تاريخ علم الكلام | الدرس الرابع | نشوء علم الكلام وتشكُّلُه في القرن الأوّل الهجري

تاريخ علم الكلام | الدرس الرابع | نشوء علم الكلام وتشكُّلُه في القرن الأوّل الهجري

أهداف الدرس:

1- إيضاح مكانة علم الكلام في القرن الأوّل الهجري؛

2- إيضاح التمايز بين التيّارات الكلاميّة والفِرَق غير الكلاميّة من خلال محوريّة المسائل الكلاميّة؛

3- تعريف التيارات والمذاهب الكلاميّة التي ظهرت في القرن الأوّل.

 

تذكرة

بيّنّا في الدرس السابق سير التحوّلات التي طرأت على الكلام الإسلامي ضمن أربع مراحل أساسيّة، وذكرنا أنّ المرحلة الأولى بدأت مع بدايات القرن الأوّل الهجري بطرح الأسئلة الكلاميّة، وأطلقنا عليها اسم <مرحلة الأصالة والاستقلال>. وقد دامت هذ المرحلة حتّى نهاية القرن الخامس الهجري، ويمكن تقسيمها إلى أربع حقبات وفترات أكثر جزئيّةً.

وأما المرحلة الثانية، فأطلقنا عليها اسم <مرحلة المنافسة والاختلاط>، وفيها وجدت المصطلحات الفلسفيّة طريقها إلى علم الكلام واندمجت بالأبحاث الكلاميّة. كان الكلام في هذه المرحلة في حالة تنافس مع الفلسفة، وقد بدأت هذه المرحلة في القرن السادس واستمرّت حتّى القرن التاسع الهجري.

أمّا المرحلة الثالثة، التي بدأت في القرن التاسع الهجري، فسميناها مرحلة <الاندماج>، وفيها واجه الكلام عند أهل السنّة مصير الأفول، فيما تمّ تهميش الكلام الشيعي مع سيطرة المفاهيم والأفكار الفلسفيّة.

وفي الختام تأتي المرحلة الرابعة بعنوان <مرحلة الإحياء والتجديد>، وهي المرحلة التي بدأت في القرون الأخيرة. وقد شكّل ورود المسائل الجديدة إلى العالم الإسلامي في هذه المرحلة سببًا لبذل الجهود في سبيل إعادة إحياء المباحث الكلاميّة في العالم الإسلامي وتوسعتها، حيث انشغلت التيّارات الكلاميّة المختلفة بإحياء أساليبها ومناهجها وإعادة بنائها.

 

أوّل المسائل الكلاميّة

أوضحنا سابقًا أنّ علم الكلام هو أحد العلوم الإسلاميّة الأصيلة التي ظهرت تلبيةً لاحتياجات المجتمع، مستفيدةً من المصادر الأصيلة والأساسيّة، لكن لا بدّ لنا من الالتفات إلى أنّ ظهور العلوم ونشوءَه يسلك سيرًا تدريجيًّا ولا يحصل بنحو دفعيّ.

إنّ أوّل ما يحظى بالاهتمام أثناء تشكّل أي علم هو ظهور مسائله، بمعنى أنّ المسائل تُطرح بدايةً في المجتمع وتقع موردًا للاهتمام، ومن ثمّ يبدأ العلم تدريجيًّا – من خلال توسّع مسائله وتدوين منهجيّة موحّدة للإجابة عن هذه المسائل – بأخذ شكله النهائيّ. لذا، أوّل مرحلة في دراسة كيفيّة نشوء علم الكلام الإسلامي وظهوره وبحثها هي مرحلة ظهور المسائل الكلاميّة.

متى ظهرت أولى المسائل الكلاميّة؟

بناءً على التعريف الذي ذكرناه سابقًا لعلم الكلام، فإنّ المسائل الكلاميّة عبارة عن الموضوعات الاعتقاديّة التي وقعت موردًا للاختلاف والنقاش، أي إنّ المسائل الكلاميّة تظهر وتنشأ عندما يختلف المسلمون أو أبناء معتقد ودين حول الموضوعات الاعتقاديّة وينشغلون ببحثها ومناقشتها. والسؤال الآن هو: متى ظهرت أولى المسائل والأسئلة الكلامية؟ وما هي؟

يشير النظر في تاريخ صدر الإسلام إلى أنّ المسلمين ابتلوا بعد رحيل الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) بالاختلاف في بيان معنى بعض العقائد الإسلاميّة وحدودها، وأوّل المسائل الكلاميّة التي وقعت موردًا للبحث والنقاش حتّى نهاية القرن الأوّل هي:

– مسألة الإمامة وقيادة المجتمع الإسلامي.

