المباني النظريّة لإدانة الإرهاب في الإسلام

إذا كان الإسلام يؤكّد على القيم التي تشكّل المباني النظريّة لإدانة الإرهاب بوصفها قيمًا إنسانيّة فإنّ تأسيسه لهذه القيم يرتكز على نظرته للوجود والحياة والإنسان والمصير التي تشكّل التوحيد منطلقها ومآلها والمحدّد والضابط لكلّ تفاصيلها.
وعليه، فإذا كان الإسلام يقول باحترام الحياة الإنسانيّة، وبالمساواة بين الناس في القيمة والاعتبار، وفي الحقوق والواجبات، واستطرادًا، بالمساواة بين الاجتماعات السياسيّة وبحقّ مَن بغي عليه أو ظلم أن يعمل على دفع البغي والظلم الواقع عليه، وبضرورة تحكيم قيمة العدل في العلاقات بين الأفراد والجماعات والاجتماعات السياسيّة، فإنّه يؤسّس هذه القيم وغيرها على التوحيد كما تجلّى في معطياته العقائديّة ومقتضياتها العباديّة والأخلاقيّة والمعاملاتيّة والسياسيّة.
فاحترام الحياة الإنسانيّة، في عقيدة التوحيد، مؤسَّس على مشيئة الله، جلّ وعلا، في استخلاف الإنسان في الأرض ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً﴾. وفي احتواء كينونته على نفخة من الروح الإلهيّ استحقّ بها سجود الملائكة له ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾. وفي حمله أمانة العقل والحرّيّة والمسؤوليّة ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾. وفي تسخيره، جلّ وعلا، السماوات والأرض له ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. وفي أهليّته الفطريّة لأن يدرك وجود خالقه وربّه ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾….تحميل المقال
المقالات المرتبطة
وحدانية الحضارة الإنسانية
منذ ما يربوا على عقد ونيف من الزمان تجدد الحديث عن فرضيتي تعدد الحضارات أو وحدتها ومن ثم عن الخلاف القائم
الأنثروبولوجيا: التعريف، الهدف، الاتّجاهات النظرية
مصطلح الأنثرولوجيا Anthropology إنكليزي النشأة، وقد كان فرنسوا برون (1775- 1810) أول من استخدمه، وهو مشتق من الأصل اليوناني المكوّن
فلسفة الأخلاق: الماهية، الضّرورة، الأهداف
إلى أيّ مدى أُشبع الحقل الأخلاقي – بشكل عام – بحثًا ودراسةً، وحظي باهتمام الباحثين في ظل أزمتنا الأخلاقية المعاصرة؟
لستُ أعلم جوابًا محدّدًا ودقيقًا لهذا السؤال الإشكالي!