الدين والعلمنة (في نظام المعرفة والقيم)
لماذا البحث حول الدين والعلمنة؟ وهل هذا إقرارٌ بواقعية الثنائيات الصلبة في المعالجة البحثية لموضوعات إنسانية ومعرفية وسياسية؟ أم أنه اعتراف بوجود منظورين ونسقين معرفيين يحكما وجهات الرؤى الكونية والحلول الاجتماعية لمسارات الحياة الإنسانية الهادفة نحو الرفاه والاستقرار والسلام والتنمية؟
مما لا شك فيه أن للدين كما العلمانية تفاوتات مختلفة في داخل كل طرف منهما… بحيث لا يمكن لنا الكلام عن علمانية واحدة، كما لا يمكن لنا الكلام عن دين واحد.
فهناك العلمانية التصالحية مع الدين، وهناك العلمانية النضالية، والعلمانية الشاملة، والعلمانية الجزئية، فعن أي علمانية يريد البحث أن يتحدث وأن يشتغل؟!!
كما أن هناك أديانًا وضعانية، وأديانًا وحيانية، وهناك أديان تشتغل في نطاق العلاقة الأخروية، وأديان تعتبر أن نطاقها يشمل كل ما يمت للدنيا والآخرة من صلة، فأي دين نقصد في هذه المعالجة؟!!
للإجابة عن مثل هذه الأسئلة لا نجد أنفسنا مضطرين لتعريف كل من الدين والعلمنة، على الطريقة التي انتهجها الكتّاب العرب في الوقت الذي نجد أنفسنا مضطرين للتفريق بين المشروع النظري والمعرفي في غائياته المطلوبة، وبين الجانب التطبيقي الذي يمارسه أصحاب هذه الرؤية أو تلك… إذ إن التطبيق قد ينحرف أحيانًا كثيرة عن مساراته النظرية إما بسبب سوء التطبيق، أو بسبب الاحتياجات العملانية التي تفرضها مقتضيات الواقع ونفعياته المباشرة أو الاستراتيجية.
إننا في هذه المعالجة سنحصر البحث في الهوية المعرفية والقيمية لفلسفة كلٍ من العلمانية الشاملة، والدين الشامل الذي يمثله بالتحديد الإسلام باعتباره عند أصحابه الدين الأكمل والذي ينطوي على معالجات تدخل في كل مسام الفكر والعقيدة والمعرفة والقيم والنظم الفردية والجماعية والتاريخية…
وهذا الحصر لا يعني أن بقية الأديان لا تعايش جدلًا جديًّا مع العلمانية؛ فالكنيسة كما هو معلوم شكّلت بلاهوتها ومؤسستها ونظامها القيمي واستراتيجياتها العملية، الصدمة الأولى للعقل الأوروبي الذي أنتج الملامح الأولى للمشروع العلماني سواءً على المستوى الأيديولوجي أو الفلسفي أو الحقوقي أو السياسي أو التعليمي أو التقنيني أو الترشيدي كرد حاسم على السلطة الكنسية التي تتابعت ردات فعلها من تصعيدية إلى تلفيقية إلى تصالحية فمرتكسة للمشروع العلماني، وهي إلى الآن وإن كانت قد رضخت لفلسفته السياسية لكنها ما زالت تمثل حالة سجالية معه على المستوى القيمي الأخلاقي والميتافيزيقي، وفي أوروبا تحديدًا… لكنها انسحبت عن الكثير من مواقعها التي كانت عليها، ورضيت بهذا الأمر الواقع.. وهذا ما لم يحصل مع الإسلام، الذي ما زال يعيش الممانعة على أكثر من مستوًى…
كما أن هذا الحصر لا يعني عدم الاعتراف بجدارة بقية الأنماط العلمانية سواءً منها تلك التي فصلت بين الدولة كسلطة سياسية عليا تمثل العلمانية مركزية نظرتها، والسلطة المجتمعية التي ما زال الدين يمثل فيها أحد مقوّمات تلك السلطة العليا… وبالتالي فالدولة الرائدة هي القادرة على التصالح والتوفيق بين السلطتين، وهذا نموذج العلمانية المنادية بالاندماج النسبي مع الدين؛ إذ “سواءً أكان المحيط الذي تمارس فيه السلطة دينيًّا أو علمانيًّا، فإنها بحاجة إلى ذروة السيادة العليا والمشروعية، ولا يمكن أن تنفصل عنها. والعلاقة الجدلية الكائنة بين السيادة العليا/ والسلطة السياسية تتغير وتتحول بحسب الأوساط الثقافية والتاريخية (أي بحسب المجتمعات البشرية). ولكنها تدلنا دائمًا على استحالة الفصل الجذري بين العامل الديني بالمعنى الواسع للكلمة (أي ذروة السيادة العليا)، وبين العامل السياسي (أي ذروة السلطة السياسية) …. ولكن بدءًا من اللحظة التي أخذ فيها حق التصويت العام يحل محل الوحي كمصدر للحقيقة والمشروعية، فإن سلطة الدولة قد أخذت تفرض طرائق شرعيتها الخاصة ومصادرها”[1].