– مسـألة الإيمان والكفر.

– مسألة القضاء والقدر وعلاقتها باختيار الإنسان.

– مسألة الصفات الإلهيّة.

إن الاختلاف في فهم هذه المسائل ومعالجتها كان سببًا في ظهور تيّارات كلاميّة عدّة في القرن الأوّل، ومن المناسب في هذا السياق الالتفات إلى نقاط عدّة:

أوّلها، صحيح أنّ الاختلافات الكلاميّة أثّرت في ظهور الفِرَق الكلاميّة، لكن لا بدّ لنا من الالتفات إلى أنّه ليس من الضرورة أن يصبح كلّ تيّار كلاميّ فرقةً، أي إنّه ليس من اللازم أن تنجرّ جميع الاختلافات الكلاميّة وظهور التيّارات الكلاميّة إلى تشكُّل فِرَق كلاميّة. وفي المقابل ليس من الضروري أن يكون ظهور الفِرَق الكلاميّة مستندًا إلى اختلافات كلاميّة، بل من الممكن أن يكون ظهور الفرَق مستندًا إلى اختلافات من نوع آخر كالاختلاف في المناسك والأعمال والسلوك.

المسألة الثانية هي أنّ المواضيع الكلاميّة التي طُرحت في القرن الأوّل الهجري حظيت بالقليل من الأبعاد النظريّة. ذكرنا سابقًا، في مقام الحديث عن خصائص علم الكلام في مرحلة التشكّل، أنّ الكلام في القرن الأوّل كان يتبع أهدافًا عمليّةً، أي إنّ المسائل التي طُرحت في هذه المرحلة، وعلى الرغم من كونها عقائديّةً، كانت تُطرح في سبيل تحقيق أهداف عمليّة وتقلّ فيها الأبعاد النظريّة.

 

أ- مسألة الإمامة وقيادة المجتمع الإسلامي

بناءً على المعطيات والأخبار المتعدّدة المأخوذة من المصادر التاريخيّة ومصادر الملل والنحل، فإنّ أوّل اختلاف وقع في الأمّة الإسلاميّة كان حول مسألة الخلافة وقيادة المجتمع الإسلامي[1].

وقد انبثق في هذه المسألة تيّاران مختلفان، فمجموعة كانت تعتقد بأنّ خلافة النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) حقّ لأهل بيته، وبشكل خاصّ للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي كان قد انتُخب خليفةً ووصيًّا للنبيّ بنصّ منه. وفي الطرف المقابل رأى بعضٌ أنّ النبيّ لم ينصّب أحدًا خليفةً من بعده، ووضع اختيار الإمام والقائد على عهدة الأمّة الإسلاميّة. وبالطبع، كان البعض يعتبر هذا الاختلاف محض اختلافٍ سياسيّ ولا خلفيّة كلاميّة له، إلّا أنّ هذه المسألة كانت في نظر مجموعة صغيرة محيطة بالإمام علي (عليه السلام) – كحدّ أدنى – مسألةً اعتقاديّةً، فالشيعة، وعلى الرغم من كونهم أقليّةً تحوي عددًا صغيرًا، كانوا يعتبرون مسألة الإمامة مسألةً اعتقاديّةً.

إنّ النظر والرجوع إلى الآراء والأفكار التي نُقلت عن الشيعة الأوائل، والخطب التي أوردوها في مقام الدفاع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) تشير إلى كون مسألة الإمامة عندهم مسألةً اعتقاديّةً. من هنا، إذا كانت مجموعة ما – ولو كانت صغيرةً – قد عدّت مسألة الإمامة مسألةً اعتقاديّةً ودافعت عنها، فإنّ مسألةً كلاميّةً تكون قد ظهرت، ويمكن بذلك عدّ مسألة الإمامة والقيادة أوّل المسائل الكلاميّة التي طُرحت للنقاش في العالم الإسلامي.

 

ب- مسألة الإيمان والكفر

وقد كان معنى الإيمان والكفر وحدودهما من المسائل الأخرى التي خضعت للنقاش في القرن الأوّل الهجري، وكانت سببًا لنشوء تيّارات كلاميّة مختلفة.

