الشيطان وتكامل الإنسان (1)

الشيطان وتكامل الإنسان (1)

حقيقة الشيطان

المقدمة

﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ اَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ (سورة فاطر، الآية 6).

هذا خطاب من الله سبحانه يدعو فيه الإنسان إلى الحذر من الشيطان، ويحثّه على مقاومته واتخاذه عدوًّا. فهل عمل البشر بهذه الدعوة وقاموا في وجه هذا الكائن المدمّر؟ 

إن الأمر المؤلم هنا أن قيام الإنسان كان خجولًا، وفي كثير من الأحيان معدومًا. فما هو السبب؟ إن السبب يعود إلى غفلة الإنسان عن هذا العدو ونسيانه تمامًا، حتى غدت حياته خالية عن حقيقة اسمها “الشيطان”، رغم أنه يعيش معه، يرافقه على الدوام، ويخالطه مخالطة الدم في العروق، يوسوس له الأوهام الباطلة والشرور، ويدفعه إلى الأفكار الفاسدة وارتكاب الحماقات والأعمال السيئة ليصدّه عن سبيل الله ليكون شريكه في الدرك الأسفل من النار.

عجيب هذا المخلوق، الذي ما إن نسمع به أو نذكره في حواراتنا أو أبحاثنا أو حتى في أذهاننا حتى نشرع في لعنه والتبرؤ منه، وإلقاء كل تبعات شقواتنا عليه، ونتهمه بأنه أساس الشقاء والبلاء والمحن التي حلّت وتحل ببني آدم على مر العصور. إن موضوع الشيطان غائب عنا بشكل يدعو إلى الدهشة والريبة أيضًا مع أنه من المفترض أن يكون الحاضر الأول في حياتنا، كيف لا وهو العدو الأول واللدود للإنسان، والذي تعهّد بإغواء الإنسان وإضلاله بكل ما أوتي من وسيلة وقوة. أفيكون ابتعادنا عن الاهتمام بهذه المسألة ونسياننا لخطورتها من إلقاءات إبليس نفسه؟ لِمَ لا وقد بيّن القرآن كيف أن من أهم أسلحة إبليس في مخططه للإغواء والإضلال أنه يُنسي الإنسان: ﴿وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (سورة الأنعام، الآية 68).

فالعجيب أنه كيف ينسى الإنسان أو يغفل عن عدو بهذه الدرجة من الخطورة؟! كيف يمكن أن يهدأ له قرار أو يطمئن له بال وهناك عدو بهذه الخطورة يتربّص به الدوائر، ولا يغفل لحظة عن الإيقاع به في براثنه؟

أمام هذا الواقع المؤلم، ونظرًا لخطورة الموضوع، الذي يمسّ مصير الإنسان وشقاءه أو سعادته، كان لا بدّ من إعادة التذكير بهذا الكائن المدمّر والخطير لكي نتعرف عليه ونقف على حيله ومكائده وأضاليله كي لا نقع فيها ونتجنّبها ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، ولنهتدي في نهاية المطاف إلى المخرج، الذي يستنقذنا من إغوائه وإضلاله.

فكان هذا البحث.

وقد طرحنا في هذا البحث عددًا من المحاور التي تلقي الضوء على هذا الموضوع، وتغطي العديد من زواياه المتشعبة. فبدأنا البحث بتعريف مجموعة من المصطلحات التي يكثر تداولها في طيات هذا البحث، وللتمييز بينها حتى يكون البحث مستوفيًا وواضحًا للقارئ؛ فجاء الفصل الأول مختصًّا بالشيطان لنتعرف فيه على هذا الموجود، فبحثنا فيه حول معاني ومداليل كل من “الجن”، و”الشيطان، و “إبليس”، ونحو استعمال هذه الكلمات في القرآن، ومن ثم البحث في ماهية إبليس وحقيقته، وفي ختام الفصل تم تناول أهم صفات الشيطان وخصائصه.

وفي الفصل الثاني وضعنا الإنسان في مواجهة الشيطان، فبدأنا هذا الفصل بطرح سؤال: هل هناك سلطة للشيطان على الإنسان؟ وإذا كان هناك سلطة تأثير، فما مدى هذا التأثير؟ ما هي دائرة نفوذ الشيطان في حياة الإنسان وفي سلوكه وأفعاله؟ وفي المحور الذي يليه، تعرضنا للهدف الأساسي لإبليس والأدوات التي يسخّرها في سبيل تحقيق هذا الهدف. ثم تناولنا بعد ذلك العوامل التي تؤدي إلى سقوط الكثير من الناس في حبائل إبليس، وبالتالي نجاحه النسبي في تحقيق هدفه. وختمنا هذا الفصل باستعراض أهم ما يمكن للإنسان أن يقوم به لأجل مواجهة الشيطان ومخططاته.

وفي الفصل الثالث تناولنا الحكمة من وجود الشيطان في حياة الإنسان، وسلّطنا فيه الضوء على المحور الرئيسي للبحث؛ وهو دور الشيطان في تكامل الإنسان. فبيّنّا في المحور الأول كيف أن الشيطان هو أعظم ابتلاء واختبار من الله للإنسان ليميّز الله الخبيث من الطيب. وأوضحنا في المحور الثاني أن وجود الشيطان ضروري في حياة البشر ليسلك الإنسان طريق التكامل بإرادة حرة تستبين فيها الطرق والوسائل والغايات والنهايات، ليختار الإنسان ما يحدد مصيره في النهاية. وختمنا الفصل ببيان أن وجود الشيطان خير، وليس شرًّا ببيان فلسفي مختصر وبسيط بعيدًا عن التعقيد والغموض.

والبحث في معظمه قرآني روائي، اعتمدنا في بيان نكاته ومحاوره على الآيات القرآنية والتفاسير المختلفة لبعض هذه الآيات من تفاسير متنوعة، وعلى الأحاديث الشريفة للرسول الأكرم (ص) والأئمة الطاهرين من أهل بيته (ع). ولا يخلو البحث في بعض المواضع من نكات فلسفية رأينا ضرورة إرفاقها لبيان بعض المسائل التي يحتاج بيانها إلى ذلك. والسبب في اتباع المنهج النصّي – إذا جاز التعبير –  في هذا البحث بشكل كبير وعدم استخدام المنهج الفلسفي القائم على البرهان العقلي والمقدمات المنطقية، يرجع إلى أن الشيطان بما هو شيطان ليس موضوعًا فلسفيًّا، والبحث الفلسفي لا يتناوله كموجود خارجي، وإنما يتناوله بشكل كلّي تحت عنوان كيفية وقوع الشر في مبحث يتعلق بالعلم الإلهي، وإحاطة علمه بالجزئيات، وكيفية صدور العالم بكثراته عن الواحد عز وجل، وهناك يتناول الفلاسفة كيفية صدور الكثير من الواحد، وكيفية وقوع الشر في عالم الخلقة والإمكان. وهناك لا يتم تناول الشيطان بما هو موجود ذو خصائص وصفات وأهداف، وغير ذلك من التفصيلات، حيث إن الفلسفة موضوعها الوجود أو الموجود بما هو موجود، أمّا الموجود الخاص أو الجزئي – كوجود الشيطان – فموضوع علوم أخرى تتناوله بالبحث والتفصيل، وأهم هذه العلوم علم الكلام وعلم التفسير، والعلوم ذات الطابع العملي والسلوكي، أي التي تهتم بالناحية العملية للنفس البشرية الناطقة (ما يعرف بعلوم الحكمة العملية) ومنها علم الأخلاق والعرفان العملي (التصوّف العملي). وبما أن البحث في معظمه عملي يتناول التفاصيل الجزئية، فالمناسب لطبيعة البحث إذن الاستناد إلى الآيات والروايات التي بيّنت التفاصيل والجزئيات التي سيتعرف عليها القارئ من خلال مطالعته لمحاور البحث.

الفصل الأول

حقيقة الشيطان

التعرف على المصطلحات

قبل الشروع في موضوع البحث يجدر بنا التعرف على ثلاث اصطلاحات؛ هي: إبليس، والجن، والشيطان.

إبليس

أجمع علماء اللغة على أن المادة الاشتقاقية لإبليس هي ب ل س.

