام 1980[88].(المحرر).
[34][89] بانو الأصفهاني: ( 1308هـ) عالمة، فاضلة، محدّثة، فقيهة، مجتهدة، حكيمة، عارفة، مفسرّة للقرآن الكريم، مؤلّفة. شهد بفضلها وعلمها مراجع الدين، وكبار العلماء في عصرها. الاسم الصحيح لهذه العلويّة هو “نُصرت”، كما سمّاها بذلك والدها، إلّا أنّها لم تُعرف بهذا الاسم، بل عُرفت بأسماء وألقاب وكُنى متعدّدة، أشهرها “أمينة”، “بانو إيراني” – أي سيّدة إيرانيّة –، “أمّ الفضل” أو “أم الفضائل”. بدأت وهي في العشرين من عمرها بقراءة المقدّمات الأدبيّة وجانبًا من أوائل الفقه والأصول، وأوّليّات العلوم العقليّة وحينما بلغت الأربعين من عمرها، كانت قد استكملت دراستها الإسلاميّة، ووصلت إلى مرحلة عالية تؤهّلها لاستنباط الأحكام الشرعيّة، لها عدد من المؤلفات: الأربعين الهاشميّة، والنفحات الرحمانية. من صفاتها أيضًا التواضع الكبير ونكران الذات. انظر، http://www2.irib.ir.
[35][90] المرأة علم وعمل وجهاد، مصدر سابق، الصفحتان 41 و42.
[36][91] الإمام الخامنئي، كلمة في حشود من الأخوات المؤمنات في ذكرى ولادة زينب الكبرى (ع)، طهران في 5 جمادى الأولى 1415 هـ.
[37][92] المرأة حقوق وحرّيّة وحجاب، (بيروت: مركز نون للتأليف والترجمة، الطبعة 1، 2003)، الصفحة 22.
[38][93] انظر، المصدر نفسه، الصفحتان 56 و57.
[39][94] الإمام الخامنئي، كلمة في حشود من الأخوات المؤمنات في ذكرى ولادة زينب الكبرى (ع)، طهران في 5 جمادى الأولى 1415 هـ.
[40][95] المصدر نفسه.
[41][96] مكانة المرأة ودورها، مصدر سابق، الصفحة 36.
[42][97] الإمام الخامنئي، هويّة المرأة المسلمة، ذكرى ولادة الصديقة الطاهرة (ع). http://www.alwelayah.net[58].
[43][98] المصدر نفسه.
[44][99] المرأة حقوق وحرّيّة وحجاب، مصدر سابق، الصفحة 51. كما يراجع، مكانة المرأة ودورها، مصدر سابق، الصفحة 25.
[45][100] دور المرأة في الأسرة، مصدر سابق، الصفحة 14.
[46][101] الإمام الخامنئي، كلمة في حشود من الأخوات المؤمنات في ذكرى ولادة زينب الكبرى (ع)، طهران في 5 جمادى الأولى 1415 هـ.
اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/11904/islamicidentity/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.