وببحثنا العلمانية التي تتقوم بالمغايرة مع الدين سواء عبرنا عنها بكسر العين أم بفتحها كما يقول عزيز العظمة الذي يستكمل قوله: “والحال أن العلمانية في توصيفها الفكري تحمل الاثنين وتتضمنهما معًا، فالعلمانية تستند إلى النظرة العلمية بدل الدينية الخرافية إلى شؤون الكون والطبيعة على العموم، وتؤثر الكلام في علم الفلك على الكلام القرآني حول التكوير، والكلام في الجغرافيا الطبيعية على الكلام حول جبل قاف، والأخذ بالاعتبار العقلي بدلًا من الاعتبار الإيماني والخرافي لأمور كالمعراج والطوفان وانقلاب العصي أفاعٍ، والمشي على الماء، وإحياء الموتى، وشق البحر، وانقلاب الكواكب والنجوم كما أنها تؤكد على ضرورة إعمال العقل في الضرورات الآيلة عن تحول المجتمع وتقديم العقل على النقل في أمور التشريع والتنظيم السياسي والاجتماعي، وإيثار الحرية والضمير الواعي العاقل في اختيار النساء الحجاب
أو رفضه، والتشديد على التجدد والترقي في أمور التاريخ بدلًا من الركون إلى الموروث الكتبي، ومحاولة إعادة إحياء الماضي المتقادم الزائل”[2].
نجد أن هذا النحو من الاتجاه العلماني الشمولي كما أسماه الدكتور عبد الوهاب المسيري هو الذي طرح نفسه كمشروع بديل بالكامل عن الدين…
وقد افتتح مشروعه على إقامة نقضٍ منطقي للقضية الميتافيزيقية المحورية في الدين والمتمثلة بـ “الله موجود”، و “صفات الله” ليعتبر أن المحور والمركز في المعرفة الدينية إنما يقوم على تناقض منطقي يفضي بالضرورة إلى تناقض إبستيمولوجي وقيمي، أيضًا، ولعل كتاب “الأسس الفلسفية للعلمانية” للأستاذ عادل ضاهر قد مثّل المصنّف الأكثر حدةً ووضوحًا في معالجة هذا الموضوع، من بين كتابات العرب الذين استهل “ضاهر” كتابه بالعتب عليهم؛ إذ اعتبر أن “الأكثر تدليلًا على تراجع الفكر العلماني عندنا ما نشهده من محاولات حثيثة من قبل المفكرين العلمانيين لدعم موقفهم عن طريق اللجوء إلى الإسلام نفسه – القرآن والسنة- غير مدركين أنهم إنما يقدمون بهذا أكبر التنازلات للحركات المناوئة للعلمانية، وأنهم وهذا هو الأخطر إنما يناقضون أنفسهم أيما تناقض إذ يجعلون النص الديني مرجعهم الأخير في مجال دفاعهم عن علمانيتهم، بينما العلمانية تقوم في المقام الأول على مبدأ أسبقية العقل على النص”[3].
فالقطيعة المعرفية مع الدين والإسلام تحديدًا، وبالتالي القطيعة العملية معه حقيقة العلمانية التي يبشرنا بها أصحاب هذا الاتجاه…
وهذه العلمانية “شيء أعمق من القول بفصل الدين عن الدولة، أو بمنع رجال الدين عن التدخل في شؤون السياسة والقضاء. إن العلمانية… موقف شامل ومتماسك من طبيعة الدين وطبيعة العقل وطبيعة القيم وطبيعة السياسة… إن الإنسان ليس فقط قادرًا على أن ينظم شؤون حياته الدنيوية باستقلال عن هذا الدين أو ذاك، بل إنه ملزمٌ أيضًا أن يفعل هذا لاعتبارات فلسفية عديدة.. من هذه الاعتبارات ما هو إبستيمولوجي ويتعلق بطبيعة المعرفة الدينية، على افتراض إمكانها”[4].
إنها إذن التزام إنساني بكل مستويات الرؤى والقيم والسلوك الإنساني بعيدًا عن دائرة الدين الذي يقوم على فرضية غير ممكنةٍ في نظامه المعرفي…
ثم إنه إذا كانت العلمانية قد ظهرت في فترة تاريخية معينة كمناوئ للكنيسة فهذا لا يختزل الموقف، بل لا يعبّر عن السمة الأساسية للعلمانية.. فموقفها ليس من مؤسسة محددة، بل من رؤية كليانية تتمحور حول مصدر هو “الله”.
وتتبلور هذه النظرة بجملة من الأساسيات:
الأساس الأول: رفض أي مؤسسة أو فكرة أو حالة يشكل الدين بؤرة المعنى المركزي فيها، بحيث تكون كل سلطة زمنية فاقدة للشرعية ما لم تكن مستمدة من سلطة أعلى منها هي سلطة الله.
الأساس الثاني: إن المعرفة العملية لا يمكن أن تجد في الدين أساسًا مرجعيًّا؛ إذ إن نظام قيم المعرفة العملية لا يتجانس مع الدين بل هو يستقل عنه استقلالًا منطقيًّا.