جاء في مختار الصحاح: ب ل س – أبلس من رحمة الله أي يئس ومنه سُمي (إبليس) وكان اسمه عزازيل. انتهى[1]

وفي لسان العرب: (بلس) أبلس الرجل: قـُطع به، وأبلس سكت، وأبلس من رحمة الله؛ أي يئس وندم، ومنه سُمي إبليس، وكان اسمه عزازيل. وفي التنزيل العزيز: ﴿يومئذ يبلس المجرمون﴾. وإبليس لعنه الله مشتق منه لأنه أُبلـِس من رحمة الله أي أُويـِس… والمبلـِس: اليائس، ولذلك قيل للذي يسكت عند انقطاع حجته ولا يكون عنده جواب: قد أبلس… وقيل: إن إبليس سُمي بهذا الاسم لأنه لما أُويـِس من رحمة الله أبلس يأسًا. والمبلِس: الساكت من الحزن أو الخوف. والإبلاس: الحيرة والانكسار والحزن. انتهى[2].

وفي مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني: الإبلاس: الحزن المعترض من شدة اليأس، يقال: أبلس، ومنه اشتق إبليس فيما قيل… ولما كان المبلِس كثيرًا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل: أبلس فلان، إذا سكت وإذا انقطعت حجته. انتهى[3].

وفي نفس الصدد ذكر العلّامة المصطفوي في التحقيق في كلمات القرآن الكريم ما يلي:

صحا – أبلس من رحمة الله: يئس، ومنه سُمي إبليس، وكان اسمه عزازيل. والإبلاس أيضًا: الانكسار والحزن، يقال أبلس فلانًا إذا سكت غمًّا.

مصبا – البَلاس مثل سَلام: وهو فارسي معرّب، والجمع بُلُس، وأبلس الرجل إبلاسًا: سكت. وأبلس: أيـِس. وإبليس أعجمي، ولهذا لا ينصرف للعجمة والعلميّة، وقيل عربي مشتق من الإبلاس وهو اليأس…

مقا – بلسَ: أصل واحد، وما بعده فلا مُعوّل عليه. فالأصل اليأس، يقال أبلس إذا يئس، ومن ذلك اشتق اسم إبليس، كأنه يئس من رحمة الله. ومن هذا الباب: أبلس الرجل [أي] سكت.

مفر- بلس: الإبلاس الحزن المعترض من شدة اليأس. انتهى [4].

والتحقيق، طبقًا لما ذكره العلّامة المصطفوي، أنّ الإبلاس إفعال بمعنى اليأس الشديد إذا كان من سوء عمله وأوجب حزنًا وابتلاءً شديدًا مع الخفض والفقر الشديد. واليأس: أعم من أن يكون بسوء العمل من قبل نفسه… فمعنى أبَلـَسَ: من قام به اليأس وصدر منه، وهذا بخلاف يَئـِسَ: فإنه بمعنى من ثبت وتحقق له القنوط: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ﴾. (سورة المائدة، الآية 3).

﴿لا يَسْأَمُ الإنسان مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ﴾. (سورة فصلت، الآية 49).

﴿إنه لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾. (سورة يوسف، الآية 86).

﴿أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي﴾. (سورة العنكبوت، الآية 23).

وأما الإبلاس فقد ورد في آيات من قبيل:

﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾. (سورة الروم، الآية 49).

﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مبلسون﴾. (سورة المؤمنون، الآية 77).

﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾. (سورة الزخرف الآيتان 74-75).

﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾. (سورة الروم، الآية 12).

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾. (سورة الأنعام، الآية 44).

أي يتقوّم بهم اليأس الشديد التوأم بالخفض والفقر بما قدّمت أيديهم وبما أجرموا.

فظهر أن الإبلاس مرتبة شديدة وكاملة من اليأس. ولا يخفى أن اليأس من أشد العذاب يوم القيامة، ولا عذاب أشد منه، ومن كان في حالة اليأس الشديد: لا يُدرِك عذاب النار وأهوالها، ويتعقبه الأسف والحسرة. انتهى[5]

وحول تسمية إبليس بهذا الاسم، يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي: “اعلم أنّ الله تعالى لما خلق النفس المحمدية من ذاته، وذات الحق جامعة للضدين، خلق الملائكة العالين من حيث صفات الجمال والنور والهدى من نفس محمد (ص)…، وخلق إبليس وأتباعه من حيث صفات الجلال والظلمة والضلال من نفس محمد (ص)، وكان اسمه عزازيل، قد عبد الله تعالى قبل أن يخلق الخلق بكذا كذا ألف سنة، وكان الحق قد قال: يا عزازيل لا تعبد غيري، فلما خلق الله آدم (ع) وأمر الملائكة بالسجود له، التبس الأمر على إبليس، فظنّ أنه لو سجد لآدم كان عابدًا لغير الله، ولم يعلم أن من سجد بأمرٍ فقد سجد لله، فلهذا امتنع، وما سُمّي إبليس إلا لنكتة هذا التلبيس، الذي وقع فيه فافهم، وإلا فاسمه قبل ذلك عزازيل وكنيته أبو مرّة”[6].

الجنّ

وصف القرآن إبليس بأنه من الجن كما في قوله تعالى: ﴿فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾. (سورة الكهف، الآية 50). وسيأتي لاحقًا البحث عن حقيقة إبليس، هل كان من الجن أم من الملائكة. فمن هم الجن؟

ورد في مختار الصحاح: (جنّ) عليه الليل و(جنّه) الليل… و(أجنّه) مثله. والمعنى في الكل: ستره… و(الاجتنان) الاستتار. (الجن) ضد الإنس، والواحد (جنّي)، قيل وسميت بذلك لأنها تُتقى ولا تُرى. انتهى[7]

وفي لسان العرب: جنّ الشيء يجنّه جنًّـا: ستره… في الحديث: جنّ عليه الليل أي ستره، وبه سُمّي الجـِنّ لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار…  والجنّ: ولد الجانّ. [قال] ابن سيده: الجنّ نوع من العالم سُمّوا بذلك لاجتنابهم عن الأبصار، ولأنهم استجنّوا من الناس فلا يُرون. انتهى[8].

وفي مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني: والجنّ يُقال على وجهين: أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الإنس، فعلى هذا تدخل فيه الملائكة والشياطين، فكل ملائكة جنّ، وليس كل جنّ ملائكة…، وقيل: بل الجنّ بعض الروحانيين، وذلك أن الروحانيين ثلاثة:

أخيار: وهم الملائكة.

وأشرار: وهم الشياطين.

وأوساط فيهم أخيار وأشرار: وهم الجنّ. انتهى[9]

وجاء في التحقيق في كلمات القرآن الكريم:

جنّ:

مصبا – الجنين وصف له ما دام في بطن أمه، والجمع أجنّة، مثل دليل وأدِلّة. قيل سُمّي بذلك لاستتاره… والجـِنّ والجِنّة خلاف الإنس، والجانّ الواحد من الجنّ… وأجنّه الليل وجَنّ عليه…: ستره. وقيل للتـّرس مِجَنّ بكسر الميم لأن صاحبه يتستر به.

مقا – جنّ: أصل واحد، وهو الستر والتستّر،… والجنّ سُمّوا بذلك لأنهم متسترون من أعين الناس ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾. (سورة الأعراف، الآية 27).

والتحقيق أن الأصل الواحد في هذه المادة: هو التغطية والمواراة، وبمناسبة هذا المعنى استعملت في موارد، فالجنين فعيل وهو ما يُغطّى ويُوارَى في بطن أو قبر أو غيرهما. والجُنّة فُعلة كاللقمة بمعنى ما يُجَنّ به أي ما يُغطّى به من ترس أو سلاح آخر. والجـِنّة فِعلة مصدر للنوع كالجـِلسة وهو يدل على نوع من المواراة والتغطية، ويُستعمل في ضعف واختلال يُغطّي العقل وهو الجنون. والجَنّة فــَعلة مصدر للمرّة يطلق على حديقة مغطّاة بالأشجار الملتفـّة، فكأنها قد غُطّيت مرتبة واحدة ودامت تغطيتها.

ونظير ذلك ما ورد في القرآن من قبيل:

 ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا﴾. (سورة الأنعام، الآية 76)؛ أي غطّى الليل ظلمته وآثاره عليه، أو غطّى الليل نفسه عليه.