في العام 38 للهجرة، وأثناء حرب صفّين، ادّعت مجموعة – تعتبر قبول التحكيم معصيةً – أنّ التحكيم وقبول حكم الحكمَيْن كان معصيةً وسببًا للخروج عن الإيمان. هذه المجموعة، التي عُرفت بعنوان <الخوارج>، كانت ترى أنّه يجب على أطراف النزاع التوبة كي يعودوا إلى الإسلام. وبالطبع، لم تلقَ هذه المسألة قبولًا عند عموم المسلمين، وقد انشقّت هذه الفرقة عن جيش الكوفة بوصفها فرقةً معترضةً وعسكرت في معسكر منفصل منشغلةً بتبيين آرائها ومعتقداتها، وفي نهاية المطاف بادرت إلى القيام بإجراءات عمليّة في المجتمع الإسلامي.

وعلى أيّ حال، فإنّ الحديث والنقاش في ماهيّة الإيمان وحدوده وتحديد الأمور التي تسبّب الخروج عنه باتت مسـألةً كلاميّةً ووقعت موردًا للبحث والنقاش في هذه الفترة والفترات اللاحقة. لذا، عُرفت مسألة الإيمان والكفر واشتهرت كواحدة من أهمّ المسائل الكلاميّة التي وُجدت في القرن الأوّل الهجري.

وقد أدّى بحث في هذه المسألة ونقاشها إلى ظهور آراء ونظريّات مختلفة ظهر على إثرها تيّاران أو فرقتان كلاميّتان. وقد كان الخوارج أوّل من طرح نظريّةً في هذه المسألة، حيث كانوا يعتقدون بأنّ العمل ركنٌ في الإيمان، وبالتالي فإنّ المعصية سبب للخروج عنه، بحيث يخرج مرتكب المعصية بها من حصن الإيمان ليدخل في الكفر، فوحده العمل يشكّل الحدّ بين الإيمان والكفر، ومرتكب الكبيرة يخرج من دائرة الإيمان ولا يعود ما لم يتب. هذه الفرقة – أي الخوارج – انقسمت في السنوات اللاحقة إلى فرَق متعدّدة[2] وانشغلت في القرن الثاني ببحث سائر الموضوعات الكلاميّة، أمّا في القرن الأوّل فقد كانت تفكّراتها متمحورةً حول مسألة واحدة: الإيمان والكفر وأثر العمل عليهما.

الفرقة الثانية التي ظهرت على إثر طرح مسألة الإيمان والكفر هي <المرجئة>، وقد وقفت هذه الفرقة في الموقع المقابل للخوارج، فكانت تعتقد بعدم ارتباط إيمان الإنسان بعمله. ونتيجةً لذلك، فالشخص الذي يملك اعتقادًا قلبيًّا لا أنّه لا يخرج عن الإيمان بارتكابه للمعاصي فحسب، بل لا تنقص درجة إيمانه أيضًا. أي إنّ الشخص يدخل حريم الإيمان باعتقاده القلبي ويكون كامل الإيمان ما دام الاعتقاد موجودًا، وستصدق في حقّه جميع الوعود التي منحها الله للمؤمنين في القرآن الكريم. لقد كان المرجئة يُعرفون بأنّهم في الموقع المقابل للخوارج، وقد كانوا في الحقيقة ردّة فعل على التطرّف الذي سلكه الخوارج.

 

ج- مسألة القضاء والقدر وارتباطها باختيار الإنسان

من المسائل الأخرى التي شهدت نقاشًا وبحثًا في القرن الأوّل الهجري بوصفها من أوائل المسائل الكلاميّة مسألة القضاء والقدر الإلهيَّين، وارتباط هذه المسألة بأفعال الإنسان.

في العقود الأولى للهجرة، عمل بنو أميّة وبعض المحدّثين من أهل السنّة على ترويج نظريّة الجبر[3] استنادًا إلى مسألة القضاء والقدر التي طُرحت في القرآن الكريم وكلمات الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله). كان هؤلاء يدّعون أنّ أفعال الإنسان مقدّرة من قبلُ، وأنّ الناس مُرغمون على السير في أفعالهم طبق المتعيّن في التقدير الإلهيّ، وأنّهم ليسوا مخيّرين في اختيار مسيرتهم في الحياة. هذا التفكير الذي عمل على الترويج لمسألة الجبر بطريقة ملطّفة وصل إلى ذروته في العقود الأخيرة من القرن الأوّل، حيث بات مؤيّدًا ومدعومًا في المجتمع الإسلامي.