الأساس الثالث: أن ما يشكل الاعتبار النهائي “لتبني الموقف العلماني ليس الوحدة الاجتماعية، بما هي، بل الوحدة الاجتماعية من حيث كونها شيئًا يقتضيه مفهومنا للمجتمع الفاضل. وهكذا ترتبط عملية تسويغ الموقف العلماني، بالضرورة، بفلسفة اجتماعية معينة”[5].
الأساس الرابع: إن اعتماد أي موقف معرفي أو حياتي حتى ولو أخذ صفة الديني لا بدّ له حتى يخرج من دائرتي الدور والتناقض المنطقي أن ينطلق من كونه فلسفيًّا مرجعيته النهائية هي العقل، وطبيعة العقل والمنطق لا تتوقف عند المقاصد الإلهية.
الأساس الخامس: بما أن المعرفة العملية تعود لمرجعية المكوِّن المعياري، فهل هذا المكوِّن هو خاضع بالضرورة للمعرفة الدينية، أم أن الإنسان قادرٌ للوصول إلى معرفة نظام القيم والمكونات المعيارية بعيدًا عن سطوة المرجعية الدينية؟ العلمانية تعتبر أن الإنسان قادر على التخلي عن الدين وهذا ما يؤهلها لإيجاد ترابط وانسجام بين ما هو مفهومي ومعرفي وقيمي.
الأساس السادس: “أن العلاقة بين الروحي والزمني، بين الدين والسياسة لا يمكن أن تكون أكثر من علاقة موضوعية أي علاقة تفرضها ظروف تاريخية معينة. إن علاقة كهذه إذن، لا يمكن أن تنبع من الماهية العقدية للدين”[6].
بالخلاصة، فإن هذه الأسس الست وإن لم تصرّح بأي موقف إلحادي إلا أنها تعتبر أنه من الجهل والفوضى إعادة المعرفة العملية كمقصد للمعاني إلى مرجعية دينية… لأن المعرفة الدينية هي معرفة تناقضية وغير منطقية، وبالتالي فليست مؤهلة لأخذ أي فاعلية على مستوى إنتاج المعايير والقيم العملية..
وهذا ما سيضعنا أمام موردين من المعالجة لدعاوى العلمانية المتشددة:
المورد الأول: التناقض في القضية الدينية: فقد ذهب بعض أصحاب الاتجاه العلماني الصلب للقول: إن المعرفة الدينية تقوم على جملة من القضايا المطلقة مثل “الله كامل الحرية”، و ” كامل القدرة”، و ” كامل الاختيار” وغير ذلك.
ونحن عند تحليل مثل هذه القضايا سنكتشف مثلًا أن معنى كون الله حرًّا أي أنه مختار ومن دون تأثير أي عوامل على خياراته.. في الوقت الذي لا بدّ أن نقول إن الله لا يفعل القبيح وهو يختار الأحسن في فعله الذي يستحيل أن يكون عبثيًّا… وهذه القيودات التي تأخذ صفة الضرورة بالنسبة لله، تأتي في الوقت الذي نتحدث عنه كحر مطلق، ومطلق الحرية يعني عدم خضوعه للسببية، فهل في هذا الجمع بين الإطلاق غير السببي، وبين القيودات الضرورية إلا تناقض منطقي على مستوى قضية واحدة.. ونفس الأمر يواجهنا عندما ننتقل إلى قضايا أخرى ونربطها بقضية ثانية كقضية الحرية مثلًا… فعندما نقول على سبيل المثال: إن الله كلّي الخير وهو بهذا يشكّل مصدر الالتزام الخلقي فسنلحظ التناقض الواقع بين صفة الإلزام وصفة الحرية؛ لأن كل إلزام أخلاقي هو منضبط بمعايير عقلانية وهذا الانضباط سيوقع اختلالًا حادًّا مع كونه كامل الحرية.. وهكذا….
لا يقتصر الأمر عند مثل هذه القضايا، بل إن حتى قولنا: “الله موجود” والتي عدّت من القضايا التحليلية فإن برتراند راسل اعترض على هذا الحكم، الذي وجد فيه خلطًا بين المدلول اللغوي، والمدلول المنطقي.. فمنطقيًّا أن دالة (موجود) هي عين دالّة الموضوع في القضية “الله”، ولو سلمنا بصحة كونها ضرورة منطقية، فهي كذلك تمثل ضرورة أنطولوجية فكيف نسمها بالسمتين في آن واحد… وهو أمرٌ يستدعي التناقض المنطقي؟
وأعتقد أن هذا التناقض المحكي عنه في القضية الأخيرة يسهل حله بالالتفات إلى مسألتين:
المسألة الأولى: أن الأمور العامة في مباحث الفلسفة العليا هي مما لا يخضع بسبب وضوحه وأوليته المفهومية لأي تمايز يستوجب ذكر حد لإيضاحه، وبالتالي فإن كل ما يحمل عليه هو من باب الشرح الاسمي…
المسألة الثانية: لقد التفت الملا صدرا إلى مثل هذا الإشكال فتحدث عن أن مثل هذه القضايا يتم النظر إليها عبر حيثيتين: فتارة نلحظها بحيثية الحمل الشايع، وأخرى بحيثية الحمل الذاتي… وبالتالي فتعدد الصفة لضرورة الحمل هو من باب تعدد الحيثية، وليس من باب الجمع بين المتناقضات…
ثم إن علينا الالتفات إلى أن النقاش الجاري لدحض القضية الدينية إنما يود دحض الضرورة فيها، ثم دحض الاتساق، ثم إثبات التناقض وهذا إنما يريد الوصول إلى القول بأن هذه القضايا ليست ذات معنى لأنها لا تغير في العالم الخارج عن الذهن أي شيء، وملاك صحة القضية كونها تحدث تغييرًا في موقفنا من الخارج حتى نقول بصدقها أو كذبها….
