الحج مدرسة الثورة والتوحيد

الحج منظومة تربوية متكاملة الأركان، وميثاق كوني يتجدّد عبر الأجيال، شاهدًا على أبدية الرسالة الإسلامية وقدرتها المتفردة على صهر النفوس البشرية وتوحيد الإنسانية في بوتقة الإيمان. لتقف نقيضًا للمنظومات المادية والرأسمالية المهيمنة، وتحدّيًا للثقافة الغربية التي تسعى لفرض، أن يكون الحج بحق “قيامًا للناس”، ليس فقط في مواجهة الطغيان الداخلي، بل وأيضًا في مواجهة الهيمنة الخارجية التي تسعى لتهميش دور الأمة وتجريدها من هويتها، فكيف تؤدي هذه الفريضة الإلهية المتعالية تأثيرها في صياغة وعي الأمة وتوجيه حركتها؟
في جوهره الأصيل رحلة وجودية نحو الحضرة الإلهية، وسفر تكاملي يهدف إلى تنقية الذات الإنسانية من أدران المادة والارتقاء بالروح إلى آفاق المطلق. هذا التجرد من الماديات والتعلق بالقيم الروحية يقف موقفًا مناقضًا للثقافة الاستهلاكية التي تروج لها الرأسمالية العالمية، والتي تجعل من الإنسان عبدًا للمادة والشهوات. وقد تم التأكيد على أسبقية هذا البعد بالقول: “إن البعد السياسي والاجتماعي للحج لا يتحقق إلا بعد أن يتحقق البعد المعنوي”. هذا التجلّي الروحي يتخلّل كل منسك من مناسك الحج، ويتجلى في كل وقفة وتأمل، بدءًا من لحظة الإحرام التي تمثل قطيعة رمزية مع عالم الكثرة والمظاهر الخادعة، ووصولًا إلى طواف الوداع الذي يختزل لوعة الفراق وأمل اللقاء.
فالإحرام، تلك البوابة الأولى نحو عالم التجرد والانعتاق، يمثل لحظة فارقة في مسيرة الحاج الروحية. فبخلع المخيط من الثياب وارتداء الرداءين الأبيضين، يتخلى الحاج طوعًا عن مظاهر الدنيا وزخارفها الفانية، وتتلاشى الفوارق المصطنعة بين الغني والفقير، والسيد والمسود، في مشهد كوني مهيب يوحي بالعودة إلى الفطرة الإنسانية الأولى والبراءة الأصلية التي فُطر الإنسان عليها. إن هذا التساوي المطلق بين البشر، بغض النظر عن خلفياتهم وثرواتهم، يمثل نقدًا جذريًّا للطبقية التي تعززها الأنظمة الرأسمالية. إن عملية خلع الثياب لا تقتصر على تغيير المظهر الخارجي فحسب، بل ترمز في عمقها إلى خلع أثواب المعصية والتوبة النصوح من كل ما يشوب صفاء النفس ويعكر نقاء القلب. أما ارتداء ثياب الإحرام، فهو تجسيد لنية صادقة في الالتزام بلباس الطاعة والامتثال المطلق لأوامر الحق تعالى. وفي نية الإحرام ذاتها، يعقد الحاج ميثاقًا مع ربه على أن يُحرّم على نفسه كل ما حرّمه الله، وأن يجعل من هذه الرحلة بداية لعهد جديد من الالتزام والتقوى.
وتأتي التلبية، ذلك النداء الخالد “لبيك اللهم لبيك…”، لتكون بمثابة استجابة وجدانية عميقة لنداء الحق الأزلي، وإعلان صريح بالتوحيد الخالص ونفي الشرك بكل مراتبه وأشكاله. إن التلبية الحقيقية، كما أُشير، لا تكتمل إلا برفض كل ما سوى الله من أصنام الحجر والبشر والطواغيت المتجبرة. إنها هجرة بالذات الإنسانية نحو الحضرة الإلهية المتعالية.