وفي مقابل هذا الطرز من التفكير، ظهرت في العقود الأخيرة من القرن الأوّل فرقة تحت مسمّى <القدريّة> انتصرت لفكرة حريّة الإنسان وكونه مختارًا، وبحسب التقارير والأخبار الموجودة فإنّ أفكار هذه الفرقة وهذا التيّار طُرحت للمرّة الأولى ورُوّج لها في العقد الثامن من القرن الأوّل الهجري عن طريق شخص يُدعى <معبد الجهني> وتلميذه <غيلان الدمشقي>[4]. وبالطبع، لاقت هذه الفرقة معارضةً وقمعًا من قبل بني أميّة وتمّ قتل قادتها وكبارها، إلّا أنّ أفكارها تجذّرت في الفكر الإسلامي لتعود من جديد في القرن الثاني للهجرة من خلال فرق وتيّارات كلاميّة أخرى. وعلى أيّ حال، تُعدّ مسألة اختيار الإنسان وعلاقة أفعاله بالقضاء والقدر من المسائل الكلاميّة المطروحة في القرن الأوّل التي خلّفت وراءها إحدى الفرق الكلاميّة المهمّة، وهي <القدريّة>.

 

د- مسألة الصفات الإلهيّة

مسألة الصفات الإلهيّة هي الأخرى إحدى المسائل التي طُرحت في القرن الأوّل الهجري وأدّت إلى نشوء تيّارات كلاميّة. فقد جنحت في السنوات الأخيرة من القرن الأوّل بعض الفرق – اعتمادًا على ظواهر القرآن الكريم وبعض المرويّات عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) – إلى القول بالتشبيه والتجسيم. هذه المجموعة التي أعطت لله صورةً بشريّةً اعتقادًا منها بأنّ لله جسمًا وأعضاءً وجوارح عُرفت بأسماء مختلفة كـ<المجسّمة> و<المشبّهة>، ويقال لها <الحشويّة> أيضًا.

في مقابل هذا التفكير وهذا التيّار، وفرارًا من القول بالتشبيه، أعلن شخص يُدعى <جهم بن صفوان> إنكار الصفات المشتركة ما بين الله والإنسان، وذهب إلى تأويل الآيات القرآنيّة الظاهرة في التشبيه والتجسيم، فكان هذا – بنحو ما – حجر الأساس للتأويل العقلي للآيات القرآنيّة. وقد عُرف أتباع جهم من صفوان باسم <الجهميّة>[5]، وكانوا من التيّارات التي ظهرت في أواخر القرن الأوّل الهجري. هذه المجموعة بالإضافة إلى نفيها للصفات وتأويلها العقليّ للآيات القرآنيّة – وهما المبدءان اللذان شكّلا السمة الأساسيّة لها – كانت تعتقد بالجبر في مسألة أفعال الإنسان، وبالتالي يمكن عدّ الجهميّة في الطرف المقابل للقدريّة في مسألة الاختيار وحريّة الإنسان. إضافةً إلى ذلك، كانت الجهميّة تميل إلى القول بالإرجاء في مسألة الإيمان والكفر، حيث عُدّت واحدةً من متفرّعات المرجئة. ومن هنا، تُعدّ مسألة الصفات الإلهيّة واحدةً من المسائل الكلاميّة التي نوقشت وبُحثت في القرن الأوّل الهجريّ، وأدّت إلى نشوء تيّار الجهميّة.

وخلاصة البحث أنّ ثمة أربع مسائل كلاميّة أساسيّة بُحثت ونوقشت في القرن الأوّل الهجري، وهي: مسألة الإمامة والقيادة، ومسألة الإيمان والكفر، ومسألة اختيار الإنسان وارتباطها بالقضاء والقدر، ومسألة الصفات الإلهيّة. هذه المسائل الأربعة أدّت إلى ظهور أو تمايز عدّة فرق وتيّارات كلاميّة، ومن جملة هذه الفرق أو التيّارات التي تشكّلت، أو بعبارة أخرى تمايزت، تيّار التشيّع، وظهر تيّار الخوارج وفي مقابله المرجئة، بالإضافة إلى القدرية التي كانت تيّارًا كلاميًّا ظهر في مواجهة فكرة الجبر، وآخر هذه التيّارات كانت الجهميّة التي ظهرت كتيّار كلامي يعتقد بنفي الصفات وبالتأويل العقلي لآيات القرآن الكريم. هذه هي مجموعة التيّارات الكلاميّة التي تشكّلت حتّى نهاية القرن الأوّل الهجري، وسيتّضح في الدروس اللاحقة أنّ بعض هذه التيّارات تطوّرت وتكاملت في القرن الثاني عبر دخولها مجال وميدان التنظير، فيما اندمج بعض آخر ضمن تيّارات أوسع وأكبر فأدّى ذلك إلى انتهائه عمليًّا.