﴿إذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أمهاتكم﴾. (سورة النجم، الآية 32)؛ أي كنتم مغطّاة في البطون.

﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾. (سورة المجادلة، الآية 16)؛ يغطّون أنفسهم بالحلف اللفظي حتى يكونوا محفوظين في ظل ذلك، ويجعلونه مِجنّة.

﴿إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾. (سورة المؤمنون، الآية 25)؛ أي نوع جنون ومواراة.

﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾. (سورة الدخان، الآية 25).

﴿أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ﴾. (سورة الإسراء، الآية 91).

وأما الجـِنّ: فهو مخلوق في مقابل الإنس، أي من كان غير مأنوس مع أفراد الإنسان، ومتواريًا عن أنظارهم ومغطًّى عنهم، وهم مكلّفون وذوو عقول، موحِّدون وكافرون ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾. (سورة الذاريات، الآية 56). ومبدأ تكوّن الجنّ من النار، كما أن مبدأ تكوّن الإنس من التراب، فإن التراب يكون طينًا وصلصالًا وحمأً، كما أن النار يتفرّع منها التوقـّد والحرارة والنور والإضاءة. فإن النار هي جهة الحرارة الحاصلة من شدة التحرك في الأجزاء، والنور هو جهة الإضاءة الحاصلة من الحرارة، ففي النار نور وإضاءة ولطافة وجريان ونفوذ وقوّة، وإذا سكنت تلك الحرارة والقوّة: فهو التراب وما يتفرع منه. فمادة النار بلطافتها هي المناسبة والمقتضية لأن تكون مغطاة ومتوارية، بخلاف مادة التراب المقتضية للسكون والمحدودية والمحجوبية والغلظة والكثافة.

﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ (سورة الحجر، الآية 27).

﴿وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾. (سورة الرحمن، الآية 15).

والجانّ فاعل من الجنون، وهو من كان متواريًا ومغطًّى، ويُطلق على الواحد النوعي من الجنّ. انتهى[10].   

الشيطان

جاء في مختار الصحاح: (الشيطان)… كل عاتٍ متمرد من الإنس والجن والدواب شيطان. انتهى[11].

وفي لسان العرب: شَطـَن عنه، بَعُدَ. وأشطنه: أبعده.

الشاطن: البعيد عن الحق.

والشَّطـْن: مصدر شَطـَنَه يشـْطُنُه شَطـْنًا خالفه عن وجهه ونيّته.

والشيطان: فيعال من شَطَنَ بَعُدَ فيمن جعل النون أصلًا. وكل عاتٍ متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان.

وقيل: الشيطان فـَعْلان من شاط يشيط إذا هلك واحترق.

وقوله تعالى: ﴿طلعها كأنه رؤوس الشياطين﴾؛ قال الزَجّاج: وجهه أن الشيء إذا استقبح شـُبِّه بالشياطين، فيقال كأنه وجه شيطان وكأنه رأس شيطان.

 والشيطان لا يُرى، ولكنه يُستشعر أنه أقبح ما يكون من الأشياء، ولو رؤي لرؤي في أقبح صورة.

وفي النهاية: إن جعلت نون الشيطان أصلية، كان من ( الشَّطـْن ) البُعْد أي بَعُدَ عن الخير. وإن جعلتها زائدة، كان من: (1) شاط يشيط إذا هلك، (2) أو من استشاط غضبًا إذا احتد في غضبه والتهب. انتهى[12]

وفي مفردات ألفاظ القرآن: الشيطان النون فيه أصلية، وهو من (شطن)؛ أي: تباعد…، وقيل: بل النون فيه زائدة من (شاط) يشيط: احترق غضبًا. فالشيطان مخلوق من النار كما دلّ عليه قوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾، ولكونه من ذلك اختص بفرط القوة الغضبية والحمية الذميمة وامتنع عن السجود لآدم، قال أبو عبيدة: الشيطان اسمٌ لكل عادٍ من الجن والإنس والحيوانات… وسُمّي كل خُلُق ذميم للإنسان شيطانًا، فقال (ع): الحسد شيطان والغضب شيطان. انتهى[13]

وقد ورد في تفسير الإمام الحسن العسكري (ع) أنه قال: “الشيطان هو البعيد من كل خير، الرجيم المرجوم باللعن، المطرود من بقاع الخير”[14]. وفي تفسيره الأمثل، يقول آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: “كلمة الشيطان من مادة “شطن”، و”الشاطن” هو الخبيث والوضيع، والشيطان تطلق على الموجود المتمرد العاصي، إنسانًا كان أو غير إنسان، وتعني أيضًا الروح الشريرة البعيدة عن الحق. وبين كل هذه المعاني قدر مشترك.

والشيطان اسم جنس عام، وإبليس اسم علم خاص؛ وبعبارة أخرى، الشيطان كل موجود مؤذٍ مغوٍ طاغٍ متمرد، إنسانًا كان أم غير إنسان، إبليس اسم الشيطان، الذي أغوى آدم ويتربص هو وجنده الدوائر بأبناء آدم دومًا.

من مواضع استعمال هذه الكلمة في القرآن يُفهم أن كلمة الشيطان تُطلق على الموجود المؤذي الضار، الذي يسعى إلى بثّ الفرقة والفساد والاختلاف، مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ (سورة المائدة، الآية 91). وفي استعمال الفعل المضارع “يريد” دلالة على استمرار إرادة الشيطان على هذا النحو. والاستعمال القرآني لكلمة الشيطان يشمل حتى أفراد البشر المفسدين المعادين للدعوة الإلهية، كقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ﴾. (سورة الأنعام، الآية 112). كلمة الشيطان أطلقت على إبليس أيضًا بسبب فساده وانحرافه”[15]

وفي تفسيره الكاشف، يقول الشيخ محمد جواد مغنيّة: “وصفه الله سبحانه في كتابه العزيز بالتصدّي لغواية الناس، وصرفهم عن طاعة الله وعمل الخير، وعلى هذا فكل خاطر أو إنسان يحول بينك وبين الطاعة والخير، ويغريك بالمعصية والشر، ويموّه الأباطيل والأضاليل، ويلبسها ثوب الهداية والحقيقة، فهو شيطان حسّي أو معنوي. ومن الطريف أن شياطين الإنس يتعوذون من الشيطان، وهم بذلك يتعوذون من أنفسهم من حيث لا يشعرون”[16].  

وفي التحقيق في كلمات القرآن الكريم ورد ما يلي:

في الشيطان قولان: القول الأول: أنه من (شَطَنَ) إذا بَعُدَ عن الحق أو عن رحمة الله، فتكون النون أصلية، وكل عاتٍ متمرد من الجن والدواب فهو شيطان. والقول الثاني: أن الياء أصلية من (شاط) يشيط إذا بطل أو احترق، فوزنه فـَعْلان…

والتحقيق أن الأصل الواحد في هذه المادة: هو الميل عن الحق والاستقامة وتحقـّق العِوج والالتواء.

ومن مصاديق الأصل: البئر العميق المعوجّ، والبعد عن الحق والقرب، والرمح فيه عِوَج، وحرب خارج عن النظم والجريان الصحيح، وحبل طويل فيه فتل والتواء، وعدوّ خارج عن الصدق والرفق. فيطلق الشيطان على كافة ما سبق.

والشيطان كلمة مأخوذة من العبرية والسريانية، وهو على وزن فيعال كالقيدار والبيطار والهيذام. وهو مصداق كامل لمفهوم الميل عن الحق والاستقامة في مقام القرب، والاعوجاج في سلوك سبيل الطاعة، والخروج عن مراحل الصدق والوفاء، والالتواء والفتل في الرفق والرحمة والوفاق.

وهذا المعنى يتحقق في الجنّ والإنس والحيوان وغيرها، ولكن كلمة الشيطان ينصرف إطلاقها إلى الجنّ، ثم إلى الإنس بقرينة، ثم إلى الحيوان.

فالجنّ كما في:

 ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾. (سورة التكوير، الآية 25).

﴿وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ﴾. (سورة الصافات، الآية 7).

﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾. (سورة يس، الآية 60).

والإنس كما في:

﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾. (سورة البقرة، الآية 14).