أما الطواف حول الكعبة المشرّفة، ذلك البيت العتيق الذي جعله الله منارة للهدى ومثابة للناس وأمنًا، فهو حركة كونية رمزية تعبّر عن دوران فلك الحياة المؤمنة حول محور العبودية المطلقة لله وحده. فكما تدور الكواكب والأجرام السماوية في أفلاكها المقدّرة حول مركزها الكوني، كذلك يطوف الحاج حول هذا البيت الذي هو أول بيت وُضع للناس لعبادة الواحد الأحد، معلنًا بذلك أن قلبه لن يتعلق بغير الله، ولن يستقر فيه سوى حب الله ومعرفته. إن كل خطوة يخطوها الحاج في هذا المطاف المقدس هي بمثابة حسنة تمحو سيئة وترفع درجة في سلم القرب الإلهي. وهو في ذات الوقت تجسيد حي لتوحيد الأمة وتآلف القلوب وتوحيد الوجهة نحو قبلة واحدة. ويتوج هذا الطواف بصلاة ذات دلالة عميقة، هي صلاة الطواف، التي ينوي بها الحاج إرغام أنف الشيطان وتأكيد ولائه للنهج الإبراهيمي.
وبعد الطواف، يأتي السعي بين الصفا والمروة، تلك الشعيرة التي تخلد ذكرى السيدة هاجر (ع) في رحلتها المضنية بحثًا عن الماء لرضيعها إسماعيل، وهي تجسيد حي لحالة المؤمن المتأرجحة بين قطبي الرجاء في رحمة الله التي وسعت كل شيء، والخوف من عدله الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. إنه سعي حثيث لمن رام الوصول إلى المحبوب الأزلي، فإذا ظفر بمطلوبه هانت في عينيه كل زخارف الدنيا الفانية، وتحطمت أغلال الشكوك والترددات، وانكسرت قيود الشيطان والطاغوت التي تأسره. إنه فرار إلى الله، واعتراف صادق بالفقر الذاتي إليه والغنى المطلق به. ثم يرتقي الحاج إلى ذروة التجلي المعرفي والروحي بالوقوف في صعيد عرفات، هذا الركن الأعظم الذي بدونه لا يصح الحج، كما أخبر بذلك النبي الأكرم (ص): “الحج عرفات”. في هذا الموقف الكوني المهيب، يقف الحجيج صفًّا واحدًا، متجرّدين من كل الفوارق الدنيوية، متوجهين بقلوب خاشعة وأرواح متلهفة إلى ربهم، مستشعرين بوجدانية عميقة اطلاعه اللامتناهي على سرائرهم وخبايا نفوسهم. إنه وقوف يهدف إلى تحقيق المعرفة الحقة بالله، وتجديد الميثاق الأزلي معه.
ومع غروب شمس يوم عرفة، ينتقل الحجيج إلى المشعر الحرام، المزدلفة، ذلك الموطن الذي يهب الله فيه للمسيء صفحًا وللمحسن ما سأل. إن أدب الوقوف في هذا المشعر يتجلّى في استشعار القلب لشعار أهل التقوى والخوف من الله عز وجل. وعند التقاط الحصى منه، يعقد الحاج النية على رفع كل معصية وجهل، وتثبيت كل علم وعمل صالح في صحيفة حياته. ومن ثم يأتي رجم الجمرات الثلاث، كرمز مجسد لرمي الشيطان اللعين وإعلان العداء الصريح له ولكل أعوانه من شياطين الإنس والجن. إنه تعهد صارم بمقاومة كل قوى الشر والانحراف والاستكبار في العالم.
فليس المقصود من هذا النسك مجرد رمي الحجارة بشكل صوري، بل هو تجسيد عملي لرفض كل ما يمثله الشيطان من غواية وفساد وظلم وطغيان، وهو ما يتناقض مع قيم الاستسلام التي قد تروج لها بعض الثقافات. وتتواصل مسيرة التجرد والتضحية من خلال تقديم الهدي الذي لا يقتصر على ذبح الأضحية، بل يرمز إلى ذبح حنجرة الطمع والتعلق المفرط بالدنيا، واقتفاء أثر الخليل إبراهيم (ع) في تقديم أغلى ما يملك في سبيل رضا الله. إنها مدرسة تربوية تعلم الإنسان كيف يقدم أعز ثمرات حياته وأثمن ما يملك في سبيل تحقيق الغايات الإلهية السامية. وأخيرًا، يأتي الحلق أو التقصير كرمز للتطهر من الأدناس والخروج من الذنوب كيوم ولدته أمه. فكل شعرة تسقط هي بمثابة نور يضيء للحاج دربه يوم القيامة. إنها علامة فارقة على بداية صفحة جديدة ناصعة البياض مع الله، وتجديد للعهد على سلوك طريق الطاعة والاستقامة والارتقاء الروحي.