 

خلاصة الدرس

ـ أوائل المسائل الكلاميّة التي طُرحت في القرن الأوّل هي:

– مسألة الإمامة وقيادة المجتمع الإسلامي.

– مسألة الإيمان والكفر.

– مسألة القضاء والقدر وعلاقتها باختيار الإنسان.

– مسألة الصفات الإلهيّة.

ـ تشكّل التيار الشيعي على محوريّة مسألة الإمامة، وباتت مسألة الإيمان والكفر محور النقاش بين تيّارَيْ الخوارج والمرجئة. أمّا مسألة القضاء والقدر فقد كانت العامل المؤدّي إلى نشوء تيّار القدريّة، فيما كانت مسألة الصفات الإلهيّة سببًا لنشوء المشبهة، وفي قبالهم الجهميّة.

ـ اعتبر الخوارج أنّ العمل ركن في الإيمان، فيما كان المرجئة يعتقدون بأنّ رتبة العمل متأخّرة عن الإيمان.

ـ عدّ القدريّة أفعال الإنسان خارجةً عن ميدان نفوذ القضاء والقدر الإلهيَّين، واعتقدوا بحريّة أفعال الإنسان واختياريّته.

ـ ذهبت الجهميّة فرارًا من التشبيه إلى إنكار الصفات الإلهيّة واعتمدوا التأويل العقلي للآيات القرآنيّة.

 

أسئلة الدرس (لا تفوّتوا فرصة الحصول على شهادة تحصيل المادّة عند إجابتكم على الأسئلة في نهاية كلّ درس عبر التعليقات)

1- ما هي أهمّ المسائل الكلاميّة التي طُرحت في القرن الأوّل الهجري؟

2- ما هو التيّار الكلامي الذي أدّت مسألة الإيمان والكفر إلى نشوئه؟ أوضح ذلك باختصار.

3- ما هو  المذهب الكلامي الذي ظهر في القرن الأوّل نتيجةً للاختلاف في مسألة القضاء والقدر وأفعال الإنسان؟

4- ما كانت أهمّ الآراء الكلاميّة للجهميّة؟

[1] أبو الحسن الأشعري، مقالات الإسلاميين (ألمانيا، ويسبادن: فرانس شتاينر، الطبعة الثالثة، 1400 هـ.ق)، الصفحة 2.

[2] المصدر نفسه، الصفحات 86 – 124؛ عبد القادر البغدادي، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم (بيروت: دار الجيل – دار الآفاق، 1408)، الصفحات 55 – 92.

[3] اُنظر: سيد رضا قائمي، نقش علماي بني اميه در ترويج نظريه جبر، الصفحتان 125 و126.

[4] الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم، مصدر سابق، الصفحة 14؛ محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، الملل والنحل (قم: دار الشريف الرضي، الطبعة الثالثة، 1374 هـ.ش)، الجزء 1، الصفحة 40.

[5] الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم، مصدر سابق، الصفحة 199؛ الملل والنحل، مصدر سابق، الجزء 1، الصفحة 97.


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
التيارات الكلاميةالفرق الكلاميةتاريخ علم الكلام

المقالات المرتبطة

الفكر العربي الحديث والمعاصر | علي زيعور والمدرسة النفسية

وُلِد علي زيعور في بلدة عربصاليم في إقليم التفاح جنوب لبنان عام 1937، وهو على الرغم من اهتمامه بالسير الذاتية

ثورة الإمام الحسين (ع) في عيون المستشرقين

يعرف الاستشراق اصطلاحًا بأنه “العلم باللغات والآداب والعلوم الشرقية” . والعالم بها يسمى بالمستشرق، والذي ينحصر مصداقه عادة بالمتخصص الغربي بتلك العلوم.