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ﴾. (سورة الأنعام، الآية 112). انتهى[17]

يقول الإمام الخميني (قده): “الشيطان إما من شاط إذا بطل، أو من شطن إذا بَعُد. وبالجملة الشيطان هنا هو ما سوى الله تعالى. أما على المعنى الأول: فلأن جميع ما سوى الله باطل هالك، وأما على المعنى الثاني: فلأن ما عداه باعتبار كونه سواه بعيد عنه جل وعلا، ومن ذلك سُمّي كل عاتٍ متمرد من الإنس والجن والدواب شيطانًا”[18]

ويُذكر للشيطنة في القرآن آثار ولوازم: كالإضلال والإغواء، والعداوة، والبغضاء، والأمر بالفحشاء والمنكر، والتزيين، والوسوسة، والدعوة إلى النار، والكفر.

فالإضلال والإغواء: ﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا﴾. (سورة النساء، الآية 60).

﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾. (سورة ص، الآية 82).

والعداوة والبغضاء: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾. (سورة المائدة، الآية 91).

﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾. (سورة الأعراف، الآية 22).

﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾. (سورة يوسف، الآية 5).

والأمر بالفحشاء والمنكر: ﴿وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾. (سورة النور، الآية 21).

﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾. (سورة البقرة، الآية 268).

﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ﴾. (سورة الحشر، الآية 16).

والوسوسة: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا ما ووري عنهما من سؤاتهما﴾. (سورة الأعراف، الآية 20).

﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى﴾.
(سورة طه، الآية 120).

والتزيين: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾. (سورة الأنفال، الآية 48).

﴿وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. (سورة الأنعام، الآية 43).

والدعوة إلى النار: ﴿أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾. (سورة لقمان، الآية 21).

﴿يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ﴾. (سورة الأعراف، الآية 27).

والكفر: ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾. (سورة الإسراء، الآية 27).

﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ﴾. (سورة الحشر، الآية 16).

والقول الجامع أن الشيطان لغةً هو المائل المنحرف عن الحق وصراطه مع كونه متصفًا بالاعوجاج، وهذا مفهوم كلّي وله حقيقة وثبوت في الخارج، ومن كان كذلك فهو منحرف عن الحق الأول بالكفر والكفران والطغيان فكرًا، ومنحرف عن جهة الصفات النفسانية والكمالات الذاتية بالتكبّر والاستكبار والتحيّر والشك وعدم الطمأنينة والسكينة، ومنحرف عن إطاعة الرحمن بالعصيان والطغيان وفعل المنكر والفحشاء والإضلال والإغواء والدعوة إلى الفساد وإلى النار والهلاك وإظهار البغضاء والعدوان عملًا. فالشيطان هو جامع هذه الرذائل ومجمع هذه الخسائس بانحرافه عن الحق وميله عن سبيل الحقيقة، ويقابله الرحمن وهو الحق الأول: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾. (سورة الزخرف، الآية 36). ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا﴾. (سورة مريم، الآية 44).

ويقابله أيضًا الإنسان التام: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾. (سورة يوسف، الآية 5). ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾. (سورة الإسراء، الآية 53).

ولذلك فالإنسان مأمور بمخالفته: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾. (سورة البقرة، الآية 168). ﴿وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾. (سورة النساء، الآية 119). ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾. (سورة النحل، الآية 98)[19].

نستخلص مما سبق، وطبقًا لما ورد في بعض الروايات، أن اسم إبليس الأصلي (حارث)، وعلى إثر عبادته الطويلة صار يخاطب باسم (عزازيل)، والذي يعني عزيز الله. وبعد تكبّره واستعلائه صار اسمه (إبليس)، وبعد إبائه وامتناعه عن السجود لآدم وطرده عن محضر الله وقربه أطلق عليه (الشيطان). فإبليس ليس المصداق الأوحد للشيطان، وإن كان يعد المصداق الأبرز والأشد فتكًا وخطورة وعداوة.

يقول الشيخ مكارم الشيرازي: “(الشيطان) اسم جنس شامل للشيطان الأول ولجميع الشياطين. أما (إبليس) فاسم علم للشيطان، الذي وسوس لآدم. وإبليس – كما صرّح القرآن – ما كان من جنس الملائكة وإن كان في صفوفهم، بل كان من طائفة الجنّ”[20]

ويجدر هنا التنبيه على أمور ذكرها العلامة المصطفوي:

  1. إن اختلاف مراتب العوالم إنما هو باختلاف المحدودية فيها شدةً وضعفًا من حيث كثرة أو قلة القيود، أو الحدود التي تحد من التجرد وتضفي صبغة المادة على هذه العوالم بصورة متفاوتة. فما كان الحد فيه أقل – وبالتالي فتجرده أقوى – فهو من جهة القوة والقدرة والنفوذ والروحانية والسعة الوجودية أشد.

فعالم العقل (الجبروت)[21] حدوده في ذاته فقط (أي لا قيود ولا حدود خارجية أو عرضية وراء ذاته. فالقيد ها هنا ذاتي). وفي عالم الملكوت[22] مضافًا إلى الحدود الذاتية حدود خارجية لها كمّية وكيفيّة في عالمها أيضًا. وفي عالم الحيوان مضافًا إلى الحدّين حدود مادية أيضًا. وفي العالم النباتي: جهة المادية أغلب وجهة الروحانية وقواها أضعف. وفي الجمادات محدودية ومادية صرفة. وعالم الإنسان مجموع العوالم ومظهر تام لمراتب مختلفة وفيه استعداد التشكل بأي شكل منها، سافلة وعالية؛ فالإنسان خُلق من التراب، الذي هو أخس مظاهر المادة ونفخ الله فيه من روحه، ليصبح الإنسان مجمع جميع العوالم من ثرى الأرض إلى علياء الثريا، فهو صلة وصل العباد برب الأرباب، وما كان لأحد من الكائنات غيره أن يجمع من الكثرة ما يظهر نور الوحدة.

  1. عالم الملكوت يتشعب على شعبتين: شعبة دانية نازلة، وشعبة متأخرة عالية. والمخلوقون بالملكوت العالية يُسمّون بالملائكة، وفيها مراتب وطبقات على اختلاف في منازلهم ووظائفهم. وأهل الملكوت النازلة السافلة يُسمّون الجنّ، وفيهم الحدود ما ليس في العالية؛ أي إن حدودهم وقيودهم أكثر، وبالتالي فتجردهم عن المادة أقل.

﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾. (سورة الجنّ، الآية 8).

وهذه الحدود أوجبت طغيانًا وعصيانًا فيهم دون الملائكة.

﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾. (سورة الجنّ، الآية 11).

فالجن في مرتبة بين مرتبة الحيوان والملائكة، باعتبار الحدود فيها.

  1. كلما ازداد الحد في موجود يزداد الطغيان والمعصية فيه، فإن المحدودية أوجبت محرومية وممنوعية، والممنوعية توجب الحرص والطمع وهيجان الميل والشهوة وقصور الاستطاعة، وهذه الأمور في النفس تولّد العدوان والعصيان والخلاف والتجاوز والظلم والسخط والغضب والانحرافات في القول والعمل والخصومة والاستكبار.

 فإنه لا خصومة ولا عدوان ولا استكبار ولا طمع ولا غضب في صورة الحرية والانطلاق والسعة، وإنما ينشأ العصيان من الحدود. وعلامة العصيان عدم الرضا والاقتناع بما قـُسّم له، فإذا افتقد الاقتناع – وهو من أعظم الصفات – تظهر آثار الطغيان والعصيان.

  1. سبقت الإشارة إلى أن الشيطان هو المتمايل عن الحق مع الاعوجاج، فيُستعمل هذا اللفظ في موارد التجاوز والطغيان والعدوان. وهذا بخلاف كلمة (إبليس)، وهو من الإبلاس بمعنى اليأس الشديد بسوء العمل: ﴿إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾. (سورة الحجر، الآية 31). ﴿لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. (سورة سبأ، الآية 20). ﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ﴾. (سورة سبأ، الآية 74).

وهذا إبليس يُعبَّر عنه بالشيطان إذا لوحظ فيه العدوان: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا﴾. (سورة الأعراف، الآية 20). ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾. (سورة البقرة، الآية 36).

فيلاحظ في كل من التعبيرين خصوصية مفهوم كل منهما الذي يُستعمل.