- فالأصل في التحقق من القضية إنما يعود للخارج- وهذه النتيجة كما هو ظاهر تنطلق من موقف فلسفي سابق على المعالجة المنطقية للقضية… وهذا الموقف إما صادر من التجربة والملاحظة وحدها، والوضعية تعتبر أن الأحكام العلمية يجب أن تتضافر فيها الملاحظة والتجربة، بالإضافة إلى رؤية فلسفية تنشئ القاعدة والقانون العلمي.
وإما أنها تعتمد قبلية فلسفية عقلية وهو عين ما تقول به القضايا الميتافيزقية وهذا ما التفت إليه “آير” والذي غير موقفه الوضعاني وعاد ميتافيزيقيًّا بعد ما استفاد من نقودات برتراند راسل التي رتب عليها أن حتى مفاهيم الضرورة، والاتساق، والتناقض هي قضايا محورها مبدأ عدم التناقض واستحالته وقضية التناقض مستحيل “هي قضية تركيبية، مع أنها ليست تجريبية، وبالتالي فهي ميتافيزيقية شأنها في ذلك شأن مفاهيم الضرورة والاتساق…”.
وبذلك فإن أحكام الوضعية على القضايا الميتافيزيقية هو الذي ينطوي على التناقض وعدم الاتساق…
بعد هذا فإن الذي نحتاج فيه إلى نقاش مستفيض هو أن الاشتغال على القضية الدينية، وإن اعتمدنا فيه علمًا من خارج الدين كالمنطق، فإن هذا العلم المنهجي إنما يقدم لنا صورة التعامل مع القضية… أما مادة القضية فنحن ملزمون بالعودة فيها إلى نفس الدين كما يقدمها الدين نفسه، وعليه فحينما نقول: الله كامل الخير، والإرادة، والقدرة، والحرية، وغير ذلك… فعلينا التمييز بين الله في مرتبة الذات، وهي مرتبة لا يحكى عنها.. وبين الله في مرتبة الأفعال وهي مرتبة إنما ننتزع أحكامها من القابل (أي من العالم)…. وعليه فكل هذه الضرورات والأحكام والقيود إنما هي تنشأ من القابل (العالم) وليس منشؤها الذات حتى نفترض تناقضًا بينها وبين قولنا إن الله مطلق وكلّي… ونحن نحيل هذا الخلل المنهجي الذي تمارسه التأويلية العلمانية إلى روح الوصاية المستقرة في نسقيتها المعرفية التي تعتبر أن نتاج المعرفة المتولدة من خارج الدين؛ هي الحاكمة على المعطيات الداخلية للدين…
روح الوصاية هذه هي التي أنتجت أحكامًا حول أشياء لا يتعرف الدين إليها حتى ولو أسمتها العلمانية بأنها دينية فمقتضى المعرفة الدينية أن ندخل مادة الدين نفسها ولو بمنهج وآليات بحثية خارجدينية.. وهذا ما لم يفعله أصحاب التأويلية العلمانية الذين أسقطوا كل النقاشات والإشكاليات الحاصلة في الإطار المعرفي الغربي من مثل إطلاقية مفهوم الحرية… على مبحث الكمال المطلق لله سبحانه وتعالى.
من جهة ثانية فإن دراسة الدين كظاهرة تفرض علينا أن نفرّق بين الشيء (الدين) بنفسه، والشيء (الدين) كما يتبدّى لنا، فلا يصح أن نتناول الدين وكأننا نقبض باسم العلمانية على تمام الحقيقة وكمالها… فالأحكام إنما تنبع من فهم الدين كما يتبدّى لنا لا كما هو بنفسه.. وهذا الذي يتبدّى لنا محكوم بتغايرات منشؤها قوانين وقبليات حاكمة على أفهامنا. لذا، فإن الحكم السلبي على أنظمة القضايا الدينية إنما ينعكس طبيعة رؤيتنا للدين ولا يعني بالضرورة أن الدين أمرٌ سلبي…
ثم إن التناقضات وعدم صحة وصف القضية الدينية بالصدق والكذب وبالتالي الحكم على أنها قضية غير صالحة لا معرفيًّا ولا منطقيًّا ولا عمليًّا.. إنما هو حكمٌ يرتكز على طبيعة المعايير التي استندت إليها العلمانية التأويلية، والتي استقتها من الفلسفة التحليلية، والمنطق الوضعي..ثم أسقطتها كأحكام نهائية في معالجة الدين، في الوقت الذي تعتبره – أي الدين – ظاهرة عدائية للعلمانية ..وهذا ما جعل العامل النفسي محرّكًا لجملة من الاستنادات والمرجعيات والأحكام الرافضة لصلاحية الدين سواء على مستوى المعرفة العملية، أو المعرفة العلمية.
