غزة والجهاد

غزة والجهاد

إن الحديث حول الجهاد في الإسلام، من الأبحاث الإسلامية العميقة والحميمة، والتي لاقت اهتمامًا واسعًا عند مختلف الجهات الإسلامية وغير الإسلامية المهتمة بقضايا الإسلام والعالم الإسلامي.

ومثار حديثنا اليوم حول الجهاد هو وقوع معركة مصيرية في فلسطين عنوانها غزة التي انطلق منها (طوفان الأقصى)، والتي خاضت وتخوض من خلالها حماس والجهاد الإسلامي وبقية الفصائل الفلسطينية فعلًا جهاديًّا استشهاديًّا جادًّا. يساندهم في ذلك دول وقوى محور المقاومة من لبنان والعراق واليمن، إضافة للجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية وكثير من شعوب المنطقة العربية والإسلامية، وكلهم ممن يؤمنون بالجهاد والمقاومة في مواجهة إسرائيل الغاصبة كخيار وحيد لمواجهة المحتل واسترجاع الأرض.

وهو خيار يحمل أبعادًا ثلاث:

البعد الأول: كونه موضوعًا عقائديًّا ينتصر لرفعة كلمة الحق وكسر شوكة الظالمين، وكل من ينتهج سبيل إطفاء نور الدين عن أن يتوسع ويتعمق في نفوس الناس ومجتمعاتهم. وقد عبّر عنه الإمام علي (ع) أنه “بابٌ من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه وهو درع الله الحصينة وجُنّته الوثيقة…”.

البعد الثاني: إنه واحدٌ من السياسات الفاعلة لحفظ الحق سواءً على مستوى الجماعة، أو على مستوى الدولة، فلا يمكن لجماعة في الأرض أن تحفظ احترامها وتنال حقوقها، كما لا يمكن لدولة في الأرض أن تنال استقلالها وأن تساهم في السياسات الدولية الحافظة للأمن العالمي ما لم تكن مدرّعة بالقوة وقدرة المواجهة والدفاع عن النفس.

من هنا، فإن الأمة الإسلامية مهما كانت تشكيلاتها لا بدّ لها من أن تمتلك القدرة على الجهاد حفظًا للذات ونشرًا للقيم والمبادئ.

ومن ذلك قوى المقاومة في فلسطين والمنطقة، والعدو أو الصديق الذي لا يعي هذه الحقيقة الموضوعية، هو جاهل بطبيعة وهوية هذه الأمة وقواها.

البعد الثالث: هو الواقع المُعاش في زماننا الحاضر، فقد خبرت الأمة من خلال صراعها المرير مع الغاصب الصهيوني لفلسطين أن كل السبل السياسية والاقتصادية والقانونية المجردة من عامل المقاومة العسكرية والأمنية لم تُجدِ نفعًا، ولن تجدي نفعًا. وقد ضرب بها العدو وحصنه الدولي المتمثّل بالولايات المتحدة الأمريكية عرض الحائط، وقد أثبتت التجارب المريرة أن اللغة الوحيدة في مواجهة هذا العدو وانتزاع الحقوق منه هي المقاومة وفعل المقاومة. وأن أي طريق آخر سياسيًّا أو غير ذلك ليحقق الأهداف لا بدّ له من أن يقترن بفعل المقاومة.

عليه، فإن نيل غزة لحقها في الوجود بشعبها الحر الكريم، وبعيشها العزيز لا يمكن أن تنال مطامحها إلا بمقاومة الاحتلال. وهي اليوم تدرّعت بالجهاد لتنفض عنها ثقل الآلام والمذلة، ولترفع لواء الحمد لله، برفعها لواء القتال مع أعداء الله والإنسانية، وستصل بهذا إلى مرادها حتمًا.

الشيخ شفيق جرادي

الشيخ شفيق جرادي

الاسم: الشيخ شفيق جرادي (لبنان) - خريج حوزة قُمّ المقدّسة وأستاذ بالفلسفة والعلوم العقلية والعرفان في الحوزة العلميّة. - مدير معهد المعارف الحكميّة (للدراسات الدّينيّة والفلسفيّة). - المشرف العام على مجلّة المحجة ومجلة العتبة. - شارك في العديد من المؤتمرات الفكريّة والعلميّة في لبنان والخارج. - بالإضافة إلى اهتمامه بالحوار الإسلامي –المسيحي. - له العديد من المساهمات البحثيّة المكتوبة والدراسات والمقالات في المجلّات الثقافيّة والعلميّة. - له العديد من المؤلّفات: * مقاربات منهجيّة في فلسفة الدين. * رشحات ولائيّة. * الإمام الخميني ونهج الاقتدار. * الشعائر الحسينيّة من المظلوميّة إلى النهوض. * إلهيات المعرفة: القيم التبادلية في معارف الإسلام والمسيحية. * الناحية المقدّسة. * العرفان (ألم استنارة ويقظة موت). * عرش الروح وإنسان الدهر. * مدخل إلى علم الأخلاق. * وعي المقاومة وقيمها. * الإسلام في مواجهة التكفيرية. * ابن الطين ومنافذ المصير. * مقولات في فلسفة الدين على ضوء الهيات المعرفة. * المعاد الجسماني إنسان ما بعد الموت.  تُرجمت بعض أعماله إلى اللغة الفرنسيّة والفارسيّة، كما شارك في إعداد كتاب الأونيسكو حول الاحتفالات والأعياد الدينيّة في لبنان.


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
المقاومةالعدوالجهادالإسلامغزةالأرض

المقالات المرتبطة

الجهاد وصلته بالشهادة

بداية، لا بدّ من تعريف الجهاد. فالجهاد لغة يعنى بذل ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل، أما الجهاد شرعًا فهو – كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – بذل القدرة في حصول محبوب الحق

الجهاد وإمكانية التوظيف المغاير

تنطوي بعض المفاهيم على معاني صلبة ومرنة في ذات الوقت، فهي صلبة من ناحية صمودها أمام المتطلبات الزمنية بما تفرضه من معايير وما تستحدثه من أولويات قد تكون مغايرة عن مرحلة ولادة هذه المفاهيم

الجهاد والشهادة في غزة هل نشهد “طوفان الأقصى 2؟”

على الرغم من عدم انتهاء أو وقف الحرب الصهيونية على قطاع غزة بعد قيام حركة حماس بعملية عسكرية مباغتة في السابع من شهر أكتوبر الماضي

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<