  1. الشيطنة لا تُوجَد في عالم العقل لفقدان الحدود الخارجية فيه، فلا يُتصور في هذا العالم استكبار ولا طغيان ولا عصيان ولا عدوان ولا انحراف عن الحق ولا اعوجاج في السلوك والطاعة. فليس في هذا العالم إلا فناء في خضوع، ومعرفة وشهود، وطاعة وخشوع خالص لانعدام الأنانية فيه. وكذلك الأمر في عالم الملكوت العلوي لتنزّههم عن حدود التجسم والتكاثف المادية، واستغراقهم في السجود والقيام والركوع والخشية: ﴿لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾. (سورة الأنبياء، الآية 27). ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾. (سورة النحل، الآية 49).

وأما الملكوت السفلي، فالحدود فيه زائدة، والتمايلات فيها ممكنة، فإذا تحقق التمايل والانحراف عن الحق، يتبعه الاعوجاج، ثم الطغيان والعدوان والضلال والإضلال والشيطنة.

وأما الإنسان فهو ما دام لم يصل إلى منزلة الملكوت العليا، فهو في معرض الضلال والزلّة: ﴿فَاَمَّا مَن طَغَى* وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَاْوَى﴾ (سورة النازعات، الآيات 37- 39). ﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. (سورة الأعراف، الآية 30). ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾. (سورة البقرة، الآية 14).

  1. خَلقُ الشيطان من حيث المادة مما يكون بين الإنسان والملائكة؛ فإن الإنسان خُلق من ماءٍ مهين، وباعتبار من تراب أو طين. والملائكة خُلقت من مادة لطيفة نورانية. وأما الجنّ فقد خُلق من نار، وليس المراد النار الفعلية المادية، كما أن الإنسان ليس ترابًا فعلًا. والمادة النارية فيها حرارة، والحرارة فيها تحرّك سريع شديد، وهي تتحصّل من تحول في المادة إلى حالة ثانوية لطيفة، ومن الحرارة تتولد المادة النورانية. فيكون الجنّ من حيث المادة ألطف من الإنسان، والملائكة فوقه، كما في الشجر والنار والنور.

﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾. (سورة الأعراف، الآية 12).

﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾. (سورة الحجر، الآية 27).

﴿وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ من نار﴾. (سورة الرحمن، الآية 15).

  1. وليُعلم أن التماس مع الشيطان الجنّي لا بدّ وأن يكون في سطح لطيف، وفي مرتبة تلائم مرتبة الشيطان والجنّ من جهة المادة، وليس المراد حصول التماس والتلاقي في سطح المادة.

فيكون المراد من المقارنة والتولّي والوسوسة والنزغ والتزيين والإلقاء والوحي من الشيطان: ما يلائم خصوصية وجوده ومرتبة خلقته وأطواره. وليس المراد من هذه المعاني: ما يتحقق في عالم المادة من لقاء وتماس وارتباط بين موجودات مادية خارجية، حتى تحتاج إلى مقابلة ومشافهة ظاهرية، وإلى تقارب وتقارن مكاني.

فالارتباط بين الشيطان [الجنّي] والإنسان إنما يتحقق في عالم فوق عالم المادة، فيوحي الشيطان إلى أوليائه وأتباعه ويوسوس في صدورهم، ويُضلّهم ويمنّيهم على طور قريب من الطور الروحاني والإلقاء القلبي.

﴿ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾. (سورة آل عمران، الآية 175).

﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾. (سورة النساء، الآية 38).

﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ﴾. (سورة النساء، الآية 60).

﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا﴾. (سورة النساء، الآية 120).

﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا﴾. (سورة الأعراف، الآية 20).

﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾. (سورة الأنفال، الآية 48).

﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾. (سورة يوسف، الآية 42).

  1. هذه المعاني الملقاة من جانب الشيطان كما يُلقى من شياطين الإنس، وليس بتسلّط وحكومة وتفوق وسيطرة من جانب الشيطان، كما أنه لا تسلّط ولا قهر ولا جبر ولا حكومة لشياطين الإنس على من سواهم.

﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ﴾. (سورة إبراهيم، الآية 22).

والفرق بينهما أن الإلقاء في الإنس إنما يتحقق بوسائل الجوارح والقوى البدنية المادية كاللسان والعمل. وفي الجنّ بالقوى الباطنية، فإن الجوارح والقوى الظاهرية البدنية غير مؤثرة في ارتباطهما.

﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾. (سورة الأنعام، الآية 121).

﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ﴾. (سورة الأعراف، الآية 30).

فلا يقال: إن الله عز وجل قد سلّط الشياطين على أفراد الإنسان. وسيأتي البحث حول هذه المسألة لاحقًا.

﴿هل أنبّئكم على من تنزّل الشياطين تنزّل على كل أفـّاكٍ أثيم﴾. (سورة الشعراء، الآية 121).

﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾. (سورة الحج، الآية 53).

ثم إن الشيطان في الآيات الكريمة قد يُراد منه الشيطان الشخصي المعيّن، كما في الشيطان، الذي وسوس لآدم وحواء (ع): ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. (سورة البقرة، الآية 36).

وقد يُراد مطلق الشيطان، كما في: ﴿الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاَنصَابُ وَالاَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾. (سورة المائدة، الآية 90).

فالشيطان له مفهوم عام مطلق، وإرادة كل من أنواعه ومصاديقه يحتاج إلى قرينة مقامية أو مقالية[23].

إذن، فالشيطان بكلمة هو ما يتصف بالشر، ولقّب به إبليس لشرّيته، وقد عرّفه القرآن الكريم بأنه نوع من الموجودات، ذو شعور وإرادة مستور عن حواسنا بحسب طبعها، وهو غير الملائكة على ما سيتضح لاحقًا. أما لماذا سُمّي إبليس، فلأنه أبلس من رحمة الله. وهو شوكة طريق الربّ وعقبة السير والسلوك إلى الله تعالى، باعترافه هو على ما يخبر به الحق تعالى في كتابه الكريم: ﴿فَبِمَا اَغْوَيْتَنِى لاَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾. (سورة الأعراف، الآية 16).

استعمال المصطلحات في القرآن

استعملت كلمة “إبليس” في القرآن الكريم (11) مرة، منها (9) مرات وردت في قصة خلق آدم والأمر الإلهي الصادر بالسجود له. والآيات الواردة في سورة الأعراف تتحدث بوضوح فيما يتعلق بهذه الواقعة؛ فحين خلق الله آدم من طين ونفخ فيه من روحه، أمر الملائكة بالسجود لآدم، فسجد الملائكة كلهم إلّا إبليس، الذي تكبّر وأخذته العزّة وامتنع عن الامتثال لأمر الله بالسجود لآدم. وحين سأله الله تعالى عن سبب عدم سجوده، أجاب إبليس: أنا خير منه؛ لأنك خلقتني من نار وخلقته من طين. وحينذاك أبعده الله من مقام القرب ولعنه. فطلب إبليس من الله أن يمهله إلى يوم البعث فأعطاه الله هذه المهلة. وأقسم إبليس بعزة الله تعالى أن يغوي بني آدم إلا من كان منهم من عباد الله المخلصين.

 واستعملت كلمة “الشيطان” في القرآن الكريم (88) مرة؛ (64) مرة بصيغة المفرد المعرفة = الشيطان، و(6) مرات بصيغة المفرد النكرة = شيطان، و (18) مرة بصيغة الجمع = الشياطين.

ويقول أغلب المفسّرين: إنه في أكثر الموارد القرآنية التي ورد فيها ذكر الشيطان يُشار فيها إلى المصداق الأبرز للشيطان، وهو إبليس. وقد عبّر القرآن عن إبليس بالشيطان بعد عصيانه لأمر الله وامتناعه عن السجود لآدم. وفي بعض الموارد يستخدم القرآن كلمة (الشيطان) ولا يعني بها إلا إبليس، كما في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الاَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾. (سورة إبراهيم، الآية 22). ويذهب العلّامة الطباطبائي إلى غلبة استعمال كلمة (الشيطان) في إبليس، فيقول: “الشياطين جمع شيطان وهو في اللغة الشرير، غلب استعماله في إبليس، الذي يصفه القرآن وذريته”[24].