الحج بوتقة الأمة: تجليات الوحدة والتلاقي الحضاري ومواجهة الهيمنة الثقافية.
لا تنحصر أبعاد فلسفة الحج في نطاق التجربة الروحية الفردية، بل تمتد لتشمل آفاقًا اجتماعية وسياسية ذات أهمية قصوى في بناء صرح الأمة الإسلامية، وتمثّل حصنًا منيعًا ضد محاولات الهيمنة الثقافية الغربية وتفتيت الهوية الإسلامية. فالحج، بما هو أكبر مؤتمر إسلامي عالمي سنوي، يمثل فرصة تاريخية فريدة لتوحيد صفوف الأمة، وتدارس قضاياها المصيرية، وتعبئة طاقاتها لمواجهة التحديات الحضارية، وتأكيد الذات الحضارية الإسلامية في مواجهة دعاوى العولمة أحادية القطب. إن من أبرز مقاصد الحج الاجتماعية تحقيق الوحدة الشاملة بين المسلمين على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأعراقهم وثقافاتهم. ففي رحاب البيت الحرام، ذلك الملتقى الإيماني الجامع، تتلاشى كل الفوارق الدنيوية وتذوب العصبيات القومية والمذهبية، ليجتمع المسلمون قاطبة على كلمة التوحيد الخالدة وراية الإسلام الجامعة. إن هذا التجمع الإنساني الفريد، الذي يلغي كل أشكال التمييز المصطنع، يقدم نموذجًا عمليًّا لمجتمع العدل والمساواة الذي ينشده الإسلام، وهو بذلك يتحدى النظم الرأسمالية التي تعمّق الفوارق الطبقية وتكرّس الاستغلال. إنها فرصة لا تقدّر بثمن لتعزيز أواصر الأخوة الإيمانية والتفاهم الحضاري، وتشكيل جبهة عالمية موحدة للمستضعفين في مواجهة قوى الاستكبار والطغيان التي تعيث في الأرض فسادًا. وقد تم التحذير أيما تحذير من أي قول أو فعل من شأنه أن يؤدي إلى التفرقة والتشتت بين صفوف الحجاج، مع التأكيد على أن ذلك يستوجب سخطًا إلهيًّا.
ويمثّل الحج أيضًا مركزًا حيويًّا للتعارف الإنساني وتبادل الخبرات والمعارف بين مختلف مكونات الأمة الإسلامية. فالحجاج القادمون من شتى بقاع الأرض يحملون معهم ثراء ثقافاتهم وتنوع تجاربهم وعمق همومهم وتطلعاتهم المستقبلية. وفي هذا التجمع العالمي العظيم، يتاح لهم الاطلاع المباشر على أحوال إخوانهم في الدين، والتدارس المعمّق في مشاكلهم وقضاياهم، وتقديم الاقتراحات البنّاءة والحلول المبتكرة لمعالجتها. وفي هذا السياق، تمّ التأكيد على أهمية البعد السياسي للحج، الذي لا يقل أهمية عن بعده العبادي، بل إن في البعد السياسي عبادة وفضيلة. ومن تجليات هذا البعد السياسي، إعلان البراءة من المشركين، والذي يعتبر من الأركان التوحيدية والواجبات السياسية الأساسية لفريضة الحج. فالحج الإبراهيمي المحمدي الأصيل هو في جوهره إعلان “لا” مدوية في وجه جميع الأصنام المادية والمعنوية، والطواغيت المتألهة، وشياطين الإنس والجن. إنها صرخة البراءة من الظلم والظالمين، ورفض قاطع لكل مظاهر الهيمنة والاستغلال والتبعية التي تسعى الرأسمالية العالمية والثقافة الغربية المادية لفرضها على الشعوب. وليست هذه البراءة مجرد شعار لفظي يرفع، بل هي موقف عملي راسخ يترجم إلى مقاومة فعّالة للاستكبار العالمي، وسعي دؤوب إلى تحرير الطاقات الهائلة والموارد الكامنة في العالم الإسلامي.