الخلفيات الاجتماعية والتاريخية والسياسية للتصوف المصري

بالرغم من الانتشار الجماهيري الهائل الذي يحظى به التصوف في الوسط الإسلامي المصري خلال الفترة الحالية، لدرجة اعتباره التيار الديني الأكبر

تعليق واحد

أكتب تعليقًا
  1. محمد ابراهيم
    محمد ابراهيم 12 يوليو, 2021, 22:29

    فى القرن الأول الهجري طرحت عدة مسائل كلامية:
     مسألة الأمامة: حيث الاختلاف بين المسلمين عمن هو الامام أو الخليفة الذى سيخلف الرسول(ص) بعد وفاته في قيادة الأمة الإسلامية، وعلى اثر ذلك انقسم الناس الى فريقين الأول: يرى أن مساله الامامة مفوضة الى الأمة تختار ما تشاء وحجتهم أن الرسول الأكرم(ص) قد توفى ولم يعين أحدا من المسلمين ليخلفه. والثاني هم الشبعة الذين طرحوا أطروحة مخالفة تماما للفريق الأول حيث رأو أن الامامة مسألة اعتقادية وأن الأحق بها هم أهل بيت النبى (ص) خاصة الامام على بن ابى طالب عليه السلام واستندوا في ذلك الى أحاديث الرسول(ص) بشأن الامام على لاسيما ما حدث في غدير خم، والى بعض الآيات القرآنية التي توضح فضل الامام على عليه السلام.
     مسألة الكفر والأيمان: وهى المسألة التي ارتبطت تاريخيا بحرب صفين حيث رأى مجموعة من الناس أن فبول الامام على عليه السلام “التحكيم” مع معاوية يعتبر معصية ومن الكبائر، ومرتكب الكبيرة كافر ان لم يتب وهؤلاء هم الخوارج، وكرد فعل على آراء الخوارج المتطرفة ظهرت فرقة المرجئة التي أكدت على ايمان مرتكب الكبيرة وقالوا بالإرجاء في الأيمان.
     مسألة الصفات الإلهية: ظهرت مجموعة من الناس تقول بالتجسيم والتشبيه الإلهي بإضفاء الصفات الإنسانية على الله سبحانه وتعالى، استنادا الى ظاهر النص القرآني والأحاديث النبوية، واطلق على هؤلاء الحشوية أو المجسمة، وفى مقابل هذه الآراء ظهرت جماعة الجهمية نسبة الى الجهم بن صفوان ومن أهم آراء هذه الجماعة:
    • انكار الصفات المشتركة بين الله الانسان.
    • الله ليس بجسم.
    • تأويل الآيات القرآنية والأحاديث التي يفهم منها التجسيم تأويلا عقلياً لا تأولا ظاهريا للنص.
    • الانسان حر في اختياراته وليس وجبراً عليها.
    • قالوا بالإرجاء في مسألة الكفر والايمان.
     مسألة القضاء والقدر: حيث كان التساؤل: هل الانسان مجبر أم مخير في أفعالة؟ وهذا التساؤل ارتبط تاريخيا بما إشاعة بنى أمية وبعض أهل ألسنه من أن الانسان ليس حرا في اختياراته وانما هو مجبر عليها وأن كل الأمور والأحداث مقدرة سلفاً وذلك لتثبيت حكم بنى امية وفرضة على المسلمين وفى مقابل هذا الفكر الجبري ظهرت فكرة القدرية التي نادت بأن الانسان حراً في اختياراته وأن عدل الله يقضى بحرية الانسان، وأهم رواد هذا الاتجاه معبد الجهني، وغيلان الدمشقي.
    وهكذا نرى أنه كلما ظهرت مسألة كلامية ظهر معها اتجاه كلامي فكما رأينا عند ظهور مسألة الكفر والايمان ظهرت فرقة المرجئة التي خالفت الخوارج في الحكم على مرنكب الكبيرة ورأت أن ايمانه كامل لا ينقص منه شيئا على عكس الخوارج الذين كفروة في حالة ان لم يتب، بينما أدى ظهور مسألة القضاء والقدر وإشاعة ان الانسان مجبر في أفعاله والاحداث مقدرة سلفا وما على الانسان الا ان يرضى بالأمر الواقع وان ليس في الإمكان أحسن مما كان، في هذا المناخ الجبري ظهرت فرقة القدرية التي نادت بحرية الانسان ومسئوليته عن أفعاله.

    الردّ على هذا التعليق

أكتب تعليقًا

انقر هنا لإلغاء الرد.

<