من ناحية أخرى، يستخدم القرآن في عدة موارد كلمة (الشيطان) ليشير بها إلى إبليس وإلى غيره من المخادعين والمضلّين من الجن والإنس، كما في قوله تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ﴾. (سورة البقرة، الآية 268). في بعض الموارد، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ اَوْلِيَاءهُ﴾. (سورة آل عمران، الآية 175)، ذهب بعض المفسّرين إلى أن المقصود هنا من الشيطان هو الإنسان الذي يُخوّف. يقول العلّامة الطباطبائي في تفسيره للآية: “ظاهر الآية أن الإشارة إلى الناس الذين قالوا لهم ما قالوا، فيكون هذا من الموارد التي أطلق فيها القرآن الشيطان على الإنسان”[25].

فعلى هذا الأساس يكون المقصود من كلمة (الشيطان) بصيغة المعرفة إبليس، إلا إذا وُجدت قرينة على خلاف ذلك. وفي أغلب الموارد تشير كلمة (شيطان) بصيغة النكرة إلى إبليس أيضًا، وتشمل صيغة الجمع (شياطين) إبليس بوصفه المصداق الأبرز والأوضح[26].

أسماء إبليس وألقابه

 طبقًا للعديد من الروايات، كما أشرنا في السابق، فإن الاسم الأصلي لإبليس (حارث)، وعلى أثر عبادته الطويلة صار يُخاطب باسم (عزازيل)، والذي يعني عزيز الله. لكنه وبعد أن أصابه العُجب والتكبر صار اسمه (إبليس). وبعد عصيانه لأمر الله ورفضه السجود لآدم وطرده من مقام القرب الإلهي، صار يُعرف بـ (الشيطان).

وقد وردت له أسماء أخرى من قبيل “ضريس، سرحوب، المتكوّن، والمتكوّز”، ومن ألقابه وكناه “أبو مُرّة (أبو قرة)، أبو كردوس، أبو لبينى (اسم ابنته)، نائل، أبو الحسبان، أبو خلاف، أبو دجانة”[27].

ماهية إبليس

اختلف العلماء والمفسّرون حول ماهية إبليس؛ فذهبت طائفة منهم إلى كون إبليس من الجنّ، بينما قالت طائفة أخرى إنه من الملائكة، ومنهم من ذهب إلى أنه كان من الملائكة ثم مُسِخ إلى الجنّ. فالآراء إذن ثلاثة، والأظهر وفقًا للآيات القرآنية والعديد من الروايات أنه من الجن. وذهب إلى هذا الرأي أكثر المفسّرين والعلماء، كالحسن البصري وقتادة والبلخي والرماني والسيد المرتضى وأبو الفتوح الرازي والزمخشري والقُمّي وسيد قطب ومحمد جواد مغنية والعلّامة الطباطبائي وغيرهم. وأفاد الشيخ المفيد أن هذا هو رأي الشيعة، ونسب الفخر الرازي هذا الرأي أيضًا إلى المعتزلة. واستنادًا إلى طائفة من الروايات يرى هؤلاء أن إبليس هو أبو الجنّ في مقابل آدم، الذّي يُعدّ أبا الإنس. وبالإضافة إلى استناد هؤلاء إلى الروايات لدعم رأيهم، فإنهم يسوقون مجموعة من الأدلة لدعم وجهة نظرهم. ومن هذه الأدلة:

أ. تصريح القرآن الكريم أن إبليس من الجنّ: ﴿فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ اَمْرِ رَبِّهِ﴾. (سورة الكهف، الآية 50).

ب. تفيد الآيات القرآنية من ناحية أن الإنسان خُلِق من التراب أو الطين، وأن الجنّ خُلِق من النار: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ﴾. (سورة الحجر، الآيتان 26-27). ومن ناحية أخرى تفيد الروايات أن الملائكة خُلقت من النور والريح والروح[28]، في الوقت الذي نرى فيه إبليس يعرّف نفسه بأنه مخلوق من نار: ﴿خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾. (سورة ص، الآية 76). فعلى هذا الأساس ينتمي إبليس إلى الجنّ الذين خُلقوا من النار.

ج. أصاب إبليس الاستكبار وأبى الانصياع لأمر الله تعالى بالسجود لآدم؛ وعلى هذا الأساس لا يمكن أن يكون من جنس الملائكة، لأنهم معصومون ولا يتخلّفون أبدًا عن إطاعة أوامر الله، ولا تصدر منهم المعصية بأي حال من الأحوال: ﴿لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا اَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾. (سورة التحريم، الآية 6). بل هو من الجنّ الذين يطيع بعضهم أوامر الله، بينما يقع البعض الآخر في المعصية: ﴿وَاَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾. (سورة الجنّ، الآية 14)، ﴿وَاَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذٰلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً﴾. (سورة الجنّ، الآية 11).

د. إن إبليس الذي كان من الكافرين ومن الذين امتنعوا عن امتثال أمر الله لا يمكنه أن يكون من الملائكة؛ فالله تعالى عرّفهم في القرآن بأنهم رسله: ﴿الْحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً﴾. (سورة فاطر، الآية 1). ولا سبيل إلى الكفر والفسوق في ساحة الرسل الإلهيين.

هـ. يصرّح القرآن بأن إبليس، الذي له ذريّة ونسل، من الجنّ: ﴿اَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ اَوْلِيَاء مِن دُونِي﴾. (سورة الكهف، الآية 50)، حيث إن للجنّ جنسًا يتزاوج أفراده فيما بينهم، وعلى أثر ذلك يتوالدون ويتناسلون.

﴿وَاَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ﴾. (سورة الجنّ، الآية 6). في وصف نساء الجنة من الحور العين يذكر القرآن بأنهم لم يمسّهن أحد من قبل من الإنس أو الجنّ: ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ﴾. (سورة الرحمن، الآية 56)، أما الملائكة فهم منزّهون عن التوالد والتناسل والتكاثر: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً اَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾. (سورة الزخرف، الآية 19).

ونورد هنا ما ذكره العلّامة الطباطبائي في تفسيره الميزان حول هذه النقطة: “قوله تعالى: ﴿فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾. (سورة الأعراف، الآية 11)، أخبر تعالى عن سجود الملائكة جميعًا كما يصرّح به في قوله: ﴿فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ اَجْمَعُونَ﴾ (سورة الحجر، الآية 30)، واستثنى منهم إبليس، وقد علّل عدم ائتماره بالأمر في موضع آخر بقوله: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ اَمْرِ رَبِّهِ﴾. (سورة الكهف، الآية 50)، قد وصف الملائكة بمثل قومه: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِاَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾. (سورة الأنبياء، الآية 27)، هو بظاهره يدل على أنه من غير نوع الملائكة.

… والذي يستفاد من ظاهر كلامه تعالى، أن إبليس كان من الملائكة من غير تميّز له منهم، والمقام الذي كان يجمعهم جميعًا كان هو مقام القدس كما يستفاد من قصة ذكر الخلافة: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الاَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ اَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾. (سورة البقرة، الآية 30)، وأن الأمر بالسجود إنما كان متوجهًا إلى ذلك المقام أعني إلى المقيمين بذلك المقام من جهة مقامهم كما يشير إليه قوله تعالى في ما سيأتي: ﴿قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ اَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا﴾. (سورة الأعراف، الآية 13)، والضمير إلى المنزلة أو إلى السماء أو الجنة، ومآلها إلى المنزلة والمقام. ولو كان الخطاب متوجهًا إليهم من غير دخل المنزلة والمقام في ذلك لكان من حق الكلام أن يُقال: فما يكون لك أن تتكبر.