وهذا هو عين الأيديولوجيا النظرية التي تمارسها العلمانية التأويلية بمدارسها المتعددة … وإطلاق صفة المعرفية على رؤية ما، لا يخرجها من ضيق أفقها الدوغمائي، وأحادية أحكامها التفسيرية والتأويلية للظواهر والأشياء…
المورد الثاني، ذهبت العلمانية التي تطلق على نفسها اسم المناضلة “إلى أن للمعرفة العملية مكونين أساسيين، المكون العلمي (التطبيقي والنظري)، والمكون (المعياري)”[7].
واعتبرت أن المكون المعياري وهو أخلاقي بامتياز حاكم في مجال المعرفة العملية وصفة كونه أخلاقيًّا لا يعني عدم التناسب المنطقي بينه وبين المعرفة العلمية التي تتخذ من التفسير والتنبؤ والوصف أغراضًا أساسية لها، فكون قضايا المعرفة العلمية ذات مدلول تجريبي لا يفصلها عن العلاقة المنطقية مع القضايا الأخلاقية –المعيارية في المعرفة العملية.. وذلك لوجود “سمة مشتركة بين القضايا العلمية، والقضايا الأخلاقية… هذه السمة المشتركة هي سمة اللاضرورة”[8].
وهذا ما سيسمح بإتمام التناسب بين القضايا العلمية والعملية بحسب النظرة العلمانية، كما وأنه يظهر بحسب دعواهم الفارق مع الدين الذي يريد أن يبني معياره الأخلاقي ونظامه القيمي المحكوم باللاضرورة أصلًا على قضايا ميتافيزيقية ضرورية، والتناقض في الدين هو في كلامه عن سببية تولد علاقة بين شيئين لا مسانخة بينهما، هما الضرورة واللاضرورة المنطقية واستحالة مثل هذه العلاقة تنبع من كون الإرث المنطقي يفضي في حال كانت المقدمات ضرورية إلى تاليات ضرورية فإذا كان المبحث الإلوهي الذي نعبّر عنه بقضايا ضرورية، وهو يمثل المقدمات المولدة للتالي من القضايا الأخلاقية، فينبغي أن يكون حسب الإرث المنطقي التالي ضروريًّا أيضًا..
وحيث إننا نعلم كون القضايا الأخلاقية في حركتها السلوكية لا يصح الحكم عليها بالضرورة المنطقية بسبب طبيعتها المتغيرة فنستنتج أن كل كلام عن علاقة تولد أخلاقي من بحث ألوهي هو كلام محكوم بالتناقض المنطقي… إلا أن نثبت كون قضايا المبحث الألوهي هي غير ضرورية بالمعنى المنطقي/القاسي المستخدم عند الوضعية المنطقية.
وقبل أن نتفحص هذا التقرير العلماني، من الضروري أن نسأل ما هو المقصود بالمعيار، والمعيار الأخير في مثل هذه المباحث؟
قد يقال إن المعيار هو المعطى الذي تقدمه التجربة في حقولها العلمية الطبيعية والنفسية والتاريخية والاجتماعية، وقد يقال إنه فعالية الناتج وهذه كلها معايير لكنها تشكل معايير تبني أو معايير مفاضلة، أما البحث عن المعيار الأخير، فهو بحث عن الغاية التي تكون لها الأهمية الاجتماعية القصوى التي يفترض أن نقيم على أساسها كل الغايات الأخرى، بحيث تكون تلك الغايات مجرد وسائل لتحقيقها.. وبالتالي فيما أن المعرفة الاجتماعية والسياسية والتاريخية هي وسائل لتحقيق تلك الغاية الكامنة والمطلقة فتكون المعرفة العلمية من المكونات الأساسية للمعرفة العملية..[9].
وهنا ابتدأ الافتراق بين اتجاه علماني وضع المعرفة العلمية كمكون أوحد للمعرفة العملية، واتجاه آخر اعتبر أن إعادة المعيار الأخلاقي للمعرفة العلمية الطبيعية هو تجريد لها عن خصوصياتها. لذا لا يمكن أن نعتبر المعرفة العلمية واحدًا من مكونات المعرفة العلمية ليس إلا…. وقد وقع أصحاب هذا الاتجاه بالتشظي المهول بين ما هو “كائن”، وما ينبغي أن “يكون” على المستوى المعرفي؛ إذ بتحليلهم هذا قد وصلوا إلى وجود تناقض منطقي أيضًا بين النحوين من المعرفة وذلك هروبًا من الاتجاه العلماني الأول، الذي كانت نتيجتة إعدام الإنسان في أعمق وجوده النفسي والوجداني وتحويله إلى مجرد شيء من الأشياء التراكمية في عالم الطبيعة المتصرّمة.. أو مجرد آن من الآنات المسحوقة تحت وطأة سرعة حركة الزمن العدمية..