الحج يمثل فرصة تاريخية ثمينة لتعزيز الوعي السياسي لدى جماهير المسلمين، وتعبئتهم الروحية والفكرية لمواجهة التحديات المصيرية التي تواجه الأمة. ففي هذا المحفل العالمي الفريد، يمكن للحجاج أن يقدموا تقارير مفصلة عن أوضاع بلدانهم وما تعانيه من مظالم وانتهاكات، وأن يتبادلوا الآراء ووجهات النظر حول أنجع السبل لمواجهة مخططات الاستعمار والصهيونية العالمية. كما يمكنهم أن يطالبوا رؤساء الدول الإسلامية وحكوماتهم بوضع أهداف الإسلام العليا نصب أعينهم، ونبذ الخلافات الهامشية، وتوحيد الجهود والطاقات من أجل رفعة الأمة وتقدمها، وتحصينها ضد الاختراق الثقافي والتبعية الاقتصادية التي تفرضها قوى الهيمنة الغربية. إن الحج، بهذا المعنى، يصبح مدرسة للتعبئة السياسية والفكرية، ومنطلقًا لتجديد العزم على مقاومة الظلم وتحقيق العدالة على المستويين المحلي والعالمي. إن الحج، بتركيزه على الوحدة والتجرد والتضحية والوعي السياسي، يقدم رؤية للعالم تختلف جذريًّا عن القيم الفردية والمادية التي تسود في ظل الرأسمالية وثقافة الغرب المهيمنة. إنه دعوة إلى بناء مجتمع عالمي قائم على العدل والإخاء والتعاون، بدلًا من الصراع والاستغلال والهيمنة.
لوحظ في الآونة الأخيرة، وبتأثير من المد الرأسمالي العالمي وثقافته الاستهلاكية، تحول الحج لدى شريحة من المسلمين إلى ما يشبه رحلة سياحية ترفيهية، ينصب الاهتمام فيها على المظاهر الخارجية والفنادق الفاخرة والتسوق المفرط، أكثر من التركيز على الجوهر الروحي الأصيل وقيم التجرد والبساطة التي هي من صميم هذه العبادة. إن هذا الانزلاق نحو المادية يتعارض بشكل جذري مع فلسفة الحج التي تدعو إلى الزهد في الدنيا والتطلع إلى الآخرة، ويشكل استسلامًا لقيم الرأسمالية التي تقدس الاستهلاك. كما أن الاستغلال التجاري البحت لموسم الحج، وتحويله إلى فرصة لتراكم الأرباح المادية الضخمة، يمثل تحديًا آخر لروحانية هذه الفريضة وقدسيتها، ويجعلها أداة في يد المنظومة الرأسمالية بدلًا من أن تكون نقدًا لها.
إن تأثيرات الحداثة المتسارعة وأنماط الرأسمالية العالمية قد أفضت في بعض جوانبها إلى فصل مصطنع بين الدنيوي والروحي في تجربة الحج. فالتوسع العمراني الهائل وبناء مراكز التسوق الضخمة والفنادق الفارهة في محيط الكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة، قد يساهم بشكل أو بآخر في تحويل انتباه الحاج عن المعاني الروحية العميقة والمقاصد السامية للحج، وجذبه نحو دوامة الاستهلاك التي تغذيها الثقافة الغربية. كما أن الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات الاتصال الحديثة، قد يدفع البعض إلى الانشغال بتوثيق تفاصيل الرحلة ونشر الصور والمقاطع المرئية بشكل استعراضي، أكثر من التركيز على العبادة الخالصة والتأمل الروحي العميق، مما يعكس سطحية في التعامل مع هذه الشعيرة العظيمة. ومع ذلك، فإن هذه التحديات لا ينبغي أن تحجب عنا الإمكانات الهائلة التي لا تزال كامنة في هذه الفريضة العظيمة، وقدرتها على إلهام المسلمين وتوحيدهم، وتقديم نموذج بديل للمادية الغربية، شريطة أن يتمسكوا بجوهرها الأصيل ويسعوا إلى تحقيق مقاصدها النبيلة في حياتهم الفردية والجماعية، وأن يواجهوا بوعي وإرادة محاولات تغريب المجتمعات الإسلامية وتذويب هويتها الأصيلة تحت وطأة الرأسمالية الثقافية.