وعلى هذا لم يكن بينه وبين الملائكة فرق من قبل. وعند ذلك تميّز الفريقان، وبقي الملائكة على ما يقتضيه مقامهم ومنزلتهم التي حلّوا فيها، وهو الخضوع العبودي والامتثال كما حكاه الله عنهم: ﴿ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾. (سورة الأنبياء، الآيتان 26 و27). فهذه حقيقة حياة الملائكة وسنخ أعمالهم،  قد بقوا على ذلك، وخرج إبليس من المنزلة التي كان يشاركهم فيها كما يشير إليه قوله: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ اَمْرِ رَبِّهِ﴾.(سورة الكهف، الآية 50). والفسق خروج التمرة من قشرها، فتميّز منهم فأخذ حياة لا حقيقة لها إلا بالخروج من الكرامة الإلهية وطاعة العبودية…

على أن الأمر بالسجود… أمر واحد توجه إلى الملائكة وإبليس جميعًا بعينه، والأمر المتوجه إلى الملائكة ليس من شأنه أن يكون مولويًّا تشريعيًّا بمعنى الأمر المتعلق بفعل يتساوى نسبة مأموره إلى الطاعة والمعصية والسعادة والشقاوة، فإن الملائكة مجبولون على الطاعة مستقرون في مقر السعادة، كما أن إبليس واقع في الجانب المخالف لذلك على ما ظهر من أمره بتوجيه الأمر إليه. فلولا أن الله سبحانه خلق آدم وأمر الملائكة وإبليس جميعًا بالسجود له لكان إبليس على ما كان عليه من منزلة القرب غير متميّز من الملائكة، لكنّ خَلْقَ الإنسان شقّ المقام مقامين: مقام القرب ومقام البعد، وميّز السبيل سبيلين: سبيل السعادة وسبيل الشقاوة”[29].                                             

صفات إبليس وخصائصه

أفرد القرآن الكريم جملة من الصفات والخصائص لإبليس تبرز حقيقته – المتمثلة بشكل عام في كفره ونفاقه الباطني – وتلقي الضوء على طبيعة عمله ودوره – المتمثل في الإضلال. ومن أبرز الصفات التي وردت في القرآن:

  1. الرجيم؛ أي الملعون، المُبعد.

﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾. (سورة التكوير، الآية 25).

﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾. (سورة ص، الآية 77).

﴿فَإِذَا قَرَاْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾. (سورة النحل، الآية 98).

  1. المذؤوم؛ أي المذموم، وهو المعيب غير المحمود الملوم بشدة[30].

﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً﴾. (سورة الأعراف، الآية 18).

  1. المدحور؛ أي المطرود المبعَد.

﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً﴾. (سورة الأعراف، الآية 18).

  1. الكفور؛ أي الجاحد.

﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً﴾. (سورة الإسراء، الآية 27).

  1. العصيّ؛ مبالغة من العاصي (شديد العصيان)؛ وهو المخالف لأمر سيده غير المطيع له التارك لتبعيته[31].

 ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً﴾. (سورة مريم، الآية 44).

  1. المارد؛ أي العاتي المتجاوز، أو الخبيث العاري من الخير[32].

﴿وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ﴾. (سورة الصافات، الآية 7).

  1. المريد؛ أي الخبيث المتجرد للفساد، المائل عن الحق؛ أو الطاغية المتجاوز عن الحد في طريق الشر والفساد[33].

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ﴾. (سورة الحج، الآية 3).

﴿إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً﴾. (سورة النساء، الآية 117).

  1. المضلّ المبين.

﴿قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ﴾. (سورة القصص، الآية 15).

﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ اَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾. (سورة النساء، الآية 60).

  1. الخذول؛ أي الذي يترك النصرة والإعانة ويتأخر عن ذلك[34].

﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً﴾. (سورة الفرقان، الآية 29).

فمن شأن الشيطان أن يخذل العبد وإضلاله وتركه على الحيرة والضلالة والتخلي عنه في نهاية المطاف.

  1. الكافر.

﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. (سورة البقرة، الآية 34).

﴿فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ اَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ﴾. (سورة ص، الآيتان 73-74).

  1. الفاسق/ الفاسق عن أمر ربه؛ أي الخارج عن طاعة الله.

﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ اَمْرِ رَبِّهِ﴾. (سورة الكهف: 50).

  1. الملعون؛ أي المطرود المُبعَد عن الرحمة والخير والعطوفة بعنوان السخط عليه[35].

﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾. (سورة ص، الآية 78).

﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾. (سورة الحجر، الآية 35).

  1. المستكبر.

﴿فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. (سورة البقرة، الآية 34).

  1. العدو.

﴿اَلَمْ أعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ اَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾. (سورة يس، الآية 60).

﴿اَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ اَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾. (سورة الكهف، الآية 50).

﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً﴾. (سورة فاطر، الآية 6).

  1. القرين.

﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ اَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾. (سورة فصلت، الآية 25).

﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾. (سورة الزخرف، الآية 36).

﴿وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً﴾. (سورة النساء، الآية 38).

﴿حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾. (سورة الزخرف، الآية 38).

  1. السفيه؛ والسفه خفة النفس لنقصان العقل[36].

﴿وَاَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلـٰي اللهِ شَطَطاً﴾. (سورة الجن، الآية 4).

  1. من المنظرين؛ أي من الممهلين.

﴿قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ﴾. (سورة الأعراف، الآية 15).

  1. من الصاغرين؛ جمع صاغر من الصغار وهو الهوان والذلة[37].

﴿فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾. (سورة الأعراف، الآية 13).

  1. يُزلّ، أي يُغوي.

﴿فَاَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَاَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. (سورة البقرة، الآية 36).

﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ﴾. (سورة آل عمران، الآية 155).

  1. يُخوّف.

﴿إِنَّمَا ذٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ اَوْلِيَاءهُ﴾. (سورة آل عمران، الآية 175).

  1. يكيد.

﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً﴾. (سورة النساء، الآية 76).

  1. يُزيّن

﴿فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾. (سورة الأنعام، الآية 43).

﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ﴾. (سورة الأنفال، الآية 48).

﴿تَاللهِ لَقَدْ أرْسَلْنَا إِلَي اُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمٌ﴾. (سورة النحل، الآية 63).

﴿وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ﴾. (سورة النمل، الآية 24).

﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾. (سورة العنكبوت، الآية 38).

  1. يخلف الوعد ويعد بالسراب والخداع والغرور.

﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَاْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء﴾. (سورة البقرة، الآية 268).

﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الاَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَاَخْلَفْتُكُمْ﴾. (سورة إبراهيم، الآية 22).

﴿وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً﴾. (سورة الإسراء، الآية 64).

﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً﴾. (سورة النساء، الآية 120).

  1. وليّ.

﴿وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً﴾. (سورة النساء، الآية 119).

﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَي اَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾. (سورة الأنعام، الآية 121).

﴿إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ اَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾. (سورة الأعراف، الآية 27).

﴿يَا اَبَتِ إِنِّى اَخَافُ اَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّا﴾. (سورة مريم، الآية 45).

  1. يُنسي.

﴿وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. (سورة الأنعام، الآية 68).

﴿فَاَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِى السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾. (سورة يوسف، الآية 42).

﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا اَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ اَنْ اَذْكُرَهُ﴾. (سورة الكهف، الآية 63).

﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَاَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ﴾. (سورة المجادلة، الآية 19).

  1. يُظهر السؤات (المساوئ).

﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا﴾. (سورة الأعراف، الآية 20).

  1. يحول دون الأماني الصالحة ويسعى لإيجاد الأماني الكاذبة في الإنسان.

﴿وَمَا اَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى اَلْقَى الشَّيْطَانُ فِى اُمْنِيَّتِهِ﴾. (سورة الحج، الآية 52).

﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً﴾. (سورة النساء، الآية 120).

  1. ذو رجز؛ أي الرجس والقذارة التي تطرأ على القلب من وسوسته وتسويله[38].

﴿وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾. (سورة الأنفال، الآية 11).

  1. له مس (يمس).

﴿الَّذِينَ يَاْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾. (سورة البقرة، الآية 275).

﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾. (سورة الأعراف، الآية 201).

﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا اَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ اَنِّى مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾. (سورة ص، الآية 41).

  1. يتبع ويتعقب.

 ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَاَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَاَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾. (سورة الأعراف، الآية 175).

  1. يفتن.

﴿يَا بَنِى آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا اَخْرَجَ اَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ﴾. (سورة الأعراف، الآية 27).

  1. النزغ بمعنى الدخول في الأمر لإفساده[39].

﴿وَقَدْ اَحْسَنَ بَي إِذْ اَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ اَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾. (سورة يوسف، الآية 100).