وما هذا الهروب إلا للحفاظ على إنسانية الإنسان كمركز للوجود… وهم بذلك عادوا لتأكيد جملة من أطياف الإطلاق والتجرد سواءً منها المتعلقة بالمعرفة التجريدية للمعيار الأخلاقي، أو ثوابت المعرفة الفلسفية للمعرفة العلمية والتشبث بمجموعة من الثوابت والضرورات التي سوغوها بعبارة واحدة مفادها أن الضرورة تبقى ضرورة حتى يثبت العكس وكل هذه المفاهيم التي تحملها عبارات الثابت والضرورة والتجرد إنما تذكرنا بأصالة روح الميتافيزيقا في التفكير وفي إنتاج المصطلح.
وهنا تبرز أمامنا ثلاثة أسئلة…
السؤال الأول:
هل يكفي مثل هذا (الضرورة حتى يثبت العكس) القيد لحل المشكلة؟ أو أنه سيضع العلمانية التأويلية أمام مشكلة أكبر؟
السؤال الثاني:
هل الضرورة المنطقية وحدها، هي التي تشكل حقل الارتباط بين الأنواع والقضايا؟
السؤال الثالث:
هل تخلو المعرفة الدينية من قيد “حتى يثبت العكس؟”، أو بمعنى آخر هل الثابت في القضايا الدينية هو من باب الضرورات المنطقية الحادة؟
بصدد السؤال الأول فإن وضع القيد قد يعفي التأويلية العلمانية من محذورين:
المحذور الأول: محذور التناقض المنطقي في حال تحدثنا عن علاقة بين المعرفة العملية التجريدية، والمعرفة العلمية،، علمًا بأن أصحاب هذه التأويلية ألجأهم الهروب من أصل الارتباط للحديث عن كون المعرفة العلمية مكوّنًا من مكونات المعرفة العملية.. وهذا بحسب التدقيق المنطقي مجرد فذلكةٍ لغوية لا طائل منها؛ إذ لم يقدموا لنا كيف يمكن أن يحلوا إشكالاتهم المنطقية عند اقتران ما هو مجرد مع ما هو معطى في بناء حقل معرفي واحد أو متناسب؟ علمًا أنه لم يكن هناك من داع لمثل ذاك الهروب لأن القيد أخرج القضايا العلمية والأخلاقية من دائرة الضرورة المنطقية، وجعلها ضمن دائرة اللازم وهذا ما سيسمح لهم ولكل من يتحدث عن اللزوم الضروري في القضية أن يجد سر التوالد والتناسب بين المعارف والعلوم حتى لو كان المتحدث دينيًّا.
المحذور الثاني: الحفاظ على ثوابت من مثل: مركزية الإنسان/ أهمية الأخلاق/ رفض التناقض/ وغيرها…
من حيثيات تشكل برأي التأويلية العلمانية مسوغات حاسمة في تشكيل سمات العلمنة.. وهذا وإن كان فيه رفع لمحذور الوقوع في أسر مستلزمات الأخلاق الطبيعانية العدمية.. إلا أنه ارتكاس نحو الميتافيزيقا ولو بلونها المنطقي والأخلاقي مما يعني الهروب المفتعل من وادي التناسب المنطقي أورث العلمانية وقوعًا في أسر المعرفة الميتافيزيقية، وبذلك صارت الكلمة والمصطلح الميتافيزيقي هو المرجعية الأنسب لتوليد المعنى.
أما بصدد السؤال الثاني: فلقد قدمت الضوابط المعرفية جملة من حقول الارتباط بين القضايا والمعارف والعلوم تتجاوز حدود عدم التناقض المنطقي القياسي بين القضايا، ضيق أفق ما يظهر لنا للوهلة الأولى من عدم تناسب بين نوع من القضايا، ونوع آخر…
وقد أثارت المنهجيات المعرفية بهذا الصدد جملة من مستويات الارتباط:
أولها: الارتباط التوليدي المنطقي وهو الذي تحدثت عنه التأويلية العلمانية.
ثانيها: الارتباط المنهجي وهو ارتباط في مقام الإثبات لا في مقام الثبوت.. وبالتالي فإن مثل هذا الترابط سيفتح الباب واسعًا أمام التأثيرات المتبادلة بين العلوم، ولو بحدود الممكن.
وهو على الرغم من كونه ارتباطًا غير قياسي/ منطقي.. ولا هو ارتباط بين محتوى القضايا..
إلا أنه وبسبب منهجيته المعرفية فإنه يشكل نحوًا من الارتباط المنطقي اللازم.
ثالثها: الارتباط على مستوى الرؤية المعرفية الواحدة.
رابعها: الارتباط على أساس الغاية في رفع التناقض المحتمل.
خامسها: الارتباط الحواري؛ إذ حتى بين الأمور التي لا ارتباط بينها هناك علاقة حوارية قادرة على توليد السؤال والإجابات المنشئة لمسائل وقضايا جديدة في حاضنة العلم والمعرفة[10].