خاتمة: الحج منارة للتجديد الحضاري والنهوض الإنساني في مواجهة التغريب وهيمنة رأس المال.
إن فلسفة الحج في المنظور الإسلامي تمثل رؤية كونية شاملة للحياة، تجمع في تناغم فريد بين أعمق تجليات الروحانية وأسمى مظاهر الوعي الاجتماعي والسياسي، مقدمة بذلك بديلًا حضاريًّا متكاملًا للهيمنة الثقافية الغربية والنزعة المادية للرأسمالية. إنها دعوة أزلية متجدّدة للتجرد من أغلال المادة الفانية، والانطلاق الحر في فضاءات العبودية الخالصة لله الواحد الأحد، والسعي الحثيث نحو تحقيق وحدة الأمة الإسلامية ونهضتها الحضارية الشاملة. وعلى الرغم من التحديات المعاصرة الجسيمة التي تواجه هذه الفريضة المقدسة، والتي تسعى لتمييع جوهرها وتحويلها إلى مجرد ممارسة شكلية خالية من أي مضمون سياسي أو اجتماعي مقاوم، فإن جوهرها النوراني يظل قادرًا على إلهام قلوب المسلمين وعقولهم، وتوجيه خطاهم نحو سبل الخير والرشاد والفلاح، وتعزيز صمودهم في وجه محاولات طمس هويتهم.
إن الحج الحقيقي، الحج الإبراهيمي المحمدي الأصيل، هو ذلك الذي يتجاوز حدود المظاهر الشكلية والطقوس السطحية، ليغوص في أعماق المعاني الروحية السامية، ويترجم هذه المعاني النبيلة إلى سلوك عملي قويم في حياة الفرد والمجتمع والأمة، سلوك يتحدى قيم الاستهلاك الأعمى والفردانية المطلقة التي تروج لها الثقافة الرأسمالية الغربية. إنه استدعاء متجدد للعودة إلى ينابيع الإسلام الصافية النقية، واستلهام قيمه الإنسانية الخالدة، وتجديد الميثاق الغليظ مع الله على السير بثبات وعزيمة في طريق الحق والعدل والوحدة، ورفض كل أشكال التبعية والخنوع للقوى المستكبرة. ولعل في فهمنا العميق المستنير لفلسفة الحج وأسراره الكونية، وفي سعينا الدؤوب لتطبيق مقاصده المتعالية في واقع حياتنا المعاصرة، ما يعيد لهذه الأمة مجدها التليد وعزتها المفقودة، ويحصنها ضد آفات الرأسمالية والتغريب، ويجعلها بحق، كما أراد لها خالقها، “خير أمة أخرجت للناس”، تحمل مشعل الهداية والنور للبشرية جمعاء، وتقدم نموذجًا حضاريًّا إنسانيًّا بديلًا.
المقالات المرتبطة
القرآن الرسالة
هذه القلوب تتأهّب لقدوم شهر رمضان، والأرواح المؤمنة تتجهّز لاستقبال شهر القرآن الكريم، متلهّفةً لأيّام الله اشتياقًا بالمعشوق الأوحد عزّ وجل، إنَّ لهذا الشهر الكريم مكانةً خاصّة ومنزلةً رفيعةً لا تقارن بباقي الشهور،
مصطلحات عرفانية | الجزء 15
بهاء – البهاء هو الوجود المنبسط على هياكل الممكنات وقوابل المهيات في مقام الفعل والإظهار؛ مما به تجمله وبهاؤه بذاته
العلم وسؤال الحقيقة! هل يتعهّد العلم أن يكشف لنا كل الحقائق؟!
العلم اليوم لم يعد – بإطلاقه الصناعي – يمثّل راياتِ الكشف في طريق الحقيقة، بل أصبح راية “التجربة” في طريق الكشف. إنّ بزوغ نجم علم الطبيعة في القارة الأوروبية