﴿وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُواْ الَّتِى هِيَ اَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ﴾. (سورة الإسراء، الآية 53).

  1. النزغ بمعنى الإزعاج والإغراء، وأكثر ما يكون ساعة الغضب[40].

﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾. (سورة الأعراف، الآية 200، وسورة فصلت، الآية 36).

  1. يوسوس.

﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ﴾. (سورة الناس، الآيتان 4-5).

﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أدُلُّكَ عَلـٰى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى﴾. (سورة طه، الآية 120).

  1. خنّاس؛ أي متخفٍ لا يظهر.

﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾. (سورة الناس، الآية 4).

  1. الصد عن السبيل.

﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ﴾. (سورة النمل، الآية 24).

﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾. (سورة العنكبوت، الآية 38).

﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ اَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾. (سورة الزخرف، الآية 37).

  1. يدعو إلى عذاب السعير.

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا اَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا اَوَ لَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَي عَذَابِ السَّعِيرِ﴾. (سورة لقمان، الآية 21).

  1. يدعو إلى الكفر.

﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّى اَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾. (سورة الحشر، الآية 16).

  1. يبعث على الحزن.

﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ﴾. (سورة المجادلة، الآية 10)

  1. يستحوذ؛ أي يسيطر.

﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَاَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ﴾. (سورة المجادلة، الآية 19).

  1. يستهوي؛ أي يدعو إلى الضلال[41].

﴿قُلْ اَنَدْعُو مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلـٰي اَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِى الاَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ اَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَي الْهُدَى ائْتِنَا﴾. (سورة الأنعام، الآية 71).

  1. يأمر بالفحشاء والمنكر.

﴿وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾. (سورة النور، الآية 21).

  1. تؤزّ الكافرين أزًّا؛ أي تحرّكهم بشدة وإزعاج وتهزّهم فتهيّجهم إلى الشر والفساد والتزلزل عن الثبات على الحق[42].

﴿اَلَمْ تَرَ اَنَّا اَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلـٰي الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ اَزّاً﴾. (سورة مريم، الآية 83).

  1. يُلقي في الأماني.

﴿وَمَا اَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى اَلْقَى الشَّيْطَانُ فِى اُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾. (سورة الحج، الآيتان 52-53).

  1. يُوحي؛ أي يُلقي بشكل خفي مستور.

﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى اَوْلِيَآئِهِمْ﴾. (سورة الأنعام، الآية 121).

  1. يُسوِّل ويُملي؛ أي يصوّر القبيح في صورة الحسن ويُطوّل الأمل[43].

﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلـٰى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ﴾. (سورة محمد، الآية 25).

  1. يهمز؛ أي يُغوي.

﴿وَقُل رَّبِّ اَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾. (سورة المؤمنون، الآية 97).

  1. يبعث على الجدال في الله بغير علم.

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ﴾. (سورة الحج، الآية 3).

  1. أخ للمسرفين المبذّرين.

﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾. (سورة الإسراء، الآية 27).

[1] محمد بن أبي بكر الرازي، مختار الصحاح،  الصفحة 68.

[2] ابن منظور، لسان العرب، الصفحتان 482-483.

[3]  الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن،  الصفحة 143.

[4]  حسن مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الجزء 1،  الصفحات 356-358.

[5]  حسن مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، مرجع سابق، الصفحات 356 – 385.

[6] عبد الكريم الجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، الصفحة 197.                                             

[7] مختار الصحاح، الصفحة 112.

[8] لسان العرب، الجزء 2، الصفحات 385-387.

[9] مفردات ألفاظ القرآن، الصفحة 204.

[10] التحقيق في كلمات القرآن الكريم (بتصرف)، الجزء 2، الصفحات 143-147.

[11] مختار الصحاح، الصفحة 301.

[12] لسان العرب، الجزء 7، الصفحات 120-122.

[13] مفردات ألفاظ القرآن، الصفحة 454.

[14] عبد الله بن محمد بن عباس الزاهد، عجائب الملكوت، الصفحة 446.

[15] ناصر مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، الجزء 1، الصفحتان 143، 144.

[16] محمد جواد مغنية، التفسير الكاشف، الجزء 1،  الصفحة 20.

[17] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الجزء 6، الصفحات 72-80.

[18] الإمام الخميني، التعليقة على الفوائد الرضوية، الصفحة 47.

[19] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الجزء 6، الصفحات 72-80.

[20] تفسير الأمثل، الجزء 1، الصفحة 137.

[21] العوالم بحسب العرفاء والفلاسفة المتألهين أربعة، هي بحسب قوس النزول: عالم اللاهوت، وتحته عالم الجبروت أو العقل أو القيامة الكبرى، وتحته عالم الملكوت أو المثال أو البرزخ، وتحته عالم الناسوت أو الطبيعة أو المادة أو الدنيا. وعالم اللاهوت لا قيد فيه، بل هو صرف الوجود وهو الذات الإلهية المقدسة والتي يعبر عنها العرفاء بمقام غيب الغيوب وعنقاء المغرب وعالم العماء، حيث لا اسم ولا رسم ولا وصف. ويليه من حيث قوس النزول عالم العقل أو الجبروت، وهنا يضاف قيد وهو ذات العقل، وكلما تنزّلنا إلى العوالم التحتية كلما ازدادت القيود والحدود التي يعبر عنها العرفاء بالحجب على أنواعها الظلمانية والنورانية. (الباحث).

[22] عالم الملكوت عالم مجرد لكن له بعض خصائص المادة. فهو ليس مفارقًا للمادة كما هو الحال في عالم الجبروت أو العقل الذي يعبر عنه الفلاسفة بعالم العقول المفارقة، أي المفارقة للمادة والمجردة تجرّدًا تامًّا. (الباحث).

[23] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الجزء 6، الصفحات 72-80 (بتصرف).

[24] العلامة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، الجزء 7، الصفحة331.

[25] العلامة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، مرجع سابق، الجزء 4، الصفحة 67.

[26] علي مهدي آشناني، إبليس دشمن قسم خورده (فارسي)، الصفحتان  22، 23.

[27] المرجع نفسه، ص 23.

[28] محمد الريشهري، منتخب ميزان الحكمة، تلخيص حميد الحسيني.

[29] تفسير الميزان، الجزء 8، الصفحتان 23، 24.

[30] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الجزء 3، الصفحات 355-357

[31] المرجع نفسه، الجزء 8، الصفحة 192.

[32] المرجع نفسه، الجزء 11، الصفحة 75، وتفسير الميزان، الجزء 17، الصفحة 124.

[33] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الجزء 11، الصفحة 76، والميزان، الجزء 14، الصفحتان 343، 344.

[34] المرجع نفسه، الجزء 3، الصفحتان 36، 37.

[35] المرجع نفسه، الجزء 10، الصفحة 223.

[36] الميزان، الجزء 20، الصفحة 45.

[37] المرجع نفسه، الجزء 8، الصفحة 30.

[38]الميزان، مرجع سابق، الجزء 9، الصفحة 21. 

[39] الميزان، مرجع سابق، الجزء 11، الصفحة 250.

[40] المرجع نفسه، الجزء 8، الصفحة 385.

[41] كمال مصطفى شاكر، مختصر تفسير الميزان، الصفحة 171.

[42] كمال مصطفى شاكر، مختصر تفسير الميزان، مرجع سابق، الصفحة 369.

[43] المرجع نفسه، الصفحة 571.



المقالات المرتبطة

الفكر العربي الحديث والمعاصر | عثمان أمين والفلسفة الجوّانية (1)

عمل عثمان أمين على إشادة مذهب فلسفيّ أو هكذا يقرّر في كتبه، يقول في إحدى المقالات التي كتبها في ستينيات

التفلسف على ضفاف علم الكلام

فيما يلي محاولة لاستحضار خلاصة مكثفة عن التصور، الذي يراد له أن يسود عن علم الكلام وتاريخه وارتباطاته العقلية والفلسفية. …

الإسلام والحداثة عند إدريس هاني قراءة نـقـديـــة

يعرف الفكر الإسلامي معضلة بنيوية راجعة إلى التخبط المنهجي، الذي يعرفه المشهد، وعلى هذا الأساس تصدى العديد من المفكّرين والباحثين للسؤال المنهجي للبت بخصوصه

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<