وبذلك، فإننا مضطرون للقول: إن التأويلية العلمانية كانت قاصرة معرفيًّا عن بسط أنواع ومستويات الارتباط المعرفي لتقديم نموذج معرفي مؤهل ليشكل قاعدة انطلاق حيوي لحركة الفكر والفلسفة وناظم القيم والممارسة.
وهذا القصور الناشئ من حبس الذات في بنية المنطق التوليدي للقضايا هو الذي وضعها التباسية أحادية النظرة تارة، وأحادية التفسير أخرى، وأحادية الموقف في أكثر الأحيان، بل إن مثل هذا القصور المعرفي، أو إن شئت فقل الاقتصار المعرفي على ما يفيد ويضمن تسويغ العلمانية وحدها دون الدين هو ما سبب إخراجها عند الكثيرين عن كونها ممارسة معرفية، إلى اعتبارها نهجًا أيديولوجيًّا، أو إن شئت فقل: إنها الملمح الأيديولوجي للغرب.
أخيرًا بصدد السؤال الثالث:
علينا أن نفرق بين النص الديني كأصل وقاعدة للتفكير الديني، وبين التفكير الديني بنظمه وعلومه ومعارفه كحصلية للعلاقة البشرية بذاك الأصل والقاعدة. فطبيعة فهمنا مثلًا للقضايا الألوهية، وطريقة تعبيرنا عنها شيء يدخل ضمن إطار مفاهيمنا ولا يمس أصل الذات الإلهية وملاكات الفعل الإلهي أو الأمر الإلهي…
وبالتالي، فإن الحكم على القضية الدينية بأنها ثابتة ثبوتًا ضروريًّا (بمعنى الضرورة المنطقية) هو حكمٌ على نحو من الفهم الذي يعتمد القياس المنطقي كحد ونظام تعبير، وهو وجهٌ من وجوه التعبير والمعرفة ليس إلا. لذا، فقد وجدنا أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر قد اعتبر أن قضايا مثل هذا القياس محكومة ببدايات ضرورية وإلا وقعنا أسرى لمتراجعات وإحالات لا نهائية… وطبيعة هذه البدايات أنها أولية غير مستدلة، والكلام إلى هنا هو طبيعي جدًّا إلا الذي أضافه السيد الشهيد هو قوله: “إذا كان لا بدّ للمعرفة من بداية، وكانت هذه البداية تمثل معرفة أولية غير مستدلة فليس من الضروري دائمًا أن تكون هذه المعرفة يقينية، بل قد تكون احتمالية”[11].
ويصور المعرفة الأولية الاحتمالية بمجالين:
- مجال الخبرة الحسية وهي قد تقوى وتضعف المعرفة فيه بحسب ما يتبدى لحواسنا من أمور.
- “مجال القضايا العقلية الأولية التي يكون ثبوت المحمول للموضوع فيها ثبوتًا مباشرًا بدون تدخل الحد الأوسط، فإن هذه القضايا هي أساس كل الاستدلالات القياسية، لأن كل استدلال قياسي يثبت الحد الأكبر للأصغر بتدخل الأوسط، وتنتهي الاستدلالات القياسية جميعًا إلى حد يثبت الآخر بدون توسط حد ثالث وهذه القضايا لا يمكن إثباتها باستنباط واستدلال عقلي وإنما تدرك إدراكًا عقليًّا مباشرًا، وهذا الإدراك العقلي المباشر لها –كما يمكن أن يكون متمثلًا في أعلى درجة من درجات التصديق التي تمثل اليقين، كذلك قد يتمثل في درجات أقل من ذلك.
وما دامت بعض المعارف الأولية بالإمكان أن تحصل بقيم احتمالية في البداية، فمن الممكن تنمية هذه القيم الاحتمالية وفقًا لنظرية الاحتمال، فكلما وجدت احتمالات تتضمن تلك المعرفة الأولية المحتملة، ازدادت قيمتها الاحتمالية”.
وهكذا فقد نقل السيد الشهيد حالة الانفصام بين المعرفة الحسية والمعرفة العقلية بسبب ما يطلق عليه اسم التناسب والتناسق المنطقي إلى حالة من الانسجام بحسب مبدأ الانطلاق المعرفي لكليهما، وبإضافة صيغة الاحتمال فإنه يكون قد حل إشكالية إرث المنطقي في توليد القضايا الأخلاقية والقضايا المتعلقة بالإلهيات – بالمعنى الأخص – إذ في الحالتين الاحتمال هو الذي أوصلنا إلى اللازم الضروري الذي يقبل فكرة الضرورة حتى يثبت العكس. وبذلك فقد حسم معرفيًّا دعوى التأويلية العلمانية من أن الدين يعجز عن أن يوحّد منطقيًّا العلاقة التوليدية للأخلاق والسلوك عن العقائديات الإلهية المثبتة والشارحة لوجود الله وصفاته وأفعاله ومقاصده.. ليذهب (رضوان الله عليه) أبعد من ذلك بكثير حينما يعتبر أن القيمة الاحتمالية ومفادات الظن واليقين في المعرفة العلمية والمعرفة الدينية واحدة..
وإن نفي قاعدة المعرفة الدينية بأولياتها المحتملة سيساوي نسفًا لكل قاعدة معرفية علمية..
وذلك لأن الحقيقة تشير “أن الأسس المنطقية التي تقوم عليها كل الاستدلالات العلمية المستمدة من الملاحظة والتجربة، هي نفس الأسس المنطقية التي يقوم عليها الاستدلال على إثبات الصانع المدبر للعالم، عن طريق ما يتصف به العالم من مظاهر الحكمة والتدبير، فإن هذا الاستدلال كأي استدلال علمي آخر-استقرائي بطبيعته-.. فالإنسان أمام أمرين: فهو إما أن يرفض الاستدلال العلمي ككل، وإما أن يقبل الاستدلال العلمي، ويعطي للاستدلال الاستقرائي على إثبات الصانع نفس القيمة لأن العلم والإيمان مرتبطان في أساسهما المنطقي الاستقرائي.. وقد يكون هذا هو السبب الذي أدّى بالقرآن الكريم إلى التركيز على هذا الاستدلال من بين ألوان الاستدلال المتنوعة على إثبات الصانع، تأكيدًا للطابع التجريبي والاستقرائي للدليل على إثبات الصنع” [12].
وهكذا ندرك أن التمدد في حركة التفكر والمعرفة الدينية لمعالجة الأمور بطريقة تخرج من دائرة الإسقاطات الحادة هي الجديرة سواء في الساحة العلمانية أو الكلامية واللاهوتية بإخراجنا من مآزق التشنج والتناقض، وبالتالي علينا أن ندرك أن المعرفة كما المصلحة تقضيان بأن الاقتصار على أيديولوجيا التأويلية العلمانية للدين، كما أفكار الجمود الديني السكوني ستبقى تشكل عائقًا يحول دون التوسع في التعرف على مساحات تجلي الحقيقة والمعطيات الواقعية.
واليوم بات المطلوب أن نتمعن في المدركات المعرفية المتعاونة مع كل فكرة دون الاقتصار عليها لنحاكي النص والقاعدة الدينية في مناخاتها الداخلية، وفي معطياتها الأولية لتشكل منبع الإلهام في السؤال ومنبع الثراء في الإجابة..
وهذا ما لا يمكن أن نتوفر عليه إلا إذا أعدنا قراءتنا لطبيعة الرؤية التي نحملها -من أي طرف أو انتماء كنا- بعقل نقدي استكشافي منهجي يتنظر الأمور ليولد السؤال فينتج المعرفة….
* بقلم الشيخ شفيق جرادي، رئيس معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية، بيروت – لبنان.
[1] أنظر حول مقولات “أركون”، كتاب الدكتور عبد الوهاب المسيري “العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة”، القاهرة، دار الشروق، 2002، الصفحات من 73 إلى 80.
[2] نذير العظمة، العلمانية من منظور مختلف، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1992، الصفحة 156.
[3] عادل ضاهر، الأسس الفلسفية للعلمانية، بيروت، دار الساقي، 1982، الصفحة 5.
[4] عادل ضاهر، الأسس الفلسفية للعلمانية، مصدر سابق، الصفحة 6.
[5] عادل ضاهر، الأسس الفلسفية للعلمانية، مصدر سابق، الصفحة 63.
[6] المصدر نفسه، الصفحة 74.
[7] عادل ضاهر، الأسس الفلسفية للعلمانية، مصدر سابق، الصفحة 125.
[8] المصدر تفسه، الصفحة 126.
[9] انظر عادل ضاهر، الأسس الفلسفية للعلمانية، مصدر سابق، الصفحتان 119- 120.
[10] انظر مقدمة كتاب “القبض والبسط في الشريعة”، عبد الكريم سروش، ترجمة دلال عباس، بيروت، دار الجديد،2002.
[11] محمد باقر الصدر، الأسس المنطقية للاستقراء، بيروت، دار التعارف، الصفحة 466.
[12] محمد باقر الصدر، الأسس المنطقية للاستقراء، مصدر سابق، الصفحة 469.
المقالات المرتبطة
مقاربة الوجود في الحكمة المتعالية وفق صياغة فلسفية (1)
واجهت الفلسفة في العالم الإسلامي هجومًا شديدًا وعداءً سافرًا في تهافت الغزالي، وفتاوى ابن الصلاح، ومقدّمة ابن خلدون، وموقف ابن تيمية ومدرسته.
الطريق إلى الدولة الاستعمارية
لا يمكن فهم العداء الصهيوني للأديان ومواجهة كل ما هو حي، بدون العودة وفهم كيفية تشكيل الجهاز العسكري الرسمي للكيان الزائل، وذلك من خلال فهم العلاقة بين اليهودية
المسلمون في الهند بين التهديدات والتأثير (4)
يحرص هذا البحث على تفصيل بعض موضوعات عقدية مشتركة بين الإسلام والهندوسية يمكن أن يسهم الاطلاع عليها في تعزيز